رواية حياة مهدورة الفصل السادس 6 بقلم رشا عبدالعزيز
حياه مهدور
6
انتابها القلق والحيرة من سبب أستدعائها إلى الادارة شاركتها هذا القلق ليان وسألتها :
-تفتكري هما بعتينلك ليه ؟
سارت الاثنتان نحو مبنى الادارة لتقطب ليان حاجبيها فجأة وقالت كأنها أستدركت شيئاً :
-إيمي الادارة يعني مستر غضبو
استمرت إيمان بالمشي غير مبالية حتى توقفت فجأة عندما فهمت ما تقصده لتنظر لها بعيون متسعة :
-تقصدي مستر يحيى ؟
لتهز ليان رأسها بنعم
-طب ودا عايزني ليه وهاقابله ازاي دا أنا لمابشوفه بخاف هقف قدامه واكلمه ازاي ؟
زفرت انفاسها بثقل وأكملت طريقها حتى وصلت إلى باب غرفته نظرت نحو ليان ثم حولت نظرها نحو الباب
أخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته بشدة لتطرق الباب بتردد ليأتيها صوته من الداخل :
-أدخل
ابتلعت ريقها وامسكت مقبض الباب تفتحه ببطئ دخلت بخطوات حرجة حتى أصبحت أمامه قبضت على حقيبتها بقوة كأنّها تتشبث بها علها تعطيها الثبات ووقفت ترتعش كفأر خائف أمامه وقالت بصوت مهزوز:
-صباح الخير
رفع نظره من الأوراق التي كان يعمل عليها ليبتسم لها الشئ الذي ادهشها لتحاور نفسها قائلة :
-أي دا دا طلع بيبتسم زينا امال ليه كل ما بشوفه بيكون عامل ١١١ ؟
خلع نظارته الطبية ووضعها على المكتب وظل يحدق بها صامتًا تملكها القلق والحيرة لتقرر أن تكسر هذا الصمت وتقول :
-حضرتك طلبتني ؟ أنا إيمان منصور
حرك رأسه بتفهم وقال :
-اهلًا يا إيمان
وما أن سمعت صوته حتى انتابها التوترو ازداد ارتباكها لتجيب بتلعثم :
-الحمد الله
-كنت عاوز بطاقة حضرتك
-البطاقة .... اه ثواني أنا شيلاها معايا
قالت هذا وهي تبحث بارتباك داخل حقيبتها على السحاب الذي اختفى فجأه فأصبحت تحركها يمينًا ويسارًا حتى انتبه هو لارتباكها ليقول :
-أهدي يا إيمان ودوري على مهلك أنا مش مستعجل
-لا أهو لقيتها
قالت ذلك وهي تخرج البطاقة وتمد يدها تعطيها له ، أخذ منها البطاقة وأشار لها بالجلوس .
-أتفضلي أقعدي يا إيمان متفضليش واقفة
لكنها ظلت متسمرة في مكانها من دون حركة ليكرر كلامه :
-اتفضلي اقعدي
-اه اه حاضر
قالت ذلك محركة رأسها لتجلس على الكرسي وتحتضن حقيبتها وكتبها وبعد قليل كان هو يدون بعض الأشياء ينظر لها ثم للبطاقة ويكتب أشياء على جهاز اللاب توب الخاص به اما هي فأخذت قدمها تهتز وبدأت تطرقع أصابعها بتوتر، ليقول لها :
-أي مالك يا إيمان انت متوترة ليه؟
-هاااا لا أبدًا مش متوترة
-ماتخافيش يا إيمان مافيش حاجة أنا محتاج معلومات وباضيفها للسجل بتاعك
قالها مبتسمًا بوجهها حتى سمع الباب يفتح فجأة فتهب هي واقفة ليدخل أستاذ مصطفى مدرسها في هذا المستوى
-صباح الخير يا بوس
ليتوقف فجأة وينظر لإيمان بدهشة ويقول :
-الله إيمان انت بتعملي أي هنا ؟
لتقول باضطراب :
-اهلا يا مستر مصطفى
كانت سعيدة بحضور مصطفى وكأن حضوره كان طوق نجاة من بقائها وهذا الرجل وحدهم في مكان واحد
ليجيب يحيى عليه عندما رأى تحديقه واستغرابه من وجود ايمان
-كنت محتاج معلومات من البطاقة
ليبتسم مصطفى وهو يوزع نظره بينه وبينها حتى استقرت عينه على صاحبه ويقول بتهكم :
-اه معلومات من البطاقة
أعاد يحيى البطاقة لها وقال :
-اتفضلي تقدري تمشي أنا خلصت .
