رواية ظلمات حصونه الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم منة الله ايمن
-الفصل الثالث والعشرون-
+
دلف القصر وهو فى قمة غضبه، يشعر وكأنه يريد قتل "هناء" بسبب تصرفاتها الحمقاء التي حتى لا ترجع له فيها قبل أن تُنفذها، بل ترتكب الخطأ وحسب، صاح مُناديًا عليها بغضب وحنق صارخًا بحدة وإنزعاج:
+
- هناء! أنتي فين يا هناء؟
+
هبطت الدرج بهدوء وغطرسة مبالغ بها وكأنها لم ترتكب أي شيء خاطئ، بل وتشعره إنه مُخطاُ بكل وقاحة مُردفة بلا مُبلاة:
+
- بتزعق كده ليه؟
+
أتخذ بعض الخطوات الواسعة تجاهها مُعبرًا عن مدى غضبه إلى أن أصبح أمام وجهها مباشرة، وصاح بغضب وأنفاس حارقة:
+
- هو أنا لسه زعقت! دا أنا هزعق وهكسر وهضرب كمان.
+
رفعت حاجبها باستهزاء على حديثه الذي لم يفرق معاها ولو بجزء بسيط، إنها تعلم أن "هاشم" لا يستطيع أن يفعل لها شيء مهما فعلت، لتستغل ذلك وتُردف بتهكم:
+
- تضرب كمان! وده من إيه إن شاء الله؟
+
شعر بكثير من الغضب من تلك النبرة المُستهزئة فى حديثها، ولكنه عمل جاهدًا على ألا يفقد أعصابه ويقوم بفعل شيئًا يندم عليه، ليكز على أسنانه بغضب مُضيفًا بحدة:
+
- أنتي إزاي بجاحتك توصلك إنك تبعتي حد يقتل ديانة وحفيدي! أنتي خلاص أتجننتي يا هناء؟
+
ضحكت بسخرية شديدة تُحاول إشعال نيران الغضب بداخله، ثم تُحول كل ذلك الغضب تجاه "ديانة" بتذكيره بذلك الحادث فى هذا اليوم، لتهتف بهجوم وحدة:
+
- لا يا هاشم الظاهر أنت وأبنك اللي أتجننتوا ونسيتوا ديانة دى تبقى بنت مين؟
+
إندفع "هاشم" صارخًا فى وجهها مُحاولًا منعها عمً تُحاول الوصول إليه زاجرًا إياها بحدة وانفعال:
+
- تبقى بنت شرف يا هناء، يعني بنت أخويا.
+
غضبت مما يقوله وهذا الحديث الذي يُثبت لها أن "هاشم" أيضا قد خرج عن سيطرتها، لتُحاول جاهدة إدخال الكراهية داخل قلبه مرة أخرى مُردفة ببكاء وتأثر زائف:
+
- وبردو بنت لبنى يا هاشم، لبنى اللي قتلت أختي واللي فى بطنها، وحاولت تقتل ماجدة أختك، وأتسببت فى موت شرف، ديانة تبقى بنت لبنى يا هاشم.
+
صاح بها مُحاولا جعلها تخرج "ديانة" من رأسها وعدم إيذائها مُردفًا بحدة وانفعال:
+
- لبنى ماتت من عشرين سنة يا هناء، وديانة زي ما أنتي قولتي بنتها، وبنتها دي لا عاشت ولا أتربت معاها عشان أدفعها هي تمن حاجة ملهاش ذنب فيها، وكمان ديانة دلوقتي شايلة حفيدي، ولو هي مكنتش من دمي وكانت واحدة غريبة، حفيدي كان هيشفعلها قدامي ويخليني مهما كان بينى وبينها أسامحها عشانه هو، ما بالك بقى إنها بنت أخويا وأخر حاجه باقيه من ريحته، عايزاني أقتلها كده بسهوله.
