رواية ظلمات حصونه الفصل التاسع عشر 19 بقلم منة الله ايمن
-الفصل التاسع عشر-
+
فتح عينيه بثقل ولايزال ذلك النُعاس يُسيطر عليه، وما زاد الأمر سوءًا ذلك الألم الذي يطرق برأسه غير رائفًا به، وذلك بسبب تلك الحالة التي كان بها ليلة أمس وتلك الثمالة، ولكنه لم يتذكر ما حدث حتى إنه لا يعلم كيف عاد إلى المنزل؟ ليُحاول النهوض راغمًا نفسه على الاستفاقة، ليلاحظ إنه ليس بغرفته وأن تلك غرفتها هي.
+
أندفع بصدمة مُعتدلاً فى جلسته وما أثار دهشته إنه عاري الجسد تمامًا لا يستره شيئا قط، شعر بالصدمة الممزوجة بالغضب لأعناً نفسه على عدم تذكره لما حدث، يخشى أن يكون قد قام بفعل شيئًا غبي سبب لها أو لجنينه أية نوع من أنواع الأذى.
+
نهض بسرعة ملتقطًا ثيابه من على الأرض ولحظات وكان مرتدي سرواله الداخلى وخرج من الغرفة مُتجهًا صوب غرفته لإرتداء ملابسه ثم خرج باحثًا عنها فى المنزل بأكمله.
+
هبط الدرج باحثًا عنها بعينيه فى كل مكان وهو يلاحظ أن لا وجود لها أو لشقيقته التي بحث عنهما بجميع غرف المنزل، وذلك بعد أن تفقد غرفة "زينة" ولكن لا وجود لهم، ليتجه إلى العاملة مُستفسرًا منها عنهما:
+
- ديانة وزينة فين؟
+
أجابته بغير علم:
+
- مش عارفة والله يا جواد بيه، هما صحيوا الصبح بدري وخرجوا، معرفش راحوا فين؟
+
أومأ لها بالموافقة شاعرًا بأن ألم رأسه يزداد بشكل كبير، ليُضيف بانزعاج:
+
- أعمليلي قهوة سادة بسرعة لحد ما أنزل.
+
أومأت له بالموافقة وسريعًا ما أتجهت لعمل القهوة، بينما صعد هو إلى غرفة "ديانة" باحثًا عن هاتفه، ليجده موضوعًا على الكومود بجانب الفراش، ليلتقطه وقام بإجراء إتصالًا ولحظات وأتاه رادها:
+
- إيه يا حبيبي!
+
صاح زاجرًا إياها مُعبرًا عن عضبه بسبب خروجهما من المنزل دون إخباره وجعله قلق إلى تلك الدرجة:
+
- أنتوا فين يا زينة؟
+
لأحظت "زينة" إنزعاجه وفسرته بأنه بسبب خروجهما دون علمه، لتُحاول أن تُبرهن له بهدوء:
+
- أحنا عند الدكتورة يا جواد.
+
هتف بلهفة عند إستماعه لكلمة طبيب خشية أن يكون هناك شيئًا ما أصابها أو أصاب طفلهم:
+
- دكتورة ليه؟ ديانة أو الجنين فيهم حاجة!
+
لاحظت لهفته وقللقه، لتُحاول تهدئته وتطمئنته مُعقبة:
+
- يا حبيبي مفيش حاجة، ده ميعاد المٌتابعة بس وديانة والبيبي بخير متقلقش.
+
زفر براحة وأطمئنان مُعقبًا بإستفسار:
+
- طيب قدامكوا كتير؟
+
أجابته بالنفي:
+
- لا، ديانة بس بتتكلم مع الدكتور فى حاجة وهتكشف عليها وهننزل على طول.
+
عقب مُستفسرًا:
+
- السواق معاكوا؟
+
أردفت بإيجاب:
+
- أيوه.
+
هز رأسه مُعبرًا عن إطمئنانه مُضيفًا:
+
- طيب خلوا بالكوا من نفسكوا.
+
ابتسمت شقيقته بإعجاب على إهتمامه ب"ديانة" شاعرة أن هناك أمل أن يستمر هذا الزواج وتنتهى تلك العداوة مُردفة بمشاكسة:
+
- حاضر يا جوادتي.
