رواية العنود والغول الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم رباب عبدالصمد
البارت الثانى والعشرون
......
فى ذات الوقت كانت راجية قد قاطعت اكرم نهائيا وباتت منعزلة عنه تماما فلم تعد تنام فى غرفتها بل وجاهدت بشتى الطرق الا تراه فى اى مكان فى البيت وجاهدت كبريائها على التصميم وكذبت على نفسها من انها لم يعد يهمها ولم تعد تحبه وفى حقيقة الامر كان هذا هروب منه اليه فلم تكن تقضى وقتها وهى بعيده عنه الا وهى تفكر فيه وتفكر كيف يقضى وقته وهل عاش ايامه وقد نساها بغيرها وقد اعتقدت ان هذا هينا عليه ان يجد غيرها ولكا لا وهو كل يوم مع حب جديد
لكنها لم تعلم ان مجحرد تخبطة من انثى الى اخرى ما هو الا ضياع وبحث عن حبها فيهن ولكنها لم تفهمه كما لم يفهمها هو فكلاهما كان يحب الاخر ولكنهما اساءوا فهم بعضهما البعض فاضاعوا الحب بينهم
كذلك كان حال اكرم بل كان اكثر منها فكان قد اشتاق اليها وعلى العكس مما كانت تتوقعه منه فقد انغلق على نفسه ولم يكلم اى انثى وكانما حبه لها هو من كان يملا قلبه سعادة مما يجعله يستطيع ان يتحدث مع الاناث بكل رحابة ومع اختفاءها اظلم قلبه فلم يعد قادر ان يعطى اخرى اى حب
اكرم ايضا كان مخطىء فى فهم مشاعر راجية وتقديرها فاضاعها منه
......
ما ان وصل وليد وعنود الى منزل الغول الا وترجلا سويا وقد سمع ادريان قدومهم فركض نحوهم وما ان راى عنود الا وبدا يستقيم على رجلين ويتحسسها بالاخرتين
ابتسمت عنود له ولكن ابتسامتها كانت حزينه فها هى الان مع وليد وبعد لحظات سيتركها
شعر بها ادريان فنبح نبح حزين فنظر وليد اليه ثم اليها وقال انه لوفى لكى حقا فشعر بما تشعرين
عنود بكبر: وما بى انا فانا على اتم حال
كان يتمنى ان تقول له تراجع وهيا بنا نعود الى غرفتنا الدافئة ولكنها لم تفعل فسكت بدوره عن الكلام
خرج لهما مراد ورحب بهما وقبل عمر الذى بدا يستيقظ وما ان راى ادريان الا وهم والده ان ينزله ليلعب معه
العجوز : لم اتصور ان بيتى المهجور هذا سينعم يوما بدفء العائلة والاطفال
ابتسمت عنود نصف ابتسامة وبدا جسدها يرتعد وكان الحرارة قد اعتلته من شده خوفها من لحظة مغادرة وليد
استاذنت منهم لتذهب الى غرفتها فهى لا تحب لحظة فراق ولكنها لم تقل ذلك
اذن لها العجوز بيديه لتدخل بينما ظل هو ووليد فى الحديقة
العجوز : انها هربت من لحظة الوداع
وليد بضيق : ولماذا تهرب ان كانت هى صاحبة الرغبة فى البعاد
العجوز : هى اخذت قرارها بغيرة انثى وليس بعقلها ولكن ما يذهلنى هو انت فكيف لم تعد قادر ان تسيطر على حالك هكذا
نظر له وكاد ان يبكى : كيف اسيطرعلى حالى وانا اعلم انها ليست بخير انا احبها ايها الرجل اتعرف كيف احبها ؟ اتعرف ما لوعتى الان وانا اتركها وحيدة هكذا واعلم تمام العلم انها تحتاج الى ؟ اتعلم كيف هى نار غيرتى وانا اتركها بعيدة عن حضنى فانت لم ولن تشعر بما تفعله فى تلك الصغيرة فانا اعترف وقد نضجت بما فيه الكفاية انى افقد كامل رشدى وهى جوارى بل بمجرد وجودها فى المكان حتى وان لم اتحسسها بيدى فيكفينى شعورى بدفئها فى المكان
اخذ نفس عميق لعله يطفىء نار شوقه فقال له العجوز بجدية : ياويل نفسك من عشق رجل ناضج لانثى يافعة تتغنى بالانوثة
خلل خصلات شعره باصابعه وهو يشد عليها لينفس عن توتره ثم استاذنه ليذهب اليها ليودعها
كانت هى السة على طرف الفراش متوتره وقد مزقها الشوق اليه ولم تعلم ان وليد لازال موجودا فقامت وبدلت لعمر ملابسه ونيمته فى الفراش وهمت ان تخلع هى ملابسها فاول ما خلعت كان حجابها ثم بلوزتها واذا بوليد يفتح عليها الباب على حين غرة فما كان منها الا شهقت بصوت عالى وبدون اى انتباه منها اول ما نطق لسان حالها نطق باسمه وهى لا تعلم انه هو من اقتحم عليها الغرفه فنادت وليد وركضت نحوه بسرعة واختبات فى صدره
شعر بها فضمها بسرعه وخوف وقد اغمض عينيه فقد وصل به الشوق الى ذروته ولانها كانت اقصر منه بكثير فمال براسه يستنشق عطرها فتنبهت هى لحالها وكانت لا تقل عنه توتر فابتعدت بسرعة عن صدره ولفت جسدها ببلوزتها وقالت : اعتذر لتهجمى اليك هكذا ولكنى اعتقدته سليم
اقترب منها ثانية وقال : ولكن لسان حالك لم ينطق الا بمن تشعرين معه بالامان اليس كذلك ؟
تلعثمت فقد شعرت انه يوترها وبدات ترتد عنه مبتعدة فعاد يقول بجدية : كيف تخلعين عنك ملابسك وانتى بابك غير مغلق
قالت معتذرة : ظننتنى انى لازلت فى بيتك
تالم للكلمة وقال : هل ستتحملين فراقى ؟ الن تشتاقى الى احضانى ؟
كادت ان تنطق وتقول : انا اشتاق اليك وانت بين يدى وكم ادمنت عطر انفاسك ولكنها عاندت ولكن عنادها لم يعدم شعورها بالحنين فبكت فى صمت حتى بللت دموعها وجنتيها فمد يده يمسحها فنظرت اليه بصمت وكانها تعاتبه وعندما شعر بتوترها قال : لن انام الا على صوتك فان اردتى بى ترفقا فاسمعينى اياه واعلمى انى رجل كل عملى فى لسانى وعقلى وطيلة السهر تشل كلاهما
ابتعد عنها مغادرا اياها وقد تذكر سليم فعاد ونظر اليها وقال : انتبهى لحالك واغلقى عليكى بابك واحذرى غيرتى فانها عمياء
صمت قليلا ثم عاد يقول : لن اتحمل بعدك ولن اتحمل ان اراكى يوما غريبة عنى فكم تخيلتك وقد افترقنا وقد رايتك صدفة فى الطريق فلم اتحمل ان اكمل حتى الخيال وانا بعيدا عنكى وقتها دار حديث بينى وبينك وكانما حقا افترقنا فوجدتنى اموت قهرا
صمت وكان الحوار الذى تخيله مع نفسه قد تجلى مرة اخرى امامه فراى نفسه امامها وقد اصبحت غريبة عنه ودار بينهم الحوار التالى ( وبعد فترة قابلها صدفة وهم بين الناس فتكلمت هى بصوت حزين وسالته كيف حالك فقال حبيبتى بعدك عايش بموت وبعدها سكت الكلام واختفى الصوت وسط الزحام وتحدثت الاحداق وقالت اهذا فراق اخر ليس بعده رجوع
صارت قلوبهم تبكى الما وشوقا وكلاهما يحكى ما فات بصمت مقهور كل لحظة مرت من الذكريات