+
رفعت حاجبيها باستنكار وقليل من الاستهزاء مردفة بتهكم:
+
- يا سلام، وكان فين كلامك ده طول العشرين سنة، إيه غيرت رأيك كده فجاة! ولا تكونش حنيت يا هاشم؟
+
تنهد بحزن وأسئ لا يعلم أيصيح بما يشعر به أم يحتفظ به داخل قلبه حتى لا يُخطئه أحد، ولكن لماذا يخطئه أحد؟ لأنه أخرج ابنة أخيه من كل تلك الظلمة والانتقام! أم لأنه يريد أن يحظى بحفيد من صلبه وصلب شقيقه ويريد لذلك الطفل حياة سوية؟ ليست حياة مليئة بالحزن والظلام لأن والده وجده قد قتلا والدته دون حتى أن تفعل شيء! لا لن يفعل هذا أبدًا، رمق "هاشم" "هناء" بعين دامعة مُحاولًا أن يُحنن قلبها مُردفًا بضعف:
+
- أه يا هناء حنيت، حنيت لحاجة من ريحة أخويا، أه أنا كنت عايز أقتلها زي ما أمها قتلت أبني، بس لما سمعت إنها حامل، حسيت بحاجات بقالي كتير أوي محستش بيها، حسيت بسعادة أول مرة تهاني حملت وقالولي مراتك حامل وهتجبلك عيل يشيل أسمك، ده نفس الأطاحساس اللي حسيته لما جواد قال ديانة حامل، حسيت إني حسي لسه فى الدنيا ولسه نسلي متقطعش وأسمي هيعيش فى الدنيا حتى لو روحي طلعت للي خالقها.
+
-وحسيت إن دى إشارة بتقولى متقتلش ديانة وتأخدها بذنب هي معملتهوش، ولما شوفتها النهاردة حسيت إني شايف شرف قدامى، قوتها، جرأتها، كلامها، حتى لمعة عنيها وهي بتتكلم، كل ده خلانى أحس إني بكلم شرف، حسيت قد إيه أنا كنت هندم لو أذيتها وأخدتها بذنب غيرها، حسيت برعشى فى قلبي أول ما وقفت قدامها وهي بتعيط وكأني واقف قدام حد من عيالى، مش هقدر أأذيها يا هناء.
+
شعرت بكثير من الغضب والكراهية تجاه الجميع وأولهم تلك الفتاة "ديانة"، حاولت تعنيف "هاشم" مرة أخرى مذكرة إياه بما حدث لزوجته مُحاولة زرع الغضب والكراهية مرة أخرى داخل قلبه مُردفة بحدة:
+
- وحق أختي يا هاشم؟ حق مراتك اللي ماتت غدر وخيانة! إيه هتسيبه؟
+
صاح بها زافرًا بحنق من إصرارها على أن ثأرهم مع "ديانة" وأن حق زوجته سيأتي بموت ابنة أخيه، ليصرخ بوجهها زاجرا إياها بانزعاج:
+
- أفهمي بقى، ديانة ملهاش دعوة بأي حاجة حصلت زمان، دلوقتي هي مرات جواد وشايله حته منه جواها والطفل اللي هيتولد ده سوا بنت أو ولد هيحتاجها، ليه أظلم كل دول وهما ملهومش ذنب! ليه أظلم بنت أخويا وهي معملتش حاجة وأقتلها! ليه أحرم الجنين اللي جي ده من امه وأظلمه هو كمان على حاجه ملوش ذنب فيها، مش كفاية اللي جواد عمله معاها؟
+
كورت عينيها بملل من حديثه ولاتزال مُصرة على ما بداخل رأسها، ولم تكتفي بذلك بل غرورها جعلها لا ترى الصدق فى أعين "هاشم" وحقيقة أن تلك الفتاة أصبحت تعني له الكثير، لتتفوه "هناء" بثقة وإصرار مُعبرة عن حجم الكراهية التي تحملها بداخلها تجاه "ديانة" مُردفة بحدة:
+
- طيب يا هاشم، لو أنت هتسيب حق مراتك! أنا مش هسيب حق أختي وهاخده.
+
ألتقط يدها فجأة ممَ جعلها تنتفض من الصدمة وأخذ يضغط عليها بكثير من الغضب والحنق، وتلك أول مرة يرفع فيها "هاشم" يده عليها، لتتأوه "هناء" وتُحاول سحب يدها من قبضته ولكنها فشلت، فهو ممسك بها جيدًا، بينما "هاشم" قد نفذ صبره منها وصاح بوجها بأنفاسه الحارقة وأسنانه الملتحمة مُحذرا إياها:
+
- أقسم بالله يا هناء لو قربتي من ديانة أو من اللي فى بطنها أو حاولتي تأذيهم، والله العظيم وقتها هنسى أنتي مين وهقطعك بسناني، أديني حذرتك أهو يا بنت عمي وقد أعذر من أنذر.
