رواية خلف الظلال الفصل التاسع 9 بقلم يسرا
الفصل التاسع.......بقلم يـــــســـرا
مر اسبوع على انتقال هاله الى منزل صديقتها امانى والتى حفتها بالرعايه والترحاب رافضه بشده المبلغ المالى التى عرضته عليها هاله كأيجار للغرفه
فما كان من هاله سوى للجوء لحيله بسيطه الا وهى شراء متعلقات المنزل من طعام ومخزون غذائى
بالاضافه لمشاركتها فى تحمل بعض نفقات علاج والده امانى... تلك المرأه الطيبه العجوز التى كانت دائمه الدعاء لها ولابناءها... عسى الله ان يجمع شملهما قريبا
حل يوم الجمعه واستيقظت امانى كعادتها مبكرا عن بقيه الايام لتقوم بحمله نظافه شامله لارجاء المنزل البسيط
تساعدها هاله بهمه ونشاط عل الانهاك المصاحب للاعمال المنزليه قد ينال مبتغاه من جسدها النحيل
فتنام ليلتها دون ارق او احلام مزعجه ولكن هيهات فالليل دائما لا يأتى الا برفقه انين القلب الممزق على فراق الابناء
انتهت امانى فى الوقت المحدد قبل صلاه الجمعه وقبل ان يرتفع الاذان من منبر المسجد المجاور لمنزلها واغتسلت وارتدت ملابسها استعداد للرحيل لاداء الصلاه جماعه فى المسجد
فعزمت هاله على الخروج بصحبتها علها تنال من نفحات الرحمه المعبقه بها خير الايام
انتهت صلاه الجماعه فأخبرت امانى صديقتها بوجود درسا يعقب الصلاه فرحبت هاله بسماعه للغايه
وما ان انتهى الدرس حتى اخرجت امانى صديقتها من شرودها قائله : ايه يا هاله مش هنقوم نروح الدرس خلص
هاله : حاسه انى عايزه ااقعد شويه حاسه انى مرتاحه اووى هنا ...قومى روحى انتى عشان الحاجه ماتقلقش عليكى
امانى : طيب بس ما تتأخريش
غادرت امانى فى هدوء فيما جلست هاله واطلقت العنان لدموعها فى صمت
سمعت بعد قليل خادم المسجد يأمرها بالمغادره ليوصد باب المسجد
فقامت هاله من مجلسها وعزمت على الخروج ولكنها تمهلت قليلا وسألت الخادم : هوا الشيخ لسه قاعد
رد عليها الخادم بالايجاب قائلا : ااه عاوزاه فى حاجه
هاله : يعنى كان عندى مشكله وعايزه اخد استشاره منه
فقال الخادم : طيب يا بنتى اتفضلى معايا
قادها الخادم الطيب لامام المسجد فقالت هاله : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ياشيخنا
رد امام المسجد : وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته خير يا اخت؟
قالت هاله فى تساؤل: ممكن احكى مع حضرتك شويه انا محتاجه لحد يسمعنى وماليش حد ..انا حاسه ان ربنا غضبان عليا
قال الامام : لا حول ولا قوة الا بالله ...ااقعدى يا اختى ااقعدى
جلست هاله على بعد متر من الامام وبدأت فى روايه قصتها منذ ان سجنت ظلما حتى خرجت بعد خمس سنوات لتكتشف فقدانها لامها وابنيها بالاضافه الى عملها المريب فى احدى المطاعم وخلعها الحجاب
قال الامام بعدما استمع الى حكايتها : طيب انتى لسه بتشتغلى فى المطعم ده؟
ردت هاله نافيه : لاء اشتغلت فى معرض سيارات
قال امام المسجد: طيب ورجعتى لبستى الحجاب تانى ؟
قالت هاله فى خجل : لاء ...خفت لاصحاب الشغل مايرضوش يشغلونى الا لما ااقعله فأخدتها من قصيرها
ابتسم الامام وقال : يااختى ...يا امه الله ...الارزاق بيد الله ...مش عيب عليكى ربنا هوا اللى بيرزق الكون كله وتيجى انتى تعصيه عشان تمدى ايدك لمخلوق زيك زيه تاخدى منه مرتب ....