ظل ينظر اليها ويريد ان يطيل النظر تمنى ان مد يده يتلمس كفها تمنى لو ضمها فقد اشتاق عناقها لكن الفراق طعمه مرير وسنين الالم تمر من بينهم تمزق ابدانهم ولكن حان الاوان وانتهى الكلام وحتى انتهت النظرات وانتهى المشهد بالفراق الاخير )
انتبه من خياله وركض نحوها بسرعة وضمها فبكت بحرقة فى صدره بينما زاد هو من عناقها وقال بصوت رجولى يهمس اليها : لن اتحمل قلت لكى لن اتحمل
بينما ابتعدت هى عنه واخذت تتحسس وجهه ولحيته وقالت بدموع ولا انا ايضا اتحمل ولكن بينى وبينك ولاء وانا لى قلب واحد وجسد واحد فانا انسان و احد ولست بنصف انسان فكيف اعيش معك وانا بنصف المشاعر وبنصف القلب فاما ان اكون كاملة فى حياتك واما الانسحاب وان كانت غيرتك عمياء فانا غيرتى غيرة انثى واياك من حرقة قلب انثى منغيرتها ولهذا اشفقت عليك وعليها منى
لست بقوية حتى اتحمل نوء عقلى وقلبى وانا اتحسس اللقاء
لست بشجاعة لارى فى عينيك شوقك لها وندما على حب طاهر فات
لست بقوية لارى همساتكم دون ان اسمعها فكلاكما كانت يهمس بكلمات ربما عادية للناس ولكنها كانت تخبر بمدى حبكم اللامع فى الاحداق
حبك لها جاء وقت الصفاء وحبك لى جاء وقت الاضطراب فسار حبها متمكن وسار حبى هباء
حبك لها كان بعمق احساسك وحبك لى كان بعمق عقلك وكلاهما مختلفات
انت لم ترى افصاح وجهك عن شوقك لها ولكن عينى رات مالم تراه انت
ادمعت عيناها اكثر وقالت : كم صرخ جوفى يريد الافصاح عن حبك ولكنى كنت اكتمه بالصراخ لعل الصراخ يخيفه من الافصاح ولكنى وجدت ان بصر عينى كان فضاح فاباح بما كتمته بالصراخ
فبالله عليك اخبرنى الان لما كنت انا اتعس الناس ولما كل من كتب عن الحب باجساس كان اتعس الناس ؟
لما كل من امتلك بشقة ثروة العشق ينام افقر الخلق ؟
هل العيب بالنبض والاحساس ام العيب فى الخلق والناس ؟
بربك اخبرنى لعلى اجد فى جوابك الخلاص
الصق جبهته بجبهتها فاخذ نفس عميق ولكنه ابتسم ابتسامة عذبة عندما وجدها بتلقائية قد تنفست النفس المرتد منه فقال لها هامسا : لقد اجابتك انفاسى بمدى شوقى وخبى لكى ولوعتى دونك اما ما قلتيه فقد ظلمتينى لانى الرجل ان احب فهو يحي بكامل اعضاءه وليس بقلبه وان شعرتى بنبض اعضائى التى تضمك الان لعرفت اسم من احب واهوى
ساد الصمت بينهم للحظات وهما على نفئ الوضه حتى حاوطها اكثر وضمها حتى شد عناقه حتى رفعها من على الارض وتشبثت هى به وضمته وبكت باستسلام
قال لها معاتبا لما دوما ما تعشقين كسرتى امامك لما لم تتمسكين بى وتشعرينى انى عندك كل ما لكى فاكثر ما يكسر الرجل ليس اعتراف الانثى علنا انها لا تحبه بل ما يكسره ان تعترف امامه فقط بانه لا يحبها فهذا اوجع له لانها تعترف صراحة انها لم تشعر بما يكنه لها فيشعر بدوره بالعجز لانه كان قد قدم لها كل ما يملك
وكانه جندى استنفذ كل رصاصته فى حمايتها وعندما انتهت رصاصاته واصبح عاريا قالت له ويحك لما لم تدافه عنى
صمت قليلا ثم عاد وقال لها : دوما ما اعلم ان الحب تضحيات لكن سؤالى لكى الان وانا قد جعلتك يوما بعضى وكلى فماذا فعلت انتى غير انك تواريتى فى نبضى واختفيتى خلف رداء حبى ولم تفعلى سوى ان دفنتى راسك حينما بدات المواجهات وانتى تعلمين ان هناك لابد من مواجهات
ماذا فعلتى غير الاستكانة لضعفك وقد اعتقدتك تختفين فى لتدينى بالمدد والامان فوجدتنى عاريا وانتى تعاتبينى فكيف لك ان تلومى جنديا استنزف طلقاته حتى اخر رمق مدت يدها وامسكت قميصه لتلتصق فيه اكثر وقالت اتركنى هنا حتى ميعاد الحفلة
قال لها وقد انزعج من تصميمها : لقد اخر مراد الحفلة عن موعدها فلما تنتظرين هنا
قالت : اتركنى ولا تسال الا بعد العوده
تمسح بوجهه ولحيته بين كفوفها ثم ابتسم لها وقال : لكى ما شئتى المهم انى فزت بوعد عودتك
.......
غادر وليد ونامت عنود ليلتها وهى مرتاحة نسبيا ولكنها لازالت قلقة من شىء اخر فقامت وعدلت من حالها واحكمت روبها على جسدها واطمانت من وضع حجابها ثم خرجت تتجول فى الحديقة بصحبة ادريان الذى لازمها ولكنها ارتعدت على اثر صوت سليم يقول لها : مرحبا بعنودتنا الجميلة
ارتعدت وانتبهت لصوته من خلفها وردت بتلعثم : اهلا بك
عاد يتحدث اليها ويقول : لم اراكى جميلة هكذا قبل اليوم
نظرت له بشمئزاز وقالت : لانك كنت فى البداية ترى بعين الحقيقة اما اليوم فعيناك ترى بعين الشيطان
نظر لها وهو مقتضب الحاجبين وسالها ماذا تقصدين ؟
قالت له بحدة : لقد كانت عيناك قديما لا ترى الا من تحبها لانك كنت تحب حب حقيقى والحب الحقيقى يعمى عيناك عن غير من تحبها
فهم ما تقصده فاسود وجهه من الضيق ولشعوره بالنداله وود ان يعترف لها انه لا زال يحب عبير ولكن ليس لديه الشجاعة لكى يعود اليها لكنه فى نفس الوقت اراد ان يتقرب من عنود ولكنه لا يعرف ما السبب هل هو اعجاب بها ام هو مجرد ملأ فراغ ام لانها الوحيدة التى كانت قريبة من عبير وهو يود ان يتحدث عنها مع احد هو نفسه لم يعرف لما الح ان يتحدث معها على الرغم من انها صدته اكثر من مرة وقضبت معه الحديث
اخيرا عنود استاذنت منه وعادت الى غر فتها
وفى الصباح حاول مرة اخرى نفس الشىء ولم يجد منها الا نفس الشىء كذلك
كان مراد قد استيقظ وما ان راته عنود الا وابتسمت له وقالت : لقد اعدتت الفطور
ابتسم لها بعد ان القى تحية الصباح وهمت ان تذهب لتاتى بالفطور الا انها عادت وسالته : هل اجلت الحفلة من اجل ما اتفقت معك عليه ؟
رفع مراد العجوز يده كالمستسلم وقال : بالطبع ولكنى اخشى ثورة وليد
عنود : انا افعل هذا لاجله قبلى
مراد : جهزى حالك سنذهب بعد الفطور لاجراء التحاليل والفحوصات
بالفعل اتما فطورهما وذهبت معه الى المركز الطبى ومعها عمر وما ان دخلت الا ووجدت السيدة العجوز وهى تجلس بجوار غسان وتطعمه بيدها وتحنو عليه وكان الله عوضها به عن ابنها الذى فقدته بالبعد
ابتسمت عنود اليها وتقدمت نحوها وسلمت عليها وقبلتها واستقبلتها السيدة بحضن حنون واشارت على غسان وعرفتها به وبالطبع عنود قد عرفته من قبل ولكنها لم تصرح
دعتها السيدة للجلوس فاعتذرت عنود وقالت انها جاءت لاجل عمل بعض التحاليل والفحوصات
..........
