رواية اسي الهجران الفصل الرابع والخمسون 54 بقلم الكاتبه أنفاس قطر
أسى الهجران/ الجزء الرابع والخمسون
بيت عبدالله بن مشعل
الحفلة
النساء توزعن بين حديقة البيت وصالاته الداخلية
الجو هذه الليلة كان لطيفا وبرده محتمل
معالي تقترب من هيا وتهمس : وين كنتي داسة ذا الزين كله
وإلا ذا الشعر ماشاء الله تبارك الله انصرعت لما شفته
سلفيني شوي بدل شعري اللي ماضغته المعزى على قولت أمي هيا
هيا تبتسم وتهمس لها: صدقتش الحين
حاسة إني على قولت صديقتي باكينام مثل عروسة المولد
صبغوني لين قلت بس
اقترب فوج نساء للسلام على هيا
إحداهن وضعت يدها على رأس هيا وقرأت عليها
ثم دعت لها بالتوفيق هي وزوجها وأن يجمعهما الله في خير وعلى خير
وهيا شعرت بحرج شديد من رقة هذه السيدة
حين ذهبن التفتت هيا لمعالي: من هذي؟؟
معالي هزت كتفيها: ما اعرفها
بس لا تستغربين.. الناس فيهم خير..
ثم أكملت بعيارة: تصدقين أنا ما أروح مكان إلا كل شوي توقفني وحدة
تقول خلني أقرأ عليش لأنش فتنة متحركة ينخاف عليش من العين
موضي تقاطعهما وهي تحشر نفسها بين الأثنتين:
إيه كثري من ذا الهياط طال عمرش
يقرون عليش يقولون يالله سكنهم مساكنهم
موضي كانت متألقة من فستان أصفر أنيق
ومعالي كانت مليئة بالحياة في فستان حرير مشجر
وشقيقاتها علياء وعالية كالعادة متطابقتين ولكن في غاية العذوبة في طقم سماوي
بينما الفتنة المذهلة كانت لطيفة في فستانها الأحمر
وهاهي تجلس بجوار صديقتها شيخة التي تقول لها: أنتي ما تخافين الله في مشاعري
لا عاد تلبسين ذا الأحمر تجلطيني
لطيفة تضحك: ليه أنتي عندش مشاعر؟؟
شيخة تضحك: مشكلتش صايدتني.. تدرين ياوخيتي أحاول
يمدحون المشاعر ذا الأيام
ثم همست وهي تلتفت على هيا: ماشاء الله مرت أخيش تجنن
كفاية ذا الشعر ماشاء الله.. ماألومه أخيش ينجلط.. الله يبارك له
لطيفة برقة: عقبال راشد إن شاء الله.. يلاقي اللي تعوضه عن زواجه الأول
غمزت شيخة وهي تلتفت لموضي: راشد مطلوبه عندكم
زوجونا ذا الأصفراني المشعشع
لطيفة تهمس لها: موضي ما تبي تعرس خلاص من غير قصور في راشد
شيخة بهدوء: حرام يا لطيفة موضي عادها صغيرة.. بتدفن روحها يعني؟؟
لطيفة برقة: ما نقدر نجبرها على شيء
وبعدين تو الناس.. توها طالعة من تجربة.. يمكن مع مرور الوقت تفكر
*****************************
غرفة مشاعل
العنود تطل مع شباك مشاعل المطل على الحديقة
وتقول بتحسر: الناس برا مستانسين واحنا محبوسين هنا
مشاعل بهدوء: من جدش تبين الناس يشوفونش وأنتي ماباقي على عرسش إلا كم يوم
العنود (بعيارة): ليه هو عرسي بروحي
ثم أكملت وهي تقفز على السرير بجوار مشاعل:
أخيش الملقوف ماهان عليه يخليش تستانسين أنتي وناصر بروحكم
إلا يدخلنا معكم..
آه ياناس خبرتوا وحدة تتزوج قبل امتحاناتها بأسبوع.. الله يعديها على خير
مشاعل بخجل: عيب العنود استحي..
العنود تضحك: ليه أنا وش قلت.. ياحرم الشيخ ناصر
مشاعل يحمر وجهها: العنود تحشمي..