تساقطت العبرات من مقلتيها وقالت : انا فعلا من ساعه ماقلعته وانا حاسه انى بقيت فى كرب وضيق دايما رغم ان الفلوس اكتر من حاجتى ولادى ومش معايا وامى وماتت هعمل ايه بالفلوس بقى
رد الامام بهدوؤ مبتسما لها : ابتغى رضا ربنا هتلاقى الدنيا كلها تحت رجليكى... ربنا سبحانه وتعالى هو المقدم والمؤخر .....قدمى انتى طاعه الله قبل اى شىء يقدم لك الله خير الدنيا والاخره ...واعرفى ان ابتلاء ربنا ليكى ده دليل على محبته سبحانه وتعالى يبقى ربنا بيحبك وانتى تعصيه؟ يصح برضه؟
هزت هاله رأسها وقالت وعبراتها تخنقها: معاك حق يا شيخنا ....ادعيلى بالله عليك ادعيلى الاقى ولادى واخدهم فى حضنى تانى
دعا لها الامام مخلصا : اللهم رد لها اولادها ردا جميلا كما رددت يوسف لابيه ورددت موسى الى حضن امه
قامت هاله وخرجت من المسجد شاعره بطمأنينه لم تشعر بها منذ زمن بعيد
واطمأنت انها باتت قوب قوسين او ادنى من لقاء ابناءها
وسكتت عيناها عن البكاء
وسكنت دقات قلبها الملتاعه اخيرا
وعرف السرور طريقه الى قلبها مما ارشد البسمه لشفتيها
فى اليوم التالى اتجهت هاله الى مقر عملها مرتديه زيها الشرعى الانيق يزين رأسها حجابها الواسع
فاستقبلها الموظفون بمعالم الدهشه مرتسمه على وجوههم وابتسم رفيق لدى رؤيتها وقال لها : مبروك
ضحكت هاله وقالت : الله يبارك فيك
وانصرفت هاله لتدأيه عملها الخفيف وعندما انتصفت شمس الظهيره سمعت زمور سياره سالم فانقبض قلبها دون ان تدرى السبب
وبعد قليل طل سالم على مكتبها بطلته المزعجه ووقف ناظرا لها بحنق شديد وغضب بالغ وقال : انتى ايه اللى انتى عملاه فى نفسك ده
قامت هاله من مجلسها وقالت بتحدى : ايه؟تقصد ايه؟
قال سالم وقد علت نبره صوته : بقى اسمعى اما اقولك انتى هنا خدمه عملاه عايزه تحطى حته القماشه دى على راسك يبقى تروحى تشتغلى فى جمعيه خيريه هنا مكان شغل مش زار
احمر وجهه هاله غضبا وقالت : حضرتك ليك الشغل وبس... ثانيا مظهرى ده شىء يخصنى انا لوحدى وبس طالما لابسه لبس لائق بالمكان يبقى خلاص.. وبعدين استاذ رفيق ما اعترضتش
سالم حانقا : بقى كده ...مااااااااشى اما نشوف يا... شيخه مريم
صعد سالم غاضبا الى مكتب رفيق ودخل وصفق الباب خلفه بعنف فنظر له رفيق بغضب وقال : ايه ...خير ...
سالم : بقى اسمع لما اقولك البت دى مالهاش قعاد هنا وانا يا هيا
رفيق : بس كده ....انا مجهز عقود البيع بقالى ولا 5 سنين لو كنت اعرف ان مريم هتكون السبب انك تسيب المعرض كنت شغلتها من زمان
سالم : اااااااااه قولتيلى ..بقى كده يا جوز اختى مااااااشى ...ملعوب عملينه عليا انتم الاتنين ...
