اخر الروايات

رواية ظلمات حصونه الفصل السابع والعشرين 27 بقلم منة الله ايمن

رواية ظلمات حصونه الفصل السابع والعشرين 27 بقلم منة الله ايمن 




                                        
-الفصل السابع والعشرون- 

+



حملت "هناء" تلك الرضيعة وتوجهت بها نحو السور عازمة على إلقائها من فوقه، كي تتخلص منها إلى الأبد وهي ترأى بها أحلامها وأمالها المُحطمة وقلبها المُنفطر، وجهت حديثها نحوها مُردفة بغضب وكراهية: 

+


- أنتي المفروض كنتي تبقي بنتي أنا عشان أنتي بنت حبيبي، بس حظك الأسود إنك جيتي منها هي، من الست الحرامية اللي سرقت مني حبيبي، وعشان كده لازم تموتي يا ديانة. 

+


صاحت صارخة موجهة حديثها نحو تلك المرأة التي لم تدعها تعيش فى سلام، بل خربت لها حياتها ونزعت منها فرحتها ولم تكتفي بذلك، بل أيضا تريد الأن قتل أبنتها، صرخت "لبنى" مُحاولة إيقافها مُردفة بحدة: 

+


- هنااء.. أبعدي عن بنتي يا هناء، هي ملهاش دعوة. 

+


صاحت بها "هناء" بغضب وكراهية مُصرة على حديثها بحدة: 

+


- لا ليها يا لبنى، دي بنتك اللي خلفتيها من شرف بعد ما أتجوزتيه وحرقتي قلبي عليه، أنا بقى دلوقتى هحرقك قلبك أنتي كمان. 

+


ألقت الرضيعة من فوق السور، صرخت" لبنى" وأسرعت تجاها لتجد طفلتها تسقط فى ذلك الظلام الكالح ولم تعد تراه، صرخت بألم وحسرة مُنادية عليها: 

+


- دياانة. 

+


تشعر بثقل أنفاسها والعرق يتصبب من جبينها وكأنها تُصارع الموت التي ظلت تنتظره أكثر من عشرون عامًا، تحرك رأسها بطريقة هستيرية وتنهج بصوت عالي وصعوبة كبيرة فى إلتقاط أنفاسها، تعمل جُاهدة على مُلاحقة ذلك الظلام الذي سرق منها أبنتها مرددة بصعوبة بالغة وثقل شديد وهى تحرك رأسها يمينا ويسارًا: 

+


- د..ديا..ديااا... ديانة. 

+


نطفطتها وهي تنتفض مُعتدلة فى جلستها بعد أن فتحت عينيها بسرعة وهي تشعر بكثير من الفزع والزعر مُتمتمة بهستريا وفزع شديد: 

+


- ديانة.. بنتي، بنتي. 

+


لم تهتم إلى كونها أستعادت قدرتها على الكلام وأسرعت إلى غرفة مرافقتها التي عينها لها "هاشم" لمراعتها وأخذ تهز فيها مُحاولة إفاقتها مُردفة بلهفة: 

+


- ألاء.. ألاء أصحى يا ألاء. 

+


فتحت "ألاء" عينيها بثقل شديد غير مُستوعبة لما يحدث حولها وعندما رات صورة مهزوزة لأمرأة تناديها ظنت إنها تحلم لأنها تعلم أن "لبنى" لا تستطيع التحدث، ولكن "لبنى" سريعًا ما افاقتها وهى تُبلل وجهها بتلك المياة التي كانت بجانبها، شهقت "ألاء" وهي تفيق من نومها لتضح لها الرؤئية، وأدركت إنه ليس حلمًا عندما أستمعت لصوت "لبنى" مُصيحا برجاء: 

+



            

                
- أصحى يا ألاء بالله عليكي يا بنتي. 

+


فرجت "ألاء" فمها من هول الصدمة وصاحت باندهاش: 

+


- هو حضرتك بتتكلمي يا مدام لبنى؟ 

+


لم تهتم بسؤالها وأردفت بحدة: 

+


- كلميلي هاشم فوراً يا ألاء. 