+
أنهى الإتصال وسريعًا ما هبط للأسفل لكي يتناول قهوته حتى يتخلص من ذلك الألم برأسه.
+
❈-❈-❈
+
أستغلت خروج "زينة" من الغرفة لتُجيب على الإتصال، لتحول نظرها نحو الطبيبة عازمة على أن تستفسر منها عن أمر لم تكن تستطيع أن تسألها عنه أمام "زينة" حتى لا تُخجلها، لتهتف مُستفسرة:
+
- معلش يا دكتور ممكن أسألك فى حاجة؟
+
أومأت لها الطبيبة مُضيفة بإهتمام:
+
- أكيد طبعًا، أتفضلي يا مدام ديانة!
+
شعرت بالحرج ممَ ستقوله ولكنها عليها أن تستفسر منها، لتطمئن على طفلها ولكي تعلم كيف تتصرف إذا حدث نفس الشيء مرة أخرى؟ لتُردف بتلعثم:
+
- هو.. هو يعني.. لو حصل علاقة بيني وبين جوزي فى الوقت ده هل ممكن يأثر على البيبي أو يسبب ليه أي ضرر؟
+
هزت الطبيبة رأسها بالنفي مُُضيفة بتفسير:
+
- لا طبعا مفيش أي ضرر بالعكس، أنتي حاليًا فى الشهر الخامس والفترة دي أمنة جدًا على البيبي، وكمان مفيدة جدًا، لإنك معندكيش أي مشكله تمنع حدوث العلاقة، وكمان البيبي بيستفيد من الهرمونات بتاعتك وزيادة تدفق الدم أثناء العلاقة وده كويس جدًا ليكي وليه.
+
أبتلعت براحة بعد أن أطمئنت أن طفلها بأمان وأن ما فعله ذلك الحقير لم يؤثر عليه، ليأتها صوت الطبيبة مُضيفة بحماس:
+
- ودلوقتي بقى يلا بينا نطمن على البيبي بتاعك ونعرف هو ولد ولا بنت؟
+
أنفرج ثغرها بسعادة مُستفسرة بلهفة:
+
- إيه ده! هو هيظهر دلوقتي؟
+
بادلتها الطبيبة البسمة موضحة:
+
- أه طبعًا، أحنا هنعمل سونار 4D "رباعي الأبعاد" وهتشوفيه ملون كمان ولو تحبي أعملك صورة منه.
+
نهضت بسرعة من مكانها قائلة بحماس:
+
- الله، ياريت بجد.
+
دلفت "زينة" الغرفة بعد أن أنهت مُكالمتها، لتجد "ديانة" مُتجة نحو الفراش وعلى وجهها بسمة كبيرة، لتُردف باستفسار:
+
- فيه إيه فرحيني معاكي!
+
أجابتها "ديانة" بكثير من السعادة:
+
- هنشوف البيبي ملون وهناخد صورة منه كمان.
+
اتسعت إبتسامة "زينة" مُصيحة بحماس:
+
- أيه ده بجد؟
+
أومأت لها الطبيبة بالموافقة:
+
- أيوه، فى الشهر الخامس ممكن نعرف أيه هو نوع البيبي وهنشوف دلوقتي القمر ده ولد ولا بنت؟
+
أستلقت "ديانة" على الفراش فاتحة المجال للطبيبة بعمل الفحص لمعرفة نوع الجنين، بوضع تلك الأداة على بطنها لتظهر تلك الصورة على الشاشة موضحة هيئة الجنين، لتستفسر "ديانة" بلهفة:
+
- ها.. بنت ولا ولد؟
+
أجابتها الطبيبة بإبتسامة تهنئة:
+
- ولد.
+
شعرت كلاهما بالسعادة المفرطة، لتنحني "زينة" مُقبلة "ديانة" ومُهنئة إياها:
+
- مبروك يا ديانة، ده بابا هيفرج جدًا هو وجواد.
+
بادلتها "ديانة" بحب صادق:
+
- عقبال ما أشوف عيالك أنتي ومالك يا زوزه.
