اخر الروايات

رواية اريدك في الحلال الفصل الثاني والخمسون 52 والاخير بقلم ايمان سالم

رواية اريدك في الحلال الفصل الثاني والخمسون 52 والاخير بقلم ايمان سالم 



                                    
الخاتمة 
الجزء الاول

+


تفاجئت عندما دلفت غرفة النوم..
تنظر امامها بذهول عندما وجدت بعض اغراض لها تركتها سابقا مرغمه ..كيف اتت اغراضها إلي هنا .. من جاء بها .. ابتسمت نصف بسمة خائبة حزينة فمن سيفعل ذلك غيره من سيتكلف عناء احضار اغراضها دون مصلحة سواه؟
تتراقص الدموع في عينيها المها ..طعنها من جديد في مقتل .. لماذا انقذها لماذا لما يتركها تموت لعلها ارتاحت من الالم الذي داهم كيانه عنوة الان آه من قساوة تلك الدنيا.. لماذا فعل ذلك إن كان لم يغفر بعد اغمضت عيناها لحظة تحاول التماسك واسرعت للداخل تفتح الخزانة لترى ملابسها متراصة بعناية .. تفكر متى احضرها وكيف اخرجها من الفيلا ..هل سمح له ابن عمها بتلك السهولة .. بالطبع لا فهو خسيس وضيع تفكر كيف استطاع فعلها ومتى فالواضح انها هنا منذ فترة .. لكنه ليس اكثر من تخمين.. تتطلع حولها بقلب مرتجف ترى احذيتها عطورها زينتها حتى صندوق الحلى الخاص بها اتجهت لهذا الصندوق لا تصدق حتى مجوهراتها اعادها لها .. اطلقت آه ضعيفة من قلبها المعذب كيف ستشكره على كل ما يفعل كيف؟ وهو حتى صوتها لا يريد سماعه!!... حملت الصندوق بأكف مرتجفه ثم جلست على الارض بإهمال تفتحه فرأت الكثير من مجوهراتها الثمينة والعادية كم انتعش قلبها برؤيه تلك الاشياء البسمة زينت وجهها الحزين فكانت صورة رائعة تمس القلب دون حديث 
كادت تغلق الصندوق لكنها تذكرت خاتمها بل خاتمهم.. ففتشت عنه جيدا لم تجده شعرت بالغرابة والفزع أين ذهب افرغت الصندوق امامها ارضا تبحث عنه بدقه اكبر عله كان في جزء مخفي عن عيناها بعد عدة دقائق من البحث الدقيق .. كانت النتيجة المؤسفة انه غير موجود .. رفعت عيناها في حزن كبير تنظر امامها في خيبة كبيرة .. حتى الذكرى الوحيدة بينهم ضاعت .. كانت تتمنى ان تجده .. لكانت وضعته في اصبعها على الفور وحتى دون رابط .. تريد أن تشعر بقربه حتى ولو من طرفها هي فقط ..هذا الاحساس الدخيل على نفسها مؤلم وما يفعله معها يؤلمها اضعاف ذلك الشعور ..تبا له ولهذا الشعور معا

1


تركت المجوهرات ارضا ونهضت تخلع قميصها الطويل وقبل ان تقذفه ارضا شهقت برعب العالم وهي ترى ظل لشخص خلفها
ولم تكن سوى الفتاة التي تساعدها في المشفى .. «الممرضة» عبست تفكر ماذا جاء بها الي هنا فهي تحسنت تماما .. فسألتها بعد انفاس مرتجفة، عالية ورعب كبير: أنتِ مين وبتعملي ايه هنا؟!
ابتسمت الفتاة برقة متحدثه: اسفه لو خوفتك فكرت انك عارفة بوجودي انا هنا هبقي مساعدتك اعتبريني مديرة منزل او ايدك اليمين لو تحبي واهدتها بسمة مرحة رائعة 
لم تهتم ببسمتها وعبست مجددا هاتفه: مش أنتِ بردة الـ الممرضة
اتسعت ابتسامتها وقالت بمكر: ماشاء الله لسه فاكراني اهه ذكرتك حلوة امال ليه بتسألي ؟!
اجابتها جمانة بصفاقة: طبعا لازم افتكرك لان الكلام ده كان انبارح مش من سنة؟!! ورفعت حاجبها في تحد 
شعرت الفتاة بالحرج فاجبتها بهدوء: ماهر بيه طلب مني مرفقتك هناك في المستشفى من البداية وبعدين اكمل هنا شغلي 
اتسعت عينيها بذهول تام لا تصدق انه فعل ذلك هل كان خائف عليها لتلك الدرجة من ان تؤذي نفسها مجددا ام ماذا يقصد بذلك؟ 
لا تعلم لكن هناك شعور خاص ضرب قلبها بقوة ابتسمت له فظنت الفتاة ان تلك البسمة لها فاشرق وجهها تحدثها باشياء لم تسمعها جمانة وهي تبتعد عنها لتجلس على اريكة صغيرة في تلك الغرفة مغمضة عيناها بتعب
عندما رأتها الفتاة بتلك الحالة تركت لها الغرفة لتختلي بنفسها 

+



                
الايام تمر بطيئة مؤذية لشعورها كليا في البداية كانت مستمتعة ببعض انفاسه التي كانت هنا يوما ما، لكن الان المكان اصبح قاسي تمام كالجو المحيط بها..وقفت في الشرفة بملابس خفيفة للغاية لا تناسب هذا الجو المحيط الهواء يضرب جسدها الذي ضعف كثيرا بشدة وذراعها مفرودتان قليلا لجوارها في حركة وكأنها تسبح في الفضاء ..تحلق عاليا ..مغمضة العينين تتلذذ بتلك الضربات والنسمات القوية .. لا تعلم هل تنتقم من روحها ام تهفو روحها للخلاص من كل ما تعيشه الان

+


جاءت من خلفها الفتاة المرافقة تحدثها بقلق وهي تمسك شالها تضمه لجسدها باحكام خشية ان يدخل بعض الهواء لجسدها النحيل فترتجف أكثر«وقفه كده ليه يا جمانه الجو برد جداا»
اجابتها ومازالت على وقفتها: الجو حلو لو بردانه ادخلي أنتِ أنا مرتاحة كده
برقت عيناها بذهول كيف يكون "حلو" كما تصف ويكاد الهواء يدفعها للخلف لو تركت نفسها له ..ارتجفت شفتاها مع النسمات الباردة للغاية وهتفت تضغط على الحروف بشدة: حلووو ..طب حتى البسي حاجة تقيله كده هتتعبي اسمعي الكلام بلاش عناد الله يخليكِ
لم تجبها جمانة وظلت كما هي فاسرعت الفتاة للداخل تجلب لها شالا صوفي ثم وضعته على اكتافها بحزم متحدثه: البسي ده ورفعت اكفها تساعدها على ضم الشال اجباريا مؤكده لو سبتيه هدخلك جوه بالغصب اه انا مش ناقصة تتعبي مني 
تنهدت جمانة ببطء تنفذ امرها لم تعارض رغم الرفض القائم بداخلها ومع اطمئنان الفتاة ودخولها ..رفعت جمانة يداها عن الشال ليسقط عن اكتافها ارضا ..بينما رفعت يدها اعلى اكثر من قبل .. كانت تشبه طائر يحلق في الظلام .. يخاف الضوء والاعداء بات وحيدا لا قريب ولا صاحب ..تزداد البرودة وتتضاعف رجفة جسدها وهي كما هي لم تحاول الابتعاد ظلت على وضعها حتى شعرت بأن جسدها تجمد بالفعل ولم تستطع الحركة ولو خطوة واحدة حاولت بجهد كبير حتى حان منها حركة خاطئة سقطت على باب الشرفة فانفتح الباب ووجدت جسدها يصدم بشيء صلد .. لم تستطع الصراخ فقط انات خافتة وطيف من صورة مهتزه وصورة ضبابية لفتاة تحاول الصراخ برعب ان جسدها اصبح بارد كلوح الثلج خالي من الحياة وكان هذا آخر مشهد رأت بعضه قبل ان تغيب تماما عن الوعي

3


فتحت عينها بعد وقت لا تعلم عدده تشعر بألم في معصمها وكأنها قرصة بعوضة لحوحة لا تريد الابتعاد عنها اسبلت ترى ماذا هناك فوجدت ذات الفتاة تضع لها محلول غرس في وريدها اجباريا فزفرت بحنق داخلها ثم حاولت النطق ببطء هامسة: ايه اللي حصل؟! بتعملي ايه في دراعي؟!
اجابتها بعد وقت وهي تضع يدها على جبهتها: الحمدلله أنك فوقتي .. ثم احتدت بعدها متحدثه بغضب: مش قلت لك هتتعبي مسمعتيش كلامي، ادي النتيجة اهي،عجبك كده؟!
حاولت جمانة النهوض فخارت قواها فسقطت كما كانت مع ارتفاع صوت توجعها ..فاقتربت الفتاة متحدثه بلين مخالف لما كانت عليه منذ قليل: براحة اساعدك عاوزه تقومي
اومأت جمانة فساعدتها على الجلوس ووضعت خلفها عدة وسائد
جلست امامها تلومها وكأنها طفل صغير فضلت اقولك ادخلي الجو برد، هتتعبي الجو برد مسمعتيش كلامي وبعدها توقعي من طولك على الارض جسمك زي الخشبة بس متلجة دا انتِ لو نويه تنتحري متعمليش كده في نفسك، ليه بتأذي نفسك بالشكل ده قالت الفتاة كلمتها الاخيرة بحيرة وحزن حتى ادمعت عينيها

