اخر الروايات

رواية ما ذنب الحب الفصل الثالث 3 بقلم شهد الشوري

رواية ما ذنب الحب الفصل الثالث 3 بقلم شهد الشوري




توقف الاثنان بعد لحظة طويلة من الصمت المشوب بشيء غير واضح، حيث استقرت عيناه على شفتيها، يميل نحوها ببطء وكأنه مغيب في عالم لا يعرف الحدود نبضات قلبها ازدادت تسارعًا، وكأن كل ذرة في جسدها كانت تدق ناقوس الخطر، محاولة أن توقظها من تلك الغيمة الوردية التي أحاطتها، وتكاد تُسقطها في شِراك محظور لا مجال للعودة منه

وفي لحظة خاطفة، قبل أن يتمكن من الاقتراب أكثر، شعرت بدفعة مفاجئة من الوعي تتسلل إليها وبدون تفكير أو تردد، صفعته بقوة على وجنته، ثم ركضت بعيدًا، كما لو أن أرواحها كانت تحثها على الهروب من المكان بأكمله ومن تلك اللحظة التي كادت أن تلتهمها

دخلت الحفل بسرعة، وبدون أن تنظر خلفها، أمسكت بيد جوان ابنة عمها، تسحبها نحو الخارج، مصرة على مغادرة المكان بأسرع ما يمكن تجاهلت كل الأسئلة التي طرحتها عليها، وكأن الكلمات نفسها أصبحت أعداءً تحاول الهروب منها

أما هو، فقد خرج من تلك اللحظة الساحرة بنفس الذهول الذي رافق دخوله إليها جلس في بهو القصر بعد الحفل، شارد الذهن، يعيد تلك اللحظات في مخيلته مرارًا وتكرارًا لماذا صفعته؟
فكل من في ذلك المكان، وبشهادة ابن عمه هشام، لم يعرفوا للعفة أو الاحترام سبيلًا

بدأت الأسئلة تتزايد في ذهنه هل هي حقًا مختلفة ؟ هل رفضت حقًا لأن قيمها تعلو فوق كل شيء ؟
أم أنها تتمنع فقط وتلعب دور العفيفة ؟
وإن كانت حقًا عفيفة وذات أخلاق، فما الذي دفعها للمجيء إلى هذا المكان ؟

لم يسبق له أن اهتم لأحد بهذا القدر من الحيرة والارتباك ولا يعرف لماذا باتت هي الاستثناء، تلك التي تشغل عقله إلى هذا الحد

لم يلتفت إياد لوجود والده جلال الذي جلس بجواره صامتًا للحظات قبل أن يكسر الصمت بصوت هادئ :
اتمنى تكون عقلت يا ابني وقررت تستقر هنا بقى، و تمسك الشغل معايا بدل ما تفضل مقضيها سفر من بلد لبلد !!

رد إياد بنفس الهدوء :
أنا مرتاح كده يا بابا

نظر إليه جلال بضيق، وكأن كلماته لم تجد طريقها لفهمه :
يعني إيه مرتاح كده !!!

تنهد إياد ببطء، وكأن الرد جاهز منذ زمن :
يعني يا بابا أنا مرتاح كده، خلي الشغل لعمي فاروق وهشام

فجأة، انقلبت ملامح جلال، وارتفعت نبرته بحزم و غضب :
بس هشام مش ابني! عشان يمسك الشركة والشغل من بعدي

أخذ جلال نفسًا عميقًا، ثم مرر يده على وجهه بتعب وحزن، وعيناه تحملان ثقل سنوات :
يا بني، عمك فاروق وهشام طماعين مهما أخدوا فلوس، عمرهم ما بيشبعوا أنا عارف كل اللي بيعملوه وسايبهم بمزاجي....عيني عليهم، بس أنا مش هفضل كده طول عمري أنا تعبت، ونفسي أرتاح واتسند عليك، وألاقيك دايمًا جنبي

وضع جلال يده على كتف ابنه برجاء، وكأن كل أمله معقود عليه :
ريح بالي يا بني، انزل اشتغل في ملك أبوك وراعي مصالحه.....أنا ماليش في الدنيا دي غيرك

صمت إياد للحظات، متأملًا حديث والده، قبل أن يبتسم ابتسامة صغيرة باهتة وقال :
حاضر يا بابا، اللي تشوفه

أضاء وجه جلال بسعادة، وكأن عبئًا ثقيلًا قد أُزيح عن كتفيه :
من بكره تنزل الشركة وأحسن مكتب هيكون جاهز ليك النهارده قبل بكره

أومأ إياد بابتسامة صغيرة، وهو يلتقط أغراضه استعدادًا للمغادرة :
تمام يا بابا، تصبح على خير
.......
كان سليم أدهم الجارحي يجلس برفقة شدوى في منزله الذي يقضي فيه بعض الوقت بعيدًا عن قصر العائلة، محاطًا بالهدوء الذي اعتاد اللجوء إليه عندما يريد الابتعاد عن صخب القصر وضجيج العائلة

انتهيا للتو من توقيع عقد الزواج العرفي، ولم تمضي لحظات حتى طوى سليم الورقتين ووضعهما في جيب سترته ببرود

كانت شدوى تراقب ما يحدث، شعرت بصدمة تتسلل إلى ملامح وجهها، لتسأله بسرعة :
انت ليه خدت الورقتين!!!!