العنود تقترب من مشاعل وتلتصق بها وتمسك يدها بطريقة تمثيلية وتقول بخبث:
على ذا السحا اللي عندش
لو ناصر قرب منش كذا ومسك يدش كذا
وش بتسوين؟؟
مشاعل قفزت وهي تنتزع يدها من العنود وكأن ناصر هو من أمسكها
وهي تقول بخجل كاسح: العنود والله العظيم بأزعل عليش
العنود غابت في عالم آخر من الضحك: والله العظيم منتي بصاحية
زين يا ميشو دواش عندي..
العنود التقطت هاتفها ورنت على رقم معين ووضعته على السبيكر
طال الرنين حتى جاءها صوت رجولي عميق: هلا والله بعنودة قلبي
مشاعل شعرت أن قلبها توقف وهي تريد لها منفذ تهرب معه وهي تسمع صوت ناصر
العنود بمرح: نصوري حبيبي إذا مشاعل تسمعك الحين وذايبة على روحها من السحا
وش تقول لها؟؟
ناصر بنبرة خاصة: هي تسمعني الحين؟؟
العنود بابتسامة: yes
ناصر بنبرة عميقة مليئة بعبق رجولة خاص:
أقول لها تدللي واستحي على كيفش
بدل اليوم عشرة.. وبدل السنة عشرة
أنتظرش عمري كله.. لا تخافين من شيء وأنتي معي
وخلاص عنودة لا تحرجينها أكثر من كذا
مع السلامة
وأغلق ناصر وعينا العنود تغيم بالدموع من التأثر بمشاعر شقيقها العذبة
(يعني فارس ماهان عليه يقول لي كلمتين مثل هذي
فديتك يا ناصر الله يوفقك
ويسخر مشاعل لك)
وإذا كانت العنود غامت عيناها
فغيرها انهار يبكي بانفعال
مشاعل شعرت أن سماع صوته والكلمات التي حملها صوته العميق
كانت أكثر من احتمالها
أكثر بكثير
***************************
عزبة آل مشعل
الشباب والشياب مجتمعون
وبعد العشاء المبكر الذي كان بعد صلاة العشاء مباشرة
بدأوا بالتحزب كل اثنين يتحدثان سويا
عبدالله ومحمد
راكان ومشعل بن عبدالله
وسعد ومشعل بن محمد
وناصر وفارس
والشباب الصغار في الزاوية يلعبون بيلوت
فيصل ومحمد بن مشعل فريق
وسلطان وفهد فريق
وعبدالله الصغير متفرج
رن هاتف ناصر رأى اسم المتصل
فقام بعيدا عن الرجال حتى أنهى الاتصال وعاد
حينما عاد كانت ترتسم على وجهه ابتسامة مختلفة
فارس يميل عليه ويهمس بمرح: نويصر لا تكون تغازل
مالي بذا القومة ولا ذا الابتسامة اللي تقول اعلان معجون أسنان
ناصر فتح هاتفه على قائمة الاتصالات الواردة
ولف الجهاز ناحية فارس دون أن يتحدث
فما زال تحت نشوة إحاسيسه
"الأهل ع"
الاسم الذي يعرفه فارس جيدا
والذي نقله بالأمس فقط من جهاز ناصر
تنهد فارس بعمق ولكن دون أن تتجاوز تنهيدته روحه المثقلة بالكبرياء
( هل مازالت غاضبة؟
بالتأكيد غاضبة..
هل أرضيتها يا فارس حتى ترضى؟!
أم تعتقد أنها سترضى لوحدها مكافأة لك على لطفك وحنانك معها؟؟
لِـمَ هي رقيقة هكذا؟؟
وهشة هكذا؟؟
كيف ستحتمل لؤمي وفظاظتي وقسوتي؟؟
أعلم أني لئيم وفظ وقاسٍ
بالكاد أحتمل نفسي
فكيف ستتحملني؟؟
آه يا صغيرتي.. آه
تمزق الآهات قلبي.. وأنتِ يوماً تلو الآخر تصبحين هاجسي وجنوني وولعي
وأنا سادر في غيي
هل رأيتِ جنونا مثل هذا؟؟؟
أعرف تماما مشكلتي ولكني عاجز عن حلها
يا لا عرق الكبرياء المجنون المتضخم في عروق رأسي!!)
