رواية للقدر اقوال اخري كامله وحصريه بقلم فاطمة مصطفي وايمان جمال
أخذت تُحاول الصعود بفستان زفافها ويعاونها على ذلك بنات خالها وزوجته بينما كانت تراقب زوجها الذي يصعد مع خالها الذي انشغل بالحديث مع ابنه غير منتبهين للعريس الذي كان منشغلًا في هاتفه المحمول وكأنه يكتب أو ما شابه.
+
وصلت إليهم بعدما انتهى هو من الكتابة وانتهي خالها من فتح الشقة ليقرر عدم الدخول حتى لا يكون قلة ذوق منه ليحترم البقية رغبته مودعين ابنتهم متمنين لها حياة سعيدة ثم اتجهوا نحو الدرج عائدين الى حيث أتوا.
+
التفتت رحمة الى زوجها الواقف بجانبها ليتحدث قائلًا بهدوء أقلقها:
+
- إتفضلي يا رحمة.
+
نظرت إليه برهبة قبل أن تتقدَم للداخل وقلبها يزداد إنقباضًا عن ذي قبل، لتلتفت على صوته وهو يقول بنفس الهدوء بعدما أغلق الباب خلفهم:
+
- رحمة أنا عاوز أقولك حاجة.
+
نظرت له بملامح مبهمة تنتظر حديثه، مُندهشة من ذلكَ التغير الغريب، لتلين ملامحها قليلًا؛ تحثه على إكمال ما بدأه لتتابعه وهو يتنحنح قبل أن يردف قائلًا بما جمّدها في مكانها:
+
- إنتِ طالق.
+
نظرت له قليلًا قبل أن تضيق المسافة بين حاجبيها، كأنه قال شيئًا غير مألوف، وهي متجمدة في مكانها مازالت تحاول الإستيعاب.
+
حتى أخفق قلبها بشدة يفيقها من الحالة التي تلبستها وهى تقول بإبتسامة مهزوزة وبداخلها أمل طفيف في رغبته في مُمازحتها:
+
- وائل إنتَ بتهزر صح؟
+
زفر وائل بضيق وهو يشعر بالحسرة على نتيجة ما يفعله معها الآن، ولكنه مُضطر ولا يلوم نفسه على شيء، هذا ليس ذنبه ولا ذنبها، هذا ذنب ذلكَ القلبِ اللعين الَذي مازال يذله، ولم يتوقف عن ذلك أبدًا.
+
ليهتف بثبات عكس ما بداخله من حزن وحسرة عليها:
+
- أنا مبهزرش إنتِ طالق يا رحمة.
+
وهنا وكأنها قد لدغت من ثعبان لدغة أعادتها للواقع الذي هربت منه بأمل كاذب لتنتفض فجأة مُتقدمة نحوه وهي تهتف بعدم تصديق:
+
- وائل إنت واعي للي إنت بتقوله؟
+
أجابها بقسوة قد تحلى بها مُحاولًا تجاهل الشفقة التي يشعر بها نحوها:
+
- أيوا أنا واعي..و..واعي كويس للي بقوله إنتِ طالق وبالتلاتة.
- ما أقسى شعور الخذلان وخاصة عندما يأتي من شخص قد ظنه قلبك المتلهف أنه السند الوحيد.
+
دوى صوت مزمار تلك السيارة وهي تشق الطريق بسرعة معقولة وخلفها الكثير من السيارات الأخرى، تسير بسرعة مُقاربة من سرعة الأولى، وفي تلك السيارة جلست فتاة هادئة الملامح، تمتلك قدرًا معقول من الجمال، وقد إزداد هذا الجمال بمستحضرات التجميل البسيطة التي زادتها فِتنة، وتلك الإبتسامة الجميلة التي أخذت مجراها على ثغرها وهي تنظر لزوجها القابع بجانبها، ويديها تعبث بفستان زفافها الأبيض الذي انتقته بعناية شديدة لزفافها.
