اخر الروايات

رواية رد قلبي الفصل الرابع عشر 14 بقلم وسام اسامة

رواية رد قلبي الفصل الرابع عشر 14 بقلم وسام اسامة 


 

"رُد قلبي"
الحلقة الرابع عشر.." لا تتوسليني"
.........................................
كل شيئ حوله كان هادئ ولا يدعوا للإشتعال..فيما عدا تفكيره بسارة والتي سيطبق علي عنقها مُنتقمًا من أفعالها السوداء كما يراها..لذا إتجه الي منزل عمه "ناجي" وهو يضبط أعصابه بكل مقدرته

قرع جرس الباب بشيئ الحدة وهو يتنهد هامسًا..
-اهدي يافاتح..سارة لسه صغيرة وطايشة اهدي خالص

فتحت الخالة أمنية الباب باسمه ببشاشة كما إعتاد منها ليلمح سارة من خلفها ترتدي ملابس بيتية مكونة من بنطال وردي واسع..وكنزة بيتية لا تصل لمرفقها..ومايزيد الطين بِله ان الملابس واسعة نوعًا ما..حيث تتحرك معها وتصف جسدها الأنوثي رغم صغر سنها..كانت تضحك وتركض
استفاق فاتح علي ترحيب أمنية به قائلة بعتب مُشيره للأغراض بيده..
-وهو انتا جاي بيت غريب يافاتح..أدخل انتا حلال فيك أسيب سارة عليك
-‏
ليهمس بنفسه بجنون..
-دا أنتوا الي تسيبوني عليها ,أدخل أموتها ولا اعمل فيها ايه

دلف ليجد رامي يركض ورائها بالوسادة كي يضربها بها وهي تصرخ عاليًا وتضحك بجنون هاتفة...
-راااامي بس بقا قطعت نفسي

صدح صوت فاتح من خلفها...
-قطع نفسك ليه يامدام..أمال انا هعمل ايه بقا

شحب وجه سارة وتصنمت بمحلها..بينما اتجه له رامي مُعنقًا اياه هاتفا بإبتسامة...
-ياااراجل هو لازم سارة تيجي عشان تجيلنا يعني
خلاص هنبقا نجيب سارة كل يوم

لم يستطع فاتح أن يبتسم حتي وهو يحدجها بنظرات حادة..
-لو كانت قالتلي انها جاية كنت جيت معاها
إنما انا خطيبتي بتحب تعمل الحاجة سرقة

توترت الأجواء عقب كلماته الحادة..لتقول أمنية بإبتسامة..
-تعالي يارامي ساعدني..وانتا يافاتح أقعد مع سارة شوف ايديها محتاجة خياطة ولا لأ..عشان اتعورت وهي بتقطع البصل

إرتعشت سارة وهتفت سريعًا...
-لأ..انا هاجي اساعدك ورامي ي..

قاطعها فاتح بحدة..
-ماشي يامرات عمي..ادخلوا وانا هشوف ايديها

حركت أمنية رأسها بإيجاب وجذبت رامي الذي وجم وجهه وهو يشعر أن سارة سينصب عليها الغضب من فاتح
والمعروف عنه العصبية وسرعة الحنق

ليتجه مع والدته ونظرات سارة تتوسله بالبقاء
بينما فاتح جلس وهو يمسح علي وجهه بحدة ليشير لها أن تجلس جواره بصمت ودون حديث..رغم تمردها الدائم إلا أنها ولأول مره تُطيعه وبالفعل الحرفي ترتجف داخليا

فاتح قد يصل غضبه لمرحلة الجنون وعدم التفهم
وكل الحدة التي تلقتها منه في السابق كانت حدة خفيفة ينتج عنها صفع من والدها..او توبيخ أو مُعاقبة بعدم الذهاب للجامعة..ولكن الآن..وقد أستحالت بشرته السمراء الي حمراء من كثرة الغضب..وعيناه التي تطلق شرارات الغضب
وفمه الذي يأكل شفتيه بعصبية..ربااه..وكفاه اللذان يطبقان بغل..كل هذا ينبأها أن اليوم لم يمر مرور الكرام
أمسك يدها بقوة يتفحصها..حتي رأي الجرح السطحي في كفها..ليبتسم ساخرًا..ويضع اصبعه عليه برقه يتحسسه

