اخر الروايات

رواية اسي الهجران الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم الكاتبه أنفاس قطر

رواية اسي الهجران الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم الكاتبه أنفاس قطر



 

غرفة لطيفة ومشعل




لطيفة كانت مازالت عاجزة عن استيعاب فكرة ذهاب مشعل للقنص


(أي جنون يصطرع في رأس هذا الرجل

عاد من ألمانيا منذ أيام

وهاهو يريد الطيران للقنص

لم يكن يوما من هواة القنص

ماهذا الولع المفاجئ؟؟)



مشعل أنهى صلاته

ولطيفة مازالت سارحة تفكر


مشعل أطل عليها وهو يقول بهدوء: تصبحين على خير بأنام


لطيفة همست بهدوء فيه رنة جزع:

مشعل وش طاري عليك روحة القنص؟؟


مشعل ابتسم بانتصار وهو يجلس على الأريكة المقابلة لمكتبها

ويقول بهدوء مدروس..مدروس تماما: راكان ومشعل بيروحون قلت بأخاويهم


لطيفة تتنهد وهي تحاول أن تتحكم في انفعالاتها التي تكاد أن تهزمها:

بس أنت ما تحب سوالف القنص ذي؟؟


مشعل بخبث: نجرب ليش لا؟؟ لكل شيء مرة أولى

يمكن يعجبني الحال وتلاقيني كل يوم رايح القنص


(مهوب كفاية علي شغلك

تطلع لي سالفة القنص بعد؟؟!!)


لطيفة بدأت تتوتر فعلا ولكنها مازالت تتحكم بدرجة صوتها الهادئة:

زين وعرس العيال عقب كم يوم؟؟

تبون تروحون كلكم وتخلون المعاريس والشيبان يبلتشون


مشعل بهدوءه الخبيث: أولا العرس باقي عليه حوالي 8 أيام

وكل شيء مرتب والحجوزات انتهت والبطاقات وزعت

واحنا 5 أيام وبنرجع.. يعني بنرجع على وقت ترتيب مكان الحفل

ولين هاذاك الوقت ماعندنا شيء نسويه



لطيفة توترت لا تستطيع الاخفاء أكثر من هذا

فهي لا تريده أن يسافر

يكفيها كل هذا الضغط الذي تعانيه

وجوده جوارها يطمئن روحها

لن تحتمل غيابه مع كل هذا الضغط

لكنها مازالت تكابر: بس مشعل حتى ولو.. مايصير كلكم تسافرون


مشعل بخبث: خلاص بأخلي راكان يقعد

وبأروح أنا ومشعل دامش لذا الدرجة خايفة على الشباب المعاريس يتعبون عمارهم


(أيها الخبيث

لن ترتاح حتى تنبشني)

لطيفة بهدوء: بس يا مشعل.....


مشعل قاطعها وهو ينظر لها بشكل مباشر ويقول بنبرة خاصة:

بدل ذا الحجج كلها قولي السبب بصراحة

وأنا أوعدش أقعد وألغي فكرة الروحة كلها


لطيفة تبتلع ريقها: أي سبب؟؟


مشعل يبتسم: إنش أنتي تبيني أقعد


لطيفة بغضب مكتوم: تدري إنك مغرور


مشعل وقف وهو يقول بابتسامة شاسعة: يحق لي

اللي عنده لطيفة إذا ماصار مغرور ماعنده سالفة إذا ما اغتر بذا الجوهرة


(أيها اللئيم

لا تفعل هذا بي)



لطيفة تنظر للكتاب في يدها: زين.. يعني بتروح أو لا؟؟


مشعل يتوجه لسريره.. ابتسم وهو يعطيها ظهره: بأروح

والله انتظرت حد يقول لي اقعد عشان خاطري

بس ماحد عبرني

الظاهر روحتي وقعدتي سوا


مشعل تمدد على سريره

بعدما ألقى الكرة في ملعبها

يلفه توتره وترقبه وشوقه

(لا تخذليني لطيفة

لا تفعلي ذلك بي!!)



لطيفة مازالت تجلس على مكتبها

ممزقة.. مليئة بالحيرة

وأهم مايشغل بالها

ألا يذهب

لا تريده أن يذهب

تريده جوارها

حتى لو كان غاضبا وهي غاضبة

وبينهما جبال من جليد بليد غبي

المهم أنه قريب منها



لطيفة نهضت عن مكتبها

وتمددت جواره

ورائحة عطرها الأثير تخترق كل خلاياه


صامتان كلاهما

مرت دقائق من الصمت

والجو مشحون بينهما

مشحون لأقصى حد



لطيفة كانت تعطيه ظهرها

وهو ينظر إلى ظهرها ويكاد يعد النجمات الذهبية التي تتلألأ على ظهر قميص بيجامتها السوداء

