رواية أشتهي عناقا ( اغراب بلا وطن ) الفصل السادس 6 بقلم اسما السيد
الفصل السادس..
أشتهي عناقاً
عن سلسلة
(أغراب بلا وطن)
أسما الســيد..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..
صباحاً..
تسللت من جانبة بهدوء حتي لا تزعجة، زفرت بحزن علي هيئته المبعثره، ومدت يدها تتحسس وجهه بحنو..
ـ لو تعرف بحبك قد إية..مكنتش تأذيني كدا..إمتي هتعرف إني بتعكز عليك..وإنك بالنسبالي الكون كله..بشوف الدنيا بعنيك إنت..
مالت برأسها ولثمت جبينه برقة..وهتفت بإبتسامه..
ـ صباحك بكل الخير ياقلبي انت..ربنا يهديك ويوسع رزقك..
توضأت وتبعتها بـ صلاة الصبح، وخرجت لتلك التي تدعي المرض..وعلي يديها طفلها..
وضعته أرضاً ليلهو..وهتفت بإبتسامه مفتعلة بصعوبه..
ـ صباح الخير يا مرات عمي..مش احسن دلوقت
رمقتها دلال بكره..وأردفت بغل…
ـ هكون أحسن ان شاء الله وأنا بطلعك من هنا زي ما دخلتي..
لما ارجعك لسوسن مذلوله..ومطلقه وبفضيحة الناس بحالها تشاور عليكي ويقولوا اللي خانت جوزها..
قبض قلب إيلا من حديثها، وهتفت بصدمه..
ـ للدرجة دي بتكرهيني..أنا عملت إية لدا كله؟
نظرت دلال بحقد لأرجاء الغرفه وأشارت بيدها..
ـ بصي حواليكي..وإنتي تعرفي يابت الأبلسه..خير إبني كله خدتيه في بطنك..هو مين الأولي بدا كله..إنتي ولا أمه؟
إيلا بحزن..
ـ بس جواد عمرة ما قطع شهريته عنك..وإللي أنتي عاوزاه بيدهولك..لية عاوزه تحرميني وتحرمي إبنه يتربي في حضنه؟
ـ وهو شوية الملاليم إللي بيدهالي كل شهر دي..تيجي إية في إللي عنده وبيصرفه دا كلة..دا انتي بس مركبك عربية مجبهاش لأخته..هو أنتي أحسن من أخته..؟
ـ سما إللي رفضت لما قالها أجيبلها عربية زي إيلا..وقالتله أنا بخاف من السواقة أصلا..والله اتحايل عليها..حتي إسأليها..
ـ كدابة..ومفكراني هصدقك..ولو حتي حصل..أنا لازم احرق قلبك..وأخليه بنفسة يطردك بره..
نظرت لها إيلا، وهتفت بتهكم..
ـ مش جديد عليكي يا مرات عمي..ما اانتي زمان عملتيها في أبويا وخليتي عمي الله يرحمه يطردة وهو مفكر أنه عينه منك...مع إنه عمره ما كان بيطيق يبص في وشك..
إحمرت اعينها، وهتفت وهي تجز علي أسنانها بحقد..
ـ كويس إنك عارفه ياشاطرة..إني أقدر..وأقدر أعمل اكثر من الاول..خلي بقي بالك..وأديكي شوفتي بنفسك..إمبارح عمل إية، وقالك إية ياخدامه إنتي..
إبتلعت إيلا إهانتها، وهتفت بثقه..
ـ يااجل الورد ينسقي العوليق يا مرات عمي..أخدمك برموش عيني، عشان جواد يرضي عني..
عن إذنك هروح اشوف شغلي..مظنش محتاجة علاج ولا حاجه..علاجك هو تنضيف قلبك..ربنا يهدي…
تركتها وذهبت تمسح دموعها التي لو بقت دقيقة اخري أمامها لسالت أمامها وفضحتها..
أدت دورها علي اكمل وجه..وإبتلعت كافة إهانات حماتها لها التي تلقيها عليها كلما رأتها امامها، بصدر رحب وبلا حديث، لم تعطيها الفرصه ليتدخل جواد بينهم، حتي لا تصل لمبتغاها سريعاً، ستحارب حتي لا يخرب بيتها لاخر نفس بها..
تراها خلفها في كل مكان تذهب إلية بالمنزل..تتبعها حتي تفقدها صوابها، وتجيب عليها..
تهكمت بشفتيها وهي تركض من هنا لهنا خلفها..
أليست هذه هي مريضة امس..ومن كانت بحالة يرثي لها
حتي طفلها الصغير لم يسلم من تعنيفها، ويديها، كلما إقترب منها صرخت بوجهه، إلي أن فاض الكيل بها، واقتربت وحملت طفلها علي يديها، وهتفت بأذنه بحنو..
ـ متعيطش ياقلب ماما..يالا نصحي بابا بقي..عشان يتغدي..
اردفت دلال من خلفها بخبث..
ـ اااه..صحي بابا..اليومين دول من نفسكو..واشبعوا منه كمان..احسن هتودعوه للأبد قريب..
إستدارت تنظر لها بحزن علي شرها وليس علي تهديدها، رمقتها بصمت، وعاودت السير تجاه الغرفه..
دلفت للغرفه، وأغلقت الباب خلفها..أقتربت من الفراش وتركت طفلها يلهو بوجه أبية، واكتفت بالنظر للجهه الاخري تفكر بخوف بحديث حماتها..
دقائق وكان جواد يحتضن طفلة بسعاده.. ويقبل وجنتيه من جهه للاخري بعشق..
ـ قلب بابا..صباح الخير..والورد..والفل..والياسمين..
تمتم مالك ببضع كلمات..زادت من قهقهة جواد عليه..
ـ إية بتقول إية ياواد إنت..أصبح علي ماما..
هتف بخبث..موجهها حديثه لها..
ـ صباح الخير ياام مالك..
ـ……
ـ صباح الخير ياابلة إيلا..
ـ…….
هتف بعبوس مصطنع لطفله..
ـ امك مخصماني يا لوكا...يرضيك كدا..
إبتسم الطفل، وإبتعد عن أبيه..
زفر بندم وهو يلمحها تنظر للجهه الاخري..صامته..شاردة..ولا تجيبة..
إبتسم بحنو علي هييئتها المبعثره، وأقترب منها حد الالتصاق من الخلف..
