اخر الروايات

رواية أشتهي عناقا ( اغراب بلا وطن ) الفصل الرابع عشر 14 بقلم اسما السيد

رواية أشتهي عناقا ( اغراب بلا وطن ) الفصل الرابع عشر 14 بقلم اسما السيد 



١٤
أشتهي عناقاً
حكايه ١
من سلسلة
(أغراب بلا وطن)
✍️أسما السيد..✍️
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..

‏"كان من دُعاء النبي ﷺ: (وأسألك قُرة عين لا تنقطع)
وقرة عين تعني: أن يرزقه الله الاستقرار في الأمور كلِّها، خيرها وشرّها، بأن يرى كل قضاء الله لُطف منه، وهذا يتبعه استقرار بالقلب وشعور بالطمأنينة، لأن العين بوابة القلب، فإذا استقرت العين استقر القلب"
فاللهم قرّة عين لا تنقطع ..
اللهم آمين واياكم يارب العالمين..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قديماً كان يقال أن كل الطرق تؤدي إلي روما..وأنا اقول لك أن كل الطرق كانت تؤدي إلي قلبي..ولكنك أنت من إخترت الهجر والبعد..

إخترت طريقاً لا يؤدي إلا للشقاء والبؤس..فأنا لست ياعزيزي سوي طفلة هشه..كانت تحتاج لذاك الحضن..

كنت أبتسم إذا أهديتني بسمه صغيره لا تصل لشفتيك، واحمر خجلاً من لمسه يديك..

أنا هي تلك الطفلة التي وإن جلبوا لها العالم تحت قدميها، لم تكن تشتهي إلا ما بيديك..

أنا تلك الضعيفه القوية، أنا من صنعتها يديك…

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ آسر…

همهمت بإسمه مره بعد مره..لا تصدق انه أمامها، تبصره بعينها هنا مجددا بعد سنوات من الفراق واللوعه، بعدما يأست من عودته يوماً..

مسحت عينها مره بعد مره.. وهو يقف بمكانه ثابتاً فقط ينظر لها بأعين ذابله تنطق شوقاً…

أيوم حظها هذا..أم يوم بؤسها…؟

تشعر وكأنها تلقت ضربه مفاجأه علي رأسها، فصارت تتخبط هنا وهناك بلا وعي..

فباتت تري الصدق كذب، والكذب صدقاً..
والحقيقه الظاهره للعالم أجمع تبدو لها سراب واهياً..

أنتبهت عليه وتفرست بملامحه، حاله ليس بافضل منها كحالها تماماً... متردداً، متخبطاً ...ولكن تردده دوماً ما كان يحسمه هو دون جدال..

تُري أين رحل ذاك الرجل الحاسم الذي عشقت، تبدلت نظرته فجأه، وكأنه قرأ أفكارها كعادته، وتغيرت نظرته من شوق بارد الا آخر يلتهمها بعينيه المنبهره بها، انقبض قلبها، وتقلصت احشاءها علي إثرها

تعي ما سيأتي بعد تلك النظره جيداً..

سيحل جنون العشق، ولن تقدر عليه..وسيعود الماضي بأسوأ منه..وستعود هي له خانعه..بلا جهد يذكر..

نظرته المختلطه، ما بين الشوق والرغبه، دوماً ما ترغمها علي الانحدار للهوه، والتنازل من أجل عشقه البائس الذي يبدو لا شفاء منه أبداً…

شعرت برجفه اجتاحتها ما ان عادت ذاكرتها للماضي، وكأن جسدها الخائن هذا يعرف جسده عن بعد، ويطالبها بالقرب..

يجب أن تفر الآن..وإلا انهارت حصونها التي شيدتها لتحمي قلبه من غزوه الذي لا يعرف الرحمه ولا الشفقه..

ينظر لها وكأنه بحلم..اهي هنا حقاً ام سرابا بخياله سيرحل ما ان يستيقظ كعادته منذ سنوات رحيله..

لقد استمع لصوت بكاءها من تلك الغرفه التي تسلل لها بالامس حينما اتي يغلبه بحثاً عنها لتطفيء لهيب شوقه لها...حتي لا يراه أحداً، ويلوث نظرة عينيه قبل أن يراها، كان يعلم أنها ستصعد لهنا..

فهذا هذا وعدهم الذي قطعوه علي أنفسهم..

أن لا ينسوا مكانهم الخاص، في الفراق والبعد…

يعلم انها تصعد لهنا يومياً، تطل علي مكانهم كل يوم…ترويه ببسماتها، وتغذيه بدموع العين..كما يتخيل هو نفسه كل يوم يبثها شوقه..ويخبرها كم كانت السنوات بعيداً عنه لا تمر..

اخذ نفساً عميقاً، وهو يحدق بها، وتحدق به، يصارعان لعنه حُفرت بأرواحهم..ونقشت بقلوبهم منذ كانوا نطفةً برحم أمهاتهم …

هنا طعم الفراق، وطعم القرب، هنا لعبوا صغاراً، وقربهم الشوق كباراً، هنا الخطيئه والغفران..هنا عشق بائس وذكريات لن تمحي مهما مرت السنوات..

