اخر الروايات

رواية تحالف الاقدار الفصل السابع 7 بقلم دنيا احمد

رواية تحالف الاقدار الفصل السابع 7 بقلم دنيا احمد 


{الفصل السابع} {بداية الصراع }

                                              
 يارب تكونوا بخير نظرا لأني الفصل بيكون مرة واحدة في الأسبوع اللي هي كل جمعة بأذن الله فبكتب الفصل يكون كبير بحيث يكون مرضي و كافي  ، فصل انهاردة طويلة مهم جدا بالنسبة لحبكة يونس و جميلة و أدهم و اقدر اقول إني من أول الفصل ده أحنا دخلنا في عمق الحبكات دي فهكون حابة جدا اعرف رأيكم فيها بعد الفصل ان شاء الله 

+


و ان شاء الله الجاية هحاول انزل فصلين في الأسبوع بأذن الله  قرأة ممتعة و يارب يكون الفصل مرضي و عند حسن ظنكم 

+


عند أدهم

+


توسعت عيون ريهام بذعر بعد أن شعرت بارتخاء جسد أخيها و ثقله فوق ساقيها ، مدت أناملها المُرتعشة تمسد فوق خصلات أدهم و وجهه بحنان و هي تهتف بنبرة مهتزة بدموع : أدهم يا حبيبي فوق علشان خاطري 

+


طالعت إياد برعب و هي تهتف برجاء : إياد أدهم بيروح مني 

+


مسد إياد بيده فوق كفها و هو ينبس بثقة يُطمئنها و هو يُزيح الدموع من فوق وجهها بحنان : حبيبتي بعد الشر عليه هو بخير ده طبيعي مكان الجرح و النزيف خلاص كلها دقايق و هيكون بسام هنا طول ما أحنا جنبه و أنتِ معاه بخير هو مش هيضعف و هيحارب زي ما طول عمره بيحارب علشانك و عشاننا 

+


ثم أكمل و هو يُبعد غرتها التي انزلقت فوق جبهتها و أعينها : أنتِ مش ضعيفة و مينفعش تضعفي علشان خاطر هو يكون تمام اتفقنا 

+


هزت رأسها بموافقة و هي تُزيح دموعها حركت رأسها بإيجاب أكثر من مرة و هي تنحني تلثم جبهته بدفئ و هي تهتف بارتعاش : حبيب أختك أنت هتبقي تمام أنا معاك و أنت وعدتني إنك مش هتسبني و عارفة إنك بتنفذ وعدك 

+


نهض إياد بسرعة يتجه نحو باب المنزل حين استمع لدق الباب و لحقه صوت بسام لُيطمئنهم أن الطارق ليس شخصًا سواه 

+


دلف بسام برفقة إياد بخطوات متعجلة إلي غرفة أدهم و هو يحمل بيده حقيبة أدوات طبية 

+


هتف إياد بنبرة مُتسائلة بقلق : حد كان وراك و أنت جاي 

+


هز بسام رأسه بنفي و هو يقترب من أدهم بعد أن أخرج معداته و ارتدي القفزات الطبية و هو ينبس : متقلقش عملت زي ما أدهم قالي و كل حاجة تمام محدش كان ورايا ولا حد عارف المكان ده 

+


هتفت ريهام بنبرة مُتسائلة بخوف : بسام طمني الجرح عميق و لا سطحي 

+


تنقل بسام بنظره تجاه ريهام و هو يُطالعها بإبتسامة مهتزة جاهد أن يُبقي خلفها خوفه و رعبه علي الرغم من كونه طبيب ألف رؤية الجروح و الدماء إلا أن المكروه الذي يُصيب عائلته يُعيده لنقطة الصفر من جديد كطفل ألف الفراق و لم يعتد علي ألمًا سواه و يواجهه مجددًا في هيئة أقرب الأشخاص لقلبه بعد موت والديه ، أدهم كل ما تبقي له في الحياة 

+



                                          
هتف بنبرة حنونة : متخافيش يا حبيبتي هيبقي زي الفل أنا أساسا مش هسيبك غير لما يبقي تمام لا أحنا نقدر نعيش من غيره و لا هو يقدر من غيرنا بس يلا اطلعي أنتِ و جوزك برة علشان اعرف اشوف شغلي 

+


اقترب إياد يحاوط ذراعي ريهام بحنان يسحب جسدها بعيدًا عن أدهم بهدوء و هو ينبس برجاء حنون : يلا يا ريهام يا حبيبتي مش عايزين نعطل بسام و هو لو احتاج حاجة هينادي علينا يلا يا حبيبتي متخافيش 

+


اقتربت ريهام تحيط كف أخيها البارد تلثمه برفق كأنه تلثم كفي صغيرها و هي تهتف برجاء ولازالت عيونها عالقة بأخيها الفاقد لوعيه فوق الفراش : بسام براحة عليه و خد بالك منه علشان خاطري 

+


اومأ بسام بموافقة و هو يبتسم بإرتباك يراقبها و هي تخرج رفقة إياد و علي الرغم من أن حتي ظلها اندثر عن الغرفة حين ابتعدت عنها تمامًا برفقة إياد إلا أنها تركت قلبها و عقلها بالغرفة و خاصة عند أخيها عدستيها المتعلقين بهم اندثر أثرهم و لكن قلبها و عقلها كانوا رفقة أخيها و ظلوا متعلقين به علي الرغم من اندثار أثرها 

+


في منزل عائلة الهواري 

+


دلف يونس إلي غرفته و هو يرتدي حُلة باللون الأسود، وقف أمام المرآة يهندم ثيابه و يضبط أطراف قميصه الأسود رفع عيونه يراقب هيئته بشرود ، تلك الُحلة تناسقت تمامًا مع شخصيته هادئة حكيمة و تحوي بداخلها الغموض الكافي ليجعل يونس الهواري لوحة غير مفهومة بسهولة إلا لمن اختاره برغبته 

+


زفر أنفاسه بتهمل و هو يتمتم ببعض الأذكار كعادته قبل أن يقتحم عالم جديد و خاصة حينما يكون علي علم بأنه علي أعتاب حرب دامية نهايتها و نتيجتها غير معلومين لكل أطرافها 

+


خرج من غرفته و هو يراقب عاصم و يحيي الذي كانوا ينتظروه أمام غرفته و كل منهم يرتدي حُلة رسمية باللون الأسود يونس تماما 

+


اتسعت إبتسامة يونس بحب و راحة تخللت ملامحه حين راقب أخوته علي أتم الاستعداد لاقتحام ساحة المعركة برفقته فهو و عائلته لم يعتد يومًا أن يقود المعارك بمفرده ، تلك العائلة لم تعد يومًا علي الوحدة فالحرب مع شخص منهم هي حرب مع عائلة الهواري بأكملها 

+


هبط ثلاثتهم معا و اتجهوا سويًا لمكتب جدهم كانت دخولهم علي عائلة مدحت دخول مهيب ، ثلاثتهم كانوا في كامل أناقتهم بالهيبة و الطلة الرجولية ، تلك الصفات التي كانت دائمًا مقترنة بعائلة الهواري و من شيم تلك العائلة التي توارثتها الأجيال 

+


طالع يونس عم جميلة {نبيل } و ذلك الشاب الذي بجانبه ، راقب حركتهم بهدوء و هو يطالع نبيل الذي انتصب واقفًا و هو يمد يده ليونس بهدوء 

+



        

          

                
مد يونس يده وهو يقبض فوق كف نبيل هاتفًا بنبرة هادئة بجدية : البقاء لله مع حضرتك يونس الهواري حفيد عامر الهواري الكبير و ده عاصم الهواري و يحيي الهواري أولاد أعمامي و أخواتي

+


ثم أكمل بلباقة و هو يجلس فوق المقعد بأريحية : طبعا بعتذر لحضرتك عن التأخير لكن كان لازم اتأكد إنكم فعلا أعمام جميلة ده أولًا ثانيًا طبعا جدي و أعمامي كانوا يحبوا جدا يكونوا موجدين لكن لظرف طارئ بخصوص الشغل هما مش هنا حاليًا فتقدر تعتبروني المسؤول و عامة آنسة جميلة نازلة بنفسها علشان تطمنوا عليها بنفسكم 

+


نبس نبيل بنبرة هادئة  مُشابهة لنبرة يونس : طبعا أنا بشكرك علي ذوقك و متفهم ظروف العيلة كفاية إنكم حافظتوا علي جميلة لحد دلوقتي خصوصا في الأحداث اللي حصلت و كل الدربكة دي ده جميلة عمرنا ما نقدر ننساها ليكم بس ده المعروف عنكم من زمان إنكم عيلة شهامة و كرم 

