رواية حتة من قلبي الفصل السادس 6 بقلم تقي حامد
اضطرت براعم مجبرة الهبوط لتقابلهم، ورفضت تمامًا تدّخل ياسين حتى لا يتهور ويخرب كل شيء، جلسوا قليلًا وسط تأفف براعم وغيظها ولم تنس بالطبع أن تعدّل حجابها التي أصرت أن ترتديه، بينما سحر تتابع من أعلى الدرج وتضرب بقبضتها على كفها بتوتر، متجاهلة تمامًا إتصالات شقيقها المستنكر من إغلاق الباب في وجهه وعدم فتحه حتى الآن!
+
وسط الجلسة هبطت چويرية ركضًا على الدرج تصيح بـ
+
- ماما ماما
+
أنتفض الجميع واقفًا وكانت مديحة وسامح ينظران للصغيرة بتعجب!
+
ارتمت چويرية في أحضان براعم تقول ببراءة
+
- ماما هو بابا هيجي امتى؟
+
توسعت عين مديحة وشهقت متفاجئِة، بينما رمقت أماني الصغيرة بصدمة وعجز لسانها عن الحديث، بينما تبتسم ثروت بهدوءٍ!
+
تحدي سامح مستنكرًا
+
- ماما؟ انتي متجوزة؟
+
كادت أماني تتحدث فـ جذبها ثروت يرمقها بنظرة حادة، وهو يشير برأسه على ياسين الذي يتلصص عليهم من أعلى الدرج، فـ توقعت أن يكون هو من أخبر الصغيرة أن تفعل ذلك!
+
تحدثت مديحة في غيظ
+
- صحيح الكلام دا يا أماني؟ البت متجوزة؟
1
لم تجيبها أماني وظلت صامتة ساكنة، فـ التقطت حقيبتها وقالت
+
- ردك وصل، يلا يا سامح، يلا يا بنات
+
تحركوا جهة الباب وفتحه سامح ليصطدم بوجه فراس الذي كان يبتسم في خبث قائلًا
+
- ما لسه بدري يا عريس الغفلة
+
قـال سامح بإنفعالٍ
+
- انت مين انت كمان؟
+
تحدث ساخرًا وهو ينظر لبراعم بـترقب
+
- انا جوز المدام إن شاء الله
+
لكزت مديحة ابنها في كتفه هاتفة
+
- يلا يا ساااامح
+
مروا بجانب فراس الذي كان يبتسم بسعادة ويهدر بعلو
+
- نورتونا وشرفتونا
+
دخل فراس المنزل وأوصد الباب خلفه، رمق براعم بنظرة غامضة لم تستطع تحديدها، سرعان ما رسم بسمة ودودة على شفتيه وتحدث بتهذيب
+
- أنا فراس، أخو سحر، محتاج أتكلم مع والد الآنسة براعم شوية من فضلكم
+
استند ثروت على يد الأريكة ونهض يستند على عكازه قائلًا
+
- اتفضل يا ابني في الصالون
+
وتحرك فراس مع ثروت للداخل، بينما ابتلعت براعم ريقها عدة مرات بتوجس، ونظرت لوالدتها بـخوفٍ مستتر ونبضات قلبها تعلو رويدًا رويدًا!
+
ركضت چويرية ناحية ياسين بالأعلى ووقفت أمامه قائلة بفخر
+
- شوفت سلكت الموضوع ازاي؟ إيدك بقا على حلاوتي
+
رفع حاجبه بتعجب
+
- ايوه عايزة ايه يعني؟
+
- عايزة فلوس يا ياسين صحصح معايا
+
قبض على أذنها يقرصها بخفة هاتفًا من بين أسنانه
+
- بت لمي روحك، ياسين ايه دا انا أبوكي.
+
دبدبت على الأرض وصـاحت بتألم
+
- سيب ودني
+
تركها فـ فركت أذنها وأشهرت إصبعها أمامه وضيقت عينيها قائلة
+
- ربنا هيعاقبك على وجعي دا
+
ابتسم ساخرًا ودفعها من وجهها فـ تنحت جانبًا وهي تزفر بـحنق، تراه يهبط أمامها ببرود وكأنه لم يؤلمها منذ قليل!
ببطء ارتسمت بسمة ماكرة تعلو شفتيها، ثم استدارت راكضة!