هنا شيء يجذبهم جميعاً...هنا فرقهم عناق خاص بطعم الدمعات الحارقه والخيبات..
هنا تعلموا جميعاً..كيف هو طعم الانتظار...؟

هنا ظاهرهم عائله..وباطنهم أغراب…

تمتم بإسمها بشوق عاصف لها منذ سنوات..
سنوات من الفراق أجبر نفسه علي البعد عنها، وكبح جماح شوقه لها..

ظاهرياً.. كان فراقها تحدياً مؤلماً لنفسه، ليري هل سيستطع أن يكون هو نفسه وهو بعيداً عنها..
وأن يؤسس حياه أخري ليست هي شريكته بها ام لا؟

أراد ان يرحل ليعرف هل بالفعل عشقها، اما ذاك الشعور كان مكتسباً، وكبر بقلوبهم منذ كانوا صغار…

ام باطنياً.. انه لو لم يحدث ما حدث ذاك اليوم.. لما تركها لحظة واحده...ولما فكر بكل ذاك...وخطر علي عقله..

ولكن…

تهكم علي نفسه، وهو يلتهم تفاصيلها التي اشتاقها بلا حد..

لقد كبرت تلك التي تركها بعمر الثامنه عشر..وأصبحت ككتله نار تؤجج القلب، وتبهر العين، وتخطف الأنفاس...

طوال سنوات، وهو يتعسس علي أخبارها بذل من تلك البغيضه إبنة عنه(نور) ولولا خوفه عليها أن تتأذي بسبب شوقه، لما تركها أبداً يوماً واحداً هنا بعيدا عنه …

ااه مهمومه، مشتاقه..خرجت من صدره..وهو يقطع تلك المسافه اللعينه بينهم ويمد يده.ليختطفها لذاك الذي ينبض بعنف بصدره، شوقاً لها..

ويجبره جبراً لتلبية نداءة بالقرب منها..

ولكن…

تهدلت ذراعيه بصدمه..وهو ينظر لتلك التي هرولت بعيداً عنه..وهي تتمتم بحديث أشبه بالجنون…

ـ لالا..أبعد..متقربش..انتَ..

سحق أسنانه ببعضهم بغيظ منها..تبتعد عنه، وهو يموت شوقاً لقربها…

إذاً..

إن كانت قد جُنت فهي تعلم أنه أجن منها..من الأصل هو من علمها الجنان الممزوج بالخبث ذاك..

وقبل أن تضع قدمها علي أولي الدرج...كان يختطفها حاملاً إياها بذراعيه التي حاوطتها من الخلف بتملك..

نازعاً كل إعتراضاتها الواهيه اللعينه بيديه التي حاوطت خصرها، تقرب ظهرها منه..

متأوهاً بتلك الآاااه المشتاقه التي تحفظهاا عن ظهر قلب، حنوه، وشوقه، جعلها طوع بنانه..ومنذ متي لا يفعل...فلا منه مفر…ولا من عشقه أبداً..

ـ اااه…..

أغمضت عينيها هي الاخري براحه، ومالت برأسها تستند علي كتفه من الخلف..وأطلقت العنان لشوقها المكتوم له منذ سنوات..وهي تشاركه تلك
ـ الآااااه..

التي عصفت بهم معاً..وهو يدير رأسها له بعنف ملتهماً خاصتيها بشوق جارف…

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم يجد مكاناً يأويه بذاك الليل بعد فعلته تلك بها وببناته

اللاتي… انهالوا عليه بالضرب بكفوفهم الرقيقه، ما أن فتح الغرفه..

صُدم بوجودهم خلف باب الغرفه..يبكون بصمت...تماماً كوالدتهم…

نار عاصفه تهب بقلبه..كلما تذكر كلماتها، وهي تخبره بأنه سادي، مقرف، مريض، وان ذاك الحقير أقرب لها منه..

رفع نظره لتلك البنايه التي لم تطأ قدميه لها منذ سنوات...منذ رحيله بعد زواجه بماريانا..وغضب والديه عليه…

يخبر الجميع كذباً أنه يأتي لهنا..ولكن أن كذب عالجميع..هل يكذب علي نفسه..؟

لقد مات والده مقاطعاً له..وهو لم يهتم يوماً لان يصلح ما بينهم..

لقد خانته الحياه..وهو يحسب أن والده سيبقي للأبد ولن يأتي ذاك اليوم ويرحل كما سيرحل هو، والجميع يوماً..

إستند بمقدمه وجهه علي المقود وهو يزفر بقوه..من غيرته التي شبت بقلبه فجأه، حينما يتذكرها..

هو لا يحبها، إذا لما يهتم....

كلما تذكر كيف وصل لهذا الحال هنا..يتذكر احمد.. ويشتعل قلبه.. …

وحده هو ما كان السبب بتفشي الجحود بقلبه..أحمد..إبن عمته وصديقه الظاهري..والباطني عدو.

