اخر الروايات

رواية العنود والغول الفصل السابع عشر 17 بقلم رباب عبدالصمد

رواية العنود والغول الفصل السابع عشر 17 بقلم رباب عبدالصمد 

البارت السابع عشر

هدات قليلا بعدما اخرجت ما فى قلبها وقامت من مكانها وخلعت روبها وكانت ترتدى من تحته قميصا قصيرا ولملمت شعرها بعفوية دون تصفيف فبدت اكثر جاذبية ونثرت من عطره هو على كامل جسدها وما ان خرج ووجدها تنثر من عطره فابتسم لها وقال : ولما عطرى انا ؟
قالت بياس : لانى افتقدتك انت
سحبها من يدها وجلسا سويا على الفراش واخذ يداعب شعرها ويتغزل فيها حتى استسلمت له فبدا يقبلها وهى لم تقاومه حتى مد يده وتحسسها كبداية الزفاف ففزعت وقامت بسرعة ووقفت فتعجب حالها وقال لها ما بكى ؟
قالت وقد تسارعت انفاسها : اتريد اغتصابى ؟
صدم منها وقال : اغتصبك ؟ يالا فظاظة اللفظ وهل يغتصب الرجل زوجته
قالت بدموع : نعم يغتصبها ان كان لا يحبها وقلبه مشغول بحب غيرها فانت لم تحبنى وتريد فض خاتمى لاذلالى
اتسعت احداقة جحوظا ولم يعد مصدقا ما تتفوه به وشعر ان هناك شىء داخلها فقام لها بهدوء ليهدا منها وسحبها مرة اخرى الى السرير ولكنه دثرها جيدا لتطمئن وجلس جوارها
بينما هى كانت تراقبه وقد شعرت بتوتر فهى كانت مستسلمة له منذ لحظات عن رغبة منها دون اجبار
صمت قليلا ثم اقترب منها وقبل راسها ومسح عليها وقال : يا عنود علاقة الرجل بزوجته لم تكن ابدا اجبار بل هو شعور جميل بينهم نماه الله بينهم ليشعرا بلذة لن يجدوها الا بينهم وليس للاغتصاب اى مكان هنا وانا استطعت احجام شوقى اليكى لاجل هذا وهو الا تشعرين معى الا بما ترتضينه واعتذر لكى لن اكررها ثانية ابدا ما دام هذا سيهدا من حالك
لم يكن منها الا ان ارتمت فى صدره وبكت بصمت حتى شعر هو ان دموعها قد بللت صدره فابعدها قليلا ومسح دموعها وقال اشعر انكى تتالمين ولكنك تجهلين ما الذى يدفع عنكى هذا الالم وهذا اكبر ما يعزينى فى نفسى فقد كنت اشعر انى الوحيد القادر على ازالة اى شىء يهمك
قالت بدموع : بل انت الوحيد الذى يزيل همى وانت الوحيد الذى اهم عندما افقده ولو لدقائق ولكنى اريد ان اتحقق من حبك لى
ابتسم لها وقال ما رايك ان سالتك كيف تعرفين ان رجل ما يعشق امراته حقا ؟
هزت كتفيها وكانها لا تعرف فابتسم لها وقال : يا عنودتى ان للحب معانى كثيرة تختلف باختلاف شغف العاشق والمعشوق فقد يراه احدهما بنظرة والاخر بنظرة اخرى ولكنهما يجتمعان فى النهاية عندة نقطة التقاء الا وهى انهما يحبان بعض ولكن الاختلاف يظهر فى مقدار حب كلا منهما للاخر اما عندى انان فالحب له معانى شتى فمثلا ارى ان الرجل الذى يستطيع ان يميز انثاه من بين سائر النساء فهذا هو الحب وانا اميزك عن سائر نساء العالم تى وان كنتى من العوالم الخفية فيكفينى ان اميزك بعطرك الذى لا يختلط على دون ان تراكى عينى