+


أومأت لها "ألاء" بالموافقة وهي تلتقط هاتفها قائلة: 

+


- حاضر يا مدام. 

+


حاولت "ألاء" الأتصال على "هاشم" ولكنها وجدت هاتفه مُغلق، فوجهت حديثها نحو "لبنى" مُعقبة بأسف: 

+


- تليفونه مقفول يا مدام لبنى. 

+


صاحت "لبنى" بعدم إستسلام مردفة بإصرار: 

+


- حاولي تاني يا بنتي لازم يرد. 

+


بالفعل حاولت الفتاة مرة أخرى ولكن دون فائدة ف "هاشم" تلك المرة أيضا هاتفه مُغلق، لتهز الفتاة رأسها مُعتذرة ل "لبنى" مردفة بأسف: 

+


- بردو مقفول يا مدام لبنى. 

+


شعرت "لبنى" بالقلق الشديد حيال عدم رد "هاشم" لتردف بقلق: 

+


- طب أنا عايزه أروحله. 

+


أيتلعت الفتاة بحرج مُعقبة بأسئ: 

+


- أسفه يا مدام لبنى معنديش إذن بإني أخرجك بس أوعدك هنحاول نوصله. 

+


شعرت "لبنى" بالعجز الشديد وأن ليس بيدها حل سوا أن تجلس وتنتظر إتصالا من "هاشم" أو حتى مجيئه لتتنهد بقلة حيلة مُتمتمة: 

+


- ربنا يستر. 

+


❈-❈-❈ 

+


- خير يا دكتور! 

+


صاح بها كلا من "هاشم" و"محمود" فى أنٍ واحد وكلاهما يشعر بالقلق والخوف على "ديانة" مُتسفسرين عن حالتها، نظر كلاهما إلى بعضهما وأخذ يتبادلا نظرات القلق، ليلفت إنباههم حديث الطبيب الذي هتف مُطمئنًا إياهم بهدوء: 

+


- الحمدلله الولادة تمت على خير بس مع الأسف مش هنقدر نحدد الجنين هيعيش ولا لا غير بعد ١٢ ساعة لانه نازل قبل معاده وجسمه ضعيف جدًا والرئه لسه مكتملتش. 

+


تدخلت "منال" بلهفة مُستفسرة عن أبنتها وعن صحتها مُردفة بفزع: 

+


- طب وبنتي! بنتي عامله إيه؟ 

+


لاحظ الطبيب فزعها وخوفها الشديد ليُحاول تطمئنها مُجيبًا بهدوء: 

+


- الأم كويسة الحمدلله بس قدمها شوية وتستعيد وعيها، الممرضات هينقلوها غرفة الافاقة دلوقتي. 

+


تدخل "هاشم" مُستفسرًا عن صحة "ديانة" بلهفة: 

+


- المهم حالتها مُستقرة يا دكتور؟ 

+


أومأ له الطبيب بالموافقة مؤكده على حديثه: 

+


- أطمن، حالتها كويسة جدا. 

+



        
          

                
أعتلت ملامح الاندهاش وجه كلا من "زينة" و"إياد" من تغير "هاشم" وإهتمامه بصحة "ديانة" وليس الجنين، ولكنهم لم يُظهروا ذلك الاندهاش أمام أحد، هتفت "ملك" موجهة حديثها نحو الطبيب مستفسرة: 

+


- طب هو أحنا ممكن ندخل نطمن عليها؟ 

+


أومأ لها الطبيب بالموافقة ولكنه أيضا حذرهم من إرهاقها مُعقبًا بتحذير: 

+


- أه طبعا ممكن، بس أرجوكم لما تفوق محدش يتعبها بالكلام. 

+


وافق الجميع على حديثه ودلفوا جميعا غرفة "ديانة" للأطمئنان عليها. 

+


❈-❈-❈ 

+


سحب مكابح السيارة بهرجلة فور وصوله أمام باب المشفى، سريعًا ما ترجل منها وأخذ يركض إلى الداخل غير مُهتما بوقفة السيارة الخاطئة، كل ما يُعير اهتمامه هو أن يطمئن عليها وإنها بخير. 

