اخر الروايات

رواية غريبة في عالمك الفصل الثالث 3 بقلم رحاب حلمي

رواية غريبة في عالمك الفصل الثالث 3 بقلم رحاب حلمي

لفصل الثالث

*الوعيد*

دخل يوسف فيلته وهو في قمة الانسجام أحيانا يصفر وأحيانا يدندن بأغنية مبهجة.وكان المكان يسوده الظلام والهدوء وكأن لا أحد يسكنه ,توجه يوسف مباشرة ناحية السلم ولكن استوقفه صوت خشن ساخر: ما بدري يا سعادة البيه. وشرفت دلوقت ليه؟ ما كنت تبات في المكان اللي كنت فيه أحسن.
ارتسمت الابتسامة على وجه يوسف من محاولة وليد أخيه لتقليد صوت الزوجة الغاضبة فاستدار وتوجه ناحية مفتاح الاضاءة لينير المكان ويجد أخيه جالسا بارتياح على أحد الكراسي وكان يرتدي بيجاما للنوم وأكمل مستمرا في تقليد صوت الانثى رغم خشونة صوته الواضح: فكر براحتك ودور على حجة كويسة يمكن أصدقك.
فقهقه يوسف وقال له بصوت مرح: انت مفيش فايدة فيك أبدا. دة انت لو كنت مراتي بجد كنت طلقتك بالتلاتة وتسعين.
فوقف وليد وكان فرق الطول بينه وبين أخيه لا يذكر تقريبا ولكنه أكثر نحافة وبجسم رياضي أيضا يشبه يوسف بشدة ولكن ملامحه أقل قسوة وهو يقول بصوته الطبيعي : ياعم روح كدة ,انت مين اصلا ممكن توافق ترتبط بيك وانت كل يوم تبات في حضن واحدة شكل؟
فرد عليه يوسف بلهجة ساخرة: ياعم كفاية واحد بس في العيلة عايش زي الناسك, تصدق اني بدأت أخاف عليك وأشك انك..........
فقاطعه وليد بحسم: عننندك. انت عارف كويس ان اخوك راجل .بس مش لازم أثبت رجولتي بطريقتك ياعم كزانوفا
يوسف ممازحا:ع الاقل أشوفك مع بنوتة حلوة كدة ماشيين ع الكورنيش وانت ايدك في ايدها
وليد: هيحصل بس في الحلال يا كبير
يوسف متفاجئا :يعني ايه يالا ؟انت اتجوزت من ورايا ولا ايه؟
وليد:ياعم يوسف بقولك لسة هيحصل.بس لما اجوز اخوية الكبير الاول اللي شكله كدة ناوي يعنس ويقعدني جنبه انا كمان
فقال يوسف بجدية وهو يجلس على الاريكة التي كانت خلفه: اطمن يا سيدي. تقدر من بكرة تدور على بنت الحلال. انا خلاص خطبت
بدا وليد غير مستوعبا لما قاله يوسف فجلس بجواره وسأله بلهفة: انت بتتكلم بجد؟و هية مين بقا تعيسة الحظ واللي امها داعية عليها دي؟
يوسف:حفيدة عبدالرءوف الكامل
هتف وليد: مريم؟!
يوسف باهتمام:انت تعرفها؟
وليد:لا .سمعت عنها من ماهر .
يوسف باستهزاء:وسي ماهر دة بقا قال ايه؟
وليد:مش كتير. اللي قدرت أفهمه منه انه تقريبا كان راسم عليها لانه كان فاكرها واحدة اوروبية ومدلعة وماشية على حل شعرها .لكن بعد كدة ومن طريقة كلامه حسيت انه يا إما اتصدم يا إما انها صدته جامد
يوسف باشمئزاز:أنا مش عارف انت مصاحب البني ادم دة ازاي؟
وليد: يا عم يوسف صحوبية ايه؟ وهوة ماهر بتاع الكلام دة بردو؟ الموضوع بس اني بساير اموري معاه عشان الشغل .انت عارف ان شخص زي دة مش سهل لا هوة ولا ابوه ولازم اللي يتعامل معاهم تكون عنيه في وسط راسه.
