رواية دماء علي اوراق الورود الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم آثر توفيق
الحلقة الحادية والعشرين
فى الصباح الباكر ارتدت داليا نقابا وخرجت مع خديجه متجهين الى مدينة صغيرة تبعد مسافة ساعة عن الدمام وهناك توقفت السيارة امام كافيتريا وامرت السائق ان يبقى مكانه وذهبتا مترجلتين الى المستشفى الموجودة هناك
خديجه : ربنا يسامحنا لكن زى ما بتقولوا فى مصر قضا اخف من قضا وربنا يعوض عليكى
داليا : انا خايفه يا خديجه
خديجه : ما تخافيش انتى فى البدايه ومافيش خوف احنا بس بنخلص من مصيبه كبيره وبعدها ان شاء الله لينا كلام تانى المهم مش عاوزاكى تشيلى النقاب عن وشك ابدا ولا تنطقى بحرف انا كلمت ممرضه فى المستشفى وفهمتها انك شغاله من سيريلانكا والدكتور اصلا اوكرانى مش حيتكلم واحنا ساعتين ونمشى
كانت المستشفى صغيرة وكانت احدى الممرضات بانتظارهم وعرفتها خديجه بنفسها ودخلت داليا الى العمليات دون تسجيل اى بيانات وتمت عملية الاسقاط والتنظيف وبعد حوالى ساعتين خرجتا لملاقاة السائق والعودة الى الدمام وهناك اصرت خديجه على مبيت داليا عندها حتى تتعافى
خديجه : انا خلاص كلمت ابو فهد وانتى فى العمليات قلتله عندك انفجار فى الزايده وشلتيها ولازم اراعيكى هو حيفضل كام يوم فى البيت التانى مش مشكله لكن انتى لازمك علاج ورعايه مين يراعيكى غيرى ؟
داليا : معقول يا خديجه الخبط حياتكم بالشكل ده ؟ ذنبه ايه ابو فهد يتحرم منك ؟
خديجه : ما تخافيش هو مش حيتحرم منى اصلا هو ما يقدرش يستغنى عنى لما يهفه الشوق حيجينى فى الليل ويمشى الصبح بدرى من غير ما يزعجك
داليا : انتى بتقولى ايه ؟ ده صاحب البيت وانا اللى عامله ازعاج
خديجه : يوووه يا داليا ما تكبريش الموضوع الحكايه بسيطه خالص ما تعمليش فرق بيتى هو بيتك احنا اصعب خطوه عملناها وبعدين انا سعيده جدا طول ما انتى جنبى ولو عليا نفسى تسيبى شقتك وتيجى تعيشى معايا والله يبقى يوم المنى المهم بقى بعد ما تشدى حيلك عاوزاكى توعدينى تقربى من ربنا وما تقطعيش الصلاه ابدا الا يعنى الايام اللى انتى عارفاها ههههههه
كانت داليا مضطجعة على الفراش وخديجه بجوارها فاقتربت منها وقبلت يدها بحب وعرفان قائلة
داليا : حقيقى انتى نعمه كبيره ربنا انعم بيها عليا وانا لو اعيش اشكر ربنا عليكى لاخر يوم فى عمرى مش حاوفيه حقه انه هدانى اليه بيكى ربنا يخليكى ليا
خديجه : يووووه على الدلع ده كله انا كده حيصيبنى الغرور اسمعى ارتاحى شويه وانا حاجيبلك شوربه وعلبة زبادى تاكلى حاجه خفيفه لحد بكره
.....................
