رواية غريبة في عالمك الفصل الثاني عشر 12 بقلم رحاب حلمي
الفصل الثاني عشر
*حياة على المحك*
كانت مريم تركب في السيارة بجوار يوسف في صمت تام الى ان سألته وهي تدير وجهها اليه فجأة وبعصبية دلت على مدى ما تكتمه من غضب: ممكن بقا اعرف احنا رايحين فين دلوقت؟
فرد يوسف بهدوء ودون ان يحول نظره عن الطريق أمامه: لو صبرتي شوية أكيد هتعرفي.
ثم التوى فمه بسخرية وهو يقول: ما تخافيش, اكيد مش بخطط اني اخطفك. فياريت تهدي.
احمر وجه مريم غضبا من توبيخه المبطن, ولكنها لم تتمكن في هذه اللحظة من ان ترد له الصاع صاعين كما كانت ترغب لأن السيارة توقفت فجأة فنظرت مريم أمامها, ولفرط دهشتها رأت أنهما توقفا أمام أحد معارض السيارات, لم تستطع ان تخمن السبب ولم يترك لها يوسف الفرصة لتستفسر عن حقيقة الأمر حيث كان قد خرج من السيارة ودخل المعرض, اما هي فمن موقعها استطاعت ان ترى مدى ترحيب صاحب المعرض به, بالطبع فيوسف جلال ليس بالزبون الهين لأي تاجر, وما هي الا دقائق معدودة حتى عاد يوسف وطلب منها الترجل من السيارة فوافقت مريم على مضض وفي عقلها العديد من التساؤلات. اتجه بها داخل المعرض وقدمها لصاحب المعرض ذو الابتسامة التي قد حرص على ان لا تفارق وجهه: مريم الكامل, المدام.
صاحب المعرض: اهلا وسهلا يا فندم, احنا عندنا هنا احدث الموديلات اللي اتمنى انها تعجب حضرتك, وان شاء الله مش هتخرجي من هنا الا لما تلاقي طلبك.
كانت مريم تجهل تماما عما يتحدث عنه فلم تعلم بما يمكنها ان تجيب, وبالطبع تولى يوسف ذلك فقال للرجل: ان شاء الله. ممكن بقا انا والمدام ناخد جولة لوحدنا كدة في المعرض.
فأسرع الرجل: طبعا طبعا يا يوسف بيه, المكان مكانك , اتفضل حضرتك ولو احتجتني هتلاقيني في خدمتك.
يوسف: متشكر
وتركهم الرجل ورحل, فجذب يوسف مريم من يدها وكأنها طفلة يسحبها خلفه حتى وصلا الى مجموعة من السيارات الفاخرة باهظة الثمن ,فأفلتت مريم يدها بعنف وهي تقول له بصوت منخفض بحيث لا يستطيع احد العمال سماعهما ولكنه كان يحمل الكثير من الغضب: سيب ايدي. ولازم تفهم اني مش هتحرك خطوة تاني غير لما اعرف احنا بنعمل ايه هنا بالظبط.
يوسف: تفتكري الناس بتروح معرض السيارات ليه؟
تجاهلت مريم السخرية اللاذعة التي يحملها كلامه وسألته: لو كنت عاوز تشتري عربية, افتكر دي حاجة ما تخصنيش. وما كنش لازم تجيبني معاك.
فقال يوسف بنبرة جادة: معاكي حق. فعلا ما كنش لازم اجيبك معايا, بس انا قلت ان يمكن يكون دة حقك في انك تختاري العربية اللي المفروض هتكون بتاعتك.
مريم: بتاعتي انا!,ومين قالك اني عاوزة عربية؟ انا عندي عربيتي.
يوسف مصححا: قصدك عربية جدك اللي خلاها تحت امرك.
مريم بتحدي: جدو اشترى العربية دي مخصوص عشاني وكاتبها باسمي, يعني بقت عربيتي.
يوسف باصرار: ولو. انا مقبلش ان حد يصرف على مراتي طول ما هي شايلة اسمي حتى جدها نفسه.
مريم وقد أصرت على الاستمرار في عناده: بس انا بقا عجباني العربية اللي اشترهالي جدو,وانا مش عاوزة عربية غيرها.
يوسف: اوك, يبقا انتي حكمتي على نفسك يا مريم. وهو انك مش هتخرجي من البيت الا معايا,لان عمري ما هسمحلك انك تركبي العربية دي تاني.
فعلا صوت مريم قليلا: هو انت عاوز تتحداني وخلاص؟
يوسف بحزم: مريم! اولا صوتك ما يعلاش . وثانيا انا أكبر من اني اتحداكي. فاتقي غضبي واعملي اللي بقولك عليه وانتي ساكتة.
لا تعلم ان كان ما شعرت به الآن هو الغضب أم الخوف؟ اهو الغضب من اصراره الدائم على الامتثال لاوامره حتى وان كانت رغم ارادتها؟ أم الخوف من تلك النظرات اللاهبة والمتوعدة التي رأتها في عينيه ان هي خالفت أوامره؟
ولكن ما كانت تعلمه حق العلم ,ان ذلك ليس بالوقت المناسب لعصيان اوامره. وبالفعل تجولت معه بين السيارات مرغمة الى ان وقع اختيارها على احدى السيارات ,أو بمعنى أدق لقد كان اختياره هو.فهو دائما صاحب الكلمة الأخيرة.
توجها بعد ذلك الى مكتب صاحب المعرض وأخبره بقرارهما ثم وقع معه عقد السيارة وكتب له شيكا بالمبلغ المطلوب وقد اتفقا على موعد التسليم. شكر يوسف الرجل, ثم أخذ مريم وغادرا بسيارتهما من جديد ,ولكن تلك المرة كانت مريم على علم بوجهتهما.حيث قرر سجانها ان الوقت قد حان للعودة الى المنزل.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أما وليد الزوج المثالي لأي فتاة تحلم بالاستقرار والبيت السعيد من وجهة نظر مريم بالطبع, فكان يجلس أمام التلفاز يشاهد مباراة لكرة القدم.
يوسف: مساء الخير.
رد وليد بعد أن ألقى عليهما نظرة سريعة ليعود مرة أخرى للتركيز على المبارة التي كانت تحتل كل اهتمامه في تلك اللحظة: مساء النور. اتعشيتوا ولا لسة؟
فرد يوسف وهو يجلس بجوارة لمتابعة المبارة كذلك: انا عن نفسي ماليش نفس.
فقالت مريم: وانا كمان,تصبحوا على خير.
وليد: وانتي من أهله.
وبعد أن صعدت مريم لغرفتها,فسأل وليد دون أن يبعد نظره عن التلفاز: شكلك زعلتها.
يوسف بعدم فهم: هي مين دي؟
وليد: أكيد بتكلم عن مراتك.
يوسف بدون اهتمام: اصلا كدة كدة, مفيش حد يقدر يرضي أي ست, صدقني يا صاحبي واسأل مجرب.