سحبت البطاقة من يده بسرعة وقالت :
-عن اذنكم
وتركت المكان بخطوات سريعة وما أن أغلقت الباب حتى جلس مصطفى امامه وسأله :
-هي ايه الحكاية ؟
ليجيبه يحيى دون النظر اليه وهو يدعي انشغاله في بعض الأوراق
-حكايه أيه ؟
ليضحك مصطفى فجأة وهو يقول :
-على فكرة باين جدا أنا صاحبك وحافظك فبلاش الحركات دي عليا ، الثبات المزيف مش هيفيدك يا بوس
ليتنهد يحيى ويمسك قلمه الموضوع على المكتب بيده ثم يرفع نظره نحو مصطفى ويقول:
-مش عارف من اول ماشفتها شدتني وبقيت باستنى لما تقعد تحت الشجرة عشان أراقبها من شباك مكتبي .
-مش يمكن حبيتها يا يحيى ؟
لينظر له باستنكار:
-أنا أحب بعد فاطمة !
ليرد مصطفى بحدة مستهجنًا كلامه
-وفاطمة ماتت من عشر سنين الله يرحمها يبقى ليه لا ؟
اتكأ بظهره على الكرسي وزفر أنفاسه
-احب في السن دا يا مصطفى ؟
قطب مصطفى حاجبيه وقال :
-وماله سنك تمانية وأربعين مش كبير اوي والقلب لما يدق مابيهموش لا العمر ولا المكان ولا الزمان .
ليحرك رأسه رافضا يبعد عنه تلك الأفكار:
-لا يا مصطفى دا جايز إعجاب لكن حب أكيد لا
ابتسم مصطفى واستقام واقفًا ثم اقترب من صاحبه يربت على كتفه :
-اسأل قلبك ومتستعجلش ، وبيني وبينك إيمان تستاهل تفكر فيها بجد باين عليها بنت حلال
ثم انحنى مصطفى يدنو منه وغمز له قائلًا :
-وحلوة
-مصطفى
قالها يحيى بحدة وأمتعاض ليقهقه مصطفى ضاحكًا ويتركه ليظل يحيى ينظر لآثره ، ليتنهد بحيرة وكلام مصطفى يدور في رأسه هل من الممكن أن يدق قلبه من جديد بعد هذا العمر الطويل وهو من عف نفسه عن النساء وحرم نفسه من رغبات الرجال
أما هي فعندما خرجت وجدت ليان تنتظرها بقلق وما أن خرجت حتى أمسكت بها بلهفة وقالت :
-ها طمنيني كان عاوز منك أيه
-كان عاوز البطاقة
وقفت ليان تحدق بها ثم قالت :
-تصرفه وأسلوبه (cringe) أوي
قطبت حاجبيها وقالت مستفهمة :
-ودا أي يعني مفهمتش ؟
-يعني وحسب وجهة نظري الراجل دا نيته مش سالكة عاوز يعرف حاجه عنك واستخدم أسلوب مخجل وقديم اللي هو البطاقة
ثم وقفت تضع يدها على ذقنها في تفكير ثم ابتسمت كأنها توصلت لشئ
-يكنش معجب بيكي يا إيمان ؟
لتضربها ايمان على رأسها باستنكار :
-تصدقي الحق عليا إني بأخد رأيك
لتنظر لها ليان بتحدي وتقول
-كده طيب بكرة الأيام تثبتلك أن كلامي صحيح
-أمشي يا لي لي خلينا نخرج من المكان دا لأني أتخنقت منك ومنه
قالت ايمان ذلك بغضب قبل ان تسمع من ينادي عليها
-إيمان
