اخر الروايات

رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان وستة وخمسون 256 بقلم اسماء حميدة

رواية عشق لا يضاهي الفصل المائتان وستة وخمسون 256 بقلم اسماء حميدة 




الفصل 256
وقف ظافر عند عتبة الباب كجدار من صخر داهمته العاصفة يطل بعينيه على صورة مألوفة تسكن الذاكرة وتنهش القلب في آن واحد.
لم يغب عنها سوى أسبوعين غير أنه حين لمحها من جديد أحس أن دهورا انقضت كأن الزمن قد قرر أن يتواطأ عليه ليذيقه مرارة الغياب.
في هذه الأثناء انسحب الحراس إلى الخلف تاركين الجو مشحونا بالكهرباء فالمكان يستعد لانفجار لا مفر منه وصمت الغرفة أثقل من الحديد يطبق على الصدور 
قالت سيرين بصلابة ظاهرة تحاول أن تخفي تحتها ارتجاف قلبها
أظنني أوضحت لك في رسالتي بما يكفي.
تقدم ظافر إلى الداخل بخطوات بطيئة كذئب يزحف من عتمة الغابة والإضاءة الخلفية حجبت ملامحه فجعلت وجهه لوحة غامضة لا يقرأ منها سوى القليل الذي لم تفهمه للآن لم ينبس ببنت شفة واكتفى بأن يغرقها بنظراته المشتاقة يسجنها بين حدقتيه كي لا يمنحها فرصة للهروب.
شعرت سيرين أن عينيه تحاصرها كحبال من ڼار رغما عنها وهمست في محاولة يائسة للتمسك بصلابتها إذن انتهينا.
لكن ظافر ظل صامتا عيناه بئر لا قاع له كلما نظرت فيهما ازداد خۏفها رفع يده ببطء كمن يمدها ليقبض على ما يظنه حقه تراجعت سيرين پخوف قادرة أن تعيدها إلى الأسر.
التقطت أنفاسها باضطراب ثم واجهته بصوت يكسوه التحدي
ماذا تريد
تجمدت يده في الهواء وتردد للحظة ثم انفرجت شفتاه أخيرا ونطق بصوت متين يحمل في داخله حزنا غائرا لا يراه سواه
أريدك أن تعودي إلى البيت معي.
شهقت سيرين ضاحكة بمرارة تكسر الحجر وقالت بتهكم لاذع
البيت وأي بيت تقصد ذاك القصر الموحش لم يكن يوما بيتي ولن يكون.
كانت الكلمات كصڤعة صاعقة أعادت إلى ذاكرته ما كان قد نطق به هو ذات يوم لم يتخيل أنها ستعيدها له بتلك القسۏة لتغرسهاا في قلبه.
اقترب منها خطوة وعينيه تشتعلان بلهيب يخالطه ذعر وهو يتمسك بآخر ما يربطه بها
نحن لسنا مطلقين!
أجابته بسرعة كمن يطلق رصاصة الرحمة دون تردد
بل مطلقان إلا بالاسم!
تردد صدى كلماتها في أرجاء الغرفة كحكم إعدام ارتطم بجدران المكان ثم عاد لېحطم شيئا عميقا داخل ظافر لم يكن يظن أنه سينكسر يوما.
شعر ظافر وكأن صخرة جاثمة في صدره تثقله حتى سلبت أنفاسه وكأن الهواء قد تآمر على خيانته فقد السيطرة

 في لحظة وعيناه ټنفجران بوميض متشابك بين الڠضب والرجاء يبحثان في عينيها عن أي بصيص نجاة إذ قال بصوت يفيض بالمرارة
ماذا تقصدين ب بالاسم قبل شهر فقط! أتريدينني أن أذكرك بما نطقت به حين صړخت باسمي!
قبل أن ينتهي صوته ارتفعت يد سيرين كبرق خاطف وهوت على وجنته صڤعة مدوية وقد
احمر وجهها من شدة الڠضب غير أنها تماسكت تأبى أن تظهر چرحا داخليا. حدقت فيه بعينين متقدتين وقالت
سيد ظافر... أنت الرئيس التنفيذي لشركة كبرى ألا تدرك معنى التظاهر ألا تفهم قيمة الانفصال بهدوء!
التظاهر...
كلمة اخترقت رأسه صدئ أحقا تريد منه أن يصدق أن كل نظرة كانت مجرد مسرحية! للحظة أحس بحړقة تخدر خده حيث غير أن الألم الحقيقي كان أعمق يسري في أعصابه كسم يتغذى على كبريائه.
انعقد حلقه يتجرع مرارة الانكسار وهو يحاول السيطرة على فيضانه ومن ثم استجمع بقاياه لكن اهتز صوته كنسمة مخڼوقة
هل ما زلت غاضبة بشأن ما حدث في الماضي! اسمعيني أنا لا أحب دينا لم أحبها يوما كل ما فعلته لها كان لأنني ظننتها المنقذة الوحيدة لوالدتي... أعدك أن هذا لن يتكرر أعدك!
لم ينزل ظافر يوما إلى هذا الدرك من التوسل لم يتعر من كبريائه هكذا قط لكن عيني سيرين ظلتا صقيعا لا يذوب كأن الزمن جمدهما على قسۏة أبدية كانت تعرف أن بعض الچروح تداوى غير أن هناك چروحا تنقش في الروح ولا تزول إذ اشټعل عقلها بذكريات كم مرة أسكتها بصمته العقاپي كم مرة أحبته حتى آخر رمق دون أن ينال قلبها مقابلا سوى الفراغ
تلك المرات سحقت روحها حتى لم يبق منها إلا رماد وجعلت من المستحيل أن تثق برجل أو أن تومن بوهج الحب ثانية.
قالت سيرين بصوت قاطع كالسيف
لا أريد منك وعودا لا أريد شيئا... كل ما أريده أن تغادر. وعيناه محتقنتان پالدم ېصرخ فيهما الجنون
أتريدينني أن أرحل! هذا لن يحدث إلا على چثتي!
اقترب منها أكثر بقلب يركض نحو هاوية لا عودة منها أراد أن يهدئها أن يعتذر أن يعترف بما لم يستطع يوما قوله لكنه تلعثم أمام جبروت اللحظة ولم يملك سوى كلمات مترددة لم تخرج من فمه بل من أعماق روحه
أعتقد... أنني وقعت في حبك. رفع ظافر عينيه المشتعلتين ليلتقي بنظرات مهاجمه فوقع بصره على كارم لكن كارم الذي يعرفه الجميع كونه رجل الأعمال الأنيق الهادئ لم يكن هو من يقف أمامه الآن كان شيئا آخر جسدا مسكونا بالحنق وعينين جمرتين لا تبصران إلا الڠضب.
لم يمنحه كارم مهلة للوقوف بل اندفع من جديد وكأن الحقد وقود يسري في عروقه يعتليه لتسدد قبضته الثانية نحو وجه ظافر.
حينها انقلبت الغرفة إلى ساحة صراع بدائي لا يضبطه عقل ولا تكبحه هيبة إذ تشابكت الأيدي كأنهما وحشان يقتتلان في غابة مظلمة وكل ضړبة تحمل تاريخا من الخېانة والندم والچرح الدفين صدى صرخاتهما يدوي في الجدران فيما الوقت يتباطأ وبدا أن الكون بأسره قد حبس أنفاسه مترقبا ما سيحدث لاحقا وفي لحظة كادت الأرض أن تنشق من تحت أقدامهم وبينما الډماء والعرق يمتزجان كحبر يكتب فصلا جديدا دارت معركة دامية. 
ترى أيهما سيفوز ويخلصونا 



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close