رواية وجه في القلب الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم جويرية احمد
الحلقة الواحدوالثلاثون
التدقيق الأملائى واللغوى الكاتبة والأديبة فاير فلاى
السكرتيرة : باشمهندسة في عميل منتظر حضرتك في المكتب
هدى : بقاله كتير؟
السكرتيرة : عشر دقايق, اسمه دكتور يوسف وعنده شقتين وعاوز يعملهم الديكورات
هدى : طلبت له حاجة يشربها ؟
السكرتيرة : أيوة عصير برتقال
تفتح هدى باب الحجرة لتجد يوسف يقف أمام الشباك, لم يخطر على فكرها أن يكون دكتور يوسف هو صاحب الوجه الذي يسكن قلبها.
هدى : سلام عليكم, آسفة جداً على التأخير
يدير يوسف وجه ويبتسم ليرحب بها,لحظات من الصمت فقد تحولت هدى إلى تمثال من الثلج, صور تمر أمام عيناها, أول لقاء صورته التي رسمتها, بكائها وهروبها نظراته وكلماته والجاكت الذي أعطاه لها خوفه وقلقه صوته وشرحه, خطة وابتسامته ونظرته, صمته وحزنه وغموضه وحنانه وكبرياءه, الفرحة في اللقاء والأمل وقت الوداع . دقات قلبها وتغريد الطيور والقمر الذي أضاء الحياة, يوسف صاحب الوجه المحفور في القلب بعد سنوات الفراق يقف أمامها نفس الوجه ونظرة العين والابتسامة ما زادته الأيام إلا وسامة, تراها تلقى بنفسها في أحضانه تبكى وتحكى معاناتها من دونه وتحدثه عن حبها الذي كتمته سنوات طويلة, تلقى بهمومها في بحره العميق وتنعم بقربه وتلحق في سماء أحلامه,تغمض عيناها على صورته حتى لا يهرب منها وتخاف أن تفتحها مرة أخرى فتستيقظ من حلمها الجميل, فكان يكفيها أن تراه في الأحلام أما في الحقيقة فهو حلم فوق الخيال.
يوسف : هدى أنت رحت فين؟ أنت زي ما أنت على طول سرحانة
أفاقت من حلمها على صوته الجميل الذي انتظرت أن تسمعه من سنوات تلك النبرة القوية المليئة بالحنان, تتسارع دقات قلبها وتكاد لا تحملها قدماه ويتقدم يوسف بضع خطوات وقبل أن تنطق بكلمة وجدت خاتم فضي في أصبعه الخنصر يضئ كضوء القمر يبدو كخاتم زواج, تتراجع للخلف خطوة وتكاد تنهار وتحاول التماسك وضبط مشاعرها وتترك الحلم وتعود إلى الواقع .
هدى : أهلاً يا دكتور حمد لله على السلامة, اتفضل وتشير له ليجلس
تجلس أمامه لا يفصلها عنه إلا المكتب ولكن تشعر أنهم تفصلهم بحار وجبال وأنهار,يتردد في عقلها الكلام التي حفظته عن ظهر قلب أنت مجرد طالبة, تزوج وأنجب ويعيش حياة مستقرة واليوم أتى ليستقر مع أسرته في مصر .
يوسف: وحشتيني جداً ووحشتني مصر
هدى:تبتسم ولا تجيب فعقلها شرد في مكان بعيد تسيطر عليه الأفكار من هي التي احتلت قلبه؟ ما شكلها وما وصفها؟ كيف تعامله؟ هل تحبه مثلما أحبه؟ تتصارع ذكريات الفراق والانتظار والبعاد إلى عقلها احدي عشر عام واليوم جاء لأصمم له عش الزوجية السعيد. تريد أن تهرب إلى أبعد مدى وأن تختفي إلى الأبد, أريد أن أهرب أكاد أختنق, أريد الصراخ لأخرج ما في قلبي من ألم ,كنت أحب ضوء القمر ولكن ذلك الخاتم الفضي بضوءه اللامع كنور القمر يكاد يخطف بصري لا أستطيع النظر, يتكلم يوسف ولكن هدى لا تسمع حرف. تملكها هذه الفكرة المجنونة أن تذهب لترى زوجته فالفضول يقتلها قتل لتعرف من هي التي ملكت قلبه وعقله وجعلته أسيرها كل هذه السنين.