+



        

          

                
كانت تستمع لها دون تأثر وبعد انتهائها قالت بصوت جاف وبعدين حصل ايه كملي 
تنهدت الفتاة ثم تابعت حديثها: جبت لك الدكتور هعمل ايه وفضلت اغطي فيكِ وادفي فيكِ لحد ما جسمك رجع تاني زي البنأدمين الطبيعين وبعدها بخمس دقايق عينك ما تشوف الا النور كنتِ فرن مولع في خمس دقايق بس فرن مش عارفة اطفيه
ابتسمت جمانة رغم الالم .. فضربت الفتاة كفيها مصاحبا لضحكة عفوية متابعة: او الله شكلك مش مصدق..صح؟!
اجابتها جمانة لتتابع: لا مصدقه كملي
الدكتور كتب لك محلول خدتيه وده التاني بس الحمدلله فوقتي اخيرا ده انا قلبي وقع في رجليا حرام عليكِ ده لو كان جرالك حاجة كان ماهر بيه قتلني
عبست جمانة في شرود وصمت
فسألتها الفتاة بصوت هاديء وكأنها تخشى افساد الهدوء اللحظي: اجبلك حاجة تاكليها أنتِ مكلتيش حاجة من وقت طويل 
رفضت بإيماءة من رأسها ومازالت في شرودها البعيد لكنها قطعته بعد لحظات متسأله: هو كان هنا؟
ارتبكت الفتاة بشدة ونهضت متحججه: يا مصبتــي الفرخه على النار زمانها اتحرقت واسرعت تركض للخارج تحت نظرات جمانة المتعجبة والمتفحصة في آن واحد!
تحاملت على نفسها رغم الالم ونهضت تدور وتبحث حولها علها تجد اثر له يريح قلبها البائس .. عله مازال هنا ولم يغادر بعد وتكن افضل فرصة اسداها له منذ أن عرفته
على الطاولة البعيدة في اخر الغرفة وجدت شيء ابتسم له قلبها .. منديل تعلم جيدا انه له فهو من يستخدم تلك النوعية الفريدة لم تراها مع غيره من قبل .. رفعت المنديل بين اصابعها المرتجفة تستنشقه 
وقلبها يصرخ «آه يا ماهر بقيت تيجي وتروح حتى من غير ما تفكر تشوفني للدرجة دي انت شايفني وحشه، مش قادره الومك ليك حق تعلم كده واكتر وادمعت عيناها بحرقة شديدة وسقطت دموعها بتتابع مهلك »

+


دلفت الفتاة فوجدتها بتلك الصورة ممسكه المنديل بين اصابعها تضعه على انفها وسابحه في ملكوت بعيد فقط دموعها تتساقط حتى دون صوت وكأنها قطعة من الجليد تذوب تعجبت واقتربت تحدثها بخوف: مالك يا جمانة تعبانة؟
تنفست بقوة وهي تخفض المنديل تطبق عليه جيدا بين اصابعها تخفيه عن عينيها وتمسك بكفها الاخر يد الفتاة في تصميم وكأن المرض غادر جسمها وامرتها بعيناها ان تتبعها حتى جلست جوارها على اريكة صغيرة في الغرفة سألتها دون مواربة: احكي لي اللي حصل كله من وقت ما ماهر جه متخبيش عليا كلمة ارجوكِ

+


ارتجفت لرجاءها ان تحكي ما هو غير مسموح به بتلك الصورة ثم عقت الفتاة شفتيها وهتفت بيأس وضعف: بس هو قالي متقوليش إني كنت هنا! عرفتي منين انه كان هنا؟!
اجابتها ببسمة صادقة: عرفت وأنتِ مقولتيش حاجة أنا عرفت لوحدي اتكلمي واوعدك الكلام هيكون سر بينا
نظرت لها الفتاة بشك وهتفت بتردد وعد وعد
اجابتها جمانة وعيناها تتسع بترقب لما سيقال وعد
انطلقت الفتاة متحدثه بطريقة غريبة تحمل من الدفء شيء لا يقاوم: اه لو تعرفي كان هيتجنن عليكِ ازااي لما عرف إنك اغم عليكِ ولم عرف السبب واني سبتك واقفه في البلكونة في الهوا حسيت انه عاوز يخنقني بإيده.. فضل جمبك لحد ما الدكتور وصل .. وفضل هنا لحد ما بدأتي تفوقي .. ساعتها نبهني اني اسكت ومش اقول انه كان هنا ومشي .. ثم نظرت لها هامسة بقلق: أنا مليش دعوة كاني مقلتش حاجة يا جمانة

+



        
          

                
ربتت على كفها بشرود ثم سألتها متردده: متخافيش بس تفتكري هو بيعمل معايا كده ليه؟
انشق وجهها ببسمة رائعة بريئة وقالت برقة: واضح اووي انه بيحبك
ارتفع حاجبها قليلا في شك
فاكدت الفتاة هامسة: مش عاوزه كلاااام دي
ابتسمت جمانة ونهضت بوهن من على الفراش .. فهتفت الفتاة من خلفها بخوف وتحذير: اوعي تتطلعي البلكونة تاني الله يخليكِ
اومأت لها في صمت ووقفت امام النافذة.. الليل منتشر في الارجاء .. تتطلع للسماء تراها صافيه بشكل يسلب القلوب وهناك بعيدا نجمة تضيء على استحياء كانت مجاورة للقمر السماء خالية من كل شيء عاداهم ..كانت وكأنها تهمس للقمر بكلمة سرية او تستجدي عطفة لتكون قريبة منه ..اغمضت عيناها وانساب خطان من الدموع ناعمان على وجنتيها 

+


انسحبت الفتاة للخارج تزفر بحرقة، تركتها قليلا ربما تريد الخلوة مع نفسها وانتهزت الفرصة لتبعث رسالة لماهر مضمونها انها تحسنت ونهضت من فراشها منذ قليل فليطمئن

+


على الجانب الاخر يجلس في الحديقة يريدي معطفه الاسود عندما وصلته رسالتها تنهد براحة لقد اطمئن عليها اخيرا وانها الان اصبحت افضل .. زفر بحنق وعقله يستعيد الساعات الماضية بصقيع مليء قلبه وكيانه لقد اعادته لحياته القديمة والتي ما تركها في الاساس سوى بسببها
تنهد بيأس واغمض عيناه للحظه
فتذكر حينما رأى شحوب وجهها .. وجسدها البارد وكم شعر بالخوف والرعب ان تكون فارقت الحياة ..كم مر الوقت ثقيل عليه حتى اتى الطبيب وطمئنه انها مجرد التهاب رئوي عادي وانه لا يجب ان يقلق بتلك الصورة المفزعه
لكن هيهات ظل القلق مرافق له منذ ان دخلت حياته وكأنها تعويذه اطلقتها وانتهى الامر لتقترن لديه بالصعاب
ينظر للقمر وتلك النجمة القريبة منه بوجوم يتخيلها هي آه كم تمنى قربها بتلك الصورة يحسد القمر على قربها الان كم هو محظوظ، لانه تمنى اشياء كثيرة لكنها لم تحدث .. لقد افسدت كل محاولاته .. بل قتلتها في مهدها ومازالت مصره على ارتكاب الاخطاء في حق نفسها .. تنفس بقوة يتطلع للنجمة بلوم وعتاب كبير وكأنها ستخبرها ما يجيش بصدره من حزن بل يراها الان وكأنها هي بالفعل 

+


رن هاتفه بنغمة رسالة وكانت من اخر شخص يتوقعه كانت منها هي «جمانة الخائنة» تجمدت يده للحظات برفض حتى اجبره فضوله لقراءه نصها «شكرا انك كنت جمبي في كل وقت بكون متحاجة حد يكون جمبي فيه رغم انها كانت تقصد "كل وقت بكون محتجاك أنت بالذات فيه " شكرا انك كنت جمبي حتى من غير ما اطلب منك ده وخصوصا بعد اللي حصل بينا»

+


اعتدل على المقعد يتنفس بقوة غير مفسره ينظر للهاتف بصمت وصلابه يفكر هل علمت بوجوده .. يتسأل هل اخبرتها الفتاة، كيف ذلك وهو اكد عليها الا تفعل؟!