أخذ نفساً عميقاً من عبقها الذي يجعلة يشعر أنه حياً، ما دامت هنا بجانبة...لف ذراعية حول خصرها ملصقاً ظهرها باحضانه..بقوة..تكاد تحطم ضلوعها..عناقها حياة، وما اجمل الحياة بعناقها..
أنفلجت من فعلنه..وهمست..
ـ جواد..بتعمل إية..؟..إوعي..
أغمض عينيه غير مكترثاً بترهاتها التي لا تساعدة ابداً للبعد..صوتها كزقزقة عصافير يريح النفس..ويغرقة بدوامه لا آخر لها..لو تعلم كم يعشقها..لو تعلم كم عاني سنوات وهو بعيداً عنها، يشتهي فقط رؤيتها، لم تملأ عينية أنثي غيرها طوال سنوات الغربة، وهو من كانت تتهافت النساء عليه..
وهو كالأبلة لم يقع إلا بعشقها هي، هو رجل لانثي واحدة..إيلا..
همس بحنو..وهو يلثم عنقها برقة..لم تساعدها أبداً علي أخذ موقف منه كالعادة..
ـ آسف...حقك عليا..عارف زعلانه مني..وليكي حق
أخذت نفساً عميقاً..وهمست بضعف..
ـ لية هو انت عملت حاجه تزعل..؟
تمتم بلا وعي..وهو يغيب معها بعالم آخر، يأخذه عشقها له..
ـ مش عارف..؟
فجأة..
تذكرت ليلة أمس، وحالته التي اتي بها، وقضمت شفتيها بعنف، وإستجمعت قوتها، ولكذته ببطنه بقوة..
ـ طب اوعي بقي كده..لما تبقي تعرف عملت ايه، نبقي نتكلم..؟
سقط علي الفراش، وهتف بألم..
ـ اااه بطني..يا إيلا..هموت..يا مفترية..
ـ جواد متهزرش..انت كويس..
ـ اااه..هموت..
أنتفضت برعب، واقتربت منه سريعاً وهو يتألم…
ـ جواد..مالك..فيك ايه..مكنش قصدي والله..عشان خاطري رد عليا بقي..؟
ـ ااه..اااه
ادمعت عينيها خوفاً عليه، وهو يلتوي أمامها من الألم..
ـ عشان خاطري يا جواد..رد عليا..أنا حاسة اني روحي بتطلع..أنا خايفة أوي.
ـ بطني ياإيلا...
همت أن تستقيم، وهتفت بحسم..
ـ لا بقي..هتصل بالاسعاف حالاً..كده مش هينفع..
إبتسم بخبث، وإستقام سريعاً، وحااوط خصرها بقوة.. قاذفاً إياها علي الفراش، وهو فوقها يحتجزها بجسدة..
شهقت بصدمه..
ـ بتضحك عليا ياجواد؟
غمز لها بطرف عينه ..وهتف بعبث..
ـ سامحيني يالا..
هتفت بغي….
ـ جواااد..أنت
أغلق شفتيها، وهو ينهل من شهدهما بشوق ولهفة..
كلما حاولت الفرار منه..غرقت أكثر..
هتف لها بأسفاً خاصاً، تقبلته بسعادة من بين شفتيه..
انتفضا معاً، علي صوت ضحكات الصغير العالية، وهو ينظر لهم ببراءه..
دفعته بيدها سريعاً، وهي تهتف بخجل و غيظ…
ـ عجبك كده يعني؟
هتف جواد بحنق، وهو يفترش الفراش بظهرة
ـ هادمة الملذات أنتي وإبنك…
حملت طفلها الذي يمد يده بسعادة لتحمله، وقذفته علي أبية..
جواد بغيظ..
ـ الله ما براحة يا إيلا..حملك أنا..
رمقته بغيظ..وهتفت من تحت اسنانها…
ـ أنا لسه منستش إللي حصل أمبارح علي فكرة..ولا سهرك تاني مع صحابك وشربك القرف ده..بعد ما وعدتني هتبطل..
نظر له كحمل وديع، وأردف ببراءه..
ـ حقك عليا..خلاص..آخر مره..
رفعت حاجبها، وأشارت بإصبعها..
ـ اخر مره؟
ـ آخر مرة..أنا كنت زهقان عشان رديتي عليا، و…
صمت قليلا…
ـ و...إية يا جواد..قول.؟
زفر بحزن وإقترب منها، واضعاً رأسة علي قدمها…مغمض عينيه…بلا حديث..
مالت برأسها ولثمت جبينه، وهمست بترو..وهي تدق بإصبعها علي قلبه بحنو..
ـ نفسي أعرف إية هنا مخبية عني يا قلب إيلا؟
لم يتحدث..أكتفي بسماع صوتها الحنون..الذي يبعث الراحه لعقلة المنهك من كثرة التفكير..
وتناقضاته التي لا حسر لها..احيانا يشعر وكأنه مريض، يحتاج لطبيب..وعلاج نفسي مكثف، ليصبح سوياً، ويستطيع إخراج ما يشعر به..
همست بحنو، وهي تدلك جبينه ورأسة بهدوء بأصابعها..
جعلته كالسكير بين يديها..
ـ احكيلي إللي تاعبك، وشاغلك يا قلبي..
قولي مالك...محتار لية، ومحيرني معاك..ساعه كويس، وساعات مببقاش عارفه مين بيتكلم..إحكيلي يا جواد..ولا مش من حقي..؟
هتف بحزن..
ـ انتي عارفه ياأيلا..إللي حصل..وخناقتي مع راسل..خلتني مش قادر أميز أنا بقول إيه، أنا عارف أن أمي مش ملاك…
بس كلام راسل، ودموعها خلوني مش شايف قدامي..
انا مش عارف الدنيا مخبيالي إية، بس..؟
صمت، فهتفت بحنان..
ـ بس إية..يا قلب إيلا؟
ـ أنا خايف أخسرك
ـ لية بتقول كدا؟
ـ مش عارف، بس أنا مش مرتاح ياإيلا..حاسس اني متكتف..وتاية..في حاجة في قلبي علطول خايف ومش مطمن..
ـ سلامتك من التوهه….والخوف..
فتح عينية ببطء، وهتف برجاء..
ـ إوعي تسيبني ياإيلا...مهما عملت..ومهما صدر مني، إعرفي أني هبقي محتاجك انتي بس جمبي…إعرفي إن جواد من غيرك بيبقي تايه وضايع..البصه بعنيكي عندي بالدنيا كلها..
إبتلعت ريقها بصعوبة..هي تشعر نفس الشعور منذ دلفت والدته لهنا وكلامها لها صباحاً، والان قُبض قلبها فجأه مجدداً ، وهي تستمع لحديثه..