استدارت إيمان نحو الصوت لتجد باسم اول شخص التقت به في هذا المركز ومدرب الحاسوب لها
يقترب لها بابتسامته المعهودة
-مستر باسم ازيك عامل إيه ؟
-أهلا يا إيمان انت ازيك ما شوفتكيش يعني من ساعة ما عديتي المستوى الأول
-والله يا مستر أنشغلت في المذاكرة
-ما تسيبك من مستر دي انت عديتي
اومأت له ايمان برأسها وقالت
-حاضر
ليسألها باسم مستفسرًا
-بتعملي أي هنا محتاجة حاجة ؟
رفعت إيمان ذقنها مشيرة باتجاه مكتب يحيى وتقول :
-مستر غضبو كان عاوزني
لترفع يدها تضعها على فمها مباشرة عندما ادركت خطأها وهي تنظر لليان التي تكتم ضحكتها
لتحرك إيمان رأسها بإحراج وتقول بصوت متلعثم
-مستر يحيى كان عاوز البطاقة
توقف باسم يحدق بها قليلًا ثم قهقه ضاحكًا حتى بانت نواجذه ظلت إيمان وليان ينظران له بدهشة
حتى توقف وقال لها مع استمرار ضحكه :
-أنت بتسمي بابا مستر غضبو؟
لتنظر إيمان وليان لبعضهما بدهشه ويرددان في آن واحد معا
-بابا ؟
-ايوه مستر يحيى ابويا بس هو مش بيبان عليه عشان أتجوز صغير
-أنا آسفة يا مستر بس انت مش زيه خالص
-باسم احنا قلنا أيه يا إيمان وبعدين انتى واخدة فكرة غلط عن بابا صدقيني بابا طيب اوي صحيح عصبي بس طيب
-هي إيمي كده دايما بتحكم على المظهر مش قلتلك يا إيمي مستر يحيى طيب
كان هذا صوت ليان الذي كانت تتمنى ان يرحل باسم حتى تنفجر بالضحك بعد أن نظرت لها إيمان بتوعد
-معرفتناش يا إيمان
قال هذا باسم وهو يشير نحو ليان
-دي ليان زميلتي في كورس اللغة
-اهلا يا ليان
-اهلا يا مستر
-باسم ولا أنت أتعديتي من صحبتك ؟
ضحك ايمان وليان معاً
-إيمان وباسم أي الي لم الشامي على المغربي ؟
قالت ذلك بسمة شقيقته وهي تجدهم يقفون معًا لتقترب منهم وتقول :
-ازيك يا إيمان ؟
-اهلا يا بسمة ازيك عاملة ايه ؟
ليقول باسم بصوت مرتفع قليلًا مستنكرًا
-يعني هي بسمة وأنا مستر باسم ؟
لتقترب منها بسمة وترفع يدها تمسك كتفها وتضمها إليها وتقول مبتسمة :
-أنا وإيمان أصحاب ملكش دعوة أنت
ابتسمت ايمان لكلامها
-صحاب ماشي اطلع أنا منها
لتشدد بسمة من احتضانها وتقول
-ايوه أطلع منها
-ماشي ياست بسمة هحترمك بس عشان خاطر إيمان وعشان أنت عروسة وخلاص أن شاء الله هخلص منك قريب
نظرت اليها إيمان وقالت :
-أي دا أنت خلاص هتتجوزي قريب ؟
لتقول بسمة بابتسامة :
-ايوه بعد أسبوعين يا إيمان أن شاء الله
-الف مبروك يا حبيبتي
-متشكرة يا إيمان عن أذنك أروح ألحق بابا قبل مايخرج مع السلامة
-مع السلامة يا حبيبتي