+


ظل يقرء الرسالة مرة تلو مرة حتى ما عاد متذكرا لعدد المرات حتى الان رغم رفضه لمضمونها الا ان هناك جزء ملعون بداخله كان ينبض بعنف مع كل حرف يقروءه
لكنه هاتف الفتاة فاجبته سريعا بخوف: خير يا ماهر بيه
كان سؤال واحد يريد معرفته فقط فسألها بلهفه يحاول اخفاءها جيدا: أنتِ قلتي لجمانة اني كنت عندكم؟
ارتجفت الفتاة ثم قالت بقوة وهي مغمضة العينان: لأ
رفع رأسه للقمر والنجمة مجددا زافر بحنق مغلقا الخط دون اضافة المزيد
ظل على صمته يفكر الي ماذا تهدف بتلك الرسالة؟!
برقت عيناه بغضب وهو يفكر ربما ارادت استغلاله مجددا لكنه لن يفعل فلم يرد على رسالتها بشيء

+



        
          

                
ظلت تنتظر تبني امالا وجسورا بعيدة وفي النهاية لا شيء حتى قست عينها واصبحت كحجر ماسي صلد قوي، لكن النظرة المنكسرة منه خادشة حد الهلاك
تجاهله لها بتلك الطريقة كان كصفعة قوية نالتها بغتة فالمتها وهي لن تكن جمانة ان لم ترد الصفعة لمن فعلها مهما كان هو من .. فقررت ارسال رسالة اخرى ان لم تفلح الاولى فالبتأكيد ستنفع الثانية « ياااه للدرجة دي حتى شكرا مش قادر ترد عليها .. ! طب ليه بتعمل معايا كده ليـــه، بتحبني مش كده؟!»
رده كان كلمة واحدة لكنها كانت قاسية بطريقة لم تشعر به من قبل حتى انها لم تلقى بالا للكلمة الثانية وبماذا تفيد «شفقة .. ووصية »
الدموع تنهمر دون توقف "شفقة" هل ما يفعله معها بدافع الشفقة اين الحب التى تخبرها به "الفتاة " والخوف عليها كما تزعم .. هل ما يحركه نحوها الشفقة إذن فلتختبر هذا بنفسها ظلت الليل كله على تلك الحالة حتى جاء الصباح كانت عيناها حمراء بصورة مرعبة هيئتها غريبة الصمت يحيط المكان بشكل مقلق حتى ان الفتاة بعد استيقاظها اتجهت لغرفتها تطرقها مرة واثنتان دون رد فاسرعت تفتح الباب بخوف ربما اصابها شيء بالداخل لكن الكارثة التي واجهتها ان الباب مغلق من الداخل زفرت بحنق وهي تلفظ بعض الالفاظ النابية ..ظلت تطرق بقوة دون رد فلم يكن منها الا انها رفعت هاتفها سريعا تتصل بماهر ومن سيكون غيره ملجأها لها الان فهي حقا خائفة عليها من تهورها

+


عندما اخبرته على الهاتف لم يشعر بنفسه الا وهو امام الشقة ينهج بقوة لا يعرف كيف وصل اليهن بتلك السرعة؟
حتى انه لم ينتظر الاسانسير بل صعد الدرج كل درجتان ثلاثة معا بخوف كبير عصف قلبه على تلك المجنونة والتي بدأ في التفكير جيدا في وضعها في مشفى خاص بالمجانين ان كانت مازالت على قيد الحياة ليرتاح من جنونها كل يوم ..اظلمت عيناه وهو يتخيلها منتحرة مرة اخرى بطرق بشعة شيبت له رأسه كادت السيارة تنقلب به عدة مرات من شدة سرعته وهو قادم فلا يحق له ذلك 
ولم يمر وقت حتى بدأ في دفع الباب بقوة حتى فتح ليراها جالسة في صمت تام على الاريكة اجفل يظن ان اصابها شيء 
اقترب منها سريعا بخطوات واسعة يتفحص سكونها وعيناها الثابتة على نقطة في الفراغ يمسك كتفيها يهزها بعنف صارخا بإسمها
لم تنتفض لم تبدي اي رد فعل سوى رفعت عيناها الحجرية له كانت حمراء بدرجة المت قلبه انتفض جسده قليلا متفاعلا مع ضعفها لكن تحكم في ضعفه وهتف بقسوة وصلابة: بتعملي كده ليه .. بتعملي كده ليه؟!
فتحت فمها لتبصقها بوجهه كما فعل معها: شفقه
اتسعت عيناه بشكل خطير وضغط على كتفيها اكثر بشكل مرعب هاتفا: أنت خلاص اتجننتي
كانت الفتاة تقف على الباب تضرب صدرها برعب وخوف لمحها ماهر بطرف عينيه فهتف بصوت مدفعي امرا اياها: للمطبخ ومتطلعيش الا اما اندهك ..سامعة
انتفضت مكانها تتحرك سريعا حتى صدمت بالجدار خلفها فتأوهت وهي تبتعد للمطبخ يضرب وجنتيها في حركة خوف كبيرة تدعو الله ان يمر اليوم بسلام

+


دفعت يداه بقوة لا تعلم من اين جاءتها وقالت بصوت حاد: ابعد عني .. لم انت شايفني مجنونة ايه يخليك لسه متمسك بالمجنونة دي .. الشفقة مش كده
زأر بغضب العالم وامسك معصمها بقوة كادت اصابعه تنهش لحمه متحدثا بفحيح: لسه معملتيش ايه تاني عشان اكرهك أنتِ ايه يا شيخه .. انتِ ايــه
هتفت بمرار ووجع: أنا رخيصة مش كده
اهتزت حدقتي عيناه من كلماتها نعم قالها سابقا لكن سماعه لتلك الكلمات من بين شفتيها بتلك الصورة ضربه في منطقة خطرة .. اراق دماءه
دام الصمت بينهم .. كانت تئن لامسكه معصمها بتلك القوة ..فمالت عيناه لكفه فشعر بتأنيب الضمير فتركها ببطء وكأن اصابعه لا تريد أن تفعل تريد الاطباق عليها عمرا
تركها والتفت مبتعدا خطوتان ظنته سيغادر وهو ما كان سيفعل دائما ما تستعجل الامور فهتفت بصوت حاد متهور: جبااان وهتفضل طول عمرك جباان
تشنجت عضلات جسده دفعه واحدة ..فعضت على اصابعها ندما لما قالت
هدر دون ان يلتفت لها بقسوة: أنا اللي جبان ومنحل وخاين شوفي نفسك وبعدين اتكلمي
شهقت لوصفه لها بتلك الصفات تلقتها كصفعات قوية مبرحة
ارتجف جسدها وهي تتجه له تهتف من خلفه بقسوة: ولما انت شايفني كده لسه باقي عليا ليه جايبني بيتك له انقذتني ليه مبسوط بتعذيبي ده مش كده احب اقولك انا نجحت بجدارة وانا بتعذب بس تعرف انا لازم اشكرك لانك محيت حبك من قلبي وبقيت بكرهك ايوه بكرهك بكرهك 
التفت لها ولم يدري كيف طاوعته يداه في صفعها كان كمشهد مسجل له وهو غائب عن الوعي .. لم يشعر بأنه موجود الا بسماعه لصوت تألمها فاغمض عينه لحظة واحدة وفتحها ليصدم بمنظرها وهي ملتصقة برجل المنضدة تتألم وسيل من الدماء ابعث من اين لا يعلم؟
كل ما عرفه في تلك اللحظة ان قلبه سقط اسفل قدميه ندما وليت الندم ينفع في كل حين

1



        
          

                
في المشفى...
يقف منذ ساعة...
يحدق في الفراغ بلا هدف ...
يراها متضررة ...
لا قربه ولا بعده شافع معها ...
ماذا يفعل يقتل نفسه هو ليرتاح مما هو فيه...
رفع رأسه عاليا يطلب الصبر فكم ما يعيشه قاسي دون حدود ..
مع خروج الطبيب اسرعت اقدامه دون ارادته خوفا ولهفه لم يستطع سؤاله كان اجبن من ان يسأل خائف عليها ..فهتف الطبيب يحاول التخفيف عنه لان من عيناه علم دون قول انها تقربه بشدة: الاشاعة كويسه مجرد ارتجاج بسيط وكام غرزة مش مستدعي القلق ده كله
اخيرا خرج صوته متسائلا: يعني هي كويسه
اومأ الطبيب مؤكد: الحالة مستقرة مفيش اي داعي للقلق
كاد يهتف للطبيب ان يجعله يخبر قلبه ليصمت عن الصراخ بداخله قليلا لكن عيناه انخفضت متسائلا: هتقدر تخرج امتى
ابتسم الطبيب لو حابب النهاردة مفيش مشاكل لكن انا افضل انها تفضل لبكرة تحت المعاينة زيادة اطمئنان
اومأ للطبيب فهتف وهو يغادر: حمدلله على سلامتها هينقلوها دلوقت غرفة عادية تقدر تشوفها وتطمن عليها
«تشوفها وتطمن» كم هي كلمة بسيطة لكن في قاموسه هو وجمانة هذه الكلمة تحديدا صعبة للغاية فالاطمئنان ابعد ما يكون عنهما منذ ان عرف كل منهم الاخر
اغمض عيناه والوقت يمر ..
دخل الغرفة ..
فكانت صامته بصورة مريبة لم ينفعل بدخوله ..وهو الذي ظن انها ستدفعه باي شيء جوارها لتقتله انحدرت عيناه الما وهو يرى جبهتها ملفوفه بشاش ابيض اسبلت عيناه غير قادر على التحمل وخصوصا انه السبب فيما حدث لها 
فاقترب متحدثا: عاملة ايه؟ رغم قلة الحروف الا انها كانت دافئه بصورة رائعة 
تطالعه بعينان ثابتتان واخيرا نطقت بصوت باهت شعر بأنه بعيدا للغاية يفقد اثره: أنت مين؟
اهتزت حدقتي عيناه برهبه كيف لا تعرفه ماذا حدث له بالله والطبيب يخبره انها بخير اقترب متحدثا بخوف جلي في عيناه: جمااانة أنت مش عارفة انا مين بجد؟
اومأت بنفي كان كمطرقة نزلت على صدره حطمته لشظايا
ابتعد عنها وعيناه تسبل يتسأل ماذا حدث لها ..ولم يجد نفسه الا وهو يقتحم غرفة الطبيب كمجرم متحدثا بكل صفاقة عرفة يوما: أنت دكتور أنت؟ .. ازاي بتقول انه كويسه وهي مش فكراني ازااي
انتفض الطبيب عندما دلف الغرفة بتلك الطريقة الهمجية ..لكن الانتفاضة الاكبر كانت لكلماته البذيئة والتي لم يتوقع سماعها من شخص مثله مطلقا ..التف الطبيب حول مكتبه وتقدم منه ومازال ماهر واقفا على باب الغرفة ممسك مقبض الباب في يده وكأنه يحتمي فيه كي يمنعه من ان يرتكب حماقه في حق احد الان
قال الطبيب بطريقة عمليه: ده مس اسلوب للكلام ابدا انا ممكن اطلب لك الامن لكن انا هراعي حالتك وقلقك ابعد كده وغادر متجها لغرفتها من جديد ينوي فحصها