ورغم رقة إصبعه إلا أن الجرح يؤلمها..ولكن زاد الألم وهي تشعر به يضغط علي الجرح بقوه..لترفع عيناها له لتجده نظراته الغاضبة تكاد تقتلها..كتمت تأوه متألم وظهرت الدموع بعيناها..لتسمع كلماته الحادة..
ضغطة إيدي بتوجعك

غضبت داخلها لتحرك رأسها بعناد قائلة بصوت مهتز..
-لأ

ليزيد ضغطه أكثر حتي بدأت قطرات الدماء بالخروج من الجرح..ليقول..
-ها حاسه بإيه دلوقتي

حاولت جذب يدها منه بألم وعيناها بدأت بذرف الدموع
والحدة تملكت منها لتهمس..
-سيب ايدي يافاتح

زاد ضغطه أكثر لتكتم صرخة متألمة واضعه كفها علي فمها وبدأ البكاء يزيد مع زيادة الألم..ليقول بحدة..
-أهو انا بقا كرامتي بتوجعني كدا لما عيلة صغيرة تلعب بيا الكورة..كرامتي وجعتني لما قفلتي في وشي زي الحيوانات الي مبتفهمش في الذوق ولا الأدب

زاد ضغطه أكثر وهو يري ألمها ليُكمل ساخرًا..
-ولما عرفت انك كدابة ومخرجتيش مع صحبتك
وجيتي هنا من غير إذني

حاولت سحب يدها بألم وبدأت شهقاتها تعلو ليهتف بحدة..
-اخرسي ومسمعش نفسك..وايه الي انتي لابساه دا
وبتهزري بالإيد مع رامي..وكأنك متجوز واحدة صاحبتك

ليجذبها بعنف من يدها وبدأ صوته يعلو..
-انتي مش شيفاني راجل صح..ماهو لو شيفاني راجل مكنتيش عملتي عمايلك دي..طب انا ورقة ملهاش لازمه
ماتردي يامدام ساكته ليه

في تلك اللحظة خرجت امنية سريعًا وتبعها رامي ليجدو سارة تبكي وتضع يدها علي فمها لتكتم شهقاتها الباكية..وفاتح يجذبها بقوة تؤلم..لتشهق أمنية هاتفة..
-اخص عليك يافاتح انتا بتعمل ايه2

تركها فاتح لتحاوطها أمنية ..بينما سارة لازالت تكتم فمها بكفها وتخفي وجهها في أمنية كي لا يراها رامي في تلك الحالة البائسة..ليهتف فاتح بحدة..
-قومي البسي هدومك عشان اروحك..يلا

نظرت له أمنية بحده..
-فاااتح انتا بتكلمها كدا ليه..عيب تقلل منها قدامنا
طالما مبتحبهاش اتجوزتها ليه

خرجت الجملة الأخيرة من أمنية بحرقة..وهي تراه في تلك اللحظة يتهيأ بصورة ناجي زوجها..لأن فاتح له صفات مشتركة مع ناجي بكل شيئ وكأنه إبنه لا رامي

ليهتف فاتح بجمود..
-بعد إذنك يامرات عمي..انا عارف بعمل ايه كويس
وسيبيها عشان تغير هدومها لأن التأخير مش في صالحها

غضب رامي من أسلوبه الجاف مع سارة ومع والدته ليهتف بحدة..
-فاتح في ايه مالك..ايا كان عملت ايه..ليه توصلها للدرجة دي من العياط..سارة مبقتش صغيرة انك تعنفها كدا

زمجر فاتح وهو ينظر له بغضب..
-ملكش دعوة يارامي..دي مراتي وأعمل معاها ما بدالي

في تلك اللحظة دلف ناجي وقد جاء توًا من الخارج ليلقي السلام..ليلاحظ التوتر الذي يسود المكان لينظر لأمنية قائلا..
-في ايه ياأمنية

نظرت لفاتح بطرف عينها بحنق لتقول..
-مفيش حاجة ياناجي..سارة اتعورت في ايديها
وفاتح مُصر يمشي وياخدها قبل الغدا

إتجه ناجي الي سارة التي تريح رأسها علي صدر امنية ليربت علي رأسها بحنان أبوي..خاصة وأن سارة تُذكره بحبيبتة بدر..في تمردها وجرأتها..ورغما عنه قال..
-سلامتك يابدور

لاحقته النظرات وخاصه تلك النظرة المجروحة بعين زوجتة..ليحمحم قائلا سريعا وقد استوعب ما قاله ليُمسك يد سارة وهو يري جرح يدها..
-دا خفيف ياحبيبتي..امنية تحطلك حاجة للجروح وهتبقي كويسة