راكان ومشعل
راكان بهدوء: ها بوعبدالله.. متى نمشي؟؟
مشعل بذات هدوءه: عقب بكرة بعد صلاة العشاء.. وش رأيك
راكان: مثل ما تبي..على سيارتك وإلا سيارتي؟؟
مشعل: سيارتي أحسن..
راكان يتذكر شيئا: إيه ترا مشعل يقول إنه يمكن يروح معنا
مشعل باستغراب: غريبة ماخبرت مشعل يحب سوالف القنص
مخه مافيه غير شغله
راكان يبتسم: حاب يغير
مشعل وسعد
مشعل يبتسم: اركد يارجال والله العظيم إني قلت لها البارحة
أبد طلعت من عندكم من المجلس رحت لها على طول
سعد بلهفة: زين ومتى بتردون علي؟؟
مشعل بابتسامة: عطها وقت تفكر
ثم أكمل باهتمام: البارحة عشا رياجيل وعالم ماقدرت أخذ راحتي وأتكلم معك
تدري سعد أنا عني أشوف أختي مافيه مثلها ثنتين
لكن أنت وش اللي يخليك مصمم عليها؟؟
سعد كأنه يتأمل: مشعل أنا تعبت من الوحدة
لكن في نفس الوقت أنا تعودت على السكينة والهدوء
أبي وحدة تكون شريكة لي بكل معنى الكلمة.. شريكة حياة وفكر
نتحاور بعقل وبعمق وفي نفس الوقت تكون لي مصدر هدوء وسكينة
وذا الشيء حسيت إن بنت محمد تقدر تهديني إياه الله يكملها بعقلها
**********************
عودة للحفل
انتهى العشاء
وأكثر الزائرات غادرن
مريم تجلس في الزاوية..
بالها مشغول بهذه الخطبة المفاجئة التي قلبت حساباتها
بداخلها مترددة على الموافقة تخشى من أسباب سعد في الإصرار عليها
ولكن من ناحية أخرى تفكر
(أليست هذه فرصة أخيرة لأشعر كامرأة مكتملة بالقرب من رجل رائع؟!!)
أحلامها تتسع بوجع
(أنجب طفلا ربما؟؟)
مريم انتفضت وهي تنهر نفسها بقسوة
(أي طفل يامريم ؟!!
أ تريدين انجاب طفل تعذبينه بعجزك عن العناية به وتربيته؟؟)
الأمل يناديها بشفافية مؤلمة
(بس أنا ربيت العنود
وما أعتقد أني فشلت في تربيتها ولا في الاهتمام بها)
( يا الله تعبت
والله العظيم تعبت من التفكير)
(الحلو سرحان في ويش؟؟) كان صوت لطيفة التي جلست جوارها
مريم بهدوء: موضوع شاغلني وأبي أخذ رأيش فيه
بس مهوب هنا ولا الحين
مرينا بكرة لو تقدرين
لطيفة برقة: حاضرين بأجيكم بكرة عقب المغرب
*************************
غرفة مشعل وهيا
الساعة 12 ونصف بعد منتصف الليل
هيا تدخل وترمي نفسها على الأريكة
وموضي تدخل وراءها
هيا بتعب: انهديت والكعب ذبحني
أبي أسبح وأنام
موضي باستنكار مرح: نعم نعم نعم
والله العظيم ماتغيرين شيء وحتى الكعب ما تحطينه لين يوصل مشعل
أبي أصوركم مع بعض
محسوبتش خبيرة تصوير من الطراز الأول وتعديل على الكمبيوتر وحركات ومونتاج..ولا أحسن استوديو
وأنا أطبع الصور بنفسي يعني لا تخافين على صورش
هيا ابتلعت ريقها وهي تتخيل أن مشعل سيراها وهي بهذا الشكل
قالت برجاء: لا موضي تكفين
موضي باستغراب: من جدش أنتي؟؟
هيا بصراحة: مشعل ماعمره شافني كذا
وش يقول عني مصبغة وجهها
لا والفستان عاري شوي
موضي تتصنع الغضب: وين عاري؟؟ اسكتي بس لا تجلطيني
أنتي ورجالش من أي كوكب جايين
وش فايدة ذا الزين واللبس إذا ماشافه هو
هو أصلا الأساس
والله ما تتحركين لين يجي ويشوفش
(من اللي يجي ووش يشوف؟؟)
صوته يصلهم وهو مازال واقفا عند الباب