رواية يكفيني يا قلب كامله وحصريه
1......((بداية الحكاية ))
ترجلت من سيارة الأجرة حالما وقفت أمام البناية الكبيرة وهي على عجلة من أمرها بينما شقيقتها التوأم تتبعها بصمت مستمعة بدون أي رد لتذمرها الذي بدأ منذ أن استيقظت متأخرة لهذا الصباح ولحد هذه اللحظة وهي تلقي باللوم عليها لانها لم تستفق باكرا وتوقظها. ......
+
وبعدما القتا تحيةالصباح على حارس الأمن الذي يقف كالعادة بمكانه أمام المدخل الكبير للمصرف حيث تعملان دخلتا إلى مقر عملهما وهنا هرولت الاخت المتذمرة ((سمر)) شبه راكضة نحو المصعد الذي كما يبدو أن بابه سيغلق الآن تاركة توأمها الهادىء مهما كانت الظروف تسير خلفها بهدوء. .
1
طلبت سمر بصوتها المميز الخاص بها وحدها من في المصعد بأن ينتظرها قائلة بتكرار :
_____ انتظر.....انتظر.....انتظر.......
+
وماكادت تنهي كلماتها حتى دخلت أخيرا مقطوعة الأنفاس لاهثة قليلا إلى داخله ..
ولكن لسوء حظها وعجلتها انغلق باب المصعد على حقيبة كتفها السوداء التي تضاهي بلونها شعرها وتنورتها الطويلة الضيقة وحذاءها ذو الكعب العالي. .......
+
همست غير مصدقة :
_____يا الله. ....حقيبتي. ...
+
وأخذت تشدها اليها لعلها تتحرر ....
+
لكنها لم تستطع. ...فعبست تشعر بضيق هامسة لنفسها ((أتمنى ألا يكون اليوم كله بهذا السوء ))...
+
____دعيني اساعدك. ...
+
استدارت بسرعة نحو صاحب الصوت وقد نسيت تماما أنها ليست الوحيدة هنا. ....
+
حالما وقعت عيناها عليه. ....وحالما ابصرته نظراتها اللوزية. .....تحرك بداخلها شيئا ما. ....شيئا أشبه بمن عاد للحياة فجأة بعد غيابه عن الوعي لمدة طويلة جدا. ...
+
استطاعت أن تهمس بهدوء :
___لو سمحت. ..
+
وابتعدت قليلا لتفسح له المجال. ...
+
لم يستغرق الأمر سوى محاولة واحدة فقط ليحرر حقيبتها ويلتقطها قائلا لها بكل عفوية :
_____تفضلي. . ........
+
توقفت أنفاسها منبهرة بهذا المخلوق أمامها وبالكاد نطقت همسا لكنه مسموع بوضوح :
_____شكرا. ......
+
انفتح باب المصعد أخيرا ليخرجا كلاهما. ....تقدمها هو منطلقا إلى حيث يريد. .....
+
بينما هي وقفت للحظات تحدق بجسده وهو يوليها ظهره مبتعدا بهدوء. ...
+
رن هاتفها داخل حقيبتها ليقطع عليها تأملا جميلا قصيرا جدا جدا. ..
+
وحالما وضعت الهاتف على اذنها وصل إليها صوت مديرها غاضبا مستاءا لتاخرها اليوم بالذات دونا عن باقي الأيام وهي تعلم بأن لديهم اجتماعا مهما للغاية ......
+
رمت هاتفها داخل حقيبتها حانقة من الوضع كله وسارت بخطواتها الواثقة وهي ترتب باناملها شعرها الأسود القصير الذي يكاد يلامس كتفيها والمقصوص حسب الموضة ليضيف اليها سحرا خاصا يزيد من جاذبيتها ويمنحها ثقة بالنفس أكثر. ....
أخذت نفسا عميقا حالما وصلت إلى باب غرفة الاجتماعات ثم رفعت اناملها لترتب قميصها السماوي الضيق ذو الاكمام الطويلة والذي يبرز مدى رشاقة جسدها الشاب الناعم. ......
+
وهناك كانت مفاجأة غير متوقعة لها. ....
فلقد رأته. .....رأت ذلك الرجل الذي توقفت انفاسها له جالسا بمنتهى الهدوء بجانب مديرها وقد توقف عن الكلام حالما دخلت عليهم. .......
+
كانت طاولة الاجتماعات تضم أكثر من عشرةاشخاص وكلهم رجالا ما عداها هي. .......
+
وعندما انضمت إليهم جالسة بمقعدها شاعرة بتوتر فظيع. ....تكلم مديرها يعرفها به :
_____السيد أحمد. ...مدير الفرع الآخر للمصرف. ...
+
فأومئت برأسها هامسة بابتسامة رقيقة :
_____أهلا وسهلا. ....
+
فاكمل مديرها قائلا :
____الانسة. .....سمر. .....من أفضل العاملين هنا واشدهم كفاءة. ...
+
لم يبتسم كما فعلت هي بل اكتفى بقول :
_____تشرفنا. .....
لا تعرف مالذي جرى لها بعد ذلك فقد أصبحت مشتتة الذهن وغير مركزة وبعيدة كل البعد عما يتباحث به الرجال حولها. .......