+
تركها وصعد السلم مُتجها نحو غرفته مُعلنا عن إنتهاء الحديث بينهما، بينما "هناء" ظلت تُطالعه بنظرات ثاقبة وأنفاسًا ملتهبة عازمة على أن تعلن الحرب عليهم وتحرق قلب الجميع وأولهم سيكون "هاشم" عندما يخسر حفيده وأبنة أخيه وأيضا أبنه.
+
❈-❈-❈
+
توقف بسيارته بمكان بعيد ومظلم لا يوجد به أحدًا وكأنها صحراء غير صالحة للتعمير والأسكان، ترجل من سيارته وتحرك ليصبح وأقفًا أمامها ولا يُنير له سوى ذلك الضوء البسيط الذي ينبعث من داخلها.
+
رفع وجهه لسماء وما هي إلا لحظة واحدة وسقط على الأرض ثانيًا رُكبتيه وأخذ يبكي بكل ما به من قوته وكأنه طفلًا صغير يشعر بالألم لأول مرة أو يريد الذهاب إلى والدته، بالفعل هذا ما يريده هو أيضا يحتاج إلى والدته، يحتاج أن يلقي بنفسه داخل صدرها، يحتاج أن تضمه وتربت على ظهره وتُزيح عن صدره كل ذلك الضيق والحنق، يحتاج أن تُنسيه كل ما فعلته به "هناء"، يحتاج أن تُعاقبه عمَ فعل ب"ديانة"، تطمئنه إنها لن تتركه أبدًا.
+
ولكن لحظة! هل "ديانة" ستُسامحه بعد كل ما فعله بها؟ هل ستنسى إنه أغتصبها عدة مرات؟ هل ستنيى تلك الاهانة والكسرة التى سببها لها؟ هل سيشفع له عندها ما يحاول فعله منذ فترة طويله؟ هل ستاسمحه إذا أخبرها بكل ما بداخله! هل ستشفق عليه بسبب كل ما عانه بسبب تلك المرأة التى تُدعى "هناء"! هل ستحبه مثل ما يحبها؟
+
هل هو يُحبها؟ كيف يحب ابنة المرأة التي قتلت والدته! ولكن ما ذنبها بهذا الأمر! لما يجعلها تدفع ثمن غلطة هي لم ترتكبها! ولكنها والدتها؟ ولكنه يُحبها؟ لا لم يُحبها! بل بالطبع يُحبها.
+
- آآآه كفاية بقى، كفاااية.
+
صرخ بتلك الكلمات من بين شهقاته مُحاولًا الانتهاء من ذلك الصراع بداخله، ذلك الصراع الذي يُسبب له الحيرة والتشتت لا يعلم لأى صوت منهم يستمع؟ أيستمع لذلك الصوت الذي يخبره بأنه يُحبها! أم الأخر الذي يقول إنه لم يحبها؟ صدحوذلك الصوت مرة أخرى مستفسرًا عن إذا كان حقا يحبها! فلما يُعذبها ويُهينها ومنذ قليل كاد أن يضربها بدون شفقة أو رحمة أمام الجميع؟ فقط لأنها واجهته بحقيقته الذي يتهرب منها بكونه حقا شخصًا ضعيف.
+
كور قبضتي يده وضرب بها الأرض أمامه بكثير من الغضب والصراخ، عسى يستطيع إخراج كل ذلك الضيق الذي يشعر به، مُتمتمًا بأسنان ملتحمة ودموع تتهاوى كالمطر:
+
- ليه عملت كده ليه؟ كل ما أحس إن الكره اللي بينا بيقل أرجع أزوده تاني ليه؟
+
تذكر تلك السفرية التي سيقوم بها غدًا، ليتوقف عن البكاء مُمتنًا لتلك المشكلة التي ستُشغله عن ذلك التشتت وستجعله يبتعد عنها قليلا، على الأقل تلك الفترة حتى لا تزداد تلك الكراهية بينهما، وأيضا لإكمال ما بدأه من فترة.
+
❈-❈-❈
+
لاحظت "ملك" تغير نبرة "إياد" فى الحديث معاها، يبدو حزينًا ومستائًا، شعرت أن هناك شيئًا ما لتتقدم بسؤلها مُحاولة الأستفسار عمَ يُزعجه:
+
- مالك يا إياد! صوتك متضايق ليه؟
+
حاول "إياد" عدم إزعاجها بتلك الأمور مُحاولًا التهرب من سؤالها:
+
- مفيش يا حبيبتي.
