رواية انقضاض الاسود الفصل الثامن عشر 18 بقلم ندي محمود
( انقضاض الاسود )
_ الفصل الثامن عشر _
حدق بها من مسافة قصيرة وهو يتجه نحوها وفوراً تذكرها ، فهتفت هى فى غيظ عندما توقف امامها :
_ انت بتعمل ايه هنا يا استاذ انت !
اجابها فى نبرة قوية :
_ انتى مستعندانى بقى .. اكيد انتى وحدة من الخدم صح !
صاحت به فى انفعال :
_ خدم فى عينك لتكون اعمى هما الخدم مناظرهم اكده
اجابها فى خنق وإيجاز :
_ اه عندك حق بيكونوا انضف من كده
اشتعلت عيناها كجمرتين من النيران وهى تحدق به فى سخط وهمت بأن تنهال عليه بالسباب اللاعنة فوجدته يهتف بنبرة محذرة :
_ الزمى حدودك معايا يا انسة احسلك
صاحت به فى استياء :
_ هتعمل ايه يعنى ! .. انت لسا متعرفنيش وانصحك انا انك تحترم نفسك معايا بدل ما اندمك
اصدر ضحكة بسيطة وتمتم فى استخفاف :
_ الحقيقة انا متحمس جدا علشان اشوف هتندمينى ازاى .. بس المهم دلوقتى ليث قاعد صح
وجدو ليث يخرج من الباب ويتجه نحوهم فهتف فى صوت رجولى حاد :
_ بتعملى ايه يامودة هنا !!؟
اجابته فى ضيق واضح وهى ترمق مؤيد بنظرات نارية :
_ لا ابدا الاستاذ بس كان بيسألنى عليك ... عن اذنكم
ثم انصرفت مسرعة نحو غرفتها لتخرج شحنة الغضب المترامية داخلها ...... بينما مؤيد فتمتم فى فضول واضح :
_ مين دى ياليث ؟
اجابه فى نظرات ضيقة :
_ ليه !!؟
مؤيد فى هدؤء :
_ لا اصل بشبه عليها
هتف ليث وهو يرفع احد حاجبيه :
_ لا متشبهش لانها اصلا مكنتش هنا يعنى اكيد مش هيا اللى بتشبه عليها
مؤيد فى ابتسامة :
_ ماشى بس مقولتش برضوا مين دى
ليث فى نبرة لئيمة وقوية :
_ فى ايه يامؤيد !!
تجاهل سؤاله وتمتم فى نبرة شبه متأكدة :
_ بنت عمتك صح
ليث فى نظرات دقيقة :
_ اممممم .. ويلا يامعلم علشان منتأخرش
تمتم فى تساءل :
_ ايه انت جاى الشركة
_ ايوه
_ وجيت الملفات معاك
تمتم ليث فى إيجاب :
_ ايوه مصعب كلمنى وقالى
***
فتحت عينها وهى تفركهم بيدها .. بعد ان قضت ليلها من دون ان ينم لها جفن وغفيت من دون ان تشعر بعد ان قضت صلاة الفجر .. وتذكرت ايضا انه لم ينم هو الاخر .... اعتدلت فى جلستها ودرات بنظرها بالغرفة باحثة عنه فلم تجده .. نهضت من فراشها واتجهت نحو المرحاض وغلست وجهها بالماء وتأملته ، كم كان شاحب ولونه يميل الى الصفار ، وعيناها السوداويتين اللامعة من العبارات المتلقلقة فى بؤبؤيهم ... ارتدت نظاراتها واتجهت الى الخارج وجلست على فراشها وبدأت تقول اذكار الصبح وهى شاردة فى شجونها الثائرة .. فانفتح الباب ودلف منه وهو يحمل بيده عدة اكياس لاتعلم مابداخلهم ... اخذت تحدج به بأعين جامدة وثاقبة ، فوضع هو بعض الاكياس امامها وهو يتمتم فى جفاء :
_ خدى جيتلك شوية هدوم بدل اللى اتحرقوا فى البيت
تمتمت فى غطرسة :
_ وحضرتك بقى لحقت تعرف انا بلبس ايه ومش بلبس ايه ... وقبل ما ابص فى الاكياس اصلا لو جايب بنطلونات ابقى رجعهم من مكان ماجبتهم
حدجها بنظرة شرسة وهو يهتف فى نبرة مرعبة :
_ ومين قالك انى هخليكى تلبسى بنطلونات اصلا !
ابتسمت فى سخرية وتمتمت فى امتعاض :
_ هيهمك اوى يعنى .. كده كده انا قريب هطلق
صاح بها فى سخط :
_ انا مش قولت موضوع الطلاق ده تشليه من دماغك نهائى ، متنرفزنيش على الصبح !
صاحت به الاخيرة قائلة :
_ ماتتنرفز انا مالى .. هو انا هخاف منك مثلاً
جذبها من ذراعها اليه وهو يصرخ بها فى صوت جعل جسدها يرتجف :
_ انتى عايزة ايه على الصبح ، عايزة تعصبينى وامد ايدى عليكى
اجابته فى صوت مرتجف قليلاً محاولة اخفائه :
_ مهو ده اللى فالح فيه !
رفع كفه فى الهواء وهم بصفعها فأوقف يده قبل ان تهوى على وجنتها وهو يضغط عليها ويزأر من بين اسنانه ... ثم دفعها بعنف تاركاً اياها فسقطت فوق الفراش ... ثم هبت واقفة وهى تصيح غير واعية لما تقوله :
_ انت كنت عارف ان الحريق ده هيحصل وقفلت عليا الباب قصداً كنت عايزة تقتلنى يامصعب مش كده .. اصله مين هيعمل كده متوقعش ان فى حد ليه مصلحة يعمل كده .. وجبتنى هنا معاك شرم علشان تعمل فيا مابدالك وتعذبنى براحتك صح
حملق بها للحظات عابرة فى صمت خاشع فصاحت به فى صراخ هادر :
_ ساكت ليه ماتنطق ولا ساكت علشان عارف ان كلامى صح
صرخ بها بصوته الجهورى :
_ انتى مجنونة انا لو كنت اتأخرت لحظة كان زمانك دلوقتى ميتة ... ولو انا كنت عايز اقتلك نقذتك ليه وبعدين انا مقفلتش الزفت الباب ده
هتفت فى بكاء حار :
_ اه اعمل نفسك طيب وغلبان ... انت منقذتنيش حباً فيا ولا خوفاً عليا لا نقذتنى علشان تكمل تعذيبك ليا ، انت كلمة بنى ادم اصلا كتيرة عليك .... انت بتضحك يامصعب على نفسك حتى اخواتك واهلك مبتحبهمش عارف ليه ، علشان قلبك الاسود والحجر والبعيد عن ربه ده مستحيل يحب حد ، ده يكره ، يحقد ، يعذب بس مش اكتر
اخذ يحدق بها بنظرات زائغة فى صمت تام ثم تمتم فى ابتسامة ساخرة :
_ عندك حق .. بس انا كده وهفضل كده يارؤية سواء كان عاجبك او لا .. وانا مبسوط بحياتى كده !