+


دلف المشفى بهرجلة وهو يركض مُتجهًا نحو غرفة العمليات، وبالفعل وصل إلى هناك ولكن أوقفه إنغلاق ذلك الضوء الأحمر فوق الباب والذى يُفسر إنتهاء العملية. 

+


ظل يلتف حول نفسه لا يعلم أين ذهب الجميع وما هي حالة "ديانة"، أهي بخير! أم حدث لها شيء! تلك الأفكار السيئة لا ترأف بيه ولا ترحمة مُسببة له الكثير من الرعب والفزع، وجد إحدى الممرضات تخرج من الغرفة، ليلتقط ذراعها مانعًا إياها من الذهاب مُردفًا باستفسار وشيئًا من الهلع: 

+


- ديانة فين؟ 

+


للحظات شعرت الممرضة بكثير من الرعب بسبب هيئة "جواد" المُخيفة، فشعره مُبعثر بطريقة مُفزعة وعينيه تصرخ بالأحمرار تكاد تذرف الدماء، بالأضافة لكونهما منتفختان، أبتلعت الممرضة بقلق ولكنها حاولت الرد عليه بأستفسار مماثل: 

+


- قصد حضرتك المدام اللي كانت بتولد؟ 

+


أومأ لها "جواد" بالموافقة وقلبه يكاد يخرج من مكان من شدة الخوف والقلق صائحًا بعدم صبر وإنتظار: 

+


- أيوه هي فين! 

+


حاولت الممرضة تهوين الأمر وأبتسمت له مُطمئنة إياه مُردفة بتهنئة: 

+


- الحمدلله ولدت ونقلناها أوضة تانية. 

+


أغمض عينيه وتنهد براحة وكأنه كان محبوسًا بمكان خالي من الهواء ولتوهِ أستطاع أخذ أنفاسه، فتح عينيه ونظر نحو الممرضة مُستفسر عن مكان غرفة "ديانة" مُردفا بلهفة: 

+


- وفين الأوضة دي؟ 

+


أبتسمت له الممرضة بعد أن شعرت بهدوء فزعه وشعرت بالأطمئنان مُجيبة: 

+


- الدور اللي فوقينا غرفة رقم ٨ يا فندم، وألف مبروك. 

+


ركض بسرعة مُتجها ناحية المصعد ولكنه وجده بالأسفل وعليه أستدعائه، ترك المصعد بنفاذ صبر وأتجه سريعًا ناحية الدرج صاعدًا إلى أعلى، وصل أمام غرفة "ديانة" وهو يستمع إلى الهمامات المنخفضة بالداخل، ليُخمن إنها لا تزال نائمة، دلف الغرفة ليجد الجميع مُجتمع حول "ديانة" مُغمضة العينين. 

+



        
          

                
وما إن شعروا بدخوله ظلوا جميعا ينظروا إليه، فهناك من يرمقه برعب وخوف من أن يفعل ب"ديانة" شيئًا، ومنهم الذى يقلق من رده فعله أو من أن يفعل شيئًا مجنونًا، ومنهم من يشعر عليه بالشفقة لانه يعلم ما بداخله. 

+


تقدم "جواد" بخطواته مُتجها نحو فراش "ديانة"، ليفتح له الجميع الطريق للوصول إليها، وقف أمام فراشها وهو يراها غارقة فى عالم أخر، شعر بالحاجة الشديدة لضمها إلى صدره ويبكى بكل ما فيه من قوة، ولكنه لايزال "جواد الدمنهورى" الذى لا يُظهر ضعفه أمام أحد مهما كلفه الأمر، أصطنع القوة موجهًا حديثه للجميع صائحًا بحدة: 

+


- كله برا. 

+


صُعق الجميع من طلب "جواد" الواضح من نبرة صوته إنه أمر غير قابل لنقاش، ولكن "منال" لم تتقبل الأمر وحاولت أن تُخالفة مُردفة بإعتراض وخوف على ابنتها: 

+


- أنا مش هسيب بنتي وأط... 