+
إنزعجت "ملك" لشعورها بأنه يُحاول إخفاء الأمر عنها، لتزجره بنبرة مُعاتبة:
+
- إياد متخبيش عليا، هو أنا يعني مش عارفاك!
+
لأحظ إنزعاجها وإرادتها القوية فى الاستفسار عن الأمر، فلم يريد أن تنزعج أكثر من ذلك، تنهد بأستسلام لأن يخبرها مُردفًا بضيق:
+
- متخانق مع جواد.
+
أتسعت عينيها بصدمة خوفًا من أن يكون "جواد" علم بشيء مما سبق وأخبرها به "إياد"، وأن يكون صدق إنه فعل ذلك الشيء ب"زينة"، لتهتف بلهفة مُستفسرة:
+
- ليه هو عرف حاجه؟
+
أجابها نافيًا:
+
- لا الحمدلله، بس مشكله كده فى فرع من فروع شركتنا برا مصر وهو مُضطر يسافر.
+
زفرت براحة أن "جواد" إلى الأن لم يعرف عن الأمر، فهي سمعت الكثير عن شخصيته وإنه قاسي وحاد الطباع، وبالبطع إذا علم شيئًا كهذا ستكون هناك مصائب لا حصر لها، ولكنها أيضا ظلت مهتمة لمعرفة سبب إنزعاج "إياد"، لتُخمن أن "جواد" قد يكون قال له شيئًا أزعجه وضايقه:
+
- هو قالك حاجه زعلتك!
+
أبتسم بخفة على ما قالته عن أنه ينزعج من "جواد"، إنها لا تعلم ما بينهما فالشيء الذى يربطهما ببعضهما ليست مجرد شراكة أو صداقة عمل، بل ما ببنهما أكبر من ذلك بكثير، أجابها محاولًا شرح الأمر لها:
+
- مفيش حاجة تزعلني من جواد، ده مش صحبي بس ده أخويا وصحبي وشريكي وأهلي وكل حاجة، أنا بس خايف عليه من نفسه، جواد اللي شافه مش قليل يا ملك وعشان كده مهما عمل فيا عمري ما أزعل منه أبدًا.
+
تأثرت من كل ذلك الحب الذى يحمله "إياد" ل"جواد" وصداقتهما الجميلة الخالية من أية مطمع أو إستغلال، ولكنها أرادت أن تُخرج "إياد" من ذلك الإنزعاج لتعلق بمشاكسة:
+
- أه دا أنا كده هبدأ أغير من جواد بقى!
+
ضحك بصوته كله على ما تفوهت به "ملك" وقد أدرك إنها تُحاول مشاكسته، ليقلب عليها لعبتها ويقلب الأمور لصالحه مُضيفًا بمكر:
+
- لا تغيري من جواد إيه! أنا مليش فى الخشن أنا ليا فيك أنت يا طري يا ناعم يا حلو.
+
شعرت بالخجل الشديد، وصاحت بانزعاج وطيف غضب مُصطنع:
+
- تصدق يا إياد أنت قليل الأدب وأنا معتش مكلماك تاني.
+
أغلقت الهاتف ولاتزال تشعر بالخجل الشديد، بينما "إياد" ظل يضحك على طفولتها وهتف بتوعد:
+
- هو أنتي لسه شوفتى قلة أدب يا روحى؟ دا أحنا لسه بنقول يا هادي!
+
❈-❈-❈
+
بعد مرور شهر..
+
كانت تجلس بغرفتها وتشعر بقليل من الدوران والكثير من الغثيان، لا تعلم لما تشعر بهذا الشىء منذ عدة أيام، قطع خلوتها صوت تلك الطرقات على باب غرفتها، سمحت للطارق بالدخول، لتقوم "ديانة" بإدخال راسها فقط من خلف الباب مُردفة بمرح:
+
- ممكن أدخل؟
+
أبتسمت لها "زينة" بحب وأعتدلت فى جلستها مُرحبة:
+
- أكيد طبعًا يا ديانة أتفضلي.