ثم استدار وغادر الغرفة متجهاً الى خارج الفندق بأكمله ... انفجرت هى باكية ثم جلست على فراشها وامسكت بهاتفها و اجرت اتصال بفهد فهى فى أشد الحاجة اليه والى سماع صوته .....
اجابها فى نبرة حانية :
_ الو يارؤية ياحبيبتى
اجابته وهى تشهق باكية :
_ فهد !
هتف فى فزع من نبرة صوتها وبكائها :
_ فى ايه يارؤية انتى كويسة
رؤية ببكاء حار :
_ انا كويسة بس انت وحشتنى اوى
اجابها فى نبرة متصلبة :
_ مصعب عملك ايه يارؤية قوليلى ؟
اجابته نافية وهى مستمرة فى بكائها :
_ معملش حاجة انا بس مخنوقة شوية
صاح فى غضب :
_ رؤية متضحكيش عليا انا مش عبيط قوليلى عملك ايه اكيد فى حاجة
رؤية بنبرة متشجنة :
_ مفيش حاجة .. بس امبارح كنا قاعدين فى بيت وحصل فيه حريق ونجدت بصعوبة كنت على ثانية وهموت .. هو ده السبب
اجابها فى هلع :
_ حريق ايه !! ... وانتى كويسة دلوقتى
اجابته فى صوت مبحوح :
_ ايوه الحمدلله بخير
تمتم بنبرة تحمل فى طيأتها الوعيد :
_ اقفلى يارؤية وخمس دقايق وهكلمك تانى
غمغمت فى نبرة ضائعة :
_ ليه ؟!!
فهد فى خشونة :
_ اقفلى بس
***
كان يسير على الشاطئ فى شرود تام ... كانت السماء صافية تزينها قطع سحاب بيضاء ، ولاحت قمم ورءوس النخيل والاشجار مطبوعة على صفحة الماء كأنها لوحة فنان ، تلك الثورة التى تعصف بين ضلوعه وفى ثنايا قلبه تدمر كل شئ ، وتجعله كأنه ارض يباب ! .... تذكر كلماتها وهو يبتسم متغطرساً " انت بتضحك على نفسك حتى اخواتك وعيلتك مبتحبهمش عارف ليه لان قلبك الاسود والحجر والبعيد عن ربه ده مستحيل يحب حد ، ده يكره ، يحقد ، يعذب بس مش اكتر ! "
انتشله من شجونه رنين هاتفه فأخرجه من جيب بنطاله فوجد المتصل فهد ، تنهد بشدة ثم اجابه قائلاً فى اقتضاب :
_ خير
فهد فى نبرة قاسية :
_ وهو من امتى بيجى من وراك خير يامصعب ... عملت ايه لرؤية ؟
اجابه فى هدؤء وتصنع عدم الفهم :
_ عملت ايه !!؟
صاح فهد فى ضراعة :
_ متعملش نفسك عبيط ومش فاهم
اجابه مصعب بنبرة حادة :
_ فهد انا مش رايقلك
قهقه فى استهزاء وتمتم :
_ بجد والله ! ، انا اسف يامصعب بيه بس انت مجبر تروقلى كده ... لما ترجعوا من شرم رؤية هتطلقها غصب عنك .. ولوحصلها اى حاجة لغاية ماترجع القاهرة وترجع بيت ابوها صدقنى مش هتردد لحظة فى قتلك .. الحمدلله ان امبارح عدى على خير والا كان زمانك دلوقتى بتتشاهد على روحك
تمتم مصعب فى هدؤء مخيف :
_ خلصت خلاص .. انت عارف كويس اوى انى مبتهددش ، وموضوع الطلاق ده انسوه تماماً لانه مش هيحصل
هتف فهد فى ثقة :
_ انا من رأى ان الاحسن اننا منستبقش الاحداث صح
ثم انهى الاتصال من دون ان ينتظر منه رد فأشتعلت عينه فى غضب وهو يزأر زئيراً مكتوماً .......................
***
فتحت بهيرة له الباب ، وبمجرد رؤية مالك لابيه هرول نحوه فى سعادة بالغة ، فحمله على ذراعيه وهو يقبله من وجنتيه ، فهتف مالك فى حزن طفولى :
_ وحشتنى اوى يابابا انا عايز ارجع بيتنا
تمتم فى صوت خفيض :
_ ان شاء الله ياحبيبى
ثم انزله وهتف فى هدؤء :
_ روح العب جوه وانا شوية وهجيلك
اؤما رأسه له ثم ركد نحو غرفته فهتف هو محدثاً بهيرة :
_ خير ياحماتى عايزانى فى ايه
بهيرة فى سخط :
_ انت هتطلق صفا فعلا
اجابها فى جفاء :
_ قريب اوى بأذن الله
تمتمت فى نبرة قاسية :
_ لو هتطلقها يبقى طلقها واخلص بدل ماهى قاعدة على امل انك ممكن ترجع فى قرارك ، انت اصلا متستهلهاش !
اجابها فى نبرة قوية :
_ مش انتى يابهيرة هانم الاى هتقوليلى امتى اطلق مراتى وامتى لا .. دى حاجة تخصنى انا وهى
اجابته فى غضب :
_ ومراتك دى مش تبقى بنتى
تمتم مبتسماً فى سخرية :
_ اشك فى كده الصراحة !
هتفت فى نظرة وحشية :
_ كان عندى حق لما كنت رافضة جوازك من بنتى
طارق غير مكتدر لحديثها :
_ سلام يابهيرة هانم انا معايا شغل ومش فاضى ، عن اذنك
كانت تسمع حديثهم ودموعها تنساب على وجنتيها غزيرة فى حرقة شديدة ، وقد تأكدت من قراره والذى لاعودة به وسوف يتمم طلاقهم بالفعل !! ...............