وجد يوسف أخيه قد ترك المباراة ليركز نظره عليه وهو يقول بلهجة مليئة بالازدراء: مجرب مع مين بقا؟ اوعى تكون تقصد الاشكال اللي كنت تعرفها؟ ياريت يا صاحبي تقدر تفرق. واياك في يوم تفكر انك تقارن مراتك بأي واحدة تانية عرفتها قبليها.فاهمني؟
أراح يوسف ظهره الى الخلف وهو يقول بفكر شارد: مراتي!
وليد: اه مراتك يا يوسف, ولا دي نسيتها هي كمان؟
تدارك يوسف خطأه سريعا: لا ,بس لسة الكلمة جديدة على وداني.تصبح على خير.
ثم نهض يوسف وتوجه ناحية السلم,فقال وليد بصوت لا يسمعه غيره: ربنا يهديك يا يوسف وييجي اليوم وتقدر النعمة اللي في ايدك.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي مكان آخر بأحدى الشقق الفاخرة كان ماهر يجلس مع علياء ويحتسيان أحد انواع الخمور, فسألته علياء بخبث: قولي بقا ناوي تعمل ايه تاني؟
ماهر بابتسامة شيطانية: وهو انا كنت لسة عملت اولاني؟!
علياء: طب ما ترسيني ع الحوار وتخليني معاك في الصورة.
فهمس ماهر باذنها وهو يفرك شعرها بيده: هيحصل يا جميل.وهو انا بردو اقدر اعمل حاجة من غيرك؟!
ثم ابتعد عنها قليلا وقد تغيرت ملامحه والتمعت عيناه بالشر وهو يصر على اسنانه: وديني يا يوسف لاقلب حياتك لجحيم.
علياء: وانا معاك.عشان يبقا يشبع بالسنيورة بتاعته. ها قولي بقا.
ادار ماهر وجهه اليها: هقولك. بس ركزي اوي بقا عشان مفيش مجال للغلط.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة اخرى الى فيلا يوسف جلال ويتكرر المشهد على طاولة الطعام حيث يجلس وليد يتناول فطاره ,فدخلت عليه مريم تقول: صباح الخير.
وليد: صباح النور يا مريم, اقعدي افطري
وبالفعل جلست مريم: لا,بالهنا والشفا.انا هشرب شاي بس.
وسكبت لنفسها كوبا من الشاي,وترددت قليلا قبل ان تسأل: هو يوسف متعود انه ينزل الشغل بدري كدة؟
وليد:لا. بس الايام دي لها وضع خاص.لانه بقا المسئول عن شركة الكامل بعد التوكيل اللي عمله جدك,وطبعا يوسف لازم يثبت انه اد المسئولية وخصوصا بعد العك اللي كان عمله جوز عمتك وابنه.
بدت الدهشة على وجهها: توكيل! هو جدو عمل ليوسف توكيل؟
وليد: انتي ما كنتيش تعرفي؟
مريم: لا.
وليد: اصل جدك يا ستي خاف ان في غيابه ممكن ان جوز عمتك يضيع كل حاجة,عشان كدة فكر ان يوسف هو الوحيد اللي هيقدر يقف قصاده.
مريم: تمام.
وبعد صمت لم يدم طويلا سألها وليد: مريم! انتي كلمتي حياة؟
تصنعت مريم الجهل فسألته: كلمتها؟ في ايه؟!
وليد: في موضوعي طبعا.
حاولت مريم التهرب: انت مستعجل على ايه؟ هو الجواز هيطير؟
وليد: وما استعجلش ليه بقا؟ انا والحمد لله جاهز من مجاميعه, ومش ناقصني حاجة,وهي والحمد لله في سنة تالتة دلوقت يعني كلها سنة وتخلص, يبقا هنستنا ليه بقا؟
مريم: اصل شكل حياة كدة مش بتفكر في الموضوع دة دلوقت.
وليد باصرار: يبقا جه الوقت اللي تبتدي تفكر فيه.
مريم بقلق: يعني ايه؟
وليد: يعني لو انتي مش هتقدري تخلصي الموضوع دة يا مريم, فاسمحيلي اني اكلم باباها.
مريم: طب افرض هي مش موافقة؟!
وليد بثقة زائدة: ليه بقا؟ وهو انا فيا ايه غلط عشان ترفضني؟ ولا ما يكونش فيه في حياتها حد غيري؟ مريم! صارحيني. هي قالتلك انها بتحب حد تاني؟
تلعثمت مريم وهي تجيب: هه! حد تاني! لا طبعا.
وليد وقدبدأت لهجته تزداد حدة: امال فيه ايه بقا؟ مالك بتقفليها ليه؟
مريم: ابدا والله يا وليد مش بقفلها ولا حاجة. دة انت حتى اخوية وبتمنالك كل سعادة, وحياة كمان اكتر من اختي والله وبتمنالها الخير. بس دي مسألة جواز يعني مش حاجة سهلة وانتم لازم تفكروا كويس قبل ما تاخدوا اي خطوة جادة.
فابتسم وليد وهو يعتذر: انا اسف يا مريم لاني اتعصبت عليكي, بس انتي لازم تفهمي كويس اوي اني مش باخد اي قرار في حياتي غير لما بكون واثق منه تماما. وانا متأكد ان حياة هي انسب واحدة ليا, انتي ما تعرفيش اد ايه انا بفكر فيها, من اول ما شفتها وهي محتلة كل تفكيري, انا فعلا قبل ما اعرفها موضوع الجواز دة ما كنش في دماغي اصلا, لكن بعد ما ظهرت في حياتي وهي صورتها على طول بتطاردني, هي الانسانة الوحيدة اللي عاوز اكمل معاها بقية حياتي واللي ممكن اثق انها هتشيل اسمي وتحافظ على سمعتي كويس اوي.
شعرت مريم بالدموع تملأ عينيها, فلقد هز كلام وليد كل كيانها واحساسها, فمن ناحية شعرت بالأسف تجاه صديقتها ومن ناحية اخرى ارادت ان تبكي لحالها, فلقد كانت تتمنى ان تتزوج رجلا يرغب بها ويحبها بتلك القوة ويسمعها ذلك الكلام الذي يمكنه ان يذيب عناد اي امرأة, ولكنها قررت ان مشكلة حياة هي الأن أهم عندها وأجدر بتفكيرها, فسرحت قليلا باحثة عن حل الى ان قالت لوليد الذي كان قد انهى فطاره ويحتسي الأن كوبا من الشاي على استعداد للرحيل: وليد!
وليد: نعم.
مريم: افرض مثلا انك اكتشفت ان حياة كانت على علاقة بحد غيرك, ساعتها هتعمل ايه؟ هتسيبها وتصرف نظر عن جوازك منها, ولا ممكن تسامحها ع الماضي وتبدأ معاها صفحة جديدة؟
وليد: اولا مفتكرش ان حياة من النوع دة, خجلها وبراءتها بيقولوا ان عمرها ما عرفت شاب قبل كدة, ويمكن دي اكتر حاجة عجباني فيها.