انهت عنود ما طلبه منها العجوز وقال : هكذا سنجرى العملية فى الغد ونحن مطمانين ولكن علينا ان نغادر حالا قبل ان ياتى وليد والا لا نتوقع ماذا سيكون رد فعله
ما ان اتى وليد الا ومرعلى المرضى دون ان يعرفون انه هو الطبيب المعالج لهم ولما كانت السيدة قد اعتادت ان تراه ويتحدث معها وكانه مجرد موظف فحكت له عن بداية قبول الشاب لها وعند بداية تعبه من الابتعاد عن جرعات المخدرات ولكن لديه ارادة فهو يساعدها كذلك فهى تعطيه العطف والحنان اللذان يفقدهما وهو يعطيها الشعور بانه ابنها فكلاهما كمل ما ينقصه من الاخر
ودون ان تدرى حكت له عن عنود فما ان علم انها كانت هنا وتجرى بعض الفحوصات الا واستاذن من السيدة ودخل مكتبه وقد اتصل بها وهو متوتر وقلقا عليها
ردت عليه بهدوء وسالها ولكنها انكرت انها جاءت من الاساس وهذا بدوره اشعره ان هناك خطب ما
ما ان اغلق الا وجاءته رسالة منه بصفته الغول وما ان قراها الا واشتعلت الغيرة فيه فقد كانت تتحدث معه من ضيقها من افعال سليم
اغلق الرسالة دون حتى ان يرد وذهب اليها وبه عصبيه العالم
ما ان راته الا وتوترت من مظهره وظنت انه تاكد من انها كانت تكذب عليه بشان ذهابها للمركز فاقترب منها وقد ابتعد ادريان عنهما فقد شعر بعصبيته بينما كانت هى تلعب مع عمر الذى ما ان راه الا وركض نحوه
حمل الطفل وقبله و همس له بان يذهب ليلعب مع ادريان دون ان تسمع هى ما قاله ولكنها كانت خائفة منه فاقترب منها وامسكها من يدها وسحبها معه نحو غرفتها
.......
عند عبير
استيقظت من نومها وارتدت ملابسها وذهبت الى احدى الشركات لتقديم طلب وظيفة فقد بدات اولى خطواتها فى التخطيط لاجل مستقبلها والبعد عن تبعيتها لسليم لاجل ان تحرر
.....
اما عند هبة فقد بدات هى الاخرى تعود الى حياتها الجميلة التى افنتها بيديها وبدات تبحث عن كثير من الكتب لتنمى ثقافتها وبدات تاخذ دورات فى فن التعامل مع الاطفال ودورات كيف تعتنى باطفالها وكيفية التعامل معهم
فى حين انها بدات تهتم كذلك بملابسها وزينتها
بينما كان احمد هو الاخر يعيد تخطيط حياته ليوفر اكبر قدر من الوقت لبيته ليهتم بزوجته واولاده وبدا يشاركها فى كثير من مشكلاتها مع اولادها
............
عند راجية فقد ازدادت نفورا من زوجها خاصة بعدما جائتها رسالة من رقم غير معلوم يخبرها انه الان فى رحلة غرامية مع اخرى ثم ارسلت لها بصور تجمعهم معاً
فلم يزدها هذا الا تذمرا من اخلاقه وبالبحث وجدت ان هناك علبة قد اخباها فى مكتبه بها زجاجة عطر انثوى من النوع افاخر ومغلفة باطار شيك
خرجت وهى كارهة لنفسها لانها تحملت مثل هذا الرجل فى حين اناكرم نفسه كان يتنعم مع فتاته ولكن بداخله شعور بتانيب ضمير محمولا بشوق ناحية راجية
اذا فلماذا يفعل هذا
هذا سيكتشفه وليد فيه
.......
دخل وليد وعنود غرفتها و هى ترتعد قلقا من منظره الثائر وعندما اغلق باب الغرفة عليهما استوقفها وهو يحتضن وجهها بقلق : ماذا بكى ولما اتيتى الى المركز هل كنتى تودين الحديث معى عن سليم وتراجعتى ام كان بك شىء
شعرت بالتوتر الواضح على ملامحه وانبسطت اطرافها اذ ان ما به لم يكن عصبية وثوره ولكنه كان قلقا وحبا وغيرة
نظرت له وقالت بتلعثم وما دخل سليم بنا ؟ ثم انى فى احسن حال امامك الا ترانى جيدا ؟
بدا يتنبه انه اقحم سليم فى الحديث ومن المفترض انه لا يعرف شىء فتراجع وقال شعرت ان هناك ما يقلقك وانا لا اكذب شعورى مهما كان
قالت له بابتسامة متوترة : لا تخشى على شيئا فانا فى احسن حال
ودت ان ارتمت فى صدره واعترفت ولكنها انتظرت وتحاملت لحين اجراء العملية
قال لها قبل ان يغادر : ان حاول سليم ان يتقرب اليك باى طريقة ابلغينى وانا ساعرف كيف اتصرف
قالت له بياس : لا تقلق لن ينظر الى غيرك فانا لست كاى انثى اطيب لاى رجل
نظر لها نظرة كذب كلامها فيها وتركها ورحل
مر اليوم وفى المساء وهى جاسة فى سريرها شاردة فى الغد وجدت هاتفها يرن فابتسمت عندما وجدت اسمه وما ان ردت الا انها لم تسمع منه رد بل سمعت اجمل لحن عذب من عوده فسرحت بخيالها فكم كانت الالحان هادئة تسلب لب الفؤاد وما ان انتهى الا واتبعها بصوته الرخيم يقول لها لعل نغماتى عبرت عما يجيش فى صدرى وانا اتنفس عطرك جوارى وانتى لستى جوارى
تركته يخرج ما فى صدره دون ان تنطق ولكها تنبهت من سرحانها وقالت : ويحك لعل كل من عندك سمعك بسبب علو صوتك
قال لها : لا يهمنى فليسمع من اراد ان يسمع
عادت وسالته بجدية : ما هو شعورك ان اصبحت اسمع صوتك الطبيعى بل وهمساتك ؟
قال لها : ساسمعك وقتها دقات قلبى فهى التى تنطق الحق او ربما همس صوتى بما لم استطيع التفوه به عاليا ولكن فى النهاية ستسمعين منى ما يسر قلبك واذنيكى
ابتسمت له وقالت : اذاً اتركنى انام الان على تلك الكلمات لاصاحبها معى فى نومى
.......