لوي فمه..متذكراً ذاك اليوم جيداً.. منذ سنوات..حينما دق جرس الشقه...وفتحت والدته..وظهرمن خلفه..إمرأه ذات ملامح بالنسبه له في هذا العمر عجيبه..وغريبه..
بشعر أصفر طويل، وعيون بلون السماء الزرقاء..بيدها طفل صغير جميل الشكل وبشعر أصفر داكن غزير..يغطي عينيه التي تشبه غابات الزيتون..يرتل الأنجليزيه بطلاقه..وبنفس ذات العمر..

وبعد ساعات قضتها تلك المرأه بترتيل كلمات لم يفهم منها شيئ..وبين قبلات حارقه من جدته لوالدته لذاك الطفل..وتلك المرأه الغريبه..رحلت وتركته..والي الأبد …

تلك الليله لم يغمض له جفن بقي مستيقظاً وهو يستمع لبكاءه، وبكاء جدته معه..

حتي والده الصارم الذي كان يرتجف منه..بكي بحرقه وهو يحتضن ذاك الطفل…

غيره حارقه نشبت بقلبه..كان يجيد اخفاؤها خوفاً من بطش والده..لا ينكر هدوء احمد ولا رؤيه الكسره الواضحه بعيونه دوماً..ولكن عشق الام له ولطلاقه لسانه وحرصهم الدائم عليه….كانت القشه التي اجتت نار الغيره بقلبه..خصيصاً مع خوف الجميع الغير مبرر عليه..وعلي عدم ظهوره دائماً بمناسباتهم العائليه..وانكارهم نسبه لعمته..وأخبار الجميع بأنه.إبن صديق والده الذي رحل إثر حادث أليم هو وزوجته..

مكث أحمد مع جدته طوال حياته بشقتها اسفل منهم..الي أن صاروا بعمر العشرون وتوفيت جدتهم..

وبعدها قرر أحمد الرحيل من البنايه بأكملها.. لاخري ليست بعيده عنهم.. بعد عناء في اقناع والده.. الذي كان يبكي بحرقه عليه حينما غادر البنايه وتركه…

طوال سنوات..لم يزول ذاك الكره له بقلبه..ولم يستطع استبداله بأي شفقه عليه او بعضاً من حنان.. ..ولكن كان دائما يجيد اخفاء تلك المشاعر واستبدالها بما يريدون هم…

لم يعي لقدمه التي سبقته لتخطو تلك الدرجات التي تفصله عن شقة والدته..

ولا ليديه التي بدأت بالدق برتم خفيف مره بعد مره..
ولكنه عاد للخلف بصدر يعلو ويهبط وهو يري والدته تقف امامه..وهي ترفع بيدها نظارتها الطبيه المتعلقه بعنقها، لترتديها لتري من؟

دقيقه مرت ووالدته تقف أمامه..لم تحيد بنظرها عنه..ولم يرتسم علي وجهها أي علامه للصدمه..ولا للفرحه..ولا حتي لشوق كاذب..فقط اكتفت بالرجوع للداخل تاركه الباب له علي مصراعيه..

جلست علي تلك الاريكه العريقه التي لم تتغير منذ تركها علي حالها، بمكانها …

في حين دلف هو يقدم خطوه، ويؤخر الاخري إلي أن وقف قبالتها وجثي أرضاً، ومد يده البارده ممسكاً بيدها ويرفعها لشفتيه..
وهو يهمس بندم…

ـ وحشتيني يااامي… وحشتيني ي..

لم تنتظر لتصل يدها التي اخذ العجز منها مبلغه، وصارت جلدٌ علي عظم..

سحبتها فورا من يده قبل أن يدنسها بشفتيه التي لم تخرج منهما الا كل كذب..وسم..وحقد…

هتفت بملامح جامده…

ـ جاي ليه يابن السلموني..إيه اللي فكركك بالست اللي كانت سبب في حرمانك من كل حاجه حلوه في حياتك..؟

أغمض عينيه بأسف..وهو يتذكر تلك الكلمات التي القاها عليها بعد زواجه....

بعدما عارضته وبشده زواجه من إيلا..وعارضت أيضا زواجه من تلك التي ما أن رأتها عالفور..بلا ابداء
اسباب. ولا وضعها...

ولكنه كان يعلم ان ذاك الحقير لا يخفي عنها شيئاً وحتما اخبرها بعشقه لها…

تمتم بندم وهو يستقيم ليقف خلفها بعدما استقامت من امامه…

ـ سامحيني ياأمي..انا عارف اني…

قطعت عباراته التي تقطر كذباً كعادته بيدها التي رفعتها بوهن أمامه....

ـ ششش متكملش..

واستدارت تنظر له بترو من الاعلي للاسفل..وهي تشير باصبعها عليه..

ـ ايه اللي اتغير دلوقت..عشان تطلب السماح يابن السلموني….قلبك اتغير..ولا كلامك اتغير..ولا افعالك اللي كلها مكر..ولا بلاويك اللي طول عمرك شاطر برميها علي غيرك يا باسل..

تغيرت ملامحه النادمه فجأه من السكون للغضب …
مردفاً بغلظه..

ـ لسه زي ما انتِ...عمرك ماصدقتيني..ولا بتثقي فيا...انتي عمرك أصلا حبتيني..

لوت شفتيها بابتسامه ساخره..حينما تبدل لذاك الذي تعرفه عن ظهر قلب.. واردفت بحزن..