مريم: انا بقول افرض
وليد: ولو على سبيل الافتراض زي ما بتقولي فدة بيرجع لنوع العلاقة دي, يعني لو الحب الافلاطوني اللي بيحصل لكل المراهقين دة فكلنا مرينا بيه وعارفين انه بيبقا مجرد فترة وبينتهي ودي اكيد يعني مش حاجة هحاسبها عليها.
مريم بتردد: لا انا قصدي............
فقاطعها وليد بعد ان القى نظرة سريعة ناحية ساعة يده فنهض على عجل: معلش بقا يا مريم, انا اتأخرت ع الشغل, يبقا نكمل كلامنا بعدين بقا, سلام.
ثم أخذ حقيبة يده ورحل
مريم بصوت منخفض وفكر مشغول: مع السلامة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في بيت محمود البدري كانت حياة في المطبخ مع والدتها تساعدها في تجهيز الغداء الذي أوشك على الانتهاء, فقالت الأم"مها" لحياة وهي تتذوق الأرز: سيب اللي في ايدك انتي يا حياة,وروحي غيري هدومك عشان ابوكي زمانه جاي وعلاء معاه.
فقالت حياة بتذمر: علاء! وهو كل يوم يا ماما؟
فنهرتها مها بلطف: عيب يا حياة,دة ابن عمك بردو.
حياة: ايوة يا ماما,ابن عمي دة على عيني وعلى راسي,بس يكون كدة وبس.
مها: قصدك ايه يعني؟
حياة: قصدي يا ماما اني بدأت احس ان بابا بيفكر بطريقة تانية
مها: طب وفيها ايه يعني؟ وانتي تطولي اصلا؟ دة باشمهندس اد الدنيا وكمان عنده شقة قريبة مننا يعني مش هتبعدي عندي. وعلاوة على كدة دة ابن عمك واكتر واحد هيخاف عليكي.
حياة: اه يا ماما,بس انا مش بفكر في الموضوع دة دلوقت.
مها: وهتفكري فيه امتى بقا يا روح ماما؟ لما تعجزي واسنانك تقع وشعرك يبيض؟! لا يا حبيبتي انا وابوكي عاوزين نفرح بيكي بقا.
حياة: بس انا عاوزة اكمل تعليمي الأول.
مها: ومين قالك انك مش هتكملي تعليمك؟ دي كلها سنة فتتخطبوا دلوقت عقبال ما تجهزوا نفسكم تكون السنة فاتت وتكونوا كمان قربتوا من بعض اكتر.
لقد استنفذت حياة كل الحيل التي لديها,فتذكرت ان أقرب طريق للوصول هو الخط المستقيم لذا قالت: بس انا بقا يا ماما مش موافقة على علاء ابن عمي ومش هتجوزه.
وقبل ان تجد مها الفرصة للرد عليها سمعا صوت جرس الباب فقالت مها لابنتها: طب ياللا ياللا روحي البسي طرحة عشان تفتحي الباب اكيد دة بابا وعلاء, وبعدين هيبقا لينا كلام تاني.
وأطاعت حياة الامر وهي تشعر بالاستياء وتدعو الله أن يلهمها الصواب في هذا الامر
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
على طاولة الطعام وقد انتهى الجميع من تناول غداءه قامت كل من مها وحياة بافراغ المائدة, اما محمود وعلاء فقد توجها الى حجرة الصالون في انتظار القهوة التي أعدتها مها وقدمتها لهما حياة وكان علاء لا يستطيع ان يرفع عينيه عنها, ولكنها كانت تتجاهل نظراته وهي تشعر بالحرج الشديد وعندما استأذنت لتغادر المكان متحججة انها ستساعد والدتها في غسيل الاطباق وتنظيف المطبخ, قال لها والدها مازحا: ومن امتى النشاط دة يا حياة؟! يا ستي اقعدي معانا شوية وماما لو كانت عاوزاكي معاها هتناديلك.
علاء: سيبها يا عمي على راحتها, شكل كدة حياة مش عاوزة تقعد معايا انا على وجه الخصوص ولا ما تكونش مكسوفة مني؟!
فشعرت حياة بالاحراج وقالت وهي تجلس بجوار والدها: يا خبر, ليه بس تقول كدة يا علاء؟ معقولة هتكسف من اخوية؟!
وقعت الكلمة على كل من محمود وعلاء وقع الصدمة مما أكد شكوك حياة.ولكن استطاع علاء تدارك الموقف سريعا وهو يقول بلهجة مرحة: بس اظاهر كدة ان معلوماتك غلط يا بنت عمي. يعني لا انتي اسمك حياة منصور ولا انا اسمي علاء محمود, دة غير اننا مش راضعين على بعض.
ظهر الارتباك على وجه حياة وهي تقول: ماحنا مش لازم يعني نكون اخوات في الرضاعة وبس. يعني كفاية علاقة القرابة اللي بيننا وخوفك عليا . كل دة يخلينا زي الاخوات.
علاء بمراوغة: مانا ممكن اخاف عليكي بردو بس من غير موضوع اننا زي الاخوات دة.
حياة بخوف: قصدك ايه يعني؟
فاتجه نظره الى عمه وهو ينهض مبتسما: يبقا اسألي عمي بقا, عن اذنك يا عمي.
فنهض محمود في اثره: ما لسة بدري يابني.
علاء: لا . معلش بقا. مانا اكيد هاجي تاني.
ثم نظر الى حياة مودعا: سلام يا حياة.
فردت حياة بنبرة جافة وقد هربت الدماء من وجهها: مع السلامة.
خرج علاء وخلفه محمود الذي قام بتوصيله الى باب الشقة , مما اتاح لحياة فرصة الهروب الى حجرة نومها لترتمي على السرير وهي تردد بعيون باكية: يارب استرها معايا انا عارفة اني عصيتك كتير بس انت غفور رحيم. الهي ان يكن ذنبي عظيم فعفوك يا اله الكون اعظم.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أما في شركة كمال وهدان فقد كان يجلس خلف مكتبه عندما طُرق الباب فقال دون ان يرفع عينيه عن الملف الذي أمامه: ادخل.
دخل ماهر وحيا والده الذي قال له بنظرات متشككة: عملت ايه يا ماهر؟ يا ترى سبع ولا ضبع؟
فأجاب ماهر بابتسامته الخبيثة: عيب يا بوب دة انا ابنك بردو. محمد جمال مستني برة في مكتب السكرتارية.
فقال كمال متلهفا: وسايبه برة ليه؟ ما تخليه يدخل.
ماهر بكل برود: اهدى يا بوب, هو مش لازم يلاحظ لهفتنا دي والا هيغلي تمنه.
فعادت الى كمال رزانته من جديد وهو يقول مؤيدا وجهة نظر ابنه: معاك حق, المهم اتفقت معاه ولا لسة؟
ماهر: لا لسة, انا قلت اتقل ع الرز شوية.
كمال: يعني هو مستعد انه يتعاون معانا اصلا؟
ماهر: امال تفتكر ايه اللي جابه هنا؟ دة من النوع اللي يبيع ابوه عشان القرش.
كمال: طب تمام كدة. دخله بقا.
ماهر: اوامرك يا بوب.