+
أبتسمت لها "زينة" بخجل من مجرد ذكر أسم "مالك" وتخيل ذلك الأمر وأن تصبح حاملًا بطفل منه، لتنفض عن فكرها تلك الفكرة حتى تتخلص من ذلك الخجل، بينما أنهت "ديانة" مُتابعتها مع الطبيبة بعد أن ألقت عليها بعض النصائح وكتبت لها ما ستحتاجه بتلك الفترة، وأخذت منها تلك الصورة الخاصة بطفلها.
+
خرجوا من عند الطبيبة مُتجهتين نحو سيارتهما، ليوقفهما صوت رنين هاتف "زينة" مُعلنا عن وجود إتصالًا من رقم غريب، لتجيب "زينة" الإتصال، ثوانًا فقط وتبدلت ملامحها من السعادة والفرح للفزع والتشتت بعد أن أستمعت لذلك الخبر مُردفة:
+
- طيب شكرًا، أنا جايه حالًا.
+
لاحظت "ديانة" تغيرها وفزعها ذلك، لتستفسر بقلق:
+
- فى إيه يا زينة! إيه اللي حصل؟
+
أغمضت "زينة" عينيها مُحاولة أن تتجاوز تلك الصدمة مُهزية بضياع:
+
- المرسم، المرسم بتاعي بيقولوا فى حريقة وطلبوا المطافي.
+
أمتعضت ملامح "ديانة" بالفزع هي الأخرى مُصيحة:
+
- يا ستار يارب، وده من إيه؟
+
حاولت "زينة" تنظيم أنفاسها وهي تشعر بوخزة بصدرها، فهى تعشق ذلك المكان وبه الكثير من اللوح المقربة إلى قلبها، لتهتف بحزن:
+
- مش عارفة! ممكن يكون ماس كهربي أو حاجة؟ المهم روحى أنتى مع السواق ومتعرفيش جواد عشان ميقلقش عليا، وأنا هاخد تاكسي وأروح أشوف فى إيه؟
+
أعترضت "ديانة" مُحاولة المساعدة:
+
- أروح إيه! أنا جاية معاكي.
+
نهتها "زينة" قائلة بتحذير:
+
- لا يا ديانة مينفعش، لازم تروحي عشان ترتاحي أنتي والبيبي، أنا هطمنك أول ما أوصل متقلقيش.
+
أستسلمت "ديانة" لحديثها خشية فعلًا أن يصيب طفلها بأية أذى:
+
- طيب أبقي كلميني على طول.
+
أومأت لها "زينة" بالموفقة وسريعًا ما تحركت لإيقاف سيارة أجرة تُقلها إلى مكان مرسمها، بينما "ديانة" قد صعدت سيارتها مُتجه إلى بيتها وهي تشعر بان هناك شيء سئ على وشك أن يحدث، ولكنها حاولت تهدئة نفسها بأنه يمكن أن يكون ذلك التوتر بسبب الحمل، ولا تعلم أن هناك بالفعل كارثة كبيرة على وشك الوقوع.
+
❈-❈-❈
+
أستقلت "زينة" سيارة الأجرى تلك مُتجة إلى مرسمها، لتجد إتصالًا من "مالك" لتقوم بالرد عليه ليأتها صوته مُتمتمًا بنعاس:
+
- صباح الخير يا زينة قلبي.
+
حاولت أن لا تُظهر له فزعها وحزنها، ولكنها لم تسطيع أخفائه كليا وظهر فى نبرة صوتها المُقتضبة:
+
- صباح الخير يا مالك.
+
لاحظ حزنها ليشعر بالقلب وقد أعتدل فى جلسته مُستفسرًا:
+
- مالك يا حبيبتي فى إيه؟
+
أجابته بكثير من الضيق والحزن:
+
- فى حريقة كبيره فى المرسم بتاعي و...
+
أنقطع الإتصال بسبب نفاذ بطارية هاتفها، لتزفر بحنق مُلقية لهاتفها داخل حقيبتها مُتأففة:
+
- وده وقتك أنت كمان!
+
وبعد ثوانً لاحظت تهدئة سرعة السيارة وتوقفها بشكل مفاجئ، كادت أن تستفسر عن سبب توقفها ليصدمها دخول رجلان على جانبيها وسريعا ما قام أحدهم بوضع منديلًا على أنفها، وما كانت إلا لحظات حتى غابت عن الوعي.