فابتسم يوسف وقال بتفهم :تمام
وليد بنظرة خبيثة ذات معنى: قولي بقا انت ايه اللي عرفك على مريم دي وفيها ايه زيادة يعني عن كل اللي عرفتهم خلاك تتخلى مرة واحدة عن قوقعة العزوبية اللي كنت دافن نفسك جواها؟
حاول يوسف التهرب من الاجابة بتصنع الغضب: وانت مالك يا بارد؟ هية هتبقا مراتك انت؟
وليد:خلاص خلاص يا عم. بس على الله بقا عمك وعمتك يوافقوا
يوسف باستنكار:ودة على أساس اني لسة قاصر ومستني الاذن ولا ايه؟جرى ايه يا وليد مانت عارف اني مش باخد رأي حد في قراراتي
وليد: أيوة يا باشا عارف. زي مانت كمان عارف العداء اللي لسة لحد دلوقت بين العيلتين على الرغم من انهم بيحاولوا يبينوا العكس.لسة الجراح بتنزف يا يوسف فبلاش تضغط عليها اكتر
فقال يوسف بحسم وهو يهم بالنهوض: وليد .انا خلاص عطيت كلمة لعبدالرءوف الكامل وانت عارف دة معناه ايه كويس.يعني سواء عمك وعمتك وافقوا أو لا فأنا هتمم الجوازة دي وفي أقرب وقت كمان.ياللا بقا تصبح على خير.
وتوجه يوسف ناحية السلم ليستعد لأيام جديدة محملة بالكثير من المشاكل التي كان على علم تام بها عندما وافق على عرض عبدالرءوف بالزواج من حفيدته تلك العنيدة وهذه كانت مشكلة اخرى قد أضافها يوسف لقائمته ولكنه قرر تأجيل التعامل معها الى أن يتم الزواج أولا وبأي ثمن.
*****************************
في جامعة القاهرة كانت مريم تجلس مع احدى صديقاتها وهن قليلات قد تعرفت عليهن أخيرا بعد أن يئست من تكوين صداقات مع البنات الأخريات اللاتي كن يتجنبنها اما لمالها وشهرة جدها وشركته فكن يعتقدن بأنها فتاة مدللة ومغروة وصعب التعامل معها واما يتجنبنها بسبب جمالها الطاغي الذي يغطي على أي فتاة اخرى تقترب منها فكانت بالطبع لوحدها محل اهتمام معظم الشباب الذين كانوا يحاولون التقرب منها والتودد اليها بشتى الطرق ولكنها كانت اوقات تتجاهل ذلك واوقات اخرى تتجه للصد المباشر.
كانت حياة هي تقريبا أقرب صديقة لها تعرفت عليها مريم خلال أسرة "ملكة بأخلاقي" التي لا تضم سوى شيخات الجامعة كما يقول البعض ممن يطلقون على كل فتاة ملتزمة لقب شيخة.كانت حياة أكثر التزاما وتدينا من مريم الى جانب كونها مرحة وسهلة المعشر استطاعت أن تغزو قلب مريم في أول لقاء بينهما وبالرغم من أنها تكبر مريم بسنتين فهي بالسنة الثالثة لكلية إعلام أما مريم فهي مازالت بالسنة الاولى بكلية الألسن الا أن علاقتهما توطدت كثيرا وخصوصا عندما علمت منها مريم أن والدها من سوهاج ومن قرية الديابات كعائلة مريم لكنها تعيش بالقاهرة مع أسرتها المكونة من والدها وهو محاسب باحدى الشركات الكبرى ووالدتها تعمل كمدرسة في إحدى المدارس الخاصة وأخيرا أخوها طالب بالثانوية العامة.
لم تستطع حياة أن تخفي دهشتها وهي تهتف: معقول! يوسف جلال الدين بنفسه طلب ايدك؟ مش قادرة أصدق.