+


ثم أكمل بنبرة حزينة : أهم حاجة إني اخد بنت أخويا في حضني و اخدها معايا علشان أكون مطمن عليها هي اللي باقية ليا من ريحة المرحوم 

+


تنهد يونس بهدوء و هو ينبس بهدوء و عيونه تراقب ملامحهم بتمعن : أنا مقدر كل اللي حضرتك بتقوله و متفهم جدا

+


أكمل حديثه بنبرة جادة بحزم :  بس أنسة جميلة مش هتخرج من بيت الهواري تحت أي ظرف 

+


هتف هيثم و الذي كان شاب في عمر مماثل لعاصم بنبرة خانقة تخللها التهكم : ليه مخطوفة 

+


لاحت ابتسامة متهكمة فوق ثغر عاصم و هو يهتف ببرود : إطلاقًا أنسة جميلة وسطنا هنا بكامل حريتها و بخير و أمان وسطنا و أنت هتشوف كدة بنفسك حالًا و عندها بدل الراجل أربعة يحموها 

+


هتف يونس بنبرة جادة بثبات : أنسة جميلة هنا لأني والدها وصاني بده ده أولًا و انتوا طيعا فاهمين إني أخو حضرتك مات مقتول و أنها في خطر و لسة هيكون فيه تحقيق بخصوص الحادثة و محتاجينها فيه أنا هنا زي ما حضرتك شايف اقدر احميها سواء من الخطر ده أو من الصحافة اللي عاملة عليها حرب ولو خطت خطوة من غير حساب هتكون في خطر و في مواجهة حاجات أكبر منها بكتير

+


و علي الرغم من الغضب الذي تجمهر في قلب نبيل و شعوره بأن غنيمة حربه الذهيبة التي لم يتكبد بها أي عناء بل أتت له علي طبق من ذهب علي وشك أن يختطفها شخص آخر و يسطو عليها نبس بنبرة هادئة دثر خلفها تلك الصراعات بمهارة شخص اتقن النفاق : أنا فاهم اللي بتقوله و اهتمامكم بكل ده يثبت إنكم فعلا عيلة شهامة و كرم لكن دي مش أصول دي بنت أخونا و تلزمنا أحنا و كل اللي يخصها ميصحش في وجود أهلها أنتوا اللي تكونوا مسؤولين عنها و عن اللي يخصها و تكون وسط خمس شباب أغراب و أنتوا أحسن من يفهم في الأصول 

+



        
          

                
هز يونس رأسه بإيجاب و هو يُجيبه بنبرة ثابتة جادة لم تهتز علي الرغم من حديث نبيل المنمق بكلام من أصل الواقع قادر فعلًا علي تغير كل شئ و لكن ليس في حالة مجابهة يونس الهواري : و علشان أحنا بنفهم في الأصول أنا بقول لحضرتك إني جميلة مسؤولة مني بحكم كلام والدها قبل ما يموت و وضعها من ناحية الأمان و القضية بيقول أنها لازم تفضل هنا و لأنها مسؤوليتي أنا استحالة اعرضها للخطر أو اكسر وصية والدها و زي ما حضرتك شايف هي هتكون موجودة في بيت عيلة مش أحنا بس اللي فيه و في وجودها كلنا هنلتزم أوضنا 

+


نبس هيثم بنبرة مُتسائلة بخنق : و كل ده هيفضل لحد امتي هي لازم تتعود علي وضعها الجديد و هي أنها معانا أنما كدة لا هي معانا و مطمنين أنها في أمان حتي أملاك عمي مش عارفين نتصرف فيها و لا حتي نفتح الوصية علشان نتصرف في الأملاك أنت راجل أعمال  و فاهم لو ده محصلش هيكون في خساير قد ايه و جميلة معندهاش خبرة و مش هتقدر تتصرف لازم نحميها و نحمي أملاك عمي و شقا عمره 

+


أردف يحيي بثقة يُجيبه : مش عايز حضراتكم تقلقوا من النقطة ده تمامًا عقبال الوقت ده مجلس إدارة الشركة بتاعة أستاذ مدحت الله يرحمه هتكون هي المسوؤلة عن إدارة الشركة و الأملاك لحد ما تقدروا تفتحوا الوصية و تمشوا في الإجراءات و طبعا لو احتاجتوا مساعدتنا العيلة كلها معاكم 

+


أكمل يونس الحديث بحزم : أنسة جميلة هتفضل هنا لحد الوصية و بعدها أكيد كل واحد هيعرف وضعه الجديد و هيمشي بناء عليه و أنا كمان أكون عملت اللي عليا و مطمن عليها و طبعا لو تحبوا كل يوم تيجوا تشوفها محدش يقدر يمنعكم و أنا برضو هجيبها دلوقتي تطمنوا عليها و تسألوها بنفسكم هي حابة ايه و اللي تقوله هيمشي هي في بيتها و مش وسط أغراب 

+


نهض يونس و هو يخرج من الغرفة يتابع جميلة التي ارتدت ملابس يارا التي كانت عبارة عن بنطال واسع و بلوزة باللون الأسود و فوقهم معطف الشتوي من نفس اللون 

+


راقب ملامحها التي لازالت باهتة شاحبة ، لم يختفي أثر الدموع من عيونها بل عادت من جديد تموج داخل عدستيها و يدها التي كانت تحيط ذراعها الآخر بإرتعاش 

+


هتف بنبرة هادئة كأنه يُحادث طفلة صغيرة يحاول احتوائها و تهدئتها بلطف : أنا عارف إنك تعبانة بس هما لازم يطمنوا عليكي و يعرفوا بنفسهم إنك عايزة تفضلي هنا و لو حسيتي نفسك تعبانة قومي علطول ارتاحي في الأوضة فوق  و دكتور أحمد انهاردة هيجي علشان خاطر يطمن علي الجروح و دراعك 

+


ثم أكمل بنبرة مُتسائلة بلطف : تحبي اكلمه يجي بدري 

+


هزت رأسها بنفي و هي تهتف بقلق : هما قالوا ليك إني بابا كان مقاطعهم من سنة 

+



        
          

                
علي الرغم من صدمته إلا أنه كان بارعًا في إخفائها خلف قناع الهدوء و هو يُجيبها : بصراحة لاء بس أنتِ أكيد فاهمة أنه ظرف استثنائي هما كمان ميعرفونيش كفاية علشان يقولوا ليا حاجة زي كدة و عمومًا أنتِ كدة كدة هتفضلي معانا متخافيش أنا بس عايزهم يطمنوا إنك هنا تمام 

+


خرج عاصم برفقة يحيي من الغرفة وقفوا علي بُعد مسافة من جميلة ، هتف عاصم بإحترام تخلله اللين كأنه يحادث يارا ابنة عمه : أنسة جميلة أهلك عايزين يطمنوا عليكي أحنا قولنا نسيبك معاهم علشان تتكلموا براحتكم 

+


تنقلت بعيونها بينهم بخوف و هي تزفر أنفاسها بإضطراب ، هتف يحيي بنبرة هادئة : متقلقيش عنينا كلنا هتفضل عليكي و لو حصلت أي حاجة تضايقك أو حسيتي نفسك عايزة تطلعي هتلاقينا فوق راسك متخافيش   

+


عند أدهم 

+


اقتربت ريهام بحزن و هي تحاوط وجه إياد بكفيها بحنان و عيونها تراقب ملامحه بحزن مررت أنامله برقة فوق ذلك الجرح الذي كان بجانب شفتيه و تلك الكدمة أسفل عيونه التي تلونت باللون الأزرق و البنفسجي و هي تهتف بتساؤل حنون : بتوجعك يا حبيبي 

+


رفع كفه يحاوط كفوفها التي تحاوط وجهه و هو يلثمهم بدفئ و هو يُجيبها بنبرة هادئة : أنا بخير متخافيش 

+


ثم أكمل بمزاح يُشاكسها : المهم بس يكون شكلي مبقاش وحش أوي لحسن تبطلي تحبيني 

+


اتسعت ابتسامتها بهيام و هي تمسد بأناملها برفق فوق موضع جروحه و هي تهتف بنبرة مُرتعشة بحب : أنت أساسًا مفيش أحلي منك بالذات في عيوني عمري ما ممكن ابطل أحبك يا إياد كفاية إني بكون معاك مطمنة كفاية حنيتك عليا 