***
كانت تقف بحديقة الڤيلا شاردة الذهن تماماً .... اوقف سيارته بالحديقة وترجل منها فرأها .. تقدم نحوها فى حذر شديد حتى لا تشعر به ، ثم وقف خلفها مباشرة وتمتم بالقرب من اذنها فى ابتسامة :
_ بتعملى ايه ؟!
انتفضت من مكانها وكأن حية قامت بلدغها واستدارت له وهى تصيح به فى سخط :
_ ايه ياليث فى ايه ياخى ! والله بارد
قهقه بخفة وسرعان ماتبدلت ملامح وجهه وتمتم فى غضب مزيف :
_ ايه بارد دى لمى لسانك الطويل ده
اجابته مداعبة وتصنع البرود :
_ ليه شايفه متبعتر
هتف وهو يغمز لها بعينه بنبرة محذرة :
_ مابلاش !
اجابته فى ثقة تامة :
_ مهتقدرش تعمل حاجة
ليث فى جدية :
_ اقدر وبلاش تعاندينى احسن
قهقهت بشدة ثم هتفت مبتسمة :
_ خلاص اهو سكتنا
غمغم مبتسماً فى دفئ :
_ ايوه كده ... يلا بينا علشان انا جعان جدا ، خلينا نشوف سوسو عاملة ايه لينا على الغدا وندوق اكل بتول هانم برضوا
اجابته ضاحكة :
_ نصيحة منى بجولك بلاش
هتف بنبرة جديدة تماماً :
_ ما انا بقول كده برضوا شكلى هروح اعمل غسيل معدة النهردا !
***
دلف الى الغرفة فوجدها جالسة على الفراش وتقرأ فى كتاب القراءن الكريم بصوت عذب ، لم يعيرها ادنى اهتمام وكأنها ليس موجودة .. نزع سترته وفك ازرار قميصه العلوية والقى بجسده على الاريكة وهو يسند رأسه على الحائط ويغمض عينه .. فهتفت فى ازدراء :
_ هنمشى امتى ؟
اجابها فى إيجاز :
_ بكرة
رؤية فى خنق :
_ وليه مش النهردا
اعتدل فى جلسته وحدجها بنظراته المميتة وهو يهتف فى حدة :
_ مش بمزاجك حضرتك وقت ما احب نمشى هنمشى ، وقراراتى متجادلنيش فيها فاهمة
هاهو قد عاد كما كان سابقا يليقها بأوامره ويحدثها بنبرته القاسية والمحذرة
هتفت فى استياء :
_ ومش من حقى ليه يامصعب مجادلكش فى قراراتك هى مش اللى معاك دى بنى ادمة ولا حيوانة زى ماتقولها اعملى تعمل حتى لو قولتلها اقتلى نفسك !
تمتم فى هدؤء قاسى :
_ بظبط حيوانة كل اللى عليها تنفذ الاوامر وبس
صاحت به فى غضب هادر :
_ بس انا مش حيوانة يامصعب تهين وتذل فيها براحتك ، ومش هسمحلك تهينى تانى
تمتم فى برود مستفز :
_ انا مش بهينك انتى اللى بتهينى وتذلى نفسك ، لما كل ما اقول حاجة تعلقى وتجادلى فيها لو تسكتى وتحطى لسانك جوه بوقك كله هيتحل
اجابته متغطرسة :
_ وانت هتغلط نفسك ليه طبيعى هتغلطنى انا !
مصعب بنبرة التحذير :
_ رؤية خلى يومك يعدى على خير لغاية مانرجع بكرة وياريت لو تحطى جزمة فى بوقك ومسمعش صوتك خالص مفهوم
ثم فك بقية ازرار قميصه ونزعه واتجه نحو المرحاض .... فتح صنبور الماء ووضع رأسه اسفله وكانت جملتها تتردد على مسامعه " كنت عايز تقتلنى يامصعب مش كده اصل مين هيعمل كده معتقدش ان فى حد ليه مصلحة فى كده "
ضرب بقبضة يده على الحائط بشدة فى خنق لدرجة انها المته قليلاً ................
***
جلس الجميع على طاولة الطعام وبدأو فى الاكل ... مرت دقائق قليلة حتى هتفت سندس مبتسمة :
_ هاا ايه رأيك فى الاكل عاد ياليث
اجابها مداعباً :
_ اى حاجة من ايدك حلوة ياسوسو .. بس واضح جدا ان بتول حاطة التاتش بتاعها ماشاء الله حاجة كده فخيمة
انفجرت ضاحكة هى وسندس ثم هتفت من بين ضحكاتها :
_ جولتلك بلاش تاكل ، بص ياليث انت خليك فى اكل امى ومتقربش من اللى تبعى علشان متحصلش خساير بس
تمتم فى مرح :
_ واضح انى هعمل كده للاسف بس هاكل وامرى لله اهو نرفع شوية من معنوياتك
هتفت سندس محدثة مودة فى استغراب :
_ مالك يامودة يابتى ؟!!
اجابتها فى ابتسامة مزيفة :
_ مفيش حاجة يا امى
سندس فى نبرة جادة :
_ امال مبتكاليش ليه !؟
مودة فى هدؤء :
_ باكل اهو
كلما تتذكر ذلك الرجل ( مؤيد ) تستشيط غضباً وتغلى الدماء فى عروقها .. كانت تود لو انا استطاعت تلقيه درساً لا ينساه .. حدثت نفسها متوعدة فى صوت باطنى " بس اشوفك تانى وهخلى نهارك ليل "
***
مر اليوم سريعاً كأنه ساعة .. كان كل منهم يتجنب الاخر لان اذا تحدث احد منهم فسيجرح الاخر بكلماته القاسية ..........
وفى صباح اليوم التالى كانت تستعد وترتدى ملابسها للذهاب والعودة الى القاهرة .. ارتدت تلك الملابس الذى جلبها لها بالامس .. كانت عبارة عن عبائة تشبه فستان السهرة .. كانت من اللون النحاسى ويزينه حجابها الذى من اللون الابيض .. احست بالنفور منها فلم تتعود على ارتداء هذا النوع من الملابس ولا تلك الالوان ... خرجت من المرحاض بعد ان انتهت فهب هو واقفاً والقى اليها نظرة متفحصة من اعلاها الى اسفلها بأعين جامدة ثم تمتم فى برود تام :
_ يلا
وأشار لها بيده ان تتقدم امامه ................