كان هو طبيعيا. ......هادئا. ... ..وبالكاد ينظر إليها. ..
+
وكان هذا لقاءهما الأول. .........
+
لكنها لا تعلم مالذي حدث لها بعد هذا اللقاء فقد صارت تتخيله كثيرا ولم تبارح ملامحه الهادئة الرزينه مخيلتها ابدا ولا صوته الفريد من نوعه ذو البحة الرائعه الجميلة التي تجعل كل من يسمعه يتكلم يشعر بحزن دفين في أعماقه. ..كان صوته من الفرادة بحيث لم تستطع أن تنساه أو تغفل عنه لم يكن وسيما بما للكلمة من معنى لكن تفاصيل وجهه المنحوته بدقة تجعله مميزا عن سائر الرجال. ..فيه حسن وجاذبية رجولية شتت كل منطق وعقل لديها ....حتى أنها حكت لشقيقتها عنه. ......وعن الأشياء الغريبة التي تشعر بها. ....وكيف انه حرك بداخلها مشاعر انثوية لم تكن تظنها موجودة بداخلها......
+
لكن ((نهى ))كانت مختلفة تماما عن توأمها ((سمر))......لأنها كانت واقعية أكثر منها وهادئة الطباع والملامح .......وذات عيون سوداء مميزة جدا. ........
+
فقد وبختها قائلة بصوتها الرقيق المنخفض :
_____لا تنسي انك مخطوبة. ......وعليك الإخلاص لزوجك المستقبلي منذ الآن وصاعدا ولا تفكري إلا به. ...
+
لكنها أجابت بعصبية :
____لم تصبح خطبة رسمية بعد مجرد كلام بين عائلتين ....
+
فحذرتها شقيقتها تذكرها :
_____وهذا الكلام يجب أن يحترم لأنك لست مراهقة ولا مجبرة على الموافقة. ...
+
كان هذا تحذيرا مهما لها ولأنها بطبيعتها العنيدة قليلا لم تأخذ كلام أختها بعين الاعتبار وانجرفت وراء مشاعرها وقلبها الحالم لتحصد فيما بعد مازرعته بتسرعها وتسليم قلبها العاشق لرجل لم يعشقها يوما. ...لتقطف سوى الألم والحزن والعذاب. ... ...
+
بعد أسبوع تقريبا من لقاءها به دعاها خطيبها لحفلة تقيمها عائلته في بيت المزرعة كما سماه لها. . ....وكانت هذه الحفلة كتجمع عائلي للاشقاء والأقارب لتقوية أواصر الروابط العائلية ولأن ((حسام)) خطيبها رأى انه من الأفضل دعوتها لتتعرف على عائلته الكبيرة وخصوصا جده الذي يصر كل فترة على إقامة هذا التجمع العائلي. ..
+
وبما انها ستصبح فردا من العائلة قريبا. فقد رأى انه من الضروري القيام بهذا ... ..
+
لم تشىء أن تأتي وحدها وتقابل أقارب حسام كلهم في ليلة واحدة. ...لذا قررت أن تأخذ شقيقتها ((نهى ))معها. ....
+
ورغم رفض نهى القاطع بالبداية بعدم الذهاب كونها ستكون شخصا غير مرحب به بين شخصين خاطبين إلا أنها اذعنت في نهاية المطاف لتوسلات سمر المستمرة .....
+
وهكذا ذهبتا مع حسام إلى بيت المزرعة الكبير الذي يقع على أطراف المدينة حيث تقطنان. .........
+
وبعد مرور دقائق على الحفل العائلي التقت سمر بإحدى قريبات حسام التي صادفت أنها تعرفها منذ أيام الثانوية ......وشعرت بخجل فظيع عندما أعلنت تلك الصديقة القديمة بأن خطيبة حسام تملك صوتا رائعا في الغناء وأنها كانت تغني في حفلات المدرسة وبعض المناسبات العائلية. ....
+
ودون أن تعرف كيف أو متى وجدت نفسها تصعد إحدى الطاولات الخشبية باهظة الثمن تلبية لطلب أغلبية الحاضرين لسماع صوتها وخصوصا خطيبها الذي تفاجئ من موهبتها التي اخفتها عنه .....
+
بالبداية احست بالخجل والارتباك لكن تشجيع الحاضرين لها والإصرار على سماعها تغني اجبرها أن تركز وتبدأ بأغنية تحبها كثيرا لاصالة نصري وهي يا مجنون. ....
+
لذا بدأت تطرب الجميع بصوتها العذب عندما بدأت تغني. ....
