اخر الروايات

رواية ريشة في عتمة الحيطان كامله وحصريه بقلم الهام عبدالرحمن

رواية ريشة في عتمة الحيطان كامله وحصريه بقلم الهام عبدالرحمن



الفصل الاول 🌹
بقلمى الهام عبدالرحمن 🌺
صلوا على الحبيب المصطفى 🌺
كان ممكن يبقى رسّام مشهور، أو فنان ليه معرض باسمه في وسط البلد... بس النصيب اختار له طريق تاني. طريق مليان سلالم، وبُقع دهان، وشنط كتب، وأربع عيال بيجروا وراه في الحارة... اسمه "عصام"، مدرس رسم ونقّاش، وده مش مجرد شغل، ده كان جهاد يومي عشان يفضل واقف على رجله...
في شقة صغيرة فوق سطوح بيت قديم...
هالة: وهي بتحطله الفطار
خد يا عصام كل لقمة، إنت بقالك يومين بتاكل واقف!
عصام بيقعد وهو بيتمطى
ما أنا طول اليوم واقف على السلم، أهو بقيت متعوّد.
هالة:
طب هو السلم اللي واقف عليه أطول من عمري اللي راح في التعب معاك؟
عصام يضحك ويقولها
ده إنتي عمرك ده تاج فوق دماغي، وبصراحة... من غيرك كان زماني قاعد تحت السلم مش فوقه.
هالة:
طيب كل بقى وسيبك من الكلام الحلو اللي بيجي مع الجوع ده.
عصام:
النهارده عندي حصة رسم مع تالتة إعدادي الصبح، وبالليل شغل النقاشة في شقة مدام فوزية...
يحط لقمة في بقه وهو بيقول
لو خلّصت بدري هقعد أقرأ شوية، في كاتب جديد على الفيس كده كلماته بتدخل القلب على طول.
هالة:
هو فين الوقت دا اللى هتقرأ فيه يا خويا؟ ده أنت مش مخلّي لنفسك وقت تنام!
عصام:
بقرأ وأنا في المواصلات... في الزحمة... حتى وأنا مستني الشاي عند المعلم شعبان...
الكلمة الحلوة بتفُك دماغي من كل الهم ده.
هالة: تبتسم وهي بتغسل الكوبايات
الكلمة الحلوة بتفك دماغك... طيب وأنا؟
مش لازم أقول لك كلمة حلوة انا كمان ؟
عصام:
كفاية إنك هنا... وكل يوم بتستقبليني بكوباية شاي ووش بيضحك... ده بالنسبالي أجمل جملة في الدنيا.
(في المدرسة...)
الطلبة قاعدين في الفصل، عصام داخل ومعاه لوح خشب بيرسم عليه منظر طبيعي.
عصام وهو بيضحك: "صباح الفن يا فنانين! يلا وروني هتطلعوا إيه النهارده؟ ولا هتفاجئوني برسمة شيبسي وسندويتش فول زي كل مرة؟"
طالب – وهو بيضحك: "لا يا أستاذ، النهاردة هنرسم النيل، عشان نغرق في الأحلام!"
عصام: "بس ما تغرقوش في النوم! يلا يا سيدي، وريني إنت والنيل بقى، وخلي النخلة ما تبقاش أطول من البرج اللي وراها."
بعد الحصة، بيكلم زميله أستاذ محمود
عصام وهو بيشيل أدواته: "يا راجل، الولاد دول عايزين جهد مش طبيعي، وكل دا والمرتب مش بيكفي مصروف العيال."
محمود: "ربنا يعينك يا عصام. وانت كمان بتشتغل شغلانة تانية؟"
عصام بابتسامة مرهقة: "أهو بحاول، النقاشة ماشية بالعافية، بس بتسند معايا، وخصوصًا لما طلبات فلوس الدروس وطلبات العيال تيجي فجأة آخر الشهر."
في شغل النقاشة...
عصام في عمارة بيشتغل، لابس هدوم الشغل، ووشه مرشوش ببوية، ماسك الفرشة وواقف على السقالة
صاحب الشقة – بقلق: "يا أستاذ عصام، خلي بالك بالله عليك من الزجاج، دا غالي!"
عصام – وهو بيركز في الفرشة: "ولا يهمك، دا أنا بنقّش بريشة فنان، مش بإيدي. البوهية دي فيها روح على فكرة، عارف؟"
صاحب الشقة – مبتسم: "واضح إنك بتحب شغلك، حتى لو صعب."
عصام – وهو بيكمل الشغل: "الحب لوحده مش بيأكل عيش، بس بيخليني أكمل. ولادي الأربعة محتاجين راجل يشيل عنهم، ومراتي... واقفة جنبي في كل خطوة والشغل دا بالنسبالى طوق النجاة اللى بينجينى من طلبات آخر الشهر.
في البيت مع مراته، بعد يوم شغل طويل
المطبخ ريحته بتقول إن في أكلة سخنة، وعصام داخل وهو بيهوي على نفسه بكتاب كان معاه.
عصام – وهو بيشد النفس بصوت تعبان: "أنا خلاص، لو حد طلب مني ألون حيطة تاني النهاردة، هدهنها بدموعي!"
مراته – وهي بطبطب عليه: "تعالى يا فنان، غسّل وشك وتعالى كل، عاملالك الملوخية اللى انت بتحبها وفرخة شامورد بلدى انا ايه تربية ايدى هتاكل عضمها قبل لحمها."
