اخر الروايات

رواية اردتك عمرا فكنت عابرا الفصل العاشر 10 بقلم الهام عبدالرحمن

رواية اردتك عمرا فكنت عابرا الفصل العاشر 10 بقلم الهام عبدالرحمن 



                                              
في صباح اليوم التالي، دخلت "مسك" على "يونس" في غرفته بخطى سريعة ونظرة مشتعلة بالغضب.
كان يجلس على كرسيه كعادته، هادئ الملامح… لكن داخله كان بركانًا ينتظر الشرارة الأولى.

+


وقفت أمامه وقالت بحدة، وعيناها تهرب منه:

+


مسك بعصبية:
"أنا قررت خلاص  انى هتجوز مؤمن!"

+


رفع "يونس" رأسه ببطء، ونظر إليها، وصدره يعلو ويهبط من الغيرة المكبوتة.

+


يونس بجمود متعمد:
"برافو…
هتتجوزي واحد… وإنتي بتحبي واحد تاني؟"

+


نظرت إليه بذهول، كأن كلماته صفعتها.

+


مسك:
"إيه؟!
إنت بتقول إيه؟ أنا… مبحبش حد،
ومؤمن الشخص المناسب ليا،
على الأقل بيحبني بجد… كفاية انه استنانى سنين و مفقدش الامل للحظة ."

+


ضحك "يونس" ضحكة مرّة، ثم قال بنبرة موجوعة:

+


يونس:
"عندك حق…
مؤمن أنسب ليكي منّي…
أنا إيه؟
أعمى؟ كبير عنك بعشر سنين؟ مطلق؟
أنا عارف إنك رفضتيني عشان كده."

+


نظرت إليه بذهول أكبر، وصوتها خرج عاليًا لأول مرة:

+


مسك بصوت متوتر:
"إنت بتقول إيه يا يونس؟!
أنا عمري ما رفضتك عشان كده!
إزاي تفكر تفكير بالشكل ده؟!
إنت مجنون؟!"

+


اقترب منها فجأة، وخطا خطوات بطيئة نحوها، ونظره مثبت على وجهها.
وقفت مذهولة… كأنها فهمت شيئًا مرعبًا في تلك اللحظة .

+


يونس بهدوء مفاجئ، وبصوت شبه هامس:
"لو مكنتيش رفضتيني عشان كده…
أومال ليه رفضانى؟
ليه يا مسك؟
ليه رفضتيني… وإنتي بتحبيني؟"

+


اتسعت عيناها، ونبض قلبها تسارع كأنها سقطت في هوّة بلا قرار.

+


مسك بارتباك:
"أنا… أنا مش… مش بحبك…
إنت فاهم غلط…
أنا قلبي مقفول…
عمري ما حبيت، ولا ناوية أحب انت بالنسبالى اخويا الكبير أبيه يونس وبس."

+


ابتسم بسخرية حزينة، ثم اقترب أكثر، وصوته ينخفض أكثر فأكثر:

+


يونس:
"مش بتحبيني؟
أومال اللي قولتيه زمان لما كنتي صغيرة…
وقولتيلي إنك هتتجوزيني لما تكبري…
كان إيه؟ عاوزة تفهمبنى ان قلبك نسى الحب دا مستحيل اصدق انا عارف إنك بتعملي نفسك مشغولة بالدراسة طول الوقت عشان متفكريش فيا، بس الحقيقة إنك مش عايزة تبعدي عني عاوزة قربى "

+


لم ترد، كانت تتنفس بصعوبة، ووجهها احمرّ من التوتر، فتابع:

+


يونس وهو يهمس بصوته المكسور:
"أنا شايفك يا مسك…
شايفك بقلبى قبل عينى…
بشوف كل نظرة، كل لمسة، كل ارتباك.
وعارف ومتاكد إنك بتحبيني…
وإنتي اللي مش عايزة تعترفي كبريائك مانعك من انك تعترفى بحبك لواحد اعمى عايش بس دلوقتي بسبب حبك اللى فى قلبه."