+


صاح مرة أخرى بكثير من الغضب والإنفعال غير مُكترثًا لأحد ضاربًا الطاولة بجانبه بحدة: 

+


- بقول كله برا. 

+


أنتفض الجميع أثر صياحه الواضح عليه إنه يُخفي ضعف شديد لا يريد أن يظهر به أمام الجميع، لأحظ "محمود" ألم "جواد" الذي يُحاول أن يُخفيه بلأضافة إلى هيئته التي تفصح عن أن الأمر ليس هينًا عليه، تقدم "محمود" من "منال" مُلتقطا يدها مُضيفًا بهدوء: 

+


- تعالي يا منال. 

+


كادت "منال" أن تُمانعه ولكن أوقفها "محمود" مُحاولًا إقناعها مُعقبًا باصرار: 

+


- أسمعي كلامي عشان خطري. 

+


أومأت برأسها موافقة على حديث زوجها وأتجت معه نحو الخارج، لحقهم الجميع شخصًا وراء الأخر، ليتقدم "إياد" ببعض الخطوات مُتجها نحو "جواد" وربط على كتفه مُحاولًا مواسته، فهو الأن بات متأكدًا أن صديقه بالفعل أحبها كثيرًا، ولكنه بصراع وعليه أن يخوضه وحده، خرج "إياد" من الغرفة وأغلق الباب خلفه. 

+


ما كان صوت إغلاق الباب سوى إشارة بداية إنهيار ل "جواد" الذي سقط على ركبتيه بجانب فراش "ديانة"، بدأ فى البكاء بشكل هستيري وكأنه لا يعرف كيف يتوقف عن ذلك الأنهيار، ظل يبكي ويتنفس بصعوبة بسبب كثرة شهقاته، ألقى بنفسه على قدمها التي لاتزال لا تشعر بها أو به هو نفسه، هتف بنحيب: 

+


- كان نفسي أقولك الكلام ده وأنتي فايقه وسمعاني، بس عارف نفسي مش هقدر، متسبنيش يا ديانة، أبوس رجلك متسبنيش، أنا مليش حد غيرك، أنا عمري ما حسيت إني موجود غير وأنتي جمبي، عمري ما حسيت بالأمان غير وأنتي معايا، أنا من غيرك ضعيف وجبان وخايف، أرجوكي يا ديانة متبعديش عني، أوعي تسبيني يا ديانة أرجوكي. 

+


ظل يحتضن قدميها وهو يبكي بإنهيار وضعف غير مُنتبهًا لذلك الشخص الذي يقف عند الباب مُستمع لكامل حديثه، أبتعد عن قدميها قليلًا وسريعًا ما رفع نظره إليها مُتفحصًا ملامحها مُعقبًا بضعف بين نحيبه: 

+



        
          

                
_ عارفة يوم ما كنت سكران وعملت معاكى علاقة وانا مش فى وعي، تانى يوم لما روحتي لدكتورة كنت مرعوب أكون أذيتك غصب عني، وبعد ما مشيتي من عندها روحتلها، سألتها عليكي وعلى الجنين بس هي فجأتني بأكتر حاجة مكنتش أتمناها، فجأتني إنك حامل فى ولد. 

+


أتسعت إبتسامة "هاشم" الذى كان يستمع إلى حديث ابنه وعن سماعه أن حفيده الذى لم يراه بعد صبي، ولكنه كان يريد أن يستمع إلى باقي حديث أبنه كي يتأكد مما يشعر به، ليُكمل "جواد" بعد أن أحتضن "ديانة" التي لاتزال غائبة عن الوعى مُضيفًا بمزيد من البكاء: 

+


- عارفة لما قالتلي كده مكنتش عارف أعمل أيه، خوفت، خوفت عليه مني، خوفت يطلع ضعيف وجبان زيي، خوفت يجرالك حاجة أو تبعدي عني وتكرهيه يقوم يتربى على أيد هناء ويبقى جواد الدمنهوري التاني. 