وخرج ماهر وما لبث ان عاد من جديد وبصحبته رجل قد قارب على الاربعين يختلط الشيب برأسه, وما ان رأه كمال حتى قام بالترحيب به: اهلا اهلا استاذ محمد. دة الشركة نورت بزيارتك.
فصافحه محمد بكل احترام: منورة باصحابها يا كمال بيه.
فأشار له كمال: طب اتفضل اقعد
وبالفعل جلس محمد على الكرسي امامه.وسأله كمال بابتسامة: قولي بقا تشرب ايه؟
محمد بلهجة عملية: مفيش لزوم يا كمال بيه, انا بقول ندخل في الموضوع على طول.
فتبادل كمال نظرات سريعة مع ابنه الذي أومأ برأسه موافقا, فقال كمال: وهو كذلك, شوف بقا يا سيدي. احنا سمعنا ان شركة الكامل داخلة في مناقصة جديدة كان بيجهزلها عبدالرءوف الكامل قبل سفره والمفروض ان اللي هيكملها هو يوسف جلال.
محمد: معلومات حضرتك مظبوطة.
كمال: انا بقا عاوز صورة من ملف المناقصة دي.
محمد: ااااه, حضرتك عاوز تخسرهم المناقصة لصالح شركتك ولا يا ترى لصالح حد تاني؟
ماهر بتحذير: لا يا بطل, دي بقا ما ليكش فيها. انت كل اللي يهمك انك تجيبلنا الملف وتقبض حسنتك.
محمد مصححا: قصدك عمولتي يا ماهر بيه.
كمال: مش هنختلف ع المسمى.
محمد: اكيد لا طبعا, بس انا كل خوفي اننا نختلف ع المبلغ.
كمال: ولا دي كمان افتكر اننا هنختلف عليها.
محمد: ماشي يا كمال بيه, يبقا نقول 10%؟
ماهر: انت مش شايف ان كدة كتير اوي.
محمد: ما تنساش يا ماهر بيه ان لو حد كشف ان انا ورا المسألة دي هخسر وظيفتي ومش بعيد ادخل السجن كمان.
كمال: يا سيدي فال الله ولا فالك. بس خليك حنين معانا شوية, و 5% معقولة بردو.
محمد معترضا: بس يا كمال بيه.........
فقاطعه ماهر: مش معقول يا استاذ محمد انك هتكسر كلمة كمال بيه, وبعدين يا سيدي هتتعوض في حاجة تانية, والجايات اكتر. قولت ايه؟
محمد بعد تفكير سريع: خلاص اتفقنا.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة اخرى الى فيلا يوسف جلال لنجد وليد كعادته يجلس أمام التلفاز يشاهد فيلما اجنبيا حين دخل يوسف: مساء الخير.
رد وليد: مساء النور.
يوسف: انت سهران لحد دلوقت ليه؟
وليد: ابدا. بما ان بكرة اجازة فقلت اسهر شوية وكمان الفيلم دة عاجبني, انت بقا كنت فين لحد دلوقت؟
فرد يوسف ببساطة: عند علياء.
وقف وليد عند سماعه للاسم وهو يسأل: مش علياء دي.......
لم ينتظره يوسف ان يكمل جملته فقال: ايوة هي, كان عيد ميلادها النهاردة وعزمتني.
فاقترب منه وليد ونظر اليه نظرة شك وهو يسأله: يوسف! انت شارب؟
يوسف بضيق: ايوة يا سيدي, وياريت بلاش تسمعني نفس الاسطوانة اللي بتسمعهالي كل مرة, بلاش تعيش دور الزوجة الغيورة دة بقا لان المفروض اني خلاص بقيت متجوز فعلا.
وليد: كويس انك لسة فاكر, وياترى فاكر بقا ان الزوجة دي ليها حقوق عليك وكان ع الاقل لازم تاخدها معاك في عيد الميلاد دة؟
يوسف: اكيد ما كانتش هتوافق كانت احتمال تدخلي بقا في سكة الحلال والحرام.
وليد ساخرا: وطبعا السكة دي بعيدة عنك تماما.
فهتف يوسف بحزم: وليد! انت عارفني اني مش بحب حد يتدخل في تصرفاتي.
وليد بلطف: يا يوسف انا بجد خايف عليك, اللي انت بتعمله دة هيخليك تخسر مراتك, ودي الحاجة الوحيدة في حياتك اللي لو خسرتها مش هتقدر تعوضها تاني.
شعر يوسف بأن أخيه قد وضع الملح على جراحه ولكنه استطاع ان يخفي ذلك الألم الذي شعر به خلف ابتسامته وهو يتجه ناحية السلم: تصبح على خير يا صاحبي.
وليد: وانت من أهله.
توجه يوسف ناحية غرفة مريم وكان قد اعتاد ان يطرق الباب قبل دخوله, وعلى الرغم من انه كان متأكدا أن مريم ستكون نائمة في تلك الساعة المتأخرة الا انه طرق الباب , ولكنه اندهش عندما سمع صوت مريم الهادىء تقول: ادخل.
ففتح يوسف الباب ثم أغلقه خلفه ليجد مريم تجلس على أحد الكراسي بجوار الهاتف مرتدية روبا للنوم وفوقه الطرحة كما اعتادت ان تكون في وجوده حيث ما زالت تعتبره رجلا غريبا عنها.
يوسف: مساء الخير.
أجابت مريم وقد بدا الارهاق في نبرة صوتها: مساء النور.
يوسف: ايه اللي مصحيكي لحد دلوقت؟
مريم: جدو في العمليات و مستنية أطمن عليه.
فقال يوسف وقد خالطه شعورا بالذنب: اه صحيح, انا كنت ناسي. المهم مفيش اي اخبار؟
بدت مريم في حالة لا تحسد عليها من شدة القلق: المفروض ان جوة من حوالي أربع ساعات, مش عارفة هما اتأخروا كدة ليه؟
فقال يوسف بلهجة واثقة أراد بها ان يطمئنها: عملية زي دي أكيد بتاخد وقت, ما تقلقيش ان شاء الله خير, هو معاه احسن الدكاترة الالمان وكمان المصريين.
مريم: يارب.
يوسف:طيب انا هدخل اخد دش سريع وهجيلك.
مريم: لا مفيش داعي شكلك مرهق, انت روح خد دش ونام على طول وانا اول ما اطمن على جدو هنام انا كمان.
يوسف: على فكرة يا مريم, جدك دة مهم بالنسبالي زي ما هو مهم بالنسبالك, يعني انا خايف عليه زيك بالظبط وكلامي دة مش مجرد مجاملة, ياللا انا مش هتأخر.
فهزت مريم رأسها بالموافقة دون أي رغبة منها للدخول معه في جدال, فكان كل ما يهمها ويشغل تفكيرها في تلك اللحظة هو حياة جدها التي على المحك. فهي لا تشعر بالأمان الا في وجوده, هو دائما بالنسبة لها رمز الحب والأمان والدفىء الأسري الذي فقدته منذ وفاة والدها. وقد شعرت في تلك الساعات الرهيبة من الانتظار ان ليست حياة جدها وحده هي التي على المحك بل أن حياتها هي أيضا أصبحت كذلك
*حياة على المحك*
كانت مريم تركب في السيارة بجوار يوسف في صمت تام الى ان سألته وهي تدير وجهها اليه فجأة وبعصبية دلت على مدى ما تكتمه من غضب: ممكن بقا اعرف احنا رايحين فين دلوقت؟
فرد يوسف بهدوء ودون ان يحول نظره عن الطريق أمامه: لو صبرتي شوية أكيد هتعرفي.