لم يطل انتظار حاتم كثيرا وجاءه الاتصال المنتظر من مصطفى الذى اخبره انه تعين فى نقطة على راس احد الشوارع وانه انتظر حتى يتثبت فى نقطته وواعده حاتم بالمرور عليه فى وقت متاخر حتى يتسنى لهما الحديث بهدوء
وبعد منتصف الليل زاره حاتم وبعد ان اعد له مصطفى الشاى ساله حاتم
حاتم : قوللى يا مصطفى انت ليه خايف قوى كده من حامد الهوارى ؟
نظر اليه مصطفى قائلا بكبرياء
مصطفى : انا ما باخافش من حامد ولا غيره ولا باخافش حتى من الموت انا ما باخافش غير من اللى خلقنى وبس لكن فيه كلام عادى يتقال على قهوه وكلام تانى ما يتقالش غير بين اتنين مالهمش تالت
حاتم : الله ينور عليك ايه بقى الكلام اللى ما يتقالش الا بين اتنين ؟
مصطفى : انت بتسال على حامد ليه يا باشا ؟
حاتم : ليا فى رقبته تار وعنده مظلمة ناس عزيزه عليا اذاهم وحقهم حالف اجيبه من دمه
مصطفى : انت تعرف ان حامد ده فى ايديه دم ناس كتير ؟
حاتم : عارف ومش خايف والموت عندى اهون من انى اسيب حق الناس دى
مصطفى : طيب انت عاوز تعرف ايه عنه ؟
حاتم : كل حاجه تعرفها عنه مهما كانت صغيره وبداية كده هو ايه شغله الشمال ؟
مصطفى : اثار يا بيه تعرف شغل الاثار ؟ هو ده بابه وشغلته وجنبها السلاح
حاتم : انت متاكد ؟
مصطفى : طبعا متاكد انا اقدر اقول لك بيخزن فين كمان شوف يا باشا بلدنا اسمها حضن الجبل علشان الجبل محاوطها من كل النواحى وعلشان تدخل او تخرج مافيش غير مدقات من وسط الجبل الراجل ده بينقب فى الجبل يفتش عن الاثار والاقصر كل شبر فيها تحته قبر فرعونى وهو بقى داقق ممرات وسراديب ترمى ورا ضهر الجبل على طريق قديمه كانت شغاله تهريب زمان وسكتها اتقفلت واتنست وهو رجع حياها تانى وفيه فى وسط الجبل كهوف ومغارات بيخزن فيها بضاعته
حاتم : انت كنت شغال معاه ؟
مصطفى : شغال معاه دى محتاجه توضيح لازم تعرف ان حامد ما بيشغلش معاه غير ناس كلهم سوابق ويعرفهم من سنين السنين زمان وهو لسه شاب يمكن قبل ما انا اتولد كان اتسجن سنتين فى قضيه واتعرف على الناس دول وبقى اللى يطلع منهم يجيله وبقوا رجالته اصله كان بيصرف عليهم فى السجن اتما اهل البلد ما بيشغلهمش معاه لكن بياخدهم شيالين بالسخره والكرباج يشيلوا بضاعته من المغارات لضهر الجبل ويرميلهم ملاليم من غير ما يفتحوا بقهم ويشيلوا صناديق مقفله ما يعرفوش فيها ايه واللى يفتح بقه قول عليه يا رحمن يا رحيم
حاتم : وانت كان دورك معاه ايه ؟
مصطفى : شيال بالسخره زيى زى كل اهل البلد يشيل وياخد ملاليم ولو مات يبقى كلب وراح ولو عرف حاجه واتكلم يموت على ايد حامد ورجالته
حاتم : طالما كنت بتشيل من غير ما تعرف شايل ايه عرفت ازاى عن الاثار والسلاح ؟
ابتسم مصطفى بمرارة وزفر زفرة حارة واشعل سيجارة ونفث دخانها فى الهواء بقوة ثم قال بصوت حزين عميق
مصطفى : حاحكيلك يا بيه
....................
Flash back
عند منتصف الليل خرج احمد علوانى البكرى وزوج اخته مسعود عبد الباسط من بيتهما بصحبة غفير ارسله لهم حامد الهوارى لنقل بضاعة تخصه وبالطبع لم يكن الرفض ممكنا فمن يأمره حامد بالخروج لا يملك سوى الطاعة والخضوع وفى النهاية يدفع له اجرا زهيدا مع التنبيه عليه بان يغلق فمه حتى لا يعرض نفسه واهله لغضب الحاج حامد وهو ما يعنى الموت له او لاحد افراد اسرته وربما كل اسرته برغم ان من يخرج فى تلك الاعمال الليلية لا يعرف ما يجرى فهم ينقلون صناديق مغلقة لا يعرفون ما بها ليودعوها مغارات فى الجبل تحت حراسة غفر الحاج حامد واغلبهم ليسوا من اهل البلد .