استيقظ فى اليوم التالى وليد متاخرا حتى فاتته المحاضرة الاولى فانقبض قلبه وقال : ما الذى حدث فلم اسمع اى صوت فقد غطيت فى نوم عميق حتى كدت انفصل عن العالم وامسك بهاتفه ليرى كم اصبحت الساعة بالضبط فوجد رسالة من عنود فابتسم واعتقد انها تراسل الغول لكنه صدم وشهق وجحظت عيناه وهو يقرا الرسالة
فقد كتبت له عنود ( عزيزى الغول لما كنت انت الوحيد الذى اتحدث معه بكل ما يدور فى صدرى دون خجل او خوف فانا اليوم وفى هذه الليلة على الاخض قد شعرت بمدى اهمية اجراء العملية وقد اجريت كل الفحوصات اللازمة وفى الصباح ساجرى العملية لعلى انعم بهمسات وليدى دون ان يسمعنا احد
وكم اتمنى ان ترى الان بشاشة وجهى وانا اكتب لك فقد استمعت الان الى صوت وليد العذب والحانه وما اجمل ان اناه على اعذب صوت تخيلته وتخيلت ان اسمعه هامسا . اتمنى دعواتك )
قام من فراشه مفزوعا وارتدى ملابسه على عجل ونزل حتى انه لم ينتبه لنداء والدته لاجل تناول فطوره مما جعل ولاء تتعجب فركضت خلفه وهى خائفه عليه ولحقت به وهو يركب سيارته فنادت عليه وسالته لما تلك العجلة فرد عليها دون ان يدرى انها تجذبه من ذراعه تستوقفه وقال : عنود الان تجرى عملية زراعة قوقعة
فشدت من قبضتها على ذراعه وقالت بحدة من شدة غيرتها فقد شعرت ان حال عنود سيتقدم وستمنع عنها التلصص : اتركها يا وليد تفعل ما تشاء فانت لى مهما حصل وانت تحبنى مثلما احبك فاتركها تواجه مستقبلها مع اى رجل اخر وربما سليم بدا يشعر بها فاتركها له
هنا صدم ووقف مكانه ونظر لها نظرة اخافتها فقد شعر انها سمعته وهو يحادث عنود امس وقال لها وهو ينزع يدها عنه بقوة : انتى انانية ولا تعرفى كيف هى عنود بالنسبة لى فهنود هى الحياة بل هى شريان الحياة لى واياكى ان تكررى اسمها مرة اخرى مقرونا باسم رجل غيرى والا لن ارحمك والافضل لكى ان اردتى ان تذكريها فقولى عنودة وليد فهذا اكرم وارحم لكى من اذيتى فانا حتى الان امسك نفسى عن اذيتك لكن كله الا عنود افهمتى ؟
تركها وركب سيارته ورحل من امامها بسرعة كبيرة بينما هى صرخت غلا م اعترافه بحبه لعنود
وصل وليد بسرعة غير متوقعة الى المركز الطبى وبسرعة توجه لناحية قسم جراحة الاعصاب وسال عن الدكتور مراد او دكتور الانف والاذن لعل احدهم يدله على مكان عنود ولكنهم اكدوا له ان كلاهما مع مريضة فى غرفة العمليات فاسرع نحو الغرفة واخذ يطرقها بكل عصبية لعله يفلح فى الدخول مما اضطر مراد ان يرسل له احدى الممرضات
وكان هذا من حظها السىء انها واجهته فى تلك اللحظات فما ان راها الا وجذبها من ملابسها وقال بحده وهو يميل بوجهه نحوها : كيف حالها ؟
قالت الممرضة وهى ترتعد فى يديه : اهدا سيدى فقد ارسلنى الدكتور مراد لان اخبرك بانها فى احسن حال وان العملية تجرى بكل بساطة لكن عصبيتك تلك توتره وتجعل حياتها هى فى خطر فارجوك التزم الهدوء
لم يدرى بنفسه الا وهو يزيح الممرضه عنه محررها من بين قبضته وابتعد ولكن الممرضة كانت قد سقطت ارضا من شدة الدفعة
اخذ واقفا خلف باب غرفة العكمليات وقد اصبح جسده وعينيه متصلبه نحو الباب
مرت نصف ساعة اخرى وكانها نصف قرن من الدهر وكان العجوز فى الداخل يحمل هم مقابلة وليد وهذا ما توقعه وتخيله وبالفعل ما ان انفتح باب غرفة العمليات الا وصدم عندما وجد قبضتى وليد امسكتا به وبدكتور الانف والاذن وقال وهو يضمهما نحوه ويهزهما بعصبية : ادعوا الله الا اعثر عليكما فى تلك الدنيا ان حدث لها اى مكروه
ارتعد طبيب الاذن من تهديد وليد ولكن حالته لم تسمح له ان يرد عليه تهديده بينما جحظت عينا العجوز وقال متعجبا : اتهدننى انا ايها التلميذ ؟
رد وليد عليه : كله الا النفس ايها الطبيب فهى نفسى وانت قد ابتعدت عن الجراحة من زمن فمن يضمن لى انك لم تخطىء ؟
ظل العجوز مصدوما من كلامه ولكنه شعر بارتعاد وليد على الرغم من انه لازال قابضا عليهما بيديه فحاول ان يمتص قلقله وقال بهدوء : اهدأ ايها التلميذ النجي فمراد العجوز لازال كما كان اكبر جراحى الاعصاب ثم ان عنود ابنتى ايضا هل نسيت ذلك
ابتعد وليد عنه ليس لانه اطمان من كلامه ولكن لانه وجد الممرضات يسحبن عنود ناحية غرفتها وانها لازالت لم تفيق بعد
ابعد عنها الممرضات وسحبها بنفسه ورفعها كذلك بنفسه ولم يقبل ان يلمسها غيره وجلس جوارها يقبلها بقلق عليها ويقلب فى جسدها لعل اصابها مكروه وظل حاضنا كفها حتى بدت تفيق وتعود الى وعيها فوجدته بجوارها فابتسمت وقالت له وهى لا تزال بين الافاقة والاغفاء : الان اسمع همساتك دون اى حاجز انا احبك يا وليدى
ضحك بدموع عليها وانحنى وقبل راسها وقال لها : انتى فى عيني جنه على ايه حال فلما عرضتى نفسك للخطر دونى ؟
مرت حوالى ساعة حتى استعادت عنود وعيها كاملا وتعجبت لوجوده بجوارها فسالته بصوت خافض : من اخبرك
لم يضع لهذا السؤال اى حسبان فهو كان يتحرك ويتصرف بقلبه وقد نحى عقله جانبا
تنبه وقال بتلعثم وكانه يبحث عن اجابة : انه العجوز ه من اخبرنى فى ذات الوقت دخل العجوز فابتسم لها وقال : كنت سالقى بحتفى على يد زوجك فما ان علم الا وجاء ليقتلنى من شدة خوفه عليكى
حركت اناملها المحضونه فى كفه فتحسست كفه فشد عليها وابتسم وبيده الاخرى اخذ يمسح عن شعرها المتعرق الذى قد التصق بجبينها
ابتسمت للعجوز وقالت : اعتذر منك بدلا منه ولكنى قد طلبت منك الا تخبره فلماذا اخبرته اذا ؟
فهم العجوز ان وليد قال ذلك فقال : قلت له لانى لن اتحمل نتيجة تصرفه ان علم بعد اجراء العملية
قالت له : ولكنى لازلت لا اسمع جيدا
رد الغول وقال : لا انتى تسمعين ولكن هناك مستويات اخرى للسمع وسارفع من مستوى الجهاز كل فترة فلا يصح ان ارفع الصوت كليا مرة واحدة والا اصبتى بالصمم الكلى
ردت بياس وقالت :ولكنى اريدك ان ترفع من مستواه الان فانا متوقة لاسمع وليد بصوت طبيعى
مسح وليد على راسها وقبل جبينها وقال : وليد جوارك ولن يتركك وسيسمعك ما تتمنيه ولكنه لا يريد منكى ان تؤذى نفسك
ابتسمت وتقبلت الموقف
مر يومان وتحسنت حالة عنود وخرجت من المستشفى وعادت الى بيتها وغرفتها الجديدة فى بيت وليد
فتحت هاتفها لتجد رسالة من الغول : قرة عين الغول لقد حزنت من قرارك لانكى اتخذتيه بمفردك وهذا اول مرة تقررين شىء دون مشاركتى معكى وكم كنت ساجن لانى اردت احتضانك وتقبيل اقدامك والتوسل بان تتمسكى بالحياة لتعودى الي فقد اصبحت حياتى مرتبطة بكى وان كنتى انتى لا تشعرين بهذا فيكفنى ان اشعر انا به وارجوا الا تنزعجى من كلماتى هذه فانا اعبر فقط عما بداخلى ولكى ان ترميها خلف ظهرك ولكن كان عليكى ايضا ان تعطى لى الفرصة ان اعبر عن حبى اليائس
جنتى الصغيرة حمدا لله على سلامتك واعتذر منكى على تجراى ولكنها مشاعر لم استطع كتمانها ادام الله عليكى سعادتك مع زوجك وهنيئا لكى ما تمنيتيه
......