ـ يااااه...انت لسه برده مصدق نفسك...ما احنا يااما صدقناك..ويااما مشينا ورا صدقك ياابني..خدنا ايه غير
المُر.

قلتلك ياباسل..كدبك ونفاقك...مره بعد مره دا مش حلو..هيخسرك حتي لو عشت عمر بحاله بتكسب..مسيرك هتقع..

صرخ بجنون موجهاً حديثه لها…

ـ انا مبكدبش..اسكتي بقي..اسكتي..انا غلطان اني جيتلك..

هتفت بحزن عليه…

ـ ياخساره يابني..كان نفسي تتغير..بس لسه زي ماانت..الشيطان اللي جواك..بيسيطر عليك..ودايما سابقك..
ياخسارة تربيتنا فيك..ياخساره..

دار بجنون بالمكان....يطيح بالاشياء امامه بقدمه..بينما جلست هي بحزن تراقب جنانه القديم..وهي ترجف بقلبها..خوفاً من ان ينتهي به الحال..متطاولاً عليها كما كان يفعل من قبل..

ولكنها بقت ثابته..وهو يصرخ ويخبرها انها السبب هي ووالده..وان ذاك الدخيل من اخذ مكانه..واحبوه اكثر منه…

لمحته يقترب من مكانها وعينه تنذر بالشر، وهم بالحديث..الا انها ولاول مره استقامت..ووقفت امامه..وبكل قوتها التي تمتلكها بهذا العمر صفعته..وتبعت صفعتها، ببصقه بوجهه..

رفع وجهه ينظر لها بصدمه وحقد..ولكنها اكتفت..

سنوات..وسنوات..من الكبت والشوق لابن عاق..لا يعي ما يفعل..

ابن عانت الامرين حتي صار هكذا شاباً..ومن أجله باع والده كل شيء يملكه، ليعالجه من ذاك السم الذي كان يتعاطاه، وما تبقي ساعده به ليصبح هكذا من أصحاب الشركات..
ولم يشفع لهم عنده أبداً..

لا يري إلا ذاك الذي لولاه لما وصل لما وصل..

ولولا معزتهم بقلبه، وعشقه لهم، لتركهم هو الآخر منذ سنوات..منذ ما فعله ابنها معه، ومع من عشقها…

صفعه خلف الأخري..وصراخ منها عليه..واعتذار منها، لذاك الشاب الذي ضحي ليكن معه..ويقف بجانبه ولا يتركه..

ويقف بجانبه من اجلهم..

كشفت ستره امام الجميع، وهي تقذفه بحقيقة تلو الاخري..

وهو فقط مستقبل بلا حراك مصعوقاً مما يحدث..

تجمع أهل البنايه علي صراخها، وبكاءها الحار..وابعدوه من أمامها ..

وهم ينهروه علي ما أوصل والدته العجوز المريض له..

إفترشت الأرض، أمام شقتها…

تبكي، وتنوح عليه وعلي حظها العسر، وهي تراقبه بقلب أم مكلوم خاب أملها بفلذه كبدها، وهو يدفع بهم بغلظه..وكبرياء لعين يمشي بدمه..

الي أن هبط ولم تعد تبصره، بعدما ألقي عليها نظره شيطانيه دبت الرعب بقلبها وأوصالها.. …ورحل حيث أتي..

أستندت بيدها علي الأرض، واستقامت وعلي مهل رافضه اي مساعده من احدهم لها...

ودلفت بخزي لشقتها، وهي تستمع لهمهماتهم الحزينه المشفقه عليها، وعلي حالها..
وآخريات يدعون عليه بصوت مرتفع...

أغلقت باب الشقه...وهنا سمحت لضعفها ان يظهر للعلن، ولموعها أن تسيل بغزاره ويرتفع صوتها ايضاً ..

رفعت نظارتها، وبدأت بمحوها بطرف حجابها...وهي تتمتم بالدعاء له...

ـ ياااارب..أصلح حاله..واهديه..ياتاخده عندك وتكفيه شر نفسه بقي..

يارب أنت عالم بحالي وحال أبوه الله يرحمه كان ازاي….

ليه يابني كده..ليه بس..دا ابوك كان حافظ كتابه وراضي بحاله..

يااارب...اهديه..ياتريحه وتريحنا من بلاويه..

كفكفت دموعها..ودلفت لغرفتها بوهن..وهي تؤنب قلبها وتستغفر بإلحاح..علي دعاءها عليه..

ـ استغفر الله العظيم..وحياه حبيبك النبي يارب تهديه..أنا مكنش قصدي ادعي عليه..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هبط باسل الدرج سريعاً، يقاوم صداعه الذي بات يفتك به، واستقل سيارته مسرعاً مبتعدا عن ذاك الحشد الذي تجمهر حوله..

الي أن وقف بمكان خالي تماماً من الماره..

وأخرج تلك اللفافه التي يخفيها بسيارته جيداً..

وصفها بعنايه، وأخذ كفايته منها..

وامسك بهاتفه بعدما عاد لرشده وخف صداعه اللعين، وأصبح يشعر بنشوه كبري تسري بأوصاله..