+
فهي تزوجت خطيبها ذاك الذي دامت خُطبته بها أكثر من خمسة أشهر، وكانت كفيلة بأن تقع أسيرة لحبه بعينيه التي لطالما أحبت النظر إليها، ولم تزدها نظراته إليها إلا عشقًا له.
+
وقعت عيْناها على تلك المسافة الضيقة بين حاجبيه؛ لترفع أناملها وهي تلمس ذراعيه قائلة بابتسامة حانية:
+
- مالك ياوائل في حاجة مضايقاك....؟
+
إلتفت بنظره إليها؛ ليقابلها وجهه الذي إحتله التجهم بالكامل مُجيبًا إياها باقتضاب:
+
- لا مفيش يا رحمة.
+
إزداد تعجبها من نبرته لتتسائل مُجددًا في محاولة لإرضاء ذلك الفضول الذي تصاعد بداخلها:
+
- لا أكيد في حاجة شكلك متضايق طيب قولي يمكن انا ضايقتك من غير ما أقصد.
+
زفر وائل في حنق وهو يلتفت إليها رامقًا إياها بنظرة أخرستها قبل أن يهتف بغضب مكتوم:
+
- قولتلك مفيش حاجة ملهوش لازمة الكلام الكتير.
+
ابتعدت قليلًا عنه؛ لتزيد المسافة بينهم، وقد تحولت نظراتها إلى أخرى قلقة؛ لتبتعد بنظرها عنه مُحاولة تجميع شتات نفسها، وهي تنظر إلى ذلك الظلام الدامس خارج النافذة مُحاولة تجاهل نظرته التي أربكتها، فإن كان هو قد تجاهلها فلما قد تهتم هي.
+
رغم تلك الدهشة التي احتلتها من غضبه الذي من الواضح لا مبرر له، وتحديدًا في هذه الليلة التي خططا لها كثيرًا، زفرت بضيق مُحاولة تجاهل ما بداخلها، مُقنعة نفسها بأنه عند وصولهم، ستحاول أن تعرف ما الذي حدث لكي ترضي حيرتها قبل أن تُهدأ غضبه.
+
وصلت تلك السيارة أسفل ذلك المبنى القديم مُتعدد الأدوار، ليظهر الدور الثاني واضحًا بسبب تلك الأنوارِ المُعلقة بشرفته، توضح أنها شقة تخص حدثًا مُميزًا وما هو إلا ذلك الزفاف المُبجل.
+
ترجل وائل أولًا قبل أن يدور حول السيارة؛ ليفتح بابها لزوجته الَّتي تمسكت بيده الممدودة لها في تردد وهي ترى ملامح التشتت واضحة فوق وجهه.
+
أخذت تُحاول الصعود بفستان زفافها ويعاونها على ذلك بنات خالها وزوجته بينما كانت تراقب زوجها الذي يصعد مع خالها الذي انشغل بالحديث مع ابنه غير منتبهين للعريس الذي كان منشغلًا في هاتفه المحمول وكأنه يكتب أو ما شابه.
+
وصلت إليهم بعدما انتهى هو من الكتابة وانتهي خالها من فتح الشقة ليقرر عدم الدخول حتى لا يكون قلة ذوق منه ليحترم البقية رغبته مودعين ابنتهم متمنين لها حياة سعيدة ثم اتجهوا نحو الدرج عائدين الى حيث أتوا.
+
التفتت رحمة الى زوجها الواقف بجانبها ليتحدث قائلًا بهدوء أقلقها:
+
- إتفضلي يا رحمة.
+
نظرت إليه برهبة قبل أن تتقدَم للداخل وقلبها يزداد إنقباضًا عن ذي قبل، لتلتفت على صوته وهو يقول بنفس الهدوء بعدما أغلق الباب خلفهم:
+
- رحمة أنا عاوز أقولك حاجة.
+
نظرت له بملامح مبهمة تنتظر حديثه، مُندهشة من ذلكَ التغير الغريب، لتلين ملامحها قليلًا؛ تحثه على إكمال ما بدأه لتتابعه وهو يتنحنح قبل أن يردف قائلًا بما جمّدها في مكانها:
+
- إنتِ طالق.