ـ أنا ساعات كتير مبعرفش أنا بقول إية؟
ولا عشان إية..؟
بس كل أعرفة أني عاوزك جمبي دايماً، أنا بحس بالغربة وانتي بعيدة عني ياإيلا..
أردف مكملاً بتساؤل…
ـ هتفضلي جمبي يا إيلا؟
إزدردت ريقها، واومأت..
ـ للعمر كلة…مفيش حاجه هتفرقنا ياقلب إيلا..أنا مليش غيرك أصلا..وأنت عارف كده..
إنتفض من علي قدمها، ملقياً بنفسة بين ذراعيها، كطفلها، عانقها بكل قوته كمن كان محروماً منذ أعوام من عناقها..
وهي كحاله..كانت تشتهي ذاك العناقِ..
إمتلأت الغرفه بضحكاتهم وهمساتهم معا، ونسوا من هنا، ضحكات طفلهم السعيده..التي تصل لتلك بالخارج..
جعلت لهيب قلبها يشتعل..
كل دقيقه تقترب من باب الغرفه الواسعه..لتستمع لحديثهم، ولكن لم تستطع..
جزت علي اسنانها وهتفت بحقد…
ـ ماشي ياأيلا ان ما ربيتك ما بقاش انا...هانت واحرق قلبك زي ما حرقتي قلبي علي إبني البكري، ولهفتيه مني..
وزي ما خرجت ابوكي بفضيحة هخرجك بواحدة زيها..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ساعه..
جهزت إيلا طعام الغذاء..وعاونها جواد بوضعه علي المائده..
وكلما وقعت عينها علي عين دلال، ترمقها بكرهه، تقابلة إيلا بلا مبالاه..
دلف جواد خلفها ليحضر باقي الطعام، وجدها تقف شارده بشيء ما بهاتفها..
إقترب منها ونظر لما تفعلة….كانت تبحث عن ذاك الحساب الذي كان يراسلها ولا آثر له..
هتف جواد بتساؤل..
ـ في إية ياإيلا..ممكن أعرف بقي مخبية إية عني، ومتكدبيش عليا، ولا تحبي اعرف بطريقتي أنا؟
إستدارت ونظرت له، وهتفت بثقه..
ـ وهخبي ليه..انت عارف مبخبيش عنك حاجه..دا واحد حقير حب يلعب عليا بالصور بتاعتي إللي عالفيس..
وضع الطبق بهدوء بجانبة، ونظر لها بتمعن، وهتف بترو..
ـ وبعدين؟
هزت كتفيها بلا مبالاه...وهي تضع الطعام بالطبق الاخر...
ـ عملت معاه الصح، وتقريبا قفل حسابه، لما خاف مني..
ـ وكان عامل إية في الصور..!
ـ مش محتاجه سؤال انت فاهم الصور بيتعمل فيها إية؟
ـ إسمه إية؟
ـ الاكونت كان إسمه صبري..ومش فاكرة الباقي..
ـ صبري..إية..حاولي تفتكري..؟
ـ مش فاكرة ياجواد..مكنتش مركزه..الكلام ده بعد ما خرجت امبارح..وللاسف مالك عيط، وملحقتش أهكرة واعرف مين ده ولا مين وراه..ولما نام حاولت تاني لقيته أتلغي..
رمقها بصمت، بلا أي تعبير..فهتفت بقلق..
ـ مالك بتبصلي لية كده..؟
نفض رأسة، واردف بهدوء..
ـ مفيش بس هو انا مش قلتلك شيلي الصور دي؟
اومأت بخوف…
ـ انا شلتهم امبارح فعلاً..أنا مكنتش أتوقع أنها توصل لكدا يا جواد صدقني..
رمقها بحده..وهتف بغضب..
ـ أنتي عارفه انو بيوصل لاكتر من كده وأنا حذرتك..بس بتحبي تستهبلي..ولو معلمتكيش حاجه..كنتي زمانك وقعتي فريسه للاشكال دي..
بتر حديثه و صدرة يعلو ويهبط، وهو يحاول كظم غيظه وغضبه منها..
ـ مفيش فايدة فيكي ياإيلا..بس تمام بعدين نكمل..يالا.
إستدار ليخرج من المطبخ..فابتعدت تلك التي كانت تتسمع لحديثهم سريعاً..
وهرولت إيلا خلفه، وامسكت بذراعه..
ـ لا يا جواد عشان خاطري….بلاش نزعل من بعض تاني..انا مبعرفش اعمل حاجه وانت زعلان مني..
هتف بإستنكار..
ـ انتي شايفه ان اللي حصل ميزعلش، ميحرقش الدم يعني..
طب سيبك من اللي عملة الحقير ده، لان دا تمامه، ومش هيعرف يعمل أكتر من كده، وهجيبة يعني هجيبه.. لو في سابع سما…
بس انا بقولك أن عمر حياتنا ما هتنصلح وانتي عملاها مشاع للكل علي الفيس ياإيلا..
كلمتك كام مرة في الموضوع ده….بلاش تنزلي صورنا واحنا مع بعض..الناس ليها الظاهر، ميعرفوش ان احنا بنتصور بس واحنا بنضحك، واحنا فرحانين، واحنا متفاهمين مع بعض، ودا نادر أصلا لما بيحصل… إحنا علطول متخانقين ياإيلا، ولا أنتي شايفه غير كده؟
هتفت بخجل من نفسها فهي تعلم أن هذا ما يحدث، وانه علي حق..وأن كل صورة تشيرها، تأخذ بعدها من سعادتهم معاً..
ـ عندك حق..بس..
زفر بتعب…
ـ يالا إيلا اكيد امي بتقول بيعملوا ايه كل ده..؟
أومأت بصمت، وسارت خلفه..وجلست بجانبه..ملتزمه الصمت التام..تعبث بطبقها فقط بلا شهية..
إلا أن رن الجرس…
هتفت، وهي تستقيم لتفتح الباب..
ـ مين اللي هيجلنا دلوقت؟
امسكها من يدها، وجذبها لتجلس ويستقيم هو..
مردفاً بأمر..
ـ مش عارف..هروح أفتح..كملي أكلك عشان إللي في بطنك يا إيلا..
إتسعت أعين دلال بصدمه..
ـ إنتي حامل؟
رمقتها إيلا بسخريه، وهتفت بتهكم…
ـ ومالك اتخضيتي كده يا مرات عمي..مش مبسوطه لجواد ولا ايه؟
رمقتها دلال بكره…
ـ مش هيكمل..داعية عليكي ينحرق قلبك زي ما حرقتي قلبي علي ابني..