+
دلفت "ديانة" الغرفة وتقدمت بعدة خطوات تجاه فراش "زينة"، حاولت أن تجلس بحذر لأنها أصبحت الأن بشهرها السابع وبطنها أصبحت كبيرة وهذا الشيء يجعلها قلقه من أن تقوم بأى حركة خاطئة، وجهت حديثها نحو "زينة" مستفسرة:
+
- زينة هو أنتي زعلانه مني فى حاجة؟
+
هزت "زينة" رأسها بإنكار عن كونها منزعجة منها قائلة:
+
- لا يا حبيتي طبعًا مش زعلانه منك، ليه بتقولي كده؟
+
تنهدت "ديانة" بحزن عند تذكرها ما حدث فى هذا اليوم بينها وبين "هاشم" وما فعله "جواد" معها، لتُضيف بحرج:
+
- أومال ليه بقالك شهر من ساعة الكلام اللي حصل بيني وبين باباكي وأنتي قافله على نفسك هنا ومش بتتكلمي معايا خالص؟
+
حاولت "زينة" توضيح الأمر لها مُعقبة بصدق:
+
- صدقيني يا ديانة أنا مش زعلانه منك أبدًا، بالعكس أنا زعلانه عليكي أوي ونفسي كل حاجة بينك وبين بابا وجواد تتظبط لأنك ملكيش ذنب فى حاجة، وصدقيني جواد كويس بس هو شديد شويه.
+
ابتسمت لها "ديانة" بأقتضاب عندما تذكرت ذلك اليوم الذي أستمعت فيه ل "جواد" قبل أن يُسافر.
+
••
+
أنتهى من إرتداء ملابسه وسريعًا ما خرج من غرفته فى طريقه نحو باب المنزل، صدح صوت هاتفه مُعلنًا عن وجود إتصال من أحدهم، أخرج هاتفه للرد مُستمعًا لذلك الشخص الذي يُهاتفه، ليُجيبه بإقتضاب:
+
- أيوه مسافر دلوقتي.
+
صمت لمدة ثوان فقط حتى صاح مرة أخرى:
+
- مش عارف هقعد قد إيه بس بمجرد ما هحلها هرجع على طول.
+
خرج من المنزل وهو لايزال يتحدث بهاتفه ولم ينتبه "لديانة" التى كانت تقف أعلى الدرج وأستمعت إلى ما قاله.
+
•••
+
هزت "ديانة" رأسها مُحاولة إخراج كل ما برأسها يذكرها بهذا الحقير التي تكرهه أكثر من أى شىء بحياتها وتتمنى عدم مجيئه مرة أخرى، حاولت إشغال نفسها بالحديث مع "زينة" التي يبدو عليها ملامح الحزن أو المرض! هتفت مستفسرة:
+
- طب لو الموضوع كده، أومال ليه طول الفترة دى مش بتنزلي تقعدي معايا غير كل فين وفين؟
+
شعرت "زينة" بالغثيان وأنها بحاجة شديدة لإفراغ كل ما بمعدتها ولكنها حاولت منع نفسها وعدم إظهار ذلك الشىء أمام "ديانة"، أجابت بأنفاس مُتسارعة:
+
- مفيش بقالي فترة كده تعبانة شوية ومش قادر حتى أقوم من مكاني و....
+
ركضت إلى المرحاض عندما شعرت بإنها على وشك التقئ بكل ما فى معدتها، لتدخل وتوصد الباب خلفها باحكام، بينما "ديانة" أسرعت فى اللحاق بها مُحاولة معرفة ما بها للأطمئنان عليها، طرقت على الباب بلهفة:
+
- زينة أفتحي يا زينة، زينة فى إيه!
+
ظلت تطرق الباب بهلع مُحاولة الوصول إليها بعد أن أستمتت إلى صوت إستفراغها كل ما بمعدتها، بعد قليل من الوقت فتحت "زينة" الباب ووجها أصبح شاحبًا ولونه أصفر ويبدو عليها عدم الأتزان، هتفت "ديانة" بكثير من القلق والخوف:
+
- مالك يا زينة فيه إيه! أنا هكلم الدكتور.
+
هزت "زينة" رأسها بالنفى غير موافقة على إقتراحها ظنًا منها أن هذا مجرد شيئًا بسيط، عقبت بثقل وهي تشعر وكأن رأسها يدور:
+
- لا لا أنا، أنا هبقى كويس....
+
لم تُكمل جملتها وسريعًا ما سقطت مُغشيًا عليها فوق جسد "ديانة"، بينما لم تتحمل الأخرى ثقل جسدها لتسقط منها شيئا فشىء أرضًا، صرخت بفزع ورعب مُستنجدة بالعاملة بالمنزل:
+
- زينة! الحقيني يا دادا.
+
❈-❈-❈
+
إلتقط "إياد" تلك التسجيلات من فوق مكتبه بعد أن جمعها كلها وتأكد من شكه وسريعًا ما أخرج هاتفه مُجريا إتصال إلى "ملك" وثوانٍ وأتأه ردها ليصيح بلهفة:
+
- أنا وصلت للتسجيلات يا ملك ومعايا نسخه منهم.
