رواية حب تحت الرمال الفصل الثاني 2 بقلم مجدولين محمود
الفصل الثاني
¤ عِطرُ الربيعِ ....أنتي ¤
---------------------
وجدت فاتن صعوبة كبيره في حمل أكياس مشترواتها و السير بهذا الحذاء ذو الكعب العالي جدا ، ترنحت قليلا و كادت أن تسقط ، لولا يد غليظه قامت بإسنادها في اللحظة الأخيره .
تطلعت إلى الرجل الذي قام بإسنادها و قالت : ميرسي لحضرتك .
كانت ذراعه ما تزال تطوق خصرها ، أرادت إزاحتها و الابتعاد عنه ، و لكنها لم تعِ كيف ، فيداها مشغولتان بتلك الأكياس ، عوضا عن ذلك قالت بحزم : قلتلك ميرسي و تقدر تكمل طريقك .
قال مبتسما : ميصحش ، لازم أوصلك لحد البيت ، هاتي عنك .
و مد يديه ليلتقط الأكياس ، لتقول فاتن : مفيش داعي ، و ميرسي مره تانيه .
ثم أكملت طريقها ، لتلاحظ سيره بجوارها ، أسرعت فاتن خطاها ، فقام بالمثل ، ثم و على حين غره التقط أحد الأكياس من يدها ، لتصرخ فاتن قائله : يا أستاذ عيب كده .
قال الرجل : بالراحه عليا يا طعمه ، أنا قصدي شريف ، ثم أضاف ضاحكا : أنا طالب القرب من جمال سيادتكم .
نظرت فاتن للرجل و للكيس الذي أصبح بحوزته ، تنهدت و آثرت عدم افتعال مشكله معه و أكملت مسيرها ، و لكنه لم يفهم الرساله بعد ، بل استمر في تتبعها و محاولة التلاطف معها .
أسرعت فاتن أكثر ، لتتعثر و تسقط أرضا ، و لسوء حظها قام ملاحقها بمساعدتها مره أخرى ، و لكن هذه المره بقيت يداه مطبقتان على خصرها .
صاحت فاتن بعنف : يا حيوان شيل إيدك .
قال الرجل مبتسما : تؤ تؤ ، بس برده طعم و انت متعصب .
و قال صوت ذكوري آخر : شيل ايدك ، أحسن ما أقطعهالك .
التفت الرجل بعد أن أرخى قبضته عنها و قال : و مين بقى حضرتك ، محامي بنات الليل !
شهقت فاتن ليقوم جارها بلكم الرجل قائلا : غور من هنا لاحسن أرتكب فيك جريمه الليلادي .
قال الرجل بعد أن عاد لتوازنه : و على ايه ، ثم ألقى نظره متفحصه ناحيتها و قال : ملكيش فالطيب نصيب .
و استدار مغادرا ، لتقول فاتن : ميرسي اوي ، ده واحد متخلف .
قال يحيى بغضب : ما انتي لو كنتي لابسه حاجه عدله مكنش أتعرضلك .
قالت فاتن بامتعاض : تقصد ايه ، أنا السبب في سفالته !
قال يحيى بغيظ : لا هو سافل بالفطره ، ليه بقى تديه سبب تاني يسمحله يتطاول بيه عليكي .
قالت فاتن بحنق : تاني أنا السبب .
قال يحيى بفروغ صبر : هو انتي مسمعتيش شبهك بمين .
تنهدت فاتن و قالت بحرج : لا سمعت و ميرسي إنك فكرتني .
قال يحيى : مش قصدي أدايقك .
ابتسمت فاتن ، ثم انحنت لتلتقط حاجياتها التي بعثرت في الأرض نتيجه لترنح معاكسها و إسقاط الكيس الذي كان بحوزته .
قال يحيى بحده بعد أن كشف انحناءها عن مفاتنها : بجد ميصحش كده....
قالت فاتن : هو ايه اللي ميصحش .
هز يحيى رأسه و قال : أصل ...استني أنا هالمهوملك .
قالت فاتن : مفيش داعي .
قام يحيى على عجاله بجمع حاجياتها التي بعثرت في الارض ثم قال بعصبيه : خلاص اهم و ناولها الكيس ، ثم قام بالتقاط أكياسه هو الآخر .
قالت فاتن : ميرسي مره تانيه ، تعبتك معايا .
قال يحيى باقتضاب : العفو ، ثم أكمل مسيره ، و كذلك فعلت فاتن ليسيرا متقاربين .
تعثرت فاتن مره أخرى بسبب كعب الحذاء ، ليقول يحيى : هاتي عنك .
قالت فاتن بتردد : مفيش داعي ، كلها خطوتين و نوصل .
أصر يحيى ، فاستجابت له محرجه ، قال بعد أن دلفا إلى مصعد البنايه : طالما مش بتعرفي تمشي بيه ، بلاه أحسنلك .
زمت فاتن شفتيها و قالت : لا أنا بعرف أمشي بيه كويس جدا ، بس عشان شايله حاجات تقيله .
خرجا من المصعد ، ليوصل يحيى الأكياس إلى باب شقتها قائلا : تحبي أحطهوملك جوه .
تناولت فاتن الأكياس من يده ، ثم قالت: هو انت....
لم تكمل فاتن جملتها ، فلقد استدار جارها مسرعا باتجاه شقتهم ..
تمتمت فاتن : يعني كان مصمم يساعدني و دلوقت هيعمل نفسه تقيل و لا ايه حكايته ده ..
دلفت فاتن الى الشقه محتاره من تصرف جارها الشاب ، فلقد دافع عنه و اصر على مساعدتها و من ثم رحل فجأه .. فكرت في نفسها : اهو في رجاله بتساعد لله يعني ، مش على راي ماما لازم يكون ورا مساعدتهم غرض او مصلحه....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استلقى كِنان على سرير صديقه لؤي محدقا في السقف ، و مذعورا من القرار الذي عزم عليه ، و لكن عاطفته تجاهها طغت على أي ذرة تفكير أو حتى تعقل .
قال لؤي مستنكرا : ايه مش هتقولي رأيك فالمقاله اللي هانزلها على مجلتي ؟
استفاق كِنان من شروده ، و عاد بانتباهه إلى صديقه لؤي ، الذي طالما طلب مشورته في مقالاته التي ينشرها على مجلته الالكترونيه و التي قام أخوه يحيى بتصميمها له .
قال كِنان معتذرا : معلش يا صاحبي ، حالا هقراها ، بس الأول ممكن أدخل الحمام .
قال لؤي : ما تروح يا بني .
تنحنح كِنان و قال : عادي يعني ..
قال لؤي : هو انت أول مره تعملها هنا ، و بعدين هما قاعدين في الصاله و ليلى فاوضتها .
أومأ كِنان برأسه و خرج من غرفة لؤي .
أغلق باب الغرفه و أسند رأسه على الحائط المجاور ، محاولا التقاط أنفاسه ، استجمع شجاعته ، و سار في الممر المؤدي إلى غرفتها ، طرق الباب .
قالت ليلي بصوت مرتفع : اتفضل .
أخذ كِنان نفسا عميقا ، و أدار مقبض الباب ، وقف لثوان يتأملها منغمسه في كتابة شيء ما على حاسوبها .
استدارت قائله : في ايه... ثم توقفت عن الحديث و فغرت فاهها مصدومه .
أغلق كِنان الباب خلفه و قال : ليلي أنا ..
نهضت ليلى من مقعدها مفزوعه و قاطعته قائله : انت اتجننت ، ايه اللي بتعمله هنا !
قال كِنان بصوت خفيض : طب أعمل ايه ، بقالك أسبوع مش راضيه تكلميني .
قالت ليلى باضطراب : أكلمك ده ايه ، هو أنا في بيني و بينك كلام أصلا .
قال كِنان بعصبيه : بلاش شغل العيال ده معايا .
و لدهشته قامت ليلي باللطم على وجنتيها قائله : أبوس ايدك ، أبوس ايدك اخرج بره .
قال كِنان برجاء : هاخرج بس قوليها .
قالت ليلى بذعر : أقول ايه ...
قال كِنان: انتي عِطر الربيع ، مش كده..؟؟؟؟
نظرت ليلى له متردده ، قال كِنان: أرجوكي .