فى ذات الوقت كانت راجية قد قاطعت اكرم نهائيا وباتت منعزلة عنه تماما فلم تعد تنام فى غرفتها بل وجاهدت بشتى الطرق الا تراه فى اى مكان فى البيت وجاهدت كبريائها على التصميم وكذبت على نفسها من انها لم يعد يهمها ولم تعد تحبه وفى حقيقة الامر كان هذا هروب منه اليه فلم تكن تقضى وقتها وهى بعيده عنه الا وهى تفكر فيه وتفكر كيف يقضى وقته وهل عاش ايامه وقد نساها بغيرها وقد اعتقدت ان هذا هينا عليه ان يجد غيرها ولكا لا وهو كل يوم مع حب جديد
لكنها لم تعلم ان مجحرد تخبطة من انثى الى اخرى ما هو الا ضياع وبحث عن حبها فيهن ولكنها لم تفهمه كما لم يفهمها هو فكلاهما كان يحب الاخر ولكنهما اساءوا فهم بعضهما البعض فاضاعوا الحب بينهم
كذلك كان حال اكرم بل كان اكثر منها فكان قد اشتاق اليها وعلى العكس مما كانت تتوقعه منه فقد انغلق على نفسه ولم يكلم اى انثى وكانما حبه لها هو من كان يملا قلبه سعادة مما يجعله يستطيع ان يتحدث مع الاناث بكل رحابة ومع اختفاءها اظلم قلبه فلم يعد قادر ان يعطى اخرى اى حب
اكرم ايضا كان مخطىء فى فهم مشاعر راجية وتقديرها فاضاعها منه
......
ما ان وصل وليد وعنود الى منزل الغول الا وترجلا سويا وقد سمع ادريان قدومهم فركض نحوهم وما ان راى عنود الا وبدا يستقيم على رجلين ويتحسسها بالاخرتين
ابتسمت عنود له ولكن ابتسامتها كانت حزينه فها هى الان مع وليد وبعد لحظات سيتركها
شعر بها ادريان فنبح نبح حزين فنظر وليد اليه ثم اليها وقال انه لوفى لكى حقا فشعر بما تشعرين
عنود بكبر: وما بى انا فانا على اتم حال
كان يتمنى ان تقول له تراجع وهيا بنا نعود الى غرفتنا الدافئة ولكنها لم تفعل فسكت بدوره عن الكلام
خرج لهما مراد ورحب بهما وقبل عمر الذى بدا يستيقظ وما ان راى ادريان الا وهم والده ان ينزله ليلعب معه
العجوز : لم اتصور ان بيتى المهجور هذا سينعم يوما بدفء العائلة والاطفال
ابتسمت عنود نصف ابتسامة وبدا جسدها يرتعد وكان الحرارة قد اعتلته من شده خوفها من لحظة مغادرة وليد
استاذنت منهم لتذهب الى غرفتها فهى لا تحب لحظة فراق ولكنها لم تقل ذلك
اذن لها العجوز بيديه لتدخل بينما ظل هو ووليد فى الحديقة
العجوز : انها هربت من لحظة الوداع
وليد بضيق : ولماذا تهرب ان كانت هى صاحبة الرغبة فى البعاد
العجوز : هى اخذت قرارها بغيرة انثى وليس بعقلها ولكن ما يذهلنى هو انت فكيف لم تعد قادر ان تسيطر على حالك هكذا
نظر له وكاد ان يبكى : كيف اسيطرعلى حالى وانا اعلم انها ليست بخير انا احبها ايها الرجل اتعرف كيف احبها ؟ اتعرف ما لوعتى الان وانا اتركها وحيدة هكذا واعلم تمام العلم انها تحتاج الى ؟ اتعلم كيف هى نار غيرتى وانا اتركها بعيدة عن حضنى فانت لم ولن تشعر بما تفعله فى تلك الصغيرة فانا اعترف وقد نضجت بما فيه الكفاية انى افقد كامل رشدى وهى جوارى بل بمجرد وجودها فى المكان حتى وان لم اتحسسها بيدى فيكفينى شعورى بدفئها فى المكان
اخذ نفس عميق لعله يطفىء نار شوقه فقال له العجوز بجدية : ياويل نفسك من عشق رجل ناضج لانثى يافعة تتغنى بالانوثة
خلل خصلات شعره باصابعه وهو يشد عليها لينفس عن توتره ثم استاذنه ليذهب اليها ليودعها
كانت هى السة على طرف الفراش متوتره وقد مزقها الشوق اليه ولم تعلم ان وليد لازال موجودا فقامت وبدلت لعمر ملابسه ونيمته فى الفراش وهمت ان تخلع هى ملابسها فاول ما خلعت كان حجابها ثم بلوزتها واذا بوليد يفتح عليها الباب على حين غرة فما كان منها الا شهقت بصوت عالى وبدون اى انتباه منها اول ما نطق لسان حالها نطق باسمه وهى لا تعلم انه هو من اقتحم عليها الغرفه فنادت وليد وركضت نحوه بسرعة واختبات فى صدره
شعر بها فضمها بسرعه وخوف وقد اغمض عينيه فقد وصل به الشوق الى ذروته ولانها كانت اقصر منه بكثير فمال براسه يستنشق عطرها فتنبهت هى لحالها وكانت لا تقل عنه توتر فابتعدت بسرعة عن صدره ولفت جسدها ببلوزتها وقالت : اعتذر لتهجمى اليك هكذا ولكنى اعتقدته سليم
اقترب منها ثانية وقال : ولكن لسان حالك لم ينطق الا بمن تشعرين معه بالامان اليس كذلك ؟
تلعثمت فقد شعرت انه يوترها وبدات ترتد عنه مبتعدة فعاد يقول بجدية : كيف تخلعين عنك ملابسك وانتى بابك غير مغلق
قالت معتذرة : ظننتنى انى لازلت فى بيتك
تالم للكلمة وقال : هل ستتحملين فراقى ؟ الن تشتاقى الى احضانى ؟
كادت ان تنطق وتقول : انا اشتاق اليك وانت بين يدى وكم ادمنت عطر انفاسك ولكنها عاندت ولكن عنادها لم يعدم شعورها بالحنين فبكت فى صمت حتى بللت دموعها وجنتيها فمد يده يمسحها فنظرت اليه بصمت وكانها تعاتبه وعندما شعر بتوترها قال : لن انام الا على صوتك فان اردتى بى ترفقا فاسمعينى اياه واعلمى انى رجل كل عملى فى لسانى وعقلى وطيلة السهر تشل كلاهما
ابتعد عنها مغادرا اياها وقد تذكر سليم فعاد ونظر اليها وقال : انتبهى لحالك واغلقى عليكى بابك واحذرى غيرتى فانها عمياء
صمت قليلا ثم عاد يقول : لن اتحمل بعدك ولن اتحمل ان اراكى يوما غريبة عنى فكم تخيلتك وقد افترقنا وقد رايتك صدفة فى الطريق فلم اتحمل ان اكمل حتى الخيال وانا بعيدا عنكى وقتها دار حديث بينى وبينك وكانما حقا افترقنا فوجدتنى اموت قهرا
صمت وكان الحوار الذى تخيله مع نفسه قد تجلى مرة اخرى امامه فراى نفسه امامها وقد اصبحت غريبة عنه ودار بينهم الحوار التالى ( وبعد فترة قابلها صدفة وهم بين الناس فتكلمت هى بصوت حزين وسالته كيف حالك فقال حبيبتى بعدك عايش بموت وبعدها سكت الكلام واختفى الصوت وسط الزحام وتحدثت الاحداق وقالت اهذا فراق اخر ليس بعده رجوع
صارت قلوبهم تبكى الما وشوقا وكلاهما يحكى ما فات بصمت مقهور كل لحظة مرت من الذكريات
ظل ينظر اليها ويريد ان يطيل النظر تمنى ان مد يده يتلمس كفها تمنى لو ضمها فقد اشتاق عناقها لكن الفراق طعمه مرير وسنين الالم تمر من بينهم تمزق ابدانهم ولكن حان الاوان وانتهى الكلام وحتى انتهت النظرات وانتهى المشهد بالفراق الاخير )