ينظر وهو يتمنى أن يرى عينيها وانفعالات وجهها


همست بصوت مخنوق وهي مازالت تعطيه ظهرها:

مشعل لا تروح.. عشان خاطري


مشعل بعمق رجولي آسر: التفتي علي

وقوليها لي


لطيفة لفت بجسدها ووجهها ناحيته

صمتت

وهي تنظر له نظرتها التي باتت تذيب مفاصله مؤخرا

مشعل نظر لها بحنين

مد يده

مسح خدها بطرف أصبعه

كان يمسح دمعة فرت من عينها


همس لها بخفوت: لطيفة تعالي


قالها وهو يفتح ذراعه لها

لطيفة اقتربت.. وضعت رأسها على صدره

ماعادت تحتمل كل هذا

ماعادت تحتمل

انخرطت في بكاء مر

وهي تدفن وجهها بين عضلات صدره

فهي مستنزفة من كل ناحية

وتحتاج إليه بكل وجع الدنيا

اشتاقت له شوقا يكفي أن يوزع على كل العالم ويفيض

وتعبت من التمثيل.. ومن هذه الحياة

فهي عاشقة حتى الثمالة

عاشقة حد الجنون

عاشقة حتى النخاع

هذا الرجل يتغلغل في كل خلاياها

تشربت به مسامات جسدها

وتخلل نبضات روحها

تعبت من صده.. وهي بصده كأنه تمزق روحها إلى شظايا

تريد أن تنتهي من كل هذه الألاعيب

تتوق للعودة لأحضانه

وكم اشتاقت للاستكانة بين أضلاعه!!



مشعل شعر أن قلبه انتزع من مكانه

وهي تشهق على صدره

احتضنها بشدة بيد

وبالأخرى رفع وجهها وغمره بقبلاته الحانية المشتاقة

وهو يقول بابتسامة شفافة وعبق رجولي:

لا أبو القنص ولا أبو أمه

ماني برايح مكان

والله ما أروح مكان

قاعد عندش يا قلبي




*****************




غرفة مريم


مريم تتمدد على سريرها

بعد أن صلت قيامها وأنهت وردها المسائي


تريد أن تنام لكن النوم يبدو حلما بعيد المنام


تتذكر كلام لطيفة لها اليوم


"مريم لا تكونين مثل اللي طول عمره يوزع الخير على الناس

ويوم جا دوره عشان يأخذ

قال ما أبي.. الخير وش يبي بي


سعد رجال فيه خير

وألف منهي تمناه

ولا تقولين زين وش يبي فيني وألف يتمنونه على قولتش


الله أرسله لش

والله كتبه من نصيبش

لا تشغلين بالش بالتفكير اللي ماوراه فود

ليه وشهو عشانه؟؟

وافقي وبس

وأسبابه اسمعيها منه بعدين

ومهما كانت أسبابه

فرجال مثل سعد أسبابه أكيد مامنها خوف

لأنه رجال يخاف ربه


وبعدين أنا متأكدة إنش صليتي استخارة كم مرة

قلبش وش يقول؟؟؟"



وهي غارقة في أفكارها وفيما قاله لها قلبها


سمعت صوت الباب يُفتح

خطوات مترددة

ورائحة عطر عذب رقيق تغشى المكان


تبتسم مريم وهي تزيح مكانا جوارها


" تعالي عنودتي

بتنامين؟؟ وإلا مجرد زيارة؟؟"


العنود بعذوبة: بأنام.. ممكن؟؟


مريم بحنان: أكيد ممكن



العنود تتمدد بجوار مريم ونعومتها ورائحتها العذبة العميقة تغمر ماحولها بسحر خاص بها..

سحر هو خليط من أنوثة طاغية وبراءة عذبة


مريم بحنان أمومي مصفى: ياحظه اللي بتنامين في حضنه عقب أسبوع

أمه وضحى بنت فيصل شكلها كانت تدعي له ليل ونهار


العنود تبتسم بحزن: مهوب كنتي تقولين داعية عليه..


مريم بعتب: أمزح يا قلبي.. حد يلاقي عنود الصيد وتكون أمه داعيه عليه


العنود تحتضن كف مريم بالقرب من صدرها: خايفة يا مريم من فارس

فارس قاسي واجد..


مريم بحنان وهي تحتضن العنود ابنتها الصغيرة قبل أن تكون شقيقتها:

مهما كان قاسي مستحيل يقسى عليش

أنتي مخلوق مستفز للعواطف

الواحد غصبا عنه لازم يحبش


العنود بحزن: هذا عشانش أنتي تحبيني.. بس فارس......


مريم تقاطعها وهي تقول بحزم حنون:

العنود اسمعيني.. الرجّال مهما كان قاسي

المره تقدر تحتويه بحنانها

وتجبره يقابلها بحنان مشابه

وأنا ما أوصيش في فارس

لا تقصرين في حقه... فارس صدق رجّال حار وعصبي

بس بعد هو فعلا رجّال بمعنى الكلمة

فلا تقصرين في حقه.. وإن شاء الله إنش أنتي اللي بتكسبينه


العنود بتوتر: أنا ماني مقصرة في حقه بس..