-خديني معاكي يابسمة مع السلامة يا إيمان
قال ذلك باسم وهو يرحل خلف شقيقته لكنه وقبل أن يتخطى إيمان دنى منها وهمس :
-ما تخافيش مش هاقوله على اللقب بتاعه
لتهمس له هي أيضًا وتقول
-متشكرة
ثم ضحك الاثنان معًا
**********************************
جلست تحدق بليان التي كانت تأخذ. صورًا للطبق الموضوع أمامها ثم تمسك يدها وتلتقط صور حتى تأففت إيمان بضجر
-يا بنتي أرحميني الأكل برد عاوز أكل ياريتني ماكنت وافقتك وجيت أتغدى معاكي في مطعم
-يووو يا إيمي ثواني خلصت اهو آخرحاجة With My Best friend
خلاص خلصت الاستوريز تقدري تاكلي
نظرت لها بامتعاض وقالت باستهجان :
-أنا عاوزة أفهم يابنت أنت أنت مش من شويه كنتي بتشتكي أن قرايبك بيحسدوكي ومراقبينك مهو طبعا يحسدوكي ومش محتاجين يراقبوكي أنت بتديهم خط سيرك كله. كلت كذا ولبست كده
وبعدين تعالي هنا أنت من يومين مش كنت بتشتكي أن أمك بتدخل في خصوصياتك وان دا مش من حقها وان خصوصياتك حرية شخصية
- sureحرية شخصيةprivacy
-ولما هو كده ما أنت اهو بتعرضي خصوصياتك على الدنيا كلها جيل غريب
-يوو يا إيمي دي حاجة ودي حاجة
لترد إيمان بحدة :
-لا يا لي لي الاثنين واحد بس انت بتبرري الحاجة الي انت شايفاها صح
لتنهي ليان النقاش الذي تعودت عليه مع إيمان عندما تراها تفعل شيئًا لا يعجبها :
-خلاص يا إيمي خلاص فهمت بس بطلي تقطيم فيا
خففت إيمان من حدتها وقالت بلين :
-يا حبيبتي أنا بحبك وعرضك لحياتك بالشكل دا مش حلو صدقيني
ثم زمت شفتيها وقالت مصطنعة الحزن :
-وبعدين أخاف تتحسدي أعمل أي أنا لما يجرالك حاجة دا أنا كنت اروح فيها
لتبتسم ليان وتقول :
-بعد الشر عليكى متقوليش كده يا إيمي
-يا عيون إيمي أنت كلي يلا الأكل برد الحمد الله أني أتولد في جيل مافيهوش سوشيال ميديا
*****************************************
قررت أن تصنع شيئًا لبسمة كتذكارلتصنع لها ثوب جميل طرزته في وقت قياسي حتى تهديها إياه قبل أنقطاعها عن المركز بحثت عنها فلم تجدها في القاعات الدراسية ليشير لها البعض أنها موجود في إحدى غرف المدرسين طرقت الباب لتسمع صوتها تأذن لها بالدخول دخلت متلهفة ترسم على وجهها ابتسامة عريضة تلاشت شيء فشئ عندما وجدت والدها معها لتضطرب وتخطو بخطى متمهلة نحوها
-صباح الخير
وقفت بسمة مباشرة ورحبت بها
-أهلا يا إيمان إزيك ؟
-اهلا بحضرتك
قطبت بسمة حاجبيها وقالت مستنكرة
-أيه حضرتك دي ما قلنا بسمة والا هتشمتي باسم فيا ؟.