كانت السيارات قد افرغت حمولتها خلف الجبل على الطريق المهجور وانصرفت قبل وصول الحمالين تاركة الصناديق فى حراسة الغفر وكانت صناديق كبيرة وثقيلة وتم توزيع الحمالين العشرة كل اثنين يحملان صندوقا لتخزينه فى مغارة تحت حراسة احد الغفر ثم يعودوا لحمل صندوق اخر وفى احدى المرات تخلف الغفير المرافق لاحمد ومسعود لقضاء حاجته خلف الجبل واختلط الامر عليهما فدخلا مغارة اخرى ليفاجئوا بغرباء لم يروهم من قبل منهمكين فى تغليف بعض التماثيل والاثار بالورق ولفها بالقش ورصها بعناية فى صناديق اصغر حجما .
تسمر الرجلان امام المشهد دون حراك وعندما لمحهما الغرباء رفعوا السلاح فى وجوههم مما اثار الرعب فى قلوبهم فسقط الصندوق على باب المغارة لاسفل الجبل وانكسر ولكن وصل الغفير المرافق لهما وقام بتهدئة الغرباء ثم امر احمد ومسعود بالخروج من المغارة ونزل وحده اسفل الجبل محاولا غلق الصندوق ولكنه كان قد انكسر تماما ولم يتمكن من غلقه واضطر لانزالهم لحمل الصندوق مفتوحا وحانت منهما التفاتة الى ما بداخل الصندوق ليجدوا عددا من الاسلحة النصف الية التى تثير الرعب وحدها ومرت الليلة بسلام بعد التشديد عليهما باغلاق افواههم تماما
لم يستطع احمد الصمت فاخبر اخاه الاصغر مصطفى بما رآه ولكن مصطفى نصحه بالتزام الصمت ونسيان ما رآه تماما كأنه لم يرى شيئا ولكن بعد يومين اختفى احمد من القرية وبعد عدة ايام وجدت جثته فى الجبل وكان اثر الطلقة فيها واضحا وبعدها حضر احد رجال حامد لتقديم واجب العزاء
شنوانى : الحاج حامد بيقول لك البقيه فى حياتك يا مصطفى
مصطفى : فى حياتك الباقيه يا ريس شنوانى
شنوانى : هو صحيح المرحوم مات ازاى ؟ الحاج بيقول انه كان فى الجبل والتعبان عضه صحيح ؟
نظر مصطفى بحذر قائلا
مصطفى : كلام الحاج حامد كله صحيح وعلى راسنا
شنوانى : بيتهيالى ده راى محمد اخوك برضه واللا ايه ؟ اصل عيال احمد لسه صغيرين وفى رقبتك انت ومحمد مش كده ؟ بيتهيالى لو التعبان عض واحد تانى حيبقى صعب ان واحد لوحده يشيل الشيله عيالك وعيال احمد ومحمد ومسعود لما واحد بس يشيل الشيله دى كلها لازم يقع ولو ماحدش فضل علشان يشيلها العيال يتشردوا مش كده ؟
نظر مصطفى للغفير بشرود وقال بصوت حزين وهو يوشك على البكاء
مصطفى : احمد اخويا الله يرحمه التعبان عضه وهو فى الجبل ودى غلطته لوحده وانا ومحمد ما نعرفش غير كده انا شفت عضة التعبان بنفسى بلغ الحاج اننا خدامينه وما بنشوفش غير اللى هو يقول عليه
وبعد دفن احمد عاد الرجال الى الدار فى صمت بينما النساء لم تكف عن البكاء وصعد مصطفى الى السطح يدخن وهو يستعيد كل ما قاله الغفير شنوانى ( الحمل كله حيبقى على كتافك انت ومحمد عيالك وعيال محمد وعيال احمد وعيال مسعود ) كان يشعر ان هناك شيئا ما خطا وان هناك رسالة موجهة لماذا ذكر اطفال مسعود بينما القى بالحمل كله على كتفيه هو ومحمد ؟
اسرع الى الاسفل وطرق باب حجرة اخته فاطمة التى خرجت سريعا وعيناها حمراوتان من البكاء
مصطفى : مسعود فين يا فاطمه ؟
فاطمه : خرج يشم هوا وراجع انت عارف انه كان صاحب احمد من زمان
مصطفى : ايه اللى خرجه بس ؟ خرج راح فين ؟
فاطمه : فيه ايه يا مصطفى قلقتنى
مصطفى : مافيش يا فاطمه ربنا يجيب العواقب سليمه
خرج يبحث عنه فى القرية الصغيرة ولكنه لم يعثر له على اثر وفى اليوم التالى وجدت جثته غارقة فى المصرف وحين حضر المغسل لاحظ مصطفى ان فقرات العنق كانت مكسورة
.......................