أومأت ليلى برأسها ، ليقول كِنان : طب شيلي البلوك اللي عملتيه .
قالت ليلى : أرجوك اخرج بره ، انت مش عارف لو حد منهم شافك هنا هيحصل ايه .
قال كِنان: طب أوعديني تشيلي البلوك ، و ترجعي تكلميني من تاني .
قالت ليلى : أوعدك ، أوعدك ، بس يلا أطلع من هنا .
قال كِنان بسرعه : الساعه تمانيه ضروري نتكلم ، ها .
أومأت ليلى له ، ليخرج من غرفتها مسرعا .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وقفت فاتن أمام خزانة والدتها ، محتاره أي تلك الأثواب سيليق بها أكثر ، و تمنت لو أن باستطاعتها أن تقضي ليلتها هنا بدلا من الذهاب مع والدتها إلى حفل افتتاح فيلمها الجديد ، فتلك الحفلات لم تعد ترق لها ، صحيح أنها في معظم الأحيان تلتقي بكبار النجوم و الاعلاميين و الذين يعاملونها بلطف شديد ، و لكن مؤخرا أصبح حضور تلك الحفلات بمثابة كابوس بالنسبه لها ، و السبب ....
قالت انجي بضيق : ايه لسه مخترتيش واحد ؟
قامت فاتن بالتقاط أحد الفساتين بسرعه و قالت : اهو يا ماما ، هالبس ده .
قالت انجي : طب يلا بسرعه ، خميس هيجي بعد شويه يوصلنا .
ارتعدت مفاصل فاتن فور سماعها اسمه و قالت : يا ماما أنا مش بحب الراجل ده ، و خلاص معدتش رايحه معاكي .
قالت انجي بعصبيه : حبتك عقربه يا شيخه ، ده اللي هينشلنا من الشقه الحقيره دي ، و تقوليلي مش بحبه.
قالت فاتن محاولة التخفيف عن والدتها : و مالها الشقه دي ياماما ، و الله جميله ، و بعدين لما ان شاء الله الفيلم بتاعك ينجح ، أكيد الشركه هتنتجلك المسلسل و هتاخدي فلوس كتير و نقدر ننقل من هنا .
قالت انجي متأففه : طب يلا البسي ، و لا عايزاني أركب معاه لوحدي .
أطاعت فاتن والدتها ، غير قادره على تركها تذهب بمفردها بصحبة ذلك الرجل البغيض خميس النونو .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أضاء اسم عِطر الربيع على صفحته من جديد ، ابتسم كِنان و على الفور أرسل لها : بحبك يا ليلى بحبك.
صفعت ليلى نفسها و أرسلت : ايه الكلام اللي بتقوله ده بس ....!
كتب كِنان: طب اديني رقم الفون بتاعك ، عشان أفهمك .
كتبت ليلى : مش هينفع .
كتب كِنان: كده هتخليني اكرر اللي عملته انهارده.
كتبت ليلى : يا نهار اسود ، انت عايز تودينا في داهيه .
كتب كِنان: اديكي قولتيها ، تودينا يعني احنا ، يعني انا و انتي بقينا في مركب واحده ، أنا هاكتبلك رقمي و ارجوكي ترني عليا دلوقتي ، و هاطلبك و نتفاهم .
بقيت ليلى دقائق تحدق في الشاشه أمامها ، تنظر إلى الرقم ، و بعد تردد كبير أمسكت هاتفها و طلبته .
قام بإلغاء الاتصال ، و بعد ثوان وجدت رقمه يضيء شاشة هاتفها ، ضغطت رد و قالت بصوت مرتعش : الو .
قال كِنان بصوت أجش : السلام عليكم .
- و عليكم السلام و رحمة الله .
- ازيك يا ليلى .
- مرعوبه .
- أرجوكي متخافيش ، أنا مستعد أقف قصاد الدنيا كلها عشانك .
- يا كِنان كلامنا مع بعض غلط ، أولا أنا مخطوبه و ثانيا انت صاحب أخويا و لو لؤي عرف هتخسروا بعض للأبد.
- جايه تقولي كده بعد ما علقتيني بيكي و مشاعري مبقتش فايدي .
- أنا آسفه ، مكنش قصدي و مكنتش أعرف إنك بسهوله هتعرف أنا مين .
- و اديني عرفت ، و خلاص معدش ينفع تستمري مع خطيبك ، ليلى انتي لازم تسيبيه.
- بالسهوله دي ....!
- وايه اللي يمنع ، أنا اللي فهمته من كلامك إنك تعيسه معاه ، ايه يجبرك تكملي فالخطوبه دي ؟
- أنا لما فتحتلك قلبي ، مكنتش أعرف إنك هتتعلق بيا و كمان تعرف أنا مين ، فأرجوك أي حاجه قلتها و أنا متخفيه باسم عطر الربيع ضروري تنساها .
-مستحيل أنسى ، ليلى أرجوكي تاخدي خطوه ، أنا مقدرش آجي و أتقدملك و انتي مخطوبه .
- يا كِنان ، أنا كلمت بابا بدل المره ألف و مش مقتنع برأيي و مصر إني بدلع و مش عارفه مصلحتي .
- طيب أنا هأكلم لؤي .
- أوعى تعمل كده ، أنا هحاول مع بابا تاني .
- طب أنتي عندك محاضرات بكره ؟
- أيوه ، ليه ؟
- عايز أشوفك .
- بلاش و النبي حكاية إننا نتقابل ، أنا مهما كان مخطوبه و كمان مش حابه أخون ثقة أهلي فيا .
- أحنا مش هنتقابل و نتكلم ، أنا بس عايز أشوفك و اطمن عليكي من بعيد لبعيد .
- طب أرجوك توفي بوعدك ، و متحاولش تكلمني .
- حاضر .
أغلق كِنان الخط ، و تنهد بحرقه ، داعيا الله أن ينزل الصبر على قلبه ، لتحمل هذا الوضع ، فمن أحبها قلبه مرتبطه رسميا برجل آخر ، رجل على حسب وصفها له يفتقد أدنى مستويات التفاهم معها ، و الأدهي أنه لا يتحلى بأي نخوه أو مروءه ، سخر كِنان من نفسه فأي نخوه يمتلكها هو و قد قام بمشاغلة أخت صديقه المقرب، أليست هذه تعد خيانه من الدرجه الأولى ، و لكن نيته و قصده شريفان ، فحالما تنهي خطبتها سيتقدم لها رسميا ، و تساءل كنان ما الذي سيحل به إن رفض والدها فسخ الخطبه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
احتضنت ليلى هاتفها ، واضعه إياه بالقرب من صدرها ، و همست : و أنا كمان بحبك.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال أنس لصديقيه المنكبين على كتابة أكواد البرمجه : مين فيكو هيروح الافتتاح ؟
قال مالك : أنا مش هاقدر و بعدين مش الفكره فكرتك ما تروح انت .
ضحك أنس بتهكم و قال : الليله مشغول ، مستني مكالمة زبون مهم من الخليج و احتمال كبير يمولنا بفلوس كتير .
قال يحيى : أصلا هنروح نعمل ايه ، ندلل على نفسنا .
قال أنس بعصبيه: ندلل ، انت مهندس انت ، اسمها نعمل دعايه و تسويق لشركتنا .
سأل مالك : و ايه علاقة شركتنا بالأفلام ؟
قال أنس : يا نهار أسود ، احنا مش افتتحنا موقع للتواصل بين الشباب ، اهي شركات الأنتاج ممكن تدفعلنا فلوس اد كده عشان تروج لأفلامها بين الشباب ، و كمان ممكن يطلبوا نعملهم تصميمات للأفيشات و حاجات كتير.
سأل يحيى : بس انت ازاي قدرت تجيب دعوه للحفله دي .
قال أنس بعد تفكير : عندي طرقي الخاصه.
لم يشأ اخبارهم بأنه حصل على الدعوه من أحد الموظفات بالمونتاج التابع لتلك الشركه ، و التي حصلت على دعوتهم بطرق بالتأكيد ملتويه من أجل إرضائه ظنا منها أنه سيقوم بالفعل بالتقدم لخطبتها ، غبيه ، هل يوجد رجل عاقل يرتبط بفتاه تتجاوز بحريه معه دون أي رباط رسمي بينهما .