+


قال جملته الأخيرة بكراهية وإنفعال لما هو أصبح عليه الأن بسبب تربية تلك المرأة له، تلك التربية التي لم تكن إنسانية على الأطلاق مما جعله أصبح وحشًا ليس إنسانًا، بينما "هاشم" قد شعر بالصدمة مما يقوله ابنه، ما هو ذلك الشيء المُفزع بالنسبة لابنه الذي كانت تفعله "هناء"! لما يشعر أن أبنه يكرها ويخافها لا يُحبها! ليُكمل "جواد" حديثة وهو لايزال مُحتضن إياها: 

+


- وقتها قلت لا يا ديانة مش هسمح بكده مش هسمح إن أبني يعيد تجربتي تاني، قولت لازم أتغير عشانك وعشانه، روحت لدكتور نفسى وتابعت معاه وكل مره كنت بضعف أو أفقد الثقة فى نفسى كنت بحطك حافز ليا عشان أكمل. 

+


خرج "جواد" من عناق "ديانة" وألتقط يدها وسريعًا ما قبلها بكثيرًا من الحب والأحتياج مُردفًا بصدق: 

+


- أيوه يا ديانة عايز أتعالج عشانك، عشان متسبنيش، عشان تحبيني زي ما أنا بحبك، بحبك يا ديانة، بحبك أوي. 

+


أحتضن كف يدها بوجهه وظل يبكي بكثير من الحب الذي يريد أن يصرخ به أمام الجميع ويعترف إنه أخطأ كثيرًا فى حقها وإنه يتمنى أن تسامحه، بينما "هاشم" أبعد رأسه عن الباب وسريعًا ما خرج وأحكم غلقه ورائه. 

+


❈-❈-❈ 

+


فتحت زرقاوتيها بثقل شديد ولكنها سريعًا ما أغلقتها مرة أخرى بسبب ذلك الضوء الذي صدمها، لتُحاول فتحهم مرة أخرى ولكن تلك المرة ببطئ شديد حتى تعتاد هذا الضوء، حاولت أن تنهض بعفوية ولكنها تشعر بخدر جسدها، فالبنج لا يزال يؤثر عليها ولكن بمقدرا قليل جدا، مجرد دقائق وسيزول أثره. 

+


أستكانت مرة أخرى ورمت عينيها بجانب يدها اليسرى، لتجد "جواد" يجلس على الكرسى ومنحنى بجذعه العلوى وأضعا رأسه بجانب يدها، سريعًا ما تذكرت ما حدث ليلة أمس وما دار بين "جواد" و"مالك" ومعرفتهم بحمل "زينة"، لتُتمتم بفزع وزعر صائحة بتلعثم: 

+


- ما..لك! 

+


كان "مالك" أول من خطر ببالها ولكنها تذكرت أن عليها أن تسال عن شيء أخر أهم وهو طفلها وخصوصا بعد تذكرها لتلك الدماء التي أنسدلت من بين ساقيها، لتصيح بهلع: 

+



        
          

                
- أبني.. أبني! 

+


شهر "جواد" بحركتها ولكن ما أرغمه على إفاقة نفسه هو صراخها بالنداء على جنينها وهو حتى لا يعلم إذا كان الطفل بصحة جيدة أم لا! أقترب نحوها مُحاولا تهدئة إياها مُردفا بخوف عليها: 

+


- أهدي يا ديانة أبننا ف.... 

+


قاطعته صارخة فى وجهه بكراهية ونفور وبتخبط لا تعلم ما الذي تصيح به أولًا، ولكنها دفعته صائحة بحدة: 

+


- أنت بتعمل إيه هنا! أبعد عني، فين أبني؟ 

+


دلف الطبيب بصحبة الجميع عند سماعه لصوت صراخ "ديانة" ليتقدم نحوها مُحاولا تهدئتها بحذر: 

+


- أهدي يا مدام ديانة حضرتك لسه طالعه من ولاده مش سهله. 

+


صاحت موجهة حديثها نحو الطبيب مُستفسرة: 

+


- أبني فين؟ 

+


لم تنتظر أن يأتها راداً منه لتشعر بغصة فى حلقها وأصبحت الدموع تنهمر من مُقلتيها دون توقف وهي تُتمتم بكسرة قلب: 

+


- مات! 