ابتسم سليم بسخرية لاذعة، نظر إليها بنظرات ثاقبة قائلاً بتهكم :
وتاخديهم إنتي ليه

ثم تابع بنبرة ملؤها المكر والثقة :
لا تكوني ناوية تعملي بيهم حاجة

ارتبكت شدوى تحت وطأة نظرته الحادة، وقالت بتوتر واضح :
لا، هعمل بيهم إيه يعني

ابتسم بزاوية شفتيه، ابتسامة باردة مشوبة بالاحتقار، وقال ببرود واستهزاء :
خلاص، يبقى مالكيش دعوة الورق ده هيتقطع في الآخر وفي الوقت اللي انا اختاره

جزت على شفتيها بغيظ، وشعرت بالاختناق من تصرفاته، لكنها لم تستسلم، واقتربت منه بخطوات محسوبة، وضعت يدها على صدره بإغراء مصطنع، قائلة بدلال مفعم بالأنوثة :
إنت مش بتثق فيا يا روحي

ضحك سليم ساخرًا، وكأن كلماتها لم تؤثر فيه إطلاقًا، ثم رد ببرود :
أثق فيكي؟ أثق فيكي إيه؟ كنتي من بقية اهلي...فوقي لنفسك، اللي بيني وبينك ورقة تتقطع في ثانية لو أنا حبيت وده كان اتفاقنا من البداية، شكلك مستنية اكتر و شوفتي نفسك.....

كادت أن تتحدث لتدافع عن نفسها، لكنه قاطعها بصرامة وجدية :
خلاصة الكلام، لو فضلت تصرفاتك كده، الورقتين هيتقطعوا وتغوري في داهية أنا مش ماسك فيكي، إنتي تروحي مية واحدة غيرك تيجي

شعرت شدوى بالتهديد، وكأن عالمها ينهار، حاولت تبرير موقفها وهي تقترب منه مرة أخرى :
أنا مش قصدي.....

لكنه زفر بضيق شديد، مقاطعًا إياها بملل :
خلصنا مش هنقضيها كلام فاضي

أومأت برأسها، محاولة استعادة زمام الأمور، وجلست على قدمه بحركة دلال مغرية، وبدأت تحل أزرار قميصه واحدًا تلو الآخر، قائلة بصوت ناعم :
عندك حق، مش وقته كلام، خلينا في الفعل!!!!

كانت جريئة بشكل فاق توقعاته، لا ينكر أنه شعر بالمتعة وهو معها، لكن شيئًا ما داخله كان يقاوم هذه اللحظة.......

بعد وقت طويل، ارتمى على ظهره، يلتقط أنفاسه بصعوبة، وقال بمرح مصطنع :
طلعتي خبرة

ضحكت بدلال وهي تقترب منه أكثر، قائلة بغنج :
عجبتك يعني

أشعل سليم سيجارة، نفث دخانها ببرود تام، وكذب عندما قال :
مش بطالة

رسمت شدوى ابتسامة خفيفة على شفتيها، لكنها لم تصل لعينيها، اللتين اشتعلتا بالغضب والغيظ، ثم قالت بدلال مفعم بالتحدي :
المرة الجايةوشرفي هخليك تنسى اسمك

ضحك سليم بتهكم واضح، وقال بسخرية :
اما نشوف بس لما تيجي المرة الجاية، احلفي بحاجة غير شرفك عشان أصدق!!!!!

ألقى لها كومة من النقود بلامبالاة، وأمرها أن تغادر جمعت شدوى المال سريعًا وغادرت المنزل دون تردد وما إن خرجت من المبنى، حتى اتصلت بأحد الأرقام وهي تشعر بالغيظ يشتعل داخلها جاءها صوت من الطرف الآخر ببرود :
عملتي ايه!!

ردت شدوى بغيظ :
ده بني آدم لا يُطاق! مسكت نفسي بالعافية.....