4
❀❀❀
+
غمغم ثروت بهدوءٍ
+
- عايز تتجوزها يعني؟
+
أومـأ فراس وهو يمسح حبيبات العرق المتكومة على جبينه بالمنديل الورقي، ومن ثم تحدث بتوتر
+
- شـ..شوفتها مرتين وأُعجبت بيها
+
رفع ثروت حاجبه وتحدث بخشونة
+
- مرتين وأعجبت بيها؟ تيجي ازاي دي؟
+
تنحنح وأردف
+
- ما هو أنا بقول نتخطب فترة وبعدين ربنا يحلها من عنده، ونكتب الكتاب فترة برده ولو لا قدر الله ما ارتاحتش نفركش يعني
+
شبّك ثروت أصابعه ببعضها وعاد بظهره للخلف قائلًا
+
- والله مقدرش أحدد، محتاجين رأيها الأول، ومعتقدش إن بعد اللي حصل دا هي هتوافق
+
سيطر الإحباط على معالم وجهه ولكن بعد كلمة ثروت تجدد الأمل من جديد
+
- هنسألها وإن شاء الله توافق
+
تنفس يُريح صدره من هم رفضها، يريد أن يبث عقله وقلبه أنها ستوافق، وفي القريب العاجل ستُصبح زوجته وحلاله
+
❀❀❀
+
دخل ناصر المنزل يصفر بإستمتاع والفرحة تملأ صدره بعد مقابلته بـعشق، وقف قبل أن يصعد للأعلى يرمق العائلة المتجمعة بالردهة في تعجب، وتساءل
+
- متجمعين عند النبي، فيه ايه؟
+
لم يجيبه أحد، حتى وداد الثرثارة لم تجيبه!
فـ تعجب أكثر وجلس بجانبهم يسند ذقنه بكفه مثلهم ويطالعهم، أما ياسين فـ انصرف من مدة وخرج يسير بالطرق بلا هدف، يرغب في الإختلاء بنفسه والتفكير جيدًا في موضوع "چويرية"..تلك الصغيرة التي أقتحمت حياته دون سابق إنذار وحطمت قوانينه...
+
رأى طيف أحدهم يركض من بعيد، فـ تغضن ما بين حاجبيه وركز بصره عليها...
رآها تركض تجاهه وتلتفت حول نفسها بـفزع، وفي ظل ما كانت غافلة تنظر خلفها اصطدمت به ولا إراديًا تمسك بذراعيها يسندها، رفعت بصرها لتستقر عليه، تنفست بإضطراب..
أما هو فـ عقد حاجبيه بتعجب وقال
+
- انتي!
+
ابتلعت لعابها بتوجس، واستمعت لصوت ذلك البغيض الذي كان يحدثها بألفاظٍ بشعة
+
- البت دي تلزمني يا زميلي
+
رفع حاجبه وعاود ببصره إليها، فـ همست برجاء
+
- ساعدني بالله عليك
+
زم شفتيه بعدم إكتراث، ونظر للبغيض قائلًا
+
- تعالى خُدها!
+
اقترب منهم وهو يبتسم بـشر، ويطالع "روان" بنظرات توحي بنيته السوداء، أما هي فـ كانت ترتجف كالدجاجة، مدّ يده ليجذبها ولكن أستوقفته يد ياسين التي امتدت وقبضت على يده، وقوله البارد
+
- انا قولت تعالى خدها، عارف هي ايه اللي هتاخدها؟
+
عقد البغيض حاجبيه بإستغراب، فـ استكمل ياسين ببسمة هادئة
+
- اقصد تآخد دي يا روح أمك
+
ختم جملته بلكمة وجّهها للشاب، أعادته عدة خطوات للخلف وهو يضع يده على عينيه يتأوه ألمًا، فـ استأنف ياسين
+
- قرب خليني اديك واحدة كمان!
+
صرخ الشاب بفزع واستدار راكضًا، بينما زفرت روان بإرتياح، واستدار لها ياسين يرمقها بنظرات جامدة صلبة!
+
❀❀❀
+
- اختفيتي فجأة ليه؟ اتكسفتي؟
+
نكست رأسها بخجل وأردفت
+
- اتكسفت انزل وأقلع الحجاب تاني! زي ما تقول لزق عليا ومقدرتش أقلعه ولا جالي قلب!
+
تنهـد فراس منهكًا وقال
+
- ومكنتيش بتردي على سحر ليه؟
+
فركت يديها المتعرقتين ببعضهما في توتر وقالت
+
- اتكسفت بقا من الموقف اياه
+
ابتسم بهدوءٍ وتحدث بتهذيب
+
- ويا ترى موافقة تكوني زوجة ليا؟
+
تلعثمت وهي تجيب
+
- يـ..عـ..بص هو...