رفيق : ملعوب ايه وبتاع ايه ....دى بنت غلبانه انت حاطط نقرك من نقرها من ساعه الحركه اياها فى المطعم... وبعدين اعمل حسابك لو صممت تمشيها انا همشى بوسى
سالم : بقى كده واحده بواحده ...طيب يا رفيق بس خليك فاكراها
وانصرف سالم غاضبا الى غرفه مكتبه التى قلما يمكث فيها وقتا وجلس على الكرسى ينقر باصبعه على سطح المكتب الخاوى
وبعد قليل دخلت " بوسي السكرتيره "وقالت : ايه ..مالك ..بقى حته بت زى دى تعمل فيك كل ده
سالم : بقولك ايه انا مش ناقصك
بوسى : اهدى براااااااااااحه خالص ولا تدايق روحك ...مش انت عاوز تمشيها انا عندى الحل.. هخليها هيا اللى تسيب الشغل وتقولك حقى برقبتى كمان
لمعت عينا سالم وقال : طيب لايمينى علي الحل
بوسى : الارشيف
سالم : ارشيف ايه؟
بوسى : مش انت شايل اوراق هنا بقالها ولا 5 سنين ماحدش عارف ينظمها وكوم متلتل واخرته راكنه فى الاوضه اللى فى اخر الطرقه ...ايه رأيك تقولها تسجل الورق ده كله على الكومبيوتر وتديها مهله مثلا نقول .... اسبوع ....هههههههههه يا كده يا تسيب الشغل ....طبعا هيا مش هتقدر ..وتبقى جت من عندها بس كده ولا تزعل روحك ولا حاجه
سالم : يابنت الايه فكره جهنميه بصحيح ...بس وحياتك مش اسبوع هما يومين مافيش غيرهم يا كده يا مع السلامه
بوسى : اما انت مفترى بشكل بس تعالى هنا ماتاخدنيش فى دوكه انا عايزه الحلاوه ولا انت فاكر ان الافكار دى بالساهل كده
سالم : ساهل ...ساهل مين...دا انتى دماغك متكلفه ....المهم روحى انتى دلوقتى مش عايز رفيق يحس بحاجه هوا هيمشى النهارده امتى؟
بوسى : قدامه بتاع ساعه ويطلع مع وليد على الضرايب وبعدها يسافر اسكندريه
سالم : حلووو اووووى يخرج هوا واشوف انا حالى مع بنت ال.....
بوسى بدلال: لاااا تشوف حالك معايا ايه رأيك نتقابل الليله فى الشقه عندى ؟
ابتسم سالم بمكر وقال : اتفقنا ...روحى انتى دلوقتى
وبالفعل ماهى الا سويعات قليله حتى انصرف رفيق من المعرض تاركا هاله بين براثن سالم دون ان يدرى
واتجه سالم الى حيث مكتب هاله وقال لها فى قوه : قومى عايزك
قامت هاله فى تردد وقالت : افندم
سالم بحده : تعالى ورايا
اتجهت هاله خلفه سائره وذهنها مشتت
صعد سالم الدرج المعدنى برشاقه مسرعا وسار فى ممر طويل وصولا الى غرفه الارشيف
لم تكن هاله تعرف بوجود ذلك الممر من قبل فشعرت بالخوف وخطر لها انه سوف يحاول الاعتداء عليها
فتح سالم الغرفه المظلمه والمكدسه بالاوراق بالمفتاح الذى يملكه وحده
ودلف بخفه وظلت هاله خارج الغرفه خائفه من الدخول معه
لمح سالم معالم الخوف التى ارتسمت بوضوح على وجه هاله
فقال هازئا منها بسخريه : ايه خايفه ...ههههه...دا احنا هنكيوفوكى يا شابه ههههههه...تعالى يا اختى ادخلى ادخلى ماتخافيش هههههههههه
زمت هاله شفتيها بغضب واستحضرت فى مخيلتها تلك المشاجره العنيفه التى خاضتها منذ سنتين ضد احدى المسجونات والتى كانت تفوقها حجما بكثير والتى انتصرت فيها هاله بفضل خفتها وسرعه حركتها مما بث فى روحها تحديا لسالم وابتسامته الساخره
دخلت هاله الغرفه ونظرت حولها بدهشه بالغه وقالت : خير يا سالم بيه ....حضرتك عاوزنى فى ايه
سالم : عايزك تبصى حواليكى كويس وتقوليلى شايفه ايه
قالت هاله : ورق ...ورق وملفات
سالم : ورق كتيير مش كده وملفات اكتر
هاله : وبعدين؟
سالم : ولا قابلين ..عايزك تسجلى كل الورق ده على الكومبيوتر ..اصلى عايز ارمي الورق ده وافضى المكان هنا واعمله استراحه ليا عشان اصلى اليومين دوول تعبان اووى ....