هدى (جادة ) : أقدر أشوف الشقق امتى؟
يوسف : في الوقت اللي تحدديه, أنا فاضي ومش مرتبط بمواعيد والشقتين في عمارة واحدة و في نفس الشارع اللي فيه المكتب يعنى خمس دقايق مشى
هدى : بس لازم المدام صاحبة الشقة تكون موجودة "تضغط على الحروف وكأنها تريد الضغط على رقبة أحد" رأيها مهم
يوسف : صاحبة الشقة موجودة وهى اللي هتختار كل حاجة ما تقلقيش
هدى "ترفع سماعة الهاتف وتكلم السكرتيرة" : لو سمحتي قولي الباشمهندس على يجهز علشان عندنا معاينة دلوقتي وتغلق الهاتف
ت
غادر المكتب مع يوسف وعلى يمشى يوسف ويتحدث مع الباشمهندس على وتسير هدى فى الخلف ترتدى نظارتها الشمسية لتخفى عيونها الزائغة التي توشك على البكاء, تتحدث مع نفسها "لهذه الدرجة لا أعنى له شئ يختارني لأصمم ديكور منزله مجرد مهندسة بارعة, كذب قلبي واحساسي عليا سنوات طويلة, ماذا فعلت بنفسي لماذا لم أعتذر؟ أعذب نفسى بنفسى, وصل بي الجنون لأقابل زوجته وأرى نظرة الحب ترقص في عينها وهو يبتسم لها ويخططان لمنزلها الجديد ويرسمان الآمال والأحلام, لا أستطيع الاستمرار سأنسحب بسرعة, أخترع أي سبب وأعود للمكتب" وعندها
يوسف : اتفضلوا وصلنا, الشقتين في الدور الرابع
هدى تخطو بصعوبة وكأنها تتقدم لتلقى حتفها
يوسف "يتوقف ويخرج مفتاح ويفتح ويدخل دون استئذان": دي العيادة
تدخل هدى بترقب تتفحص جميع الحجرات, لا أحد بالمكان ولا يوجد غير بعض الأجهزة الطبية
يوسف : اتفضلوا نشوف الشقة التانية
تتسارع دقات قلبها ويصفر وجهها ويخرج يوسف المفتاح ويفتح الباب ولكن لا أحد يستقبلهم, أين هي؟ تعاين الحجرات
هدى "بنفاذ صبر": مش قلت صاحبة البيت موجودة,هي فين؟
يوسف أشار إلى باب مغلق واتجه ليفتح الباب : اتفضلي
تدخل هدى الحجرة بخطى بطيئة, الحجرة مرتبة ونظيفة بها سرير صغير ودولاب ومكتب وحامل للرسم عليه صورة فتاة جميلة أنيقة ترتدي تنورة بنية وسترة مربعات تدقق النظر, أعرف هذه الفتاة وترفع عينها لترى صورة أخرى لوجه برئ يحمل ابتسامة جميلة ونظرة خجولة, لا تكاد تصدق عيناها إنها صورتها هي, تنظر في ذهول ليوسف وتثبت عيناها على الخاتم وتحرك عينها بين الخاتم والصور ويوسف, تتصارع الأفكار في رأسها, يبتسم يوسف ويخلع الخاتم من أصبعه ويعطيه لها تمسكه وتتفحصه مكتوب عليه أرقام وحروف, زاغت عيناها ولا تستطيع القراءة فتحاول جاهدة أن تقرأ الحروف يظهر حرف الهاء والدال والياء بصوت خفيض "هدى 9/11/1998" تنظر ليوسف وعيونها تحمل عشرات الأسئلة.
يوسف "ينظر إلى عينيها الحائرة وبصوت هادئ: "أنت صاحبة البيت وملكة قلبي وعقلي وروحي .والتاريخ اللي على الخاتم تاريخ أول يوم شوفتك فيه وسكنت جوة قلبى.