قاطعها الصوت من الطرف الآخر بصرامة :
اخرسي بلاش رغي ، مستفز زبالة زي ما يكون يكون اعملي اللي مطلوب منك و خلاص وزي ما قولتلك مرة ورا مرة و بعدها يكون موجود في بيتك

حاولت أن ترد، لكن المكالمة انتهت بصوت صفير زاد من غضبها زمت شفتيها قائلة بغضب مكتوم :
شايفين نفسهم على إيه، أنا أشرف منهم بكتير المهم آخد الفلوس واخلع منهم

دخلت شدوى إلى سيارة الأجرة لتتوجه إلى بيتها الجديد، الذي انتقلت إليه منذ ثلاثة أشهر كانت تصعد في هدوء حتى توقفت عند باب شقتها، حيث تفاجأت بشقيقتها "فيروز" تجلس على حقيبة سفر كبيرة، تنتظرها بملامح متعبة ما إن رأت شدوى حتى قالت بضيق :
شدوى، كنتي فين؟ أنا مستنياكي من الصبح روحت البيت القديم، قالولي إنك بعتيه، ورحت الشغل القديم، قالولي إنك سبتي الشغل، وبتشتغلي في شركة تانية.....بلف عليكي من الصبح!!!!!

زفرت شدوى بضيق وقالت وهي تنظر لها ببرود:
إيه اللي جابك لي يا فيروز، مش قولتي إنك هتستقري في البلد مع أعمامك

ردت فيروز بضيق واضح :
مش هنتكلم عند الباب، دخليني الأول

فتحت شدوى الباب ودخلت فيروز خلفها، وهي تتفحص المنزل بإعجاب أولاً، قبل أن يتحول الإعجاب إلى ضيق عندما قالت شدوى بفظاظة :
يلا، لخصي الكلام وجيبي من الآخر عشان عايزة أدخل أنام، وإنتي تروحي تشوفي حالك

نظرت إليها بضيق، ثم قالت :
أنا مش رايحة في حتة....أنا جاية أقعد معاكي

تفاجأت شدوى وصرخت بحدة :
إيه؟ تعيشي معايا ليه كنت خلفتك ونسيتك !!!

زفرت فيروز بغضب وردت بحزم :
لمي لسانك ، انا هنا لأنك بعتي شقة أمنا، والمفروض تتقسم بينا بالنص

ردت شدوى بتهكم وغضب مكتوم :
اثبتي ده لو تقدري الشقة كانت باسمي، يعني مالكيش عندي حاجة....يلا بقى امشي من غير مطرود

ضربت فيروز الأرض بقدمها بغضب وقالت بتحدي :
مش هحصل، انتي عارفة إني مش هعرف أثبت، بس أقدر أعمل حاجات تانية

نظرت شدوى إليها باستهزاء لتتابع فيروز بحدة :
مثلاً....ممكن أروح لخلانك وأقولهم إنتي فين و طبعاً دول بقالهم سنتين بيدوروا عليكي، وأنا اللي ساكتة ومقولتش مكانك عشان محدش منهم يأذيكي بس ممكن اتكلم عادي وانتي عارفة اني خلاص مبقتش باقية عليكي ولا تهميني في حاجة ولولا ان محتاجة ليكي ولا كنت عبرتك!!!!!

صمتت شدوى بغيظ، وهي تحدق في شقيقتها بغل فتابعت فيروز ببرود :
فكري في الموضوع أنا مش عاوزة حاجة منك، ولا عاوزة يكون لي صلة بيكي....كنتي أختي حبيبتي، لحد ما طعنتيني في ضهري وسرقتي خطيبي مني دلوقتي مابقتيش فارقة معايا، ولا حتى طايقة اتنفس جنبك

نظرت شدوى إليها بغضب وقالت بحنق :
طالما مش طيقاني، جاية ليه

تنهدت فيروز، وهي تحاول ضبط أعصابها، وقالت بغضب مكبوت :
قولتلك مجبورة....الفلوس اللي معايا مش مكفية حتى أجر أوضة هقعد معاكي أسبوعين لحد ما القي بيت أو حتى أوضة أعيش فيها المهم بعيد عنك

سألتها شدوى بفضول، محاولة فهم السبب :
سيبتي البلد ليه من اصله ونزلتي القاهرة

نظرت لها فيروز بنظرة باردة وقالت :
ما يخصكيش!!!

صمتت شدوى بغيظ، بينما تابعت فيروز بتحدي :
قولتي إيه؟ أروح أبلغ خلانك، ولا تقوليلي فين الأوضة بتاعتي

دخلت شدوى إلى غرفتها غاضبة، وصفعت الباب بقوة وبعد لحظات، سمعت صوت تكسير زجاج، لتبتسم فيروز ابتسامة شامتة، ثم قالت بصوت عالٍ لتسمعها من الداخل :
وماله، اختارها أنا......
.......
كان أوس يجلس في غرفته، يراقب من خلف زجاج النافذة أبنائه الثلاثة وهم في حديقة الفيلا، أيديهم تلعب بالعشب، بينما قلبه يئن وجعًا، وملامحه تخفي حزنًا عميقًا....كانت تلك اللحظات تجره إلى حديثه مع عشق في الصباح، حديثًا لايزال يثقل صدره كحجر ثقيل
Flash back

كأن صوتها كان يخترق صمته ببطء، يحمل في طياته من الكلمات ما لم يكن مستعدًا لسماعه قالت الجملة التي جمدت الدم في عروقه، فرددها بصوت غير مصدق ومستوعب :
حمزة طلب يتجوزك !!!