بحركه تلقائية، وضعت إيلا يدها علي بطنها بحماية، وهتفت برعب..
ـ بعيد الشر…حرام عليكي ليه كده
قاطع حديثهم تلك التي دلفت سريعاً، تنادي علي دلال..
ـ مرات عمي..وحشتيني اوي…يا مرات عمي..كده..اهون عليكي..دا انا من ساعة ما مشيتي وانا عمالة ابكي..البيت وحش اوي من غيرك ياحبيبتي
دلال ببكاء مصطنع..
ـ نوور..ياقلب مرات عمك..انا كمان ميجنيش اعز منك..ربنا ما يحرمني منك..ياما كان نفسي تكوني إنتي اللي بتخدميني دلوقتي…
اتسعت اعين إيلا بعدما فهمت ما ترمي إليه، نظرت لها بصدمه..
ورفعت عينها تبحث عنه، وجدته مصوباً نظره عليها، نظرتها كانت مصدومه، تحكي ألف معني..
أحس بها..
وإقترب وجلس مكانه بجانبها ..ومد يده ممسكا بيدها المرتجفه أسفل المائده وضغطها بحنو..ورفعها علي فمه ولثمها برقة أمام تلك التي جلست امامه تنظر لهم بحقد. ..
وهتف بثقه..
ـ ولا مليون ست تملي عيني وقلبي..ربنا يخليكي ليا ياعمري..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صعدت السطح بيدها طفلين مفتورين من البكاء..لم يتعدي عمرهم السابعه بعد..
وإقتربت من الباب الملون بلون الورد الرقيق..يشبة قاطنية، ودقت بعنف..
إنتفضت جيداء من علي الفراش، ورمقت شقيقتها بخوف..
ـ مين بيدق كده..ربنا يستر..
هتفت جيلان بتعب..
ـ هو في غيرها...اكيد بوز الاخص مرات ابوكي..
فتحت جيداء الباب..
ـ إية في إية؟
دفعت سماح زوجة ابيها الاطفال بكل قوتها للداخل..وهتفت بصراخ..
ـ اخواتك اهم اللي انتي قرفاني بيهم..ومن انهارده مليش اي علاقة بيهم..انا هتجوز يا عنيا..انا لسه في عز شبابي، اللي أكلة ابوكي الله ينتقم منه..
إتسعت اعين جيداء، وهتفت بصدمه..
ـ هتتجوزي؟
توسطت سماح خصرها بيدها، وهتفت بشماته وهي تمضع علكتها..
ـ ااه يا عنيا.. مالك وشك جاب ألوان ليه، أنا ست متقدرش تعيش من غير راجل..والرجاله هتموت عليا..
اخواتك من الليله ملزومين منك..وده..
ـ إية دا؟
فتحت الورقه أمامها، ووقعتها وضربتها بوجهها بقوه..
ـ دا تنازل مني ياروح امك عن اخواتك..مش عاوزاهم..مبروك عليكي..وعلي اختك هتبقوا عيلة يابت أهو..
تجمعت الدموع بمقلتيها، وهتفت بحزن..
ـ وأنا هصرف عليهم منين بس..حرام عليكي انتي بتاخدي معاش بابا كله..وقبضي يادوب بيكفيني انا واختي بالعافيه..
هتفت بتقزز..
ـ معاش إيه يا عنيا إللي باخده...دول هما 800ج عومي..مبيقضيش دروس للواد والبت..عموما أنا هتجوز وابقي خديه اشبعي بيه ياعنيا..
ـ محدش فينا هيقدر يعوضهم عن حضنك حرام عليكي راجعي نفسك..
ـ راجعت وبصمت وختمت..انا ست حرة من دلوقت..واخواتك انتي حرة فيهم..مسؤلين منك..
ـ طب وشقة بابا...؟
ـ هو انا مقولتلكيش؟
ـ قولتي إية؟
ـ اصلي بعتها..والمشتري هيستلم انهارده..فوتك بعافية يا حلوة انتي وهي؟
(عن الشيطان إذا غوي، قريبا الحكاية 2، أغراب بلا وطن)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيت جواد وإيلا..
إضطر جواد للرحيل سريعاً حينما هاتفه أحد اصدقاءة القادمون من تلك الدوله الذي كان يعمل بها،
وتركها وحدها مع تلك العقربتين..
خلعت تلك الوقحه ثيابها، وبقت بملابسها البيتيه الملتصقه بجسدها بحجة أن جواد ليس هنا، وأنها ستبقي باقي اليوم مع زوجة عمها..
تعاملها دلال كما لو كانت خادمه..تخبرها طوال الوقت أنها هنا لتخدمها..
حاولت كظم غيظها، والتحكم بأعصابها، حتي لا تفلت..ولكن زادتها تلك، وهي تدور بالمنزل هنا وهنا، وتجرأت لتدخل لغرفة نومها…
إستقامت إيلا من مكانها بغضب..
و دفعتها بيدها بحده ، والقتها بعيدا عن الغرفه..بعدما كادت تدخل لها..
ـ رايحه فين أنتي؟
رمقتها نور بتكبر..
ـ هكون رايحه فين، هتفرج علي الاوضة دي..
إقتربت إيلا منها، ونظرت لها من الاعلي للاسفل بسخريه..
ـ ببساطه كده...مين سمحلك اصلا..استاذنتي مني؟
ـ وانتي مين عشان استأذن منك أصلا أوعي يا شاطرة، أنا هنا أعمل إللي يعجبني ….
فتحت الغرفة، وكادت تدخل الا أن إيلا عاودت جذبها من ذراعها بقوه، وفتحت فمها لتصرخ عليها..إلا أن ….
ـ إيلااااا
( أشتهي عناقاً..كأول عناق..ونظره كأول لقاء..بسمة خجولة من شفتيكِ، وأحاديثٍ طويلة معكِ ككل مساء..رسالة منكِ تأتيني بجوف الليل، تخبريني بها لا أستطيع النوم يا جواد، أبتسم جبراً، لأني أنتظرها منذ ساعات، فأجيبك سريعاً.. هل أستطيع الاتصال..؟
تجيبيني خجلةً.... أجل…
فتتسع إبتسامتي ، وأنا أفكر..يا مجنونتي ويا حمقاء أليس هذا عشق؟
لما تنكرين وتتددللين علي قلبي المشتاق..