+


صاحت "منال" نافية حديث "ديانة" مُصححة بلهفة: 

+


- لا يا بنتي، ابنك فى الحضانة وهيبقى كويس إن شاء الله. 

+


رمقت "ديانة" "منال" بعدم تصديق مُردفة ببكاء: 

+


- أنتوا بتضحكوا عليا يا ماما صح! 

+


هزت "منال" رأسها بالرفض مُحاولة تطمئنها مردفة بصدق: 

+


- لا يا قلب ماما مش صح والله، صدقيني ابنك فى الحضانة، هو بس ضعيف شويه فلازم يدخل حضانة. 

+


تدخل الطبيب مُحاولا تهدئة "ديانة" وتفسير الأمر لها حتى تطمئن على طفلها مردفا بتوضيح: 

+


- يا مدام ديانة كل الحكاية أن ابن حضرتك نزل قبل معاده بشهرين، وده معناه إن الرئة لسه مكتملتش، وكمان وزنه قليل جدا، عشان كده لازم يقعد فى الحضانه شهرين تكون الرئة أكتملت وبقى أحسن، وكمان نديكي فرصة تشدي حيلك وتستعدي للبهدلة اللي هيبهدلهالك. 

+


حاول الطبيب تخفيف الأمر عليها حتى تطمئن إلى حديثه، ولكنها سريعًا ما صاحت بطلبها المتوقع من أى أم بعد أن تفيق من الولادة: 

+


- انا عايزة أشوفه. 

+


علم "محمود" أن ابنة عنيدة ولن تطمئن أو تصدقهم إلا عندما تراه بيعينيها، ليوجه إستفسارة ناحية الطبيب: 

+


-  ينفع تشوفه يا دكتور؟ 

+


أومأ له الطبيب بالموافقة ولكنه حاول تذكيرها بحالتها وذلك الجرح أسفل بطنها مُردفًا بهدوء: 

+


- ينفع بس هي مش هتقدر تمشي. 

+


سريعا ما تدخل "جواد" بالحديث مُردفًا بلهفة: 

+


- أنا هسندها. 

+


طالعته "ديانة" بغضب وكادت أن ترفض ولكنها تذكرت إنه لن يسمح لأحدًا غيره أن يسندها إلى هناك ولا حتى "مالك"، بل وبالأخص "مالك" الذي لا تعرف ماذا سيكون مصيره مع ذلك "الجواد" عديم الرحمة. 

+



        
          

                
هتف الطبيب مُجيبًا "جواد" موافقا على إقتراحه: 

+


- تمام مفيش مشكلة بس خلى بالك. 

+


أومأ له "جواد" بالموافقة وسريعًا ما تدخل كلا من "زينة" و"ملك" لمساعدة "ديانة" على النهوض من مكانها ولكن الحركة كانت مؤلمة على "ديانة" لتتأوه وهي تنهض مهم. 

+


شعر "جواد" بأرتجاف قلبه بسبب ألمها وكاد أن يُزجزهم على إلأمها، ولكن سريعَا ما تدخلت "منال" مُردفة بتحذير: 

+


- براحة يا حبيبتي على مهلك. 

+


تقدم "جواد" نحو "ديانة" من ناحية "زينة"، وسريعا ما أمتدت يده اليُمنى لإلتقاط يدها وأمتدت يده اليُسرى لمُحاوطه خسرها، لتستقر داخل صدره وكأنه يحملها بيدًا واحدة من خلال خسرها، ليصحبها نحو حضانة الأطفال حديث الولادة. 

+


توقف كلاهما أمام ذلك الزجاج الشفاف الذي يفصل بينهم وبين هذا الصندوق الزجاجي الموضوع يداخله طفلهم، شعر كلاهما بالكثير من المشاعر الممتعة والمُخيفة فى نفس الوقت، "ديانة" تشعر بالخوف على طفلها وبالأخص من ذلك "الجواد" الخالى من المشاعر والرحمة، بينما "جواد" كان يشعر بالخوف من أن يُسئ تربية ذلك الطفل أو يجعله يصبح مثله فى يومًا من الأيام، نعم كلامها يجمعهم الخوف على ذلك الطفل ولكنهما لا يعلمان ذلك. 