+


نبس بنبرة مُتسائلة بحزن و هو يطالع عدستيها بتمعن : ياتري لسة حاسة بالأمان ده بعد اللي حصل انهاردة أنا أسف لأني قصرت في حمايتك 

+


اقتربت منه تعانقه بقوة و هي تحاوط عنقه استندت برأسها فوق كتفه هاتفة بارتعاش : أنت عمرك ما قصرت في حمايتي و اللي حصل انهاردة مكنش ذنبك و لا تقصير منك الناس دي غدارة يا إياد ده عالم كله شر محدش قده و لا كبير علي غدره كفاية عندي إني كنت واثقة إنك هتفضل جنبي و هتحميني كل خوفي كان عليك أنت إياد حبيب طفولتي اللي بينقذني و يحميني من بعد اللي حصلنا أنت أول حد احس معاه بالأمان بعد أدهم أنت حبيبي 

+


مد ذراعيه يحاوطها بقوة و هو يضمها لأحضانه بعمق ، مسد بكفيه فوق ضهرها و خصلاتها بلطف مُردفًا بنبرة دافئة : و أنتِ حبيبة قلب إياد و بنته اللي كبرت علي ايده و كل حاجة اتسرقت منه أنتِ حبيبة العمر كله يا ريهام 

+


ابتعد عنه يُزيل الدموع العالقة بأهدابها يُراقب ملامحها بهيام و هو يهمس بلطف يهدهدها كما لو أنها لازالت تلك الطفلة الصغيرة : أوعي تخافي طول ما أنا موجود أدهم هيكون زي الفل أدهم أقوي مننا كلنا و عمره ما هيسبنا أحنا مرينا باللي أصعب من ده و هنقدر نعدي كل حاجة متخافيش

+



        
          

                
استندت برأسها فوق صدره تحاوطه بقوة ، أغمضت عيونها و هي تبكي بإنهيار ، لا تعرف لما دومًا الكلمات الحنونة تذكرها دائمًا بأنها ليست بخير ، ذلك الحنان مهلك لذكرياتها التي لم تتعافي منها و ألالام قلبها التي لم تعرف طريق التشافي 

+


استمرت في نوبة بكاء لم يقطعها سوي شهقات باكية ، تلك النوبة التي اجتاحتها و جعلتها تسقط مُستسلمة بين أحضان إياد حبيبها الأول و الآخير 

+


تنهد إياد بحزن بعد أن أدرك أنها لم تكون تشكو خوفها علي أدهم فقط بل تشكو له قسوة الماضي بحقها و ثقل جروحه فوق روحها التي لم تعد تتحمل ، يبدو أن قلبها الواهن لم يعد يتحمل قساوة القدر لها و لكل من يخصها 

+


مسد فوق ضهرها بلطف يربط فوقه و هو يهتف بثبات تخلله نبرته الحنونة الموجهة لها طوال الوقت : اهدي يا حبيبتي ريهام أنتِ عارفة إني من يوم ما جيتي و أنتِ أغلي و أرق حاجة في العيلة لو شوفناكي مش بخير أنا و أدهم و بسام كلنا هنقع محدش هيقدر يكمل و يرفع ضهره 

+


رفعت ريهام رأسها ترمق إياد بنظرات لازالت لامعة بالدموع و لكنها كانت تراقبه باستفهام و هي تنبس بنبرة مبحوحة : لدرجة اللي تخلي أدهم بقا قاتل علشان خاطري 

+


مرر أنامله من جديد يمسح دموعها برفق و هو يُجيبها بثبات و يده الآخري تداعب خصلاتها : للدرجة اللي تخلينا نبقي قاتلين بالذات لما يكون الراجل اللي فكر يمس شعرة منك أنتِ كدة للدرجة اللي تخلي الزمن لو رجع بيا  أنا و أدهم ألف مرة كنا هنقتله و من غير ذرة ندم 

+


في منزل عائلة الهواري 

+


تنهدت جميلة بخوف قبل أن تخطو بخطوات قلقة لداخل المكتب في مواجهة لم تكن في حسبانها ابدًا ، عائلة والدها التي لم تشعر يومًا بالارتياح وسطهم أو حتي الانتماء لهم و هي برفقة والدها و لكن الآن القدر بوضعها في مهب الرياح في مواجهتهم بمفردها ، هي الأن غنيمة الحرب التي وقعت في سطوتهم بكل أملاك والدها و أمواله ، هي و كل ما جهد والدها الأن بين سطوتهم 

+


اقترب منها نبيل بخطوات مُتعجلة يضمها لعناقه و هو يهتف بنبرة متأثرة : حبيبة عمك اللي باقية من ريحة الغالي 

+


وقف يونس و عاصم و يحيي معا يراقبوا ما يحدث بالغرفة بأعين مترقبة بتمعن ، وقف يونس يتابع بعدستيه بترقب صقر يتابع بهدوء و تركيز كل ما يحدث حوله ليختار الوقت المناسب لاقتحام المعركة الذي هو قائدها ، تابع جميلة التي تقف بجسد مشدود لم يرتخي في عناق عمها حتي أنها لم تستطع أن ترفع ذراعيه و تحاوط عمها 

+


يبدو أن زيف عناقه لم ينطلي علي قلبها الذي لم يألف سوي الصدق و الحنان و الدفئ ، لذلك زيفه لم يقنعها ، ابتلعت لعابها و هي تشعر بغصة البكاء التي احتلت حلقها حين شعرت بالخواء من حولها ، تشعر نفسها وحيدة وسطهم بدون والدها تحتاج و لدفئه ، وجوده هو من سيجعل شعور الدفئ الذي تسرب من قلبها يعود من جديد 

+



        
          

                
ابتعدت عنه بوهن و هي تراقبهم بشفاه مُرتجفة تحاول أن تُخفي بوادر انهيارها عنهم 

+


زفر يونس أنفاسه بخنق و هو يري ملامحها التي أصبحت شاحبة أكثر و جسدها الذي بات يرتجف هتف بهمس مُختنق : شكلها تعبت أنا هدخل اخدها علشان تطلع 

+


حاوط عاصم ذراع يونس و هو يهمس بتحذير : اصبر يا يونس خلينا نشوف هيقولوا ليها ايه هيتعاملوا معاها إزاي يمكن نفهم حاجة من العيلة غريبة الأطوار دي أنا أساسًا شاكك فيهم و بعد الكلام اللي البنت قالته شكيت فيهم أكتر 

+


نبس يحيي بهمس مماثل و عيونه تراقب ما يحدث بالداخل : عاصم عنده حق هما ناس مش مريحة و تحس أنهم ناوين علي نية ليها خلينا نفهم يا يونس 

+


نهض هيثم من فوق الأريكة و هو يجلس علي الإريكة التي جلست جميلة فوقها اقترب منها يحاوط ذراعها و هو يهتف بحزن : جميلة يا حبيبتي مش متخيلة أحنا لما سمعنا اللي حصل مش متخيلة حالتنا كانت إزاي مهما كان الخلاف اللي بينا وبين عمي حاجة بسيطة أحنا غلطنا إني سبنا الزعل يكبر ما بينا لكن عمرنا ما كرهناكم لا أنتِ و لا عمي الله يرحمه 

+


ثم أكمل و هو يحاوط ذراعيها يضغط فوقهم و هو يكمل حديثه بحزن : بس أحنا مش هنسيب الغلطة دي تتكرر تاني و هناخد بالنا منك أنتِ هتكوني معانا في أمان 

+


سحبت جميلة ذراعها بألم امتزج بالنفور و هي تنبس بنبرة مُختنقة : ابعد ايدك عني لوسمحت

+


أغمضت عيونها بألم من قبضته فوق ذراعها و هي تبتعد بجسدها بأكلمه عنه ، أخرجت أنفاسها بإضطراب و هي تغمض عيونها بخنق و كأن ذلك المكان بأكلمه يجثو فوق أنفاسها يهدد بخنقهم 

+


فتحت عيونها التي لمعت بدموع مُختنقة ، ابتلعت لعابها مرة آخري تقاوم تلك الغصة هي لم تنتمي يومًا لهم لتنال حريتها وسطهم ، هم الوجوه التي لم تأمن غدرهم يومًا لذا هي لازالت تتمسك بحبال الثبات الواهنة التي علي وشك أن تنفلت من يديها و تسقط في بئر الإنهيار