+
❈-❈-❈
+
امتعضت ملامح وجه "هناء" بكثير من الغضب والحنق وأخذت تصيح بذلك الشخص الذي يُحدثها عبر الهاتف زاجرة إياه بحدة:
+
- يعنى إيه معرفتش تقلب العربية! هو أنا مشغلة معايا عيال بريالة؟
+
أتاها صوته مُحاولًا تفسير الأمر لها بإحترام:
+
- والله يا ست هانم أنا فضلت ماشي وراها من أول ما نزلت من عند الدكتورة وأنسه زينة سابتها ومشيت، وأنا ماشي وراهم وبحاول أزنق عليهم عشان أقلب العربية بس السواق اللي معاها ده شاطر أوى، أكيد ما هو جواد بيه مش هيشغل أي حد كده عنده، وأنا مردتش أزودها عشان ميشكش فيا ويأخد رقم العربية.
+
أزداد غضبها من تلك الكلمات لتقوم بإهانته مُردفة بتهكم:
+
- يا فرحة قلبي بشهادتك دي، وبعدين عندك حق جواد بيعرف ينقي رجاله يُعتمد عليها، إنما أنا اللي بعتمد عليهم شوية نسوان.
+
أغلقت الهاتف بوجهه وهى تشعر بغليان دمائها، لتُتمتم بحدة وتوعد:
+
- لسه ليكي عُمر يا بنت لبنى، بس أوعدك هيخلص قريب على إيدي.
+
❈-❈-❈
+
توقف "مالك" بالسيارة أمام المرسم، بعد أن أستمع منها بإنه يحترق قبل أن يُغلق هاتفها نهائيا، ليأتي إليها بسرعة البرق لكي يطمئن عليها ويكون بجانبها، ولكنه تفاجأ بأنه لا يوجد شيئًا تماما ولا يوجد هناك أية أثار لوجود حريق، ليشعر بالغرابة والقلق، لماذا إذًا أخبرته بأن هناك حريق بمرسمها؟
+
أخرج هاتفه مُحاولًا الإتصال بها مرة أخرى ولكن دون فائدة، فهاتفها لا يزال مُغلقًا، ليشعر بالقلق الشديد تجاه ذلك الأمر مُتأكدا أن هناك أمرًا ما يحدث، ليقطع شروده وصول رسالة من رقمًا مجهول! ليقوم بفتحها لمعرفة مضمونها.
+
ليشعر بالدهشة من مُحتواها وقد بدأ القلق يتسرب إلى قلبه، ليصعد سيارتة مُتجها إلى ذلك المكان لمعرفة حقيقة الأمر؟
+
❈-❈-❈
+
يقف تحت تدفق المياة مُحاولا تهدئة ذلك البركان الثائر بدخله، فهو يشعر بالغضب الشديد من نفسه بسبب ما فعله ليلة أمس، فقد تذكر ما حدث وتذكر تلك الطريقة التي جامعها بها وبعض الكلمات التي تفوه بها عن طفولته، ولكنه لم يتذكر ما تفوه به عن مشاعره تجاهها، ليلعن نفسه وغبائه الذي جعله يتناول ذلك الكم من الخمر ويتفوه بكل ذلك الحديث، فذلك جعله ضعيفًا أمامها ويمكن أن تستغل ذلك ضده، ليضرب الحائط بغضب وحنق شديد.
+
بينما دلفت "ديانة" غرفتها وهي تظن أن "جواد" قد ذهب إلى الشركة، ولكنها أستمعت إلى تدفق المياة لتُخمن إنه لايزال موجودًا بالبيت، لتشعر بالغصب والحرج فى آنً واحد، هي غاضبة بسبب ما فعله ليلة أمس وتشعر بالحرج من أن يخرج ويجدها بالغرفة.