+



         
          

                
سقطت دمعة من عينيها، لكنها حاولت إخفاءها، وقالت بغضب مرتجف:

+


مسك:
"كفاية… كفاية بقى…
أنا مش بحبك،
حتى لو كنت بحبك زمان، دلوقتي… خلاص،
كل حاجة اتغيرت انا كبرت كبرت اوى كبرت بقلب مكسور معرفتش اداويه طول السنين دى كبرت لدرجة انى مبقتش اصدق ان فى حاجة اسمها حب ."

+


لكن "يونس" لم يتراجع، بل زاد قربًا، ونظر في عينيها مباشرة، ثم قال بجديّة وقوة:

+


يونس:
"أنا هتجوزك…
حتى لو غصب عنك.
لأنك ليا…
وهتفضلي ليا."

+


نظرت إليه في صدمة، قلبها يصرخ، وعقلها لا يصدق…

+


لكنه كان حاسمًا، حقيقيًا، لا يعرف التراجع…
أما هي، فخرجت من الغرفة وهي ترتجف من الداخل… لا تعلم، هل تبكي لأنها ما زالت تحبه؟
أم لأنها لم تعد تملك القدرة على الهروب منه بعد الآن؟

+


مرت الايام مابين شد وجذب بين يونس ومسك، كان يونس مستمتع باغاظتها وقلبه يشعر بالسعادة لانه عاد ينبض من جديد بسبب حبها الذى ملأه، هذا الحب الذى احياه من جديد. 

+


في يوم كتب الكتاب…

+


كان "يونس" جالسًا بجوار والدته في غرفة الاستقبال ملابسه انيقة ومهندمة، شعره مُصفف بعناية، ووجهه هادئ لكنه يحمل بين طيّاته توترًا غريبًا.

+


دخلت "مسك" أخيرًا، ترتدي فستانًا بسيطًا بلون هادئ، يليق برقتها وخجلها، وحجابًا منسّقًا يُكمل ملامحها الطفولية… كانت كنسمة صيف دافئة.

+


رآها "يونس"، فابتسم بعينين ملأهما الدهشة والذهول، كأنه يراها للمرة الأولى، كأنها كل ما انتظره من الدنيا.

+


لكنّه تدارك نفسه، وعدّل جلسته كأنه لا يراها، وأدار وجهه قليلًا كي لا تشك في شيء.

+


اقتربت منه "مسك" بخجل، جلست بجواره، وهي تهمس لنفسها:

+


مسك بهمس داخلي:
"هو… هو شكله مركز أوي كدا ليه… حاسة كانه شايفنى يمكن بيتهيألي؟
ولا هو… شايفنى بجد؟!"

+


لكن "يونس" لم يحرّك عينيه نحوها بعد الجلوس، بل ظل صامتًا، وكأن لا شيء تغيّر.

+


تمّ عقد القِران، وتبادل الأهل التهاني، بينما "يونس" ما زال يُخفي نيران اللهفة خلف ابتسامته الماكرة.

+


وبعد قليل…

+


انتهى الزحام، ودخل "يونس" غرفة "مسك" لأول مرة بعد الزواج.
كانت الغرفة هادئة، تفوح منها رائحة الورد، وهوائها دافئ ومليء بتفاصيلها.

+


وقفت "مسك" أمام التسريحة، تعدل حجابها بخجل، وحين دخل "يونس"، شعرت بقلبها يكاد يقفز من التوتر.

+


جلس على طرف السرير، ثم ناداها بصوته الدافئ:

+


يونس:
"تعالي يامسك اقعدى جنبى هنا شوية…"

+


          

                
اقتربت بخطوات مترددة، ووقفت أمامه، بينما هو رفع عينيه ونظر اليها…
نظرة حب، ولهفة، واشتياق سنين.