تنهد مالك و قال برجاء : روح انت يا يحيى و ريحنا من زنه ، الله لا يسيئك.
أطرق يحيى مفكرا ، ثم قال : بس بشرط ، احنا مش هنقبل نعمل دعايه الا أما نتأكد إن مضمون الفيلم محترم و هادف .
ضحك أنس بسخريه و قال : مش هنقبل ، حسستني إنهم ما هيصدقوا و هيمسكوا فينا بأيديهم و سنانهم .
قال يحيى بجديه : بكره يحصل ، أنا أحلامي فوق السحاب و إن شاء الله هأحققها .
قال مالك و أنس بصوت واحد : بركاتك يا سيدنا الواثق .
ضحك يحيى لدعابتهم المعهوده ، و التي انبثقت نتيجه لايمانه المستمر بشركتهم ، فحينما تهبط همتهم و تصعب عليهم المشاكل ، يقوم بتحديهم لاخراج أفضل ما لديهم ، و حثهم على الايمان المستمر بقدراتهم ، كما آمن هو بأن بامكانه بدء مشروعهم رغم عدم اقتناعهم في البدايه ، لكن ها هم الآن في مقر شركتهم الصغيره .
قال يحيى : أديني العنوان و ربنا يسهل
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت نوف تجلس بين أحبائها العصافير، تدندن معهم بصوتها العذب ، و الذي ورثته عن والدها ، فهد الشيمي .
فتحت نوف قفص عصفور الكناري ، بعد أن لاحظت اختفائه ، لتجده ملقى في قاع القفص ، فاقدا للحياه .
أغلقت نوف القفص ، حزينه على حالها و حال أحبائها العصافير الصغيره ، فحتى تلك الكائنات الرقيقه لم تسلم من الشر الكامن في قلب زوجة أبيها ، فهذا هو العصفور الخامس الذي يموت لها خلال أسبوعين .
تنهدت و حاولت طمأنة نفسها بأنها قريبا سترتاح من شرورها ، فلقد وعدها أنس ، حال تحسن حالتهم الماديه بالمجيء إلى هنا و التقدم لها رسميا.
خرجت نوف من العش الخشبي الذي أقامه والدها كي تربي فيه العصافير كيف تشاء ، بعد رفض زوجته السماح لها بالاحتفاظ بهم داخل المنزل .
و في طريقها للمنزل ، قابلت أختها الصغيره ريم ، انحنت نوف لتداعب شعر أختها قائله : شلونك حبيبتي .
ضحكت ريم و قالت : ممكن تلعبي معي بعروس الباربي .
همت نوف بالموافقه و لكن استوقفتها زوجة أبيها حصه بنهرها لريم قائله : ريم ، دشي البيت و بلا مصخره ، هالحين مو وقت لعب .
دلفت ريم إلى المنزل مستاءه ، و تبعتها نوف بعد أن رمقتها زوجة أبيها بنظره حانقه.
و فور دخولها غرفتها ، قامت بفتح الحاسوب الخاص بها ، لمحادثة أنس ، فهو الوحيد القادر على التخفيف و لو قليلا عنها .
وجدت اسمه متاحا على برنامج السكايب ، و فور دخولها أرسل لها طلب محادثه بالكاميرا ، قبلت الطلب و أضاءت الكاميرا الخاصه بحاسوبها هي أيضا .
قال أنس : ده ايه القمر اللي قدامي ده يا ربي.
ضحكت نوف ، مخفيه وجهها بيدها و قالت : بليز متكسفنيش بقى .
قال أنس : أيوه كده ، كلميني مصري ، عشان استوعب كل كلمه بتنطقها الشفايف الروز دي .
قالت نوف معاتبه : و بعدين وياك .
قال أنس : لالا أبوس ايدك ، ارجعي مصري تاني .
ضحكت نوف و قالت : من عنيا ، حاضر ، ازيك يا أنس .
ضحك أنس و قال : تعبااااان ، نفسي يجي اليوم اللي يلمنا بيت واحد ، أبقى مطمن عليكي و متغبيش لحظه واحده عن عيني .
تنهدت نوف ، ليقول أنس : نفسي نفسي آخدك في حضني و أخبيكي مالكون كله ، خصوصا الست حصه المقرفه دي .
لاحظ أنس مدى تأثر نوف بكلماته ، فاستغل الفرصه و قال : ممكن أطلب منك طلب يا روح قلب أنس .
أومأت نوف برأسها بسرعه و قالت : عيوني الك حبيبي .
قال أنس بانفعال : الله كلمة حبيبي طالعه من بؤك زي الشهد ، بس حبيبك مزنوق في قرشين .
قالت نوف على الفور : أنا ممكن أبعتلك فلوس على حسابك فالبنك .
قال أنس مدعيا الحرج : لالا مش معقول هآخد من مصروفك ...
قالت نوف : دي فلوس مش محتاجاها ، اللي بيزيد من مصروفي بيفضل فالبنك ، و بعدين انت لما ربنا يفتحها عليك ابقى رودهملي.
قال أنس : طب خدي بيانات حسابي عندك .
سجلت نوف بيانات الحساب ثم قالت : يلا بقى مضطره أقفل ، لازم أنزل أتعشى مع بابا و اخواتي.
قال أنس : كده هتقفلي من غير ما تديني السكر بتاعي .
قالت نوف بخجل : يا أنس الحاجات دي عندنا عيب جدا ، و أعتقد عندكو كمان .
قال أنس : الحاجات دي هي اللي بتثبت حبك ليا ، ثم أرسل لها قبله على الشاشه .
ثم قال : كده هزعل منك و هخاصمك .
قامت نوف محرجه بارسال قبله له ، ثم قالت : ده أنا أموت لو يوم مكلمتنيش.
قال أنس : بعد الشر عليكي يا حبيبتي .
صفر أنس مبتهجا بعد إنتهاء محادثته مع نوف ، محققا هدفه الأول و هو الحصول على بعض المال من تلك المدلله الثريه ، أما هدفه الثاني فلقد وضع اليوم حجر الأساس له ، و شيئا فشيئا سيستدرجها للحصول على ما يريده ، و تفاءل خيرا ، فاليوم أنهت حديثها بقبله ، و غدا و بعد غد سيقنعها بفعل أشياء أخرى ، أشياء ستجعلها تحت رحمته و إلى الأبد .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في أحد الفنادق الفخمه ، أقيم حفل افتتاح الفيلم الجديد لانجي الشريف والذي قام بانتاجه رجل الأعمال خميس النونو .
دلفت فاتن مع والدتها إلى الصاله الكبيره و التي هيئت خصيصا لعرض الفيلم ، و تبعهم خميس .
حاولت فاتن أن تتلاشى الجلوس بجوار خميس ، ظلت واقفه حتى تأكدت من جلوسه في المقاعد الأماميه ، و على الفور جلست في مقعد بعيد عنه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال خميس لانجي الجالسه بجواره : شايفه عمايل بنتك .
قالت انجي مدافعه : معلش يا خوخو ، البت صغيره و بدري عليها .
قال خميس مستنكرا : بدري ايه يا حلوه ، هو أنا عاملك فيلم و هاعملك مسلسل عشان بعد كل ده تيجي و تقوليلي بدري .
قالت انجي بخبث : يا خوخو ، البت محتاجه تتودك حبتين ، و أوعدك هيحصل خير إن شاء الله .
قال خميس : بقى أمها إنجي الشريف ملكة الاغراء ، و تقوليلي لسه محتاجه تتودك.
قالت انجي بحسره : أعمل ايه.. ، أنا كنت مشغوله بحياتي و نجوميتي و البت تقدر تقول اتربت على ايد الخدامات ، و شكلها طالعه عبيطه زيهم .
قال خميس بعصبيه : يعني ايه !
قالت انجي : يعني محتاجه وقت تدردح شويه و تعرف مصلحتها فين.
ثم ضحكت و قالت : متقلقش ، هو أنا هلاقي حد زيك فين يكون جوز لبنتي .
أومأ خميس ثم قال : أيوه ثبتيني بكلمتين .