*ارى ان الرجل الذى لا يكتفى الا بانثاه وهى وحدها من تكفيه عن غيرها فهذا هو الحب وانا اكتفيت عن العالم بك

*ليس الحب ان يحب الرجل الانثى لجمالها او لطولها الفارع او لنعومة شعرها او لذكائها او حتى لعنادها انما الحب ان يحبها بمحاسنها وعيوبها وانا احبك بكل ما فيكى بل لا ارى فيكى اى عيب فعينى قد تزينت بكى وهل الزينة الا جمال ؟

اندست فيه اكثر وبدت يديها تتشبث فى صدره العارى اكثر دليل على هدوءها وهذا قد اسعده قدر ما انه لازال متالما لاجلها لانها حتى الان لم تفصح له بما يكن فى صدرها من الم
مسح على ظهرها لتشعر اكثر بالامان وابتسم لها وهى مندسة هكذا وقال مناغشا : يبدوا انكى ادمنتى عناق صدرى لما وجدتى فيه من هدوء الاعصاب ولكن هذا ليس بالمجان فانا اريد مقابل
رفعت راسها ليقابل وجهها وجهه دون ان ترتسم اى ملامح للابتسام عليه وسالته بياس محملا برجاء او توسل فهى تخشى الاجابة : قل لى هل لازال لولاء اثر حب باقى ام انك لازلت تحبها حبا كاملا
اغمض عينيه بياس لانه قد شعرانها لازالت لا تشك فى مشاعره فقال لنفسه تبا على لعنة ولاء فقد افقدتنى اجمل شعور لطفلتى وهى بين يدى ومع ذلك لم يشعرها انه ياس منها بل اقترب من انفها ووضع عليه قبله حانية وقال لها : حبيبتى الصغيرة هل وجدتى يوما ان هناك قلبا يحمل فى جوفه حبان كاملان فى ذات الوقت ؟
لم ترد عليه وانتظرت ان يجيبها هو
قال : قد يميز رجل واحد امراتين فى وقت واحد واقول يميز وليس يحب كما انه يمكن ان يتزوج بامراتين لكن لا بد هنا ان يكون هناك اختلاف بين الحبين فى الدرجة والنوع فقد يكون احدهما خالصا فيه للروح والوجدان بينما يكون حبه للاخرى مستغرقا اياه لروحه ووجدانه و...
ابتعدت براسها عن صدره بينما يداها كانتا لاتزال محاوطتان اياه وقد امتلات عيونها بسرعة بالدموع وقالت : اذا انت لازلت تحبها وبالطبع حبها هو من امتلك روحك ووجدانك

لا توهموها بالوعود وترحلوا فربما كتب الرحيل شتاتها
ولربما تبكى القلوب وتشتكى ان فاتها برحيلكم ما فاتها
بالله رفقا بالقلوب فانها تبنى على تلك الوعود حياتها

حضن وجهها بكفيه ومسح دموعه وقال لها : لا تقاطعينى حتى تعرفى حقيقتى ثم اكمل قائلا وهو يبتسم لها ابتسامة حنان قد يكون احد الحبين مقبلا يا حبيبتى بينما يكون الاخر فى الادبار والهبوط
او ربما او من المؤكد ان احد الحبين مغريا بالرجاء والحب الاخر مشوبا بالياس والريبة
وحبى لكى هو المغرى بالرجاء من قبولى فى حياتك بينما حبها هى مشوبا بالياس فهى تحارب لاخر رمق لها لعلها تجد منى اى امل
اما حبك انتى فقد تملكنى حتى انه صار دون مدى له وهنا فهو جب ما سواه من حب
ثم قال لها بحنان : عنودتى انتى فتاتى الوحيدة لا مراء وان خشيت يوما حبا فانتى التى يحق لى ان اخشى حبها واخشاها