+


مسك بصوت مضطرب:
"إنت… إنت بتبصلي كده ليه؟"

+


يونس بابتسامة صغيرة:
"يعني ماينفعش أبص لمراتي؟"

+


مسك وهي ترجع خطوتين:
"بس… بس إنت… مش مفروض…"

+


قاطعها بهدوء وهو يهب واقفا امامها، ثم قال بنبرة دافئة:

+


يونس:
"أنا كنت ساكت بقالى كتير…
بس النهارده، عايز أقولك كل حاجة كتمتها…
أنا بحبك يا مسك، من زمان…
وكل لحظة كنتي فيها قريبة، كنت بحس إنك البلسم… البلسم اللى بيرطب حياتى 
وكل مرة بعدتي، كنت بموت بالبطيء."

+


همّت "مسك" بالكلام، لكنه اقبرب منها أكثر، نظر في عينيها وقال بشوق:

+


يونس:
"أنا عشت سنين تايه…
لكن إنتي كنتي النور الوحيد في الضلمة اللى كنت عايش فيها …
كنت بدوّر عليكي حتى وأنا مش شايف،
وكنت شايفك بقلبى قبل عينى."

+


لكنها رفعت يدها فجأة، وقالت بسرعة:

+


مسك بتوتر:
"يونس… استنى.
أنا… أنا وافقت أتجوزك عشان خالتي…عشان
كانت تعبانة، وانا خوفت عليها…خوفت اكون السبب لو جرالها حاجة واعيش بذنبها طول عمرى لكن انا عوزاك تفهم  إحنا مش أكتر من إخوات،
وإنت عارف دا."

+


يونس فجأة باندهاش و"ردح: ناااااعم يااااختي! إخوات؟ اومال المأذون اللى كان برا دا ايه وانا عمال اقولك بحبك ومصدقت اننا اتجوزنا وانتى بتقوليلى اخوات. 

+


هو انا يا ختى، اتجوزتك علشان نبقى إخوات؟!
لا يا حبيبتي… انسَي…
إنتي مراتي…
فاهمة يعنى إيه مراتي؟
يعني أنا ليّا عليكي،
وليّا فيكى،
وليّا من غير ما تسألي ليه!"

+


مسك كانت مصدومة… لكن مش بس من كلامه،
من حاجة تانية تمامًا…

+


مسك بداخلها:
"هو… هو بيبصلي؟!
عينه ماشية معايا وأنا بتحرك…
يعني… شايف؟!"

+


قررت تتأكد، فاتحركت ناحية اليمين ببطء…
ولاحظت إن عينه راحت معاها.
رجعت شمال… نفس الشيء.
وقفت فجأة… لقت نظره مثبت عليها تمامًا.

+


مسك بصوت منخفض ومصدوم:
"إنت… إنت شايف؟! "

+


ابتسم "يونس" ابتسامة شقية جدًا، وقال بنبرة هادئة:

+


يونس:
"شايف؟
أنا شايفك من قبل ما أشوفك،
بس دلوقتي… بشوفك بعنيا،
وبقلبي…
وجاهز أعيّش العمر كله وأنا شايفك بس إنتي وعمر عيونى ماهتشوف غيرك."

+


فور تأكدها من نظراته...

+


تراجعت "مسك" خطوتين للخلف، ثم قالت بانفعال شديد، صوتها بيرتعش بين صدمة وغضب:

+


مسك:
" يعنى إنت شايف بجد؟!
يعنى كنت بتضحك عليّا؟!
إزاي؟!
فتحت إمتى؟! ومن إمتى وانت بتخدعنى ؟!
وإزاي قدرت تمثّل عليّا بالشكل دا؟!"

+



        
          

                
يونس اتلخبط، اتوتر، وبصّ ليها بحزن وهو يقرّب خطوة:

+


يونس:
"مسك… اسمعيني بس…
أنا ما كنتش بلعب عليكي،
أنا… أنا كنت خايف، والله كنت خايف."

+


مسك بعصبية:
"خايف من إيه؟!
خايف عليا ولا خايف من نفسك؟!
ولا كنت مستمتع وأنا فاكرة إنك محتاجني؟
كنت مخليني عايشة كدبة!"