#دماء_على_اوراق_الورود
#الجزء_الاول
تابع Flash back
وفى اليوم التالى وجدت جثة مسعود فى المصرف وحين حضر المغسل لاحظ مصطفى ان فقرات العنق مكسورة فسارعوا بغسله وتكفينه ودفنه فى صمت وقد نوى مصطفى الانتقام ولكن اولا لابد ان ......
وفى تلك المرة لم يرسل حامد غفيرا للعزاء ولكنه حضر بنفسه
كانت فاطمه تنتحب فى صحن الدار بجوار الفرن ومصطفى بجوارها يواسيها بينما محمد الاخ الاوسط يجلس القرفصاء وهو يضع كفه فوق راسه حين فوجئوا بالباب ينفتح اثر ضربة قوية وجهها حامد بقدمه ورأوه يتقدم الى منتصف صحن الدار بقامته المديدة وهو يدق الارض بعصاه وخلفه ثلاثة من الغفر
حامد : البقيه فى حياتكم حتاخدوا العزا واللا حتعملوا زى احمد ؟
محمد : والله ما فيه فلوس لمصاريف العزا يا حاج
قالها وهو جالس فى موضعه فرفع حامد عصاه ليضربه فى صدره باحتقار قائلا
حامد : فز قوم وانت بتكلمنى يا كلب
قام محمد ووقف امامه وهو يطاطئ راسه فقال حامد
حامد : هو اخوك مات ازاى يا واد يا محمد ؟
نظر اليه محمد واخذ يبكى بقهر وهو لا يستطيع الرد فاسرع مصطفى يقول
مصطفى : اصل احمد الله يرحمه قال انه شاف ارانب بتلعب فى الجبل وطلع يصطاد ارنب للعيال التعبان عضه يا سيد البلد
حامد : وجوز اختك مات ازاى ؟
مصطفى : اهو ده اللى غلطان والغلط راكبه طول عمره ماكانش يحب ينزل المصرف يستحمى الا بالليل وياما كلمناه مافيش فايده عمره كده
حامد : صح يا واد يا مصطفى هو ده اللى حصل ولو اتقال حاجه غير كده يبقى تدوروا على حد يربى عيالكم
مد يده بغطرسة نحو مصطفى الذى انحنى يقبل يده وهو يضغط على اسنانه فاطلقت فاطمه صرخة كأنها تحترق بنيران الجحيم فاتجه اليها حامد وهى جالسة على الارض تنتحب وتلطم خديها فرفع عصاه ولكزها فى صدرها قائلا
حامد : بتنوحى على ايه يا بنت الكلب ؟
اسرع مصطفى يقف بينه وبينها محاولا تهدئته
مصطفى : معلش يا سيد البلد لسه جوزها مدفون ودمه ما بردش
حامد : ما فى ستين داهيه هو ده راجل يتبكى عليه ؟ اكتمى يا بت وبطلى نواح
ثم اجال بصره بينهم فلمح فى عيون محمد نظرة تنبض بالكراهية بينما لمح فى عيون مصطفى نظرة لم يستطع تفسيرها فالتفت لفاطمة قائلا
حامد : انا حاعوضك عنه واخدك البندر عند بنتى ستك نجاة هانم تشتغلى عندها خدامه
انتفض محمد وصاح بغضب
محمد : بتقول ايه ؟ كمان عاوز اختى تشتغل خدامه ؟
رفع كفه ليصفعه على وجهه وانهال عليه بالصفعات ودفعه فالقاه ارضا وداس بقدمه على عنقه قائلا
حامد : انتوا تطولوا يا ولاد الكلب ؟ اى واحده فى البلد تتمنى تتشرف بخدمة بنتى ست البلد بحالها انت اختك اتفتحت لها طاقة القدر
اقترب مصطفى منه قائلا برجاء
مصطفى : ابوس ايدك يا حاج اختى تعبانه ومش قادره تصلب طولها
ثم ركع امامه وقبل يده قائلا
مصطفى : ابوس ايدك محمد من الصدمه مش دريان بيقول ايه احنا كلنا خدامينك ابوس ايدك اخويا حيموت
حامد : ما يموت واللا يروح فى داهيه انا حاعقله واعرفه ازاى يكلم اسياده