+


تنفست مرة آخري بإضطراب و هي تطالع عمها الذي جلس علي الجهة الآخري بجانبها علي الإريكة فأصبحت تتوسطهم تنقلت بنظرها تطالع عمها الذي عاد من جديد ينبس بنبرة قلقة يحاول اللعب علي أوتار تعلقها بوالدها بزيفه الذي لم يفارقه يومًا : حبيبتي أنتِ مش متخيلة أحنا قلقانين عليكي قد ايه أنتِ في خطر كبير أوي الناس اللي قتلوا مدحت أكيد عايزين يقتلوكي و الصحافة عمالة تطلع أخبار لازم تيجي معانا 

+


نبس هيثم بنبرة ممُاثلة لوالده و هو يتقرب منها من جديد كأنه يبث السموم في عقلها من جديد يحاول تشكيل تلك القطة الصغيرة كما يريد : أحنا أولي بيكي من الغريب تخيلي دول مصممين إنك تفضلي معانا لحد ما نفتح الوصية بعد دفن عمي إزاي نأمن عليكي وسط خمس شباب 

+



        
          

                
ثم أكمل بهدوء : مش يمكن واحد منهم حاطط عينه عليكي و طمعان فيكي دي عيلة كبيرة  و معروف عنهم الجبروت تلاقيهم فاكرين إنك لوحدك و محدش هيقف ليهم 

+


همس عاصم بسبة غاضبة و هو يردف بغضب : والله كنت حاسس شوف بيخوفوا البنت إزاي و بيضغطوا عليها 

+


تنقلت جميلة بعيونها بينهم بأعين متسعة بصدمة تخللها الألم من قسوة حديثهم بحقهم ، من يسمعهم من خارج الغرفة لن يستطع أن يتسرب لحقيقة الأمر و أن تلك السموم التي انبثقت منهم بحقها و التي في ظاهرها هي منطقية بغرض الحماية ليست سوي حديث مسموم بحقها ، حديثهم لم يكن فقط مُوجع بل كان اشبه بسهام مسمومة كانت مصوبة لقلبها المُحترق بنيران فقدانها لوالدها ، اما كلمات هيثم بالأخص كانت القبضة فوق جرح لم ينتهِ نزيفه بعد ، و هي لم تكن غبية لتفشل في فهم باطن حديثهم 

+


هي غنيمة حرب كل الأعين مُصوبة عليها الكل يعرف أنها بدون والدها هشة ضعيفة لا تجد من يحميها و ينقذها من المخاطر و الكل يعلم ذلك ، لذلك حاوطها كل الأطراف التي لم تخصهم تلك الحرب ليحصلوا علي تلك الغنيمة هي و أموال والدها غنيمة حرب لم يتكبد بها أي شخص عناء سواها و علي الرغم من ذلك الكل يجاهد للحصول عليها 

+


حاوطت ذراعها المضمد بقوة تحاول التمسك بآخر خيوط حبل الثبات الذي بات ينزلق من بينها و هي تهتف بنبرة مُرتجفة بألم امتزج بالحدة : أنا استحالة اسمح لحد يقرب مني حتي لو بابا مات و مبقاش في حد يحميني بابا علمني احمي نفسي

+


ثم أكملت و هي تزفر أنفاسها بخنق و عيونها مُتعقلة بالباب أمامها : أنا عايزة افضل معاهم هنا محدش فيهم ضايقني ولا فكر يأذيني 

+


تدفقت الدموع إلي عيونها بغزارة و هي تقبض فوق شفتيها كآخر حيلة حتي تُخفي إنهيارها عنهم تعلقت عيونها بباب المكتب تبحث عن مُنقذ لها من وسط تلك الوحوش التي علي وشك أن يفترسوها ربما كانت تبحث عن والدها 

+


هتف يونس بهمس حاد : كلم أحمد يجي حالًا أنا هدخل اخدها كفاية عليها أوي لحد كدة 

+


دلف يونس إلي المكتب بخطوات هادئة و هو يتنقل بنظراته بين هيثم و نبيل بنظرات لم تكن صافية كسابقها ، تلك المرة عيونه كانت تنذر بغضب جديد سيطر علي الأجواء و علي صفاء عدستيه و هو يرمقهم بنظرات غامضة لم يستطع أي منهم فك شفراتها بقدر ما كانت غامضة كانت مخفية تخفي بين أسوارها توعد لم يعلمه أحد سوي تلك التي تعلقت عدستيها به كأنها لمحت طيف والدها التي تمنت أن يُنقذها من وسطهم ، هو المنقذ الذي استمع لاستغثاتها الصامتة و كأنه ترك عيونه تراقب الموقف هنا 

+


لم تعرفه و لازالت كذلك و لكنها علي الأقل قادرة أن تمنحه فرصة لتثق به و لأنها ألفت الحنان و الصدق قلبها لن ينطلي عليها الزيف و الخداع ، لا تصدق عائلتها ولكن قلبها يشعر بصدق عائلة الهواري تجاهها 

+



        
          

                
فمن اعتاد الحنان لن يقبل بالزيف و لن يُخدعه كلماته المعسولة و تصرفاته التي يُخفي خلفها الغدر و الخيانة في أبهي صورهم 

+


كما ايقنت زيف أهلها قرأت الغموض في نظرات يونس تجاههم و كأنه يُخفي خلف أسوار عدستيه سر عظيم يخصهم ، رفعت عدستيها تطالعه بنظرات جديدة استطاع هو تفسيرها بسهولة علي الرغم من القهر الذي لم يفارق عدستيها و لكن تلك المرة كانت تطالعه بإمتنان تخلله الراحة كأنه المُنقذ الذي سينزعها من بين جلستهم السامة و حديثهم المسموم 

+


اقترب منهم و منها بعض الخطوات و لكنه احتفظ بمسافة واضحة بينه و بين جميلة ، انحني بطوله قليلًا يطالعها  بنظرة هادئة و نظرات صافية غير التي خص بها ذلك النسل الشيطاني نبس بلطف : دكتور أحمد  جاي علشان يشوف دراعك و يشوف غرز الجرح اللي فيه كفاية عليكي كدة انهاردة أنتِ لسة تعبانة 

+


هزت رأسها بموافقة و هي تهتف بنبرة مُتسائلة بقلق : هيدخل البيت إزاي طب و الصحافة و البوليس اللي مالي البيت 

+


اتسعت إبتسامته بلطف و هو ينبس بنبرة جادة و هو يطالع نبيل و ابنه بطرف أعينه بترقب : البوليس ده لحمايتك و الصحافة دي أساسًا محدش منها يستجري يقف في بيت الهواري و الدكتور نفسه متأمن و أنا هكون معاكي أنا و خالتو سحر طول وجوده 

+


ثم أكمل بنبرة جادة و هو يُطالع هيثم بتحدي : أنتِ في بيت الهواري يعني الأمان بحد ذاته و البيت بنفسه من أول صاحبه لحد أصغر حد فيه كله قايم علي حمايتك زي يارا و ريتاج  بظبط اطمني لا صحافة و لا حتة الجن الأزرق بنفسه يقدر يمسك بسوء بعون الله طول ما أنتِ وسطنا هنا أرض الهواري يا أنسة جميلة 

+


زفر نبيل أنفاسه بخنق و هو يردف بنبرة مكتومة بغضب بعد أن بدأ زمام الأمور يخرج من بين يديه عقب حديث يونس : أرض الهواري ملك للي فيها و كلامكم يمشي علي اللي فيها كدة كدة جميلة مسيرها ترجع لمكانها الأصلي اللي هيعرف يحميها فعلا 

+


ابتسم يونس بهدوء و هو يرمق نبيل بنظرات غامضة و هو ينبس بثقة : أنسة جميلة مبقتش غريبة بقت صاحبة مكان هنا و في حمايتها الكل كلام عيلة الهواري هيمشي علي رقبته زي السيف و صدقني ده مش مجرد كلام بكرة تشوف بنفسك و تتأكد أنها فعلًا بقت واحدة من البيت يمكن أكتر من اللي في البيت نفسهم كمان و مش بس كدة أستاذ مدحت الله يرحمه اسمه لوحده يرعب الكل في حياته و موته هيفضل اسمه لوحده يعرف الناس بنته مين و حدوده معاها ايه 

+


هتف بنبرة جادة و هو يتكأ فوق حروف كلماته : و دلوقتي بقا حواليها خمس رجالة يحموها و يسدوا عين الشمس 

+


ثم أكمل و هو يشير للخادمة التي دخلت المكتب بأحترام كما طلب منها يحيي ، نبس يونس بجدية : خدي جميلة هانم الأوضة فوق ترتاح و خليكي معاها و أنا طالع ليكم دكتور أحمد ميدخلش الأوضة و هي لوحدها مفهوم 

+



        
          