1


مر الوقت بطيء للغاية حتى خرج الطبيب من غرفتها وجد ماهر ملتصقا بالباب وكأنه حارس امني ازدرد الطبيب ريقه متحدثا بهدوء: اتفضل معايا مكتبي نتكلم هناك عشان المريضة
كان الباب مازال مفتوح فحانت منه نظرة للقابعة هناك بسلام تااام، هو يموت وهي ولا على بالها شيء اه كم يريد الان تحطيم المشفى على رأس الجميع، لكنه جذب الباب بعنف متحليا باخر نقاط الصبر لديه واتجه خلف الطبيب يتبعه في صمت

+



        
          

                
انتفضت من بالداخل على صوت اغلاق الباب وظلت في شرود باهت دون حراك

+


في مكتبه ..
يحدثه بتوتر: ممكن يكون حصل لها فقدان ذاكراة
"بس أنت مقولتش ده من البداية " قالها بصوت حاد وهو ويطرق المكتب بعنف
اتسعت عين الطبيب وقال بصوت باهت غاضب: يا استاذ ماهر مينفعش الا حضرتك بتعمله ده انت في مستشفى محترم وانا دكتور ليا اسمي ممكن تهدى واتفضل اقعد نتكلم بهدوء
زفر بقوة وهو يجلس كمن على روؤسهم الطير يستمع لما يقوله الطبيب يحاول كبح غضبه للنهاية

+


مساء
يقف امام غرفتها بقلب عليل ..
يغمض عينيه بحزن والم فكلمات الطبيب كانت قاسية عليه .. يتخيل لو حدث الاسوء وظلت فاقدة للذاكرة ضغط اسنانه بغضب كيف سيسامح نفسه وهو السبب هل الحب لعنة لتلك الدرجة هل وجوده لجوارها يسبب لها الاذي ام هي نفسها من تجذب الاذي كمغناطيس قوي
فتح الباب بهدوء ..
كانت نائمة على الفراش الابيض بوجه شاحب ..
ازدرد ريقه بألم وهو يقترب منها ..سحب مقعد وجلس لجوارها يتأملها في صمت تااام .. مرت لحظات كان يتذكرها منذ ان عرفها .. منذ ان رأها وهي طفلة بفستانها الرمادي الذي لا يتناسب مع سنها وقتها لفتت انتباه كثيرا وظلت صورتها تطوف في باله مرة واخرى تكبر وتغير من كل شيء فيها لكن ظلت في داخله الفتاة الرمادية التي تسبق سنها .. وصدق حدثه في توقعاته تنهد بقوة وهو يمسك بيدها بين اكفه .. في صمت .. يتطلع لها ثم ما لبس ان بدأ يدلكها بحنان وشيء نادر لم تشعر به مع احد غيره .. ثم رفع كفها لشفتاه يطبع قبله عميقه في باطنه هامسا: لو تعرفي ندمان قد ايه ياريت ايدي كانت اتقطعت ولا ان ده يحصلك بسببي .. ليه يا جمانة تعملي كده؟! ليه بتعملي فينا كده؟!
انا مبقتش قادر اقاااوم حاسس اني بنهار، والله كل حاجة عندي تهون حتى بعدك عني الا خسارتك او ان يجرالك حاجة ده اللي مقدرش عليه ابدا مقدرش اتحمله.. وادمعت عيناه متحدثا حاولت اقرب لك اكون لك كل حاجة في الدنيا منفعش حاولت ابعد عنك لاخر الدنيا بردة منفعش .. لحد ما قلت خليني جمبك بس من بعيد لبعيد يكفيني انك تكوني بخير .. بس حتى ده مستكتراه عليا وعلى نفسك انتِ ايه لا يمكن تكوني بشر زينا بيحس انتِ الانانية بذات نفسها ارتجفت حواسه وهو يشعر ..

+


.........................
...............................
.....................................

+


هتف بصوت غاضب صارم رغم خفوته: أنتِ الانانية بذات نفسها فارتجفت حواسه وهو يشعر بصوت تألمها الخافت وكأنها تستمع له متأثرة بما قال.. ارتجف جسده وبهتت ملامحه وهو يرجع ظهره للمقعد بشدة كالملسوع متسع العينين يطالعها بشك
تحاول الثبات كانت تحاول لكنها لم تستطع فخرج صوتها المتألم من اجله كرجفه قوية 
بدت عيناه في تلك اللحظة مخيفه وكأنه على وشك الافتراس، أسد متربص ..
بلعت غصة في حلقها ورمشت عدة مرات وهي مغمضة العينان وكأن ما تفعل ما هو الا استعداد للمواجهه وبعدها فتحت استار اهدابها عن دموع كثيفة لا حدود لها عيناه كانت مختلفة تحمل من الالم ما لم يشعر به من قبل لكنه ابعد هذا الشعور جانبا .. مع ارتفاع انفاسه بقوة ومازال الصمت يحيط بهم عدا انفاسه الهادرة تتطلع له بوهن فوضعه المخيف اوجعها وارعبها للحظات حتى انتفض ممسكا بذراعها يجذبها لتنهض بقسوة 
فصرخت من الالم وشعرت بأن الدنيا تدور بها، رأسها مثقل بل به طواحن من هواااء كثيرة هذا هو الاصح
اغمضت عيناها تحاول التحرر من قبضة يداه لكنه لم يسمح 
هتف بصوت حاد غاضب: يعني سمعاني من الاول طب ليه بتمثلي النوم هااا ليه؟! وصمت لحظة ثم اكمل متابعا عاوزه توصلي لاايه باالي بتعمليه ده عاوزه تجنني معاكِ؟! 
"اهدي ارجوووك " قالتها بتوسل شديد والم فشعر بدلو من الماء سكب على ناره لم تنطفي بعد لكنها خمدت قليلا فهتف بلهيب مازال حاد: أنت افتكرتي حاجة؟ فكراني يا جمانة؟
سؤال عادي لا يستدعي لكل تلك النبضات الخافتة وكأنه ينتظر لنتيجة امتحان مصيري 
اومأت بالنفي ومازالت الدموع محبوسة في عينيها وكأنها لآليء ماسية لها بريق خاص 
تنهد بيأس وضياع ينظر لها بتيه يسأل نفسه ماذا بعد .. ؟
لكنها قطعت هذا الشرود متحدثه بألم: اد كده انا اذيتك؟
ابتسم دون صوت ساخرا ..«اذيتك» هل تسأله عن الالم الذي عاشه من اجلها او بسببها .. كم هي غبية فحياته اصبحت اهوال منذ ان عرفها
ظلت النظرات بينهم قائمة وكأنها جسورا تعبر القارات واخيرا هتف بصوت فاقد للحياة: فوق ما تتصوري

+



        
          

                
شعرت باختراق نصل حاد امعائعا ..حتى ان جسدها انحنى بألم ربما نفسيا اكثر منه جسديا نعم تتألم من اجله فاخفضت وجهها بحزن وهتفت بصوت خافت: انا اسفه ..اسفه بجد

+


اغمض عيناه الكلمة كانت كصفحة بيضاء وضعت في كتابها الاسود لكن للاسف لم تظهر بسبب سواد صفحاته وقبحها، تاهت وسطهم من اين له ان يجدها بتلك السهولة التي تريد 
ظل يتأمل شكلها حزنها تألمها بملامح مكفهره كيف له ان يمحي ما مضي بمجرد كلمة لا يعلم حتى هل هي تقصدها تماما بحالتها الصحية تلك ام لا 

+


حتى قطعت هذا الصمت مجددا وقالت بصوت خافت: لما أنا وجعتك بالشكل ده، ايه مخليك لسه متمسك بيا اوي كده، ليه مهربيتش مع اول موقف وبعدت عني؟!

+


ظل يتأمل شكلها يستمع لكلماتها حتى ظنت انه سيتخطى ما قالت دون رد لكنها بهتت حين قال بصدق: لاني حبيتك

+


ازدردت ريقها بتوتر ورفعت عيناها التي تغوي قديس له بكم من مشاعر مبهم ولم يصدق ما سمعته اذنه بعد تلك النظرة: يعني مش شفقة زي ما قلت!!