ضحكت على كلامها لتشير بسمة نحو والدها :
-بابا يا إيمان أنت عرفاه انو مستر يحيى لكن هو بابا كمان
ليقاطعها قبل أن تكمل :
-بابا دي إيمان عارفاها
قال ذلك وعينيه تواجهه عينيها وكأن عيناه تخبرانها أنها تعرفها فقد استوطنت مخيلته منذ زمن وسكنت أحلامه التي يحاول إنكارها لكن عينيه اليوم تفضحه رغم نكرانه فلم يحيد بنظره عنها
أشاحت هي بنظرها عنه مرتبكة ورفعت الكيس أمام بسمة تخبرها بهديتها :
-دي هدية بسيطة أنا عملتهالك عشان تفضل تذكار مني
اتسعت أبتسامة بسمة تأخذ منها الهدية تفتحها بفرحة لتخرج ذلك الفستان وترفعه أمام عيناها وتنظر له بإنبهار:
-الله يا إيمان يجنن تحفة تسلم إيدك بس عرفتي مقاسي ازاي
لتحرك إيمان رأسها وتقول مبتسمة بفخر:
-دي الخبرة يا أستاذة
أستغل هو هذا الحوار وسمح لعينه أن تجوب قسمات وجهها لينبض ذلك القلب يعزف نغمات جميلة كانت مدفونة تحت أتربة الماضي وكأنها جاءت تحيي ذلك القلب الذي ظن انه مات لكن هاهو يخفق لإبتسامتها
لكن فجأة دق ناقوس عقله ينهره يسحبه من بين تلك المشاعر الجميلة يوقظه على حقيقة عمره وزوجته المتوفية و أم أولاده كل هذا ليعود القلب يسحبه من جديد نحوها ومابين قلب راغب وعقل رافض تاه هو حتى انه لم ينتبه لنداء ابنته :
-بابا. بابا. روحت فين ؟
رفرف أهدابه واغمض عينه ثم فتحه ليقول :
-نعم يا حبيبتي
لترفع الفستان أمامه
-بص إيمان جابتلي أيه
نظر إلى الفستان بإنبهار ليستغل الفرصة محاولًا الحديث معها :
-الله جميل ياحبيبتي ، أنت اللي أشتغلتيه بأيدكى يا إيمان ؟
لتجيب متلعثمة متحاشية النظر نحوه
-ايوه يا فندم
- ما شاء الله برافو عليكى تسلم أيدك بجد وعلى كده انت عندك محل ولا ؟
-لا يا فندم أنا بشتغل حسب الطلب
-في البيت يعني
-ايوه يا فندم
أربكتها نظراته المحدقة بها وأزعجها هذا التحقيق لتقرر انهائه
-عن اذنكم
-استني يا إيمان
قالت ذلك بسمة توقفها بعد أن خطت خطواتها مقتربة من الباب لتخرج كارت من حقيبتها وتتجه باتجاهها تعطيها إياه
-دي دعوة فرحي ، لازم تحضري لو مجيتيش هزعل يا إيمان
لتومئ إيمان وهي تمسك بالكارت بيد ومقبض الباب بيد أخرى
-أن شاء الله
خرجت وأغلقت الباب لتتنهد بارتياح وتتنفس الصعداء وكأنها كانت في امتحان صعب
اتجهت نحو الخارج لتجد ليان تنتظرها تحت تلك الشجرة لتقف عندما رأتها وتقول معاتبة :
-كنت فين قلقتيني عليكي ؟
-كنت بدي لمس بسمة هديتها