أومأت بحزن فغاص أكثر في دهشته يسألها بصدمة :
امتى....إيه اللي حصل بالضبط ؟

تنفست عشق بصعوبة، وكأن الكلمات تخرج مع أنفاسها ببطء شديد :
اللي حصل يا خالو إن حمزة اعترف لي إنه بيحبني و عايز يتجوزني من شهور، وأنا رفضت

رفضتي ليه......سألها مذهولًا !!

تنهدت وكأن كل ما في داخلها ثقيل عليها :
لأني عارفة مشاعر مالك ناحيتي....ولأني ماكنتش عايزة أزرع كره بين إخوات، ولا أجرح حد فيهم، كمان ما كنتش عايزة علاقتنا بحضرتك أو بطنط مهرة تتوتر أكتر، خصوصًا بعد اللي حصل بين ليلى و يوسف.....واقل حاجة ممكن طنط مهرة تقولها اني عملت كده عشان افرق بين الاخين، ده غير ان خوفت ان علاقتك انت وماما تتأثر!!!

نظر إليها بنظرة مليئة بالصرامة، قائلاً بصوت قوي :
أولاً، علاقتي بحياة عمرها ما هتتأثر بحاجة...دي أختي قبل ما تكون أمكم، ومش بعد السنين دي كلها هتتأثر عشانكم....أنتوا حاجة، وهي حاجة وهي حاجة تانية يا عشق

أومأت برأسها في صمت، فتابع سؤاله :
طب إنتي عايزة مين....حمزة ولا مالك ؟

أخفضت وجهها، وقالت بصوت مخنوق بالحزن :
الإجابة مش هتفرق في حاجة

هز رأسه نافيًا بقوة :
لأ، هتفرق

صمتت و وسط هذا الصمت، أجاب هو عنها، وكأن صمتهما حمل الإجابة :
مالك، مش كده

استمر صمتها للحظات طويلة قبل أن تومئ برأسها بنعم....كان أوس في حيرة لا يحسد عليها
كيف يتدخل بين ابنائه ؟
حمزة ومالك، كلاهما وقع في حب ابنة شقيقته !!
وأي خطوة منه قد تُفهم على أنها تفضيل لأحدهما على الآخر !!
ومهرة، التي باتت تصرفاتها لا تحتمل في الآونة الأخيرة، كانت تزيد الأمور تعقيدًا !!!

Back
تسأل بداخله لما السعادة لا تدوم ؟
أم أن الحياة لا تعرف سوى تقلباتٍ موجعة !!
لحظات تُريك حلاوة الأيام، وأخرى تجعلك تذوق مرارة لم تكن تعرف أنها موجودة
اليوم، يشعر أن الحزن أصبح مكتوبًا على جبين أبنائه بدءًا من صغيرته، مدللته، التي اقتحم الحزن قلبها البريء مبكرًا جدًا....بسبب من لا يستحق...يوسف!!
.......
في تلك البناية الكبيرة، التي شهدت على مدار السنين ألوانًا من العشق المجنون، والألم المتأصل، والسعادة الغامرة، والفرح المتوهج، كان التاريخ حاضراً في كل زاوية من زواياها إنها بناية أكمل النويري، حيث امتزجت فيها قصص الحياة وتعاقبت أحداثها

في منزل أيهم الزيني، جلس أيهم على الأريكة بجانب أكمل ابن فريد، الذي بدأ يسرد له ما حدث عندما التقى بجروي

ما إن انتهى أكمل من حديثه، حتى سخر منه أيهم قائلاً بصوت ممزوج بالسخرية :
بجد؟ كلمتك كده عادي؟ ما ضربتكش بحاجة في دماغك ولا حتى هزأتك

ردد أكمل بحنق :
أيهم، أنا مش ناقص!!

تنهد أيهم ببطء، مشفقًا، وقال بحزن عميق :
والله، ما حد صعبان عليا في القصة دي غير البنت أنت عشان تجيب مناخير أختها الأرض وتوريها إنها خسرتك لما رفضت ترتبط بيك، روحت خطبت أختها من بين كل البنات يا غبي

انفعل أكمل، والغضب يتصاعد في صوته :
مش دي كانت فكرتك! إنت اللي قلتلي خليها تحس إنها خسرتك وتتقهر لما تشوف إنك اتغيرت وبقيت زي ما كانت بتتمنى

نظر إليه أيهم بغضب واستنكار، ثم قال :
قلتلك خليها تحس بخسارتك، يا حيوان، ماقولتلكش تروح تختار أختها من بين كل للبنات....قولتلك تعمل اتفاق مع أي بنت بس عشان ما تظلمش اللي هتدخل معاها في اللعبة دي

ضحك أيهم بسخرية، ثم تابع :
لكن حضرتك مش فاهم حاجة....روحت جبت أختها و من غير ما تقولها على نيتك الحقيقية كمان

تنهد أكمل، وكأن الحزن ثقل على قلبه، وقال بصوت يحمل مرارة الندم :
ماكنتش أعرف إني هحبها، يا أيهم!!!