ثم نظر لها وعيناه تلمع بالتحدى وقال : قدامك يومين يا كده يا مع السلامه ...هاه قولتى ايه
نظرت لها هاله ونظرت حولها وقالت بغضب : حضرتك متخيل انى ممكن اخلص الكوم المتلتل ده فى يومين اتنين بس
سالم : مااااشى ياستى خليهم تلاته بعد بكره الساعه 12 الضهر وبالدقيقه
ردت هاله مصححه له : لاء ..تلاته... يبقى بعد بعد بكره ...يوم التلات
اشار لها سالم نافيا باصبعه : لا لا لا ...مين قال... النهارده ادى يوم ...بكره ادى اتنين.... بعده ادى تلاته.... انتى هتخمى ولا ايه يا مريم مش عيب بعد ماربنا هداكى ولبستى الحجاب تغشى برضه... انتى مش عارفه ان من غشنا ليس منا ولا ايه ...كده هتزعلينى منك
هاله : النهارده كمان محسوب اااه ...لا والله كتر خيرك فعلا ...يادوب الساعه دلوقتى 4 العصر وكلها 3 ساعات ويجى معاد انصرافى وبكره وبعده والمفروض انى اخلص ورق ياخدله ولا شهر بحاله عشان يخلص
سالم : ماهو يا كده يا تسيبى الشغل سهله خالص والله ....لا هو انتى فاكره بعد مالبستى البتاع ده هتنفعى فى خدمه عملا......... لا طبعا انسى يا ماما انتى اللى زيك يتحط وره اى مكتب ويتدارى ده مش منظر واحده تقف تخلى زبون يكع دم قلبه ويشترى ...اصحى يا مريم وشوفى الدنيا ماشيه ازاى
قالت هاله مدركه لما يبغاه سالم : صح الدنيا ماشيه كده فعلا... الكبير بياكل الصغير والقوى بيفترى على الضعيف ....انا بس اللى نسيت
سالم :كان فى ايدك تراضى الكبير والدنيا تمشى انتى اللى غاويه فقر ووجع قلب ....
هاله :انا فعلا عايزه ارضى الكبير بس مش انت فيه اللى اكبر منى ومنك ....
لم يهتز سالم بقولها ولم تحرك كلماتها قلبه المظلم قيد انمله وقال دون مبالاه : هاه قولتى ايه ولا اجيب حد تانى للشغلانه دى
هاله: انا بس عندى استفسار دلوقتى انا عملت اللى حضرتك قلت عليه و سيفت الورق مظبوط تمام وكل حاجه .... حضرتك بقى هتقعد تراجع عليا وتشوف بقى سيبت ملف ولا حتى ورقه ؟؟؟؟؟؟؟
اطلق سالم ضحكه عاليه وقاله :جرى ايه يا مريم انتى فاكره ان مافيش غيرك ع الحجر ولا ايه ...هقعدلك مخصوص !!!...لا يا حبيبه قلبى هجيب موظف تانى بيشتغل عندى فى الشركه وواقعده نفس قعدتك دى وفى خلال يومين يكون مراجع عليكى هوا كمان يا كده يا مع السلامه ..بسيطه شوفتى ازاى ..هاه قلتى ايه يامريم انا مش فاضى ورايا حجات
قالت هاله بتحدى : اوك يا سالم بيه بعد بكره ان شاء الله هكون مخلصه الشغل
سالم متوعدا : 12 بالدقيقه
ابتسمت هاله وقالت فى تحدى : 12 الا خمسه
ابتسم سالم ابتسامه صفراء وقال : اما نشوف
انصرف سالم تاركا هاله وحدها
نظرت هاله حولها وتأملت محتويات الغرفه ثم شعرت باليأس لما ادركت حجم وكميه الاوراق الحقيقه
جلست هاله على الكرسى المقابل لجهاز الحاسوب
وقالت : بسم الله توكلت على الله هو حسبى هو نعم المولى ونعم النصير ...لا حول ولا قوة الا بالله
مر اسبوع على انتقال هاله الى منزل صديقتها امانى والتى حفتها بالرعايه والترحاب رافضه بشده المبلغ المالى التى عرضته عليها هاله كأيجار للغرفه