قالت له وقد اختنقت فى بادىء الامر العبارات فى حلقها وكانها لا تريد ان تتذكرولاء وكلماتها الممزقة لكبرياءها فذكرت له تحديها لها انه لازال يفتأ يتلذذ فنجان قهوته التى تعده لها بيدها ويميزه من بين الاف الفناجين بل انه ما ان يتذوقه الا وعرف انه منها حتى وان كانت غائبة عن المكان
صمتت لحجم شهقة مريرة الا انها ابت الا ان تخرج وقالت : كان الواجب عليك ان تتحدث معى بكل ما يخصنى وحدى وليس ان تكرر لى جمل قلتها اليها من قبل وكانك تراها فى
عادت للصمت مرة اخرى لبرهة ثم عادت وقالت له : وقتها شعرت انى اراك بوجهين
جحظت عيناه من رايها فيه ثم قال بياس : اترينى بوجهين يا عنود
هى لا تراه بوجهين حقا ولكنها مجروحة الكبرياء فاجابت بالنفى عن طريق هز راسها
عاد هو وقال عموما ان كنتى ترينى هكذا فاحب ان ترينى بمائة وجه افضل من ان ترينى بوجهين فقط فالاول وصف حميد بينما الثانى لا اتحمله فى عينيكى ثم ان صاحب الوجهين منافق وصاحب الوجه الواحد ميت او هو تمثال جمال يختلس عنوان للحياة وانا ارى نفسى انى لست بهذا او ذاك
لم تفهمه وقد فهم هذا من قراءته لوجهها فعاد يشرح لها وقال : اكثر ما يعيب الانسان ان يصنع لنفسه نفسا غير نفسه ووجها غير وجهه وان يبدو للناس بوجهين يلعن احدهما الاخر او يمدح احدهما الاخر لكنه يعلم انه فى كلا الحالتين ان كلاهما ملعونان لكن لا يعيبه ان يكون له مائة وجه ينم كل وجه منهم على سمة من سماته ومعنى من معانيه فنرى فى كل ساعة منه ما لا نراه فى ساعة اخرى فيصير كل وجه من الوجوه صادقا وليس كاذبا
عادت وارتمت فى صدره فمدد هو جسده على الفراش فاصبحت هى تعلو صدره فدثرها حتى تدفأ
فابتسم عليها وهو يجدها قد استكانت تماما حتى خلد الى نومها وهى على نفس وضعها
ظل يمسح على شعرها وبدا يخلد الى النوم هو الاخر الا انه تنبه وقد تذكر انها قد تكون راسلته وفضفضت اليه وهو لم يقرا شىء فمد يده وامسك هاتفه فصدم عندما وجدها قد راسلته كثيرا وهو لم يرد وشعر بتانيب ضميره وهو يقرا سطورها وانه لم يكن معها وما ان قرا كونها تساله لما عدم رده الا وضمها لصدره اكثر فهى كانت تحتاج اليه
انتهى من قراءه جميع رسائلها فنظر اليها وهى مستكينة على صدره وقال : يا ويلتى لقد عانيتى كثيرا يا حبيبتى ثم ذم ولاء وقال : تباً لكى لقد بدلتى فرحها لحزن وباعدتى بيننا بعد ان تقاربنا حتى بتنا ان نفترق ثم بدا يهدا من حاله وكتب لها معتذرا لها
حبيبتى رغم امتلاك وليدك اليكى لن اصف لكى معاناتى وقهرى لمجرد انشغالى عن الرد على رسالتك فور وصولها وعلمت كم معاناتك ولكن عليك ان تتريثى فى قراراتك فهو يحبك وان كانت الاخرى تهواه فهذا ليس ذنبه فقلبه معكى ولكى فلا تتاثرى بها وباغواءاتها انما هى شيطان يدس السم فى العسل وان كنت ا رى انها لم تفعل ذلك الا لانها تسترق الاستماع اليكما بسبب اذنك وما اريده منكى الان هو اتخاذ قرارا العمليه لانها لن تترك وشانك مادامت تستطيع ان تتعرف على اسرارك هكذا بسهولك واما عن وليد فانا اراه يحبك كما انتى ولكن المشكلة فيكى انتى