ليتكِ بقربي وأنا أشبعكٍ عناق)
أشتهي عناقاً
عن سلسلة
(أغراب بلا وطن)
أسما الســيد..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..
صباحاً..
تسللت من جانبة بهدوء حتي لا تزعجة، زفرت بحزن علي هيئته المبعثره، ومدت يدها تتحسس وجهه بحنو..
ـ لو تعرف بحبك قد إية..مكنتش تأذيني كدا..إمتي هتعرف إني بتعكز عليك..وإنك بالنسبالي الكون كله..بشوف الدنيا بعنيك إنت..
مالت برأسها ولثمت جبينه برقة..وهتفت بإبتسامه..
ـ صباحك بكل الخير ياقلبي انت..ربنا يهديك ويوسع رزقك..
توضأت وتبعتها بـ صلاة الصبح، وخرجت لتلك التي تدعي المرض..وعلي يديها طفلها..
وضعته أرضاً ليلهو..وهتفت بإبتسامه مفتعلة بصعوبه..
ـ صباح الخير يا مرات عمي..مش احسن دلوقت
رمقتها دلال بكره..وأردفت بغل…
ـ هكون أحسن ان شاء الله وأنا بطلعك من هنا زي ما دخلتي..
لما ارجعك لسوسن مذلوله..ومطلقه وبفضيحة الناس بحالها تشاور عليكي ويقولوا اللي خانت جوزها..
قبض قلب إيلا من حديثها، وهتفت بصدمه..
ـ للدرجة دي بتكرهيني..أنا عملت إية لدا كله؟
نظرت دلال بحقد لأرجاء الغرفه وأشارت بيدها..
ـ بصي حواليكي..وإنتي تعرفي يابت الأبلسه..خير إبني كله خدتيه في بطنك..هو مين الأولي بدا كله..إنتي ولا أمه؟
إيلا بحزن..
ـ بس جواد عمرة ما قطع شهريته عنك..وإللي أنتي عاوزاه بيدهولك..لية عاوزه تحرميني وتحرمي إبنه يتربي في حضنه؟
ـ وهو شوية الملاليم إللي بيدهالي كل شهر دي..تيجي إية في إللي عنده وبيصرفه دا كلة..دا انتي بس مركبك عربية مجبهاش لأخته..هو أنتي أحسن من أخته..؟
ـ سما إللي رفضت لما قالها أجيبلها عربية زي إيلا..وقالتله أنا بخاف من السواقة أصلا..والله اتحايل عليها..حتي إسأليها..
ـ كدابة..ومفكراني هصدقك..ولو حتي حصل..أنا لازم احرق قلبك..وأخليه بنفسة يطردك بره..
نظرت لها إيلا، وهتفت بتهكم..
ـ مش جديد عليكي يا مرات عمي..ما اانتي زمان عملتيها في أبويا وخليتي عمي الله يرحمه يطردة وهو مفكر أنه عينه منك...مع إنه عمره ما كان بيطيق يبص في وشك..
إحمرت اعينها، وهتفت وهي تجز علي أسنانها بحقد..
ـ كويس إنك عارفه ياشاطرة..إني أقدر..وأقدر أعمل اكثر من الاول..خلي بقي بالك..وأديكي شوفتي بنفسك..إمبارح عمل إية، وقالك إية ياخدامه إنتي..
إبتلعت إيلا إهانتها، وهتفت بثقه..
ـ يااجل الورد ينسقي العوليق يا مرات عمي..أخدمك برموش عيني، عشان جواد يرضي عني..
عن إذنك هروح اشوف شغلي..مظنش محتاجة علاج ولا حاجه..علاجك هو تنضيف قلبك..ربنا يهدي…
تركتها وذهبت تمسح دموعها التي لو بقت دقيقة اخري أمامها لسالت أمامها وفضحتها..
أدت دورها علي اكمل وجه..وإبتلعت كافة إهانات حماتها لها التي تلقيها عليها كلما رأتها امامها، بصدر رحب وبلا حديث، لم تعطيها الفرصه ليتدخل جواد بينهم، حتي لا تصل لمبتغاها سريعاً، ستحارب حتي لا يخرب بيتها لاخر نفس بها..
تراها خلفها في كل مكان تذهب إلية بالمنزل..تتبعها حتي تفقدها صوابها، وتجيب عليها..
تهكمت بشفتيها وهي تركض من هنا لهنا خلفها..
أليست هذه هي مريضة امس..ومن كانت بحالة يرثي لها
حتي طفلها الصغير لم يسلم من تعنيفها، ويديها، كلما إقترب منها صرخت بوجهه، إلي أن فاض الكيل بها، واقتربت وحملت طفلها علي يديها، وهتفت بأذنه بحنو..
ـ متعيطش ياقلب ماما..يالا نصحي بابا بقي..عشان يتغدي..
اردفت دلال من خلفها بخبث..
ـ اااه..صحي بابا..اليومين دول من نفسكو..واشبعوا منه كمان..احسن هتودعوه للأبد قريب..
إستدارت تنظر لها بحزن علي شرها وليس علي تهديدها، رمقتها بصمت، وعاودت السير تجاه الغرفه..
دلفت للغرفه، وأغلقت الباب خلفها..أقتربت من الفراش وتركت طفلها يلهو بوجه أبية، واكتفت بالنظر للجهه الاخري تفكر بخوف بحديث حماتها..
دقائق وكان جواد يحتضن طفلة بسعاده.. ويقبل وجنتيه من جهه للاخري بعشق..
ـ قلب بابا..صباح الخير..والورد..والفل..والياسمين..
تمتم مالك ببضع كلمات..زادت من قهقهة جواد عليه..
ـ إية بتقول إية ياواد إنت..أصبح علي ماما..
هتف بخبث..موجهها حديثه لها..
ـ صباح الخير ياام مالك..
ـ……
ـ صباح الخير ياابلة إيلا..
ـ…….
هتف بعبوس مصطنع لطفله..
ـ امك مخصماني يا لوكا...يرضيك كدا..
إبتسم الطفل، وإبتعد عن أبيه..
زفر بندم وهو يلمحها تنظر للجهه الاخري..صامته..شاردة..ولا تجيبة..
إبتسم بحنو علي هييئتها المبعثره، وأقترب منها حد الالتصاق من الخلف..
أخذ نفساً عميقاً من عبقها الذي يجعلة يشعر أنه حياً، ما دامت هنا بجانبة...لف ذراعية حول خصرها ملصقاً ظهرها باحضانه..بقوة..تكاد تحطم ضلوعها..عناقها حياة، وما اجمل الحياة بعناقها..