+
نظرت له قليلًا قبل أن تضيق المسافة بين حاجبيها، كأنه قال شيئًا غير مألوف، وهي متجمدة في مكانها مازالت تحاول الإستيعاب.
+
حتى أخفق قلبها بشدة يفيقها من الحالة التي تلبستها وهى تقول بإبتسامة مهزوزة وبداخلها أمل طفيف في رغبته في مُمازحتها:
+
- وائل إنتَ بتهزر صح؟
+
زفر وائل بضيق وهو يشعر بالحسرة على نتيجة ما يفعله معها الآن، ولكنه مُضطر ولا يلوم نفسه على شيء، هذا ليس ذنبه ولا ذنبها، هذا ذنب ذلكَ القلبِ اللعين الَذي مازال يذله، ولم يتوقف عن ذلك أبدًا.
+
ليهتف بثبات عكس ما بداخله من حزن وحسرة عليها:
+
- أنا مبهزرش إنتِ طالق يا رحمة.
+
وهنا وكأنها قد لدغت من ثعبان لدغة أعادتها للواقع الذي هربت منه بأمل كاذب لتنتفض فجأة مُتقدمة نحوه وهي تهتف بعدم تصديق:
+
- وائل إنت واعي للي إنت بتقوله؟
+
أجابها بقسوة قد تحلى بها مُحاولًا تجاهل الشفقة التي يشعر بها نحوها:
+
- أيوا أنا واعي..و..واعي كويس للي بقوله إنتِ طالق وبالتلاتة.
+
ويبدو أنها أخيرًا إستوعبت ما قاله لتهتف به بحدة مُحاولة إفاقته ظنًا منها أنه ليس بكامل عقله:
+
- وائل إنتَ أكيد إتجننت إنتَ عارف نتيجة إلي إنتَ بتقوله ده إيه........
+
قطعت حديثها وهى ترفع يديها لتلمس وجنتيه ودموع عيناها لم تكف عن النزول مردفة بصوت مُتقطع:
+
- وائل أنا رحمة حبيبتك معقول هتسيبني في ليلة زي دي.
+
أمسك يديها نافضًا إياهما بقسوة قد إحتلته كليًا وهو يقول:
+
- لا إنتِ مش حبيبتي... حبيبتي واقفة تحت مستنياني عشان نهرب من الناس إلي فرقونا ونتجوز ونفضل مع بعض لكن إنتِ عمرك ما كنتي ولا هتبقي حبيبتي.
+
ابتعدت عنه إلى الخلف قليلًا وهي تهتف بصدمة:
+
- قصدك بنت عمك اللي سابتك؟
+
أجابها وائل بجدية وهو يبعد عينيه عنها:
+
- ما سبتنيش، أبوها اللي مكنش راضي، بس دلوقتي هي هربت وجاتلي، وأنا مستحيل أسيبها.
+
نظرت إليه بعينين متسعتين؛ من كثرة الصدمة التي تشعر بها الآن قبل أن تهتف بشرود ودموعها تسيل كالشلالات فوق وجهها:
+
- طيب وأنا؟ أنا هيبقى شكلي إيه قدام عيلتي وقدام الناس؟ هيقولوا عليَ إيه؟ هفسرلهم ده إزاي؟
+
رفعت عينيها إليه، وقد غلف الغضب صدمتها فور أن مرت بذاكرتها أحاديثه السابقة، لتقترب منه مهاجمة إياه بضرباتها التي سددتها له فوق صدره هاتفة بغضب حارق:
+
- وإنتَ كنت بتضحك عليّ كل الوقت ده! كنت بتخدعني لما قولت بحبك يا رحمة! كل ده كنت بتستغفلني!
+
أمسك بيدها موقفًا إياها عن ما كانت تفعله قبل أن يهدر بها بغضب مماثل:
+
- كنت بحاول أنساها بيكِ بس مقدرتش، كنت بتخيلك هي كل أما أقعد معاكِ، بس كلمة بحبك عمرها ما كانت ليكِ ولا هتبقى.