لترفع كيس آخر تقدمه لليان وتقول :
-ودا عشانك يا لي لي
التقطت ليان منها الكيس بلهفة لتفتحه مباشره وتخرج فستان رقيق مطرز بشكل احترافي أدهشها
-واااووو it’s amazing
ابتسمت لها إيمان وقالت :
-الحمد الله أنه عجبك
انزلت الفستان وسألتها بدهشة :
-دا شغل إيدك يا إيمان؟
لترفع إيمان رأسها بفخر وتقول مازحة :
-ايوه صنع إيديا وحياة عنيا
لتباغتها ليان باحتضانها وهي تتمتم ::
-متشكرة اوي يا إيمان
بادلتها ايمان العناق فرحة لفرحتها وقالت :
-اهو جيه في وقته اهو مس بسمة عزمتني أحضر فرحها وهاخدك معايا أكيد
خرجت من أحضانها وقالت وهي تهز رأسها :
-بجد يا إيمي هو امتى وفين ؟
ضحكت إيمان على فضولها واندفاعها لتخرج لها البطاقة التي تحمل اسم القاعة التي سيقام فيها العرس
-أدي ياستي كارت الفرح
أمسكتها ليان وبدأت تقرأ تفاصيل تلك الدعوة
-ايوه عارفها القاعة دي
-خلاص طب كويس يبقى الفستان جيه في وقته مع حجاب جميل وياريت الخصلة الي ظاهرة تقتنع وتخش مع اخواتها جوه الحجاب
قالت إيمان ذلك وهي تلمس خصله شعر تعودت ليان على إخراجها من حجابها
*********************************
جاء يوم الزفاف واتفق الاثنان على الذهاب معًا ، التقيا في مكان محدد وأخذا تاكسي يوصلهم لقاعة الزفاف
-أنت تعرفي مكانها يا لي لي ؟
-ايوه هما حطين لوكيشن هنقدر نوصل للمكان بسهولة
-والله حلوة الفكرة
قالتها إيمان بتعجب لترد ليان باستهجان :
-يوه يا إيمي دي الفكرة دي من زمان أنت عايشة فين ؟
لتتنهد إيمان بكسرة وتغمغم :
-مكنتش عايشة
****************************
وصل الاثنان إلى قاعة الزفاف الفخمة ، وظلت أعينها تدور في المكان ولكن وقبل أن يدخلوا للداخل سحبت ليان يد إيمان إلى احدى دورات المياه لتقول ايمان بصوت منخفض :
-أيه واخداني فين احنا جينا هنا ليه ؟
لتشير لها ليان وهي تضع إصبعها على شفتها :
-إش مش عاوزه اعتراض ولا كلام
ظلت ايمان تنظر لها بحيرة وعينها مسلطة على يدها التي بدأ تخرج مساحيق تجميل مختلفة
-أي دا أنا مبحبش المكياج
-احنا قلنا من غير اعتراض
وبدأت تضع بعض مساحيق التجميل تعرف أسماء بعضها وتجهل الآخر حتى انتهت ليان ورغم انها وضعت لمسات بسيطة لكنها اندهشت بجمالها الطبيعي لتقول مبتسمة :
-الله يا إيمي تجنني
استدارت ايمان تنظر لنفسها في المرآة وتقول بإحراج :
-لا يا لي لي أنا مقدرش اخرج كده أنا أتكسف متعودتش أحط مكياج .