فما كان من هاله سوى للجوء لحيله بسيطه الا وهى شراء متعلقات المنزل من طعام ومخزون غذائى
بالاضافه لمشاركتها فى تحمل بعض نفقات علاج والده امانى... تلك المرأه الطيبه العجوز التى كانت دائمه الدعاء لها ولابناءها... عسى الله ان يجمع شملهما قريبا
حل يوم الجمعه واستيقظت امانى كعادتها مبكرا عن بقيه الايام لتقوم بحمله نظافه شامله لارجاء المنزل البسيط
تساعدها هاله بهمه ونشاط عل الانهاك المصاحب للاعمال المنزليه قد ينال مبتغاه من جسدها النحيل
فتنام ليلتها دون ارق او احلام مزعجه ولكن هيهات فالليل دائما لا يأتى الا برفقه انين القلب الممزق على فراق الابناء
انتهت امانى فى الوقت المحدد قبل صلاه الجمعه وقبل ان يرتفع الاذان من منبر المسجد المجاور لمنزلها واغتسلت وارتدت ملابسها استعداد للرحيل لاداء الصلاه جماعه فى المسجد
فعزمت هاله على الخروج بصحبتها علها تنال من نفحات الرحمه المعبقه بها خير الايام
انتهت صلاه الجماعه فأخبرت امانى صديقتها بوجود درسا يعقب الصلاه فرحبت هاله بسماعه للغايه
وما ان انتهى الدرس حتى اخرجت امانى صديقتها من شرودها قائله : ايه يا هاله مش هنقوم نروح الدرس خلص
هاله : حاسه انى عايزه ااقعد شويه حاسه انى مرتاحه اووى هنا ...قومى روحى انتى عشان الحاجه ماتقلقش عليكى
امانى : طيب بس ما تتأخريش
غادرت امانى فى هدوء فيما جلست هاله واطلقت العنان لدموعها فى صمت
سمعت بعد قليل خادم المسجد يأمرها بالمغادره ليوصد باب المسجد
فقامت هاله من مجلسها وعزمت على الخروج ولكنها تمهلت قليلا وسألت الخادم : هوا الشيخ لسه قاعد
رد عليها الخادم بالايجاب قائلا : ااه عاوزاه فى حاجه
هاله : يعنى كان عندى مشكله وعايزه اخد استشاره منه
فقال الخادم : طيب يا بنتى اتفضلى معايا
قادها الخادم الطيب لامام المسجد فقالت هاله : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ياشيخنا
رد امام المسجد : وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته خير يا اخت؟
قالت هاله فى تساؤل: ممكن احكى مع حضرتك شويه انا محتاجه لحد يسمعنى وماليش حد ..انا حاسه ان ربنا غضبان عليا
قال الامام : لا حول ولا قوة الا بالله ...ااقعدى يا اختى ااقعدى
جلست هاله على بعد متر من الامام وبدأت فى روايه قصتها منذ ان سجنت ظلما حتى خرجت بعد خمس سنوات لتكتشف فقدانها لامها وابنيها بالاضافه الى عملها المريب فى احدى المطاعم وخلعها الحجاب
قال الامام بعدما استمع الى حكايتها : طيب انتى لسه بتشتغلى فى المطعم ده؟
ردت هاله نافيه : لاء اشتغلت فى معرض سيارات
قال امام المسجد: طيب ورجعتى لبستى الحجاب تانى ؟
قالت هاله فى خجل : لاء ...خفت لاصحاب الشغل مايرضوش يشغلونى الا لما ااقعله فأخدتها من قصيرها
ابتسم الامام وقال : يااختى ...يا امه الله ...الارزاق بيد الله ...مش عيب عليكى ربنا هوا اللى بيرزق الكون كله وتيجى انتى تعصيه عشان تمدى ايدك لمخلوق زيك زيه تاخدى منه مرتب ....