+
قاطعها
+
- خدي وقتك، فكري براحتك أنا مش مستعجل، ولو مش موافقة أنا راضي باللي ربنا كاتبهولي!
+
زاغت عينيها مُسلطة بصرها على السجادة قائلة
+
- إن شاء الله
+
ازدادت دقات قلبها فجأةً عندما رأته ينهض، وقـال
+
- همشي الوقتي ولما تفكري...كلمي سحر قوليلها
+
أومـأت بتوتر ونكست رأسها ثانيةً، بينما خرج فراس من الغرفة المُطلة على الردهة والتي كان بابها مفتوحًا، فـ تنفست الصعداء وقد زال توترها وخجلها تمامًا!
+
❀❀❀
+
-نازلة السعادي تعملي ايه؟
+
هاجمته بعدوانية
+
- وانت مالك؟
+
رفع حاجبه متعجبًا من وقاحة تلك الفتاة!
+
- لأ ما هو لو مش ملاحظة انا لسه مخلصك من ايده الوقتي!
+
عضت على شِفتها السُفلية وقـالت بإرتباك
+
- مـ..مـعلش، انا آسفة بس....
+
صاح وهو يصفق بيده
+
- يا فرج الله، دي بتقول آسفة....الحمدلله..الحمدلله
+
تحدثت بحدة
- ليه حد قالك اني قليلة الذوق زيك؟
+
عض على شِفته بـتوعد وأردف وهو يقترب منها بمقدار خطوة
+
- بت انتي..انا لو كحيت في وشك كحة هتطيري، أقصري الشر واتلمي
+
زفـرت ساخطة، فـ بادر بالإكمال
+
- اخلصي نازلة السعادي ليه؟
+
تحدثت بإستسلام
+
- نزلت أجيب دوا لماما
+
- منين؟
+
هتفت وهي تشير على مكانٍ ما
+
- من الصيدلية اللي هناك دي
+
تنهـد قائلًا وهو يسير متجاهلها
+
- ورايا
+
دبدبت على الأرض بحنق واضطرت مُجبرة السير وراءهُ
2
❀❀❀
+
فتحت "عشق" باب المنزل ودلفت إليه والإبتسامة لا تُفارق وجهها، ارتمت على الأريكة بجانب والدتها وتحدثت بسعادة
+
- مساء الفل على عيون رورو القمر
+
تبسمت "رجاء" بـحنان وناظرت إبنتها قائلة
+
- حمدلله ع السلامة يا عيوني
+
ربتت عشق على يدها قائلة
+
- الله يسلمك يا حبيبتي
+
التفتت حولها تبحث عن أحدهم وقالت متعجبة
1
- اومال روان فين؟
1
عاودت رجاء بنظرها للتلفاز تضع قطعة من اللب في فمها
+
- نزلت تجيب الدوا
+
أومـأت لها عشق ونهضت هاتفة
+
- هدخل اغيّر على ما روان تيجي وأجي اقولكم حاجة مهمة
1
هزت رجاء رأسها بلا مبالاة وسلطت نظرها على التلفاز تتابع الفيلم بإنتباه
+
❀❀❀
+
أعطاها الحقيبة البلاستيكية وهتف ببروده الطاغي
+
- امسكي الدوا اهو، الروشتة جوا في الكيس، يلا يا شاطرة جري ع البيت
+
استدار ليرحل فـ هتفت بغيظ دفين
+
- استنى خد الفلوس!
+
قلّب عينيه بملل وقـال بينما يتحرك للذهاب
+
- خليهملك اشتري بيهم شوكلاته ولا آيس كريم ولا حاجة
+
توسعت عينيها بدهشة من هدوءه، أو بالأحرى من سخريته الواضحة منها، منذ أن تعرفت عليه ولا ترى منه سوى الوقاحة فقط!
+
❀❀❀
+
- ايوه يعني ردك ايه الوقتي يا براعم؟
قالتها سحر عبر الهاتف..
+
أجابتها براعم التي تقرض أظافرها بإرتباك
+
- مش عارفة يا سحر، مش عارفة!
+
تنهـدت سحر وهتفت بصوتها الهادئ الذي يُريح براعم دومًا
+
- بصي اهدي كدا وصلي ع النبي وقومي صلي إستخارة..وإن شاء الله ربنا ييسرلك الحال
+
اومـأت براعم وأغلقت معها فورًا، حقيقةً...هي لا تعلم كيف تُصلي! لذا يلزمها إستعانة باليوتيوب!