+


صدمة، لكمة اطاحت بكل اتزان لديه ولم يشعر بنفسه الا وهو يجذبها من رأسها بقوة لتواجه عيناه الصلده بينما يهمس بفحيح مرعب: يعني مش فاقدة الذاكرة ولا حاجة زي ما ادعيتي كان كله تمثيل
كانت تتأمله غضبه، مشاعره المتناقضة تماما والتي رأتها في ثوان معدودة وانسابت دمعتان حارقتان على وجنتيها فعلوا الافاعيل بقلبه اولا لكنه تماسك فما قلته كبير للغاية لا يستطيع تجاوزه ،هزها من رأسها بقوة متحدثا بصلابه يحاول الصمود امام سحرها وضعفة: انطقي يا جمانة
فغرت شفتيها وكأن الكلمات لا تريد أن تخرج تجمدت بداخلها، تحدثت اخيرا بصوت متألم: شفت التليفون وقرأت كل اللي عليه كنت عاوزه اعرف انا مين .. كنت هتجنن وانا حاسه اني مش فاكرة حاجة خايفة من كل حاجة حتى منك أنت .. رغم كل اللي شفته في عينيك من قلق يطمن قلبي بس كنت خايفة شعور وحش انك تصحى مش فاكر حاجة حتى اسمك نفسه

+


تراخت قواه تماما وسقطت يده الممسكه برأسها في ألم وكأنها شلت يتابع تعابير وجهها بصمت وسيطرة
اخفضت رأسها قليلا ورفعت يدها تدلك موضع اصابعه ببطء امام عيناه فزفر بحنق وهو يبتعد خطوتان مستغفرا لقد فقد الثقة بها بتاتا حتى انه كاد ان يقتلع رأسها عندما ظن انها تدعي فقدان الذاكرة
زفر عدة انفاس غاضبه .. فهي قادرة على اخراج اسوء ما لديه وافضله في لحظة واحدة .. اللعنة على ذلك لكنه تمكن من السيطرة على غضبه متحدثا: التليفون وصلك ازااي على حد علمي انه كان في الشقة

+


جلست على الفراش بهدوء كطفلة صغيرة مسكت بالجرم المشهود لكنها ستعترف لا محال لا تريد ان تزيد الامر سوء فقالت بصوت مبحوح: البنت المرافقة اللي أنت جايبها اتحايلت عليها لم قالت لي انها كانت عايشه معايا الفترة الاخيرة انها تحكي ليا كل حاجة تعرفها عني وكمان تجيب لي التليفون من غير علمك
اتسعت عيناه وهو موليا ظهره له ثم ضيق واحدة متوعدا لتلك الفتاة بأنه سيعلقها على باب الشقة ويجعل منها عبرة كيف لها ان تتصرف دون الرجوع لها
لكنها همسها الخافت اخرجها من حالة الصدمة لالم وهي تهتف: عرفت انا من عيلة مين حاولت اتواصل مع عيلة عمي
اتسعت عيناه اكثر بشكل خطير
تابعت بصوت مقهور: جالي ردهم اللي كسرني انهم مصدقوا خرجت من حياتهم ..شهقت ببكاء متحدثه: اد كده انا وحشه .. انا مين مش عارفة حتى التليفون شفت عليه حاجات مش عارفة افتكر حاجة انا هتجنن كل حاجة ضيعة مني .. قربك هو الحاجة اللي مستغرباها المفروض انك دلوقت تحمد ربنا انه خد حقك لو ظلمتك وتبعد عني .. ولا الشفقة هتزيد بمرضي ده
التفت يتطلع لها في غموض وصمت كعادته
رفعت يديها لعيناها تمسح فيضهم وقالت بصوت خافت: عرفت كمان اني ميسورة الحال اقدر اعيش مش عاوزاك تتظلم اكتر من كده انا مش فاكرة اللي فات لكن كل اللي حساه او خمنته اني كنت حد وحش .. ابعد عني .. اهرب دي فرصة
ظل ينظر لها طويلا ثم قال بصوت خافت خطير: أنت عاوزه كده
ادمعت عيناها كثيرا ثم ارتفع صوت بكاءها فعاد السؤال مجددا بصيغة اخرى: لو قلت لي امشي دلوقت صدقيني همشي مش هفرض نفسي عليكِ تاني ووقت ما تحتاجيني هكون جمبك
نهضت من فراشها في اتجاهها متحدثه بصوت مبحوح: لا متصدقنيش أنا ضعيفة ومحتجاك جمبي أنا انانية عارفة ده كويس يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي حساها متغيرتش فيا ..أنا مش عاوزاك تبعد عاوزاك تنسى اللي فات ونبدأ صفحة جديدة اعتبرني اتولدت على ايديك من جديد .. جمانة التانية ماتت خلاص .. أنا دلوقت صفحة بيضه قدامك اهه ورفعت يديها عاليا متحدثه بدموع كثيفة: لونها واكتب فيها اللي تحبه
_____________________________

3



        
          

                
تقف لجوار جسد اخيها المسجي على سرير صغير في مشفى متواضعة 
تزرف دموعا لا حدود لها
فتح عيناه عندما احس بقربها منه ،حاول ازاله قناع الاكسجين حتى يحدثها فاوقفتها بيديها سريعا متحدثه بحزن وبعض صلابه خوفا عليه: متشيلوش لو سحمت، هتتعب
اغمض عينه مجددا يتنفس بقوة فارتفع اصوات بعض الاجهزة لجوارها وكأن وجودها يشكل ضغطا عليه كبير وهذا ما حذرها الطبيب منه فقالت بقلق ومازالت عيناها تدمع انا هخرج شكلك تعبان وانا مش عاوزه ازود تعبك دلوقت عاوزاك تبقى كويس
ابتسم لها بألم كبير ورفع يده مجددا يزيح القناع قليلا هاتفا بصوت خفيض: سبيني اتكلم متخافيش عليا .. عاوز اتكلم معاكِ يمكن ملقيش وقت بعد كده لده 
صمتت وهي تضع يدها على فمها تضبط انفعالها وانهارا من دموع تفيض بلا توقف 
تحدث بصوت مرهق للغاية: مقصدتش ده كله يحصل كنت بحاول اخلصك من الفضيحة بإي شكل 
امسكت كفه بحزن متحدثه: ومين السبب من البداية ياما قلت لك بنات الناس حذرتك كتير ان ممكن دعوة واحدة فيهم تقعد لينا واهه حصل وحصل الاصعب كمان ياريتك سمعت كلامي مكنتش بقيت هنا بالشكل ده
هتف بألم: كله نصيب 
ابتسمت من وسط دموعها بسخرية مريرة وهتفت: مقلتش حاجة لكن أنت ظلمت كتير في طريقك ومبصتش وراك حتى هما كملوا ازااي بعد ما كسرتهم 
هتف بنبرة ساخره: صدقيني هما اللي ادولي فرصة اعمل معاهم كده لو واحدة فيهم صدتني مكنتش قدرت اضحك عليها ولا اخدعها .. كان غلطهم من البداية 
ضحكت بسخرية قطثم هتفت بحدة رغم عنها: غلطهم انهم وثقوا فيك مش كده موقفوش لك زي حنة ما عملت ونظرت له تتحداه ان ينكر 
صمت للحظة والتمعت عيناه بمرارة ووضع القناع مستنشقا بعض الاكسجين بقوة عندما احس بأن انفاسه تسحب منه، اراد انعاش رئتاه قليلا ثم نزعه ببطء متحدثا ببسمة هادئة: هي الوحيدة اللي عصت عليا مكنتش قابل رفضها ده حاولت اعمل كل حاجة واي حاجة عشان تستسلم ليا وتيجي راكعة وادي النتيجة قدامك اهه انا اللي انتهيت 
هزت رأسها بألم كبير وقالت: ياريتك سبتها في حالها مكنش حصل اللي حصل ده كله

+


اجابها بندم: لو الزمن عاد بيا كنت غيرت كتير لكن للاسف مبيرجعش لورا ..بس أنا هحاول اصلح اللي عملته على قد ما اقدر ..اولا عشانك انتِ مش عاوزك تعيشي موطيه راسك طول العمر بسببي والتاني ان مونيكا ماتت ضربتها في لحظة شيطان ومتوقعتش النتيجة دي أنا مكنش هدفي قتلها كنت عاوز اهددها بس صدقيني .. مكنش قصدي انها تموت الضربة جات غصب عني مع حركتها 
اجابته بقلب يقطر دما: عموما النتيجة واحدة دلوقت وهي في دار الحق
اغمض عيناه بألم هامسا: لو تعرفي ضميري وجعني قد ايه مش هتصدقي نفسي الايام ترجع لورا تاني كنت منعت نفسي بالقوة اني اروح لها 
اومأت في يأس متحدثه : متهرهقش نفسك مبقاش يفيد الكلام ده في حاجة المهم دلوقت انك تكون كويس
ابتسم بسخرية وهو يرجع القناع على وجهه مرة اخري مغمضا عيناه لقد بذل مجهودا كبيرا للغاية يشعر بأن جسده منهك بشدة حتى الرؤيا باتت مهزوزة امام عيناه 
خلال ايام 
واثناء التحقيقات معه ...
نفى وجود علاقة بينه وبين مونيكا حتى برر وجود صورها على الهاتف انها حركة خبيثة منه دون علم وسام كانت ليبتذه فيما بعد وبسبب الخلاف الرئيسي هو العمل والغيرة من ترقية كان هو احق بها وكان هذا سبب في وجهة نظرة مقنع تماما 
لم يقتنع الظابط كثيرا لكن مع الاعتراف والتأكيد عليه اخذت القضية اتجاه اخر بأن القتل كان خطأ مع مرض وسام الذي مازال قائم 
____________________________