قام من جوارها يتسحب على اطراف اصابعه وهبط الى الحديقة بسرعة واقترب من الشجرة فوجد الفتحة وووجد بها مجموعة اوراق فاخذها بسرعة
على الرغم انه لم يعد يحب ولاء بل على العكس اصبح لا يشعر تجاهها الا بالكره وربما المكر ايضا لانها تحاول الان بكل جهدها ان تفرق بينه وبين من احب الا انه رغم كل هذا شعر بحنين تلك الاوراق فاخذ يتكر وهو يكتبها ومدى النشوة التى كانت تتملكه وقتذاك حتى انه شعر برائحتها الدافئة وهى بين يديه واخذ يقلب فيها ويقرا ما كان يكتبه فكانت كل كلمة تذكره بموقف ما معها وبسرعة تذكر ايضا تلك الضغيرة التى كادت تمرت من غيرتها وكسر كبريائها لانها احبته دون امل منه احبته بقلبها الصغير الذى لم يعرف قبله ولم يسكن فيه احد مثلما سكن هو فسب ولاء وقال : لقد تعاملتى معها بعقل الناضجين واستغليتى معرفتك بما كنت افعله وهى لازالت صغيرة لا تفهم مكرك وامسك بالاوراق واحرقها واحرق معها كل ذكرى اليمة او سعيدة معها ولكنه كان حقا يتالم وهو يراها تحترق فقد شعر انه يحرق كرامته التى اهانته عندما باعته

قد كنت نبضى والاضالع مرتعك والروح كم تشتاق ان تمضى معك
ضيعتنى عمدا ورسمت متاهتى حزن يقيم بخافقى ما اوجعك

عاد وصعد الى غرفته فوجدها لازالت مستكينه ولم تشعر بغيابه ولا برجوع وكان دموع القهر قد اسكنت اعضاءها فخدرتها فنظر اليها نظرة شفقة لما لاقته ثم عاد ومدد جوارها على الفراش وعاد واحتضنها ودثر نفسه جوارها ولا زال يتالم لاجلها ونام ملاصقا لها لعله ينعم بانفاسها جواره فتهدا من المه عليها وفكر مليا ان ينهر ولاء على فعلتها تلك ولكنه قرر الا يعاتبها لانها من المؤكد انها ستخبر عنود وقتها ستبدا عنود فى التعجب والبحث من اين وليد علم بالموضوع وبالطبع سيذهب شكها للغول وهذا ما لا يريده على الاقل الان

اذا شكى احباب قلبى علة احسستها كالسهم فى اضلاعى
انى ضعيف فى يسير مصابهم لكننى جلد على اوجاعى

فى الصباح فاقت كلا من عنود ووليد على صوت طرقات متتالية على الباب وفى الحقيقة عنود لم تسمع فى البداية الطرقات لثقل سماعها الا انها استيقظت اثر تحرك وليد منتفضا على صوت الطرقات
فتح وليد بسرعة فخجلت عبير لانه كان عارى الصدر ولكن ابتسامتها جعلته يستنشق نفس راحة وقال : ويحك فقد ارعبتينى
قالت بفرحة : لقد هاتفنى سليم وقال انه لتوه بدا يستند على والده ويتحرك فى الحديقة قامت عنود من مكانها لتبارك لعبير فوجدت ان ولاء مرت ووقفت امام غرفتهم ترى عما تتحدث بشانه فاشتعلت الغيرة وهى ترى وليد عارى الصدر هكذا ومحاوطا لعنود من خصرها وعلى وجههم نظرات فرحة لعبير
ما ان راها وليد حتى اختبا خلف باب غرفته واشار لعنود لان ترتدى هى الاخرى روبها
اشتعل الحقد فى صدرها على الرغم انها كانت ترسم ابتسامة باهته لعبير وهى تبارك لها على سليم الا ان ملامحها الباردة لم تخفى على اى فرد من الثلاثة
......