+


شعرت "ديانة" بإرخاء قواها وسيطرت الألم عليها لتتأوه وتُحاول التحرك بين يدى "جواد" الذي لأحظ مُعانتها، ليردف بهدوء موجها حديثه نحوها: 

+


- يلا نرجع الأوضه. 

+


هزت "ديانة" رأسهت بالموافقة وسريعًا ما أصطحبها مرة أخرى إلى الغرفة كي ترتاح، ساعدها فى الجلوس على فرأشها وأعتدل فى وقفته عازمًا على الجلوس بجانبها، لتُفاجه "ديانة" التي صاحت بحدة موجهة حديثها نحوه بحذم: 

+


- أطلع برا. 

+


صُدم الجميع من طلبها وخاصة "جواد" الذي شعر بالدهشة من تقلبها المفاجئ، كاد أن يتكلم ولكنها زجرته بحدة وهى تُطالعه بغضب مُرددة بإصرار: 

+


- بقولك أطلع برا. 

+


نعم لقد أستعادت قوتها مرة أخرى فالشيء الوحيد الذي كان يجعلها ضعيفة أمامه هو ذلك الطفل الذي كان داخل أحشائها، كانت تخشى أن يضربها أو يدفعها فيتأذى طفلها، ولهذا كانت تتلاشى إغضابه أو مُصادفة، ولكنها الأن أنجبت طفلها الذي ستُحارب من أجله حتى لو كانت من تُحاربه هو والده، لن تجعل شيء يمس إبنها حتى لو كان على حساب حياتها بأكملها. 

+


شعر "جواد" بالحرج من إصرارها على خروجه وبالفعل نفذ لها رغبتها وخرج من الغرفة، ليلحق به صديقه "إياد" لمواسته، بينما أقتربت "منال" من "ديانة" مُحتطضنه إياها مُردفة بحب: 

+


- حمدلله على سلامتك يا حبيبة قلبي. 

+


أبتسمت لها "ديانة" بخفة قائلة: 

+


- الله يسلمك يا ماما. 

+


هتفت "ملك" موجهة حديثها نحو الطبيب مُستفسرة: 

+


- هى تقدر تخرج أمتى يا دكتور؟ 

+


أجابها الطبيب موافقًا على حديثها مُردفا بتحذير: 

+


- تقدر تخرج بكره إن شاء الله بس ده بشرط الراحة التامة والاهتمام بصحتها وبأكلها. 

+


صاحت "منال" موجهة حديثها نحو الطبيب: 

+


- أكيد يا دكتور أنا هأخدها عندي وهخلي بالي منها و.. 

+


قطع "هاشم" حديثها مُعقبًا بنبرة غير قابلة لنقاش: 

+


- بعد إذنك يا مدام منال ديانة هتقعد فى بيت جوزها ولو حابه تنورينا وتقعدي معاها الفترة دي هتشرفينا كلنا. 

+


ترددت "منال" بسبب حديث "هاشم" وأرادت أن تُمانعه: 

+


- بس يا هاشم بيه.. 

+


قاطعها "هاشم" مُردفا بهدوء: 

+


- مبسش يا مدام منال، حتى زينة بنتي هتكون معاكوا لان شكلها كده حبت القعده مع ديانة. 

+


كانت "ديانة" تُتابع كل ما يحدث فى صمت وما إن ذكر أسم "زينة" حتى تذكرت تلك المصيبة التي تقع بها، لتنظر لها "ديانة" بأهتمام ولكن "زينة" أومأت لها بالموافقة مُحاولة تطمئنها، لتُحول "ديانة" نظرها نحو "مالك" وظلت ترمقة بكثير من نظرات خيبة الأمل والحزن مما فعله حتى وضع رأسه بالأرض خجلا مما فعله وتسبب به من كارثة فى حق نفسه وحق "زينة". 

+


يتبع... 



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close