ثم التوى فمه بسخرية وهو يقول: ما تخافيش, اكيد مش بخطط اني اخطفك. فياريت تهدي.
احمر وجه مريم غضبا من توبيخه المبطن, ولكنها لم تتمكن في هذه اللحظة من ان ترد له الصاع صاعين كما كانت ترغب لأن السيارة توقفت فجأة فنظرت مريم أمامها, ولفرط دهشتها رأت أنهما توقفا أمام أحد معارض السيارات, لم تستطع ان تخمن السبب ولم يترك لها يوسف الفرصة لتستفسر عن حقيقة الأمر حيث كان قد خرج من السيارة ودخل المعرض, اما هي فمن موقعها استطاعت ان ترى مدى ترحيب صاحب المعرض به, بالطبع فيوسف جلال ليس بالزبون الهين لأي تاجر, وما هي الا دقائق معدودة حتى عاد يوسف وطلب منها الترجل من السيارة فوافقت مريم على مضض وفي عقلها العديد من التساؤلات. اتجه بها داخل المعرض وقدمها لصاحب المعرض ذو الابتسامة التي قد حرص على ان لا تفارق وجهه: مريم الكامل, المدام.
صاحب المعرض: اهلا وسهلا يا فندم, احنا عندنا هنا احدث الموديلات اللي اتمنى انها تعجب حضرتك, وان شاء الله مش هتخرجي من هنا الا لما تلاقي طلبك.
كانت مريم تجهل تماما عما يتحدث عنه فلم تعلم بما يمكنها ان تجيب, وبالطبع تولى يوسف ذلك فقال للرجل: ان شاء الله. ممكن بقا انا والمدام ناخد جولة لوحدنا كدة في المعرض.
فأسرع الرجل: طبعا طبعا يا يوسف بيه, المكان مكانك , اتفضل حضرتك ولو احتجتني هتلاقيني في خدمتك.
يوسف: متشكر
وتركهم الرجل ورحل, فجذب يوسف مريم من يدها وكأنها طفلة يسحبها خلفه حتى وصلا الى مجموعة من السيارات الفاخرة باهظة الثمن ,فأفلتت مريم يدها بعنف وهي تقول له بصوت منخفض بحيث لا يستطيع احد العمال سماعهما ولكنه كان يحمل الكثير من الغضب: سيب ايدي. ولازم تفهم اني مش هتحرك خطوة تاني غير لما اعرف احنا بنعمل ايه هنا بالظبط.
يوسف: تفتكري الناس بتروح معرض السيارات ليه؟
تجاهلت مريم السخرية اللاذعة التي يحملها كلامه وسألته: لو كنت عاوز تشتري عربية, افتكر دي حاجة ما تخصنيش. وما كنش لازم تجيبني معاك.
فقال يوسف بنبرة جادة: معاكي حق. فعلا ما كنش لازم اجيبك معايا, بس انا قلت ان يمكن يكون دة حقك في انك تختاري العربية اللي المفروض هتكون بتاعتك.
مريم: بتاعتي انا!,ومين قالك اني عاوزة عربية؟ انا عندي عربيتي.
يوسف مصححا: قصدك عربية جدك اللي خلاها تحت امرك.
مريم بتحدي: جدو اشترى العربية دي مخصوص عشاني وكاتبها باسمي, يعني بقت عربيتي.
يوسف باصرار: ولو. انا مقبلش ان حد يصرف على مراتي طول ما هي شايلة اسمي حتى جدها نفسه.
مريم وقد أصرت على الاستمرار في عناده: بس انا بقا عجباني العربية اللي اشترهالي جدو,وانا مش عاوزة عربية غيرها.
يوسف: اوك, يبقا انتي حكمتي على نفسك يا مريم. وهو انك مش هتخرجي من البيت الا معايا,لان عمري ما هسمحلك انك تركبي العربية دي تاني.
فعلا صوت مريم قليلا: هو انت عاوز تتحداني وخلاص؟
يوسف بحزم: مريم! اولا صوتك ما يعلاش . وثانيا انا أكبر من اني اتحداكي. فاتقي غضبي واعملي اللي بقولك عليه وانتي ساكتة.
لا تعلم ان كان ما شعرت به الآن هو الغضب أم الخوف؟ اهو الغضب من اصراره الدائم على الامتثال لاوامره حتى وان كانت رغم ارادتها؟ أم الخوف من تلك النظرات اللاهبة والمتوعدة التي رأتها في عينيه ان هي خالفت أوامره؟
ولكن ما كانت تعلمه حق العلم ,ان ذلك ليس بالوقت المناسب لعصيان اوامره. وبالفعل تجولت معه بين السيارات مرغمة الى ان وقع اختيارها على احدى السيارات ,أو بمعنى أدق لقد كان اختياره هو.فهو دائما صاحب الكلمة الأخيرة.
توجها بعد ذلك الى مكتب صاحب المعرض وأخبره بقرارهما ثم وقع معه عقد السيارة وكتب له شيكا بالمبلغ المطلوب وقد اتفقا على موعد التسليم. شكر يوسف الرجل, ثم أخذ مريم وغادرا بسيارتهما من جديد ,ولكن تلك المرة كانت مريم على علم بوجهتهما.حيث قرر سجانها ان الوقت قد حان للعودة الى المنزل.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أما وليد الزوج المثالي لأي فتاة تحلم بالاستقرار والبيت السعيد من وجهة نظر مريم بالطبع, فكان يجلس أمام التلفاز يشاهد مباراة لكرة القدم.
يوسف: مساء الخير.
رد وليد بعد أن ألقى عليهما نظرة سريعة ليعود مرة أخرى للتركيز على المبارة التي كانت تحتل كل اهتمامه في تلك اللحظة: مساء النور. اتعشيتوا ولا لسة؟
فرد يوسف وهو يجلس بجوارة لمتابعة المبارة كذلك: انا عن نفسي ماليش نفس.
فقالت مريم: وانا كمان,تصبحوا على خير.
وليد: وانتي من أهله.
وبعد أن صعدت مريم لغرفتها,فسأل وليد دون أن يبعد نظره عن التلفاز: شكلك زعلتها.
يوسف بعدم فهم: هي مين دي؟
وليد: أكيد بتكلم عن مراتك.
يوسف بدون اهتمام: اصلا كدة كدة, مفيش حد يقدر يرضي أي ست, صدقني يا صاحبي واسأل مجرب.