يدق علي تلك الغبيه مره بعد مره..ولا رد…

فقط ذاك التسجيل..بأن

الهاتف الذي طلبته مغلق…

زفر وهو يقذف الهاتف أمامه...بغضب، وهو يتوعد لها..قبل أن يدور بسيارته عائداً لتلك التي تركها حطاماً خلفه...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتفضت سوسن من فراشها..وهي تمسك بتلابيب سهام بقوه..

سوسن بغضب…

ـ انتِ اتجننتِ..إيه إللي وصل الصندوق لنور..انطقي..

أبعدتها سهام بقوه..وغضب ارتطمت علي اثرها برأس الفراش بقوه، وساعدها علي ذلك قدم سوسن المجبره..

ـ انت اتهبلتي يا سوسن..لا فوقي لنفسك ياحلوه..دا احنا دفنينه سوا..بلاش الشويتين دول احسنلك.. اتعدلي كدا معايا.. وايدك متطولش، واعرفي أن لولايا..كان زمانك بتخدمي البيت كله، بعد موت حازم الله يرحمه و مكنتيش اتجوزتي رحمي اللي كنتي هتموتي عليه..ولا رضي بيكِ وعلي كتفك عيل…

هتفت سوسن بحقد…

ـ لا ياحبيبتي بيكِ من غيرك كان هيتجوزني انتِ ناسيه اوامر جدي ليه..وامر جدي لازم يتنفذ..وسلونا بيقول ان مات الاخ يتجوز الاخ مرات اخوه..ولاا نسيتي..

تهكمت سهام عليها..

ـ انتِ مصدقه نفسك والنبي..بجد مصدقه نفسك..رحمي كان عاشق لشوشته للاجنبيه…

ومكنش فارق معاه أصلا انتي، ولا، دلال اللي كانت عاوزه تستناه سنين

وهو هناك متجوز وعايش حياته بالطول والعرض،

ولولا العمل اللي اتحيلتي عليا عشان اعملهولك..مكنتيش اتجوزتيه..ولا عرفت توصلي للي انتِ فيه دلوقت..

اردفت سوسن بغضب..

ـ ما انت قبضتي تمن كده..معملتيش حاجه ببلاش..ولا نسيتي انور الله يرحمه صاحب رحمي اللي فضلتِ ورايا تأمريني وتهدديني، احطله السحر لحد ما رمي مراته وولاده..

وبقي يجري وراكي زي المجنون..لحد ما مراته ماتت بحسرتها..واتجوزتيه انتي..وعملتي بناته خدامين ليكي..وبلتيه بعيال مش من…

لم تدعها تكمل انقضت عليها، وكممت فاهها بيدها الي ان كادت ان تزهق روحها..وهي تهتف بجنون..

ـ هقتلك..هقتلك واخلص منك لو نطقتي بكلمه..

حاولت سوسن التملص منها...ولكن لم تستطع..جن جنونها، .وبدأت تأن بكلمات غير مفهومه..

الا ان انفتح الباب فجأه ودلفت تلك التي صرخت برعب..

ـ يلهوووي..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ارتدي ثيابه بتشوش..قلبه ممزق بين تلك التي وعدها قبل ساعتين وهو بين يديها يبثها عشقه بشوق، ان اقدامهم لن تطيء تلك البلده مجدداً..وأن الليله قد بدأ فصلاً جديداً لهم معاً بحياتهم..سينسوا ماصار ويبدأو معاً هنا..
حتي تنتهي من دراستها ويغادرا معاً حيث كان يعمل بالخارج ليجدد إقامته..حتي لا يخسرها..ويستقروا هناك..

وبين عمه الأكبر، وابيه الثاني بعد والدها رحمه الله .. يشهد الله انه لم يكن لوالده احتراماً قدر عميه محمود ورحمي..علي يديهم تربي، وتشبع من خصالهم،
، وتعلم كيف يكون الرجل رجلاً..وكيف يتحدي الجميع من ان اجل العشق والحق…

سيصبخ مديناً لوالدته طوال العمر لجعله يتقرب منهم، بغية تحقيق نواياها الخبيثه..ولكنها لم تحسب حساباً انها كانت تخسره ، وتدفعه لرؤية الحقيقه الكامله..

والحمدلله انها فعلت..فلولاها لاصبح كوالده مسخاً ضعيف الشخصيه ينفذ بلا فهم..ما تأمره به..

زفر وهو يتذكر صوت عمه، ونبرة صوته الكسيره الحزينه علي الهاتف الظاهره..

يعلم عمه عن ظهر قلب..هناك حدثاً جللاً لابد انه حدث..وهو ما دفع بعمه ان يمكث في البيت الملعون ذاك بعدما قرر البقاء بعيدا عنه منذ سنوات..لذا يجب أن يلبي النداء بسرعه...

أبعد ناظريه عنها ، وهي تجلس علي الاريكه أمامه شارده.. وجهها لا يفسر، يعلم انها تحارب دموعها حتي لا تبك...

زفر بحزن، وانحني ببطء ليربط رباط حذاءه..

ولكنه لم يستطع..تأوه بصوت مرتفع…من الألم..

فانتفضت من مكانها… وامسكت به، وساعدته علي الاعتدال..