استغرق الطريق ساعات عديدة حتى وصلوا الى المنزل .. ثم دلفو الى الداخل فهرولت حياة تجاه رؤية وهى تعانقها بشدة وتهتف فى شوق :
_ وحشتينى اوى والله يارؤية
رؤية فى ابتسامة دافئة :
_ وانتى اكتر والله ياحياة
ثم اجابتها فى مداعبة وهى تغمز لها بعينها :
_ ايه الحلاوة دى بس اكيد ده زوق مصعب صح اصل انا عارفة زوقه كويس اوى
اصدرت تنهيدة حارة فى تأفف فهتفت سندس فى حنو :
_ حمدلله على سلامتكم ياولدى
هتفت حياة فى ابتسامة صادقة :
_ والله البيت كان وحش من غيرك يامصعب
اصدر ضحكة بسيطة وهو يتمتم :
_ قصدك كان حلو ، اكيد كنتى ماخدة راحتك وتتطلعى وتدخلى على مزاجك
حياة فى غطرسة :
_ براحتى فعلا .. ليث كان قاعد على فكرة وانت وهو فولة واتقسمت نصين دماغكم متربسة
اجابها فى تساءل :
_ هو فين !؟؟
سندس :
_ راح الشركة
تمتم فى جدية :
_ انا هطلع اغير هدومى واخد دش واروح اشوف شغلى
اجابته سندس فى بساطة :
_ علطول اكده ياولدى طاب اتغدى حتى
اجابها فى ضيق واضح :
_ مش عايز .. اتغدو انتو !
ثم صعد الدرج متجهاً نحو غرفته .. فرمقت سندس رؤية بنظرة دقيقة وهتفت فى حنو :
_ روحى ورا جوزك يابتى شوفيه يمكن عايز حاجة
حدقت به رؤية فى ذهول من كلماتها الغريبة تلك فهتفت هى فى نبرة حادة :
_ بتبصى اكده ليه يلا اتحركى !
مسحت على وجهها فى تأفف ثم اتجهت خلفه وهى تتمتم ببعض الكلمات الساخطة .. فهتفت حياة فى تعجب شديد :
_ ايه ياعمتى انتى بتتكلمى كأنك متعرفيش وضعهم يعنى
اجابتها فى ابتسامة واثقة :
_ بس يابت اكتمى انا عارفة انا بعمل ايه زين
اجابتها حياة فى مداعبة :
_ اه ياخبيث انت
فقهقهت بشدة على مداعبتها لها ..............
***
وقبل ان تفتح الباب سمعت صوته وهو يتحدث فى الهاتف قائلاً فى ضجر :
_ يعنى ايه ملقتهوش يامؤيد هيكون غار فين
مؤيد بهدؤء متعجب :
_ معرفش الرجالة قلبوا عليه البلد ملوش أثر !
صاح فى توعد :
_ سامح هجيبه لو كان تحت الارض .. فاكر نفسه هيقدر ينجد منى بعد عملته **** .. اقفل انا جاى الشركة دلوقتى
مؤيد فى إيجاب :
_ طيب
فتحت الباب ودلفت الى الداخل وهى تهتف فى هدؤء ونبرة متسائلة :
_ هو سامح ده اللى حاول يقتلنى !؟
رمقها بنظرة ساخرة وهو يهتف :
_ لا وانتى الصادقة انا اللى كنت عايز اقتلك مش ده كلامك ، اتغير ليه دلوقتى ؟
هتفت متجاهلة جملته :
_ مين سامح ده وعايز ايه منك علشان يحاول يقتلنى
حملق بها لثوانى فى صمت ثم اصدر تنهيدة حارة واتجه نحو المرحاض فهتفت فى سخط :
_ انا مش بكلمك !!
هتف فى جفاء :
_ انا مش فاضى للكلام ده .. خليكى مقتنعة برأيك الاولانى افضل !
ثم تركها ودلف الى المرحاض ليأخذ حمام دافئ .. فصمتت متفكرة وقدر ادركت ان كلامه بالامس ليس له اى اساس من الوجود .. ولكن من ذلك الذى يدعى بسامح وماذا يوجد بينهم حتى يحاول قتلها ولماذا هى بالاخص !!
***
صعد بالمصعد الكهربائى متجهاً نحو مكتبه فهتفت السكارتيرة الخاصة به قائلة :
_ حمدلله على السلامة يامصعب بيه
احابها فى نبرة متصلبة :
_ قولى لمؤيد يجيلى على المكتب
_ تحت امرك
دلف الى مكتبه وجلس على مقعده وهو يحدق فى اللاشئ بنظرات شرسة فدلف له مؤيد بعد مرور لحظات عديدة وهو يهتف مبتسماً :
_ حمدلله على السلامة ليك وحشة والله
اجابه فى جدية تامة :
_ اقعد يامؤيد وقولى عملت ايه بظبط وازاى مقدرتش تلاقيه هيكون راح فين يعنى
تمتم مؤيد فى جدية مماثلة له :
_ واضح ان اللى عمله مش قليل قولى عمل ايه
مصعب فى خشونة :
_ حاول يقتل رؤية .. ولع النار فى البيت اللى فى شرم انت عارفه وقفل عليها الباب علشان متقدرش تطلع ولو كنت اتأخرت لحظة كان زمانها ميتة دلوقتى
حملق مؤيد به فى ذهول وتمتم فى غضب واضح :
_ ده زودها اوى كده !
تمتم مصعب فى نبرة تحمل فى طيأتها الوعيد :
_ هيروح منى فين مش هينفد بعملته
اجابه مؤيد فى تحذير يحمل الاهتمام :
_ مصعب لو لقيته متتهورش واحد زى ده ميستهلش تلوث ايدك بسببه
صاح به فى غضب عارم :
امال عايزانى اسيبه .. المرة دى ايده طولت ووصلت لمراتى المرة اللى جاية هتطول اكتر وتوصل لاخواتى وبعدها انا .. انا هاخد روحه لو وقع تحت ايدى
***
فى مساء ذلك اليوم اليوم .....
كانت جالسة على فراشها سابحة فى بحر شجونها ... عبراتها تنساب على وجنتيها فى صمت ، لم يتبقى لها احد جميع من تحبهم خسرتهم ... قلبها يعتصر من الالم وينزف دماً كلما تفكر بطلاقها من زوحها وحبيبها ، كيف ستقضى حياتها وحيدة بدونه بعد ان خسرت اخوتها .........
وقد اتخذت قرارها الاخير وانتهى الامر .. امسكت بشريط الدواء الذى بجانبها واخرجت منه حاولى سبع اقراص وامسكت بكوب الماء الموضوع فوق المنضدة وتمتمت فى بكاء :
_ سامحنى يابنى !