مريم بحنان: لا بس ولا شيء

أنتي أرضي ضميرش وربش من ناحيته ولا تخافين من شيء




********************






غرفة هيا ومشعل



مشعل يتمدد على سريره وظهره مسند لظهر السرير

وينظر بوله لهيا التي تمشط شعرها أمام المرآة

وكأن ضربات المشط تمر عبر روحه


هيا أنهت تمشيط شعرها

ثم توجهت له

مشعل أشار على فخذه

وهيا تمددت ووضعت رأسها على فخذه

ومشعل يمرر أصابعه خلال خصلات شعرها بحنان


هيا باستجداء: لازم روحة القنص ذي؟؟


مشعل يبتسم: أنتي ما تيأسين؟؟ خلصنا حبيبتي


هيا بعبوس: خلصنا.. خلصنا


ثم قالت كمن تذكر شيئا وهي تنهض وتستوي جالسة

وهي تقول بخجل: ظنك عماني ماخذين على خاطرهم مني؟؟


مشعل يجذبها ويريح رأسها على صدره

وهي تشدد احتضانها لخصره

ويقول لها بحنان: بعد أنتي الله يهداش الكلام اللي قلتيه ماينقال


هيا تبتسم وتهمس ووجهها مدفون في صدره: أنتو يا آل مشعل غريبين

يعني أنا ماقلت شيء يزعل


مشعل يطبع قبلاته على شعرها ويهمس:

من حيث هو يزعل إلا يزعل ويزعل.. لا تقولين ماقلت شيء يزعل




هيا تتذكر ماحدث اليوم بعد صلاة العصر

حين ناداها مشعل لمقابلة عميها


وجدت الاثنين يجلسان متجاورين

بديا لها مذهلين

لهما ألق غريب وحضور كاسح

وعبق وجودهما في المكان عميق وحنون وشامخ ومفعم بالكبرياء


قبلت رأسيهما

ثم جلست بجوار مشعل


بعد السلامات المعتادة

كان محمد أول من تكلم

قال لها بحنان: أدري عادش تعبانة وتوه البارحة عشاش عند عبدالله

وبكرة مشعل رايح القنص

فعشاش بعد بكرة عند أمش أم مشعل وخواتش مريم والعنود


هيا باعتراض: بس يبه...


محمد يقاطعها بحزم: خلاص يا أبيش لا تراديني


هيا باحترام: خلاص يبه تم


عبدالله فتح الموضوع الرئيسي وهو يقول بهدوء:

أكيد يا أبيش أنتي تدرين إن جدش

توفى قبل أبيش الله يبيح منهم كلهم


هيا انتفضت بعنف

وذكرى وفاة والدها تحضر

ابتلعت ريقها وصمتت


ومحمد يكمل وهو يبتسم: مهوب المفروض تسألين عن ورثش؟؟


هيا انتفضت وهي تقول باحترام: أبي خلا لي حلال واجد

الله يبيح منه كان كل شيء مسجلة باسمي قبل يموت

أ**** وفلوس في البنك.. وزيادة عن كذا وش أبي


عبدالله بهدوء: جعلش في زود

بس سلطان أبي خلا له ورث مهوب شوي

وهذا حقش واحنا الحين نبي نسلمه لش


هيا بهدوء: إذا بتكلمون في حق.. فأنا لي نصه بس

والنص الثاني لكم.. لأنه البنت ما تحجر الورث عن عمانها


محمد وعبدالله وقفا كلاهما بغضب

والاثنان يحاولان كتم غضبهما

وهيا انتفضت بعنف من وقفتهما المفاجئة

وردة فعلهما المتشابهة


محمد بغضب وهو يستعد للخروج: مشعل فهم مرتك

إنه مهوب حن اللي ينقال لنا ذا الكلام


محمد خرج وعبدالله خرج خلفه


هيا التفتت على مشعل وهي مستغربة:

اشفيهم زعلوا مشعل؟؟ أنا ماقلت شيء يزعل


مشعل تنهد وهو يقول لها بعتب:

إلا قلتي شيء يزعل بس ما تنلامين لأنش مابعد تعرفين إبي وعمي

هيا.. أبي وعمي لو بيموتون من الجوع ماحطوا عينهم على ورثش

أشلون وهم عندهم خير ربي ولله الحمد


هيا بعناد: بس أنا بعد عندي خير.. وأنا ماتكلمت إلا في حق


مشعل بحزم: هيا خلاص.. الموضوع منتهي

ولا عاد تفتحينه مرة ثانية

أنا بأخلص لش اجراءات الورث وأحوله كله باسمش قبل نرجع أمريكا





التاسع والخمسون من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close