رفعت ليان حاجبيها بدهشة وقالت بسخط :
-هو الفاونديشن والمسكارا واللاينر وشويه الروج الفاتح مكياج ؟
لوت ايمان شفتها باستهجان وقالت مستنكرة :
-على زماننا يا أختي كان مكياج
لم تدعها ليان تكمل لتلملم أغراضها بسرعة وتمسك يدها تسحبها وتقول :
-يلا اتأخرنا
-بس يا لي لي
-يلا عاوزة أشوف العروسة وهي بتدخل مع عريسها
قالت ذلك وهي تسحبها ورائها رغمًا عنها ليدخلوا القاعة تدور أعينهم تبحث عن من يعرفهم فقد تمنت ايمان ان ترى باسم لتهنئه لكنه أكيد منشغل مع شقيقته
لكن هناك أعين التقطتها ليجد نفسه يقترب منها مسلوب الارادة فلمسات المكياج البسيطة اضافت لوجهها لمحة جمال وكأنها أصبحت أصغر سنًا رفرف قلبه لرؤيتها ليغيب عقله و يجعل العالم يختفي من حوله ولايرى سواها وكأنّه لايوجد في المكان غيرها
لفت انتباهها اقترابه منها لكنها ادعت غير ذلك واخذت عينيها تدور في كل مكان متحاشية النظر باتجاهه
لتشعر به يقف أمامها وجهه يشرق بأبتسامة عريضة :
-إيمان إزيك ؟
ادعت انها رأته الآن رفعت عينها تواجهه عينيه ورسمت شبح ابتسامة على وجهها وقالت :
-مستر يحيى الف مبروك
-الله يبارك فيك يا إيمان اتفضلي اهلاً وسهلاً
ليشير لها لإحدى الطاولات الفارغة والمخصصة لأهل العروس سارت بجانبه حتى وصلت للطاولة وجلست مع ليان
-متشكرة
-اهلا بيك عن أذنك
أومأت إيمان له
ليتركها ويرحل بعد حضور أحد الضيوف المهمين لتظل هي وليان مندمجين بأجواء الحفل وفقراتها
التي ابتدأت بعد وصول العريس والعروس ليلفت انتباهها شئ لتحني جسدها مقتربة من ليان
-بت يا ليان هما كلهم عيونهم ملونة كده ولا ايه ؟
-لينسز يا إيمان
عادت مرة أخرى لوضعها ليلفت انتباهها شي آخر لتعود تنحني من ليان التي كانت مندمجة مع الاغنيه وترددها وتصفق معها
-بت يا ليان هما مالهم البنات الي هناك شبه بعض ؟
قلبت ليان شفتها مستهجنة بعد ان قطعت إيمان اندماجها لتجيبها باستهزاء :
-تقريبا نفس الدكتور يا إيمان
-تقصدي.... (رشا عبد العزيز)
-أيوه يا إيمي تجميل
لتضحك ايمان مستهزئة وهي تهمس بأذن ليان
-وأنا الي بقالي ساعة بقول أي المناخير المسمسه دي ؟
ليضحك الاثنان معا
-مش معقول يا إيمي دي باينة
-يابنتي أنا على الله حكايتي. ما بفهمش في الحاجات دي حنان هي الي كانت تقول دي عاملة فيلر ودي مركبة أكستنشن ودي عاملة بوتكس أنا مابعرفش في الحاجات دي الحمدالله أني عشت في زمان مش مزيف
دلوقت ماتعرفيش الأصل أيه والتجميل أيه
قطع نقاشهم إعلان منظمة الحفل عن رقصة العروس ووالدها لتبدأ الرقصة فيرقص يحيى وبسمة على انغام الموسيقى كانت تراقبهم باستمتاع حتى لاح طيف والدها أمامها لتلسع الدموع عينيها تتذكر كم كانت فتاة مدللة بالنسبة له حتى بعد ولادة اخوتها ظلت هي المميزة في حياته تستقبله عند عودته تقبل يده تحمل عنه الأغراض
ليستقبلها هو بالأحضان ويناديها بلقبها المحبب حبيبة ابوكي ظلت شاردة بصور الماضي حتى وكزتها ليان وقالت :
-على فكرة منزلش عينه من عليكي
-هو مين ؟
-مستر يحيى هو فيه غيره
امتعض وجهها وقالت بحدة :
-ليان احنا قلنا أي قفلي على الموضوع دا
لوت ليان شفتها ساخطة وقالت :
-بس رغم انه غضبو لكن وسيم وكاريزما
-ليان .....