مريم بغضب مكتوم ثائرة لكرامتها: يعني ايه يا حياة؟ وهوة أنا مش أد المقام ولا ايه؟
فتداركت حياة خطأها وهي تقول معتزرة: لا. مش قصدي طبعا يا مريم. بس أنا دايما بسمع من بابا اصله شغال في شركته ان يوسف دة العاذب المكرس يعني عمره ما فكر في الجواز. فيه ناس أصلا بتقول انه معقد.
مريم بسخرية مريرة: وقرر بقا انه يفك عقده دي على ايدي.
وضعت حياة يدها على فمها لتكتم ضحكتها الى ان تمالكت نفسها وقالت لمريم بجدية: طب وليه لا؟مش جايز يكون فكر في الاستقرار أخيرا؟ ويمكن لما يتجوز ربنا يهديه.
مريم بوعيد: فعلا ربنا هيهديه بس بعد اللي هيشوفه مني.
حياة بقلق: انتي ناوية على ايه يا مريم؟
وقبل أن تجيب مريم تقدم شاب من الفتاتين وقال بنبرة رقيقة ونظراته مركزة على مريم: مساء الخير يا بنات. تسمحولي اقعد؟
كانت حياة هي التي قررت ان تجيب عليه بسخرية واضحة وغضب مكتوم :آه طبعا مفيش مشكلة؟ اتفضل حضرتك اقعد.
وعندما سحب الشاب الكرسي بجوارهما ليجلس عليه أكملت ببرود وهي تشير على الطاولات الفارغة الاخرى: بس مش هنا. عندك خمس ترابيزات فاضية اختار منهم اللي تعجبك وما تخافش خلي الحساب علينا.
احمر وجه الشاب من الخجل والغضب معا وهو يتمتم مبتعدا: أنا آسف.
وبعد أن ابتعد عنهما قليلا قال في نفسه متعجبا:غريبة! هية البنت دي بقت كدة ازاي ؟! معقول دي حياة بتاعة زمان؟!
اما مريم فلم تستطع اخفاء ابتسامتها وهي تقول: معقولة يابنتي؟ ايه اللي قولتيه دة؟ دة الواد وشه جاب ألوان.
حياة بلا مبالاة: سيبك منه. قوليلي بقا ناوية تعملي ايه مع عم الدون جوان؟
وللمرة الثانية قبل أن تجيب مريم قاطعهما صوت هاتفها فنظرت الى رقم المتصل وقالت بتعجب: غريبة! رقم معرفوش.
حياة:يبقا بلاش تردي عليه
مريم: لا انا هرد. ممكن يكون جدو حصله حاجة لان حالتة اليومين دول مش مطمناني......السلام عليكم....مين معايا؟..مين؟!انت جبت نمرتي منين؟
أجاب يوسف وهو يجلس خلف مكتبه بثقة تامة: يعني مش نمرة تليفونك هية الحاجة اللي ممكن تصعب على يوسف جلال.ومع ذلك أنا اخدت الرقم من جدك وهوة شاف ان دة حقي باعتباري خطيبك
مريم بغضب: اولا انت مش خطيبي,وثانيا انت مش ليك أي حقوق عليا, وثالثا بقا ودة الأهم أحب انك تفهم كويس أوي ان دة يبقا عشم ابليس بالجنة زي ما بتقولوا لو فكرت اني في يوم هبقا مراتك.
وانهت مريم المكالمة دون سابق انذار مما أثار غضب يوسف الذي حاول التحكم فيه وهو يقبض بشدة على الهاتف ويقول متوعدا: بقا كدة يا بنت حمدي الكامل؟ بتقفلي السكة في وشي أنا؟ طب وعد مني يا مريم ان مش هيهدالي بال غير لما أشوف دموع الذل في عيونك وبردو مش هرحمك حتى لو كانت دة آخر حاجة هعملها في حياتي.
********************



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close