اخر الروايات

رواية عشق لا يضاهي الفصل المئة وثمان وثمانون 188 بقلم اسماء حميدة

رواية عشق لا يضاهي الفصل المئة وثمان وثمانون 188 بقلم اسماء حميدة 


  الفصل 188

اڼفجرت السماء بالألوان كما لو كانت تحتفل بشيء لم يحدث وراحت الألعاب الڼارية تتلوى فوق رؤوسها في رقصة خرافية لم تدم أكثر من لحظة ثم انطفأت كأنها لم تكن بينما وقفت سيرين تائهة بين أصوات الدهشة وأضواء الغياب وإلى جوارها كان يقف زوجان يحتضنان بعضهما البعض وقالت المرأة للرجل بصوت بالكاد يسمع لكنه اخترق قلب سيرين كسهم غائر

لنكن معا إلى الأبد 

لم تستطع أن تمنع نفسها من النظر إليهما وشيء ما في عناقهما أشعل بداخلها ذلك الحنين الخام الرغبة الدفينة التي لم تعترف بها حتى لنفسها 

أن تنتمي أن تحب أن تمسك ككنز لا يفرط فيه 

في تلك اللحظة بالذات طفت من بين الركام ذاكرة تشافي إنه كارم أول من رآها روحا لا جسدا لكنها تجاهلته بل ورفضت كل من طرق باب قلبها 

لم أحب أحدا قط ولم أواعد أحدا تزوجت ظافر هكذا مباشرة 

قالتها لنفسها وهي تنظر إلى السماء كأنها تبحث عن إجابة من وجه أبيها الذي لاح لها من بين النجوم 

أبي أشعر بالندم الآن 

الندم لم يكن كلمة بل شعور يتكثف في الحنجرة يفيض من العين ويجعل الروح تتقوس كالوتر المشدود بين الماضي وما لم يعش 

ندمت لأنها منحت قلبها لمن لم يتعلم كيف يحمل القلوب اختارت من لا يعرف كيف يحب إلا بطريقته الموجعة 

لا تعلم كم انقضى من الوقت إلا عندما انتهى العرض في الثامنة والنصف تماما وكأن الوقت نفسه قرر أن يسدل الستار على مشهد الحلم 

تفرق الناس ووقفت هي وحدها ككلمة يتيمة في نهاية صفحة بيضاء 

جاء ماهر في موعده وعندما أبصرها من بعيد أحس بها لا كجسد ينتظر السيارة بل كظل امرأة تقاوم أن تذوب رآها من الخلف وكأن الوحدة ذاتها قد تشكلت على هيئة بشړ 

في تلك اللحظة تذكر ماهر ما قالته خطيبته ذات مساء

إذا أحببت امرأة فلا تجعل أخرى تشعرها أنها أقل 

اقترب منها وقال برقة تحمل شيئا من الاحترام وشيئا من الحزن

أنا هنا لأوصلك إلى المنزل آنسة تهامي 

رفعت سيرين عينيها نحوه وكأنها تعود من بعد سحيق كانت قد توقفت عن البكاء وابتسمت بأدب خاڤت

شكرا جزيلا 

ركبا السيارة ورفع ماهر حرارة التدفئة بهدوء مدركا أنها مهما كانت قوية فهي لا تزال تحمل في داخلها هشاشة فقد عاشت كثيرا خارج دفء الوطن وخارج دفء رجل إذبدت شاحبة صامتة كأن نسمة باردة قد تسقطها 

نظر إليها ماهر عبر المرآة وتحدث نيابة عن سيده

السيدة دينا تعرضت لهجوم من أحد المعجبين المتعصبين إنها في العناية المركزة الآن وقالت إنها تريد رؤية السيد ظافر للمرة الأخيرة 

ظن ماهر أنه يبرر غياب ظافر لكنه لم يكن يعلم أن الكلمات وقعت على قلب سيرين كملح على چرح قديم 

ابتسمت سيرين بسخرية وعلقت دون أن تنظر إليه

لو دقق قليلا لعرف أن هذا ليس من فعل معجب 

كانت تعرف أن دينا تتقن تمثيل النهاية حين تشعر أن السيطرة تتفلت من يدها وكان أنس اليد القاټلة لا يزال محتجزا لدى كارم فكيف تهددها الأيدي وهي تحت الحماية

لذا ظنت سيرين أن كل ما يحدث هو مسرحية سيئة الإخراج 

ثم تمتمت بهدوء

أعلم لقد أخبرني بكل شيء 

أطلق ماهر زفيرا كمن تخلص من ثقل على صدره 

لقد خدم ظافر طويلا وكان شاهدا على ذلك الجنون الصامت الذي أصابه منذ رحيل سيرين فسيده لو لم يحبها لما قلب العالم رأسا على عقب من

جلها لما جمع صور والدها لما أحيا بيتها القديم لكن ظافر لم يكن يجيد الحب بالكلمات لو حسبت مشاعره كنسبة فلن يبوح بأكثر من 10٪ فقط والباقي يبقى دفينا كالألعاب الڼارية تتوهج للحظة ثم تختفي في السماء 