+


يونس بصوت واطي:
"أنا كنت خايف تخافي من مشاعرك،
كنت متأكد إنك بتحبيني،
بس طول ما أنا أعمى… كنتي بتسيبي مشاعرك تطلع،
كنت بشوف حبك في كل حاجة… في صوتك، في لمستك، في خوفك عليّا…
لكن كنت واثق إنه أول ما تعرفي إني فتحت، هتبعدي…"

+


مسك بصوت مكسور:
"بس دا اسمه خداع يا يونس…
أنا مبحبش الكذب،
حتى لو كان بحجة الحب."

+


يونس بقلب مشتاق:
"أنا بحبك يا مسك…
وبعمل المستحيل علشان تبقي ليا،
أنا فضّلت ألف مرة أموت عن إني أشوفك بتبعدي،
أنا… أنا روحي اتولدت يوم ما عرفت واتاكدت من حبى ليكى وحبك ليا،
والحياة كان ليها معنى وانتِ جنبي،
خوفت أخسرك… خوفت تروحي…"

+


مسك كانت تتنفس بسرعة من كثرة الانفعال، قلبها تتسابق دقاته، دموعها بدأت تلمع في عينيها، لكنها وجدت نفسها فجأة تقول:

+


مسك:
"أنا لازم أطلع… الكل لازم يعرف بكدبك ويعرفوا انك خبيت عليهم انك فتحت"

+


وسابت "يونس" وخرجت من الأوضة بسرعة، وذهبت الى الصالة، حيث الكل كان موجودا ووقفت قبالة خالتها .

+


مسك بصوت عالي وواضح:
"يونس… فتح، يونس بيشوف يا خالتى ومن زمان وكان مخبى علينا كلنا"

+


التفت الكل ليها بدهشة، وسرعان ما قامت "فاطمة" و"عبدالرحمن" و"حسناء" يهللوا ويفرحوا ويحضنوا "يونس"، والدموع في عيونهم وكانهم لم يستمعوا لاى من كلامها سوى ان يونس عاد بصره له.

+


فاطمة:
"الحمد لله يا رب… رجعلك نظرك يا حبيبي!"

+


عبدالرحمن:
"ألف حمد وشكر ليك يا رب… دي بشرة خير."











حسناء:
"ربنا ما يحرمنيش من الفرحة دي… كان قلبي حاسس إنك هترجع تشوف تانى ياضنايا."

+


يونس كان يبتسم وسط دموعه، يقبل يد والدته ويحضن خالته، وقال:

+


يونس لعبدالرحمن:
عاوزين نفرح بجد ياعمى …
أنا عاوز أعمل فرح لمسك حاجة كدا تليق بقيمتها،
الاسبوع الجاي… هنعمل فرحنا، ونبدأ حياتنا من جديد."

+


الكل وافق وفرح، إلا "مسك"…

+


هي فضلت واقفة ساكتة، وشها مش باين عليه فرحة كبيرة، لكن برضو مش معترضة.

+


انتقلت "مسك" بعد الزفاف  تعيش مع "يونس"، لكن… كانت تتعامل معه وكأنهم مازالوا "إخوات"، نفس المسافة، نفس الحدود، وكأن مشهد الحب بينهم  كان مجرد حديث ولن يتغير عن ذلك. 

+



        
          

                
يونس كان يشعر بالحيرة، احيانا يتقرب منها بلطف…
واحيانا يشعر بالجنون من برودها،
واحيانا  ينتظر كلمة حلوة منها أو حتى ابتسامة، لكنها كانت دائما تقوم  بصدّه.

+


فى احد الايام كان يونس يقف امام الدولاب يحاول ايجاد احد القمصان ليرتديه ولكنه وقف تائها لا يستطيع ايجاده. 

+


مسك بجفاف:
مالك واقف زى اسد قصر النيل كدا ليه؟ بتدور على ايه؟ 

+


يونس بهدوء:
القميص الاسود بتاعى مش لاقيه. 