وبلهفه عليه، لم تستطع اخفاءها..

ـ جواد..انت كويس..هتقدر تسوق كده..؟

أومأ برأسه بصمت… تأملته بحزن.. وتلاقت نظراتهم، وقعت عينها التي تحمل حزن العالم ااجمع منه، علي عينه التائهه التي لا تعرف لها وطناً إلا هي..

ولكنها قطعت عتابهم الصامت وهي تنحني لتربط له حذاءه
إستقامت ووقفت مقابله...وتمممت علي ثيابه..واستدارت لتبتعد..

أمسك بذراعها بلهفه.، وادارها بشوق جارف، حتي تنظر له..

ـ حقك عليا..انتِ عارفه أن مش هقدر ارفض طلب لعمي محمود..وخصوصاً بعد ما سمعت صوته المخنوق ده..لازم أروح أطمن عليه..وأشوف إيه اللي حصل.

اومأت بصمت، ولم تتحدث ، ارادت الفرار من قبضته..ولكنه لم يفلتها..بل تابع وهو يتوسلها بعينيه ان تقبل وتعود معه...لن يستطيع تركها هنا وحدها..سيظل بلا عقل وهو يفكر بها..هي نقطة ضعفه وقوته...

ـ هتسبيني أسافر لوحدي بردو..أهون عليكِ ياإيلا …؟

زفرت بغضب..تعلم انه يستفزها لتقبل، ويستفز عاطفتها نحوه كعادته..يعلم انه لو طلب منها، قتل نفسها من أجله ستفعل..

ضغطت علي أسنانها بقوه، وهي تقر أنها السبب بما وصلت إليه، بتفانيها بارضاءه..

كان يجب عليها أن تتعلم كيف تصرخ بقول.. لا..منذ زمن..

يجب أن يكون لها حق الرد..كما هم جميعاً..

دفعته بخفه بعيداً عنها...وهتفت بغيظ..

ـ امشي بقي مش عاوزه اشوف وشك...روحلهم..روح لست نور بتاعتك..روح…

اتسعت عينيه بصدمه..وهو يجاهد حتي لا ينفعلوعليها ...من دفعها له هكذا وصراخها عليه …

دلفت لغرفتها سريعاً ، تاركه العنان لبكاءها وشهقاتها لتعلو وترتفع، لم تستطع الصمت..كانت تريد الانفجار وبشده..
ودت لو شقت صدره بيدها ومحت كل من به..ولتبقي هي وفقط…

جلست علي الفراش تغطي وجهها بكفيها، تنهنه بقوه..

وهي تؤكد لنفسها أنها لن تعود...يكفي إلي هنا..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اتسعت عينيها بصدمه..وهي تنظر حولها..بعدما وعت لحالها وأين هي؟، وما كادت تفعله بنفسها مره أخري..

كيف أتت لهنا..لتلك الغرفه المغلقه منذ سنوات..منذ رحل وتركها.. تلك الليله، وماحدث بها..

اغمضت عينيها مجدداً، بعدما عاودت لمساته المجنونه لها..تغرقها أكثر وأكثر..

فرت دمعه تلو الاخري من عينيها، وهي تغرز اصابعها بذاك الشعر الغزير البراق، الذي ورثه رجال تلك العائله اللعينه بأكملها..

وهي تستمع بصوت اناته، وشوقه الذي يبثها به...

كلما حاولت ان تلملم نفسها وتسترها، وتبعده عنها..

تمتم بما ينسيها من هي أصلا..وكأن السنوات لم تمر..

رفع رأسه المستقر بعنقها، ونظر لها بأعين ملتهبه من شدة شوقه لها..

مردفاً بصدق…

ـ وحشتيني ياقلب آسر..وحشتيني اوي..أنهي حديثه معاوداً غزوه علي شفتيها..

إلا أنها وعت أخيراً لنفسها..وذكري ما حدث تلك الليله قبيل فراقه..عادت تنهش بعقلها وقلبها…

دفعته بقوه..عنها..وهي تصيح به بغضب..

ـ كفايه بقي..ابعد عني يااسر..انت اتجننت..انت إيه يااخي..كفايه..ارحمني بقي..

انتفضت كالملسوعه من علي الفراش بعدما فقد توازنه وسقط للخلف...واقتربت من باب الغرفه التي لازالت تشهد علي خذيها وخيانتها لنفسها مره بعد مره..
وهي تغلق ثوبها الذي كشفه عنها بخزي ..

أوقفها هو حينما انتفض سريعا بهيئته المبعثره التي تعشق رؤيته بها..ممسكاً بكف يدها يعتصره بقوه بين يده..الا ان أنت بألم..

ـ سيب أيدي يا آسر....ايه اللي رجعك تاني..امشي

ببرود، وأعين زائغه..

ـ رجعت عشانك..

اغتاظت وصرخت به، وهي تحاول فك وثاق يدها..

ـ بطل كدب بقي...ولما رجعت عشاني سبتني ليه من الاول هااا؟

اجابها بنفس الجمود..ومازالت عينه مسلطه عليها.

ـ بردو عشانك انتِ..

امسكت شعرها بيدها الحره تشده بقوه..وهدرت بجنون..