أضيئت مصابيح الشارع بوهج رمادي كأن المدينة تخجل من أن ترى الدموع على وجه من يمر بها 

ظلت سيرين تحدق من خلف زجاج النافذة شاردة في اللاشيء بينما السيارات تنساب على الطريق كأنها أشباح تسرق الوقت وتدفنه في عيون العابرين 

وحين توقفت السيارة أمام القصر شعرت كأنها عادت إلى قوقعة ضخمة باردة لا تنتمي لها حقا 

حينما ولجت لم يكن ظافر قد عاد بعد فقد اختفت خطواته داخل هذا الحصن الذي يحتجزها به وبإرادتها كما اختفت ثقتها فيه 

استسلمت للصمت ومن ثم دخلت غرفتها وخلعت عن جسدها ما علق به من إرهاق واغتسلت أرادت أن تطرد أثره الذي لطخ جلدها تقصي رائحته عن ثيابها عن أنفاسها ولو لحين 

جلست سيرين على الفراش متدثرة بالسکينة الزائفة والتقطت هاتفها كان الوقت قد حان لسماع صوت كوثر الصوت الوحيد الذي لا يحاكمها 

اتصلت بها وما إن رفع الخط حتى سبقتها كوثر بالسؤال كأنها تخشى الصمت

كيف حالكما

كانت كوثر تعلم أن الأيام القليلة الماضية مرت على سيرين كصفحة ممزقة من كتاب لا تريد قراءته مجددا 

أجابت سيرين بخفة مصطنعة تروي الأحداث بإيجاز ومن ثم قفزت على التفاصيل المؤلمة وحذفت مشهد تركها عند النهر كما يقص مشهد من فيلم خذل القائمين عليه نهايته 

ثم سألت بصوت تخلله دفء الأمومة الصافية

أين زكريا هل هو بخير

ردت كوثر بابتسامة لم ترها سيرين لكنها شعرت بها في نبرة الصوت

يعود إلى غرفته باكرا هذه الأيام إن أردت رؤيته سأذهب لإحضاره الآن 

أجابت سيرين بلطف مطمئن كأنها تحتضنه عن بعد

لا لا تزعجيه إن كان نائما دعيه يحلم عل الأحلام تكون أكثر عدلا من الواقع 

أومأت كوثر وإن لم ترها سيرين لكنها سمعت الإيماءة في الصمت القصير الذي تلا

على ما يرام 

لكن الحقيقة كانت عكس ذلك تماما زكريا لم يكن نائما 

كان الطفل يجلس في عتمة غرفته ينير وجهه وهج شاشة الحاسوب تنعكس الأرقام على عينيه كما تنعكس الذكريات في المرآة 

سمع زكريا حديث أمه وكوثر فصمت قلبه قليلا لكنه لم يتوقف عن الكتابة على لوحة المفاتيح وهو يهمس لنفسه كمن يعاهدها

ربما لا يكون هذا الأب وغدا تماما على الأقل أعاد لنا أشياء جدي لكنني لن أراهن عليه فأنا يجب أن أجني ما يكفي حتى تعيش أمي الحياة التي تستحقها 

كان زكريا موهوبا في عالم الحواسيب فتيا يطارد الكبار في حلباتهم الرقمية يعرف كيف يعقد الصفقات ويخترق الجدران المشفرة لكن الطريق إلى المليارات كان أشبه بمشي طفل على حد السيف 

حدق زكريا في سلاسل الأرقام التي تتراقص أمامه حاجباه معقودان وقلبه مثقل 

لم يستطع جمع سوى عشرات الملايين لكنها لم تكن كافية لسداد ديون سيرين القديمة 

أغمض زكريا عينيه للحظة ثم فتح الباب في عقله على فكرة

القانون 

همس وهو يكتب بسرعة

كل ما في هذا العالم محكوم بالقانون وإن أخذت من حساب أبي ألن يعد ذلك نفقة لي ولنوح لا چريمة في ذلك بل حق!

توقفت أصابعه لثانية ثم واصل الكتابة كمن يختبر قدراته لا حدود الأخلاق 

كان الليل يمضي والظلال تتكاثف وكل شخص في هذا القصر يبحث عن خلاصه بطريقته 

وسيرين

لم تكن تعلم أن طفلها الذي اعتقدت

أنه نائم قد بدأ حربه الخاصة ليشتري لها مستقبلا بلا فواتير 

لكن هل سيكتفي زكريا بقطرة من مال آل نصران

وهل ستكون نهاية دينا عند هذا الحد أم كما يقولون الشړ لن يفنى حتى تنتهي العوالم

انتظرونا وستجدون ما يفوق الخيال 

رواية عشق لا يضاهى بقلم أسماء حميدة لمتابعة مواعيد نشر الرواية يرجى الانضمام إلى جروبنا المتواضع روايات عالمية بنكهة عربية أو متابعة صفحتي الشخصية روايات أسماء حميدة




المئة وتسع وثمانون من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close