صمت أيهم لحظة، ثم تنهد هو الآخر بحزن واضح :
هي مش هتقدر تثق فيك تاني كل مرة هتقول لها بحبك، مش هتصدقك، هتفتكر إنك بتكلم أختها مش هي، هما إخوات، ووجودك بينهم ممكن يوتر علاقتهم ببعض ويزرع كره....ده لو مكنش حصل أصلاً بسبب اللي عملته

سأله أكمل بارتباك، وكأن الحيرة تخنقه :
طب أعمل إيه يا أيهم

أجابه أيهم بجدية، وعيناه تتوهجان بالتصميم :
أيهم مش هيتدخل تاني....المرة اللي فاتت اتدخلت، و طلعت أهبل ولغبطت الدنيا دلوقتي، أنا مينفعش أتدخل.....روح لأبوك، يمكن يكون عنده الحل

كاد أكمل أن يغادر، لكن أيهم أوقفه بجدية قبل أن يخرج، وقال له :
بس هقولك حاجة....مشوارك طويل أوي عشان تقدر تخليها تثق فيك تاني...الثقة مش بالساهل بترجع

نفس الكلمات تقريبًا خرجت من شفتي والده "فريد الزيني" لكن مصحوبة بصفعة قوية، ونظرة خذلان عميقة ترسخت في عينيه

عاتبه والده على فعلته، التي لأول مرة يعرف بها الزمن يبدو وكأنه يعيد نفسه مرة أخرى، والوجع القديم يعود ليحيي جراح الماضي!!!!!
.......
ما إن خطت داخل المطبخ مساءً لتحضير القهوة لزوجها الذي لا يزال منشغلاً بعمله، حتى التقطت أذناها صوت بكاء يأتي من الغرفة المجاورة، تلك الغرفة التي تمكث بها غنوة !!!
تملكتها الحيرة والقلق، فاقتربت بحذر من الباب الذي لم يكن مغلقًا بالكامل دفعته برفق، خائفة أن تكون غنوة مريضة لكن المفاجأة ان غنوة كانت جالسة على الفراش، وجهها مدفون بين ركبتيها، جسدها يرتجف بشدة من الألم، ودموعها تتساقط بحرقة كان بكاؤها يعبر عن قهرٍ دفين

اقتربت منها بحنان، تسألها بصوت مليء بالقلق :
مالك يا غنوة، بتعيطي ليه !!

انتفضت غنوة من مكانها بسرعة، تحاول إخفاء دموعها، وأجابت بحرج :
مفيش حاجة يا هانم، كنت بس بقطع بصل وعيني حرقتني

ضحكت حياة بهدوء وجلست على الفراش بجوارها، تدرك أن غنوة تحاول التهرب من الحقيقة :
مش شامة ريحة بصل! وبعدين المطبخ فيه مفرمة بصل، يعني عينك مش هتوجعك

خفضت غنوة وجهها بحرج، فجذبتها حياة برفق لتجلس بجانبها، وسألتها مجددًا :
مالك حد من اللي في البيت زعلك

هزت غنوة رأسها نافية، فابتسمت حياة بمرح وهي تحاول أن تكسر الحاجز بينهما :
طب لو عايزة تتكلمي براحتك، أنا بسمع من هنا وبطلع من هنا....اتكلمي براحتك كأنك بتكلمي نفسك

كأن تلك الكلمات كانت الإشارة التي تنتظرها غنوة، فقد أجهشت بالبكاء، وكأن كل الألم الذي كانت تخبئه انفجر دفعة واحدة :
بابا طردني من البيت عشانها....مراته اتهمتني بسرقة دهبها، وهو صدقها، صدقها هي ومصدقنيش حاولت أقوله إني ما عملتش حاجة، لكنه طردني، قالي روحي لخالتك أو روحي في داهية مش عايز يشوف وشي تاني

كانت دموعها تتساقط بغزارة، وحياة تستمع لها بحزن عميق فتابعت غنوة بصوت مكسور :
مراته من أول ما اتجوزها، وأنا عندي عشر سنين، و هي مورياني الويل....ضرب، شتيمة، وكل حاجة حتى
خلت بابا يقعدني من المدرسة وينزلني أشتغل دي بتاخد مرتبي كل شهر، وما اتكلمتش ساعات كانت بتسرق فلوس من محفظتي وأنا بسكت لكن لما اتهمتني بسرقة دهب أمي الله يرحمها اصلا ، حسيت اني ما عدتش قادرة أتحمل !!