+


مسك بسخرية: سلامة النظر ماهو قدام وشك اهو. 

+


يونس: ماهو لو كانت مراتى بتهتم بيا وتجهزلى هدومى زى اى واحدة بتحب جوزها مكنتش انا واقف محتار كدا. 

+


مسك بتهكم: مش لما تبقى مراتك احنا اخوات وهنفضل اخوات. 

+


يونس وهو بيقرب منها:
"مش هينفع نكمل كده يامسك
أنا مش قابل إني أبقى جوزك على الورق بس،
أنا عايزك مراتي… مش ضيفه ساكنة معايا."

+


مسك وهي تبعد عينيها:
"لما أكون مستعدة… هقولك."

+


فى احد الليالى، كانت رائحة المسك تفوح من الغرفة، والستائر تتراقص على نسمات صيفية دافئة.
كان "يونس" قد عاد لتوه من أول يوم عمل بعد غياب .
تعب الجسد لم يكن يعلو على شغف القلب… ولا لهفة العيون.

+


دخل شقته، خلع حذاءه بهدوء، ثم توجه مباشرة إلى غرفته.
لم تكن الغرفة فارغة كما تركها صباحًا.

+


كانت "مسك" هناك…
جالسة على طرف السرير، ترتدي قميصا بسيطًا بلون السماء، وشعرها مبلول تنسدل منه قطرات صغيرة على رقبتها.
تبدو خجولة، لكنها لم تهرب.

+


رفع "يونس" حاجبيه بدهشة، واقترب منها خطوة خطوة.

+


يونس بصوت ناعم:
"هو أنا في حلم؟
ولا فعلاً مراتي قاعدة مستنّياني بالشكل دا؟"

+


مسك بنظرة هادية، خجلة:
"كان لازم أستناك…
مش أول يوم شغل وبس…
أول يوم بينا بجد."

+


جلس بجوارها، على بعد خطوة صغيرة، لكنه شعر أن قلبه أقرب من أي وقت مضى.

+


يونس بصوت فيه نغمة غزل:
"أنا لسه مش قادر اصدّق…معقولة أخيراً ناوية تبقى ليا بجد."

+


مسك بضحكة ناعمة:
كان لازم اعلمك الادب على رفضك لحبى زمان واستهتارك بمشاعرى

+


يونس وهو بيقرب منها أكتر ويمسك إيدها لأول مرة:
كنت غبى عشان مكنتش شايف غير انك لسة طفلة صغيرة 
بس دلوقتي قلبي ماعرفش يستحمل بعادك حبك هو اللى رجعلي نور عيني،
هو اللى رجعلي الحياة…
نظرة واحدة منك كفيلة انها تخلى قلبى بدق زى الطبول."

+


تتسع عيناها، وتختلط ضحكتها بالبكاء الخفيف، ثم تهمس:

+


مسك:
"أنا كمان تعبت من البُعد،
ومن التمثيل…
كنت كل يوم بقول لنفسي إنك مش ليا…
بس قلبي كان عنيد."

+



        
          

                
يقف "يونس"، ويقف أمامها، ثم يركع على ركبة واحدة، يمسك يدها بين كفيه.

+


يونس:
"أهو أنا هنا…
راجلِك…
وجوزك…
وسندك…
وحبيبك لو سمحتيلي."

+


مسك وهي بتنزل على ركبتيها قدامه، وتبص في عينه:
"إنتَ أكتر من كدا بكتير
إنتَ النفس اللى بتنفسه انت الحياة. 

+


يحضنها برفق، بدون استعجال، وكأنهم لأول مرة يتنفسوا مع بعضهم نفس الهواء.
لحظة دافئة، صادقة… فيها كل شئ حرموا  منه، وكل الحب الذى انتظر كثيرا حتى يقال.

+


وفي تلك الليلة…
لم يكن بينهم حواجز.
كانت الأرواح تتلامس قبل الأجساد،
وكان الحب هو الغطاء الوحيد الذي احتواهما.