                
هزت رأسها بموافقة و هي تهتف بأحترام : متقلقش يا أستاذ يونس أنا معاها 

+


وقف نبيل يُطالع يونس بنظرات مُستفهمة بقلق ، ثقة يونس حديثه المبطن لهم كلماته و نظراته المُتحدية التي لمحها بوضوح في عدستيه حتي إنصياع جميلة له جعله يشعر بالقلق من القادم الغنيمة الذهيبة التي ظن أنها قُدمت له علي طبق من ذهب يبدو أن طريقها واعر ليس سهل كما توقع و لكن أكثر ما يُخفيه هو شعوره بأن هناك سر كبير خلف ذلك الشاب الغامض الذي يعاملهم بطريقة تُشبه طريقتهم و لذلك هو لا يستطع فهمه أو حتي إدراك ما خلف اسواره و أكثر ما يُخفيه أن تقطف عائلة الهواري منه غنيمته الذهيبة 

+


بداله يونس بنظرات مُتحدية ملائها الثقة قبل أن يهتف بنبرة ثابتة : أظن حضرتك اتأكدت أنها لازم تفضل معانا و أنها وسطنا في أمان 

+


هتف نبيل بنبرة هادئة يحاول دثر شعوره بالاختناق خلفها : عايز اطلع اطمن علي جميلة و نمشي بعد ما نطمن عليها أنت فاهم لازم نشوف مصالحنا و مصالح أخويا بس أحنا هنيجي نشوفها علطول 

+


أردف يونس بنبرة هادئة : متفهم طبعا تنوروا في أي وقت و أنا لما يكون عندي أي معلومات بخصوص دفن أستاذ مدحت و العزا هتواصل معاكم علطول اتفضلوا علي الأوضة معايا 

+


وقف يونس أمام غرفته ينتظر وصول خالته ليدلف برفقة عائلة جميلة إليها ، أتت سحر برفقة يارا و من بعدها دلف يونس رفقة أحمد و عائلة جميلة 

+


اقترب أحمد من الفراش الذي كانت جميلة جالسة فوقه بعد أن طالع ذراعها الذي عاد للنزيف من جديد و هو يهتف بنبرة مُتسائلة بقلق : ايه اللي حصل للجرح اتخبطتي في حاجة 

+


هزت جميلة رأسها بنفي و هي تطالع نبيل و هيثم بنظرات قلقة امتزجت بالخنق ، راقب يونس ملامح جميلة الشاحبة و تلك الدموع التي غزت عدستيها يبدو أنها علي شفا إنهيار 

+


اقترب أحمد منها و هو يزيل الضماد عن ذراعها هتف أحمد بنبرة عملية و هو يطالع يونس الذي يراقبه بقلق : الغرز بتاعة جرح ايدها اتفكت هعقم الجرح و اخيط تاني بس لازم تاخدي بالك يا أنسة جميلة 

+


هبطت دموع جميلة فوق وجنتيها تغرق وجهها ، طاقتها علي التحمل و الكتمان نفذت أمام وجودهم بالغرفة الذي بات يُخفيها و يجثو فوق أنفاسها و كأنه يكمم صوتها و يخنق أنفاسها 

+


انتفضت بخوف حين اقترب أحمد من جرحها و هي تشهق ببكاء ، مسدت سحر فوق خصلاتها و هي تنبس بنبرة حنونة : مالك بس يا حبيبتي 

+


طالع يونس أحمد بنظرة ذات مغزي جعلت أحمد يردف بعملية : واضح إني أستاذة جميلة متوترة و أعصابها تعبانة اطلعوا كلكم برة الأوضة أنا أخيط الجرح و اديها حقنة مُهدئة علشان ترتاح شوية 

+



        
          

                
ابتسمت يارا بخفوت بعد أن أدركت أن يونس يحاول إنقاذ جميلة من فخ عائلتها بلباقة ، هتف يونس بنبرة هادئة هاتفًا بلباقة : عاصم تعالي وصل هيثم و نبيل بيه و اديهم كل ارقامنا و أرقام حضرت الظابط اللي متابع القضية علشان لما يحبوا يطمنوا علي الأنسة جميلة في أي وقت

+


رفع عاصم عيونه يراقب نبيل الذي ظهر الضيق فوق ملامحه و تلك المرة بوضوح لم يستطع تحجيمه خلف الزيف و الود الزائف ، و لكن الغضب الحقيقي كان من نصيب هيثم الذي تلونت ملامحه بحقد واضح و هو يتنقل بنظراته بين يونس و جميلة بتوعد ، اتسعت ابتسامة عاصم بتشفي و هو يحمم بهدوء يشير بيده بهدوء لهم ليتحركوا أمامه 

+


راقب يونس انصرافهم من الغرفة بهدوء حتي اندثر اثرهم من الغرفة تنقل بنظراته تجاه جميلة بآخري حنونة و هو يهتف بمزاح و هو يطالع تلك التي انكمشت بخوف و بكاء كطفلة وقعت وسط أغراب فرقوها عن والدها : مشيوا خلاص عارف أنهم كان ساحبين الأوكسجين من الأوضة و أنهم خلكوا اتوترتي بس أنا خليتهم يمشوا علشان تهدي 

+


ابتسمت إبتسامة باهتة من وسط دموعها و شهقاتها التي بدأت تهدأ ، زفرت أنفاسها بارتياح بعد أن خمدت شهقاتها تمامًا و عاد جسدها للارتخاء من جديد بعد أن تسربت بعض الراحة لقلبها حين راقبت الغرفة خالية من حولها منهم لم يكن هناك سوي سحر و يونس 

+


أردف يونس بنبرة مُشاكسة : إلا لو خايفة إني أحمد يكون ايده تقيلة ساعتها مش هعرف اتصرف زي ما مشيتهم

+


اتسعت إبتسامة سحر و هي تمسد فوق خصلات شعر جميلة تعيد ترتيبه بحنان و من بعدها مسدت فوق جسدها المتشنج و هي تردف برقة : لا ده أحمد ايده خفيفة و من العيلة متخافيش براحة عليها 

+


نبس يونس بتوصية : براحة عليها يا أحمد 

+


هتف أحمد بنبرة هادئة يُطمئنه : متخافش الموضوع بسيط جدا بس لازم تاخدي بالك من جرح إيدك بعد كدة و تتعاملي معاه بحذر علشان الغرز متتفكش تاني أو الجرح يتلوث وبعدها هنقيس الضغط علشان عندي شك أنه ممكن يكون عالي 

+


اقترب يونس من النافذة يُراقب خروج نبيل و هيثم من المنزل ، رفع عيونه يراقب زخات المطر التي كانت تهطل بقوة حتي أنها اغرقت الأرض ، راقب الحراس و هم يقتربوا من نبيل و هيثم يحاوطهم بحماية و أحدهم وضع المظلة فوق رأسهم 

+


تنقل يونس بنظراته بينهم و بين السماء بعد أن تخلل أذنه صوت الرعد و البرق الذي انعكس علي كل شئ حوله العاصفة لم تنتهِ يبدو أن عائلة مدحت هي العاصفة بحد ذاتها 

+


بعد مرور بعض الدقائق ، انهي أحمد خياطة الجرح و تضميده من جديد و من بعدها قياس ضغطها رفع عيونه يُطالع يونس و هو يهتف بعملية : ضغطها عالي شوية محتاجة تهتم بأكلها و تبعد عن الانفعال و أهم حاجة تاخد بالها من الجرح اللي في ايدها الغرز لو انفكت تاني هيدخلنا في حاجات منحبش تحصل حمد علي سلامتك يا أنسة جميلة 

+



        
          

                
أخذ أغراضه و هو يهتف بعملية : تعالي يا يونس علشان اغير ليك علي جرح ايدك

+


تابعت جميلة خروج يونس برفقة أحمد ببعض الراحة و لكن تلك المرة عقلها كان مُزدحم بالتساؤلات خوف من القادم ، شعور بأن جسدها الهش و روحها الملكومة لن تتحمل ما هو مُتخفي خلف طيات القادم ، قلبها لن يتحمل خذلان جديد و. خيانة آخري لازال ضهرها مجروح بطعنة الغدر الذي اصابت حياتها و أي ضربة آخري ستكون النهاية 

+


أردفت بنبرة مُرتجفة : أنا محتاجة اتكلم مع أستاذ يونس ينفع 

+


ابتسمت سحر و هي تمسد فوق خصلاتها برقة هاتفة بتأكيد : عز الطلب ينفع طبعا عيوني 

+


عند أدهم 

+


رفعت ريهام عيونها تطالع إياد بصدمة ، هبطت دموعها بغزارة و هي ترمقه بقهر شهقت ببكاء ترتمي فوق صدره تحاوطه بقوة و هي تهتف بنبرة مُرتعشة بقهر من بين شهقات بكائها : أنا أسفة أنا السبب أنا ضيعتكم 