همهم ناجي ليربت علي ظهر فاتح..
-لا هتتغدوا معانا يافاتح وأمنية هتشوف ايدها مالها
تعالي ياشباب علي ماالغدا يجهز اقعدو استنوني علي مااغير هدومي ونقعد نلعب دورين طاولة

أراد فاتح الإعتراض ولكن رق قلبه ليهئة سارة التي انكمشت في أحضان أمنية تُخفي ببكائها عنهم..ليتنفس بحدة قبل أن يقول..
-تمام ياعمي..عايز سارة في حاجة بس

زجرته أمنية بنظرات قاسية وجديدة علي شخصها..ليقول فاتح بخفوت وهو ينخفض ليجذب سارة منها..
-بعد إذنك يامرات عمي

طاوعته سارة بصمت يكفيها فضيحة بكائها أمامهم لن تُكمل العرض المهين وتطاوعه عسي أن يمر اليوم علي خير..جذبها فاتح واستأذن ودلف بها أحد الغرف وأغلق الباب..ليلتفت لها ويري وجهها الأحمر من أثر البكاء

تنهد بلين وهو يرفع كفه يهندم خصلاتها الكثيفة والقصيرة بلونها البُني المصبوغ عن لون الأسود..رجعت الي الخلف قبل أن تصل كفه لخصلاتها..ليكور يده بحدة ويتنهد مستغفرًا..ليقول بهدوء..
-عجبك الي حصل دا..وفرجة الناس علينا !

رفعت سارة وجهها له وهي تُمسك نفسها عن البكاء لتهتف بصوت خفيض كاره...
-انا بكرهك يافاتح..بكرهك وبكره ابويا وبكرهكو كلكم
بكرهك قد ماتكرهني مليون مرة..ومش هبطل ازهقك مني عشان تطلقني

تغضن جبينة وقست شفتاة ليقول بجمود..
-ومين قالك اني بكرهك ياسارة
انا بكره أفعالك وكلامك الي مش محسوب
وطالما انتي بتكرهيني يبقا كل الي احنا في غلط
الفترة دي تعدي وتخلصي السنة دي وكل واحد يروح لحالة...انا مش نافعني حياتك دي ياسارة
انتي لسه صغيرة وطايشة..وانا راجل قربت علي التلاتين
اتقبلت الخطوبة دي عشان خاطر عمي..مش عشان اطنطت وراكي في كل مكان زي العيل الصغير
كل الي طالبة منك تحاولي تحترمي كلمتي الفترة دي
وبعدها كل واحد يروح لحاله..ممكن ياسارة

غص حلقها وهي تسمع كلماتة الهادئة والرقيقة بآن واحد
لا تدري لما حزنت رغم انها تكره ذاك الإرتباط وتكره تحكمه بها..تعلم مدي عصبيتة وللأسف هي من تقوده إليها
إذا لما هي حزينة الآن من كلماتة !
حركت رأسها بإيجاب لتقول بتهور..
-وبعد ماتسيبني هتروح تخطب رجاء !

حدق بها لثوان..قبل أن يرفع كفه ويساوي خصلاتها خلف أذنها ويربت علي رأسها بثبات ليقول..
-رجاء او غيرها ياسارة..المهم اني هتجوز واحدة ارتاح واتفاهم معاها ومحسش ديما إني في حرب
انتي لسه صغيرة ومش هتفهمي مضمون كلمة تفاهم وراحة..ولما تفهمي معني الكلمتين دول هتعرفي قصدي

ربتته علي رأسها وكفه التي عبثت في خصلاتها جعلت النيران تنشب داخلها ومعدتها تتلوي بتوتر..خاصه وأن هذا أول تقارب بينها وبينه..ولكن ثوان وسُكب الماء البارد علي تلك النيران بكلماته ..كلماته التي تضمن أنها ليست المُناسبة له أبدا

ليبتسم لها إبتسامة مُتكلفة قائلا..
-يلا روحي اغسلي وشك وساعدي مرات عمك..عشان تأخيرنا دا هيخليهم هيفهمونا غلط..يلا ياسرور

تمتمت بنبرة تائهة من إبتسامتة وهدوئه المُفاجئ..
-سرور !

-اسمك سارة ومن معانيه السرور..فا يلا ياسرور مش وقت اسأله..روحي ساعدي مرات خالك وانا هقعد مع الرجالة
بس الأول غيري هدومك دي ماشي !