قالت انجي بدلال : مش هنشوف الفيلم بقى.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عادت فاتن من الاستراحه و في يدها بعض من الفشار ، أرادت الجلوس في مقعدها ، و لكنها عدلت عن الفكره حينما رأت جارها الشاب يحتل أحد المقاعد الخلفيه ، ابتسمت و اتجهت إلى السطر الخلفي ، دلفت في الممر ثم جلست في المقعد الشاغر بجواره .
ألقى عليها نظره جانبيه ، ثم عاد بنظره للأمام ، ثم و كأنه استدرك شيئا ما ، عاد ينظر إليها من جديد ، لم تستطع أن تقرأ ردة فعله جيدا ، فالمكان مظلم بعض الشيء ، و لكنه بالتأكيد لم يكن ممتعضا من وجودها .
بقي لثوان يحدق بها ، مما أشعرها بالحرج ، مدت له إناء الفشار بارتباك و قالت : تاكل .
أزاح نظره للإناء و سأل : انتي هنا لوحدك ..؟
قالت فاتن : هو انت متعرفش ، ماما البطله ، الفنانه انجي الشريف .
قال يحيى : لا عارف ، بس هي معاكي هنا.
رفعت فاتن كتفيها وقالت : يعني بطلة الفيلم مش هتحضر الافتتاح برده ، اهي قاعده قدام مع المنتج .
تنهد يحيى و قال : طب مش قاعده جنبها ليه ؟
قالت فاتن بحرج : أصل مش بحب .. صمتت ثم قالت : أصل الاضاءه بتبقى صعب اوي هناك.
ثم أضافت : مش هتاكل !
هم بقول شيء ما ، ثم عدل عن ذلك ، و مد يده ملتقطا بعض حبات الفشار و قال : متشكر .
قالت فاتن بعد أن عاد بنظره لمتابعة الفيلم : انت من المعجبين بماما !
ضحك يحيى بسخريه ، ثم قال : طب هجاوبك ازاي عالسؤال ده .
قالت فاتن بعفويه : عادي يعني .
نظر يحيى تجاهها بطرف عينه ثم قال : عادي مش هتزعلي ؟
قالت فاتن : وهزعل ليه ؟
قال يحيى و قد أولاها انتباهه كاملا : لا مش معجب بيها نهائي .
قالت فاتن بانزعاج : طب بتعمل ايه هنا ، طالما مبتحبهاش !
قال يحيى باقتضاب : شغل .
عضت فاتن على شفتها السفلى ، و تساءلت عن السبب الذي جعلها تجلس بجواره ، أهي نصائح والدتها ، هل يعني هذا أنها معجبه به ، هل من المعقول أن تعجب بأحدهم بهذه السرعه ، لا يهم ، فيبدو أنه متضايق من وجودها بجواره ، على عكس ما ظنت في البدايه ، شعرت بالخزي الشديد ، و ببطء شديد أيضا حاولت النهوض دون أن تلفت انتباهه .
قال يحيى بصوت عال : انتي رايحه فين !
عادت فاتن للجلوس على مقعدها بسرعه ، بعد أن استدار جميع من في الصف الذي أمامهم على إثر صوته المرتفع .
سألت و هي تطأطأ رأسها : لسه بيبصوا ناحيتنا ....؟
ضحك يحيى و قال : آسف ، مكنش قصدي أحرجك ، و محدش بيبص خلاص .
ثم سأل : بس انتي قومتي ليه !
أجابت فاتن بلامبالاه : عادي يعني .....
قال يحيى محاولا استفزازها : شكل الفيلم مش عاجبك ...؟
قالت فاتن بحده : لا ده حلو اوي ، و ماما أداءها جامد جدا .
ثم التفت الاثنان إلى الشاشه فور سماعهم تصفير الحضور ، ليقول يحيى : فعلا أداءها جامد جدا .
شعرت فاتن بالحرج الشديد ، نظرا للمشهد المعروض الآن ، فوالدتها تظهر في وضع حميمي مع البطل ، و بالرغم من توضيحات والدتها المتكرره بشأن تلك المشاهد و بأنها جزء فني بحت ، و بدونه يخل بالسياق الدرامي للفيلم و هدفه ، الا أن فاتن لم تتغلب يوما على شعورها هذا ، و ما زاد الطين بله هو تهكم جارها الآن .
و بدون أن تشعر سالت عبراتها ، تغرق وجنتيها بللا .
قال يحيى برفق: انتي بتعيطي !
هزت رأسها نافية ، ثم نهضت من مقعدها ، و غادرت الصاله مسرعه ، اتجهت إلى الحمام الخاص بالسيدات ، نظرت في المرآه محاولة إصلاح زينتها التي أفسدتها ببكائها .
استغرقت حوالي عشر دقائق لإنهاء هذه المهمه ، أمسكت بحقيبتها و فتحت الباب ، لتفاجأ بجارها متكئا على الحائط و واضعا يديه في جيبه .
قال يحيى فور خروجها : انتي زعلتي من كلامي .
قالت فاتن محاولة لحفظ ماء وجهها : لا أبدا ، بس أنا مش بحب أشوفها في المشاهد دي .
قال يحيى : بجد !
قالت فاتن باستنكار : هو في حد يحب يشوف مامته بالشكل ده ، مع انها بتقولي انه مشهد فني و ليه هدف ، بس برده مش لطيف .
قال يحيى بجديه : بس مش لطيف !
قالت فاتن : تقصد ايه !
قال يحيى : و حرام و لا يجوز .
ضحكت فاتن برقه و قالت : اه لو تسمعك ماما ، كان زمانها شرشحتك .
قال يحيى بامتعاض : عشان بقول الحقيقه .
قالت فاتن : لا ده انت من اياهم .
قال يحيى : اياهم مين !
قالت فاتن : دول اللي بيطلعوا يحرموا الفن و التمثيل ، ماما بتتغاظ منهم جدا و بتقول عليهم متخلفين .
سأل يحيى مباغتا : وانتي ، ايه رايك فالفن و التمثيل اللي بتعمله مامتك !
لم تعرف كيف تجيب على سؤاله ، نظرت حولها محاولة إيجاد مخرج ، فقالت : لا ده سؤال محتاج قعده و فتي كتير ، زمان ماما بدور عليا ، عن اذنك بقى .
قال يحيى : استني .
نظرت فاتن بحيره ، ليقول : هو انتي اسمك ايه ؟
ابتسمت فاتن و قالت : فاتن ، و انت ؟
أجابها : يحيى .
قالت فاتن : طب عن اذنك بقى يا يحيى .
قال يحيى باستنكار : هو انتي على طول كده بتاخدي على أي حد .
قالت فاتن مستفهمه : تقصد ايه يعني !
قال يحيى : يعني جيتي قعدتي جنبي و دلوقتي بتقولي اسمي و رافعه التكليف و بتتباسطي بزياده .
قالت فاتن بحرقه : معاك حق و اسفه لو دايقتك يا أستاذ يحيى .
و استدارت بسرعه لتصطدم بأحدهم الذي اعتذر منها قائلا : اسف ..اسف...
لم تكلف نفسها عناء الرد عليه او حتى النظر لوجهه، أكملت مسيرها بسرعه كبيره..
ليقول يحيى مستغربا : أنس ، انت مش قلت مشغول و مش هتيجي!
أنس : ابدا خلصت اللي ورايا و قلت اما اجي و اتسلى فالحفله ، اول ما دخلت لئيتك واخد فوشك و لحقتك على هنا ، و معلش يا صاحبي بس غصب عني سمعت كلامكو...
صمت قليلا ، ثم أضاف : بس غريبه اوي ، البت دي مش سكتك خالص ، دي بنت انجي الشريف ، عارف مين انجي الشريف ، بجد مش سكتك .!
تنهد يحيى ، ثم سأل : هو انت تعرفها..؟
ضحك أنس : طبعا ، مين ميعرفش انجي الشريف ، يا بني دي اشهر من النار عالعلم..
قاطعه يحيى : لا قصدي بنتها ..
أومأ أنس : ايوه اعرفها ، مش معرفه شخصيه بس بشوف صورها مع مامتها ، و قريب اتعرفت على حد يعرفها شخصيا ، يعني كلامي مش من فراغ لما قولتلك مش سكتك خالص يا يحيى...