+


كانت "مسك" في المطبخ، تحضر الإفطار ليونس، لكن فجأة داهمها دوار خفيف، وسرعان ما وضعت يدها على بطنها وهي تشعر بغثيانٍ مفاجئ.

+


ارتبكت… جلست قليلًا… ثم تجاهلت الأمر.
لكن تكرر الشعور بعدها بيوم، ثم يومين.
أخيرًا قررت الذهاب للطبيبة… بمفردها.

+


جلست "مسك" على السرير بعد الكشف، والطبيبة تنظر في التقرير ثم ترفع عينيها وتبتسم ابتسامة واسعة:

+


الدكتورة بحنان:
"مبروك يا مدام مسك… إنتِ حامل."

+


اتسعت عينا "مسك"، وضغطت على قلبها بكفها، الدموع طلعت في عينيها بسرعة وهي بتقول:
"أنا؟… حامل؟ بجد؟"

+


الدكتورة:
"أيوه يا حبيبتي… واضح كده إن الحمل في أوله.
بس لازم ترتاحي وتتغذي كويس، عشان النونو الجميل."

+


في طريقها للبيت، كانت "مسك" تسير بخفة  وكأنها تسير على سحابة.
تصع يدها على بطنها، وقلبها يرقص طربا…
شعرت لأول مرة أنها ليست وحيدة… بداخلها الان روح صغيرة، روح تكونت من  حب عمرها"يونس".

+


دخلت البيت، وجدت "يونس" يجلس في الصالة يقرأ بعض الاخبار على الهاتف ويشرب الشاي.
نظر لها، لاحظ لمعة بعينيها، ابتسم وقال:

+


"شكلك مبسوطة خير يا ست مسك؟ فرحينا معاكى "

+


مسك بخجل وفرحة:
"يونس…
أنا… حامل."

+


وقف فجأة، وضع هاتفه جانبا، ونظر لها وهو  لا يصدّق:

+


يونس بصوت مخنوق من الفرحة:
"إنتي بتقولي إيه؟
بجد؟
مسك… بجد حامل؟"

+


هزت راسها وهي تضحك والدموع تتساقط من عينيها المبتسمة، اقترب منها بسرعة، حضنها وهو يهمس:
"يا رب لك الحمد…
هشوف ابني منك يا مسك…
أو بنت شبهك…
يااااه، دا أنا قلبى مش قادر يصدق!"

+


وفي اليوم نفسه، دخلوا على "حسناء" في الصالة، كانت تشرب النعناع تاركة التلفزيون يعمل بصوت هادى.
قالها يونس وهو بيحاول يكتم فرحته:

+


يونس:
"يا أمى… جه الوقت اللى تستعدي فيه تبقي تيتا رسمي!"

+


حسناء بدهشة:
"يعني إيه؟…
إنتو…؟؟"

+


مسك وهي تضحك وتقترب منها:
"أيوه يا خالتي… أنا حامل."

+


قامت "حسناء" بسرعة، وحضنتهم هما الاتنين، دموعها تسقط من الفرحة وقالت بصوت متهدج:

+


حسناء:
"اللهم لك الحمد والشكر…
انا كنت لسة شايفاها فى الرؤية ، وانتم اكدتوهالى. 
ربنا يتمم بخير، ويحفظك يا مسك، ويخليكم لبعض."

+


ومن بعدها… بقى في بيتهم ضحك جديد، ودفا جديد،
وكل حركة من "مسك" كانت تتراقب بحب وقلق،
و"يونس" بقى يقرا كل يوم عن الحمل والأطفال،
وبيغني بصوت واطي للنونو وهو لسه جوا بطن أمه…

+


عاشت مسك اجمل واسعد ايام حياتها وحمدت الله انه جمعها بحب عمرها وكافئها بثمرة هذا الحب طفل انار حياتهم وكان الرابط القوى الذى ربط قلوبهم الى ابد الحياة. 

+


الحادي عشر من هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close