زاد من الضغط بقدمه على عنق محمد الذى احتبست انفاسه وتحشرج صوته وازرق وجهه فاسرعت فاطمه بالاقتراب من حامد وقبلت يده قائلة
فاطمه : ابوس ايدك يا حاج اخويا حيموت انا حاجى معاك بس سيبه
اشار حامد للغفر قائلا
حامد : هاتوا حبل واربطوا البهيمه دى وارموها فى دواسة عربيتى
فاطمه : لا ابوس ايدك انا حامشى معاك
امسك شعرها بقسوة وسحبها خلفه حتى الباب وتوقف وهم ينظرون اليه بمزيج من العجز والمهانة قبل ان يقول بتحذير
حامد : مش عاوز اسمه سيرة احمد ولا مسعود الا باللى قلت عليه
ثم اخرج من حافظته نقودا القاها على الارض قائلا
حامد : الليله تاخدوا عزا الاتنين الا اذا كنتوا مستنيين تاخدوا تاركم من تعبان
End flash back
كان حاتم يستمع لمصطفى فى صمت وهو مطرق براسه ارضا حتى انتهى فرفع راسه ناظرا اليه فوجده يحكى ودموعه تنساب على وجنتيه صامتة وهو ينهى حديثه قائلا
مصطفى : وبعدها قررت انى لازم انتقم من حامد ولازم موته يكون على ايدى واتفقت انا ومحمد اخويا انى اسافر اشتغل والم فلوس واحاول ادبر مكان بعيد عن حامد وعيونه نجيب كل عيالنا فيه علشان اقدر اصفى حسابى ودراعى مش ملوى وكنت فى الساحل شغال فى الامن بالليل وبالنهار انضف الشاليهات واغسل العربيات واعمل اى حاجه تجيب فلوس ولما جيت هنا من اول يوم اخلص شغلى واطلع على كوبرى ابو سرحه اشتغل مع عمال اليوميه بس المشكله كلها فاطمه اختى اللى مش عارف اطلعها من هناك ازاى اصل بنته متجوزه عضو مجلس الشعب وهى دى المصيبه
حاتم : مصيبه فى ايه ؟
مصطفى : بيته عامل زى القلعه وعليه حراسه شديده من كل ناحيه مش عارف اخرجها من هناك ازاى انا بقالى سنه ما شفتهاش ولا هى شافت عيالها ولا نعرف عنها اى حاجه احنا حتى ما نعرفش عايشه واللا ميته
قام حاتم وربت على كتف مصطفى وقال بحزن
حاتم : طيب يا مصطفى انا حاشوف حاقدر اعمل ايه واحاول اساعدك باى طريقه تطلع اختك من هناك وباقى عيلتك وبعدها نبقى نصفى حسابنا احنا الاتنين مع الكلب ده
........................
لم يستطع حاتم النوم وهو يفكر فى تلك الماساة التى سمعها وحار فى امر هذا الشخص الذى غلب الشيطان فى قسوته فكر ان الشيطان نفسه ليس بهذه القسوة هل يوجد فى الدنيا حقا مثل هذا الشر ؟
فكر فى داليا وما لاقته على يد هذا الملعون وفكر انها مهما رات فان امرها سيكون هينا بجانب ما لاقاه مصطفى وعائلته وخصوصا اخته التى قتل زوجها واجبرت على ان تصبح خادمة تحت اقدام ابنة قاتله فاى قسوة اشد من هذا واى عذاب تراه تلك المسكينة بداخل تلك القلعة التى لا يدرى احد ما بداخلها ؟
شعر بمرارة فى حلقه وغصة لا تزول وشعر برغبة شديدة فى رؤية آيه فقد كانت الوحيدة التى تستطيع ان تزيل طعم المر من حلقه وتبهج روحه مهما كانت همومه كان ينسى احزانه عندما يراها وكانت كل جراحه تشفى اذا اخذها فى حضنه وداعبها فاتصل بامها طالبا الاذن فى زيارتهم فواقفت شريطة ان يتناول معهما طعام الغذاء