+
كادت أن تخرج من الغرفة ليوقفها صوت رسالة على هاتفه الموجود بجانبها، ليمتلكها الفضول بأن تفتح تلك الرسالة، لا تعلم لماذا قامت بذلك! ولكنها شعرت بأنها تريد ذلك، وبالفعل قامت بفتح الرسالة التي صدمها مُحتواها كثيرًا، وسريعا ما قامت بالبحث عن رقم "إياد" مُتصلة به كي تعرف حقيقة الأمر، ولم تكن سوا لحظات حتى أتاها صوته:
+
- ايه يا عم اللي أخرك كده! إيه نموسيتك كُحلي؟
+
حمحمت بحرج مُضيفة:
+
- أنا ديانة يا إياد.
+
ضرب "إياد" على رأسه بحرج لاعنًا غبائه ولسانه المُتسرع، لُيردف بحرج شديد:
+
- آه أزيك يا ديانة! أومال فين جواد؟
+
أخترعت "ديانة" بعض الكلمات لكي تصل إلى غرضها:
+
- جواد بياخد شاور هو بس قالي أسالك أنت فى الشركة ولا فين؟
+
شعر "إياد" بالغرابة من سؤالها، منذ متى و"جواد" يجعل أحد يمسك بهاتفه؟ وأيضا يُحادث أحد لمعرفة مكانه له! ولكنه لم يكترث للأمر ظنًا منه أن الرجل يتغير بعد الزواج، مُردفًا بمرح:
+
- أنا أهو فى الشركة متمرمط مرمطة العبيد فى عصر المماليك، والباشا جواد بيه لسه بياخد شاور.
+
زفرت "ديانة" براحة مُحاولة عدم إظهار شيء مُردفة بمرح مُصطنع:
+
_ معلش بقى أنت قدها، جواد هيلبس وينزل أهو.
+
أتاها صوت "إياد" موافقًا:
+
- خلاص تمام.
+
أنهت "ديانة" الأتصال وهي تشعر بقليل من الراحة، وسريعا ما قامت بحذف تلك الرسالة وإعطاء ذلك الرقم حظراً حتى لا يرسل تلك الرسالة مرة أخرى ويراها "جواد"، هي مدركة أن هناك شخص يُحاول الإقاع بهم.
+
وضعت الهاتف بمكانه وفى نفس اللحظة خرج "جواد" من المرحاض عاري الجسد لا يستره شيء سوا تلك المنشفة المُلتفة حول خصره، شعر "جواد" بالدهشة من وجودها، بينما هي قد تجاهلته تمامًا وشرعت فى الخروج من الغرفة، ليتجه هو صوب ملابسه مُرتديًا إياهم.
+
❈-❈-❈
+
بمجرد أن أغلق "إياد" المكالمة مع "ديانة" أتاه مُكالمة أخرى من رقم مجهول، قام بفتح المكالمة ليأتيه صوت شخص غير مألوف:
+
- إياد بيه المنزلاوي معايا؟
+
أجاب "إياد" بالإيجاب:
+
- أيوه.
+
عقب الرجل بأسئ:
+
- فى الحقيقى شقة حضرتك يا فندم أتعرضت لسرقة ومحتاجين حضرتك ضروري.
+
أعتلت الصدمة وجهه مُصيحًا بلهفة:
+
- إيه؟ شقتي أنا، أنا جي حالًا.
+
خرج من الشركة بسرعة مُتجها نحو شقته لمعرفة ماذا يحدث؟ وبالفعل لم يأخذ كثير من الوقت حتى وصل إلى منزله، وبمجرد أن دلف شقته وقع مُغشيًا عليه بسبب أستنشاقه ذلك المنديل الذي وضع على أنفه بلحظة واحدته.
+
❈-❈-❈
+
وصل "مالك" أسفل بناية منزل "إياد" وهو يشعر بعدم تصديق ما يفعله وما أُرسل إليه منذ قليل بتلك الرساله التى كان نصها "هي أنسة زينة بتعمل إيه فى شقة إياد خطيب أختك؟"، حاول أن يطمئن نفسه بأنه سيصعد الأن وسيتأكد أن هناك خطأ ما، حينها سوف يشعر بالكثير من الغضب تجاه نفسه لأنه ظلم "زينة"، وبالطبع لن تجري الأمور مثل ما يصور له عقله، ليس مرة ثانية.