+
❀❀❀
+
وقف ياسين في شرفة غرفته ينفث من سيجارته بشراهة، شاردًا في أحواله التي تغيرت منذ دخول تلك الصغيرة حياته!
+
وضعت المقعد الصغير التي جاءت تحمله بصعوبة ووقفت عليه، مدّت يدها والتقطت السيجارة تُلقيها في الشارع قائلة
+
- السجاير مُضرة
+
رمقها بنظرة غريبة وهتف
+
- صاحية ليه لحد الوقتي؟
+
رفعت منكبيها بلا مبالاة
+
- أجازة بكرا من المدرسة، قولت أجي أشوفك بتعمل ايه
+
ابتسم متهكمًا وأردف
+
- ليه فاكرة انك مراتي؟
1
هزت رأسها نفيًا وقالت
+
- تؤ تؤ، فاكرة نفسي بحاول أساعدك بدل ما نجيبك من المستشفى المرة الجاية
+
- انتي طالعة لمين كدا؟
+
ضحكت بطفولة
+
- طالعة ليك
+
ضحك بخفة وعاود النظر للسماء يتأملها
+
- تعرف يا ياسين..ماما كانت بتقولي ان اللي بيموت بيتحطله نجمة في السما الكلام دا بجد؟
+
هـدر ياسين بعنف
+
- أمك دي....
+
بتر جملته عندما رأى نظرتها البريئة تجاهه، فـ تنهد يائسًا وأردف
+
- معرفش
+
زمت شفتيها بيأس وهتفت
+
- كان نفسي أعرف اوي
+
تحدث تلقائيًا
+
- اطلعي رائدة فضاء وانتي تعرفي
+
تحدثت بسعادة
+
- هو ممكن؟
+
اومـأ لها بتأكيد
+
- ممكن اوي
+
وابتسمت بحماس!
تحرك ياسين ليدخل وحملها يُنزلها أرضًا يقول بنبرة ناعسة
+
- خشي نامي يلا
+
تشبثت في يده قائلة
+
- ممكن أنام معاك؟
+
نظرتها البريئة وبشرتها الحليبية..خصلاتها الناعمة وطفولتها التي تُحرك غريزة الأبوة تجاهها، جعلته يوافق بلا تفكير!
+
❀❀❀
+
غمغمت روان بتفكير وهتفت بعدها
+
- قولتيلي اسمه ايه؟
+
أجابتها عشق ببسمة ماكرة
+
- مش هقولك
+
رفعت حاجبها بحدة وهتفت
+
- هو لعب عيال؟ ما تنطقي يا عشق!
+
هزت رأسها بنفي وقالت بإستفزاز
+
- تؤتؤ، ممكن أقولك حرف من إسمه
+
قلَّبت عينيها بـملل وأومـأت موافقة، فـ قالت عشق
+
- ألف مد
+
- وربنا؟
+
أومـأت عشق ببلاهة وهتفت
+
- ايوه..حرف من إسمه..موجود في النص كدا
+
لوت روان شفتيها بـحنق وهي تستعد للنهوض من على فراش شقيقتها
+
- وكسة توكسك انتي وهو
+
ارتدت خُفها وتوجهت للباب وقبل ان تفتحه استدارت وقالت
+
- علفكرة كدا كدا هعرف اسمه..ما هم جايين بكرا على حدّ قولك
+
لفت عشق خُصلة من شعرها على إصبعها وقالت
+
- وقتها بقا
+
زفـرت بضيق وخرجت من الغرفة صافعة الباب خلفها، فـ ارتمت عشق على الفراش تتنهد بحالمية
+
❀❀❀
+
أغلقت روان باب غرفتها وجلست على فراشها، لوهلة تذكرت ماضيهم..تذكرت والدها..من كان سببًا في عقدة شقيقتها وبُعدها عن كل ما هو ذكر حرصًا، ليأتي هذا المجهول ويغير نظرتها..وقريبًا سـتُخطب له، ولكن يا ترى..هل ستستطيع هي أو شقيقتها نسيان فعلة والدهم الشنيعة بحقهم وبحق والدتها بالأخص؟!
1
#حتة_من_قلبي❤
+
*___________________*
+
الفصل الأخيـر المرة الجاية..وننتهي❤
الآراء تهمني علفكرة😂♥
+
#دمتُم_بخيـر🕊
+