أنفلجت من فعلنه..وهمست..
ـ جواد..بتعمل إية..؟..إوعي..
أغمض عينيه غير مكترثاً بترهاتها التي لا تساعدة ابداً للبعد..صوتها كزقزقة عصافير يريح النفس..ويغرقة بدوامه لا آخر لها..لو تعلم كم يعشقها..لو تعلم كم عاني سنوات وهو بعيداً عنها، يشتهي فقط رؤيتها، لم تملأ عينية أنثي غيرها طوال سنوات الغربة، وهو من كانت تتهافت النساء عليه..
وهو كالأبلة لم يقع إلا بعشقها هي، هو رجل لانثي واحدة..إيلا..
همس بحنو..وهو يلثم عنقها برقة..لم تساعدها أبداً علي أخذ موقف منه كالعادة..
ـ آسف...حقك عليا..عارف زعلانه مني..وليكي حق
أخذت نفساً عميقاً..وهمست بضعف..
ـ لية هو انت عملت حاجه تزعل..؟
تمتم بلا وعي..وهو يغيب معها بعالم آخر، يأخذه عشقها له..
ـ مش عارف..؟
فجأة..
تذكرت ليلة أمس، وحالته التي اتي بها، وقضمت شفتيها بعنف، وإستجمعت قوتها، ولكذته ببطنه بقوة..
ـ طب اوعي بقي كده..لما تبقي تعرف عملت ايه، نبقي نتكلم..؟
سقط علي الفراش، وهتف بألم..
ـ اااه بطني..يا إيلا..هموت..يا مفترية..
ـ جواد متهزرش..انت كويس..
ـ اااه..هموت..
أنتفضت برعب، واقتربت منه سريعاً وهو يتألم…
ـ جواد..مالك..فيك ايه..مكنش قصدي والله..عشان خاطري رد عليا بقي..؟
ـ ااه..اااه
ادمعت عينيها خوفاً عليه، وهو يلتوي أمامها من الألم..
ـ عشان خاطري يا جواد..رد عليا..أنا حاسة اني روحي بتطلع..أنا خايفة أوي.
ـ بطني ياإيلا...
همت أن تستقيم، وهتفت بحسم..
ـ لا بقي..هتصل بالاسعاف حالاً..كده مش هينفع..
إبتسم بخبث، وإستقام سريعاً، وحااوط خصرها بقوة.. قاذفاً إياها علي الفراش، وهو فوقها يحتجزها بجسدة..
شهقت بصدمه..
ـ بتضحك عليا ياجواد؟
غمز لها بطرف عينه ..وهتف بعبث..
ـ سامحيني يالا..
هتفت بغي….
ـ جواااد..أنت
أغلق شفتيها، وهو ينهل من شهدهما بشوق ولهفة..
كلما حاولت الفرار منه..غرقت أكثر..
هتف لها بأسفاً خاصاً، تقبلته بسعادة من بين شفتيه..
انتفضا معاً، علي صوت ضحكات الصغير العالية، وهو ينظر لهم ببراءه..
دفعته بيدها سريعاً، وهي تهتف بخجل و غيظ…
ـ عجبك كده يعني؟
هتف جواد بحنق، وهو يفترش الفراش بظهرة
ـ هادمة الملذات أنتي وإبنك…
حملت طفلها الذي يمد يده بسعادة لتحمله، وقذفته علي أبية..
جواد بغيظ..
ـ الله ما براحة يا إيلا..حملك أنا..
رمقته بغيظ..وهتفت من تحت اسنانها…
ـ أنا لسه منستش إللي حصل أمبارح علي فكرة..ولا سهرك تاني مع صحابك وشربك القرف ده..بعد ما وعدتني هتبطل..
نظر له كحمل وديع، وأردف ببراءه..
ـ حقك عليا..خلاص..آخر مره..
رفعت حاجبها، وأشارت بإصبعها..
ـ اخر مره؟
ـ آخر مرة..أنا كنت زهقان عشان رديتي عليا، و…
صمت قليلا…
ـ و...إية يا جواد..قول.؟
زفر بحزن وإقترب منها، واضعاً رأسة علي قدمها…مغمض عينيه…بلا حديث..
مالت برأسها ولثمت جبينه، وهمست بترو..وهي تدق بإصبعها علي قلبه بحنو..
ـ نفسي أعرف إية هنا مخبية عني يا قلب إيلا؟
لم يتحدث..أكتفي بسماع صوتها الحنون..الذي يبعث الراحه لعقلة المنهك من كثرة التفكير..
وتناقضاته التي لا حسر لها..احيانا يشعر وكأنه مريض، يحتاج لطبيب..وعلاج نفسي مكثف، ليصبح سوياً، ويستطيع إخراج ما يشعر به..
همست بحنو، وهي تدلك جبينه ورأسة بهدوء بأصابعها..
جعلته كالسكير بين يديها..
ـ احكيلي إللي تاعبك، وشاغلك يا قلبي..
قولي مالك...محتار لية، ومحيرني معاك..ساعه كويس، وساعات مببقاش عارفه مين بيتكلم..إحكيلي يا جواد..ولا مش من حقي..؟
هتف بحزن..
ـ انتي عارفه ياأيلا..إللي حصل..وخناقتي مع راسل..خلتني مش قادر أميز أنا بقول إيه، أنا عارف أن أمي مش ملاك…
بس كلام راسل، ودموعها خلوني مش شايف قدامي..
انا مش عارف الدنيا مخبيالي إية، بس..؟
صمت، فهتفت بحنان..
ـ بس إية..يا قلب إيلا؟
ـ أنا خايف أخسرك
ـ لية بتقول كدا؟
ـ مش عارف، بس أنا مش مرتاح ياإيلا..حاسس اني متكتف..وتاية..في حاجة في قلبي علطول خايف ومش مطمن..
ـ سلامتك من التوهه….والخوف..
فتح عينية ببطء، وهتف برجاء..
ـ إوعي تسيبني ياإيلا...مهما عملت..ومهما صدر مني، إعرفي أني هبقي محتاجك انتي بس جمبي…إعرفي إن جواد من غيرك بيبقي تايه وضايع..البصه بعنيكي عندي بالدنيا كلها..
إبتلعت ريقها بصعوبة..هي تشعر نفس الشعور منذ دلفت والدته لهنا وكلامها لها صباحاً، والان قُبض قلبها فجأه مجدداً ، وهي تستمع لحديثه..