مراد : يا الهى لقد تحملت كثيرا تلك الصغيرة ولكنها كانت عنيدة حتى على نفسها فلم تشا ان تناقشك فى الامر حتى اشعلت فى نفسها نار الغيرة دون رحمة
كان وليد يزوره فى فيلته ليطمان على سليم وشرح له ما حدث وقدم له هاتفه ليقرا رسائلها وقال : اصبح ينتابنى شعور بالخوف من انها قد تتركنى فى اى لحظة وانا لن اتخيل حياتى دونها فكم كنت اشتاق اليها من قبل واتمنى حتى رؤيتها واصبر نفسى وادعوا الله ان يجمعنى بها يوما
لكن الان الوضع اصبح اكثر مشقة فقد تذوقت قربها كما تذوقت شهدها فليس فى مقدورى ان اتخيل حياتى بدونها وكاننى مراهق
ربت عليه العجوز وقال : انت لست بمراهق بل ان عذاب الناضج اكبر واعمق من المراهق فالناضج ان احب فحبه لا يكون الا صادقا لانه اتى بعد عدة تجارب ففاضل بينها ثم انه يكون فى مرحلة لا تحتمل التقلب بين القلوب فهنا عذابه يكون اشقى
لكن لا تياس فمادامت تحبك الى هذا الحد فلن تترك هكذا بسهولة الا اذا وجدت منك عدم الاستجابة
قام وليد ليعد فنجانين من القهوة فوجد سليم فى الداخل يقف على ساقيه ويتحدث مع فتاة ربما هى احدى صديقاته او ربما انها مجرد تلميذه ولم هذا و المهم ولكن ما لفت نظر وليد هو انسجام سليم معها وهو يصور لها نفسه
اخذ وليد يتامله وهو قاضب الحاجبين بينما لم يرا سليم وقال فى نفسه : اواه يا ربى هذا ما كنت اتوقعه واخشاه وليت عبير تتقبل هذا ولكنى اشك
.....
ذهب الى مركزه وهو متجهم الملامح فما مر به جعله غير عابىء لاستقبال اى حالات
دخلت الى مكتبه مساعدته فوجدته شارد الذهن يفكر تارة فى عبير وتارة فى هبة وتارة فى عنود وتارة اخرى فى ولاء
اصبح ذهنه مشتتا فهو ما ان تذكر عبير الا وتذكر معها سليم وما ان تذكر هبة الا وتذكر احمد وابناءها وما ان تذكر عنود الا وتذكر ولاء وتذكر نفسه وتلك الحياة التى لازالت تصمم على حرمانه من السعادة فهو قد شارف على الاربعين ومع ذلك لم يهنا بحياة سعيدة مكتمله
تنحنحت المساعدة فانتبه اليها فقالت له : هناك حالتين تنتظرانك انا قد تناقشت معهم وها هى ردودهم على الاسئلة الاولية
امسك الورقة منها وقرا ردودهم فالم ببعض صفاتهم ثم امر الطبيبة ان تستدعيهم حالة تلو الاخرى
غادرت الطبيبة بينما قام هو وفتح النافذه لعله يستنشق هواء صافيا ينعش تلك الطاقة الايجابية ويطرد اى طاقة سلبيه فهو لا يحب ابدا ان تؤثر حالته الشخصية على حالاته التى تاتى اليه فهم اولى بمن يفضفضون له ليرتاحوا وليسوا فى استطاعتهم ان يتقبلوا اى وجه كئيب يقوى ما بداخلهم
اعلنت الضوء عبر النافذة الزجاجية التى تفصل بينه وبين الحالة التى تجلس امامه وهى لا تراه عن دخول المريض فازاح الستارة ليرى هو المربض بينما لا يراه المريض
قال وليد مرحبا : اهلا باعظم ام فى الكون
ابتسمت الام على كلماته الحانية وشعرت بانها فى امس الحاجة لان تسمع تلك الكلمات ولكن من شخص بذاته وهو نفس الشخص الذى المها فى حياتها
عاد وليد يقول لها بصوت حنون : ما الذى يؤلمك ايها الام للدرجة التى تاتى بها الى هنا
اغرورقت الام وقال : لقد كان لى ابن وحيد مات والده وتركه لى وافنيت شبابى بل حياتى كلها لاجل تربيته هو فقط فاعتنيت بكل شىء حتى شب واصبح شاب على خلق فيه من الخلق ورجاحة العقل ما يتمناه كل ذكر بل وكل انثى فصرت افتخر بتربيتى حتى ان اجتمعت باى ام واشتكت من ابنائها فاتفاخر عليهن بتربيتى واقول وانا راسى مرفوعة انكن لم تعرفن كيف تكون التربية فاعطونى ابنائكن وانا ساقوم بتربيتهم مثلما ربيت ابنى