+



        
          

                
الايام تمر بطيئه على الجميع
يجهز للسفر فلديه رحلة اليوم، يعد حقيبته وطيف من ماضي بعيد قريب جعل ابتسامه تطفو على سطح وجهه وهو يفتح تلك الحقيبة ليرى بها اشياء خارج توقع المنطق .. صدقا لقد اشتاق لان يفتحها ويجد ما كان يراها سابقا لقد اشتاق لحافظة المحشي بالسمن البلدي التي كانت تأخذه لعالم اخر لا ينكر أن رائحته رغم نفوره وقتها كانت تحنو على قلبه المشتاق لعطف وكأنها والدته التي تسهر تعد له حقيبته وطعامه حتى تطمئن عليه تخشى ان لا يأكل جيدا
زفر ببطء ليخرج من تلك الحالة التى باتت تسيطر عليه كلما تذكر شيء كانت تفعله بحب خاااص لقد علم الآن مقدار ما كانت تقدم له عندما حرم من كل تلك الاشياء 
اغلق الحقيبة واغلق عقله ..فالـ ذكريات مرهقة حقا له
جر حقيبته خلفه وهو يرتدي زيه الخاص بعمله مغادرا

+


رأته من نافذة غرفتها وقفت تكتف ذراعها امام صدرها في غضب شديد ..تشعر باستياء كبير بعد الفضيحة التي نالتهم من قضية وسام مازال يأزره بدل من ان يبتعد نهائيا وينبذه حتى لا تطل سمعتهم شيء ..تشعر بالغضب منه كثيرا والادهى رفضه مناقشه موضوع الصغيرة التي لا تريدها ان تتربى بعيدا عن بيئتهم وحياتهم لا تئمن ان تنشأ مع شخص كضحى بسيط حد السطحية 
رفعت اصبعيها تدعك ما بين عيناها بإرهاق تشعر انه اصبح يضغط عليها بشكل لا يوصف وهي التي ظنت انه سينتقم منها ولن يترك فرصة الا ويوجعها بها تنفست بعمق وهي تتذكر ما فعله من زواج عرفي لكنها سرعان ما بررت لنفسها انه شاب ومن حقه ان يكون له نزوات خصوصا مع شخصية مثلها متأكدة انها لا تعطيه ما يستحق ولا ما يريد ..فهي لم تراها يوما انثى بالمعني المطلوب ولم ترى السعادة يوما على وجهه او اي تغير يخبرها انه نصف في تلك الزيجة .. ابتسمت لنفسها وهي تدرك ان الان تغير الوضع بطلاقه للاخرى وابتعاده عنها كيف لها ان تثبت انه تزوج سابقا وخصوصا ان الزواج كان عرفي وبمعرفتها انه مزق الاوراق والقى اليمين عليها مبتعدا فمن اين لها ان تأتي بدليل فلتضرب رأسها في الحائط لو ارادت بالنهاية ستفعل ما تريد دون الرجوع لاحد 

1


وصل وهو شارد حتى انه لم يستمع لنداء زميله
تعجب من شروده عابسا وهتف وهو يكمل طريقه لانهاء ما ينتوي عمله: ماله ده على الصبح؟!

+


في الغرفة ..
دلف ليجده واقف عند النافذة ابتسم في نفسه وهو يرى حقيبته هناك قابعة على مكتب صغير تقدم بخطواته كقناص وفتحها برفق يريد الهدف دون خسائر فصدم من كونها خاوية .. عبس كعادته وارتفع حاجباه على شكل رقم ثمانية هامسا بصوت غاضب: الله فين المحشي؟ والبط؟!
اخيرا تنبه لو جوده فاتجه له متحدثا بانفعال مش هتبطل تعمل الحركات دي عيب يا اخي على سنك ومركزك
لكته لم يلقى بالا لكلمات كيان وسأله بغضب وحماقه: مجبتش اكل ليه معاك اكن بعد الغيبة دي جاي حضرتك بايدك فاضية
اتسعت عين كيان وهتف بصرير حاد: اطلع بارة دلوقت يا...... عشان متغباش عليك أنا فيا اللي مكفيني 
-يووووه بطل طريقتك دي وقولي مجبتش اكل ليه لاني مش هسكت هااا؟
اجابه كيان وهو ينظر للسماء يكاد يصاب بالجنون من حماقته: همك على بطنك متروح اطلب من اي مطعم الاكل اللي يعجبك أنت مش فقير يعني!
اجابه بسخرية: يا بني الاكل ده متعة وبصراحة كده الاكل اللي بتجيبه طعمه في حته تانية واتجه يمسك كف كيان متحدثا برجاء وكأنه طفل صغير: لو مخبيه في حته تانية قول يا كيان عيب عليك ده أنا زمايل واصحاب من عمر
زفر كيان وهو يسحب كفه متحدثا بلهجة قوية: ابعد عشان صبري قرب ينفد .. مجبتش سامعني ولا اغنيهالك
زفر بحرقه متحدثا: ليه مجبتش يا اخي ده أنا كنت منتظر الاكل ده اكتر منك أنت شخصيا
برقت عين كيان فتراجع الرجل في كلماته هاتفا: مش قصدي يعني بس من حلاوته ما علينا المرة الجاية ابقى اتوصى
دفع كيان الحقيبة قليلا لترتطم بالحائط متحدثا بانفعال: لا في مرة تانية ولا تالتة احنا خلاص انفصالنا
اتسعت عيناه بخطورة وهو يتخيل ان لا يتذوق هذا الطعام مجددا فقال بهوجائية غير مقصودة: انفصلتوا ليه بس يا بني .. مراتك شكلها بنت حلال ده كفاية طبق المحشي من اديها والله انك مش وش نعمة
اجابه ساخرا: الحياة مش اكل بس يا مفجوم وبعدين مين دخلك في خصوصياتي
اجابه وهو يبتعد قليلا اما انك مش وش نعمة يارتها كانت مراتي وكنت
ولم يكد تكمل الا وجد نفسه مسحوبا للخلف وركلة قوية تلقاه في امعائه المته ثم لكمة اطاحت به جعلته يرتد للمقعد من خلفه
تنفس بغضب وسبه متحدثا بكلمات بذيئة
لقد نفذ صبر كيان ولم يدري وهو يطيح به لكمات متعددة لم يقاوم الاخر وهو يسقط امامه على صرخات بعض المضيفات اللائي دخلن سريعا عندما استمعن لصرخات رجولية حادة من تلك الغرفة

+



        
          

                
بعد وقت ...
في مكتب الرئيس ...
يقف بوجه عابس جامد لا تعبير مقروء
والمدير غاضب يضرب مكتبه بقضبته الفلاذية متحدثا بصلابه: ايه اللي حصل ده .. مفكر نفسك فين يا كابتن في الشارع .. مش مصدق نفسي ولا مصدق اللي حصل منك
لم تتغير ملامح كيان ولو لدرجة واحدة
كان ينتظر منه تبرير تفسير عل ضميره يرتاح ويتراجع عما ينوي فعله، لكن مع صمته ووقوفه بلا اي تأثر قال المدير بجفاء وهو يشير للباب: اتفضل أنت متحول للتحقيق وموقوف عن العمل لحد ما ينتهي التحقيق معاك
اتسعت عيناه قليلا لكنه لم يتحدث ولو بحرف واحد فقط تحرك لسيارته وطلب من عامل هناك أن يحضر له حقيبته، وضعها الرجل في السيارة بحزن لمعرفته بما حدث .. وانطلقت السيارة تشق السكون من حولها وكأنها طائرة تحاول الاقلاع متعثرة

+


انطلق على الطريق السريع يقود بلا هدف لا يعلم وجهته ولا مستقره، ضائع، غاضب، مخذول
حتى وجد اقدامه تسوقه لوالده للمشفى التي يتعافى فيها من الم خذلان ولده، فكم يذكره هذا بوقت قريب بعيد عندما خذلته أكثر انسانه احبها بكل كيانه رغم ما تحمله من صفات سيئة فكما يقولون مرآة الحب عمياء، كان لديه أمل أن تتغير يوم، يأتي يوم وتفيق وتدرك قيمته حتى مر الوقت وسئم الانتظار وبات التغير مستحيل بل كانت كل يوم تزيد سوء وصلابه كأنها حجر صلد قاسي لا يلين جرحته بل ما تملك من قوة