+
بينما بالأعلى يُحاول "إياد" فتح عينيه بثقل شديد، ولكنه يشعر بثقل رأسه، وتدريجيًا أستعاد وعيه وما جعله يقفز من مكانه هو وجود تلك العارية تماما بجانبه، والتي لا يُخفي جسدها شيء سوا تلك المُلاءة المُلطخة ببقع الدماء، بينما هي تنظر أمامها بصدمة وكأنها غير قادرة على النطق أو الحركة، فقط تنظر للا شيء وكأنها تُصارع عقلها راغمة إياه على أن يتوقف.
+
إنتفض من مكانه وهو يشعر بنفس صدمتها، ولكن ما جعله يشعر بالتصلب بمكانه هو إدراكه بإنه هو أيضًا عاري تماما لا يرتدي أية شيء ولا يستره سوا تلك الملأة الموضوعة فوق جسدهما هما الأثنان.
+
أنتشل إحدى الوسائد مُحاولًا إخفاء عورته بإستخدامها وهو ينهض مُتجها نحو سرواله الداخلي الموضوع بنهاية الغرفة، وهو لا يعلم ما الذي يحدث، وقبل أن يرتديه تفاجأ بدخول "مالك" الغرفة ورؤيته وهو عاري الجسد بتلك الطريقة، بينما "مالك" كان مُثبت نظره على تلك الجالسة بالفرش وتفاجأت بدخوله لتنتشل الغطاء مُحاولة ستر الباقي من جسدها، غير قادرة على التفوه بأية كلمة وكأنها بعالم أخر غير هذا العالم.
+
تصلب "مالك" بمكانه من هول صدمته، فذلك المشهد يحدث معه للمرة الثانية فى حياته مع إختلاف بسيط فى الأحداث، ليشعر وكأن روحه تُغادر جسده وبالفعل هذا أقل ما يمكن أن يشعر به أمام حبيبته العارية بفراش خطيب شقيقته ويوجد بعض قطرات الدماء، ليبتلع بغصة غير قادراً على تخمين ما قد يكون حدث بينهم؟
+
أستطاع "إياد" إرتداء سرواله وأتجه نحو "مالك" مُحاولًا تفسير الأمر له، ولكنه لا يعلم ماذا سيقول له أو لتلك المسكينة التي تتوسد الفراش، ليُعقب موجها حديثه نحو "مالك" مُردفًا بتلعثم:
+
- مالك.. فيه سوء تفاهم، صدقني الموضوع مش زي ما أنت مفكر.
+
ولكمة قوية من "مالك" إثرا عليها سقوط "إياد" أرضاً ليحول نظره نحو تلك الجالسه على الفرش، ولا تستطيع أن تتحكم بتلك الدموع التي أخذت طريقها فى الهبوط بصمت شديد، غير مُدركة ماذا تقول وهي بالفعل لا تعلم ما الذي حدث، لا تعلم سوا إنها تحطمت حياتها بالكامل.
+
رمقها "مالك" بمزيج من نظرات الغضب والاشمئزاز وهو يشعر بإنه للمرة الثانية قد خسر حبه، بل خسر ثقته فى جميع البشر، ليغمض عينبه بألم وغصة مُتجها نحو الباب شارعاً فى الخروج من هذا المنزل، بينما "إياد" حاول أن يوقفه ولكن دون فائدة، ليعود ل "زينة" مرة أخرى والتي كانت تجلس على الفراش واضعة وجهها بالأرض وتبكى بصمت، ليتقدم نحوها مُعقباً بصدق:
+
- والله العظيم يا زينة أنا ما عملت حاجة، والله العظيم ما لمستك ولا قربت منك، الموضوع ده أكيد لعبة، أنا جالي تليفون إن الشقة بتتسرق جيت جري وأول ما دخلت لقيت حد حط حاجة على وشي وصحيت لقيتك قاعدة جمبي، هو ده كل اللي حصل والله.
+
لم تكترث لما يقوله، فهي كل ما تتأكد منه إنها نائمة بفراش رجلًا عارية تمامًا فاقدة عُذريتها، وليس ذلك فقط بل رآها الشخص الوحيد التي أحبته من كل قلبها وظنت إنها وجدت ضالتها به، ليتحطم ذلك الحلم الوردي بتلك الفضيحة التي لا تعلم كيف ولماذا حدثت! لتتعالى شهقتها هلتفة بإنهيار:
+
- أطلع برا، مش عايزة أسمع صوتك.