تساقطت العبرات من مقلتيها وقالت : انا فعلا من ساعه ماقلعته وانا حاسه انى بقيت فى كرب وضيق دايما رغم ان الفلوس اكتر من حاجتى ولادى ومش معايا وامى وماتت هعمل ايه بالفلوس بقى
رد الامام بهدوؤ مبتسما لها : ابتغى رضا ربنا هتلاقى الدنيا كلها تحت رجليكى... ربنا سبحانه وتعالى هو المقدم والمؤخر .....قدمى انتى طاعه الله قبل اى شىء يقدم لك الله خير الدنيا والاخره ...واعرفى ان ابتلاء ربنا ليكى ده دليل على محبته سبحانه وتعالى يبقى ربنا بيحبك وانتى تعصيه؟ يصح برضه؟
هزت هاله رأسها وقالت وعبراتها تخنقها: معاك حق يا شيخنا ....ادعيلى بالله عليك ادعيلى الاقى ولادى واخدهم فى حضنى تانى
دعا لها الامام مخلصا : اللهم رد لها اولادها ردا جميلا كما رددت يوسف لابيه ورددت موسى الى حضن امه
قامت هاله وخرجت من المسجد شاعره بطمأنينه لم تشعر بها منذ زمن بعيد
واطمأنت انها باتت قوب قوسين او ادنى من لقاء ابناءها
وسكتت عيناها عن البكاء
وسكنت دقات قلبها الملتاعه اخيرا
وعرف السرور طريقه الى قلبها مما ارشد البسمه لشفتيها
فى اليوم التالى اتجهت هاله الى مقر عملها مرتديه زيها الشرعى الانيق يزين رأسها حجابها الواسع
فاستقبلها الموظفون بمعالم الدهشه مرتسمه على وجوههم وابتسم رفيق لدى رؤيتها وقال لها : مبروك
ضحكت هاله وقالت : الله يبارك فيك
وانصرفت هاله لتدأيه عملها الخفيف وعندما انتصفت شمس الظهيره سمعت زمور سياره سالم فانقبض قلبها دون ان تدرى السبب
وبعد قليل طل سالم على مكتبها بطلته المزعجه ووقف ناظرا لها بحنق شديد وغضب بالغ وقال : انتى ايه اللى انتى عملاه فى نفسك ده
قامت هاله من مجلسها وقالت بتحدى : ايه؟تقصد ايه؟
قال سالم وقد علت نبره صوته : بقى اسمعى اما اقولك انتى هنا خدمه عملاه عايزه تحطى حته القماشه دى على راسك يبقى تروحى تشتغلى فى جمعيه خيريه هنا مكان شغل مش زار
احمر وجهه هاله غضبا وقالت : حضرتك ليك الشغل وبس... ثانيا مظهرى ده شىء يخصنى انا لوحدى وبس طالما لابسه لبس لائق بالمكان يبقى خلاص.. وبعدين استاذ رفيق ما اعترضتش
سالم حانقا : بقى كده ...مااااااااشى اما نشوف يا... شيخه مريم
صعد سالم غاضبا الى مكتب رفيق ودخل وصفق الباب خلفه بعنف فنظر له رفيق بغضب وقال : ايه ...خير ...
سالم : بقى اسمع لما اقولك البت دى مالهاش قعاد هنا وانا يا هيا
رفيق : بس كده ....انا مجهز عقود البيع بقالى ولا 5 سنين لو كنت اعرف ان مريم هتكون السبب انك تسيب المعرض كنت شغلتها من زمان
سالم : اااااااااه قولتيلى ..بقى كده يا جوز اختى مااااااشى ...ملعوب عملينه عليا انتم الاتنين ...