انتبه من خياله وركض نحوها بسرعة وضمها فبكت بحرقة فى صدره بينما زاد هو من عناقها وقال بصوت رجولى يهمس اليها : لن اتحمل قلت لكى لن اتحمل
بينما ابتعدت هى عنه واخذت تتحسس وجهه ولحيته وقالت بدموع ولا انا ايضا اتحمل ولكن بينى وبينك ولاء وانا لى قلب واحد وجسد واحد فانا انسان و احد ولست بنصف انسان فكيف اعيش معك وانا بنصف المشاعر وبنصف القلب فاما ان اكون كاملة فى حياتك واما الانسحاب وان كانت غيرتك عمياء فانا غيرتى غيرة انثى واياك من حرقة قلب انثى منغيرتها ولهذا اشفقت عليك وعليها منى
لست بقوية حتى اتحمل نوء عقلى وقلبى وانا اتحسس اللقاء
لست بشجاعة لارى فى عينيك شوقك لها وندما على حب طاهر فات
لست بقوية لارى همساتكم دون ان اسمعها فكلاكما كانت يهمس بكلمات ربما عادية للناس ولكنها كانت تخبر بمدى حبكم اللامع فى الاحداق
حبك لها جاء وقت الصفاء وحبك لى جاء وقت الاضطراب فسار حبها متمكن وسار حبى هباء
حبك لها كان بعمق احساسك وحبك لى كان بعمق عقلك وكلاهما مختلفات
انت لم ترى افصاح وجهك عن شوقك لها ولكن عينى رات مالم تراه انت
ادمعت عيناها اكثر وقالت : كم صرخ جوفى يريد الافصاح عن حبك ولكنى كنت اكتمه بالصراخ لعل الصراخ يخيفه من الافصاح ولكنى وجدت ان بصر عينى كان فضاح فاباح بما كتمته بالصراخ
فبالله عليك اخبرنى الان لما كنت انا اتعس الناس ولما كل من كتب عن الحب باجساس كان اتعس الناس ؟
لما كل من امتلك بشقة ثروة العشق ينام افقر الخلق ؟
هل العيب بالنبض والاحساس ام العيب فى الخلق والناس ؟
بربك اخبرنى لعلى اجد فى جوابك الخلاص
الصق جبهته بجبهتها فاخذ نفس عميق ولكنه ابتسم ابتسامة عذبة عندما وجدها بتلقائية قد تنفست النفس المرتد منه فقال لها هامسا : لقد اجابتك انفاسى بمدى شوقى وخبى لكى ولوعتى دونك اما ما قلتيه فقد ظلمتينى لانى الرجل ان احب فهو يحي بكامل اعضاءه وليس بقلبه وان شعرتى بنبض اعضائى التى تضمك الان لعرفت اسم من احب واهوى
ساد الصمت بينهم للحظات وهما على نفئ الوضه حتى حاوطها اكثر وضمها حتى شد عناقه حتى رفعها من على الارض وتشبثت هى به وضمته وبكت باستسلام
قال لها معاتبا لما دوما ما تعشقين كسرتى امامك لما لم تتمسكين بى وتشعرينى انى عندك كل ما لكى فاكثر ما يكسر الرجل ليس اعتراف الانثى علنا انها لا تحبه بل ما يكسره ان تعترف امامه فقط بانه لا يحبها فهذا اوجع له لانها تعترف صراحة انها لم تشعر بما يكنه لها فيشعر بدوره بالعجز لانه كان قد قدم لها كل ما يملك
وكانه جندى استنفذ كل رصاصته فى حمايتها وعندما انتهت رصاصاته واصبح عاريا قالت له ويحك لما لم تدافه عنى
صمت قليلا ثم عاد وقال لها : دوما ما اعلم ان الحب تضحيات لكن سؤالى لكى الان وانا قد جعلتك يوما بعضى وكلى فماذا فعلت انتى غير انك تواريتى فى نبضى واختفيتى خلف رداء حبى ولم تفعلى سوى ان دفنتى راسك حينما بدات المواجهات وانتى تعلمين ان هناك لابد من مواجهات
ماذا فعلتى غير الاستكانة لضعفك وقد اعتقدتك تختفين فى لتدينى بالمدد والامان فوجدتنى عاريا وانتى تعاتبينى فكيف لك ان تلومى جنديا استنزف طلقاته حتى اخر رمق مدت يدها وامسكت قميصه لتلتصق فيه اكثر وقالت اتركنى هنا حتى ميعاد الحفلة
قال لها وقد انزعج من تصميمها : لقد اخر مراد الحفلة عن موعدها فلما تنتظرين هنا
قالت : اتركنى ولا تسال الا بعد العوده
تمسح بوجهه ولحيته بين كفوفها ثم ابتسم لها وقال : لكى ما شئتى المهم انى فزت بوعد عودتك
.......
غادر وليد ونامت عنود ليلتها وهى مرتاحة نسبيا ولكنها لازالت قلقة من شىء اخر فقامت وعدلت من حالها واحكمت روبها على جسدها واطمانت من وضع حجابها ثم خرجت تتجول فى الحديقة بصحبة ادريان الذى لازمها ولكنها ارتعدت على اثر صوت سليم يقول لها : مرحبا بعنودتنا الجميلة
ارتعدت وانتبهت لصوته من خلفها وردت بتلعثم : اهلا بك
عاد يتحدث اليها ويقول : لم اراكى جميلة هكذا قبل اليوم
نظرت له بشمئزاز وقالت : لانك كنت فى البداية ترى بعين الحقيقة اما اليوم فعيناك ترى بعين الشيطان
نظر لها وهو مقتضب الحاجبين وسالها ماذا تقصدين ؟
قالت له بحدة : لقد كانت عيناك قديما لا ترى الا من تحبها لانك كنت تحب حب حقيقى والحب الحقيقى يعمى عيناك عن غير من تحبها
فهم ما تقصده فاسود وجهه من الضيق ولشعوره بالنداله وود ان يعترف لها انه لا زال يحب عبير ولكن ليس لديه الشجاعة لكى يعود اليها لكنه فى نفس الوقت اراد ان يتقرب من عنود ولكنه لا يعرف ما السبب هل هو اعجاب بها ام هو مجرد ملأ فراغ ام لانها الوحيدة التى كانت قريبة من عبير وهو يود ان يتحدث عنها مع احد هو نفسه لم يعرف لما الح ان يتحدث معها على الرغم من انها صدته اكثر من مرة وقضبت معه الحديث
اخيرا عنود استاذنت منه وعادت الى غر فتها
وفى الصباح حاول مرة اخرى نفس الشىء ولم يجد منها الا نفس الشىء كذلك
كان مراد قد استيقظ وما ان راته عنود الا وابتسمت له وقالت : لقد اعدتت الفطور
ابتسم لها بعد ان القى تحية الصباح وهمت ان تذهب لتاتى بالفطور الا انها عادت وسالته : هل اجلت الحفلة من اجل ما اتفقت معك عليه ؟
رفع مراد العجوز يده كالمستسلم وقال : بالطبع ولكنى اخشى ثورة وليد
عنود : انا افعل هذا لاجله قبلى
مراد : جهزى حالك سنذهب بعد الفطور لاجراء التحاليل والفحوصات
بالفعل اتما فطورهما وذهبت معه الى المركز الطبى ومعها عمر وما ان دخلت الا ووجدت السيدة العجوز وهى تجلس بجوار غسان وتطعمه بيدها وتحنو عليه وكان الله عوضها به عن ابنها الذى فقدته بالبعد
ابتسمت عنود اليها وتقدمت نحوها وسلمت عليها وقبلتها واستقبلتها السيدة بحضن حنون واشارت على غسان وعرفتها به وبالطبع عنود قد عرفته من قبل ولكنها لم تصرح
دعتها السيدة للجلوس فاعتذرت عنود وقالت انها جاءت لاجل عمل بعض التحاليل والفحوصات
..........