ذهب اليهم قبل الظهر حاملا الهدايا لآيه كعادته وجلس يلاعبها بينما تعد امها طعام الغذاء وحين جلسوا لتناول الطعام وضعها امامه فوق المائدة واخذ يطعمها بيده ويلاعبها ووسط الطعام قالت امها
ام آيه : يا حاتم بيه فيه موضوع كده كنت عاوزه اكلم حضرتك فيه
حاتم : خير موضوع ايه ؟ محتاجه فلوس ؟
ام آيه : هو حضرتك مخلينا محتاجين حاجه ؟ ده خيرك مغرقنا انا بس كنت عاوزه اكلمك بخصوص الشغل
حاتم : تانى ؟ احنا مش اتفقنا لما آيه تدخل المدرسه ؟ هانت كلها كام شهر واللا انتى شايفانى مقصر ؟
ام آيه : العفو يا بيه انت افضالك وجمايلك فوق الوصف
حاتم : بلاش والنبى الكلام ده ده حقكم ودى مش فلوسى ده مال الله وانا راجل مؤتمن عليه وربنا حيسالنى صرفت الامانه فى ايه
ام آيه : يا استاذ حاتم ارجوك افهمنى انا عاوزه اشتغل علشان احس بالامان وبرضه مستحيل نقدر نستغنى عنك انا عمر شغلى ما حيخلينى ادخلها المدرسه اللى انت قلت عليها يعنى حضرتك اللى حتتكفل بالمدرسه انما انا عشت حياه صعبه قوى كانت الدنيا تشيلنى لفوق وتنزلنى على جدور رقبتى لدرجة كل ما اشوف الدنيا تضحك واتطمن تطلع ضحكتها صفره وراها غدر . الله يرحمه عبد الله كان معيشنا ملوك ومش مفكر فى بكره ومات فجاه وهو فى سن حضرتك ولو يعنى بعد الشر حصل لحضرتك حاجه حنرجع تانى نمد ايدينا بلاش نقدر الشر افرض حضرتك من غير ما يحصل حاجه غيرت تفكيرك وصرفت نظر عن مساعدتنا
حاتم : انا عمرى ما حاتخلى عنكم ابدا خليكى واثقه من كده انا امبارح كنت فى مشكله حسيت بعدها ان الدنيا سوده وضلمه وكلها شر ما نورتش غير لما شفت آيه تفتكرى انا ممكن اتحمل اتحرم منها ؟ اتحرم من المخلوقه الوحيده اللى بتخلينى افرح من قلبى ؟
ام آيه : ربنا يخليك لينا آيه كمان بتحبك قوى زى ما كانت بتحب المرحوم ابوها ولما بتشوفك بتفرح قوى لكن يعنى شغلى حيخلينى احس بالامان وابقى قادره اوفر مصاريفى وابقى حاسسه ان ورايا ضهر اتسند عليه لما احتاجك الاقيك مستحيل نستغنى عنك ربنا ما يحرمنا منك
حاتم : اسمعى يا ام آيه لو شغلك يحسسك بالامان حابتدى ادور على شغل كويس وحالاقى ان شاء الله بس بشرط مصروف آيه يفضل زى ما هو وبلاش والنبى تبصى لها على انها مساعده اعتبرى انه من اب لبنته والله باحب آيه زى ما تكون بنتى وبيتهيالى لو خلفت مش حاحب ولادى اكتر منها
ام آيه : يا بيه المصروف ده اصلا كتير قوى اكتر من حاجتنا
حاتم : وايه المشكله يا ستى افتحى حساب فى البوسطه او فى البنك بس تعيشوا كويس واللى حتوفريه ده حينفع آيه لما تكبر فى جهازها وعلى رايك ما تضمنيش الزمن يمكن يحصل لى حاجه
ام آيه : الف بعد الشر عنك ربما ما يحرمنا منك انا موافقه بس شوفلى شغل
حاتم : خلاص يا ستى انا عندى كام موضوع كده مشغول فيهم اخلصهم وافوق وحاشوف شغل يناسبك
ام آيه : طيب اقوم اجيبلك صوره من ورقى
حاتم : طيب معلش حطيهم فى ظرف وهاتيهم
اسرعت تحضر نسخة من اوراقها فى ظرف صغير ناولته له وهو على مائدة الطعام فالتقطه منها باطراف اصابعه ووضعه فى جيبه الداخلى واستكمل طعامه