وللدهشة حركت رأسها بطاعة..وكادت تخرج ليُتمتم مُتذكرًا..
-صح هاتي ايدك

إلتفتت له وأعطته يدها بتردد خوفا أن يؤلمها من جديد
ولكن جذبها لتجلس علي الفراش وجلس أمامها واخرج منديلاً من جيبة..وتبعها بزجاجة عطر من محفظتة السوداء الكبيرة

ورش من العطر علي كفها المجروح لتكتم انفاسها من الألم
حينما مسد بالمنديل علي الجرح جيدًا ليقول..
-خلاص كدا..مرات عمي تحطلك مرهم جروح وتبقي تمام
خدي بالك المره الي جاية

ثم تركها وخرج من الغرفة..تركها تائهة مُشتتة بعكس دخولها لها..ولكن الرابط الوحيد بين دخولها وخروجها
الرغبة بالبكاء..ان تبكي كما لم تبكِ من قبل

***
لم يقتنع بذاك السبب الواهي الذي أخبرته اياه غزال أنه هو من اغلق باب الشقة عليهم حينما جُرحت يدها سابقًا
لتقنعه أنها هي من أغلقت الباب
إكتفت بذاك التبرير واجمة أعقبتها بعبارة حادة..
-بقا انتا كدا من الصبح عشان ترضي فضولك

عقد حاجبيه بدهشة ليبتسم من تفكيرها ويجيب ببساطة..
-لو عايزاني ارجع غير كدا ماشي

عبس وجهها أكثر لتقول بخفوت..
-لا خليك كدا..نرمي الأسباب ونركز في النتايج

ضحك بمرح وهو يرفع إبهامه لها في علامة لتشجيع
لتضحك هي الأخري وتنسي أساليبه الملتوية وتركز علي إشراقته معها..فهي لا تضمن أن يكون هكذا دائما

ظلت تتجول معه في المشفي وتري صداقته مع الجميع وإبتساماته السخية معهم..إذا لما هو شحيح البسمه معها !
إنقضت الساعات سريعًا ورجع كامل الي بيته بمساعدة خالد وعُبيده

وإبتعدت غزال عنه تماما لا تنوي أن يؤلمها برفضة وجموده لذا قررت أن تحادثه في المنزل أفضل
بعيدا عن العيون التي تلاحقهم

وبالفعل إرتاح كامل علي فراشة أخيرا ولازالت ملامحة جامدة ليستأذن عُبيده قائلا..
-معلش ياحج كامل استأذن بقا عشان عندي شغل

حرك كامل رأسه بإيجاب قائلا...
-شكرا علي تعبك معانا..عطلتك الفتره الي فاتت
اعذرني ياعُبيده

لامه عبيده قائلا..
-ودا كلام بردو ياحج..ايه الي بتقوله دا
انا في الخدمة دايما..في أي حاجة ابعتلي مع ريشة
أو..غزال

أتم جملته وهو وهو ينظر لخالد الذي يشيعه بنظرات كارهه وغاضبة لأبعد حد..ليقول كامل..
-ماشي يابني ربنا معاك

خرج عُبيده من الغرفة ليقابل وجه غزال وهي تقف امامه مباشرة..ليبتعد خطوة يبتسم قائلا..
-بتطلعي زي العفريت فجأة كدا..مفيش مره ظهرتيلي بشكل طبيعي

ضحكت غزال وهي تميل برأسها قائلة..
-طب تعالي معايا عايزة أسألك علي حاجة
واحمد ربنا اني بظهرلك أصلا..غيرك يتمنوا

تبعها عُبيده قائلا..
-نيالي ياستي..ها خير

إتجهت للشرفة وكان يتبعها لتخرج له من حقيبتها سماعة طبيه وتعطيها له !
تطلع الي السماعة للحظات بدهشة ليقول..
-مالها السماعة !

ضحكت وهي تضعها بحقيبة أنيقة وتعطيها قائلة..
-السماعة ملهاش..دي ليك خدها

أمسك الحقيبة من يدها قائلا..
-ايوة ةبعد مااخدها أعمل بيها ايه ياغزال !

