رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل العاشر 10 بقلم بتول عبدالرحمن
سكتت لحظة وهي بتقشر المانجا، وبعدها بصّتله تاني وقالت بنبرة فيها تأمل
“يعني في الآخر طلعنا قرايب… شوف الصدف.”
ردّ وهو بيهز كتفه
“مش مقتنع أساسًا.”
قال له وهي مبتسمة بسماجه
“عنك ما اقتنعت، أنا مقتنعة تمامًا… يمكن علشان من وأنا صغيرة عارفة إن عندي خالة، وعارفة شكلها كمان، بس انها تكون مامتك ده اللي متوقعتهوش، حسيتها شريره من كلامكوا”
بصلها للحظة، لكن مردش، كأنه مسمعهاش اصلا
فريدة بدأت تقطع المانجا وهي مركزة في اللي بتعمله، وتيم واقف جنبها ساكت، إيده في جيبه، وملامحه زي ما هي… مفيش حاجة بتتحرك غير عينه اللي بتتابعها من غير ما تحس.
قالت وهي بتحط المانجا في الخلاط
“عارف؟ طول عمري عندي أمل إن اليوم ده ييجي، بس مكنتش متخيلة إنه هييجي فعلاً.”
مردش، بس فضل يبص لها.
كملت وهي بتشغّل الخلاط وعلت صوتها
“وأكتر حاجة كنت عايزاها إن ماما تقابل أختها… كانت دايمًا بتتكلم عنها وهي بتعيط… أنا كنت حافظة شكلها من صور قديمة جدًا
الخلاط خلّص، وقفلته، بدأت تصب العصير في الكوبايات.
جابت كيكه وبدأت تقطعها، قالتله
“علفكره، أنا اللي عامله الكيكه دي”
قطعتله قطعة صغيرة وحطتها قدامه
“دوقها وقول رأيك.”
تيم اتردد وقال
“مش عايز، شكراً.”
ابتسمت وقالتله بتهكم
“براحتك، أنت الخسران.”
بعدها قسمت الكيكة في أطباق صغيرة، وحطتهم على رخامه تانيه ومسحت الرخامة اللي اشتغلت عليها بسرعة
فونها رن، طلعت التليفون من جيبها، كان إسلام على الطرف التاني.
ردت بسرعة، وعيونها مليانة حماس
“أنت فين؟! برن عليك بقالي ساعة يا أستاذ.”
قال إسلام بنبرة مشغولة
“إيه يا فريدة؟ مشغول ومش قادر أرد، في حاجة مهمة؟”
قالت له بجدية
“مهمة جدًا، مش هتصدقها بجد.”
سأل بقلق
“في إيه؟”
ردت عليه بحماس
“مش هتتوقع!”
قال وهو بيحاول يركز معاها
“فريدة، والله مشغول.”
ردت عليه بلهفة
“يعني مش هتيجي؟ لازم تيجي دلوقتي.”
قال
“قدامي ساعه مثلا”
قالت وهي مش قادرة تخفي توترها
“خلاص يبقى لما تيجي، ولو إني مش قادرة أصبر وعايزة أقولك.”
قال بحسم
“طب ما تقولي، ولو مش هتقولي مضطر أقفل.”
ضحكت فريدة بخفة وقالت
“لما تيجي، سلام.”
وقفلت المكالمة، وحطت التليفون في جيبها وغسلت إيديها بسرعه
تيم كان واقف بيبصلها، متابعها وسأل
“ده مين؟”
فريدة بصتله وقالت بابتسامة خفيفة
“ده ابن خالتك.”
تيم رفع حاجبه وقال
“ابن خالتي؟!”
فريدة ضحكت وقالت بتلاعب
“لقب جديد بس هتاخد عليه، دونت ووري.”
تيم سألها
“يعني أخوكي؟ صح كده؟”
ردت بثقة
“صح كده، طول عمرك لماح ومركز.”
مدت له صنية العصير وقالت
“خد، شيل معايا.”
قالها
“يعني إنتي جايباني أساعدك؟”
ردت بكل برود
“تساعدني في إيه؟ أنت عملت حاجة؟”
أخذ الصنية وهو بيقول
“أمال ده إيه؟!”
ابتسمت وقالت بخفة
“سميها زي ما تحب.”
شالت أطباق الكيكة ومشيت قدامه، وهو مشي وراها
فريدة خرجت من المطبخ، حطت طبق الكيكة على الترابيزة، وخدت صينية العصير من تيم، حطتها جنبها وقالت بنبرة فيها شوية صدق وشوية ارتباك
“حاجة جديدة عليّا بجد… عايزة وقت أستوعب.”
إيناس ابتسمت وقالت
“أومال أنا أقول إيه؟!”
صابرين بصتلهم، صوتها هادي لكن فيه وجع سنين
“أنا عشت حياتي كلها وحيدة… مكانش ليا حد، وكان نفسي أشوفك، بس مكنتش عارفة إزاي… ربنا يسامحهم اللي كانوا السبب.”
فريدة لمحت تيم واقف، قالتله
“إنت واقف ليه؟ تعالِ اقعد.”
رد بهدوء
“أنا مرتاح كده.”
إيناس بصتله بابتسامة كلها حنين
“تعالَ يا حبيبي اقعد… تعالَ ده انت من ريحة الغالية.”
هز راسه وقال بلطف
“شكرًا… أنا مرتاح كده.”