+


شهقت ببكاء و هي تُخفي رأسها تمامًا في صدره ، أكملت بقهر انبثق من بين شفتيها المُرتعشة : أنا اللي خليتك أنت و أدهم قاتلين بسببي أدهم مشي في الطريق ده 

+


رفع إياد ذراعيه يُحيطها بحماية و هو يضمها لصدره بحنان أكثر مسد فوق خصلاتها و هو يهتف بنبرة جادة امتزجت بالحنو و يده تمسد فوق ضهرها : ششش أوعي اسمعك تقولي كدة تاني أنتِ مش السبب ده اللي لازم يحصل لأي حد يفكر يمس شعرة منك أنتِ مغلطيش الحيوان ده هو اللي غلط يوم ما فكر يرفع عينه فيكي 

+


ثم أكمل و هو يُبعدها عن حضنه بلطف يمسح دموعها برفق و هو يستند بجبهته فوق جبهتها بلطف و هو يهتف باختناق : كان لازم ناخد حقك أنتِ و باسم كان لازم يدفع تمن دموعك خوفك كان لازم يدفع تمن ايده اللي اتجرأت عليكي أنا كنت بدافع عن بنتي اللي كبرت علي إيدي و حبيبة عمري و مش ندمان ده اللي مكتوب لينا و أنا وعدتك إني مش هسيب أدهم في الطريق ده خليكي واثقة فيا 

+


ثم أكمل و هو يبتعد عنها بهدوء يحاوط وجنتيها بيده برقة و هو يهتف بنبرة مُتحشرجة بحب : كفاية عندي إني أشوفك مطمنة معايا و رافعة ده راسك ده عندي بالدنيا و اللي فيها 

+


لمعت عيونها بدموع و هي تهتف بحب و عيونها متعلقة بإياد و كأنها تري أمير أحلامها و مُنقذها أمامها : أنا عمري ما حسيت بالأمان غير معاك و لا عمري وطيت راسي طول ما أنت في ضهري يا حبيب عمري كله حقك عليا 

+


اتسعت إبتسامته بُمشاكسة و هو يجذب يدها هاتفًا : طب تعالي عالجي الجروح اللي بسببك دي و اعملي بكلامك ده بدل ما اتجوز عليكي 

+



        
          

                
بعد دقائق بسيطة انهت ريهام تعقيم جروح إياد و تضميدها لثمت و جنتيه و هي تهتف بحنان : سلامتك يا إياد 

+


خرج بسام من الغرفة و هو يزفر أنفاسه بإرهاق ، طالع إياد و ريهام الذي طالعوه بقلق امتزج بالتساؤل 

+


في منزل عائلة الهواري 

+


دلف يونس لغرفة جميلة بعد أن انهي تضميد جرحه ، جلس فوق الكرسي الذي كان قريب قليلًا رفع عيونه يطالع جميلة و هو ينبس بنبرة مُتسائلة بحنو : بقيتي أحسن شوية 

+


هزت رأسها و هي تهتف بإمتنان امتزج بالحجل : الحمد لله شكرًا لحضرتك بجد اهتمامكم بيا من بعد الحادثة و اللي حضرتك عملته مع عيلة بابا 

+


ابتسم بهدوء و هو يهتف بنبرة هادئة بنبرته المميزة : أنا معملتش أي حاجة خالص أنتِ بقيتي واحدة من البيت هنا و من العيلة الكلام اللي قولته لما عيلة أستاذ مدحت كانوا هنا كان حقيقي لا مجرد كلام و لا زي ما أنتِ شايفة أنها شفقة أنتِ في اليوم من الأيام دخلتي البيت ده ليكي هنا ذكريات حتي لو مش فاكرها بس كبرتي هنا و ده معناه إنك من أهل البيت فعلا و بكرة هتشوفي بنفسك 

+


مسحت دموعها بأنامل مُرتعشة و هي تطالعه بملامح مُنهكة و لكن لم تكن مُرتعبة حديثه لم يكن كلمات مُنسقة ليُطمئنها بل كانت كلمات صادقة بقدر ما يتفقده قلبها تنهدت ببعض الراحة و هي تنبس بنبرة مُتسائلة : طب و الصحافة و شركة بابا و أعمامي 

+


أجابها يونس بهدوء : مش عايزك تشغلي بالك بكل ده ينفع الصحافة بعيدة عنك أنتِ و والدك و أنا بنفسي هكون متابع إني أي كدب أو حتي تخصكم متتنشرش و أعمامك محدش فيهم يقدر يقربلك متخافيش 

+


ثم أكمل بنبرة لبقة بتساؤل هادئ : المحامي بتاع أستاذ مدحت الله برحمه اتكلم معايا إني الشركة هتفضل تحت إدارة مجلس الإدارة لحد الوصية هو قالي أنه ممكن يتابع معايا اللي يخص الشركة بس أنا قبل ما اخد قرار حبيت اسألك تحبي يتابع معايا ولا يتابع معاكي علطول 

+


طالعته جميلة بتمعن لدقائق قبل أن تهتف بإستسلام : أنا معنديش أي معلومات عن شغل بابا و أملاكه و لا حتي الناس اللي كان بيتعامل معاهم مش هقدر اتصرف أنا حتي معرفش مين اللي قتلوه و عملوا كده ليه بابا عمره ما أذي حد تابع حضرتك 

+


أردف يونس بنبرة هادئة امتزجت ببعض الحنو و هو يكرر حديثه : أنتِ هنا مش مجبرة يا أنسة أمرك أنتِ صاحبة القرار فيه كل ده ملكك و محدش يقدر يجبرك علي حاجة تحبي طب حد تاني يكون متابع تكوني بتثقي فيه 

+


في غرفة أدهم 

+


جلس إياد فوق الأريكة و هو يستند بوجهه فوق كف يده و هو يراقب أدهم الغارق في النوم فوق الفراش و صدره عاري بكتف غلفه الضماد الطبي و فوقه غطاء شتوي 

+



        
          

                
تنقل بنظره تجاه ريهام الغارقة بالنوم فوق ساقه براحة و كفيها يحاوط كف إياد بقوة كما تحتمي الطفلة بكف والدها الذي يمسد لها الأمان 

+


أخرج أنفاسه بزفير داهمه القلق و كأن أخيرًا قد سنحت له الفرصة أن يُظهر خوفه علي إياد الذي قيده خلف قناع الهدوء ، لمعت عيونه بدموع و هو يتمتم بسعادة حين تأكد من انتظام أنفاس أدهم ، راقبه و هو نائم كأنه يؤكد لنفسه أن لازال علي قيد الحياة 

+


أغمض عيونه حين اقتحمت ذاكرته تلك الذكري المؤرقة ، ذكري بشعة لا تفارق ذاكرته في صحوته قبل نومه ، تلك الذكري التي قتلت بداخله كل شئ هي من صنعت منه و من ابن خاله مجرمين ، تلك الذكري من دفعت بهم لطريق مظلم لا نهاية له ، لحظة فاصلة هي من جعلتهم يسقطوا بين قبضة الوحوش يشكلوا طرقهم كما يحتاجوا منهم المجرم و منهم الطبيب 

+


اولائك الوحوش الذي تلاعبوا بحياتهم و مسائرهم كخيوط متهالكة هم فقط من يملكوا حق التلاعب بها 

+


أغمض عيونه بقوة بعد أن هبطت دموعها بغزارة فوق وجهه حين تذكر بسام الذي سقط بين ذراعيه بدماء تدفقت من جرح قلبه بغزارة ، اتسعت عيونه بصدمة تخللها الألم وهو يراقبه يزفر أنفاسه قبل أن يرتخي جسده بين أحضانه و تميل رأسه بداخل عناق مُستسلمًا للموت كطائر صغير بجسد اغرقته الدماء و وجه شاحب متعرق

+


تنقل بنظره تجاه أدهم الذي تعلقت عيونه بجسد أخيه بصدمة افقدته عقله و من جديد عادت نظراته تهبط فوق بسام ، يبحث عن أمل زائف أنه سينجو يبحث عنه بين طيات دماء بسام و لكن كل تلك الأماني اصطدمت بواقع أليم حين راقب انقطاع نفس بسام 