رفيق : ملعوب ايه وبتاع ايه ....دى بنت غلبانه انت حاطط نقرك من نقرها من ساعه الحركه اياها فى المطعم... وبعدين اعمل حسابك لو صممت تمشيها انا همشى بوسى
سالم : بقى كده واحده بواحده ...طيب يا رفيق بس خليك فاكراها
وانصرف سالم غاضبا الى غرفه مكتبه التى قلما يمكث فيها وقتا وجلس على الكرسى ينقر باصبعه على سطح المكتب الخاوى
وبعد قليل دخلت " بوسي السكرتيره "وقالت : ايه ..مالك ..بقى حته بت زى دى تعمل فيك كل ده
سالم : بقولك ايه انا مش ناقصك
بوسى : اهدى براااااااااااحه خالص ولا تدايق روحك ...مش انت عاوز تمشيها انا عندى الحل.. هخليها هيا اللى تسيب الشغل وتقولك حقى برقبتى كمان
لمعت عينا سالم وقال : طيب لايمينى علي الحل
بوسى : الارشيف
سالم : ارشيف ايه؟
بوسى : مش انت شايل اوراق هنا بقالها ولا 5 سنين ماحدش عارف ينظمها وكوم متلتل واخرته راكنه فى الاوضه اللى فى اخر الطرقه ...ايه رأيك تقولها تسجل الورق ده كله على الكومبيوتر وتديها مهله مثلا نقول .... اسبوع ....هههههههههه يا كده يا تسيب الشغل ....طبعا هيا مش هتقدر ..وتبقى جت من عندها بس كده ولا تزعل روحك ولا حاجه
سالم : يابنت الايه فكره جهنميه بصحيح ...بس وحياتك مش اسبوع هما يومين مافيش غيرهم يا كده يا مع السلامه
بوسى : اما انت مفترى بشكل بس تعالى هنا ماتاخدنيش فى دوكه انا عايزه الحلاوه ولا انت فاكر ان الافكار دى بالساهل كده
سالم : ساهل ...ساهل مين...دا انتى دماغك متكلفه ....المهم روحى انتى دلوقتى مش عايز رفيق يحس بحاجه هوا هيمشى النهارده امتى؟
بوسى : قدامه بتاع ساعه ويطلع مع وليد على الضرايب وبعدها يسافر اسكندريه
سالم : حلووو اووووى يخرج هوا واشوف انا حالى مع بنت ال.....
بوسى بدلال: لاااا تشوف حالك معايا ايه رأيك نتقابل الليله فى الشقه عندى ؟
ابتسم سالم بمكر وقال : اتفقنا ...روحى انتى دلوقتى
وبالفعل ماهى الا سويعات قليله حتى انصرف رفيق من المعرض تاركا هاله بين براثن سالم دون ان يدرى
واتجه سالم الى حيث مكتب هاله وقال لها فى قوه : قومى عايزك
قامت هاله فى تردد وقالت : افندم
سالم بحده : تعالى ورايا
اتجهت هاله خلفه سائره وذهنها مشتت
صعد سالم الدرج المعدنى برشاقه مسرعا وسار فى ممر طويل وصولا الى غرفه الارشيف
لم تكن هاله تعرف بوجود ذلك الممر من قبل فشعرت بالخوف وخطر لها انه سوف يحاول الاعتداء عليها
فتح سالم الغرفه المظلمه والمكدسه بالاوراق بالمفتاح الذى يملكه وحده
ودلف بخفه وظلت هاله خارج الغرفه خائفه من الدخول معه
لمح سالم معالم الخوف التى ارتسمت بوضوح على وجه هاله
فقال هازئا منها بسخريه : ايه خايفه ...ههههه...دا احنا هنكيوفوكى يا شابه ههههههه...تعالى يا اختى ادخلى ادخلى ماتخافيش هههههههههه
زمت هاله شفتيها بغضب واستحضرت فى مخيلتها تلك المشاجره العنيفه التى خاضتها منذ سنتين ضد احدى المسجونات والتى كانت تفوقها حجما بكثير والتى انتصرت فيها هاله بفضل خفتها وسرعه حركتها مما بث فى روحها تحديا لسالم وابتسامته الساخره
دخلت هاله الغرفه ونظرت حولها بدهشه بالغه وقالت : خير يا سالم بيه ....حضرتك عاوزنى فى ايه
سالم : عايزك تبصى حواليكى كويس وتقوليلى شايفه ايه
قالت هاله : ورق ...ورق وملفات
سالم : ورق كتيير مش كده وملفات اكتر
هاله : وبعدين؟
سالم : ولا قابلين ..عايزك تسجلى كل الورق ده على الكومبيوتر ..اصلى عايز ارمي الورق ده وافضى المكان هنا واعمله استراحه ليا عشان اصلى اليومين دوول تعبان اووى ....