قالتها إيمان توقفها عن استكمال حديثها لتضع ليان يدها على فمها بتذمر مدعية الحزن
-خلاص سكتنا أهو بس أنا صح وبكرة تشوفي
ورغم أنها نهرت ليان عن حديثها لكن انتابتها رغبة في اختلاس النظرات نحوه لتبحث عينها عنه حتى وجدته
صادقة ليان إنه فعلًا وسيم وله شخصية قوية يبدو ذلك جليًا من طريقة تعامله مع الآخرين من يراه لايصدق انه والد العروس كانت غارقة في التمعن به وبصفاته حتى أصطدمت بعينيه التي واجهت عينيها فابتسم لها حتى بان أصطفاف اسنانه البيضاء
لترتبك وتهرب بعينيها من مرمى عينيه
أما هو فقد انتبه لنفسه ليعاتبها :
-مالك يا يحيى بقيت زي المراهق الي بيقف قدام باب المدرسة يستنى حبيبته عشان نظرة من عنيها ، اهدى يايحيى
ورغم ان الجميع كان مندمج بأجواء العرس قلبه كان يحضر عرسًا من نوع آخر
فوجودها امامه وعينيه التي تسوقه بين حين وآخر باتجاهها لترضي قلبه جعلته يوقن أن هذه المرأة
قد حركت هذا الذي سكن بين أضلعه من زمن طويل وجعلته يرقص كالمجنون عندما التقت عيناهما
ومع اقتراب إنتهاء الحفل اقتربت هي وليان نحو المنصة تلقي التحية على بسمة وعريسها وباسم الذي وقف بالقرب منها
-الف مبروك يا حبيبتي. (رشا عبد العزيز)
-ايمان حبيبتي شكرا
قالتها بسمة وهي تقبلها مرحبة بها لتحول ايمان نظرها نحو العريس وتقول :
-الف مبروك يا فندم
-شكرا
-دي إيمان يا فريد
قالتها إيمان معرفة زوجها بها ليرفع حاجبيه مستفسرًا :
-إيمان بتاعة الفستان
-أيوه
لتجذب بسمة يد ايمان وتقول لها :
-استني فيه شخص عاوزاكي تتعرفي عليه عشان هو أصر انه انت وان هو يعرفك
ظلت بسمة ممسكة بيد إيمان وتبحث بعينيها عن والدة زوجها التي أقسمت لها انها تعرف إيمان من الثوب التي صنعته لها فهي تعرف صاحبة هذه المهارة ، ظلت بسمة تبحث عنها بعينيها حتى وجدتها ونادت عليها :
-ماما عالية هي دي ايمان
لتهتف عالية بانتصار:
-مش قلتلك دا شغل ايمان
لتحتضن ايمان السيدة عالية تلك المرأة التي التقت بها في محل روز وطلبت منها ان تصنع جهاز زوجة إبنها
-متشكرة يافندم بس مكنتش اعرف ان العروسه هي بسمة
لتتدخل بسمة :
-دي من اول ما شافت الفستان قالت دا شغل ايمان قبل حتى ما أقول الاسم
-دي إيمان حبيبتي كنت بطلب شغلها بالاسم من مدام روز سنين لحد ما شفتها
كان هذا المشهد تحت أنظار ذلك المترقب الذي يشاهد من بعيد مايحدث حتى استغل الفرصة عندما نزلت السيدة عالية من المنصة وابتعد قليلًا ليذهب إليها يوقفها ويسألها :
-مدام عالية
-ايوه يا أستاذ يحيى
-ممكن أسألك انت تعرفي إيمان
-إيمان أيوه دي طيبة اوى وبنت حلال
لتبدأ السيدة عالية بسرد تفاصيل قصتها من دون استقصاء منه تخبره بما أخبرتها به مدام روز كيف أن إيمان عاشت وعملت لأجل اخوتها وحرمت نفسها من كل شئ لأجلهم حتى تزوجوا وبقيت هي وحيدة
كانت السيدة عالية تتكلم وهو ينصت وقلبه يرتجف حزنًا لأجلها ليعلم سبب لمحة الحزن التي يراها في عينيها
*********************************
كانت إيمان تجلس تذاكر دروسها بعد ان أعدت قدحًا من الشاي تردد وتقرأ تلك الدروس مندمجة معها عندما رن هاتفها
لتجد أسم شقيقتها ، فتحت الخط لتسمع :