+


اغمض عينيه وهو يرى كيان امامه في غرفته بعد طرقه صغيرة .. منهزم مكسور .. منحني الاكتاف وكأن اوزاره اثقلتهم فما عاد قادرا على المتابعة
اقترب من والده يجلس القرفصاء امامه دون صوت فقط العيون تصرخ بألم كبير
رق قلب والده له فمهما كان يظل بالنهاية ولده رفع يده المرتجفة تربت على وجنته متحدثا بهدوء رغم الحزن البادي في عيناه: مالك يا كيان؟
سؤال بسيط لكن جوابه صعب مرهق للغاية خرجت منه زفره قوية ثم رفع وجهه قليلا لاعلى وكأنه يطلب العون
اعاد الرجل الحركة والسؤال لكن تلك المرة كان السؤال اكثر حرارة وخوف: في ايه يا كيان؟ أول مرة اشوفك بالشكل ده؟ 
-تعبان يا بابا تعبان اووي
-ايه اللي حصل احكي لي؟
-اتحولت لتحقيق في الشغل
اتسعت عين الرجل متعجبا وهتف متلعثما: تحقيق ليه ايه اللي جرى
ضربت واحد زميلي هناك
زاد عيناه اتساعا غير مصدقا لما يقول
فنهض كيان مبتعدا هامسا بصوت خفيض: ضربته بس هو اللي استفزني او بمعنى اصح داس على وجعي يا بابا انا بحاول اتعايش مع غيابها
برقت عين الرجل لا يصدق ما يسمع لو احد حلف له انه سيسمع هذا الكلام يوما ما لما صدق 
-عارف انك هتستغرب دلوقتي وبتقول في سرك الواد كيان ده اكيد شارب حاجة لكن دي الحقيقة أنا تايهة من غيرها .. مهما كنت ابعد ارجع القيها الحضن اللي يحتويني كانت امي وحبيبتي يمكن عرفت ده متأخر اووي بعد ما خسرتها .. عاوز ارجعها وهي مش مدياني فرصة عارف اني غلطت وجرحتها جرح كبير لكن مين فينا مش بيغلط أنا ندمان وحاسس بنقص من يوم ما بعدت

+


ابتسم والده بحزن متحدثا: هو ده اللي كنت خايف منه .. انك تجرحها وتبعد واهه حصل مقدرش الومها على اللي عملته لانك السبب
نظر له كيان مستعطفا وقال: عاوز اصلح غاطتي أنا اتغيرت يا بابا مرض وسام والظروف اللي حصلت له خلتني افكر مع نفسي .. اني ممكن كنت ابقى مكانه لاي سبب اخسر صحتى وشغلى ومراتي وبنتي .. حسيت بخوف من خسارتهم حسيت اني عاوزهم في حضني احافظ عليهم .. عاوزها تديني فرصة يمكن انسيها الجرح اللي كان بسببي وكسرها

+



        
          

                
هتف والده بحزن: يعني معترف انك كسرتها
اومأ متابعا عرفت متأخر .. الدنيا مش بس السرير اللي كنت بفكر فيه ..الحياة الزوجية والزوجة حاجة اكبر من كده .. مش عارف اعمل ايه واتصرف ازااي .. نفسي تديني فرصة بس عارف اني بطلب المستحيل

+


هتف والده بقلق: الكلام ده من قلبك يا كيان ولا حلاوة روح يومين وهيروحوا لحالهم
اجابه بحزن وهو يجلس على الفراش: اذا كان أنت ابويا مش مصدقني يبقى هي هتصدقني ازاااي ..؟ للدرجة دي أنا وحش
تلعثم والده متحدثا : مش قصدي يا كيان اني اكدبك لكن أنت متغير ومحتاج افهم اعرف ايه اللي جواك ناوي على ايه ..البنت شافت منك كتير ومتنساش هي حامل دلوقت كفاية الصدمة اللي خدتها .. كتر خيرها انها لسه واقفه على رجليها .. حتى أنا بتسأل عليا مش مقصره رغم اني لو كتير مكانها كانت خدتها نفسها وبعدت عنك وعني وعن الكل
اجابه ببسمة طفيفة: مشكلتها اللي مهنا حاولت تغيرها وتتغلب عليها انها طيبة عارف انها من جوه بتتعذب نفسي ادخل جواها اشيل الالم ده ابعد عن عينيها نظرت الحزن اللي بتقتلني بالبطيء 
زفر الرجل متحدثا بجدية: أنا هكلمها يا كيان هكلمها وهطلب منها انها تعطيك فرصة تانية
التفت له سريعا بشعوران متناقضان الاول رغبة في التصديق على ما قال بل التأكيد والاخر الرفض وتركها كما تشاء
تابع والده شروده الحزين وهتف في قراره نفسه انه سيفعل ذلك مرة واحدة ربما جمعت بينهم من جديد فهو يشعر بالفعل بأن من يقف امامه شخص اخر غير ذلك الاناني المتكبر 
_______________________________

1


عند وسام ...
بدأت صحته في التحسن تدريجيا ..
لكنه مازال قعيدا ... 
قسمت كل من ضحى وفريدة الايام بينهم بالتناوب ليهتموا به وجنبوا حنة هذا الموضوع لحساسية الامر تركوا لها امر الاطمئنان عليه فقط والاهتمام بتجهيز شقتها الصغيرة فموعد عقد قرانها قد اقترب كلها عدة اسابيع تستطيع عدهم على اصابع يديها بتوتر شديد

+


القضيية مازالت مستمرة لكن المحامي طمئنهم ان وضعه جيد للغاية وخصوصا بعد تعافي الاخر وشهادته بأن وسام لم يفعل له شيء سوى ضربات عادية باليد وهو من تهجم عليه في البداية ..كان يدافع عن نفسه فقط
كان يوم ضحى ...
لم يستطع الانتظار حتى تغادر ويدخل لوسام ككل يوم خلال هذا الاسبوع، حيث انه يظل يراقبها من بعيد حتى تغادر لا يريد ان يزعجها خاصة بعد قاموس السب والقذف الذي تلقاه اخر مرة على يد حنة والذي مازال يتذكره بقشعريرة متعجبا وغاضبا من نفسه، وعندما يتذكر يهتف بداخله وقتيا : الله يكون في عونك يا آذار وقعت يا بني في بلاعة صرف صحي

+


اقتربت خطواته منها .. كانت تساعد وسام للاعتدال في الفراش لتطعمه .. اهتز جسدها وهي تشعر به حولها بل خلفها اغمضت عيناها للحظة حتى سقط الكوب من فوق الصينية ارضا محدثا دويا هائل واتسخت الارض شهقت وهي ترى المنظر اسفل قدمها مريع، لكن الشهقة الاكبر وهي تراه يقف بمحاذتها على بعد خطوة متحدثا بهدوء شديد عكس ما يجيش بصدره في تلك اللحظة: عامل ايه يا وسام ..والتفت له هامسا: عامل ايه يا ضحى
اومأ وسام ببطء بينما هي اسبلت عدة مرات تحاول الاستفاقة من الفزع الذي اصابها ثم نطقت بكلمة واحدة لا غير: بخير
اربعة احرف اصبحت ثقيلة على لسانها لتخبره اياه بها
نظر لاسفل وللفوضى الذي سببها دون قصد منه فوجدها تضع الصينية لتنخفض قليلا تحاول تجميع قطع الزجاج
انخفض في اللحظة التالية ممسكا بكفها الممسك بقطعة زجاج كبيرة متحدثا بصلابة: سيبيه هلمه انا وفرد اصابعها ببطء حتى لا تصاب بأذى وتناول قطعة الزجاج منها ليكمل 
اتسعت عيناها وهامت في حنانه الذي لم تعتاده منه لبرهة لكن سرعان ما تذكرت كل شيء مضى فسحبت كفها بقوة من بين اصابعه متحدثه بغضب: انت اتجننت ايدي انت ناسي اننا انفصلنا ولا ايه مبقاش من حقك!!
ابتسم بألم متحدثا: انتِ لسه في فترة العدة يا ضحى يا ممكن ارجعك في اي وقت
اتسعت عيناها وهبت واقفه هاتفه بقسوة مفاجئة: مستحيل ده يحصل انا خلاص شلتك من حياتي للابد
كانت كلماتها ككف ثقيل المه بشدة فحاول نزع بسمة دون كلام وهو يلملم الزجاج المكسور ككرامته

+



        
          

                
تحركت للجهة الاخرى من الفراش تحاول الابتعاد عنه فهي تشعر بنفور كبير من قربه ومن اوقات ضعفا اللحظيه تجاهه جلست على مقعد مجاور لوسام بعد ان اعتدل يتطلع لهم في الم تناول بلطف من يداها الطعام ثم الدواء وبعدها غفا مجددا في نوم طويل بفعل الدواء

+


وقفت مرتبكة وخصوصا بعد نوم وسام
رتبت الاشياء من حوله وهتفت بهدوء وهي لا تنظر له همشي أنا وخليك جمبه أنت بقى لاخر اليوم
هتف من خلف بجديه: هو نايم دلوقت استني هوصلك وهرجع له
التفتت ترفع يدها بحزم متحدثه: هروح مع عدلي هو هنا في المستشفى كلمني من شوية ومستنيني

+


كانت الصفعة تلك المرة اشد بتفضيل ذكر اخر واللجوء له كحماية منه .. ظل يتطلع لها في تيه يتسأل أين البراءة التي كانت تميزها أين حبها الكبير ..لم تجد رد فاومأت برضى وهي تغادر ومع انغلاق الهاتف سالت دموعها الضعف جاءها من حيث لا تحتسب رفعت الهاتف سريعا تتصل بعدلي نعم تشعر بالضعف لكنه هو ملجأها ورجلها الان
جاءها صوته الحاني الحازم: خلصتي
ايوه ونزله قالتها باختصار حتى لا يظهر على صوتها شيء
لكنه احس دون جهد فهتف بصوت حازم: انزلي على طول هتلاقيني قدام البوابة
حاضر قالتها واغلقت الخط تتابع السير بمشقة وكانها تحمل في بطنها طائرة جوية