انهت عنود ما طلبه منها العجوز وقال : هكذا سنجرى العملية فى الغد ونحن مطمانين ولكن علينا ان نغادر حالا قبل ان ياتى وليد والا لا نتوقع ماذا سيكون رد فعله
ما ان اتى وليد الا ومرعلى المرضى دون ان يعرفون انه هو الطبيب المعالج لهم ولما كانت السيدة قد اعتادت ان تراه ويتحدث معها وكانه مجرد موظف فحكت له عن بداية قبول الشاب لها وعند بداية تعبه من الابتعاد عن جرعات المخدرات ولكن لديه ارادة فهو يساعدها كذلك فهى تعطيه العطف والحنان اللذان يفقدهما وهو يعطيها الشعور بانه ابنها فكلاهما كمل ما ينقصه من الاخر
ودون ان تدرى حكت له عن عنود فما ان علم انها كانت هنا وتجرى بعض الفحوصات الا واستاذن من السيدة ودخل مكتبه وقد اتصل بها وهو متوتر وقلقا عليها
ردت عليه بهدوء وسالها ولكنها انكرت انها جاءت من الاساس وهذا بدوره اشعره ان هناك خطب ما
ما ان اغلق الا وجاءته رسالة منه بصفته الغول وما ان قراها الا واشتعلت الغيرة فيه فقد كانت تتحدث معه من ضيقها من افعال سليم
اغلق الرسالة دون حتى ان يرد وذهب اليها وبه عصبيه العالم
ما ان راته الا وتوترت من مظهره وظنت انه تاكد من انها كانت تكذب عليه بشان ذهابها للمركز فاقترب منها وقد ابتعد ادريان عنهما فقد شعر بعصبيته بينما كانت هى تلعب مع عمر الذى ما ان راه الا وركض نحوه
حمل الطفل وقبله و همس له بان يذهب ليلعب مع ادريان دون ان تسمع هى ما قاله ولكنها كانت خائفة منه فاقترب منها وامسكها من يدها وسحبها معه نحو غرفتها
.......
عند عبير
استيقظت من نومها وارتدت ملابسها وذهبت الى احدى الشركات لتقديم طلب وظيفة فقد بدات اولى خطواتها فى التخطيط لاجل مستقبلها والبعد عن تبعيتها لسليم لاجل ان تحرر
.....
اما عند هبة فقد بدات هى الاخرى تعود الى حياتها الجميلة التى افنتها بيديها وبدات تبحث عن كثير من الكتب لتنمى ثقافتها وبدات تاخذ دورات فى فن التعامل مع الاطفال ودورات كيف تعتنى باطفالها وكيفية التعامل معهم
فى حين انها بدات تهتم كذلك بملابسها وزينتها
بينما كان احمد هو الاخر يعيد تخطيط حياته ليوفر اكبر قدر من الوقت لبيته ليهتم بزوجته واولاده وبدا يشاركها فى كثير من مشكلاتها مع اولادها
............
عند راجية فقد ازدادت نفورا من زوجها خاصة بعدما جائتها رسالة من رقم غير معلوم يخبرها انه الان فى رحلة غرامية مع اخرى ثم ارسلت لها بصور تجمعهم معاً
فلم يزدها هذا الا تذمرا من اخلاقه وبالبحث وجدت ان هناك علبة قد اخباها فى مكتبه بها زجاجة عطر انثوى من النوع افاخر ومغلفة باطار شيك
خرجت وهى كارهة لنفسها لانها تحملت مثل هذا الرجل فى حين اناكرم نفسه كان يتنعم مع فتاته ولكن بداخله شعور بتانيب ضمير محمولا بشوق ناحية راجية
اذا فلماذا يفعل هذا
هذا سيكتشفه وليد فيه
.......
دخل وليد وعنود غرفتها و هى ترتعد قلقا من منظره الثائر وعندما اغلق باب الغرفة عليهما استوقفها وهو يحتضن وجهها بقلق : ماذا بكى ولما اتيتى الى المركز هل كنتى تودين الحديث معى عن سليم وتراجعتى ام كان بك شىء
شعرت بالتوتر الواضح على ملامحه وانبسطت اطرافها اذ ان ما به لم يكن عصبية وثوره ولكنه كان قلقا وحبا وغيرة
نظرت له وقالت بتلعثم وما دخل سليم بنا ؟ ثم انى فى احسن حال امامك الا ترانى جيدا ؟
بدا يتنبه انه اقحم سليم فى الحديث ومن المفترض انه لا يعرف شىء فتراجع وقال شعرت ان هناك ما يقلقك وانا لا اكذب شعورى مهما كان
قالت له بابتسامة متوترة : لا تخشى على شيئا فانا فى احسن حال
ودت ان ارتمت فى صدره واعترفت ولكنها انتظرت وتحاملت لحين اجراء العملية
قال لها قبل ان يغادر : ان حاول سليم ان يتقرب اليك باى طريقة ابلغينى وانا ساعرف كيف اتصرف
قالت له بياس : لا تقلق لن ينظر الى غيرك فانا لست كاى انثى اطيب لاى رجل
نظر لها نظرة كذب كلامها فيها وتركها ورحل
مر اليوم وفى المساء وهى جاسة فى سريرها شاردة فى الغد وجدت هاتفها يرن فابتسمت عندما وجدت اسمه وما ان ردت الا انها لم تسمع منه رد بل سمعت اجمل لحن عذب من عوده فسرحت بخيالها فكم كانت الالحان هادئة تسلب لب الفؤاد وما ان انتهى الا واتبعها بصوته الرخيم يقول لها لعل نغماتى عبرت عما يجيش فى صدرى وانا اتنفس عطرك جوارى وانتى لستى جوارى
تركته يخرج ما فى صدره دون ان تنطق ولكها تنبهت من سرحانها وقالت : ويحك لعل كل من عندك سمعك بسبب علو صوتك
قال لها : لا يهمنى فليسمع من اراد ان يسمع
عادت وسالته بجدية : ما هو شعورك ان اصبحت اسمع صوتك الطبيعى بل وهمساتك ؟
قال لها : ساسمعك وقتها دقات قلبى فهى التى تنطق الحق او ربما همس صوتى بما لم استطيع التفوه به عاليا ولكن فى النهاية ستسمعين منى ما يسر قلبك واذنيكى
ابتسمت له وقالت : اذاً اتركنى انام الان على تلك الكلمات لاصاحبها معى فى نومى
.......