شهقت من البكاء قبل أن تضيف :
بابا عمره ما دافع عني كل مرة تمد إيدها عليا، كنت بستناه يتكلم، يقولها كفاية، لكنه ساكت ولما حصلت المشكلة الأخيرة، لقيته أخيرًا بيحوشها عني، فرحت، قولت أخيرًا هيتكلم، لكن كلامه كان أصعب من ضربها ليا، اتكلم وياريت ما اتكلم

كانت غنوة تبكي بحرقة، ولم تستطع إكمال حديثها عندها نظرت حياة إليها بعيون ملؤها التعاطف و الشجن وكأن ذكريات الماضي بدأت تتدفق إلى عقلها، لتقول بحزن واضح :
غنوة، يمكن مفيش حد في الدنيا دي داق ظلم الأب ومرات الأب زيي....أنا حاسة بكل وجعك، لأني عشت
أصعب منه بكتير

رفعت غنوة عينيها، تستمع بانتباه، وما زالت دموعها تنهمر أكملت حياة كلامها بهدوء :
والدك هو اللي خسران يا غنوة صدقيني، هيجي يوم ويندم على كل لحظة قسى عليكي فيها، اللي حصلك مش نهاية العالم....قدامك حياة طويلة لو فضلتي واقفة مكانك تعيطي، عمرك ما هتبقي حاجة

تنهدت حياة وأكملت بنبرة أكثر حزناً :
مش هقولك تنسي، لأن مفيش حد بينسى ماضيه الماضي جزء منا، بنتوجع منه اه، لكن بنتعلم منه كتير....لو فضلتي قاعدة تعيطي وتستسلمي للدنيا، هتفضل تلطش فيكي وتوديكي وتجيبك

أومأت غنوة بصمت، بينما الدموع لا تزال تسيل على وجنتيها وفجأة، وجدت نفسها في أحضان حياة التي جذبتها نحوها بحنان، تربت على شعرها برفق حتى هدأت وغفت مكانها

تركتها حياة وغادرت الغرفة وهي تشعر بالشفقة العميقة على غنوة فقد عاشت نفس الوجع من قبل، وتدرك تمامًا كم هو مؤلم ويخنق الروح تعرف شعور الظلم وانكسار القلب

شعرت وهي تنظر إلى غنوة وكأنها ترى نفسها في الماضي، تعيد عيش تلك اللحظات القاسية التي مرت بها. كانت غنوة بالنسبة لها مرآة لما كانت عليه يومًا، مما جعل مشاعرها تختلط بين الحزن والتعاطف !!

لكن خلف الباب، كان مروان قد استمع إلى كل ما دار بينهما. رغم حزنه لما سمع، لم يتوقف عن التساؤل
ما هو الظلم الذي تعرضت له والدته في الماضي!!
.......
في مكتب جلال الخولي، رجل الأعمال المعروف، كان شقيقه الأصغر فاروق يتحادث عبر الهاتف بنبرة يملؤها التوتر والارتباك كان يشعر بأن الخناق يضيق عليه يوماً بعد يوم، وصوت عمران على الطرف الآخر لم يترك له مجالاً للتنفس

فاروق بلهجة متوترة :
عمران باشا، كل شيء تحت السيطرة، هانت خلاص متقلقش!!!

صاح عمران بغضب :
لأ، لازم أقلق....بقالك قد إيه تقولي هانت، هانت، و مفيش جديد بيحصل....عمال تسحب فلوس، و مفيش أي حاجة جديدة حصلت

برر فاروق بقلق :
ما هو يا باشا، جلال محلق جامد على الملف اللي في التصاميم، وكل اللي يخص المشروع ده حتى اجتماعه مع المهندسين بيكون سري جداً، وكلهم مستحيل يغدروا بيه

سخر منه عمران قائلاً بإهانة :
الظاهر إنه مش واثق في أخوه، وعنده حق الصراحة

أحس فاروق بالضيق فقال :
ليه كده بس يا باشا الغلط ده

غضب عمران ونبرة صوته أرعبت فاروق :
اسمع يا فاروق، هما يومين، يا تجيلي بحل، يا أنا هبعت اللي يجيلي بروحك!!!!

لم يستطع فاروق أن يكمل حديثه، فقد أغلق عمران الهاتف في وجهه، فدفعه للحائط بغضب حتى تهشم في تلك اللحظة، دخل هشام ابنه، قائلاً :
في إيه يا بوب متعصب ليه !!