+


ضحية جديدة من بينهم و لكن تلك المرة كانت الأبشع و الأقسي من بينهم ، ضربة جديدة فوق جسد مُتهالك بضربات الفراق و الغدر ، تلك المرة كانت قلبه أضعف من أن يتحمل تلك الضربة و يبدو أن عند استيعابه لكل ما يدور حوله انتهت كل الخيوط التي تربطه بالوعي و العقل سويا 

+


ضم رأس بسام لصدره بقوة و هو يصرخ بقوة نابعة من تشدق روحه تلك المرة ، صرخة اغدقها القهر خرجت من أعماق روحه الملكومة و قلبه الجريح ، صرخة مزقت كل أحباله الصوتية و قلبه معًا ، صرخته امتزجت بصرخة ريهام 

+


انتفض إياد بفزع يحاول إبعاد تلك الذكري عن عقله و معها التقاط انفاسه التي حجبها عن ذلك الكابوس الذي لم يبتعد عن عيونه ابدا 

+


عاد برأسه يستند بها فوق الأريكة و هو يراقب السقف و هنا اقتحمت ذكري عديدة عقله كأن كل الذكريات تكابلت فوق عقله المُنهك و قلبه الذي لم و لن يتعافي ابدا من جراحه ، كلها تسربت لعقله حين وجدت ثغرة لخوف عادت من جديد تهاجمه بضراوة 

+



        
          

                
و لكن تلك الذكري كانت تحمل بداخلها ندبة سوداء نسجت طريقهم السوداوي من لحظاتها ، لحظة جعلت الشياطين تتلاعب بطريقهم و حياتهم و لكنها كانت ليلة الثأر ، ليلة لا بعد من قدومها ولو بعد سنوات عجاف 

+


كانت يقف يحمل بيده سلاح يصوبه تجاه قلب ذلك الرجل المقيد أمامهم و علي الناحية الآخري كان أدهم أيضًا واقفًا يحمل بيده سلاح يصوبه تجاه قلب نفس الشخص 

+


رفعوا عيونهم يطالعوا بعضهم بنظرات لمعت بالانتقام و الكره قبل أن يعم صوت الطلقات النارية المكان بكل أطرافه 

+


فتح إياد عيونه من جديد بقوة و هو يزفر أنفاسه بقوة كأنه يصارع الغرق لساعات و كاد يفقد أنفاسه لولا نجاته في اللحظات الآخيرة ، رفع يده يُزيح دموعه بعنف من فوق وجهه و عادت نظراته من جديد تضوي بشراسة تخللها نشوة و الإنتقام و التشفي لمجرد أن تلك اللحظة تجسدت من جديد أمامه في هيئة واقع لفترة أقل من دقائق 

+


و كأنه يعيد من جديد نيران قلبه التي كانت ولازالت تطالب بالإنتقام لهم جميعًا ، كأنه يؤكد لذاته أن الندم ليس من العدل في تلك اللحظة ، الثأر كان من نصيب ذلك الوغد الذي قتل ابن خاله الذي كان بمثابة أخيه و كاد ينهي حياة حبيبة الطفولة و الضهر بأكمله 

+


مد يده يحاوط كف أدهم بلطف و من بعدها انحني يمسد بكفه الآخر فوق ريهام التي تململت فوق ساقه أثناء نومها تحاوط كفه بقوة أكثر كأنها استمعت لاستغثاته من بين صرخاته و أنينه المكتوم ، روحه الملكومة طلبت إعانتها و هي لبته بكل ما تملكه من حنان يذيب روحه و يرمم ندباته 

+


دست نفسها داخل أحضانه بقوة جعلته يلثم جبهتها أكثر من مرة بلطف و هي بين أحضانه و هو يطالعها بحب 

+


يتمسك بهم كمن يتمسك بحبال النجاة قبل عاصفة قاتلة ، يكره أن يقع صريعًا بين الذكريات و يغرق بين طياتها الكثيفة علي قلبه يكره وحدته لأنها تغرقه دومًا بما لا يستطع مجابهته ، ذكريات قاتلة لروحه و ماضي لم يكن ابدا رحيمًا به و بمن يخصه ، ماضي غير عادل بحقهم جميعًا 

+


يحاول قمع شخصيته السودواية التي تخص حماية عائلته فقط ، يُجاهد حتي لا تعود تلك الأجواء من جديد و لكن يبدو أن محاولته لن تنجح كأن علي الجميع ربط الأحزمة قبل أن يقتحم إياد المنشاوي ساحة العراك من جديد 

+


في منزل عائلة الهواري

+


هزت رأسها بنفي و هي تهتف بمرارة رافقها دموعها التي عادت من جديد تهبط فوق صفحة وجهها : معنديش حد اثق فيه خالص أنا بحاول اثق فيك علشان بابا كان واثق فيك 

+


نبس يونس بنبرة جادة : و أنا أوعدك إني هكون قد الثقة دي و مش هخليكي تندمي إنك ادتيني فرصة بكرة بس هيجي الظابط المسؤول عن القضية علشان عايز يعرف منك ايه اللي حصل يوم الحادثة يمكن نلاقي أي معلومة تفيده و كلنا هنكون موجودين معاكي متخافيش 

+



        
          

                
هزت رأسها بإستسلام و عادت من جديد تتسائل بنبرة مُرتجفة ببكاء : طب هو بابا هيدفن امتي 

+


أردف بنبرة مُتفهمة بصدق : قريب كلنا شاغلين علشان ده يحصل في أسرع وقت بس إني والدتك اندفنت هنا شوفي تحبي يدفن فين هنا جنبها و لا في اسكندرية و أحنا معاكي في كل الحالات 

+


هتفت بنبرة مُستفهمة و لكن تلك المرة كانت الأكثر قلقًا من بينهم حتي أن ملامحها عادت للشحوب من جديد و رقابها من جديد و هي ترفع كفيها لتضغط علي ذراعها من جديد : طب المحامي قال أي حاجة عن الوصية أو ضعي مع عمامي الفترة الجاية 

+


هز رأسه بنفي و هو يردف بتحذير حاني : حاسبي يراعك هتفتحي الغرز تاني المحامي مقالش ليا تفاصيل بس اللي واثق منه إني والدك عارف يأمنك إزاي منهم و زي ما قولتلك سواء دلوقتي أو بعد الوصية ده مش هيغير حاجة من إني محدش منهم يقدر يمس شعرة منك اتفقنا 

+


هزت رأسها بموافقة ، تابع يونس ملامحها التي بدأت ترتخي من جديد و أجفانها التي بدأت تهبط بثقل نهض من فوق المقعد و هو يأخذ أحدي الأغطية الشتوية يضعها فوق الفراش يُعطيها لسحر و هو يهتف بنبرة حانية : متشغليش بالك بأي تفاصيل دلوقتي أنتِ بس ارتاحي هنسيبك دلوقتي علشان تنامي شوية واضح إني الدوا عمل مفعول لو حسيتي بأي خوف أو تعب نادي هنية هتكون حواليكي طول الوقت و هسيب ليكي نور بسيط في الأوضة تمام 

+


راقب رأسها التي مالت للجهة الآخري ، أدرك أن مفعول الدواء سيطر علي جسدها باستسلام فعادت من جديد مُستسلمة له و لكن تلك المرة لم يكن الخوف هو فقط من يسيطر علي قلبها تلك المرة علي الأقل استطاع بعض الأمان أن يتسرب لقلبها المجروح و روحها التي تعاني من الخوف و ألم فقدانها لابيها 

+


أردف يونس بهمس لخالته : سحورة اعدلي ليها المخدة و سيبي النور أنا هطلع 

+


خرجت سحر من الغرفة بعد أن تأكدت من نوم جميلة ، هتفت بتساؤل هادئ و هي تراقب يونس : ليه مقولتش ليها علي الوصية 

+


نبس يونس بحكمة : مش حابب أنها ترجع تخاف مني تاني أو تبطل تثق فيا و مش عايز اضغط عليها هستني تهدي كام يوم و احاول امهد ليها و افهمها الموضوع كمان اكون اخدت قرار في الموضوع علشان أكون قد كلمتي 

+


مسدت سحر فوق كتفه بحنان و هي تردف بلطف : ربنا ينور بصيرتك و يريح قلبك يا حبيبي أنا واثقة إني أى كان اللي هتعمله هو الصح و أحنا معاك فيه 