وجد يوسف أخيه قد ترك المباراة ليركز نظره عليه وهو يقول بلهجة مليئة بالازدراء: مجرب مع مين بقا؟ اوعى تكون تقصد الاشكال اللي كنت تعرفها؟ ياريت يا صاحبي تقدر تفرق. واياك في يوم تفكر انك تقارن مراتك بأي واحدة تانية عرفتها قبليها.فاهمني؟
أراح يوسف ظهره الى الخلف وهو يقول بفكر شارد: مراتي!
وليد: اه مراتك يا يوسف, ولا دي نسيتها هي كمان؟
تدارك يوسف خطأه سريعا: لا ,بس لسة الكلمة جديدة على وداني.تصبح على خير.
ثم نهض يوسف وتوجه ناحية السلم,فقال وليد بصوت لا يسمعه غيره: ربنا يهديك يا يوسف وييجي اليوم وتقدر النعمة اللي في ايدك.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي مكان آخر بأحدى الشقق الفاخرة كان ماهر يجلس مع علياء ويحتسيان أحد انواع الخمور, فسألته علياء بخبث: قولي بقا ناوي تعمل ايه تاني؟
ماهر بابتسامة شيطانية: وهو انا كنت لسة عملت اولاني؟!
علياء: طب ما ترسيني ع الحوار وتخليني معاك في الصورة.
فهمس ماهر باذنها وهو يفرك شعرها بيده: هيحصل يا جميل.وهو انا بردو اقدر اعمل حاجة من غيرك؟!
ثم ابتعد عنها قليلا وقد تغيرت ملامحه والتمعت عيناه بالشر وهو يصر على اسنانه: وديني يا يوسف لاقلب حياتك لجحيم.
علياء: وانا معاك.عشان يبقا يشبع بالسنيورة بتاعته. ها قولي بقا.
ادار ماهر وجهه اليها: هقولك. بس ركزي اوي بقا عشان مفيش مجال للغلط.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة اخرى الى فيلا يوسف جلال ويتكرر المشهد على طاولة الطعام حيث يجلس وليد يتناول فطاره ,فدخلت عليه مريم تقول: صباح الخير.
وليد: صباح النور يا مريم, اقعدي افطري
وبالفعل جلست مريم: لا,بالهنا والشفا.انا هشرب شاي بس.
وسكبت لنفسها كوبا من الشاي,وترددت قليلا قبل ان تسأل: هو يوسف متعود انه ينزل الشغل بدري كدة؟
وليد:لا. بس الايام دي لها وضع خاص.لانه بقا المسئول عن شركة الكامل بعد التوكيل اللي عمله جدك,وطبعا يوسف لازم يثبت انه اد المسئولية وخصوصا بعد العك اللي كان عمله جوز عمتك وابنه.
بدت الدهشة على وجهها: توكيل! هو جدو عمل ليوسف توكيل؟
وليد: انتي ما كنتيش تعرفي؟
مريم: لا.
وليد: اصل جدك يا ستي خاف ان في غيابه ممكن ان جوز عمتك يضيع كل حاجة,عشان كدة فكر ان يوسف هو الوحيد اللي هيقدر يقف قصاده.
مريم: تمام.
وبعد صمت لم يدم طويلا سألها وليد: مريم! انتي كلمتي حياة؟
تصنعت مريم الجهل فسألته: كلمتها؟ في ايه؟!
وليد: في موضوعي طبعا.
حاولت مريم التهرب: انت مستعجل على ايه؟ هو الجواز هيطير؟
وليد: وما استعجلش ليه بقا؟ انا والحمد لله جاهز من مجاميعه, ومش ناقصني حاجة,وهي والحمد لله في سنة تالتة دلوقت يعني كلها سنة وتخلص, يبقا هنستنا ليه بقا؟
مريم: اصل شكل حياة كدة مش بتفكر في الموضوع دة دلوقت.
وليد باصرار: يبقا جه الوقت اللي تبتدي تفكر فيه.
مريم بقلق: يعني ايه؟
وليد: يعني لو انتي مش هتقدري تخلصي الموضوع دة يا مريم, فاسمحيلي اني اكلم باباها.
مريم: طب افرض هي مش موافقة؟!
وليد بثقة زائدة: ليه بقا؟ وهو انا فيا ايه غلط عشان ترفضني؟ ولا ما يكونش فيه في حياتها حد غيري؟ مريم! صارحيني. هي قالتلك انها بتحب حد تاني؟
تلعثمت مريم وهي تجيب: هه! حد تاني! لا طبعا.
وليد وقدبدأت لهجته تزداد حدة: امال فيه ايه بقا؟ مالك بتقفليها ليه؟
مريم: ابدا والله يا وليد مش بقفلها ولا حاجة. دة انت حتى اخوية وبتمنالك كل سعادة, وحياة كمان اكتر من اختي والله وبتمنالها الخير. بس دي مسألة جواز يعني مش حاجة سهلة وانتم لازم تفكروا كويس قبل ما تاخدوا اي خطوة جادة.
فابتسم وليد وهو يعتذر: انا اسف يا مريم لاني اتعصبت عليكي, بس انتي لازم تفهمي كويس اوي اني مش باخد اي قرار في حياتي غير لما بكون واثق منه تماما. وانا متأكد ان حياة هي انسب واحدة ليا, انتي ما تعرفيش اد ايه انا بفكر فيها, من اول ما شفتها وهي محتلة كل تفكيري, انا فعلا قبل ما اعرفها موضوع الجواز دة ما كنش في دماغي اصلا, لكن بعد ما ظهرت في حياتي وهي صورتها على طول بتطاردني, هي الانسانة الوحيدة اللي عاوز اكمل معاها بقية حياتي واللي ممكن اثق انها هتشيل اسمي وتحافظ على سمعتي كويس اوي.
شعرت مريم بالدموع تملأ عينيها, فلقد هز كلام وليد كل كيانها واحساسها, فمن ناحية شعرت بالأسف تجاه صديقتها ومن ناحية اخرى ارادت ان تبكي لحالها, فلقد كانت تتمنى ان تتزوج رجلا يرغب بها ويحبها بتلك القوة ويسمعها ذلك الكلام الذي يمكنه ان يذيب عناد اي امرأة, ولكنها قررت ان مشكلة حياة هي الأن أهم عندها وأجدر بتفكيرها, فسرحت قليلا باحثة عن حل الى ان قالت لوليد الذي كان قد انهى فطاره ويحتسي الأن كوبا من الشاي على استعداد للرحيل: وليد!
وليد: نعم.
مريم: افرض مثلا انك اكتشفت ان حياة كانت على علاقة بحد غيرك, ساعتها هتعمل ايه؟ هتسيبها وتصرف نظر عن جوازك منها, ولا ممكن تسامحها ع الماضي وتبدأ معاها صفحة جديدة؟
وليد: اولا مفتكرش ان حياة من النوع دة, خجلها وبراءتها بيقولوا ان عمرها ما عرفت شاب قبل كدة, ويمكن دي اكتر حاجة عجباني فيها.
مريم: انا بقول افرض
وليد: ولو على سبيل الافتراض زي ما بتقولي فدة بيرجع لنوع العلاقة دي, يعني لو الحب الافلاطوني اللي بيحصل لكل المراهقين دة فكلنا مرينا بيه وعارفين انه بيبقا مجرد فترة وبينتهي ودي اكيد يعني مش حاجة هحاسبها عليها.