رد فاروق بعصبية :
تصدق إنك معندكش ريحة الدم، عيل، وهتفضل طول عمرك عيل

جلس هشام على الأريكة، قائلاً بضيق :
في إيه ع الصبح، أنا لسه صاحي ملحقتش أعمل مصايب يعني

فاروق بغضب :
عملت إيه؟ عرفت توصل للملف أو التصميم من المهندسين

نفى هشام برأسه قائلاً :
لأ، معرفتش. كلهم عايشين في دور الأمانة والشرف

فاروق بخوف :
طب والعمل....رقبتي أنا اللي هتطير في الحكاية دي كلها، ده أنا ساحب من عمران فلوس قد كده على حس الملف ده

هشام ببرود وهو يضع قدمه فوق الأخرى :
خلاص رجعهم ليه

صرخ فاروق عليه بغضب :
يا برودك يا أخي، ارجعهم ايه، وانت خليت حيلتي حاجة سهر وزفت شرب كل ليلة، وعزايم وحفلات عربية جديدة، صرفت كل اللي حيلتنا على المنظرة دي بدل ما تحافظ على القرش عشان نأمن لنفسنا مستقبل....عمك مش هنفضل مستغفلينه طول العمر، مسيره يوم يعرف، وشكله شاكك فينا عشان كده رافض يكون معايا نسخة من الملف أو فكرة عن اللي جواه حتى

تعالى رنين هاتف هشام بوصول إشعار من أحد رفاقه الموجودين بالحفل، ليجد أن مقطع فيديو مصور ليلة أمس فتحه، وسرعان ما بدأ عقله الخبيث ينسج تلك الخطة التي تؤدي بهلاك شخصين أو ربما أكثر

نظر لوالده قائلاً بمكر :
مش أياد موجود في مصر، وعمي مسكه شغل كمان في الشركة النهاردة

فاروق بسخرية وغضب :
تصدق مكنتش عارف

سخر هشام هو الآخر قائلاً بخبث :
أديك عرفت، مش عايز تستغل وجوده

فاروق بعدم فهم :
استغل وجوده في إيه !!

هشام بمكر وهو يعيد تشغيل الفيديو ويضعه أمام وجه والده :
هقولك بس الأول شوف كده الفيديو ده

سأله فاروق ما إن انتهى من مشاهدة الفيديو :
مين اللي معاه دي و بيرقص معاها كده

هشام بمكر وأخذ الهاتف ليضعه في جيب سترته : دي صافي....بنت آدم العمري!!

صمت فاروق للحظات قبل أن يتابع كلامه :
المنافس التاني لعمران بعد عمي جلال

رد فاروق بضيق :
انت عايز تقول إيه، هات من الآخر !!

هشام بسخرية :
مش عارف يا بابا، الذكاء اللي عندي ده جبته منين، بس الأكيد إنه مش منك

غضب فاروق قائلاً :
انطق بدل قسماً بالله لهديك علقة تربيك من أول جديد يا سافل يا قليل الأدب

زفر هشام قائلاً بضيق :
عندي شرط عشان أتكلم

نظر له فاروق بتوجس، ليتابع هشام قائلاً :
نص المبلغ اللي هتاخده من عمران بعد الخدمة الكبيرة اللي هتقدمها ليه

أجابه فاروق بغضب : موافق، انطق !!!

ابتسم هشام مخرجا أحد سجائره يدخنها ببطء قبل أن يقول بمكر :
هقولك.....وما إن انتهى من حديثه لمعت أعين فاروق بسعادة، ليختم هشام حديثه قائلاً بفخر :
إيه رأيك في دماغ ابنك الماظ، مش كده !!!!!
......
بينما كانت قمر تجلس في قصر الجارحي وحيدة، بعد أن غادر والداها للمطار لاستقبال جدها وجدتها العائدين من أداء مناسك العمرة، شعرت بصمت القصر يحيط بها، لكنه لم يكن قادراً على إسكات الأفكار التي تتنازع في رأسها

كان نوح يسيطر على كل أفكارها، ذلك الحب الذي ربط قلبها به رغم العداوة الغامضة التي تجمع عائلتيهما، عداوة لا يفصح عنها أحد، لا والدها ولا نوح، وكأنها سر دفين ومع ذلك، كانت متأكدة من مشاعره، تعرف أنه يعشقها بقدر ما تحبه، لكن حاجز الرفض الذي تخشى أن تقابله من والدها يقف كالجدار الصلب بينهما

ما أثار ارتباكها أكثر كان طلب نوح الجريء...أن يتزوجا عرفياً لم تكن تتوقع أن يطلب ذلك، وكان تفكيرها مشوشاً حتى شهقت بقوة عندما فتح باب شرفتها فجأة على مصراعيه !!

ظهر نوح أمامها، عينيه تشعان بتلك الجرأة المعتادة، لكن الخوف سيطر على ملامحها دفعت الباب بسرعة وأغلقت الشرفة بلهفة، ثم أسرعت لتغلق باب غرفتها الداخلي استدارت لتواجهه، ونبرة صوتها خافتة مرتعشة :
انت اتجننت يا نوح، بتعمل إيه هنا !!