_يتبع ...................
_ الفصل الثامن عشر _
حدق بها من مسافة قصيرة وهو يتجه نحوها وفوراً تذكرها ، فهتفت هى فى غيظ عندما توقف امامها :
_ انت بتعمل ايه هنا يا استاذ انت !
اجابها فى نبرة قوية :
_ انتى مستعندانى بقى .. اكيد انتى وحدة من الخدم صح !
صاحت به فى انفعال :
_ خدم فى عينك لتكون اعمى هما الخدم مناظرهم اكده
اجابها فى خنق وإيجاز :
_ اه عندك حق بيكونوا انضف من كده
اشتعلت عيناها كجمرتين من النيران وهى تحدق به فى سخط وهمت بأن تنهال عليه بالسباب اللاعنة فوجدته يهتف بنبرة محذرة :
_ الزمى حدودك معايا يا انسة احسلك
صاحت به فى استياء :
_ هتعمل ايه يعنى ! .. انت لسا متعرفنيش وانصحك انا انك تحترم نفسك معايا بدل ما اندمك
اصدر ضحكة بسيطة وتمتم فى استخفاف :
_ الحقيقة انا متحمس جدا علشان اشوف هتندمينى ازاى .. بس المهم دلوقتى ليث قاعد صح
وجدو ليث يخرج من الباب ويتجه نحوهم فهتف فى صوت رجولى حاد :
_ بتعملى ايه يامودة هنا !!؟
اجابته فى ضيق واضح وهى ترمق مؤيد بنظرات نارية :
_ لا ابدا الاستاذ بس كان بيسألنى عليك ... عن اذنكم
ثم انصرفت مسرعة نحو غرفتها لتخرج شحنة الغضب المترامية داخلها ...... بينما مؤيد فتمتم فى فضول واضح :
_ مين دى ياليث ؟
اجابه فى نظرات ضيقة :
_ ليه !!؟
مؤيد فى هدؤء :
_ لا اصل بشبه عليها
هتف ليث وهو يرفع احد حاجبيه :
_ لا متشبهش لانها اصلا مكنتش هنا يعنى اكيد مش هيا اللى بتشبه عليها
مؤيد فى ابتسامة :
_ ماشى بس مقولتش برضوا مين دى
ليث فى نبرة لئيمة وقوية :
_ فى ايه يامؤيد !!
تجاهل سؤاله وتمتم فى نبرة شبه متأكدة :
_ بنت عمتك صح
ليث فى نظرات دقيقة :
_ اممممم .. ويلا يامعلم علشان منتأخرش
تمتم فى تساءل :
_ ايه انت جاى الشركة
_ ايوه
_ وجيت الملفات معاك
تمتم ليث فى إيجاب :
_ ايوه مصعب كلمنى وقالى
***
فتحت عينها وهى تفركهم بيدها .. بعد ان قضت ليلها من دون ان ينم لها جفن وغفيت من دون ان تشعر بعد ان قضت صلاة الفجر .. وتذكرت ايضا انه لم ينم هو الاخر .... اعتدلت فى جلستها ودرات بنظرها بالغرفة باحثة عنه فلم تجده .. نهضت من فراشها واتجهت نحو المرحاض وغلست وجهها بالماء وتأملته ، كم كان شاحب ولونه يميل الى الصفار ، وعيناها السوداويتين اللامعة من العبارات المتلقلقة فى بؤبؤيهم ... ارتدت نظاراتها واتجهت الى الخارج وجلست على فراشها وبدأت تقول اذكار الصبح وهى شاردة فى شجونها الثائرة .. فانفتح الباب ودلف منه وهو يحمل بيده عدة اكياس لاتعلم مابداخلهم ... اخذت تحدج به بأعين جامدة وثاقبة ، فوضع هو بعض الاكياس امامها وهو يتمتم فى جفاء :
_ خدى جيتلك شوية هدوم بدل اللى اتحرقوا فى البيت
تمتمت فى غطرسة :
_ وحضرتك بقى لحقت تعرف انا بلبس ايه ومش بلبس ايه ... وقبل ما ابص فى الاكياس اصلا لو جايب بنطلونات ابقى رجعهم من مكان ماجبتهم
حدجها بنظرة شرسة وهو يهتف فى نبرة مرعبة :
_ ومين قالك انى هخليكى تلبسى بنطلونات اصلا !
ابتسمت فى سخرية وتمتمت فى امتعاض :
_ هيهمك اوى يعنى .. كده كده انا قريب هطلق
صاح بها فى سخط :
_ انا مش قولت موضوع الطلاق ده تشليه من دماغك نهائى ، متنرفزنيش على الصبح !
صاحت به الاخيرة قائلة :
_ ماتتنرفز انا مالى .. هو انا هخاف منك مثلاً
جذبها من ذراعها اليه وهو يصرخ بها فى صوت جعل جسدها يرتجف :
_ انتى عايزة ايه على الصبح ، عايزة تعصبينى وامد ايدى عليكى
اجابته فى صوت مرتجف قليلاً محاولة اخفائه :
_ مهو ده اللى فالح فيه !
رفع كفه فى الهواء وهم بصفعها فأوقف يده قبل ان تهوى على وجنتها وهو يضغط عليها ويزأر من بين اسنانه ... ثم دفعها بعنف تاركاً اياها فسقطت فوق الفراش ... ثم هبت واقفة وهى تصيح غير واعية لما تقوله :
_ انت كنت عارف ان الحريق ده هيحصل وقفلت عليا الباب قصداً كنت عايزة تقتلنى يامصعب مش كده .. اصله مين هيعمل كده متوقعش ان فى حد ليه مصلحة يعمل كده .. وجبتنى هنا معاك شرم علشان تعمل فيا مابدالك وتعذبنى براحتك صح
حملق بها للحظات عابرة فى صمت خاشع فصاحت به فى صراخ هادر :
_ ساكت ليه ماتنطق ولا ساكت علشان عارف ان كلامى صح
صرخ بها بصوته الجهورى :
_ انتى مجنونة انا لو كنت اتأخرت لحظة كان زمانك دلوقتى ميتة ... ولو انا كنت عايز اقتلك نقذتك ليه وبعدين انا مقفلتش الزفت الباب ده
هتفت فى بكاء حار :
_ اه اعمل نفسك طيب وغلبان ... انت منقذتنيش حباً فيا ولا خوفاً عليا لا نقذتنى علشان تكمل تعذيبك ليا ، انت كلمة بنى ادم اصلا كتيرة عليك .... انت بتضحك يامصعب على نفسك حتى اخواتك واهلك مبتحبهمش عارف ليه ، علشان قلبك الاسود والحجر والبعيد عن ربه ده مستحيل يحب حد ، ده يكره ، يحقد ، يعذب بس مش اكتر
اخذ يحدق بها بنظرات زائغة فى صمت تام ثم تمتم فى ابتسامة ساخرة :
_ عندك حق .. بس انا كده وهفضل كده يارؤية سواء كان عاجبك او لا .. وانا مبسوط بحياتى كده !