+
أبتسمت بسعادة وفرح لأن هناك أملًا إذا رأى أخيها تلك التسجيلات يُمكن أن يعود حينها إليهم مرة أخرى، صاحت بحماس:
+
- بجد يا إياد! طب قولي اللي حصل ده حصل إزاي؟
+
نهض "إياد" بعجل فهو يريد الذهاب حالًا إلى "مالك" لإثبات براءته وبراءة "زينة" أمامه، ليُعقب بلهفة:
+
- مش وقته يا ملك بعدين هقولك، المهم دلوقتي أبعتيلي عنوان مالك أنا لازم أروحله حالًا.
+
حاولت "ملك" أن تجعله يأخذها معه فى تلك المواجهة التي لا تعرف ماذا سيحدث بها! كيف سيستقبل شقيقها تلك الحقيقة ويعلم إنه قام بظلم "زينة" وإنها بريئة ممَ ظنه بها؟ لتهتف برجاء:
+
- طب عدي عليا أروح معاك.
+
لا يستطيع الموافقة على طلبها لإنه يعلم أن يُمكن أن تكون ردة فعل "مالك" غير متوقعة لذلك سيذهب إليه بمفرده، ليوجه حديثه نحوها مُعقبًا بنهي:
+
- لا لا، خليكي أنتي برا الموضوع، أنا عايز يبقى مني ليه.
+
وافقته على ما قاله مُتفهمة الأمر مُردفة بأستسلام:
+
- حاضر يا إياد هبعتلك اللوكيشن، بس أبقى طمني.
+
وافقها وهو يستعد للخروج من مكتبه مُتجها نحو بيت "مالك":
+
- حاضر يا حبيبتي.
+
❈-❈-❈
+
أنتهى الطبيب من فحص "زينة" المُستلقية بفراشها، بينما تقدمت "ديانة" منه مُستفسرة عن حالتها وهي تشعر بكثير من القلق عليها:
+
- خير يا دكتور طميني زينة مالها؟
+
أبتسم لها الطبيب مُحاولًا أن يطمئنها وعدم إشعارها بالتوتر مُرعاة لكونها حامل والقلق ليس جيدا عليها، ليجييها بهدوء:
+
- أنا مش عايز حضرتك تقلقي خالص، ده مجرد ضعف بسيط وأنا هكتبلها على شويه فيتامينات لازم تمشي عليها ولازم تعمل التحاليل دي كمان عشان نتطمن.
+
شعرت "زينة" بالتعجب من طلب الطبيب بعمل فحوصات لها، لتتدخل مُوجهة حديثها نحوه مُستفسرة:
+
- نتطمن على إيه؟
+
أبتسم الطبيب بمجاملة لكي يُهنئها قائلًا:
+
- ألف مبروك يا مدام حضرتك حامل.
+
أتسعت عيني كلًا من "ديانة" و"زينة" بصدمة مما تفوه به الطبيب، لتقع "زينة" فى حالة من الصدمة غير قادرة على التحدث بأي شيء بينما "ديانة" حاولت عدم إظهار شيئًا أمام التطبيب مُتظاهرة بالسعادة:
+
- الله الله يبارك فيك يا دكتور.
+
أمتدت يد الطبيب بقائمة الأدوية والتحاليل مُوجها حديثه نحو "ديانة" مُضيفًا بإبتسامة:
+
- أتفضلي حضرتك دي أسماء الفيتامينات والتحاليل المطلوبة، وياريت تاخد بالها من نفسها ومن أكلها شويه.
+
تقدمت "ديانة" لكى توصل الطبيب مُصطحبة إياه إلى الخارح وتُحاول التظاهر بأن الأمور على ما يرام مُردفة بامتنان:
+
- شكرُا يا دكتور، أتفضل.
+
نهضت "زينة" بسرعة من فراشها وأخذت تسير فى جميع أركان غرفتها يمينًا ويسارًا من هول صدمتها لا تستوعب ما قاله الطبيب، لا تعلم كيف ومتى حدث ذلك؟ وما هى إلا ثوانٍ حتى تذكرت ما حدث لها من قبل "مالك"، لتضع يدها على فمها بصدمة وسقطت أرضًا موالية ظهرها إلى الحائط وتضم ساقيها إلى صدرها بفزع وذعر.
+
يتبع...
+