ـ ايه البرود بتاعك ده..والمفروض اصدقك..افهم بقي يااخي مش عاوزاك..أنت جيت امتا أصلا..هااا..

تنهد بصبر، وتابع مجيباً تساؤلااتها..

ـ جيت انهاردة...ومكنتش عاوز عيني تلمح غير عينك انتِ أول واحده..عشان كده أنا هنا عالسطح من الصبح..وأنا مراهن إنك هتطلعي..وكسبت الرهان يا سما…

ـ رهان ايه يامجنون أنت..

ـ طلوعك في نفس الميعاد..وصوتك إللي ناداني وأنت بتعيطي دلوقت..مصدقتش نفسي لما سمعته..طلعت علطول البي الندا…

انبت نفسها علي فعلتها، فهي بالفعل نادته..ولم تكن تعلم أنه هنا ...

لقد ارتجف قلبها فجأه حينما استدارت ووقعت عينها عليه..
ولكنها ابتلعت حديثها، وأردفت بحسم..

ـ خلاص انتهينا يا آسر..لو سمحت، سيبني..

امسكت بيدها باب الغرفه لتفتحه..ولكنها…

شهقت برعب، وهو يحملها كقطعه خزفيه بين يديه..ويضعها علي ذاك الفراش البالي ويعتليها بشوق.
مبتلعاً تلك المره اعتراضاتها بشق الأنفس..وهي تهتف..

ـ أبعد مينفعش..أنت اتجننت …

ـ اخرسي ياسما انتِ مراتي..وهتفضلي مراتي طول العمر..
شهقت بصدمه..وهي تضربه بقبضة يدها بكل قوتها..

ـ يعني ايه..ازاي..أنت مش طلقتني وخلصنا…

اجابها هذه المره بضحك..وهو يشبع شوقه منها..

ـ محصلش..ولا هيحصل لأخر العمر..إنت لسه علي إسمي..وجوازنا اللي متأجل هيبقي رسمي..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عاد للمنزل يبحث عنهم..ولم يجدهم..بدأ بالصياح كالمجنون..

ولا احد يجيله، لا وجود لها..و لا لبناته. ولا حتي تلك الخادمه اللعينه..

حطم الشقه بأكملها..وهو يعيد الإتصال بهاتفها، ولا رد..
إتصل بأحمد...الذي جاوب علي الفور..

باسل بصراخ…

ـ ماريانا والبنات فين ياأحمد..

احمد ببرود يجيده...

ـ وانا إيه هيعرفني هي مراتي أنا ولا مراتك…

صاح بغضب عليه، وهو يركل شيئاً ما بقوه أمامه…

ـ اقسم بالله العلي العظيم لو هي معاك ما هرحمك..وهجيبهم لو في باطن الأرض..عرفهاا كده..كويس..

احمد بصبر رغم النار التي تشتعل بقلبه…

ـ وأنا مالي برده، أنت حر اولعوا في بعض.....تصبح علي خير عندي شغل الصبح…

قذف باسل الهاتف أرضاً وهو يدور بالغرفه كالمجنون..يتوعد لها ما أن تعود..

اقترب من صورتها الموضوعه علي الكومود ورفعها،

وقذفها بالأرض...ودهسها بقدمه..

ـ هندمك ياماريانا..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسيارة أحمد..

ارتجف جسد ماريانا..وهي تنظر لأحمد الذي انحني برأسه علي المقود، يزفر بهم وتعب..يفكر إلي أين يخبئها من ذاك المجنون..يخشي فراقها..وسيموت قهراً لو أصابها مكروه..

لقد استمعت لصراخه بالهاتف...وفهمت ما يقول..

استدارت والقت نظره علي اطفالها الذين راحوا بثبات عميق وسالت دموعها بصمت..وهي تؤنب نفسها..

ماذا كان ذنب اطفالها ليعايشوا معها ماحدث اليوم...ليتها انتبهت لنفسها منذ سنوات..

ليتها لملمت نفسها ورحلت بعيداً عنه قبل ان تصل لتلك المرحله…

ـ ماريانا..

همسه الحنون باسمها ويده التي امتدت علي استحياء تبعد خصلاتها عن وجهها المكدوم...جعلتها تنفجر ببكاء مرير…

احمد بلهفه..

ـ لما البكاء الان..؟….الم أخبرك أن اوان البكاء انتهي..

همست برعب…

ـ خائفه..أنت لا تعلم باسل، ماذا يستطيع أن يفعل حينما يتملك الشيطان منه..
لست خائفه علي نفسي بل علي بناتي...

احمد بحزن…

ـ انا اعلم ماريانا..لذا يجب أن تختفي من أمامه هذه الايام..ولا يعرف أين أنت..حتي نتقدم بدعوه للمحكمه لطلاقك منه..ليتك استمعت لي..وحررتي محضر بعدم تعرض لك ماريانا…

استندت برأسها للخلف بتعب..

ـ ان اراد قتلي لن يمنعه أحد احمد..

هدر احمد بجنون، وهو يضرب المقود بيده..

ـ لن يستطع.. لا تخرجي هذا الحديث اللعين من فمك..