ـ أنا ساعات كتير مبعرفش أنا بقول إية؟
ولا عشان إية..؟
بس كل أعرفة أني عاوزك جمبي دايماً، أنا بحس بالغربة وانتي بعيدة عني ياإيلا..
أردف مكملاً بتساؤل…
ـ هتفضلي جمبي يا إيلا؟
إزدردت ريقها، واومأت..
ـ للعمر كلة…مفيش حاجه هتفرقنا ياقلب إيلا..أنا مليش غيرك أصلا..وأنت عارف كده..
إنتفض من علي قدمها، ملقياً بنفسة بين ذراعيها، كطفلها، عانقها بكل قوته كمن كان محروماً منذ أعوام من عناقها..
وهي كحاله..كانت تشتهي ذاك العناقِ..
إمتلأت الغرفه بضحكاتهم وهمساتهم معا، ونسوا من هنا، ضحكات طفلهم السعيده..التي تصل لتلك بالخارج..
جعلت لهيب قلبها يشتعل..
كل دقيقه تقترب من باب الغرفه الواسعه..لتستمع لحديثهم، ولكن لم تستطع..
جزت علي اسنانها وهتفت بحقد…
ـ ماشي ياأيلا ان ما ربيتك ما بقاش انا...هانت واحرق قلبك زي ما حرقتي قلبي علي إبني البكري، ولهفتيه مني..
وزي ما خرجت ابوكي بفضيحة هخرجك بواحدة زيها..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ساعه..
جهزت إيلا طعام الغذاء..وعاونها جواد بوضعه علي المائده..
وكلما وقعت عينها علي عين دلال، ترمقها بكرهه، تقابلة إيلا بلا مبالاه..
دلف جواد خلفها ليحضر باقي الطعام، وجدها تقف شارده بشيء ما بهاتفها..
إقترب منها ونظر لما تفعلة….كانت تبحث عن ذاك الحساب الذي كان يراسلها ولا آثر له..
هتف جواد بتساؤل..
ـ في إية ياإيلا..ممكن أعرف بقي مخبية إية عني، ومتكدبيش عليا، ولا تحبي اعرف بطريقتي أنا؟
إستدارت ونظرت له، وهتفت بثقه..
ـ وهخبي ليه..انت عارف مبخبيش عنك حاجه..دا واحد حقير حب يلعب عليا بالصور بتاعتي إللي عالفيس..
وضع الطبق بهدوء بجانبة، ونظر لها بتمعن، وهتف بترو..
ـ وبعدين؟
هزت كتفيها بلا مبالاه...وهي تضع الطعام بالطبق الاخر...
ـ عملت معاه الصح، وتقريبا قفل حسابه، لما خاف مني..
ـ وكان عامل إية في الصور..!
ـ مش محتاجه سؤال انت فاهم الصور بيتعمل فيها إية؟
ـ إسمه إية؟
ـ الاكونت كان إسمه صبري..ومش فاكرة الباقي..
ـ صبري..إية..حاولي تفتكري..؟
ـ مش فاكرة ياجواد..مكنتش مركزه..الكلام ده بعد ما خرجت امبارح..وللاسف مالك عيط، وملحقتش أهكرة واعرف مين ده ولا مين وراه..ولما نام حاولت تاني لقيته أتلغي..
رمقها بصمت، بلا أي تعبير..فهتفت بقلق..
ـ مالك بتبصلي لية كده..؟
نفض رأسة، واردف بهدوء..
ـ مفيش بس هو انا مش قلتلك شيلي الصور دي؟
اومأت بخوف…
ـ انا شلتهم امبارح فعلاً..أنا مكنتش أتوقع أنها توصل لكدا يا جواد صدقني..
رمقها بحده..وهتف بغضب..
ـ أنتي عارفه انو بيوصل لاكتر من كده وأنا حذرتك..بس بتحبي تستهبلي..ولو معلمتكيش حاجه..كنتي زمانك وقعتي فريسه للاشكال دي..
بتر حديثه و صدرة يعلو ويهبط، وهو يحاول كظم غيظه وغضبه منها..
ـ مفيش فايدة فيكي ياإيلا..بس تمام بعدين نكمل..يالا.
إستدار ليخرج من المطبخ..فابتعدت تلك التي كانت تتسمع لحديثهم سريعاً..
وهرولت إيلا خلفه، وامسكت بذراعه..
ـ لا يا جواد عشان خاطري….بلاش نزعل من بعض تاني..انا مبعرفش اعمل حاجه وانت زعلان مني..
هتف بإستنكار..
ـ انتي شايفه ان اللي حصل ميزعلش، ميحرقش الدم يعني..
طب سيبك من اللي عملة الحقير ده، لان دا تمامه، ومش هيعرف يعمل أكتر من كده، وهجيبة يعني هجيبه.. لو في سابع سما…
بس انا بقولك أن عمر حياتنا ما هتنصلح وانتي عملاها مشاع للكل علي الفيس ياإيلا..
كلمتك كام مرة في الموضوع ده….بلاش تنزلي صورنا واحنا مع بعض..الناس ليها الظاهر، ميعرفوش ان احنا بنتصور بس واحنا بنضحك، واحنا فرحانين، واحنا متفاهمين مع بعض، ودا نادر أصلا لما بيحصل… إحنا علطول متخانقين ياإيلا، ولا أنتي شايفه غير كده؟
هتفت بخجل من نفسها فهي تعلم أن هذا ما يحدث، وانه علي حق..وأن كل صورة تشيرها، تأخذ بعدها من سعادتهم معاً..
ـ عندك حق..بس..
زفر بتعب…
ـ يالا إيلا اكيد امي بتقول بيعملوا ايه كل ده..؟
أومأت بصمت، وسارت خلفه..وجلست بجانبه..ملتزمه الصمت التام..تعبث بطبقها فقط بلا شهية..
إلا أن رن الجرس…
هتفت، وهي تستقيم لتفتح الباب..
ـ مين اللي هيجلنا دلوقت؟
امسكها من يدها، وجذبها لتجلس ويستقيم هو..
مردفاً بأمر..
ـ مش عارف..هروح أفتح..كملي أكلك عشان إللي في بطنك يا إيلا..
إتسعت أعين دلال بصدمه..
ـ إنتي حامل؟
رمقتها إيلا بسخريه، وهتفت بتهكم…
ـ ومالك اتخضيتي كده يا مرات عمي..مش مبسوطه لجواد ولا ايه؟
رمقتها دلال بكره…
ـ مش هيكمل..داعية عليكي ينحرق قلبك زي ما حرقتي قلبي علي ابني..