اقترب منها، أمسك وجهها بين يديه، عينيه مليئتين بالشوق والحب :
وحشتيني أوي يا قمر

ابتسمت بخفة رغم قلقها....وقالت بشيء من الاشتياق والحذر :
وأنت كمان، بس ده جنون، لو حد شافك هنا ممكن تحصل مصيبة !!!

تنهد نوح بعمق، وكان الحزن يرتسم على وجهه :
بإيدك تريحينا....وتقبلي نتجوز ونحط الكل قدام الأمر الواقع هنفضل نتقابل في السر لحد إمتى!!!

جلست قمر على الفراش، عيناها تضطربان بتفكير متردد وخوف مكبوت :
مش عارفة.....بس.....

لم يمهلها وقتاً للتفكير أكثر، جلس بجانبها، نظراته حادة وحزينة :
انتي واثقة فيا يا قمر، واثقة في حبي ليكي، مش كده !!!

أومأت بصمت، فقد كان نوح كل عالمها، لكنه استمر في محاولته لإقناعها، صوته منخفض ونبرته حزينة :
طب إيه اللي مخوفك وافقي....وأنا هخليكي أسعد واحدة في الدنيا.....أنا محتاجلك، قمر

اقترب منها ببطء، كانت عيناه تفيض بالشوق، وهم بتقبيلها، لكنها تحركت مبتعدة بضيق ظاهر في صوتها :
نوح....ابعد !!

كان جوابه مفعماً بالاشتياق الذي يملأ قلبه :
انتي وحشاني اوي

وقفت قمر سريعاً، وقد بدا الضيق جلياً في ملامحها ونبرتها :
كل مرة أقولك.....أنا مش بحب كده

لكنه لم يتراجع، جذبها مرة أخرى نحوه، ونبرته مزيج من الرغبة والإصرار :
بس أنا بحب كده....وعايزك تكوني قريبة مني !!

ابتعدت عنه مجدداً، الحزن يمزق قلبها، وقالت بصوت مختنق :
اللي بنعمله غلط وحرام

تنهد نوح بضيق، وعينيه ملأهما الإحباط :
قولتلك في إيدك تخليه حلال لما تبقي مراتي وافقي يا قمر.....عشان خاطري

صمتت قمر طويلاً، وكأنها في معركة مع نفسها، مشاعرها تتصادم كانت تعرف أن قلبها يميل إليه، لكنه طلب منها قراراً يغير كل شيء نظراته كانت تترقب بفارغ الصبر، ينتظر منها إجابة قد تقلب موازين حياتهما !!!!!!
........
في فيلا بدر الجارحي، كان الليل ساكناً إلا من صوت الرياح الخفيفة التي تلامس النوافذ فجأة، مزق السكون صوت صراخ عالٍ يمزج بين الخوف والذعر - - حيااااة !!!!
كان صوت بدر يهز أرجاء المنزل، ليوقظ كل من فيه من نومهم العميق هرع الجميع إلى مصدر الصوت ليجدوا بدر واقفاً عند أسفل الدرج، عينيه مليئة بالرعب والخوف، بينما كانت حياة ملقاة بلا حراك على الأرض!!!!!

كانت فاقدة للوعي، ملامح وجهها شاحبة وكأنها فقدت الحياة ركض بدر نحوها، ركع بجانبها، قلبه ينبض بقوة ويداه ترتجفان وهو يحاول أن يوقظها لكن هناك شيء آخر لفت انتباهه ملف بجانبها، ملقي على الأرض التقطها بيده المرتعشة، عيناه تحدقان في الكلمات المدونة عليها قرأ السطور بسرعة، ثم ارتجف جسده وكأنه تلقى ضربة قاضية!!!!

لم يستطع أن يتمالك نفسه، سقط من بين يديه و كأنه يحمل وزناً أثقل من كل ما مر به في حياته حدق في وجه حياة الشاحب، وكأن عقله يرفض تصديق ما يقرأ....كانت ملامحه تفيض بالصدمة والألم، قلبه غارق في دوامة من القلق والخوف، لم يتحمل رؤية حب حياته ملقاة هكذا بلا حراك صوته كان خافتاً هذه المرة، مليئاً بالرجاء وهو يتحامل على نفسه و يحملها بين ذراعيه :
حياة...فوقي....فوقي عشان خاطري

باقي أفراد الأسرة اقتربوا بسرعة، لكنهم توقفوا عند رؤية المشهد المروع كانوا عاجزين عن الكلام، كل ما يملكونه هو الصمت المحمل بالأسئلة والخوف !!

كان الملف يبدو انه يحمل خبراً لم تتحمله حياة، خبراً أفقدها توازنها، وأسقطها إلى الأرض دون سابق إنذار......!!!!!!!
.......



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close