إبتسمت بكسره.. وهي تمسح دموعها…

ـ أن اصابني شيء ارجوك.. اعتني ببناتي أحمد.. لا تتركهم ل…

قاطعها وهو يقطع تلك المسافه بينهم، مطيحاً بثباته اللعين، وحدوده التي وضعها لنفسه.. وأخذها باحضانه..
لاول مره يتبع قلبه.. وهو يهدر بجنون مثله..

ـ لن يستطع.. ليعدي علي جثتي أولا قبل أن يقترب منك..

لوهله اتسعت عينيها بصدمه من فعلته.. ولكن سرعان ما تلاشي كل شيء امامها، وذاك الدفيء الرهيب يتسلل لها من بين احضانه..
رائحته التي طالما عشقت إستنشاقها جعلتها ترتخي تماماً.. هزت ثوابتها.. فرفعت يدها السليمه.. ورفعتها لرأسه، تتحسس بها ذاك الشعر الأسود الغزير الذي دوماً ما كان يثير فضولها لاستكشاف نعومته… ااه..متعبه خرجت من صدرها..وهي تؤكد لنفسها أن عناقه هذا ليس كذاك الحقير..
عناقه دافيء.. حنون.. ليس لشهوه ولا رغبه.. عناق يشبع الروح ويطمأنها..

ولكنه لم يدم طويلاً..وهو يتمتم بإستغفار..ويبتعد عنها..متحاشياً النظر لوجهها وهو يحرك السياره مجدداً..
في حين إكتفت هي لإغلاق عينيها، وهي تستشعر ملمس شعره علي كف يدها...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم يطاوعه قلبه لتركها هكذا دون وداع… فهو لا يعلم حجم المصيبه تلك المره، ومتي سيعود لها؟

قلبه يخبره أن القادم ليس سهلاً أبدا …

اقترب منها وجلس بجانبها..مردفاً بحزن ويديه تحاوط خصرها…

ـ طب أنا ماشي، مش هتسلمي عليا؟

أشاحت وجهها عنه، بالكاد تستطيع اخذ أنفاسها من بين دموعها.. صدرها يعلو ويهبط من كتمها للبكاء أمامه... ولم تنطق بحرف..

الصقها به، واصابعه تغرز بخصرها برقه..

ـ طب بتعيطي لية دلوقت.. مش إنتي اللي لسه قيلالي إمشي ياجواد.. مش عاوزه أشوف وشك..

فتحت عينيها التي تغلقها جبراً حتي لا تنظر له.. ورمقته بعتب ممزوج بدموعها التي تنهمر كشلال

نظرتها حطمت فؤاده.. إقترب منها آخذاً إياها بين ذراعية..

فاطلقت العنان لبكاءها، وعلت شهقاتها.. وهو لم يكن بأحسن منها حالاً...

همس بألم...

ـ بحبك ياإيلا.. بحبك وغصب عني.. إنتِ عارفه..

تذكرت حديث تلك الساقطه، وتهديدها، فمؤكد تواصلت معه وهي نائمه بين ذراعيه كالبلهاء..وربما يكون ذاك مخططاً ليهرب منها..

دفعته بحده عنها وهتفت بجنون...

ـ إمشي يا جواد.. إمشي.. أمشي بقي.. انت مبتفهمش..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ ياراسل مينفعش كده..الوقت اتأخر..وهما حجزوها..هنيجي الصبح..
رمق راسل عمه إبراهيم بلا روح..

ـ مش هينفع اسيبها..انا وعدتها..تفتكر لو روحت هرتاح ياعمي..أنا كده..كده مش هرتاح أبداً..فسيبني براحتي..

إبراهيم بحزن..وهو يحاول الإتصال بأحدهم..

ـ ما ترد ياعاصم..رد يابني..

هتف محمود بثقه…

ـ جاي..بالطريق..هو وجواد..وآزاد..وآسر بالبيت..

اتسعت اعين إبراهيم بفرحه..

ـ جد آسر رجع...؟

ـ ايوه رجع..العيله كلها لازم تتجمع..واللي شتت شملهم لازم ياخد عقابه…قوم ياراسل أنا اطمنت أنها منزلتش الحجز..عاصم قام باللازم..

ـ بجد ياعمي…

ـ أيوه..متقلقش..

ـ عاوز ادخلها..ياعمي..

ربت محمود علي كتفه بحنو…

ـ الصبح..يكون عاصم وصل..انما دلوقت مش هينفع..
ـــــــــــــــــــــــــــــ

بعد ساعتين…

انتفضت علي صوت جرس الشقه..
دب الرعب بقلبها...فمن سيأتيها الآن..أيعقل عاد جواد؟
ولكنها سحبت ظنها..حينما ارتفع رنين هاتفها بإسم جواد..

شجعت نفسها وهي تظن بأنه مؤكد حارس العقار، فمن سيأتيها الآن…

أهملت النظر للهاتف الذي يدق بجانبها باسمه منذ رحل ولا تجيبه.. …

فتحت الباب باهمال..ولكن…

ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

توقعاتكم..مين اللي جه لإيلا…؟

ومين اللي كان بيرن عليها باسل ومردتش...؟




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close