رفرفت برموشها بسعادة من نطقه المتكرر بإسمها
لتقول وهي تفرك كفيها بتوتر..
-امم ما دي هدية ليك

-اييه هدية ليا..طب أعمل بيها ايه
وبعدين اشترتيها منين دي
نطق بتلك الكلمات بدهشة

ولكن ثوان وأستوعب فكرة السماعة ليكتم ضحكة عالية كادت تفلت منه..ليقول..
-غزال أنا مُمرض مش دكتور..مستوعبة دا !

عقدت حاجبيها بعدم فهم لتقول..
-يعني مبتحتاجش دي في شغلك..انتا بتضحك ليه
هو انا شكلي بيضحك

توقف عن الضحك وتأملها لثوان قبل أن يشيح عيناه عن وجهها البهيي..ليقول بصوت عميق..
-مبحتحهاش..لكن كفاية انك جبتيلي حاجة ياغزال
رغم اني مبقبلش الهدايا...لكن هدية مقبولة

إتسعت بسمها لتظهر نغزة وجنتها بوضوح لتقول بنعومة..
-المرة الي جاية هجيب حاجة تحتاجها

اطلق تنهيدة مكتومة وهي يستدير ويشيح بعيناه عنها قائلا..
-سلام عليكم ياغزال..انا ماشي

سارت خلفه مُتمتمة بصوت وصله..
-في آمان الله وفي حفظة ديما ياسي عبوده

ليخرج ويغلق الباب خلفه بعدما إبتسم لها برفق
وما أن استدار حتي وجد صديقة وائل يقف علي الدرج بوجهه المكدوم بكل معني للكلمة
ليهتف عُبيده بصدمة...
-ايه الي عمل فيك كدا

في نفس اللحظة التي نطق بها خالد للسيد كامل..
-حج كامل..انا بجدد طلبي انا عايز أتجوز غزال
انا بحبها من زما وأولي بيها من الغريب
***
عناق حار ودافي إستقبلت به تقي لصغيرها شَريف كما تلقبه..وبادلها العناق ضاحكا علي دموعها السخية
بينما أدم انسحب الي غرفة مكتبه بصمت..ودون حديث
لتلحق سيدرا به بعدما رحبت بشقيقها

جلس أدم علي مقعده وأرجع رأسه للخلف..وعقله يسترجع العشرون سنة الماضية بحياتة..كانوا أجمل سنين قد حظي بها مع تقي وأولادة..رغم الخلافات وكل ماهو مؤلم إلا أنه سعيد بما مر معها ومعهم

ورغم سعادته بما مضي إلا ان خوفة من القادم أكثر وأكبر
وخاصة مع كلمات شريف التي تجلده كلما شرد بها
شعر بيد سيدرا توضع علي كتفه هامسة..
-بابا انتا كويس !

فتح عيناه وطالعها لثوان ليجد نظرتها اللينة مع قوتها التي ورثتها منه..كانت جميلة تجمع بين ملامحه وملامح تقي..ولكنها أخذت الجميل منهما..وأخذت قوته كاملة دون نقصان ..قوة تغطي قشرتها الأنوثية الرقيقة
تنهد وهو يمسد جبينه..
-انا كويس يابابا..متقلقيش

همهمت لتقول بتقرير..
-اتخانقت مع شريف وغلط في الكلام وعصبك صح

لم يتفاجئ بمعرفتها بما دار فهي سريعة البديهة ومنذ دخولهم لاحظت الوجوم علي وجه الجميع فيما عدا جودي
ليومئ برأسه ولازال صامت

لتُمسك كفة برقة قائلة..
-مش مهم هو قال ايه..المهم انه بيحبك ومهما قال اكيد كل كلامة كلام غضب ملوش اي لازمة..احنا كلنا عارفين انك بتختار الي في صالحنا يابابا

إبتهج قلبه لكلام سيدرا وإبتسم إبتسامة صغيرة وهو يفتح ذراعيه لها..لتعانقة بقوة هي الأخري ..تستمد منه الأمان والقوة كما اعتادت منذ صغرها
ليهمس أدم باسمًا...
-بيلوموني اني مبوافقش علي الي بيتقدمولك
طب استغني عنك ازاي يانجمة بابا
الاقي واحد يستاهل انه ياخد أعظم نجمة في حياتي!