+
تفهم "إياد" تلك الحالة التى وصلت لها وحاول تهدئتها وأحتواء ذلك الإنهيار، لأول مرة يشعر تجاهها بمشاعر عطف أخوي، يشعر بالأسئ على كلاهما ولكن لا يعرف كيف سيخرجان من تلك الكارثة:
+
-زينة أهدي أبوس رجلك، والله صدقينى أنا معملتش حاجة أنا ..
+
صاحت به زاجرة إياه بصراخ هستيري:
+
- بقولك برا، أطلع برا.
+
خرج من الغرفة بينما نهضت هي وسريعا ما أرتدت ملابسها، خرجت من المنزل بأكمله تحت أنظار "إياد" الذي يُحاول أن يجد تفسيرًا منطقي لما حدث، ولكن دون فائدة! ليشعر بكثير من القلق مما سوف يحدث بعد ذلك وإذا علم "جواد"، هل سيصدقه!
+
❈-❈-❈
+
يجلس خارج غرفة الكشف مُنتظرًا خروج تلك الحالة التي بالداخل، ليدلف هو عازمًا على أن يعلم منها ما لم يستطيع أن يسأل فيه "ديانة"، إنه يشعر بالقلق الشديد منذ أن أستيقظ، يخشى أن يكون سبب لذلك الجنين أي نوع من أنواع الأذى، ليجد نفسه يأتي إلى الطبيبة الخاصة ب "ديانة" لكي يستفهم منها.
+
خرجت تلك الحالة التى كانت تسبقه، لتهتف مُساعدة الطبيبة مُوجهة حديثها نحوه مُردفة بإحترام:
+
- أتفضل يا أستاذ.
+
دلف الغرفة لتنهض الطبيبة من مكانها مُصافحة إياه مُضيفة بترحاب:
+
- أهلا يا جواد بيه.
+
بادلها الُمصافحة وسريعًا ما أشارت له بالجلوس، ليجلس مُقابلا لها مُردفًا بإندفاع:
+
- لو سمحتي يا دكتور أنا عايز أسال عن حالة ديانة والطفل، وهل الحمل ماشي بصورة طبيعية ولا لأ؟
+
أبتسمت الطبيبة على لهفته فى الإطمئنان على زوجته وطفله، لتُحاول أن تطمئنه:
+
- أطمن يا جواد بيه، صحة مدام ديانة والولد كويسة جدا.
+
- ولد!
+
قالها بإندفاع وقد تملكت منه ملامح الصدمة والقلق من مجرد أن خطرت له فكرة إنه سيُرزق بولد، لتلاحظ الطبيبة صدمته وخمنت إنها من شدة فرحته، لتضيف بابتسامة:
+
- أيوه، مدام ديانة حامل فى ولد، هي مورتكش الصورة ولا إيه؟
+
شعر بالذعر والهلع ممَ أكدته له الطبيبة، هو لم يكن ينتظر أن يُرزق بولد، كيف سيتعامل معه؟ كيف سيحبه! هل سيكون مثله؟ هل سيصبح شخصًا ضعيفا مثله؟ هل ستكون حياته كحياة والده؟ هل سيكون جبانًا هو أيضا! هل سترغمه الحياة على أن يكون شخصًا قاسيًا ذو مشاعر باردة؟ كثيرًا من الأسئلة تخبطت بعقله، يشعر بالتشتت الشديد.
+
وبدون أية مقدمات أو إكمال الحديث مع الطبيبة، سريعا ما نهض من مكانه عازما على الذهاب قائلا بتشتت:
+
- شكرا يا دكتور، بعد إذنك.
+
خرج من العيادة وهو يشعر بالتخبط والضيق الشديد، وكأن العالم بأكمله أصبح ضيقًا جدًا لدرجة إنه لا يستطيع الحركة أو التنفس، ليستقل سيارته مُديرًا محركها وشرع فى قيادتها دون أن يُحدد وجهته.
+
يتبع...