مريم بتردد: لا انا قصدي............
فقاطعها وليد بعد ان القى نظرة سريعة ناحية ساعة يده فنهض على عجل: معلش بقا يا مريم, انا اتأخرت ع الشغل, يبقا نكمل كلامنا بعدين بقا, سلام.
ثم أخذ حقيبة يده ورحل
مريم بصوت منخفض وفكر مشغول: مع السلامة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في بيت محمود البدري كانت حياة في المطبخ مع والدتها تساعدها في تجهيز الغداء الذي أوشك على الانتهاء, فقالت الأم"مها" لحياة وهي تتذوق الأرز: سيب اللي في ايدك انتي يا حياة,وروحي غيري هدومك عشان ابوكي زمانه جاي وعلاء معاه.
فقالت حياة بتذمر: علاء! وهو كل يوم يا ماما؟
فنهرتها مها بلطف: عيب يا حياة,دة ابن عمك بردو.
حياة: ايوة يا ماما,ابن عمي دة على عيني وعلى راسي,بس يكون كدة وبس.
مها: قصدك ايه يعني؟
حياة: قصدي يا ماما اني بدأت احس ان بابا بيفكر بطريقة تانية
مها: طب وفيها ايه يعني؟ وانتي تطولي اصلا؟ دة باشمهندس اد الدنيا وكمان عنده شقة قريبة مننا يعني مش هتبعدي عندي. وعلاوة على كدة دة ابن عمك واكتر واحد هيخاف عليكي.
حياة: اه يا ماما,بس انا مش بفكر في الموضوع دة دلوقت.
مها: وهتفكري فيه امتى بقا يا روح ماما؟ لما تعجزي واسنانك تقع وشعرك يبيض؟! لا يا حبيبتي انا وابوكي عاوزين نفرح بيكي بقا.
حياة: بس انا عاوزة اكمل تعليمي الأول.
مها: ومين قالك انك مش هتكملي تعليمك؟ دي كلها سنة فتتخطبوا دلوقت عقبال ما تجهزوا نفسكم تكون السنة فاتت وتكونوا كمان قربتوا من بعض اكتر.
لقد استنفذت حياة كل الحيل التي لديها,فتذكرت ان أقرب طريق للوصول هو الخط المستقيم لذا قالت: بس انا بقا يا ماما مش موافقة على علاء ابن عمي ومش هتجوزه.
وقبل ان تجد مها الفرصة للرد عليها سمعا صوت جرس الباب فقالت مها لابنتها: طب ياللا ياللا روحي البسي طرحة عشان تفتحي الباب اكيد دة بابا وعلاء, وبعدين هيبقا لينا كلام تاني.
وأطاعت حياة الامر وهي تشعر بالاستياء وتدعو الله أن يلهمها الصواب في هذا الامر
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
على طاولة الطعام وقد انتهى الجميع من تناول غداءه قامت كل من مها وحياة بافراغ المائدة, اما محمود وعلاء فقد توجها الى حجرة الصالون في انتظار القهوة التي أعدتها مها وقدمتها لهما حياة وكان علاء لا يستطيع ان يرفع عينيه عنها, ولكنها كانت تتجاهل نظراته وهي تشعر بالحرج الشديد وعندما استأذنت لتغادر المكان متحججة انها ستساعد والدتها في غسيل الاطباق وتنظيف المطبخ, قال لها والدها مازحا: ومن امتى النشاط دة يا حياة؟! يا ستي اقعدي معانا شوية وماما لو كانت عاوزاكي معاها هتناديلك.
علاء: سيبها يا عمي على راحتها, شكل كدة حياة مش عاوزة تقعد معايا انا على وجه الخصوص ولا ما تكونش مكسوفة مني؟!
فشعرت حياة بالاحراج وقالت وهي تجلس بجوار والدها: يا خبر, ليه بس تقول كدة يا علاء؟ معقولة هتكسف من اخوية؟!
وقعت الكلمة على كل من محمود وعلاء وقع الصدمة مما أكد شكوك حياة.ولكن استطاع علاء تدارك الموقف سريعا وهو يقول بلهجة مرحة: بس اظاهر كدة ان معلوماتك غلط يا بنت عمي. يعني لا انتي اسمك حياة منصور ولا انا اسمي علاء محمود, دة غير اننا مش راضعين على بعض.
ظهر الارتباك على وجه حياة وهي تقول: ماحنا مش لازم يعني نكون اخوات في الرضاعة وبس. يعني كفاية علاقة القرابة اللي بيننا وخوفك عليا . كل دة يخلينا زي الاخوات.
علاء بمراوغة: مانا ممكن اخاف عليكي بردو بس من غير موضوع اننا زي الاخوات دة.
حياة بخوف: قصدك ايه يعني؟
فاتجه نظره الى عمه وهو ينهض مبتسما: يبقا اسألي عمي بقا, عن اذنك يا عمي.
فنهض محمود في اثره: ما لسة بدري يابني.
علاء: لا . معلش بقا. مانا اكيد هاجي تاني.
ثم نظر الى حياة مودعا: سلام يا حياة.
فردت حياة بنبرة جافة وقد هربت الدماء من وجهها: مع السلامة.
خرج علاء وخلفه محمود الذي قام بتوصيله الى باب الشقة , مما اتاح لحياة فرصة الهروب الى حجرة نومها لترتمي على السرير وهي تردد بعيون باكية: يارب استرها معايا انا عارفة اني عصيتك كتير بس انت غفور رحيم. الهي ان يكن ذنبي عظيم فعفوك يا اله الكون اعظم.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
أما في شركة كمال وهدان فقد كان يجلس خلف مكتبه عندما طُرق الباب فقال دون ان يرفع عينيه عن الملف الذي أمامه: ادخل.
دخل ماهر وحيا والده الذي قال له بنظرات متشككة: عملت ايه يا ماهر؟ يا ترى سبع ولا ضبع؟
فأجاب ماهر بابتسامته الخبيثة: عيب يا بوب دة انا ابنك بردو. محمد جمال مستني برة في مكتب السكرتارية.
فقال كمال متلهفا: وسايبه برة ليه؟ ما تخليه يدخل.
ماهر بكل برود: اهدى يا بوب, هو مش لازم يلاحظ لهفتنا دي والا هيغلي تمنه.
فعادت الى كمال رزانته من جديد وهو يقول مؤيدا وجهة نظر ابنه: معاك حق, المهم اتفقت معاه ولا لسة؟
ماهر: لا لسة, انا قلت اتقل ع الرز شوية.
كمال: يعني هو مستعد انه يتعاون معانا اصلا؟
ماهر: امال تفتكر ايه اللي جابه هنا؟ دة من النوع اللي يبيع ابوه عشان القرش.
كمال: طب تمام كدة. دخله بقا.
ماهر: اوامرك يا بوب.