كنت اخاف عليه من الحسد لانه حقا كان يستحق الحسد فكان بارا بى ومتفوقا فى كل شىء فى دينه وحياته ودراسته واخلاقه
ولكن فجاة تبدد كل هذا وكان عين الحاسدين قد طالته واستخسروه علي فتبدد كلياً واصبح ابنا عاقا اقرب الى الفشل منه الى اى شىء . وجدت فجاة تربيتى تنهار واملى فى ان اراه من الناجحين قد تبدل الى مجرد اوهام واصبح مدمنا بل العجيب انه اصبح يسبتنى ويتطاول علي وتحدثت معه كثيرا باللين مرة وبالشدة والهجر مرة الا ان ايا من الطرق لم تبدى معه اى نتيجة والان قد هجرنى كليا وترك بيتى واصبحت وحيدة اتمنى ولو مجرد طيفه وتذكرت يومها شكوى تلك الامهات وخجلت ان اتحدث معهم ثانية حتى لا يتشمتون فى وشعرت بهم وبمر شكواهم من ابتاءهم حتى صرت انا التى احسدهم عن تربيتهم ليل نهار فقد أظلوا ابناءهم على الاقل تحت كنفهم ولم يهجروهم او يتطاولون عليهم .اصبحت انا الفاشلة وهم الناجحين فاردت ان اختبىء عن اعينهم الراصدة لى فاعترفت لنفسى كم كانت المرارة التى تعانيها اى ام تشتكى لى وانا انتقص مجهودها فى تربيته فشعرت بما كنت اسببه لهم من الم
ظل وليد ينصت اليها دون ان يقاطعها فهو يعلم ان ما هى فيه لا يحتاج ان يقاطعها حتى تقول كل ما يؤلمها
بدات الام تبكى بمرارة فوجدت نفسه الالم لاجلها فقال بصوته الحنون عليها اشربى كاس الليمون ذلك يا امى
وهنا دخلت عليها احدى الممرضات ومعها كاسا من الليمون قدمته اليها دون ان تنطق بحرف بل ان كل ما فعلته ان رمقتها بابتسامة حانية وخرجت
مدت الام ترتشف من الكاس
اما وليد فاخذ يراقبها قليلا فلعل انشغالها بكاس الليمون لبرهة يشتت ذهنها فتنعكف عن النحيب ثم قال لها : ايتها الام الكريمة كم اسعدنى كلامك عن ولدتك الطيب واقول الطيب لان من كانت جذوره طيبه فهو طيب مهما اصابت اوراقه من افات فسهل معالجتها
صمت لبرهة ثم استطرد وقال : جميل ايضا ان تفتخرى بتربيتك لانها حقا كانت تستدعى الافتخار ولكنك افتخرتى بما ليس ملكك
تعجبت الام وكادت ان تساله ولكنه اكمل كلامه مما اسكتها : ايتها الام العظيمة انتى قد تعبتى جدا لاجل تربية ولدك ليكون صالحا ولكنك تغافلتى عن اشياء ما كان ينبغى لكى ان تتغافلى عنها اولا كون انك كنتى تتعالين عمن هم امثالك جعل الغرور يتمكن منك وكان الاولى ان تشرحين لهم كيف تربين ابنك حتى يتعلمون منك فالله خلقنا لنساعد بعضنا البعض وانتى استاثرتى نجاحك لنفسك حتى اصبح نجاحك رسوب
انتى تفاخرتى بتربيتك لابنك وكنتى له كل شىء ولكنك لم تتركى له مساحة ليعبر عن نفسه فى اى شىء بل اردتى ان يفعل ما تريدين انتى فعندما كبر واراد ان يخرج من عباءتك لم تساعديه فتحول الى عدو وهذا اصعب شى ان يتحول الابن لعدو فكنتى انتى بالنسبة له الد الاعداء لانك حرمتيه الحياة كما يريد
اما اهم شىء انك تغافلتى انك لم تربى ابنك وحدك بل كان هناك من رباه قبلك ولكنك انكرتى وجوده فلم تشكريه الا وهو الخالق الجبار فهو الذى ساعدك برحمته على تربية ابنك ولكنك تغافلتى حمده وتفاخرتى بنفسك فادبك وابعده عنك ومهما حاولتى لن يعود حتى تعلمين ان ابنك ما كان هكذا الا برحمته هو اولا وليس بتعبك انتى