استيقظ فى اليوم التالى وليد متاخرا حتى فاتته المحاضرة الاولى فانقبض قلبه وقال : ما الذى حدث فلم اسمع اى صوت فقد غطيت فى نوم عميق حتى كدت انفصل عن العالم وامسك بهاتفه ليرى كم اصبحت الساعة بالضبط فوجد رسالة من عنود فابتسم واعتقد انها تراسل الغول لكنه صدم وشهق وجحظت عيناه وهو يقرا الرسالة
فقد كتبت له عنود ( عزيزى الغول لما كنت انت الوحيد الذى اتحدث معه بكل ما يدور فى صدرى دون خجل او خوف فانا اليوم وفى هذه الليلة على الاخض قد شعرت بمدى اهمية اجراء العملية وقد اجريت كل الفحوصات اللازمة وفى الصباح ساجرى العملية لعلى انعم بهمسات وليدى دون ان يسمعنا احد
وكم اتمنى ان ترى الان بشاشة وجهى وانا اكتب لك فقد استمعت الان الى صوت وليد العذب والحانه وما اجمل ان اناه على اعذب صوت تخيلته وتخيلت ان اسمعه هامسا . اتمنى دعواتك )
قام من فراشه مفزوعا وارتدى ملابسه على عجل ونزل حتى انه لم ينتبه لنداء والدته لاجل تناول فطوره مما جعل ولاء تتعجب فركضت خلفه وهى خائفه عليه ولحقت به وهو يركب سيارته فنادت عليه وسالته لما تلك العجلة فرد عليها دون ان يدرى انها تجذبه من ذراعه تستوقفه وقال : عنود الان تجرى عملية زراعة قوقعة
فشدت من قبضتها على ذراعه وقالت بحدة من شدة غيرتها فقد شعرت ان حال عنود سيتقدم وستمنع عنها التلصص : اتركها يا وليد تفعل ما تشاء فانت لى مهما حصل وانت تحبنى مثلما احبك فاتركها تواجه مستقبلها مع اى رجل اخر وربما سليم بدا يشعر بها فاتركها له
هنا صدم ووقف مكانه ونظر لها نظرة اخافتها فقد شعر انها سمعته وهو يحادث عنود امس وقال لها وهو ينزع يدها عنه بقوة : انتى انانية ولا تعرفى كيف هى عنود بالنسبة لى فهنود هى الحياة بل هى شريان الحياة لى واياكى ان تكررى اسمها مرة اخرى مقرونا باسم رجل غيرى والا لن ارحمك والافضل لكى ان اردتى ان تذكريها فقولى عنودة وليد فهذا اكرم وارحم لكى من اذيتى فانا حتى الان امسك نفسى عن اذيتك لكن كله الا عنود افهمتى ؟
تركها وركب سيارته ورحل من امامها بسرعة كبيرة بينما هى صرخت غلا م اعترافه بحبه لعنود
وصل وليد بسرعة غير متوقعة الى المركز الطبى وبسرعة توجه لناحية قسم جراحة الاعصاب وسال عن الدكتور مراد او دكتور الانف والاذن لعل احدهم يدله على مكان عنود ولكنهم اكدوا له ان كلاهما مع مريضة فى غرفة العمليات فاسرع نحو الغرفة واخذ يطرقها بكل عصبية لعله يفلح فى الدخول مما اضطر مراد ان يرسل له احدى الممرضات
وكان هذا من حظها السىء انها واجهته فى تلك اللحظات فما ان راها الا وجذبها من ملابسها وقال بحده وهو يميل بوجهه نحوها : كيف حالها ؟
قالت الممرضة وهى ترتعد فى يديه : اهدا سيدى فقد ارسلنى الدكتور مراد لان اخبرك بانها فى احسن حال وان العملية تجرى بكل بساطة لكن عصبيتك تلك توتره وتجعل حياتها هى فى خطر فارجوك التزم الهدوء
لم يدرى بنفسه الا وهو يزيح الممرضه عنه محررها من بين قبضته وابتعد ولكن الممرضة كانت قد سقطت ارضا من شدة الدفعة
اخذ واقفا خلف باب غرفة العكمليات وقد اصبح جسده وعينيه متصلبه نحو الباب
مرت نصف ساعة اخرى وكانها نصف قرن من الدهر وكان العجوز فى الداخل يحمل هم مقابلة وليد وهذا ما توقعه وتخيله وبالفعل ما ان انفتح باب غرفة العمليات الا وصدم عندما وجد قبضتى وليد امسكتا به وبدكتور الانف والاذن وقال وهو يضمهما نحوه ويهزهما بعصبية : ادعوا الله الا اعثر عليكما فى تلك الدنيا ان حدث لها اى مكروه
ارتعد طبيب الاذن من تهديد وليد ولكن حالته لم تسمح له ان يرد عليه تهديده بينما جحظت عينا العجوز وقال متعجبا : اتهدننى انا ايها التلميذ ؟
رد وليد عليه : كله الا النفس ايها الطبيب فهى نفسى وانت قد ابتعدت عن الجراحة من زمن فمن يضمن لى انك لم تخطىء ؟
ظل العجوز مصدوما من كلامه ولكنه شعر بارتعاد وليد على الرغم من انه لازال قابضا عليهما بيديه فحاول ان يمتص قلقله وقال بهدوء : اهدأ ايها التلميذ النجي فمراد العجوز لازال كما كان اكبر جراحى الاعصاب ثم ان عنود ابنتى ايضا هل نسيت ذلك
ابتعد وليد عنه ليس لانه اطمان من كلامه ولكن لانه وجد الممرضات يسحبن عنود ناحية غرفتها وانها لازالت لم تفيق بعد
ابعد عنها الممرضات وسحبها بنفسه ورفعها كذلك بنفسه ولم يقبل ان يلمسها غيره وجلس جوارها يقبلها بقلق عليها ويقلب فى جسدها لعل اصابها مكروه وظل حاضنا كفها حتى بدت تفيق وتعود الى وعيها فوجدته بجوارها فابتسمت وقالت له وهى لا تزال بين الافاقة والاغفاء : الان اسمع همساتك دون اى حاجز انا احبك يا وليدى
ضحك بدموع عليها وانحنى وقبل راسها وقال لها : انتى فى عيني جنه على ايه حال فلما عرضتى نفسك للخطر دونى ؟
مرت حوالى ساعة حتى استعادت عنود وعيها كاملا وتعجبت لوجوده بجوارها فسالته بصوت خافض : من اخبرك
لم يضع لهذا السؤال اى حسبان فهو كان يتحرك ويتصرف بقلبه وقد نحى عقله جانبا
تنبه وقال بتلعثم وكانه يبحث عن اجابة : انه العجوز ه من اخبرنى فى ذات الوقت دخل العجوز فابتسم لها وقال : كنت سالقى بحتفى على يد زوجك فما ان علم الا وجاء ليقتلنى من شدة خوفه عليكى
حركت اناملها المحضونه فى كفه فتحسست كفه فشد عليها وابتسم وبيده الاخرى اخذ يمسح عن شعرها المتعرق الذى قد التصق بجبينها
ابتسمت للعجوز وقالت : اعتذر منك بدلا منه ولكنى قد طلبت منك الا تخبره فلماذا اخبرته اذا ؟
فهم العجوز ان وليد قال ذلك فقال : قلت له لانى لن اتحمل نتيجة تصرفه ان علم بعد اجراء العملية
قالت له : ولكنى لازلت لا اسمع جيدا
رد الغول وقال : لا انتى تسمعين ولكن هناك مستويات اخرى للسمع وسارفع من مستوى الجهاز كل فترة فلا يصح ان ارفع الصوت كليا مرة واحدة والا اصبتى بالصمم الكلى
ردت بياس وقالت :ولكنى اريدك ان ترفع من مستواه الان فانا متوقة لاسمع وليد بصوت طبيعى
مسح وليد على راسها وقبل جبينها وقال : وليد جوارك ولن يتركك وسيسمعك ما تتمنيه ولكنه لا يريد منكى ان تؤذى نفسك
ابتسمت وتقبلت الموقف
مر يومان وتحسنت حالة عنود وخرجت من المستشفى وعادت الى بيتها وغرفتها الجديدة فى بيت وليد
فتحت هاتفها لتجد رسالة من الغول : قرة عين الغول لقد حزنت من قرارك لانكى اتخذتيه بمفردك وهذا اول مرة تقررين شىء دون مشاركتى معكى وكم كنت ساجن لانى اردت احتضانك وتقبيل اقدامك والتوسل بان تتمسكى بالحياة لتعودى الي فقد اصبحت حياتى مرتبطة بكى وان كنتى انتى لا تشعرين بهذا فيكفنى ان اشعر انا به وارجوا الا تنزعجى من كلماتى هذه فانا اعبر فقط عما بداخلى ولكى ان ترميها خلف ظهرك ولكن كان عليكى ايضا ان تعطى لى الفرصة ان اعبر عن حبى اليائس
جنتى الصغيرة حمدا لله على سلامتك واعتذر منكى على تجراى ولكنها مشاعر لم استطع كتمانها ادام الله عليكى سعادتك مع زوجك وهنيئا لكى ما تمنيتيه