يتبع
¤ عِطرُ الربيعِ ....أنتي ¤
---------------------
وجدت فاتن صعوبة كبيره في حمل أكياس مشترواتها و السير بهذا الحذاء ذو الكعب العالي جدا ، ترنحت قليلا و كادت أن تسقط ، لولا يد غليظه قامت بإسنادها في اللحظة الأخيره .
تطلعت إلى الرجل الذي قام بإسنادها و قالت : ميرسي لحضرتك .
كانت ذراعه ما تزال تطوق خصرها ، أرادت إزاحتها و الابتعاد عنه ، و لكنها لم تعِ كيف ، فيداها مشغولتان بتلك الأكياس ، عوضا عن ذلك قالت بحزم : قلتلك ميرسي و تقدر تكمل طريقك .
قال مبتسما : ميصحش ، لازم أوصلك لحد البيت ، هاتي عنك .
و مد يديه ليلتقط الأكياس ، لتقول فاتن : مفيش داعي ، و ميرسي مره تانيه .
ثم أكملت طريقها ، لتلاحظ سيره بجوارها ، أسرعت فاتن خطاها ، فقام بالمثل ، ثم و على حين غره التقط أحد الأكياس من يدها ، لتصرخ فاتن قائله : يا أستاذ عيب كده .
قال الرجل : بالراحه عليا يا طعمه ، أنا قصدي شريف ، ثم أضاف ضاحكا : أنا طالب القرب من جمال سيادتكم .
نظرت فاتن للرجل و للكيس الذي أصبح بحوزته ، تنهدت و آثرت عدم افتعال مشكله معه و أكملت مسيرها ، و لكنه لم يفهم الرساله بعد ، بل استمر في تتبعها و محاولة التلاطف معها .
أسرعت فاتن أكثر ، لتتعثر و تسقط أرضا ، و لسوء حظها قام ملاحقها بمساعدتها مره أخرى ، و لكن هذه المره بقيت يداه مطبقتان على خصرها .
صاحت فاتن بعنف : يا حيوان شيل إيدك .
قال الرجل مبتسما : تؤ تؤ ، بس برده طعم و انت متعصب .
و قال صوت ذكوري آخر : شيل ايدك ، أحسن ما أقطعهالك .
التفت الرجل بعد أن أرخى قبضته عنها و قال : و مين بقى حضرتك ، محامي بنات الليل !
شهقت فاتن ليقوم جارها بلكم الرجل قائلا : غور من هنا لاحسن أرتكب فيك جريمه الليلادي .
قال الرجل بعد أن عاد لتوازنه : و على ايه ، ثم ألقى نظره متفحصه ناحيتها و قال : ملكيش فالطيب نصيب .
و استدار مغادرا ، لتقول فاتن : ميرسي اوي ، ده واحد متخلف .
قال يحيى بغضب : ما انتي لو كنتي لابسه حاجه عدله مكنش أتعرضلك .
قالت فاتن بامتعاض : تقصد ايه ، أنا السبب في سفالته !
قال يحيى بغيظ : لا هو سافل بالفطره ، ليه بقى تديه سبب تاني يسمحله يتطاول بيه عليكي .
قالت فاتن بحنق : تاني أنا السبب .
قال يحيى بفروغ صبر : هو انتي مسمعتيش شبهك بمين .
تنهدت فاتن و قالت بحرج : لا سمعت و ميرسي إنك فكرتني .
قال يحيى : مش قصدي أدايقك .
ابتسمت فاتن ، ثم انحنت لتلتقط حاجياتها التي بعثرت في الأرض نتيجه لترنح معاكسها و إسقاط الكيس الذي كان بحوزته .
قال يحيى بحده بعد أن كشف انحناءها عن مفاتنها : بجد ميصحش كده....
قالت فاتن : هو ايه اللي ميصحش .
هز يحيى رأسه و قال : أصل ...استني أنا هالمهوملك .
قالت فاتن : مفيش داعي .
قام يحيى على عجاله بجمع حاجياتها التي بعثرت في الارض ثم قال بعصبيه : خلاص اهم و ناولها الكيس ، ثم قام بالتقاط أكياسه هو الآخر .
قالت فاتن : ميرسي مره تانيه ، تعبتك معايا .
قال يحيى باقتضاب : العفو ، ثم أكمل مسيره ، و كذلك فعلت فاتن ليسيرا متقاربين .
تعثرت فاتن مره أخرى بسبب كعب الحذاء ، ليقول يحيى : هاتي عنك .
قالت فاتن بتردد : مفيش داعي ، كلها خطوتين و نوصل .
أصر يحيى ، فاستجابت له محرجه ، قال بعد أن دلفا إلى مصعد البنايه : طالما مش بتعرفي تمشي بيه ، بلاه أحسنلك .
زمت فاتن شفتيها و قالت : لا أنا بعرف أمشي بيه كويس جدا ، بس عشان شايله حاجات تقيله .
خرجا من المصعد ، ليوصل يحيى الأكياس إلى باب شقتها قائلا : تحبي أحطهوملك جوه .
تناولت فاتن الأكياس من يده ، ثم قالت: هو انت....
لم تكمل فاتن جملتها ، فلقد استدار جارها مسرعا باتجاه شقتهم ..
تمتمت فاتن : يعني كان مصمم يساعدني و دلوقت هيعمل نفسه تقيل و لا ايه حكايته ده ..
دلفت فاتن الى الشقه محتاره من تصرف جارها الشاب ، فلقد دافع عنه و اصر على مساعدتها و من ثم رحل فجأه .. فكرت في نفسها : اهو في رجاله بتساعد لله يعني ، مش على راي ماما لازم يكون ورا مساعدتهم غرض او مصلحه....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استلقى كِنان على سرير صديقه لؤي محدقا في السقف ، و مذعورا من القرار الذي عزم عليه ، و لكن عاطفته تجاهها طغت على أي ذرة تفكير أو حتى تعقل .
قال لؤي مستنكرا : ايه مش هتقولي رأيك فالمقاله اللي هانزلها على مجلتي ؟
استفاق كِنان من شروده ، و عاد بانتباهه إلى صديقه لؤي ، الذي طالما طلب مشورته في مقالاته التي ينشرها على مجلته الالكترونيه و التي قام أخوه يحيى بتصميمها له .
قال كِنان معتذرا : معلش يا صاحبي ، حالا هقراها ، بس الأول ممكن أدخل الحمام .
قال لؤي : ما تروح يا بني .
تنحنح كِنان و قال : عادي يعني ..
قال لؤي : هو انت أول مره تعملها هنا ، و بعدين هما قاعدين في الصاله و ليلى فاوضتها .
أومأ كِنان برأسه و خرج من غرفة لؤي .
أغلق باب الغرفه و أسند رأسه على الحائط المجاور ، محاولا التقاط أنفاسه ، استجمع شجاعته ، و سار في الممر المؤدي إلى غرفتها ، طرق الباب .
قالت ليلي بصوت مرتفع : اتفضل .
أخذ كِنان نفسا عميقا ، و أدار مقبض الباب ، وقف لثوان يتأملها منغمسه في كتابة شيء ما على حاسوبها .
استدارت قائله : في ايه... ثم توقفت عن الحديث و فغرت فاهها مصدومه .
أغلق كِنان الباب خلفه و قال : ليلي أنا ..
نهضت ليلى من مقعدها مفزوعه و قاطعته قائله : انت اتجننت ، ايه اللي بتعمله هنا !
قال كِنان بصوت خفيض : طب أعمل ايه ، بقالك أسبوع مش راضيه تكلميني .
قالت ليلى باضطراب : أكلمك ده ايه ، هو أنا في بيني و بينك كلام أصلا .
قال كِنان بعصبيه : بلاش شغل العيال ده معايا .
و لدهشته قامت ليلي باللطم على وجنتيها قائله : أبوس ايدك ، أبوس ايدك اخرج بره .
قال كِنان برجاء : هاخرج بس قوليها .
قالت ليلى بذعر : أقول ايه ...
قال كِنان: انتي عِطر الربيع ، مش كده..؟؟؟؟
نظرت ليلى له متردده ، قال كِنان: أرجوكي .