وخرج ماهر وما لبث ان عاد من جديد وبصحبته رجل قد قارب على الاربعين يختلط الشيب برأسه, وما ان رأه كمال حتى قام بالترحيب به: اهلا اهلا استاذ محمد. دة الشركة نورت بزيارتك.
فصافحه محمد بكل احترام: منورة باصحابها يا كمال بيه.
فأشار له كمال: طب اتفضل اقعد
وبالفعل جلس محمد على الكرسي امامه.وسأله كمال بابتسامة: قولي بقا تشرب ايه؟
محمد بلهجة عملية: مفيش لزوم يا كمال بيه, انا بقول ندخل في الموضوع على طول.
فتبادل كمال نظرات سريعة مع ابنه الذي أومأ برأسه موافقا, فقال كمال: وهو كذلك, شوف بقا يا سيدي. احنا سمعنا ان شركة الكامل داخلة في مناقصة جديدة كان بيجهزلها عبدالرءوف الكامل قبل سفره والمفروض ان اللي هيكملها هو يوسف جلال.
محمد: معلومات حضرتك مظبوطة.
كمال: انا بقا عاوز صورة من ملف المناقصة دي.
محمد: ااااه, حضرتك عاوز تخسرهم المناقصة لصالح شركتك ولا يا ترى لصالح حد تاني؟
ماهر بتحذير: لا يا بطل, دي بقا ما ليكش فيها. انت كل اللي يهمك انك تجيبلنا الملف وتقبض حسنتك.
محمد مصححا: قصدك عمولتي يا ماهر بيه.
كمال: مش هنختلف ع المسمى.
محمد: اكيد لا طبعا, بس انا كل خوفي اننا نختلف ع المبلغ.
كمال: ولا دي كمان افتكر اننا هنختلف عليها.
محمد: ماشي يا كمال بيه, يبقا نقول 10%؟
ماهر: انت مش شايف ان كدة كتير اوي.
محمد: ما تنساش يا ماهر بيه ان لو حد كشف ان انا ورا المسألة دي هخسر وظيفتي ومش بعيد ادخل السجن كمان.
كمال: يا سيدي فال الله ولا فالك. بس خليك حنين معانا شوية, و 5% معقولة بردو.
محمد معترضا: بس يا كمال بيه.........
فقاطعه ماهر: مش معقول يا استاذ محمد انك هتكسر كلمة كمال بيه, وبعدين يا سيدي هتتعوض في حاجة تانية, والجايات اكتر. قولت ايه؟
محمد بعد تفكير سريع: خلاص اتفقنا.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة اخرى الى فيلا يوسف جلال لنجد وليد كعادته يجلس أمام التلفاز يشاهد فيلما اجنبيا حين دخل يوسف: مساء الخير.
رد وليد: مساء النور.
يوسف: انت سهران لحد دلوقت ليه؟
وليد: ابدا. بما ان بكرة اجازة فقلت اسهر شوية وكمان الفيلم دة عاجبني, انت بقا كنت فين لحد دلوقت؟
فرد يوسف ببساطة: عند علياء.
وقف وليد عند سماعه للاسم وهو يسأل: مش علياء دي.......
لم ينتظره يوسف ان يكمل جملته فقال: ايوة هي, كان عيد ميلادها النهاردة وعزمتني.
فاقترب منه وليد ونظر اليه نظرة شك وهو يسأله: يوسف! انت شارب؟
يوسف بضيق: ايوة يا سيدي, وياريت بلاش تسمعني نفس الاسطوانة اللي بتسمعهالي كل مرة, بلاش تعيش دور الزوجة الغيورة دة بقا لان المفروض اني خلاص بقيت متجوز فعلا.
وليد: كويس انك لسة فاكر, وياترى فاكر بقا ان الزوجة دي ليها حقوق عليك وكان ع الاقل لازم تاخدها معاك في عيد الميلاد دة؟
يوسف: اكيد ما كانتش هتوافق كانت احتمال تدخلي بقا في سكة الحلال والحرام.
وليد ساخرا: وطبعا السكة دي بعيدة عنك تماما.
فهتف يوسف بحزم: وليد! انت عارفني اني مش بحب حد يتدخل في تصرفاتي.
وليد بلطف: يا يوسف انا بجد خايف عليك, اللي انت بتعمله دة هيخليك تخسر مراتك, ودي الحاجة الوحيدة في حياتك اللي لو خسرتها مش هتقدر تعوضها تاني.
شعر يوسف بأن أخيه قد وضع الملح على جراحه ولكنه استطاع ان يخفي ذلك الألم الذي شعر به خلف ابتسامته وهو يتجه ناحية السلم: تصبح على خير يا صاحبي.
وليد: وانت من أهله.
توجه يوسف ناحية غرفة مريم وكان قد اعتاد ان يطرق الباب قبل دخوله, وعلى الرغم من انه كان متأكدا أن مريم ستكون نائمة في تلك الساعة المتأخرة الا انه طرق الباب , ولكنه اندهش عندما سمع صوت مريم الهادىء تقول: ادخل.
ففتح يوسف الباب ثم أغلقه خلفه ليجد مريم تجلس على أحد الكراسي بجوار الهاتف مرتدية روبا للنوم وفوقه الطرحة كما اعتادت ان تكون في وجوده حيث ما زالت تعتبره رجلا غريبا عنها.
يوسف: مساء الخير.
أجابت مريم وقد بدا الارهاق في نبرة صوتها: مساء النور.
يوسف: ايه اللي مصحيكي لحد دلوقت؟
مريم: جدو في العمليات و مستنية أطمن عليه.
فقال يوسف وقد خالطه شعورا بالذنب: اه صحيح, انا كنت ناسي. المهم مفيش اي اخبار؟
بدت مريم في حالة لا تحسد عليها من شدة القلق: المفروض ان جوة من حوالي أربع ساعات, مش عارفة هما اتأخروا كدة ليه؟
فقال يوسف بلهجة واثقة أراد بها ان يطمئنها: عملية زي دي أكيد بتاخد وقت, ما تقلقيش ان شاء الله خير, هو معاه احسن الدكاترة الالمان وكمان المصريين.
مريم: يارب.
يوسف:طيب انا هدخل اخد دش سريع وهجيلك.
مريم: لا مفيش داعي شكلك مرهق, انت روح خد دش ونام على طول وانا اول ما اطمن على جدو هنام انا كمان.
يوسف: على فكرة يا مريم, جدك دة مهم بالنسبالي زي ما هو مهم بالنسبالك, يعني انا خايف عليه زيك بالظبط وكلامي دة مش مجرد مجاملة, ياللا انا مش هتأخر.
فهزت مريم رأسها بالموافقة دون أي رغبة منها للدخول معه في جدال, فكان كل ما يهمها ويشغل تفكيرها في تلك اللحظة هو حياة جدها التي على المحك. فهي لا تشعر بالأمان الا في وجوده, هو دائما بالنسبة لها رمز الحب والأمان والدفىء الأسري الذي فقدته منذ وفاة والدها. وقد شعرت في تلك الساعات الرهيبة من الانتظار ان ليست حياة جدها وحده هي التي على المحك بل أن حياتها هي أيضا أصبحت كذلك