ثم استدار وغادر الغرفة متجهاً الى خارج الفندق بأكمله ... انفجرت هى باكية ثم جلست على فراشها وامسكت بهاتفها و اجرت اتصال بفهد فهى فى أشد الحاجة اليه والى سماع صوته .....
اجابها فى نبرة حانية :
_ الو يارؤية ياحبيبتى
اجابته وهى تشهق باكية :
_ فهد !
هتف فى فزع من نبرة صوتها وبكائها :
_ فى ايه يارؤية انتى كويسة
رؤية ببكاء حار :
_ انا كويسة بس انت وحشتنى اوى
اجابها فى نبرة متصلبة :
_ مصعب عملك ايه يارؤية قوليلى ؟
اجابته نافية وهى مستمرة فى بكائها :
_ معملش حاجة انا بس مخنوقة شوية
صاح فى غضب :
_ رؤية متضحكيش عليا انا مش عبيط قوليلى عملك ايه اكيد فى حاجة
رؤية بنبرة متشجنة :
_ مفيش حاجة .. بس امبارح كنا قاعدين فى بيت وحصل فيه حريق ونجدت بصعوبة كنت على ثانية وهموت .. هو ده السبب
اجابها فى هلع :
_ حريق ايه !! ... وانتى كويسة دلوقتى
اجابته فى صوت مبحوح :
_ ايوه الحمدلله بخير
تمتم بنبرة تحمل فى طيأتها الوعيد :
_ اقفلى يارؤية وخمس دقايق وهكلمك تانى
غمغمت فى نبرة ضائعة :
_ ليه ؟!!
فهد فى خشونة :
_ اقفلى بس
***
كان يسير على الشاطئ فى شرود تام ... كانت السماء صافية تزينها قطع سحاب بيضاء ، ولاحت قمم ورءوس النخيل والاشجار مطبوعة على صفحة الماء كأنها لوحة فنان ، تلك الثورة التى تعصف بين ضلوعه وفى ثنايا قلبه تدمر كل شئ ، وتجعله كأنه ارض يباب ! .... تذكر كلماتها وهو يبتسم متغطرساً " انت بتضحك على نفسك حتى اخواتك وعيلتك مبتحبهمش عارف ليه لان قلبك الاسود والحجر والبعيد عن ربه ده مستحيل يحب حد ، ده يكره ، يحقد ، يعذب بس مش اكتر ! "
انتشله من شجونه رنين هاتفه فأخرجه من جيب بنطاله فوجد المتصل فهد ، تنهد بشدة ثم اجابه قائلاً فى اقتضاب :
_ خير
فهد فى نبرة قاسية :
_ وهو من امتى بيجى من وراك خير يامصعب ... عملت ايه لرؤية ؟
اجابه فى هدؤء وتصنع عدم الفهم :
_ عملت ايه !!؟
صاح فهد فى ضراعة :
_ متعملش نفسك عبيط ومش فاهم
اجابه مصعب بنبرة حادة :
_ فهد انا مش رايقلك
قهقه فى استهزاء وتمتم :
_ بجد والله ! ، انا اسف يامصعب بيه بس انت مجبر تروقلى كده ... لما ترجعوا من شرم رؤية هتطلقها غصب عنك .. ولوحصلها اى حاجة لغاية ماترجع القاهرة وترجع بيت ابوها صدقنى مش هتردد لحظة فى قتلك .. الحمدلله ان امبارح عدى على خير والا كان زمانك دلوقتى بتتشاهد على روحك
تمتم مصعب فى هدؤء مخيف :
_ خلصت خلاص .. انت عارف كويس اوى انى مبتهددش ، وموضوع الطلاق ده انسوه تماماً لانه مش هيحصل
هتف فهد فى ثقة :
_ انا من رأى ان الاحسن اننا منستبقش الاحداث صح
ثم انهى الاتصال من دون ان ينتظر منه رد فأشتعلت عينه فى غضب وهو يزأر زئيراً مكتوماً .......................
***
فتحت بهيرة له الباب ، وبمجرد رؤية مالك لابيه هرول نحوه فى سعادة بالغة ، فحمله على ذراعيه وهو يقبله من وجنتيه ، فهتف مالك فى حزن طفولى :
_ وحشتنى اوى يابابا انا عايز ارجع بيتنا
تمتم فى صوت خفيض :
_ ان شاء الله ياحبيبى
ثم انزله وهتف فى هدؤء :
_ روح العب جوه وانا شوية وهجيلك
اؤما رأسه له ثم ركد نحو غرفته فهتف هو محدثاً بهيرة :
_ خير ياحماتى عايزانى فى ايه
بهيرة فى سخط :
_ انت هتطلق صفا فعلا
اجابها فى جفاء :
_ قريب اوى بأذن الله
تمتمت فى نبرة قاسية :
_ لو هتطلقها يبقى طلقها واخلص بدل ماهى قاعدة على امل انك ممكن ترجع فى قرارك ، انت اصلا متستهلهاش !
اجابها فى نبرة قوية :
_ مش انتى يابهيرة هانم الاى هتقوليلى امتى اطلق مراتى وامتى لا .. دى حاجة تخصنى انا وهى
اجابته فى غضب :
_ ومراتك دى مش تبقى بنتى
تمتم مبتسماً فى سخرية :
_ اشك فى كده الصراحة !
هتفت فى نظرة وحشية :
_ كان عندى حق لما كنت رافضة جوازك من بنتى
طارق غير مكتدر لحديثها :
_ سلام يابهيرة هانم انا معايا شغل ومش فاضى ، عن اذنك
كانت تسمع حديثهم ودموعها تنساب على وجنتيها غزيرة فى حرقة شديدة ، وقد تأكدت من قراره والذى لاعودة به وسوف يتمم طلاقهم بالفعل !! ...............