أومأت ليلى برأسها ، ليقول كِنان : طب شيلي البلوك اللي عملتيه .
قالت ليلى : أرجوك اخرج بره ، انت مش عارف لو حد منهم شافك هنا هيحصل ايه .
قال كِنان: طب أوعديني تشيلي البلوك ، و ترجعي تكلميني من تاني .
قالت ليلى : أوعدك ، أوعدك ، بس يلا أطلع من هنا .
قال كِنان بسرعه : الساعه تمانيه ضروري نتكلم ، ها .
أومأت ليلى له ، ليخرج من غرفتها مسرعا .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وقفت فاتن أمام خزانة والدتها ، محتاره أي تلك الأثواب سيليق بها أكثر ، و تمنت لو أن باستطاعتها أن تقضي ليلتها هنا بدلا من الذهاب مع والدتها إلى حفل افتتاح فيلمها الجديد ، فتلك الحفلات لم تعد ترق لها ، صحيح أنها في معظم الأحيان تلتقي بكبار النجوم و الاعلاميين و الذين يعاملونها بلطف شديد ، و لكن مؤخرا أصبح حضور تلك الحفلات بمثابة كابوس بالنسبه لها ، و السبب ....
قالت انجي بضيق : ايه لسه مخترتيش واحد ؟
قامت فاتن بالتقاط أحد الفساتين بسرعه و قالت : اهو يا ماما ، هالبس ده .
قالت انجي : طب يلا بسرعه ، خميس هيجي بعد شويه يوصلنا .
ارتعدت مفاصل فاتن فور سماعها اسمه و قالت : يا ماما أنا مش بحب الراجل ده ، و خلاص معدتش رايحه معاكي .
قالت انجي بعصبيه : حبتك عقربه يا شيخه ، ده اللي هينشلنا من الشقه الحقيره دي ، و تقوليلي مش بحبه.
قالت فاتن محاولة التخفيف عن والدتها : و مالها الشقه دي ياماما ، و الله جميله ، و بعدين لما ان شاء الله الفيلم بتاعك ينجح ، أكيد الشركه هتنتجلك المسلسل و هتاخدي فلوس كتير و نقدر ننقل من هنا .
قالت انجي متأففه : طب يلا البسي ، و لا عايزاني أركب معاه لوحدي .
أطاعت فاتن والدتها ، غير قادره على تركها تذهب بمفردها بصحبة ذلك الرجل البغيض خميس النونو .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أضاء اسم عِطر الربيع على صفحته من جديد ، ابتسم كِنان و على الفور أرسل لها : بحبك يا ليلى بحبك.
صفعت ليلى نفسها و أرسلت : ايه الكلام اللي بتقوله ده بس ....!
كتب كِنان: طب اديني رقم الفون بتاعك ، عشان أفهمك .
كتبت ليلى : مش هينفع .
كتب كِنان: كده هتخليني اكرر اللي عملته انهارده.
كتبت ليلى : يا نهار اسود ، انت عايز تودينا في داهيه .
كتب كِنان: اديكي قولتيها ، تودينا يعني احنا ، يعني انا و انتي بقينا في مركب واحده ، أنا هاكتبلك رقمي و ارجوكي ترني عليا دلوقتي ، و هاطلبك و نتفاهم .
بقيت ليلى دقائق تحدق في الشاشه أمامها ، تنظر إلى الرقم ، و بعد تردد كبير أمسكت هاتفها و طلبته .
قام بإلغاء الاتصال ، و بعد ثوان وجدت رقمه يضيء شاشة هاتفها ، ضغطت رد و قالت بصوت مرتعش : الو .
قال كِنان بصوت أجش : السلام عليكم .
- و عليكم السلام و رحمة الله .
- ازيك يا ليلى .
- مرعوبه .
- أرجوكي متخافيش ، أنا مستعد أقف قصاد الدنيا كلها عشانك .
- يا كِنان كلامنا مع بعض غلط ، أولا أنا مخطوبه و ثانيا انت صاحب أخويا و لو لؤي عرف هتخسروا بعض للأبد.
- جايه تقولي كده بعد ما علقتيني بيكي و مشاعري مبقتش فايدي .
- أنا آسفه ، مكنش قصدي و مكنتش أعرف إنك بسهوله هتعرف أنا مين .
- و اديني عرفت ، و خلاص معدش ينفع تستمري مع خطيبك ، ليلى انتي لازم تسيبيه.
- بالسهوله دي ....!
- وايه اللي يمنع ، أنا اللي فهمته من كلامك إنك تعيسه معاه ، ايه يجبرك تكملي فالخطوبه دي ؟
- أنا لما فتحتلك قلبي ، مكنتش أعرف إنك هتتعلق بيا و كمان تعرف أنا مين ، فأرجوك أي حاجه قلتها و أنا متخفيه باسم عطر الربيع ضروري تنساها .
-مستحيل أنسى ، ليلى أرجوكي تاخدي خطوه ، أنا مقدرش آجي و أتقدملك و انتي مخطوبه .
- يا كِنان ، أنا كلمت بابا بدل المره ألف و مش مقتنع برأيي و مصر إني بدلع و مش عارفه مصلحتي .
- طيب أنا هأكلم لؤي .
- أوعى تعمل كده ، أنا هحاول مع بابا تاني .
- طب أنتي عندك محاضرات بكره ؟
- أيوه ، ليه ؟
- عايز أشوفك .
- بلاش و النبي حكاية إننا نتقابل ، أنا مهما كان مخطوبه و كمان مش حابه أخون ثقة أهلي فيا .
- أحنا مش هنتقابل و نتكلم ، أنا بس عايز أشوفك و اطمن عليكي من بعيد لبعيد .
- طب أرجوك توفي بوعدك ، و متحاولش تكلمني .
- حاضر .
أغلق كِنان الخط ، و تنهد بحرقه ، داعيا الله أن ينزل الصبر على قلبه ، لتحمل هذا الوضع ، فمن أحبها قلبه مرتبطه رسميا برجل آخر ، رجل على حسب وصفها له يفتقد أدنى مستويات التفاهم معها ، و الأدهي أنه لا يتحلى بأي نخوه أو مروءه ، سخر كِنان من نفسه فأي نخوه يمتلكها هو و قد قام بمشاغلة أخت صديقه المقرب، أليست هذه تعد خيانه من الدرجه الأولى ، و لكن نيته و قصده شريفان ، فحالما تنهي خطبتها سيتقدم لها رسميا ، و تساءل كنان ما الذي سيحل به إن رفض والدها فسخ الخطبه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
احتضنت ليلى هاتفها ، واضعه إياه بالقرب من صدرها ، و همست : و أنا كمان بحبك.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال أنس لصديقيه المنكبين على كتابة أكواد البرمجه : مين فيكو هيروح الافتتاح ؟
قال مالك : أنا مش هاقدر و بعدين مش الفكره فكرتك ما تروح انت .
ضحك أنس بتهكم و قال : الليله مشغول ، مستني مكالمة زبون مهم من الخليج و احتمال كبير يمولنا بفلوس كتير .
قال يحيى : أصلا هنروح نعمل ايه ، ندلل على نفسنا .
قال أنس بعصبيه: ندلل ، انت مهندس انت ، اسمها نعمل دعايه و تسويق لشركتنا .
سأل مالك : و ايه علاقة شركتنا بالأفلام ؟
قال أنس : يا نهار أسود ، احنا مش افتتحنا موقع للتواصل بين الشباب ، اهي شركات الأنتاج ممكن تدفعلنا فلوس اد كده عشان تروج لأفلامها بين الشباب ، و كمان ممكن يطلبوا نعملهم تصميمات للأفيشات و حاجات كتير.
سأل يحيى : بس انت ازاي قدرت تجيب دعوه للحفله دي .
قال أنس بعد تفكير : عندي طرقي الخاصه.
لم يشأ اخبارهم بأنه حصل على الدعوه من أحد الموظفات بالمونتاج التابع لتلك الشركه ، و التي حصلت على دعوتهم بطرق بالتأكيد ملتويه من أجل إرضائه ظنا منها أنه سيقوم بالفعل بالتقدم لخطبتها ، غبيه ، هل يوجد رجل عاقل يرتبط بفتاه تتجاوز بحريه معه دون أي رباط رسمي بينهما .