صدمت الام من كلامه وقالت بسرعة : والله لقد اصبت فانا لم احمد الله ابدا على تربيتى لابنى بل كنت اتفاخر فقط حتى ضاع منى كليا
عاد وقال لها : لكنى كما قلت لكى هذا فانا ايضا اقول ان ربى ابدا ما كان منتقما من قلب ام بحرقة قلبها لانها لم تحمده فالله رحيم وما كان ابدا ليشقى ام فى ابنها ولكن يبدو ان هناك شيئا اخر ظهر فى حياة ابنك جعله يتبدد ويتمرد
هنا بكت الام بحسرة وكان بكاءها ينم على ان هناك شىء اخر لم تعترف به بعد وهذا ما اراد وليد ان يعرفه
انتحبت الام اكثر وقالت بالم وباختناق وبكلمات متلعثمة : لقد كنت اعمل خادمة فى البيوت ولكنى لم اخبر ابنى يوما بحقيقة عملى حتى لا يتأذى ولكن فى ذات مرة واجهه احد اصدقاءه بانه علم حقيقة عملى من مجرد مكالمة
اقتضب وليد حاجبيه وقال : كيف لا افهم معنى ما تقولين
قالت الام : فى ذات يوم وبينما كان ابنى معى يوم اجازته اذ احتاج احد اصدقاءه احدى المحاضرات ولما لم يجد هاتف ابنى مفتوح اتصل به على هاتفى فظهر له اسمى مصحوبا بلقب الخادمة وهنا كانت الطامة فقد استغل صديقه هذا واخبره واخبرجميع اصدقاءه حتى يكسر كبرياءه فانهار ابنى ولم يذهب الى الجامعة الا بعد فترة وعاد واستانف حياته الا انه لم يعد يتحدث معى واصبح يغيب عن البيت ويهجرنى اياما ولكن فى هذه المرة هجرانه طال حتى فقد الامل فى عودته
هنا اغرورقت عينا وليد وشعر انه يجب على ا ى انسان الا يكتب تلك الالقاب على هاتفه لعلها تصير يوما الة قتل ولابد ان نراعى جبر الخواطر لمن حولنا حتى ولو بمجرد كتابة اسمه بلقب لطيف لا يؤذيه
شعر وقتها انه يود ان ركع على اقدام تلك الام وقبلها
صمت قليلا لانه لم يستطع كبح دموعه ولكنه عاد وشد من رباطة جاشه حتى لا يؤثر عليها بالسلب وقال لها وهو يبتسم حتى شعرت هى بالارتياح وان هناك امل من رجوع ابنها : فى استطاعتك رد ابنك الى احضانك
قالت بسرعة مقاطعة اياه : كيف ومتى فقد تصدع قلبى ؟
فقال لها : عليك ان تعوضى ما فعلتيه لتصلحى من حالك اولا حتى يصلح الله لكى ابنك ويرده اليكى فابداى بنفسك واذهبى الى كل من تفاخرتى عليهن فى تربية اولادهم واغمريهم بنصائحك لعل دعوة منهم تكون مستجابة ولكن قبل كل هذا احمدى ربك واشكريه على رحمته بك وعلى نعمه وادعيه ليرد اليك ولدك فلن يرده اليكى الا هو
واعلمى ايتها الام العظيمة ان الله معك لانك تستحقين كل عظيم وان كنما نحن البشر نعترف بهذا فهل تعتقدى ان الله يخفى عليه وهو الذى لا تخفى عليه خافية كلا والله فهو اراف بك من نفسك وسيرده اليك قريبا وانا كفيل بان اعاهدك على ذلك
شعرت الام براحة من كلامه فعاد وقال لها : وان اردتى عدم العيش بمفردك فهنا لدينا غرف كثيرة تستطيعين العيشة معنا حتى تهدا اعصابك ولكن اهم شروط العيشة عندنا ان تشتركى معنا فنحن هنا نزرع بايدينا وناكل ما نزرع ونصنع ايضا ونلبس من صنع ايدينا وعندنا ايضا المعلمون والاطباء والفلاحون فكل فرد يقدم خدماته بحسب تخصصه حتى صرنا مجتمع صغير متمكامل وان اردتى العيش معنا فعليكى ان تساعدى اقرانك بما تستطيعين تقديمه لهم
فرحت الام ورحبت بالفكرة واعلنت موافقتها وانها ليس بيدها سوى ان تساعد الطباخين فى طهى الطعام
وافق وليد على انضمامها للمركز فقالت له بحنان وقد تبدل حزنها وارتسمت ابتسامة حانية على وجهها : كم وددت ان اراك يا بنى فقد جددت فى الامل حتى تمنيت ان تكون انت ابنى
....