***
كانت تقف بحديقة الڤيلا شاردة الذهن تماماً .... اوقف سيارته بالحديقة وترجل منها فرأها .. تقدم نحوها فى حذر شديد حتى لا تشعر به ، ثم وقف خلفها مباشرة وتمتم بالقرب من اذنها فى ابتسامة :
_ بتعملى ايه ؟!
انتفضت من مكانها وكأن حية قامت بلدغها واستدارت له وهى تصيح به فى سخط :
_ ايه ياليث فى ايه ياخى ! والله بارد
قهقه بخفة وسرعان ماتبدلت ملامح وجهه وتمتم فى غضب مزيف :
_ ايه بارد دى لمى لسانك الطويل ده
اجابته مداعبة وتصنع البرود :
_ ليه شايفه متبعتر
هتف وهو يغمز لها بعينه بنبرة محذرة :
_ مابلاش !
اجابته فى ثقة تامة :
_ مهتقدرش تعمل حاجة
ليث فى جدية :
_ اقدر وبلاش تعاندينى احسن
قهقهت بشدة ثم هتفت مبتسمة :
_ خلاص اهو سكتنا
غمغم مبتسماً فى دفئ :
_ ايوه كده ... يلا بينا علشان انا جعان جدا ، خلينا نشوف سوسو عاملة ايه لينا على الغدا وندوق اكل بتول هانم برضوا
اجابته ضاحكة :
_ نصيحة منى بجولك بلاش
هتف بنبرة جديدة تماماً :
_ ما انا بقول كده برضوا شكلى هروح اعمل غسيل معدة النهردا !
***
دلف الى الغرفة فوجدها جالسة على الفراش وتقرأ فى كتاب القراءن الكريم بصوت عذب ، لم يعيرها ادنى اهتمام وكأنها ليس موجودة .. نزع سترته وفك ازرار قميصه العلوية والقى بجسده على الاريكة وهو يسند رأسه على الحائط ويغمض عينه .. فهتفت فى ازدراء :
_ هنمشى امتى ؟
اجابها فى إيجاز :
_ بكرة
رؤية فى خنق :
_ وليه مش النهردا
اعتدل فى جلسته وحدجها بنظراته المميتة وهو يهتف فى حدة :
_ مش بمزاجك حضرتك وقت ما احب نمشى هنمشى ، وقراراتى متجادلنيش فيها فاهمة
هاهو قد عاد كما كان سابقا يليقها بأوامره ويحدثها بنبرته القاسية والمحذرة
هتفت فى استياء :
_ ومش من حقى ليه يامصعب مجادلكش فى قراراتك هى مش اللى معاك دى بنى ادمة ولا حيوانة زى ماتقولها اعملى تعمل حتى لو قولتلها اقتلى نفسك !
تمتم فى هدؤء قاسى :
_ بظبط حيوانة كل اللى عليها تنفذ الاوامر وبس
صاحت به فى غضب هادر :
_ بس انا مش حيوانة يامصعب تهين وتذل فيها براحتك ، ومش هسمحلك تهينى تانى
تمتم فى برود مستفز :
_ انا مش بهينك انتى اللى بتهينى وتذلى نفسك ، لما كل ما اقول حاجة تعلقى وتجادلى فيها لو تسكتى وتحطى لسانك جوه بوقك كله هيتحل
اجابته متغطرسة :
_ وانت هتغلط نفسك ليه طبيعى هتغلطنى انا !
مصعب بنبرة التحذير :
_ رؤية خلى يومك يعدى على خير لغاية مانرجع بكرة وياريت لو تحطى جزمة فى بوقك ومسمعش صوتك خالص مفهوم
ثم فك بقية ازرار قميصه ونزعه واتجه نحو المرحاض .... فتح صنبور الماء ووضع رأسه اسفله وكانت جملتها تتردد على مسامعه " كنت عايز تقتلنى يامصعب مش كده اصل مين هيعمل كده معتقدش ان فى حد ليه مصلحة فى كده "
ضرب بقبضة يده على الحائط بشدة فى خنق لدرجة انها المته قليلاً ................
***
جلس الجميع على طاولة الطعام وبدأو فى الاكل ... مرت دقائق قليلة حتى هتفت سندس مبتسمة :
_ هاا ايه رأيك فى الاكل عاد ياليث
اجابها مداعباً :
_ اى حاجة من ايدك حلوة ياسوسو .. بس واضح جدا ان بتول حاطة التاتش بتاعها ماشاء الله حاجة كده فخيمة
انفجرت ضاحكة هى وسندس ثم هتفت من بين ضحكاتها :
_ جولتلك بلاش تاكل ، بص ياليث انت خليك فى اكل امى ومتقربش من اللى تبعى علشان متحصلش خساير بس
تمتم فى مرح :
_ واضح انى هعمل كده للاسف بس هاكل وامرى لله اهو نرفع شوية من معنوياتك
هتفت سندس محدثة مودة فى استغراب :
_ مالك يامودة يابتى ؟!!
اجابتها فى ابتسامة مزيفة :
_ مفيش حاجة يا امى
سندس فى نبرة جادة :
_ امال مبتكاليش ليه !؟
مودة فى هدؤء :
_ باكل اهو
كلما تتذكر ذلك الرجل ( مؤيد ) تستشيط غضباً وتغلى الدماء فى عروقها .. كانت تود لو انا استطاعت تلقيه درساً لا ينساه .. حدثت نفسها متوعدة فى صوت باطنى " بس اشوفك تانى وهخلى نهارك ليل "
***
مر اليوم سريعاً كأنه ساعة .. كان كل منهم يتجنب الاخر لان اذا تحدث احد منهم فسيجرح الاخر بكلماته القاسية ..........
وفى صباح اليوم التالى كانت تستعد وترتدى ملابسها للذهاب والعودة الى القاهرة .. ارتدت تلك الملابس الذى جلبها لها بالامس .. كانت عبارة عن عبائة تشبه فستان السهرة .. كانت من اللون النحاسى ويزينه حجابها الذى من اللون الابيض .. احست بالنفور منها فلم تتعود على ارتداء هذا النوع من الملابس ولا تلك الالوان ... خرجت من المرحاض بعد ان انتهت فهب هو واقفاً والقى اليها نظرة متفحصة من اعلاها الى اسفلها بأعين جامدة ثم تمتم فى برود تام :
_ يلا
وأشار لها بيده ان تتقدم امامه ................