تنهد مالك و قال برجاء : روح انت يا يحيى و ريحنا من زنه ، الله لا يسيئك.
أطرق يحيى مفكرا ، ثم قال : بس بشرط ، احنا مش هنقبل نعمل دعايه الا أما نتأكد إن مضمون الفيلم محترم و هادف .
ضحك أنس بسخريه و قال : مش هنقبل ، حسستني إنهم ما هيصدقوا و هيمسكوا فينا بأيديهم و سنانهم .
قال يحيى بجديه : بكره يحصل ، أنا أحلامي فوق السحاب و إن شاء الله هأحققها .
قال مالك و أنس بصوت واحد : بركاتك يا سيدنا الواثق .
ضحك يحيى لدعابتهم المعهوده ، و التي انبثقت نتيجه لايمانه المستمر بشركتهم ، فحينما تهبط همتهم و تصعب عليهم المشاكل ، يقوم بتحديهم لاخراج أفضل ما لديهم ، و حثهم على الايمان المستمر بقدراتهم ، كما آمن هو بأن بامكانه بدء مشروعهم رغم عدم اقتناعهم في البدايه ، لكن ها هم الآن في مقر شركتهم الصغيره .
قال يحيى : أديني العنوان و ربنا يسهل
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت نوف تجلس بين أحبائها العصافير، تدندن معهم بصوتها العذب ، و الذي ورثته عن والدها ، فهد الشيمي .
فتحت نوف قفص عصفور الكناري ، بعد أن لاحظت اختفائه ، لتجده ملقى في قاع القفص ، فاقدا للحياه .
أغلقت نوف القفص ، حزينه على حالها و حال أحبائها العصافير الصغيره ، فحتى تلك الكائنات الرقيقه لم تسلم من الشر الكامن في قلب زوجة أبيها ، فهذا هو العصفور الخامس الذي يموت لها خلال أسبوعين .
تنهدت و حاولت طمأنة نفسها بأنها قريبا سترتاح من شرورها ، فلقد وعدها أنس ، حال تحسن حالتهم الماديه بالمجيء إلى هنا و التقدم لها رسميا.
خرجت نوف من العش الخشبي الذي أقامه والدها كي تربي فيه العصافير كيف تشاء ، بعد رفض زوجته السماح لها بالاحتفاظ بهم داخل المنزل .
و في طريقها للمنزل ، قابلت أختها الصغيره ريم ، انحنت نوف لتداعب شعر أختها قائله : شلونك حبيبتي .
ضحكت ريم و قالت : ممكن تلعبي معي بعروس الباربي .
همت نوف بالموافقه و لكن استوقفتها زوجة أبيها حصه بنهرها لريم قائله : ريم ، دشي البيت و بلا مصخره ، هالحين مو وقت لعب .
دلفت ريم إلى المنزل مستاءه ، و تبعتها نوف بعد أن رمقتها زوجة أبيها بنظره حانقه.
و فور دخولها غرفتها ، قامت بفتح الحاسوب الخاص بها ، لمحادثة أنس ، فهو الوحيد القادر على التخفيف و لو قليلا عنها .
وجدت اسمه متاحا على برنامج السكايب ، و فور دخولها أرسل لها طلب محادثه بالكاميرا ، قبلت الطلب و أضاءت الكاميرا الخاصه بحاسوبها هي أيضا .
قال أنس : ده ايه القمر اللي قدامي ده يا ربي.
ضحكت نوف ، مخفيه وجهها بيدها و قالت : بليز متكسفنيش بقى .
قال أنس : أيوه كده ، كلميني مصري ، عشان استوعب كل كلمه بتنطقها الشفايف الروز دي .
قالت نوف معاتبه : و بعدين وياك .
قال أنس : لالا أبوس ايدك ، ارجعي مصري تاني .
ضحكت نوف و قالت : من عنيا ، حاضر ، ازيك يا أنس .
ضحك أنس و قال : تعبااااان ، نفسي يجي اليوم اللي يلمنا بيت واحد ، أبقى مطمن عليكي و متغبيش لحظه واحده عن عيني .
تنهدت نوف ، ليقول أنس : نفسي نفسي آخدك في حضني و أخبيكي مالكون كله ، خصوصا الست حصه المقرفه دي .
لاحظ أنس مدى تأثر نوف بكلماته ، فاستغل الفرصه و قال : ممكن أطلب منك طلب يا روح قلب أنس .
أومأت نوف برأسها بسرعه و قالت : عيوني الك حبيبي .
قال أنس بانفعال : الله كلمة حبيبي طالعه من بؤك زي الشهد ، بس حبيبك مزنوق في قرشين .
قالت نوف على الفور : أنا ممكن أبعتلك فلوس على حسابك فالبنك .
قال أنس مدعيا الحرج : لالا مش معقول هآخد من مصروفك ...
قالت نوف : دي فلوس مش محتاجاها ، اللي بيزيد من مصروفي بيفضل فالبنك ، و بعدين انت لما ربنا يفتحها عليك ابقى رودهملي.
قال أنس : طب خدي بيانات حسابي عندك .
سجلت نوف بيانات الحساب ثم قالت : يلا بقى مضطره أقفل ، لازم أنزل أتعشى مع بابا و اخواتي.
قال أنس : كده هتقفلي من غير ما تديني السكر بتاعي .
قالت نوف بخجل : يا أنس الحاجات دي عندنا عيب جدا ، و أعتقد عندكو كمان .
قال أنس : الحاجات دي هي اللي بتثبت حبك ليا ، ثم أرسل لها قبله على الشاشه .
ثم قال : كده هزعل منك و هخاصمك .
قامت نوف محرجه بارسال قبله له ، ثم قالت : ده أنا أموت لو يوم مكلمتنيش.
قال أنس : بعد الشر عليكي يا حبيبتي .
صفر أنس مبتهجا بعد إنتهاء محادثته مع نوف ، محققا هدفه الأول و هو الحصول على بعض المال من تلك المدلله الثريه ، أما هدفه الثاني فلقد وضع اليوم حجر الأساس له ، و شيئا فشيئا سيستدرجها للحصول على ما يريده ، و تفاءل خيرا ، فاليوم أنهت حديثها بقبله ، و غدا و بعد غد سيقنعها بفعل أشياء أخرى ، أشياء ستجعلها تحت رحمته و إلى الأبد .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في أحد الفنادق الفخمه ، أقيم حفل افتتاح الفيلم الجديد لانجي الشريف والذي قام بانتاجه رجل الأعمال خميس النونو .
دلفت فاتن مع والدتها إلى الصاله الكبيره و التي هيئت خصيصا لعرض الفيلم ، و تبعهم خميس .
حاولت فاتن أن تتلاشى الجلوس بجوار خميس ، ظلت واقفه حتى تأكدت من جلوسه في المقاعد الأماميه ، و على الفور جلست في مقعد بعيد عنه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال خميس لانجي الجالسه بجواره : شايفه عمايل بنتك .
قالت انجي مدافعه : معلش يا خوخو ، البت صغيره و بدري عليها .
قال خميس مستنكرا : بدري ايه يا حلوه ، هو أنا عاملك فيلم و هاعملك مسلسل عشان بعد كل ده تيجي و تقوليلي بدري .
قالت انجي بخبث : يا خوخو ، البت محتاجه تتودك حبتين ، و أوعدك هيحصل خير إن شاء الله .
قال خميس : بقى أمها إنجي الشريف ملكة الاغراء ، و تقوليلي لسه محتاجه تتودك.
قالت انجي بحسره : أعمل ايه.. ، أنا كنت مشغوله بحياتي و نجوميتي و البت تقدر تقول اتربت على ايد الخدامات ، و شكلها طالعه عبيطه زيهم .
قال خميس بعصبيه : يعني ايه !
قالت انجي : يعني محتاجه وقت تدردح شويه و تعرف مصلحتها فين.
ثم ضحكت و قالت : متقلقش ، هو أنا هلاقي حد زيك فين يكون جوز لبنتي .
أومأ خميس ثم قال : أيوه ثبتيني بكلمتين .