تنهدت بحزن خفي لتقول..
-نجمة بابا ملقتش حد يقدرها وبتلومش بابا علي حاجة
انتا عارف فين الصح ليا...انا واثقة فيك يابابا

قطع كلماتهم دخول تقي وهي تعانق خصر شَريف والبهجة مرتسمة علي وجهها بطفولة لا تمحيها السنوات..لتقول وهي تلكز شَريف...
-أدم ..شَريف عايز يقول مفاجأة ..قالي منها حاجة صغنونه خااالص..وقال هيقول التفاصيل قدامك

ضحك شَريف وهو يقبل جبهتها ثم نظر لأدم الجالس علي كرسية بغرور فطري ..وسيدرا تجلس جوارة مُمسكه بكفه ونظراتها قوية مُحذرة..ليبتسم شَريف ببرود قائلا..
-انا قررت أتجوز زي ماقولت لماما..بس الي مقولتوش ليكي ياماما أنها مش في الوسط بتاعنا خااالص

لينظر الي أدم بتحدي قائلا..
-بس انتا عارفها يابابا وبعت الحُراس يمشو وراها
وتقريبا عرفت سجلها كله..يعني مش هتتفاجئ

إبتسامة قاسية إرتسمت علي شفتي أدم مُتمتما...
-الخدامة قصدك

علت الشهقات من جودي وتقي..بينما سيدرا كانت علي علم مُسبقا بذاك الحديث..ليقول شَريف ببساطة مُبطنة بالتصميم...
-لا يابابا ..مينفعش تشاورلها بإسم شغلها
دي خلاص هتبقا ريشة..ريشة الصياد

تحدثت تقي بتشتت وهي توزع نظرها بينهم..
-انتوا بتتكلموا علي مين..هو انتا مش هتخطب مريانا بنت عمك جواد ياشَريف زي ماقولتلك

ربت شَريف علي ظهرها قائلا..
-لا ياماما انا في بنت عجبتني وعايز اتجوزها
هي بنت طيبة وغلبانة هتحبيها...ولا إيه ياأدم باشا

همهم أدم بإيجاب ليقول بجمود..
-لكل حاجة تمن..وفي تمن اني اوافق عليها واخليها تشيل إسم عيلة الصياد وتدخل بينا..ولو مش هتدفع التمن دا
ييقا روح إتجوز في الشارع وملكش أهل بعد كدا

صرخت تقي بفزع وهي تُمسك مرفق شريف..
-أدم انتا بتقول ايه..تمن ايه !

ربت شَريف علي يد والدته ليقول بحدة..
-تمن الي هو ايه!

إبتسم أدم بدهاء قائلا...
-هتمسك كل شراكتنا الي في مصر..وكلها يعني كلها
وسيدرا هتساعدك في فروع القاهرة واسكندرية بس
وكلامنها هيبقا موثق بالأوراق..يعني مفيهاش لعب عيال

إشتد وجه شَريف بغضب وكور يده بجنون ليُتابع أدم بهدوء ..
-وهترجع تعيش هنا وهيتم جوازك هنا وهتسكن هنا
مش هتفارق أمك واخواتك..دا غير ان الي عايز تتجوزها دي هتتحط تحت المراقبة عشان نشوف هتأثر علي عيلتنا بالسلب ولا لأ

هتف شَريف بصوت مكتوم..
-خلاص كدا ..دي شروطك

حرك أدم رأسه سلبًا ليقول..
-لأ..لسه في شرط..هتسيب الداخلية..نهائي

توسلت تقي بدموع وهي تري غضب ولدها..
-أدم متعملش كدا..عشان خاطري متبعدوش عني بشروطك دي..هيرفض وسيبني تاني

تنهد أدم بتعب وهو يرجوها بعيناه ويهتف بقلبة
لا تتوسليني أعلم ماافعله جيدا..لا تُزدي الألم بدموعك
ليهتف شَريف بغضب..
-موافق علي كل شروطك وعندي شرط..ان بعد ماانفذلك كل دا متدخلش في حياتي تاني

هتفت سيدرا بحدة..
-شَريف..حاسب علي كلامك..متكلمش بابا بالإسلوب دا

هتف أدم قاطعًا للحديث..
-موافق..معنديش مشكلة

ليُكمل وهو ينظر لجودي..
-وانتي ياجودي..هاتي رقم مديرك احدد معاه ميعاد يجي يتقدملك..وأختك هتجيبلي سيرته من بدايته للنهاردة

خجلت جودي لتحرك سيدرا رأسها بطاعة
بينما هللت تقي بسعادة وهي تعانق جودي
وشَريف ينظر لأدم وبغضب وسخرية..وأدم بعالم آخر
وقد قادة شرودة لأبعد نقطة عنهم..كما عادته



الخامس عشر من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close