انتهت الجلسة مع الام ولها معه جلسات اخرى فقام وخرج من مكتبه فلحقته المساعدة لتخبره بالجلسة الاخرى فاعترض وقال : انا لست مستعد لاستقبال اى احد فانا لدى مواعيد هامة الان وفى الحقيقة هو ليس لديه اى مواعيد ولكنه كان مشغول البال بما قد يصيب عبير كما كان لازال مهموم لاجل عنود
........
عاد الى بيته وما ان دخل الا وقد استقبلته كلا من عبير وعنود فقد كانتا جالستين فى الحديقة وكانت عبير هى صاحبة الحديث وكانت تتحدث عن سليم وعن احلامها التى اوشكت على ان تتحقق
ما ان راته عبير الا وقامت تجرى نحوه واحتضنته فقبل راسها فقالت متسائلة : علمت من سليم انك زرته اليوم ورايته وهو يتحرك على اقدامه فهل كان جميل الطلة ؟ وهل كان طويل القوام ؟ صف لى شكله ؟ لما لم تامره ان يعود الينا الم تقل انه سيعود للعيش معنا ؟
اخذته تلاحقه بالاسئلة ولا تعرف انها بهذا تؤلمه اكثر فقد اصبح خائفا فهو لم يتاكد ممن كان يحدثها سليم وما هو شعوره نحوها ولكن ما كان متاكد منه ان سليم يمر بازمة اثبات ذاته الجدية والتى افتدقها بسبب عجزه
اخذ نفس عميق وقال : سياتى بالطبع فانا قد رتبت لاقامة حفلة كبيرة يوم الخميس القادم
اخذت عبير تركض من فرحتها وتركته ورحلت لتبلغ امها بينما اقتربت عنود بدورها نحوه فضمها وقبل راسها هى الاخرى وقال لها : كيف حال عنودتى اليوم ؟
قالت بايتسامتها التى تسلبه عقله : فى احسن حال وتشتاق اليك
حاوطها من خصرها وسارا معا نحو غرفتهما ليبدل ملابسه
شعرت هى انه هناك شىء يؤرقه فاقتربت منه وهو يهم ان يخلع ملابسه وسالته
نظر اليها وقال : لاول مرة اريدك ان تشاركينى الراى وفى الحقيقة كنت اود هذا منذ زمن
شعرت بالفة غريبة بينهما فقالت وقد غمرها شعور بالقرب الحقيقى منه : كم يسعدنى هذا وكلى اذان صاغية
ربت على كتفها وقال ساغتسل واعود اليكى واقص عليكى ما يؤرقنى
تركها ودخل لياخذ حمامه بينما نادت عليهما والدته ليشاركوهما الطعام فردت عنود نيابة عنه وقالت انهما سيتشاركان به سويا فى غرفتهما
ابتسمت لها امه ودعت لهما
وما هى الا برهه وسمعت طرقات على الباب وقبل ان تجيب الا وسمعت صوت ولاء تناديه باسمه ففكرت عنود قليلا ثم بسرعة خلعت عنها ملابسها وارتدت قميصا قصيرا تخجل من الاساس ان ترتديه امام وليد وكانت تتعجب من راجية عندما اشترته لها وبسرعة اسدلت شعرها دون ان تتريث فى تصفيفه وركضت بسرعة وفتحت الباب نصف فتحة قاصدة ان تجعل ولاء تخجل من مظهرها وقالت لها وكانها نست ما هى عليه وكانها تذكرت فجاة : اوه معذرة يا ولاء فقد كنت لتوى سالحق بوليد بالحمام للاستحمام معا معذرة لكى مرة اخرى انى اخجلتك
.............
امممم باين أن عنود بدأت تتنصح تفتكروا ولاء هتعمل اية ؟ 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close