ثم نظر لها وعيناه تلمع بالتحدى وقال : قدامك يومين يا كده يا مع السلامه ...هاه قولتى ايه
نظرت لها هاله ونظرت حولها وقالت بغضب : حضرتك متخيل انى ممكن اخلص الكوم المتلتل ده فى يومين اتنين بس
سالم : مااااشى ياستى خليهم تلاته بعد بكره الساعه 12 الضهر وبالدقيقه
ردت هاله مصححه له : لاء ..تلاته... يبقى بعد بعد بكره ...يوم التلات
اشار لها سالم نافيا باصبعه : لا لا لا ...مين قال... النهارده ادى يوم ...بكره ادى اتنين.... بعده ادى تلاته.... انتى هتخمى ولا ايه يا مريم مش عيب بعد ماربنا هداكى ولبستى الحجاب تغشى برضه... انتى مش عارفه ان من غشنا ليس منا ولا ايه ...كده هتزعلينى منك
هاله : النهارده كمان محسوب اااه ...لا والله كتر خيرك فعلا ...يادوب الساعه دلوقتى 4 العصر وكلها 3 ساعات ويجى معاد انصرافى وبكره وبعده والمفروض انى اخلص ورق ياخدله ولا شهر بحاله عشان يخلص
سالم : ماهو يا كده يا تسيبى الشغل سهله خالص والله ....لا هو انتى فاكره بعد مالبستى البتاع ده هتنفعى فى خدمه عملا......... لا طبعا انسى يا ماما انتى اللى زيك يتحط وره اى مكتب ويتدارى ده مش منظر واحده تقف تخلى زبون يكع دم قلبه ويشترى ...اصحى يا مريم وشوفى الدنيا ماشيه ازاى
قالت هاله مدركه لما يبغاه سالم : صح الدنيا ماشيه كده فعلا... الكبير بياكل الصغير والقوى بيفترى على الضعيف ....انا بس اللى نسيت
سالم :كان فى ايدك تراضى الكبير والدنيا تمشى انتى اللى غاويه فقر ووجع قلب ....
هاله :انا فعلا عايزه ارضى الكبير بس مش انت فيه اللى اكبر منى ومنك ....
لم يهتز سالم بقولها ولم تحرك كلماتها قلبه المظلم قيد انمله وقال دون مبالاه : هاه قولتى ايه ولا اجيب حد تانى للشغلانه دى
هاله: انا بس عندى استفسار دلوقتى انا عملت اللى حضرتك قلت عليه و سيفت الورق مظبوط تمام وكل حاجه .... حضرتك بقى هتقعد تراجع عليا وتشوف بقى سيبت ملف ولا حتى ورقه ؟؟؟؟؟؟؟
اطلق سالم ضحكه عاليه وقاله :جرى ايه يا مريم انتى فاكره ان مافيش غيرك ع الحجر ولا ايه ...هقعدلك مخصوص !!!...لا يا حبيبه قلبى هجيب موظف تانى بيشتغل عندى فى الشركه وواقعده نفس قعدتك دى وفى خلال يومين يكون مراجع عليكى هوا كمان يا كده يا مع السلامه ..بسيطه شوفتى ازاى ..هاه قلتى ايه يامريم انا مش فاضى ورايا حجات
قالت هاله بتحدى : اوك يا سالم بيه بعد بكره ان شاء الله هكون مخلصه الشغل
سالم متوعدا : 12 بالدقيقه
ابتسمت هاله وقالت فى تحدى : 12 الا خمسه
ابتسم سالم ابتسامه صفراء وقال : اما نشوف
انصرف سالم تاركا هاله وحدها
نظرت هاله حولها وتأملت محتويات الغرفه ثم شعرت باليأس لما ادركت حجم وكميه الاوراق الحقيقه
جلست هاله على الكرسى المقابل لجهاز الحاسوب
وقالت : بسم الله توكلت على الله هو حسبى هو نعم المولى ونعم النصير ...لا حول ولا قوة الا بالله