بدأوا يتكلموا تاني وفريدة كانت سامعاهم وكل كلمة بتدخل قلبها، قامت وخدت طبق فيه كيك، وقفت جنبه، مدّته له وقالت بخفة
“برضو مش هتقولّي رأيك؟”
بصلها وسألها
“وإنتي عايزة رأيي في إيه؟”
قالت وهي بتحاول تخفي توترها
“عادي… بحب آخد آراء الناس.”
أخد حتة صغيرة، داقها وقال بعند
“مش حلوة.”
اتشدت وقالت
“بجد؟!”
قال بمراوغه
“يعني مش قد كده… في أحسن من كده.”
قالت بنغمة فيها برود ظاهري
“ده رأيك يعني؟”
رد ببساطة
“إنتي اللي طلبتي.”
هزّت كتفها وقالت
“عادي، مش بزعل أصلًا… كل واحد وليه رأيه.”
سكتوا شويه، لحد ما كسر هو الصمت وسألها بنبرة فضولية
“حضرتي كتب كتاب صاحبتك؟”
سكتت للحظة كأنها بتفكر ترد تقول إيه، وبعدين قالت
“مكانش في كتب كتاب.”
رفع حاجبه وسأل
“ليه؟ مش قولتي إن في؟”
قالت وهي بتحاول تحافظ على تماسكها
“باباها تعب.”
سأل باهتمام
“اتأجل يعني؟”
قالت بصراحة
“لاء، اتلغى.”
حس إن الكلام واقف عند الحد ده، وإنها مش حابة تكمل، فسكت شوية، وبعدين قال
“لقيت في عربيتي فلوس… أكيد بتوعك؟”
قالت وهي بتبعد
“لاء… مش بتوعي.”
سألها
“يعني مش إنتي اللي حطاهم؟”
ردت بهدوء وهيا ماشيه من قدامه
“لاء… معرفش عنهم حاجة.”
تيم بص لمامته وسألها
“لسه هتقعدي؟”
صابرين بصتله وقالت
“زهقت؟ لو زهقت روح إنت، أنا لسه قاعدة.”
إيناس دخلت في الكلام وقالت
“لسه مشفتوش إسلام ابني… زمانه جاي.”
فريدة قالت
“قدامه ساعة.”
صابرين سألت ببساطة
“وجوزك؟”
إيناس ردت بهدوء
“مسافر… بييجي من السنة للسنة.”
فريدة قامت وسابتهم، خرجت من البيت، سحبت موبايلها من جيبها، ورنت على يسر
فريدة قالت بسرعة ولهفة
“عاملة إيه دلوقتي؟”
يسر من الناحية التانية صوتها تعبان
“هكون عاملة إيه يا فريدة؟”
فريدة سألتها بهدوء
“يعني… الأوضاع إيه عندك؟”
يسر ردّت
“زي ما سبتيها يا فريدة… مفيش جديد.”
يسر سكتت شوية، وبعدين قالت
“كل ما بفتكر اللي حصل، قلبي بيتكسر أكتر… مش قادرة أصدق إن كل ده حصل”
فريدة قالت بحزن
“ولا أنا… بس خليني أقولك حاجة… اللي بيخسر إنسانة زيك، هو اللي خسران، حتى لو كنتي شايفة العكس دلوقتي.”
يسر قالت بمرارة
“نفسي أصدق… بس الوجع أكبر من أي عزاء دلوقتي.”
فريدة قالت بحنان
“هتعدي يا يسر، أنا عارفة إنك مش شايفة كده دلوقتي، بس كل حاجة بتحصل لحكمة… وكل حاجة صعبة بتعلمنا حاجة.”
يسر سكتت شوية، وبعدين قالت
“مش عايزة أتعلم حاجة، أنا تعبت خلاص.”
فريدة قالت بابتسامة بسيطة بتحاول تخفف عنها
“خديها واحدة واحدة، متحاوليش تقعدي في البيت، انزلي الشغل واشغلي نفسك، حاولي تنسي، مجرد محاوله”
يسر قالت بصوت مكسور
“مش قادرة أعمل حاجة… بس شكراً يا فريدة إني لسه لما بكلمك بحس إني مش لوحدي.”
فريدة قالت بلطف وهيا بتنهي المكالمه
“وأنتي عمرِك ما هتكوني لوحدِك… طيب أنا هسيبك ترتاحي شوية، ولو احتجتي أي حاجة أنا جنبك على طول، ماشي؟”
قفلت معاها، دخلت البيت تاني، بس قابلت تيم خارج
رفعت حاجبها وسألته باستغراب
“رايح فين؟!”
رد بزهق
“هستنى بره، مليت.”
ضحكت وقالت
“والله أنا كمان ملانه… بس بما إني هخرج أجيب شوية حاجات من السوبر ماركت، تعال معايا؟!”
بصلها وهو بيبص في ساعته كأنه بيحسب الزمن وقال
“معقول، قبل الساعة ١٢، عشان ده معاد نومي.”
ردّت وهي بتمشي من قدامه
“ثواني هطلع أغيّر هدومي وهاجي على طول.”
قال باستعجال
“طيب، متتأخريش.”
ردّت بصوت خفيف
“عيب عليك.”
ابتسم ابتسامة صغيرة مش باينة، وخرج فعلاً وقف قدام البيت مستني.
أما فريدة، فطلعت بسرعة على أوضتها بحماس، فتحت فونها ورنت على سالي، اول ما ردت قالتلها
” معتقدش أن تيم عنده جينوفوبيا زي ما قولتي”