بحركه تلقائية، وضعت إيلا يدها علي بطنها بحماية، وهتفت برعب..
ـ بعيد الشر…حرام عليكي ليه كده
قاطع حديثهم تلك التي دلفت سريعاً، تنادي علي دلال..
ـ مرات عمي..وحشتيني اوي…يا مرات عمي..كده..اهون عليكي..دا انا من ساعة ما مشيتي وانا عمالة ابكي..البيت وحش اوي من غيرك ياحبيبتي
دلال ببكاء مصطنع..
ـ نوور..ياقلب مرات عمك..انا كمان ميجنيش اعز منك..ربنا ما يحرمني منك..ياما كان نفسي تكوني إنتي اللي بتخدميني دلوقتي…
اتسعت اعين إيلا بعدما فهمت ما ترمي إليه، نظرت لها بصدمه..
ورفعت عينها تبحث عنه، وجدته مصوباً نظره عليها، نظرتها كانت مصدومه، تحكي ألف معني..
أحس بها..
وإقترب وجلس مكانه بجانبها ..ومد يده ممسكا بيدها المرتجفه أسفل المائده وضغطها بحنو..ورفعها علي فمه ولثمها برقة أمام تلك التي جلست امامه تنظر لهم بحقد. ..
وهتف بثقه..
ـ ولا مليون ست تملي عيني وقلبي..ربنا يخليكي ليا ياعمري..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صعدت السطح بيدها طفلين مفتورين من البكاء..لم يتعدي عمرهم السابعه بعد..
وإقتربت من الباب الملون بلون الورد الرقيق..يشبة قاطنية، ودقت بعنف..
إنتفضت جيداء من علي الفراش، ورمقت شقيقتها بخوف..
ـ مين بيدق كده..ربنا يستر..
هتفت جيلان بتعب..
ـ هو في غيرها...اكيد بوز الاخص مرات ابوكي..
فتحت جيداء الباب..
ـ إية في إية؟
دفعت سماح زوجة ابيها الاطفال بكل قوتها للداخل..وهتفت بصراخ..
ـ اخواتك اهم اللي انتي قرفاني بيهم..ومن انهارده مليش اي علاقة بيهم..انا هتجوز يا عنيا..انا لسه في عز شبابي، اللي أكلة ابوكي الله ينتقم منه..
إتسعت اعين جيداء، وهتفت بصدمه..
ـ هتتجوزي؟
توسطت سماح خصرها بيدها، وهتفت بشماته وهي تمضع علكتها..
ـ ااه يا عنيا.. مالك وشك جاب ألوان ليه، أنا ست متقدرش تعيش من غير راجل..والرجاله هتموت عليا..
اخواتك من الليله ملزومين منك..وده..
ـ إية دا؟
فتحت الورقه أمامها، ووقعتها وضربتها بوجهها بقوه..
ـ دا تنازل مني ياروح امك عن اخواتك..مش عاوزاهم..مبروك عليكي..وعلي اختك هتبقوا عيلة يابت أهو..
تجمعت الدموع بمقلتيها، وهتفت بحزن..
ـ وأنا هصرف عليهم منين بس..حرام عليكي انتي بتاخدي معاش بابا كله..وقبضي يادوب بيكفيني انا واختي بالعافيه..
هتفت بتقزز..
ـ معاش إيه يا عنيا إللي باخده...دول هما 800ج عومي..مبيقضيش دروس للواد والبت..عموما أنا هتجوز وابقي خديه اشبعي بيه ياعنيا..
ـ محدش فينا هيقدر يعوضهم عن حضنك حرام عليكي راجعي نفسك..
ـ راجعت وبصمت وختمت..انا ست حرة من دلوقت..واخواتك انتي حرة فيهم..مسؤلين منك..
ـ طب وشقة بابا...؟
ـ هو انا مقولتلكيش؟
ـ قولتي إية؟
ـ اصلي بعتها..والمشتري هيستلم انهارده..فوتك بعافية يا حلوة انتي وهي؟
(عن الشيطان إذا غوي، قريبا الحكاية 2، أغراب بلا وطن)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيت جواد وإيلا..
إضطر جواد للرحيل سريعاً حينما هاتفه أحد اصدقاءة القادمون من تلك الدوله الذي كان يعمل بها،
وتركها وحدها مع تلك العقربتين..
خلعت تلك الوقحه ثيابها، وبقت بملابسها البيتيه الملتصقه بجسدها بحجة أن جواد ليس هنا، وأنها ستبقي باقي اليوم مع زوجة عمها..
تعاملها دلال كما لو كانت خادمه..تخبرها طوال الوقت أنها هنا لتخدمها..
حاولت كظم غيظها، والتحكم بأعصابها، حتي لا تفلت..ولكن زادتها تلك، وهي تدور بالمنزل هنا وهنا، وتجرأت لتدخل لغرفة نومها…
إستقامت إيلا من مكانها بغضب..
و دفعتها بيدها بحده ، والقتها بعيدا عن الغرفه..بعدما كادت تدخل لها..
ـ رايحه فين أنتي؟
رمقتها نور بتكبر..
ـ هكون رايحه فين، هتفرج علي الاوضة دي..
إقتربت إيلا منها، ونظرت لها من الاعلي للاسفل بسخريه..
ـ ببساطه كده...مين سمحلك اصلا..استاذنتي مني؟
ـ وانتي مين عشان استأذن منك أصلا أوعي يا شاطرة، أنا هنا أعمل إللي يعجبني ….
فتحت الغرفة، وكادت تدخل الا أن إيلا عاودت جذبها من ذراعها بقوه، وفتحت فمها لتصرخ عليها..إلا أن ….
ـ إيلااااا
( أشتهي عناقاً..كأول عناق..ونظره كأول لقاء..بسمة خجولة من شفتيكِ، وأحاديثٍ طويلة معكِ ككل مساء..رسالة منكِ تأتيني بجوف الليل، تخبريني بها لا أستطيع النوم يا جواد، أبتسم جبراً، لأني أنتظرها منذ ساعات، فأجيبك سريعاً.. هل أستطيع الاتصال..؟
تجيبيني خجلةً.... أجل…
فتتسع إبتسامتي ، وأنا أفكر..يا مجنونتي ويا حمقاء أليس هذا عشق؟
لما تنكرين وتتددللين علي قلبي المشتاق..
ليتكِ بقربي وأنا أشبعكٍ عناق)