+


في مكتب راغب 

+


وقف الحارس أمامه و هو يُعطيه ملف و هو يهتف بتوضيح : راجح المنشاوي عنده ٣١ سنة صاحب مجموعة فنادق في البحر الأحمر والده أصله من البدو بيحب الصحرا جدا أوقات بيعمل سفاري مع أفواج بس الأكتر لوحده حافظ كل شبر في الصحرا ليه بنت خالة واحدة و تعتبر أخته في الرضاعة هي جاية من السفر خلال أيام علشان كانت بتدرس برة 

+



        
          

                
بإختصار يا باشا هو واحد من الناس التقال أوي في السويس زي عيلة الهواري بظبط الاتنين الكل بيعملهم ألف حساب و كلمتهم سيف علي رقاب الكل 

+


هتف راغب بنبرة مُتسائلة بهدوء :أكيد في ثغرة و ممكن نلاقي وسطهم خاين يبقي معانا 

+


هز الحارس رأسه بنفي و هو يُجيبه بإحترام : صعب يا باشا الاتنين ضد سرقة المقابر و موضوع القرابين و لو عرفوا هما أول ناس هيكونوا ضدنا 

+


هز راغب رأسه بموافقة و هو يردف بجدية تخللها الثقة : مش مشكلة اللي ميجيش بالذوق يجي بالعافية هات أنت باقي المعلومات عن كل فرد في العيليتن دول و حتي دايرة معارفهم و خلوهم يجهزوا الورق بتاعي بسرعة لازم اكون في السويس في أسرع وقت 

+


في منزل راجح 

+


نبس راجح بجدية وهو يطالع احدي رجاله بقلق : روح بلغ حضرت الظابط تميم بكل اللي حصل و خلي الرجالة عينهم تكون علي المكان علطول و لو شوفت حركة غريبة بلغني و بلغ حضرت الظابط تميم علطول 

+


بعد مرور أسبوع بدون أحداث جديدة تُذكر سوي أن جميلة اخبرت الظابط بكل ما حدث و يوم الحادثة و لكن لم يكن به أي ثغرة أو معلومة مهمة أو جديدة بخصوص قضية والدها 

+


وقفت عائلة الهواري بأكملها و هم يرتدوا ملابس رسمية باللون الأسود في مدافن عائلة جميلة بالسويس 

+


وقفوا بجانب بعضهم أثناء دفن مدحت ، وجودهم بجانب بعضهم كان ينطبق بالهيبة و الوقار التي لم تبتعد عن شيمهم ابدًا الهيبة الطلة المميزة وجودهم لجانب بعضهم تلك الشيم التي عُرفت عائلة الهواري 

+


و ظهورهم بجانب جميلة وحده كان يكفي ليعرف الكل أنها تخص تلك العائلة و أنهم كالسور الذي يحاوط كنز ثمين يحميه من المُعتدين و كل من يحاول سرقته ، ظهورهم سويًا كان يشبه لوحة منمقة تفاصليها مُتقنة لوحة تمثل الأمان و الحماية بحد ذاته 

+


اقترب يونس و بيده زجاجة مياه من جميلة الواقفة بين أفراد عائلته و سحر تحاوطها ، راقب ملامحها الشاحبة و عيونها العالقة بقبر والدها ، الدموع اغرقت وجهها حتي جف بعضها فوق وجهها تاركًا علامته الواضحة فوق وجهها و كأن الألم حفر لنفسه طريقًا فوق وجهها الفاتن 

+


تنقل بعدستيه تجاه الصحفيين التي بدأت تعلو أصواتهم المتسائلة و همهمتهم الفضولية ، استمع لصدي أصوات الكاميرا و اضوائها الساطعة و هم يحاولوا الإفلات من بينهم قبضة حراسه ليقتحموا المكان و و بالطبع جميلة الأن هي الغنيمة الحرب الذهيبة في أعين الجميع حتي في نظرات عائلتها التي اختفت عن الوسط 

+



        
          

                
عاد من جديد يُطالع ملامح جميلة بحنو : أنسة جميلة أنتِ تعبتي خالص خدي اشربي شوية هيجيبوا ليكي كرسي علشان ترتاحي شوية 

+


طالع صفاء والدته و هو يهتف برجاء : ماما اغسلي ليها وشها بالماية دي و يحيي هيجي ياخدكم دلوقتي 

+


انحني بطوله قليلًا و هو يردف بنبرة حنونة : أحنا نمشي خلاص دلوقتي متخافيش أنا عارف إنك تعبتي جدًا و محتاجة ترتاحي 

+


بعد مرور وقت بسيط وصلت جميلة برفقة العائلة لمنزل الهواري 

+


حاوطت يارا جميلة بحنان امتزج بالحماية و هي تطالع يونس بقلق ، بسبب حالة الإنهيار التي لم تفارق جميلة من وقتها حتي تلك اللحظة لم يستطع أن يُخبرها 

+


مسدت فوق خصلات جميلة و هي تزفر أنفاسها بقلق لا تعلم لما ينتابها قلق من القادم ، دلفوا لداخل المنزل و هنا كانت الصدمة التي اطاحت بكل الأماني و الأمال عرض الحائط 

+


رفعت جميلة عيونها تُراقب وجود أعمامها برفقة محامي والدها بصدمة اختلطت بالخنق حتي أن بوادر الإنهيار عادت من جديد ترتسم فوق ملامحها بوضوح ، ارتعش جسدها و شفتيها سويًا و هي تزفر أنفاسها باختناق و كأن العالم بأكمله بات يجثو فوق صدرها يُكمم أنفاسها التي تشعر بألمها الحاد في صدرها 

+


رفع المحامي عيونه يُطالع يونس و هو يهتف بإرتباك : أنا كلمت حضرتك كتير يا يونس بيه علشان استأذن حضرتك نيجي بس معرفتش اوصل لحضرتك أعمام أنسة جميلة مصممين نفتح الوصية بما إني حضرتك أجلت العذا لبكرة 

+


رمقه بإرتباك كأنه ينذره بأنهم باتوا محاصرين بين جدران عائلة مدحت و طمعهم الذي بدأ يلوح بوضوح فوق الأفق ، و الأن حان الوقت الحاسم ، لحظة فارقة بحياة كل الأطراف بتلك الدائرة ليبدأ طريق جديد وحدها فقط من تحالفت الأقدار و اختارتها لهم 

+


هز يونس رأسه بموافقة و هو يرفع عيونه يُطالعهم بكبرياء نظرات لم تهتز علي الرغم من أن داخله يعلم أنه علي أعتاب حرب دامية و طريق مجهول لا يعلم نهايته أي منهم 

+


أردف بثقة و هو يطالعهم بتحدِ غلفه الغموض : بيتهم يا أستاذ و بيت بنتهم ينوروا في أي وقت مفيش مشكلة ده حقهم اتفضل افتح الوصية 

+


تنقل يونس بنظراته تجاه عائلته المتوترة و هو ينبس بثبات : خلوا أنسة جميلة تقعد علشان هي تعبانة 

+


تنقل المحامي بعيونه بين الأطراف المُلتفة حوله منهم من يُطالعه بقلق و كأنه يري القادم بقلب قلق و نظرة عميقة و منهم من هو جالس بثبات كأنه يحمل في قلبه كل الثقة و الثبات و التحدي الذي يغلفه الغموض كأنه ملك اللعبة و يعرف كيف سيحارب في الجولات القادمة و منهم من ينتظر الوصية علي جمر و كأنها تذكرته لاقتحام الحرب و اختطاف غنيمة الحرب الذهيبة ليسير بعضها فوق الطريق الذهبي 

+


تنهد باضطراب و هو يطالع الأوراق و يهتف بنبرة عملية تُخفي في طياته الخوف من القادم : أستاذ مدحت كاتب في الوصية أنه كتب كل أملاكه و فلوسه و السيولة اللي في البنوك لجوز بنته الأستاذ يونس الهواري 

+


منذ تلك اللحظة لا توجد فرصة للتراجع أو حتي الاستسلام ، ها قد بدأ الصراع الذي حتمه القدر علي كل الأطراف هنا و منذ تلك اللحظة و صاعدًا لا يملك أي منهم فرصة الانحراف عن الطريق الذي اختاره القدر لهم فردًا فردًا ، الحرب اندلعت من ساحة بيت الهواري بينهم و بين عائلة مدحت و يونس حتي الأن هو قائد تلك اللعبة التي لم نستطع حتي الأن أن نخوض في أعماق شخصيته أو حتي الخوض خلف أسوارها حتي الأن نحن لم نتعرف علي قائد الحرب يونس الهواري و لكت ذلك الصراع سيكون كافي لحجب الستار عن كل الخفايا ...يتبع 

+


بقلم : دنيا أحمد

+

الثامن من هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close