+
يامجنون مش انا ليلى. ....ولا نسمة هواء ميله. ...عاوزني ائول بحبك ليه.......بحبك بسي مش ايله. ....
يامجنوووووووون......
+
فتعالى الهتاف من حولها وسمعت بعضهم يقول بدلي يا مجنون بأسم حسام. ....
+
ابتسمت وراحت تغير كلمات الأغنية لتقول. ...
+
يا حسام مش انا ليلى. .....ولانسمة هواء ميله. ....عاوزني ائول بحبك ليه ......بحبك بسي مش ايله. ....
يا حسااااااااام. ......
+
ظل حسام يبتسم لها وعينيه لا تفارقانها. ......
+
لكنه انشغل عنها للحظات لأن الشخص الذي دخل إلى المكان و وقف بجانبه بدأ يتحدث إليه. .....
+
كانت هي تغني وتبتسم وحالما أنهت اغنيتها. ....وتعالى التصفيق لها والثناء على صوتها. ......
ابصرته. .........
ابصرته من بين كل هؤلاء الحضور. ......
أبصرت فارس أحلامها الذي ظهر لها فجأة ليقلب حياتها بعد ذلك رأسا على عقب. ....
+
كان يقف بجانب حسام .......وبدأ أحلى واوسم من المرة السابقة رغم أنه لم يرتدي بذله رسمية كما في لقاءهما الأول. ....بل ملابس بسيطة جدا. ..قميص بيجي اللون مع بنطال بني غامق. .......وشعره الأسود الكثيف مرتب بطريقة عبثية كمن داعبته رياح قوية فكان أحلى ماكان وسيكون. ......
+
لا تعرف سبب الوهن الذي غزا ساقيها ولا الارتجاف الفظيع الذي هجم على جسدها بوحشية. ....ولا ارتعاش نبضات قلبها بطريقة لم تعهدها سابقا. ......
+
لم يكن ينظر إليها. ....بل كان يتحدث مع خطيبها حسام. ......وتساءلت مدى العلاقة التي تربطهما. ......
+
اعادها لأرض الواقع طلب بعض الحاضرين بأغنية أخرى تحبها. ........
+
وفجأة خطرت ببالها اغنية تحكي ما تشعر به ويختلج بصدرها. .....
+
وبدأت تغني. .......ولأن حسام خرج من المكان واضعا هاتفه على أذنه لتفهم هي أنه يجري مكالمة مع أحدهم تاركا ذلك الوسيم يقف وحده عند عتبة الباب الكبير ينظر إليها بعينين ضيقتين مكتفا يديه حول صدره كأنه مستاء مما يحصل .......لكن هذا لم يهبط من معنوياتها العالية لرؤيته. .....
3
وتعمدت أن تقول وهي تنظر إليه. ....
+
وكانت اغنية أخرى لاصالة. .....
+
لمه كت عينك بعيني وابتدأ منهم كلام
+
ئولتلك مليون بحبك. ... ئولتها من غير كلام
انا مئولتش أي حاجة وانت سامع كل حاجة. ...
ومن يوميها يا حبيبي رمشي مش عايز ينام. ...
1
كانت محقة هي بالمقطع الأخير من الأغنية. .....((ومن يوميها يا حبيبي رمشي مش عايز ينام ))
+
لكنها كانت مخطئة بالمقطع قبل الأخير ((انا مئولتش أي حاجة وانت سامع كل حاجة ))
+
لأنها قالت وقالت وعجزت عن الكلام. ....
وهو يسمع ما تقوله ولا يبالي ولا يهتم. ...ولا يكترث. .....لأن ما أصابها منذ رأته أصابه هو أيضا وخفق قلبه بشدة والحاح لكن ليس لها. .....
+
بلى ........ليس لها....
+
بل لتلك الشابة الخلابة ذات الحجاب الزهري الذي يكاد أن يكون بلون بشرة وجهها ووجنتيها المتوهجتين بالخجل من جراء ماتقوم به شقيقتها التوأم. ....
1
لتلك المراءة ملائكية الوجه التي تقف في إحدى زوايا المكان الواسع والقريب منه حيث يقف. ......
+
خفقان قلبه المتسارع لحركة يدها وهي ترفع كفها الصغير وتعيد بعض خصلات شعرها المتمردة من تحت حجابها. ....
إنبئه بأنه فقد زمام أمورقلبه وقدحان الوقت ليترك قلبه يعشق على هواه..........
+
غاض الطرف باحترافية عن هذا الجنون المتوهج المشتعل الذي يغني لأجله .......والذي سيجعل خطبتها على حافة الانهيار. ..... وقلبها الذي أحبه من النظرة الأولى على موعد دائم مع الألم.
+
****************************
******)))))))))
انتهى الفصل. .....
قراءة ممتعة. ...........يهمني تصويتكم وآرائكم فلا تبخلوا بها. .......
إذا كان الفصل يستحق. .......
+