+
لم تشعر بذاتها وهي ترفع يدها مُنزلة إياها فوق وجنته قبل أن تمسك بياقة قميصه تهزه بعنف وهي تهتف بغضب قد أعماها:
+
- يا حقير، إنتَ إنسان قذر، بتدمرني عشان واحدة قذرة زيك! ودلوقتي أهلي هيقولوا عليّ إيه؟ أو هقولهم إيه؟
+
نفض وائل يدها دافعًا إياها بعيدًا عنه، ليختل توازنها مصطدمة بالأرض الصلبة، وأذنيها تستمع لكلماته القاسية:
+
- ميهمنيش، دي مشكلتك لوحدك، تقوليلهم، متقوليلهمش، حاجة مش مهمة بالنسبالي، سلام.
+
جلست متجمدة فوق الأرضية الصلبة؛ محاولة إستيعاب ما قاله للتو حتى انتفضت على كلمته الأخيرة وهي تراه يتقدم نحو باب المنزل.
+
زحفت على قدميها نحوه؛ حتى أمسكت بقدميه تترجاه بألا يتركها في كلماتها التي خرجت بتوسل:
+
- وائل، متزعلش مني إني ضربتك، وائل، حقك عليّ، بس أرجوك متسبنيش وتمشي، أرجوك، وحياة أغلى حاجة عندك متعملش فيّ كده، الناس هتقول عليّ إيه دلوقتي؟
+
أبعدها وائل عنه بقوة؛ لتسقط مجددًا فوق الأرض وهي تنظر له بعيون مغشية بالدموع، ليتركها متجهًا إلى خارج المنزل بسرعة وهو يهرول للأسفل، وقد تناسى أمر أنهم في حي شعبي، وأنه يظل الأهل جالسون أسفل المنزل، هؤلاء الذين صدموا بهرولة العريس خارجًا، لتبدأ ملامحهم بترجمة ما بعقلهم بادئين بالهمهمات على شرف فتاة قد قست عليها الدنيا حتى في أجمل أيامها.
+
_ بينما في الأعلى _
+
ظلّت رحمة جالسة في مكانها، ما زالت تحاول إستيعاب مع حدث للتو، تمر بذاكراتها كلماته الأخيرة؛ لتكون كالخناجر التي تقطع قلبها بقسوة.
+
هذا اليوم الذي تتمناه أي فتاة قد دمره بتركه لها، قد جعل شرفها علكة على لسان الجميع، الآن لا تعرف كيف ستريهم وجهها، أو كيف ستعيش معهم بعد أن لوثها ذلك المخادع بذهابه.
+
مرت ذكريات الأشهر المنصرمين أمامها، وكأنهم فيلم سينمائي كانت هي البطلة المغفلة التي عشقت من لم يكن لها يومًا، عشقت من دمرها وتركها ليلة زفافها، عشقت مَن خدعها لأهوائه.
+
رفعت نظرها نحو الباب الذي أغلقه خلفه لتكون حبيسة هذه الجدران، لتصرخ بدون وعي بقهر، صرخت وصرخت حتى كادت أحبالها الصوتية بالانقطاع.
+
لتنزل رأسها بتذلل، وصوت نحيبها يزداد أكثر، ودموع القهر بدأت بالانتشار على فستان زفافها الذي أصبح أسود في أنظارها.
+
انتفضت في مكانها على تلك اللمسة التي أعادتها من ذكرياتها المؤلمة، لتهتف بتلقائية وهي تلتفت إلى صاحب اللمسة:
+
- وائل؟!
+
ولكن الصدمة كانت من نصيبها حين وجدت نفسها ما زالت بسيارة الزفاف مع تغيير بسيط، وهو صاحب تلك اللمسة التي جحظت عينيها فور رؤيته يجلس بجانبها بكامل هيبته ووسامته المعتادة.
+
لتخرج حروف اسمه من ثغرها بصدمة قد غلفتها:
+
- خالد!
________________________________________
+