عصام – وهو بيقعد على الطبلية: "الملوخية دي بترجعلي روحي، بجد تسلم ايدك يالولو دا انا ممكن بسببها اغنى في طابور الصبح !"
مراته – وهي تحطله الأكل: "أنا عارفة إنك بتشقى، بس والله تعبك مش بيروح هدر ... كلنا حاسين بيك وبعدين كفاية لما تشوف ولادك وهم بيكبروا قدام عنيك ."
عصام – عينه بتلمع من التعب والامتنان: "ربنا يخليكي ليا... إنتي السند اللي بيخليني أضحك وأنا مكعبل في الشغل وطالع عينى."
في أوضة العيال، بالليل
عصام قاعد على الأرض وسط ولاده، واحد بيحاول يفهم مسألة رياضيات، والتاني ماسك رسمة راسمها
الولد الكبير – متضايق: "بابا، المسألة دي صعبة... مش فاهمها خالص!"
عصام – وهو بيبص للمسألة: "هات يا سيدي، يعني إيه قطر بيتحرك بسرعة كذا وبيقابل قطر تاني؟ طب إنت لو كنت واقف على المحطة، هتجري وراه ولا تستناه؟"
الولد – يضحك: "لأ هستناه طبعًا!"
عصام – وهو بيشرح ببساطة: "بالضبط كدا، يعني الزمن اللي بينهم هو المسافة عالسرعة... شوفت؟ مش لازم كل حاجة تبقى معقدة."
ابنه التاني – وهو وراسم شجرة: "بابا، أنا عاوز أبقى رسام زيك."
عصام – وهو بيطبطب عليه: "بس لازم تكمل تعليمك، الرسام اللي مش بيقرأ ويفهم، هيرسم إيه؟ لازم ترسم الحياة وانت فاهمها."
الباب بيخبط جامد، وعصام بيقوم من جنبه، بيبص لمراته بخوف بسيط
صاحب البيت – بصوت عالي وهو بيبص في ساعته: "يا أستاذ عصام، الإيجار بقاله أسبوعين متأخر! مش كل مرة هسكت!"
عصام – بابتسامة مكسورة وهو بيهدي الراجل: "والله يا حاج حسين، كنت هاجيلك من نفسي بكرا. النقاشة الأيام دي نايمة، بس جالي شغل قريب وإن شاء الله مش هتأخر بس بالله عليك اصبر شوية ."
صاحب البيت – متنرفز: "أنا مش ضدك ولا قصدى اضايقك ، بس برضو انا كمان عندى التزامات… آخر فرصة آخر الأسبوع."
الراجل يمشي، وعصام يتنهد، يبص لمراته اللي واقفة بتقلب في شنطة الأدوية
مراته – بنبرة هادية لكنها مجروحة: " معلش يااخويا بكرا تفرج متزعلش نفسك
عصام: انتى بتدورى على ايه ياهالة فى كيس الدوا؟
هالة بتردد:اصل...يعنى..علاج مالك خلص وكنت ناوية اقولك بس والله غصب عنى انت عارف الدوا بالذات مينفعش نتاخر فيه حقك عليا ياحبيبي انا عارفة الحمل تقيل عليك…."
عصام – وهو بيقرب منها ويمسك إيدها: "أنا اللى آسف… والله ما قصدي تحسي بالحِمل ده كان نفسى اعيشكم احسن عيشة بس قدر الله ماشاء فعل… بس صدقينى يوم ما ربنا يرزقنى، هيبقى ليكي انتي والعيال لانكم اهم حد عندى وانا نفسى بجد متحسوش بالفقر ولا الحوجة."
عصام فوق السقالة، والحر خانق، والفرشة في إيده، والبوية بتنقط عليه
عامل تاني – بيهزر معاه: "إنت فنان يا عصام، بس ناقص توقيعك على الحيطة!"
عصام – وهو بيضحك: "أوقع على حيطة الناس! يا عم أنا ماضي على وش الزمن بتعبى وحوجتى!"
الرجل صاحب البيت يدخل يشوف الشغل، يبص حواليه
صاحب الشقة – مستغرب: "ده اللي إنت عامله ده زي اللوحة! مش مجرد شغل بوية."
عصام – وهو بينزل السلم بابتسامة بسيطة: "أنا بحاول أخلي البيت يفرح اللي هيسكن فيه… حتى لو مش بيتي."
صاحب الشقة: لا بجد تسلم ايدك انت فنان بجد مش مجرد نقاش والله انت مكانك مش هنا انت المفروض يبقى عندك اتيليه وترسم فيه لوحاتك الجميلة.
عصام: اتيليه مرة واحده دا حلم بس عشان اعمل كدا محتاج مبلغ وقدره وانا اللى داخل يدوبك بيكفى بالعافيه.
فى احد الايام كان عصام قاعد على الأرض، العيال حواليه، والنور قاطع وكان منور شمعه صغيرة بينهم
عصام – بيحكي حكاية وهو بيحرّك إيده وكأنه بيحرك الشخصيات: "وكان يا ما كان، في رسّام اسمه عصام، بيحلم يرسم بيت لكل طفل مالوش بيت…"
ابنه الصغير – مندهش: "هو كان فقير يا بابا؟"
عصام – يبتسم وهو يبص لهم: "كان فقير، بس كان عنده أغلى حاجة… كان عنده عيلة بتحبه وكمان ياحبيبى كان راضى وقنوع وعارف ومتأكد ان ربنا هيعوضه خير عن صبره وتعبه المهم انه مييأسش من رحمة ربنا ."


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close