قالت انجي بدلال : مش هنشوف الفيلم بقى.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عادت فاتن من الاستراحه و في يدها بعض من الفشار ، أرادت الجلوس في مقعدها ، و لكنها عدلت عن الفكره حينما رأت جارها الشاب يحتل أحد المقاعد الخلفيه ، ابتسمت و اتجهت إلى السطر الخلفي ، دلفت في الممر ثم جلست في المقعد الشاغر بجواره .
ألقى عليها نظره جانبيه ، ثم عاد بنظره للأمام ، ثم و كأنه استدرك شيئا ما ، عاد ينظر إليها من جديد ، لم تستطع أن تقرأ ردة فعله جيدا ، فالمكان مظلم بعض الشيء ، و لكنه بالتأكيد لم يكن ممتعضا من وجودها .
بقي لثوان يحدق بها ، مما أشعرها بالحرج ، مدت له إناء الفشار بارتباك و قالت : تاكل .
أزاح نظره للإناء و سأل : انتي هنا لوحدك ..؟
قالت فاتن : هو انت متعرفش ، ماما البطله ، الفنانه انجي الشريف .
قال يحيى : لا عارف ، بس هي معاكي هنا.
رفعت فاتن كتفيها وقالت : يعني بطلة الفيلم مش هتحضر الافتتاح برده ، اهي قاعده قدام مع المنتج .
تنهد يحيى و قال : طب مش قاعده جنبها ليه ؟
قالت فاتن بحرج : أصل مش بحب .. صمتت ثم قالت : أصل الاضاءه بتبقى صعب اوي هناك.
ثم أضافت : مش هتاكل !
هم بقول شيء ما ، ثم عدل عن ذلك ، و مد يده ملتقطا بعض حبات الفشار و قال : متشكر .
قالت فاتن بعد أن عاد بنظره لمتابعة الفيلم : انت من المعجبين بماما !
ضحك يحيى بسخريه ، ثم قال : طب هجاوبك ازاي عالسؤال ده .
قالت فاتن بعفويه : عادي يعني .
نظر يحيى تجاهها بطرف عينه ثم قال : عادي مش هتزعلي ؟
قالت فاتن : وهزعل ليه ؟
قال يحيى و قد أولاها انتباهه كاملا : لا مش معجب بيها نهائي .
قالت فاتن بانزعاج : طب بتعمل ايه هنا ، طالما مبتحبهاش !
قال يحيى باقتضاب : شغل .
عضت فاتن على شفتها السفلى ، و تساءلت عن السبب الذي جعلها تجلس بجواره ، أهي نصائح والدتها ، هل يعني هذا أنها معجبه به ، هل من المعقول أن تعجب بأحدهم بهذه السرعه ، لا يهم ، فيبدو أنه متضايق من وجودها بجواره ، على عكس ما ظنت في البدايه ، شعرت بالخزي الشديد ، و ببطء شديد أيضا حاولت النهوض دون أن تلفت انتباهه .
قال يحيى بصوت عال : انتي رايحه فين !
عادت فاتن للجلوس على مقعدها بسرعه ، بعد أن استدار جميع من في الصف الذي أمامهم على إثر صوته المرتفع .
سألت و هي تطأطأ رأسها : لسه بيبصوا ناحيتنا ....؟
ضحك يحيى و قال : آسف ، مكنش قصدي أحرجك ، و محدش بيبص خلاص .
ثم سأل : بس انتي قومتي ليه !
أجابت فاتن بلامبالاه : عادي يعني .....
قال يحيى محاولا استفزازها : شكل الفيلم مش عاجبك ...؟
قالت فاتن بحده : لا ده حلو اوي ، و ماما أداءها جامد جدا .
ثم التفت الاثنان إلى الشاشه فور سماعهم تصفير الحضور ، ليقول يحيى : فعلا أداءها جامد جدا .
شعرت فاتن بالحرج الشديد ، نظرا للمشهد المعروض الآن ، فوالدتها تظهر في وضع حميمي مع البطل ، و بالرغم من توضيحات والدتها المتكرره بشأن تلك المشاهد و بأنها جزء فني بحت ، و بدونه يخل بالسياق الدرامي للفيلم و هدفه ، الا أن فاتن لم تتغلب يوما على شعورها هذا ، و ما زاد الطين بله هو تهكم جارها الآن .
و بدون أن تشعر سالت عبراتها ، تغرق وجنتيها بللا .
قال يحيى برفق: انتي بتعيطي !
هزت رأسها نافية ، ثم نهضت من مقعدها ، و غادرت الصاله مسرعه ، اتجهت إلى الحمام الخاص بالسيدات ، نظرت في المرآه محاولة إصلاح زينتها التي أفسدتها ببكائها .
استغرقت حوالي عشر دقائق لإنهاء هذه المهمه ، أمسكت بحقيبتها و فتحت الباب ، لتفاجأ بجارها متكئا على الحائط و واضعا يديه في جيبه .
قال يحيى فور خروجها : انتي زعلتي من كلامي .
قالت فاتن محاولة لحفظ ماء وجهها : لا أبدا ، بس أنا مش بحب أشوفها في المشاهد دي .
قال يحيى : بجد !
قالت فاتن باستنكار : هو في حد يحب يشوف مامته بالشكل ده ، مع انها بتقولي انه مشهد فني و ليه هدف ، بس برده مش لطيف .
قال يحيى بجديه : بس مش لطيف !
قالت فاتن : تقصد ايه !
قال يحيى : و حرام و لا يجوز .
ضحكت فاتن برقه و قالت : اه لو تسمعك ماما ، كان زمانها شرشحتك .
قال يحيى بامتعاض : عشان بقول الحقيقه .
قالت فاتن : لا ده انت من اياهم .
قال يحيى : اياهم مين !
قالت فاتن : دول اللي بيطلعوا يحرموا الفن و التمثيل ، ماما بتتغاظ منهم جدا و بتقول عليهم متخلفين .
سأل يحيى مباغتا : وانتي ، ايه رايك فالفن و التمثيل اللي بتعمله مامتك !
لم تعرف كيف تجيب على سؤاله ، نظرت حولها محاولة إيجاد مخرج ، فقالت : لا ده سؤال محتاج قعده و فتي كتير ، زمان ماما بدور عليا ، عن اذنك بقى .
قال يحيى : استني .
نظرت فاتن بحيره ، ليقول : هو انتي اسمك ايه ؟
ابتسمت فاتن و قالت : فاتن ، و انت ؟
أجابها : يحيى .
قالت فاتن : طب عن اذنك بقى يا يحيى .
قال يحيى باستنكار : هو انتي على طول كده بتاخدي على أي حد .
قالت فاتن مستفهمه : تقصد ايه يعني !
قال يحيى : يعني جيتي قعدتي جنبي و دلوقتي بتقولي اسمي و رافعه التكليف و بتتباسطي بزياده .
قالت فاتن بحرقه : معاك حق و اسفه لو دايقتك يا أستاذ يحيى .
و استدارت بسرعه لتصطدم بأحدهم الذي اعتذر منها قائلا : اسف ..اسف...
لم تكلف نفسها عناء الرد عليه او حتى النظر لوجهه، أكملت مسيرها بسرعه كبيره..
ليقول يحيى مستغربا : أنس ، انت مش قلت مشغول و مش هتيجي!
أنس : ابدا خلصت اللي ورايا و قلت اما اجي و اتسلى فالحفله ، اول ما دخلت لئيتك واخد فوشك و لحقتك على هنا ، و معلش يا صاحبي بس غصب عني سمعت كلامكو...
صمت قليلا ، ثم أضاف : بس غريبه اوي ، البت دي مش سكتك خالص ، دي بنت انجي الشريف ، عارف مين انجي الشريف ، بجد مش سكتك .!
تنهد يحيى ، ثم سأل : هو انت تعرفها..؟
ضحك أنس : طبعا ، مين ميعرفش انجي الشريف ، يا بني دي اشهر من النار عالعلم..
قاطعه يحيى : لا قصدي بنتها ..
أومأ أنس : ايوه اعرفها ، مش معرفه شخصيه بس بشوف صورها مع مامتها ، و قريب اتعرفت على حد يعرفها شخصيا ، يعني كلامي مش من فراغ لما قولتلك مش سكتك خالص يا يحيى...
يتبع