استغرق الطريق ساعات عديدة حتى وصلوا الى المنزل .. ثم دلفو الى الداخل فهرولت حياة تجاه رؤية وهى تعانقها بشدة وتهتف فى شوق :
_ وحشتينى اوى والله يارؤية
رؤية فى ابتسامة دافئة :
_ وانتى اكتر والله ياحياة
ثم اجابتها فى مداعبة وهى تغمز لها بعينها :
_ ايه الحلاوة دى بس اكيد ده زوق مصعب صح اصل انا عارفة زوقه كويس اوى
اصدرت تنهيدة حارة فى تأفف فهتفت سندس فى حنو :
_ حمدلله على سلامتكم ياولدى
هتفت حياة فى ابتسامة صادقة :
_ والله البيت كان وحش من غيرك يامصعب
اصدر ضحكة بسيطة وهو يتمتم :
_ قصدك كان حلو ، اكيد كنتى ماخدة راحتك وتتطلعى وتدخلى على مزاجك
حياة فى غطرسة :
_ براحتى فعلا .. ليث كان قاعد على فكرة وانت وهو فولة واتقسمت نصين دماغكم متربسة
اجابها فى تساءل :
_ هو فين !؟؟
سندس :
_ راح الشركة
تمتم فى جدية :
_ انا هطلع اغير هدومى واخد دش واروح اشوف شغلى
اجابته سندس فى بساطة :
_ علطول اكده ياولدى طاب اتغدى حتى
اجابها فى ضيق واضح :
_ مش عايز .. اتغدو انتو !
ثم صعد الدرج متجهاً نحو غرفته .. فرمقت سندس رؤية بنظرة دقيقة وهتفت فى حنو :
_ روحى ورا جوزك يابتى شوفيه يمكن عايز حاجة
حدقت به رؤية فى ذهول من كلماتها الغريبة تلك فهتفت هى فى نبرة حادة :
_ بتبصى اكده ليه يلا اتحركى !
مسحت على وجهها فى تأفف ثم اتجهت خلفه وهى تتمتم ببعض الكلمات الساخطة .. فهتفت حياة فى تعجب شديد :
_ ايه ياعمتى انتى بتتكلمى كأنك متعرفيش وضعهم يعنى
اجابتها فى ابتسامة واثقة :
_ بس يابت اكتمى انا عارفة انا بعمل ايه زين
اجابتها حياة فى مداعبة :
_ اه ياخبيث انت
فقهقهت بشدة على مداعبتها لها ..............
***
وقبل ان تفتح الباب سمعت صوته وهو يتحدث فى الهاتف قائلاً فى ضجر :
_ يعنى ايه ملقتهوش يامؤيد هيكون غار فين
مؤيد بهدؤء متعجب :
_ معرفش الرجالة قلبوا عليه البلد ملوش أثر !
صاح فى توعد :
_ سامح هجيبه لو كان تحت الارض .. فاكر نفسه هيقدر ينجد منى بعد عملته **** .. اقفل انا جاى الشركة دلوقتى
مؤيد فى إيجاب :
_ طيب
فتحت الباب ودلفت الى الداخل وهى تهتف فى هدؤء ونبرة متسائلة :
_ هو سامح ده اللى حاول يقتلنى !؟
رمقها بنظرة ساخرة وهو يهتف :
_ لا وانتى الصادقة انا اللى كنت عايز اقتلك مش ده كلامك ، اتغير ليه دلوقتى ؟
هتفت متجاهلة جملته :
_ مين سامح ده وعايز ايه منك علشان يحاول يقتلنى
حملق بها لثوانى فى صمت ثم اصدر تنهيدة حارة واتجه نحو المرحاض فهتفت فى سخط :
_ انا مش بكلمك !!
هتف فى جفاء :
_ انا مش فاضى للكلام ده .. خليكى مقتنعة برأيك الاولانى افضل !
ثم تركها ودلف الى المرحاض ليأخذ حمام دافئ .. فصمتت متفكرة وقدر ادركت ان كلامه بالامس ليس له اى اساس من الوجود .. ولكن من ذلك الذى يدعى بسامح وماذا يوجد بينهم حتى يحاول قتلها ولماذا هى بالاخص !!
***
صعد بالمصعد الكهربائى متجهاً نحو مكتبه فهتفت السكارتيرة الخاصة به قائلة :
_ حمدلله على السلامة يامصعب بيه
احابها فى نبرة متصلبة :
_ قولى لمؤيد يجيلى على المكتب
_ تحت امرك
دلف الى مكتبه وجلس على مقعده وهو يحدق فى اللاشئ بنظرات شرسة فدلف له مؤيد بعد مرور لحظات عديدة وهو يهتف مبتسماً :
_ حمدلله على السلامة ليك وحشة والله
اجابه فى جدية تامة :
_ اقعد يامؤيد وقولى عملت ايه بظبط وازاى مقدرتش تلاقيه هيكون راح فين يعنى
تمتم مؤيد فى جدية مماثلة له :
_ واضح ان اللى عمله مش قليل قولى عمل ايه
مصعب فى خشونة :
_ حاول يقتل رؤية .. ولع النار فى البيت اللى فى شرم انت عارفه وقفل عليها الباب علشان متقدرش تطلع ولو كنت اتأخرت لحظة كان زمانها ميتة دلوقتى
حملق مؤيد به فى ذهول وتمتم فى غضب واضح :
_ ده زودها اوى كده !
تمتم مصعب فى نبرة تحمل فى طيأتها الوعيد :
_ هيروح منى فين مش هينفد بعملته
اجابه مؤيد فى تحذير يحمل الاهتمام :
_ مصعب لو لقيته متتهورش واحد زى ده ميستهلش تلوث ايدك بسببه
صاح به فى غضب عارم :
امال عايزانى اسيبه .. المرة دى ايده طولت ووصلت لمراتى المرة اللى جاية هتطول اكتر وتوصل لاخواتى وبعدها انا .. انا هاخد روحه لو وقع تحت ايدى
***
فى مساء ذلك اليوم اليوم .....
كانت جالسة على فراشها سابحة فى بحر شجونها ... عبراتها تنساب على وجنتيها فى صمت ، لم يتبقى لها احد جميع من تحبهم خسرتهم ... قلبها يعتصر من الالم وينزف دماً كلما تفكر بطلاقها من زوحها وحبيبها ، كيف ستقضى حياتها وحيدة بدونه بعد ان خسرت اخوتها .........
وقد اتخذت قرارها الاخير وانتهى الامر .. امسكت بشريط الدواء الذى بجانبها واخرجت منه حاولى سبع اقراص وامسكت بكوب الماء الموضوع فوق المنضدة وتمتمت فى بكاء :
_ سامحنى يابنى !
_يتبع ...................