+


وصلت فكان بانتظارها .. ولم يستطع كيان منع نفسه للتأكد مما قالت ..رغم حزنه شعر بالراحة لوجودها مع عدلي رغم الغيره التي هبت في صدره الا انه يعلم جيدا انه رجل 
___________________________

1


جاءت لوالده في زيارة قصيرة كم تشعر بالحزن من تقصيرها في حقه اعتذرت عن هذا التقصير وارجعت السبب لثلاثة اشياء دراستها والحمل والاهتمام بوسام
عذرها كان مقبول لديه فهو يعلم جيدا انها حنونه لو غيرها لم استمرت تزوره وتهتم به بعد ما حدث من ابنه، لكنها تفاجئت عندما اخبرها متوسلا ان تعطي وسام فرصة اخرى فهو حقا تغير لم تستطع الرد فهي لا تريد ازعاجه وفي ذات الوقت متفاجئه فغرت شفتيها انفاس رتيبة تخرج فقط، كيف تخبره برفضها كيف تقضي على اخر اماله بتلك الطريقة الشنيعة فهو اخر شخص تشعر معه انها مازالت ضحى القديمة لم تتغير بعد ولم تقسو على نفسها ولا على من حولها 
فقط ابعدت مجرى الحوار لقطعة صغيرة اخرجتها امام لنظاره زي للصغيرة كم كان رائع «سلوبت صغير وردي مطعم بالجينز الازرق كان بسيط رائع للغاية»
ابتسم الرجل وهو يرى القطعة على ارجله تسأله بنبرة اهتمام كبيرة وكأنها تسأله عن شيء هام للغاية وتنتظر جوابه: عجبك يا بابا اشتريته لحفيدتك
كم كان لنغمة حفيدتك من مسمع رائع طرب اذنيه بشدة وانعش قلبه وروحه
رفع وجهه لها وعلى لسانه اعادة الطلب من اجل تلك الصغيرة لكنه صمت متراجعا .. والسبب شعوره برفضها المطلق والذي اوجعه لن ينكر
بينما هي قرأت عيناه ورجائه فتعبيرات عينيه شفافه وواضحة دون فصال
انسحبت متعلله بمذكره طويلة ووعد بزيارة اخرى قريبة رغم شكها من الان في امكانيه تنفيذ الوعد خوفا من تكرار ما قال وضعفها امامه كأب .. ضغطت شفتيها السفلي حتى كادت ان تدميها وهي تغلق الباب 
خرجت بعد الزيارة لتجده منتظرها، عيناه تطلب جوابا للسؤال الاخطر والاهم والذي ايقنت انه على علم بما طلبه والده.. فوالده ألح عليها بقوة.. لكنها لا تريد بل الاصح لا تستطيع مازالت غير قادرة على التجاوز والمسامحة رغم الحب .. نعم مازالت تحبه لكن جرحه كان اشد قسوة فشوه هذا الحب بداخلها ..تتنفس بقوة شاردة تقرر بأنها لا تريد اقحام نفسها في تلك التجربة المريرة بالنسبة لها مجددا فقالت بصوت يخلو من الحياة: مستني تعرف جوابي مش كده؟
حاول اجلاء صوته متحدثا: صدقيني أنا اتغيرت لو رجعتي ليا مش هتلاقي من كيان القديم ده حاجة
ابتسمت ساخرة وقالت ولا أنت هتلاقي من ضحى القديمة الهبلة دي حاجة لو عاوزها ترجع لك

+


تنهد متحدثا: ضحى ادينا فرصة عشان خاطر بنتنا
جرت دموعها بحورا وهتفت: كنت ادتني أنا فرصة الاول متطلبش مني حاجة أنت مقدرتش تعملها .. !
ظل الصمت يحف بهم للحظات حتى بدده هامسا: وافقي وهعطيكي كل الضمانات اللي تحتاجيها أنا فعلا بحبك وعاوزك يا ضحى بكل حالاتك هقبلك 
اغمضت عيناها كانت تتمنى تلك الكلمة في ظروف افضل بينما هي تشعر الان بها كعلقم فقدت اهميتها ورونقها
فاجابت بثقل وفتور: جات متأخرة جدا يا كابتن .. متتعبش نفسك مع واحدة زي روح دور على وحده شبهك تنفعك
ابتسم ساخرا،فمن تلك التى تنفعه غيرها .. فهو نفذ ما قالت والنتيجة انه خسرها وخسر جزء من كيانه في تلك الزيجة .. بل خسر اهم شيء وهو رجولته .. لو عاد به الزمن لقيد نفسه بسلاسل ولا ان يلتفت لاي مغريات قد تضعفه يوما فقال بنبرة مهتزة: مش طالب غير فرصةواحدة
اجابته بغضب: قلت لا مش هقدر وياريت تكون راجل ومتضغطش عليا بوالدك لاني مش حابه ابعد عنه .. خليك راجل مرة واحدة واعرف اني مش قابله رجوعي ليك 
اومأ في صمت ووجد اقدامه تسوقهللخارج لبعيد للفضاء الواسع يقف في مكان خال من المارة ..
يريد الصراخ .. يشعر بأن جسده يتألم وروحه اضعاف ذلك الالم
لكنه قرر الابتعاد عنها سيحقق لها ما ترغب

+


----------------------------------------------------

+


مرت الايام سريعا ..
وها قد جاء عقد قرانهم كم تمنت تلك اللحظة بفارغ الصبر لكنها الان متوترة تكاد تموت خجلا لدرجة انها لا تريد الخروج تشعر بالارتباك الشديد
كانت لجوارها فريدة والضحكة الصافية تمليء وجهها اخيرا ستتزوج حنة بعد الشقاء الذي عانته 
كان عقد قران بسيط في شقتهم الكبيرة يضم الاهل والاحباب فقط ..
كان يجلس على مقعد ولجواره العصا التي يتكأ عليها في سيره لقد ارغمته ضحى على المجيء اليوم .. ظنا منها انها تخرجه من حالة الحزن الذي يعانيها لا تعلم انها القته في فوهة البركان دون قصد
يتطلع لحنة بندم يتأكله .. ما مر كله في كفه واليوم شيء اخر لقد احس اليوم بالندم وكأنه طعم سيء ذاقه بالفعل يستشعر قبحه ..
يتطلع لها بتمني كبير .. وندم شديد .. يحجب عيناه عن رؤيتها خوفا من ان يجد بهم نظرة تشفي .. فوضعه الصحي ماعد يتحمل هذا الضغط
لقد اخلى سبيله بعد عدم ثبوت اي شيء ضده والان هو حر طليق لكن احنحته كسرت تمام وخصوصا عندما علم بخبر حملها واخفائها الحمل عنه بوجود اختبار الحمل الذي حرز كدليل ... في اغلب الاوقات يبرر لها في داخله انها ربما ارادت مفاجئته في ذات اليوم الذي قتلت فيه والاوقات الاخري يتخيل انها ما كانت تريد الطفل ..صراعات بداخله لا يعلم لمن الغلبة بعد للخير ام الشر 

+


قطعت حبل افكاره وهي تجلس في المقعد المجاور متحدثه بهدوء: مبسوطة انك جيت اهه تغير جو بدل قعدة البيت دي
ابتسم وسام ببطء نصف بسمة للمجاملة ولم يجب بشيء
نهضت متحدثه بحنان: هشوف حنة جهزت ولا لأ المأذون مستعجل
اومأ لها بصمت فنهضت تاركه اياه في بحر من الاحزان لا خلاص منه

+


دلفت الغرفة ببطن متكور تشعر بأنها عادت فتاة صغيرة بضفائر واليوم هو العيد متحمسة لدرجة مربكة
وقفت خلف اختها تتطلع لها في المرآة متحدثه بانبهار: ماشاء الله ..تبارك الله .. جمالك ملوش زي .. ماشاء الله قالتها بدموع الفرح
فاتجهت فريدة تربت على كتف كليهما متحدثه بحنان: يارب فرحكم وقدم لك كل خير يا حنة يالا واتجهت تمسك كف اختها بقوة حانية وغادورا تحت زغاريد ضحى المجلجلة والتي وقفت بعدها تنهج بقوة وتشعر بألم لكنه زال بعد وقت قصير
خرجت وبدأت مراسم عقد القران بأصوله
حتى استمعوا فجأة لصرخة هزت الارجاء
لم تصدق كل من حنة وفريدة هيئة ضحى، العرق يغزوا جبينها وجسدها يرتجف الما وخرج صوتهم في آن واحد: ضحى بتولد

1



                                    
الجزء الاخير من الخاتمة
إيمان سالم
أريدك في الحلال

+


قديس أنا في محراب عيناكِ
وهل لي في ذلك من قرار
لو اردتي الابتعاد فـ ها سكين
شقي به صدري وانزعي قلبي 
وليكن ذكري مني تخبرك دوما 
أن قلبا هنا أحبك حد الموت 
قلبا لا يستطيع الفراق ولا يطيق الانتظار
فعودي له من جديد 

+


أنا دلوقت صفحة بيضه قدامك اهه ورفعت يديها عاليا متحدثه بدموع كثيفة: لونها واكتب فيها اللي تحبه
ظلت تنتظر اجابته بلهفه فاتحه ذراعيها تريد الحياة .. تريد أن تنسى الماضي الذي لم تتذكره بعد .. نعم فهو الرابط الوحيد بين الماضي والحاضر ونافذتها إلي المستقبل
طال الانتظار حتى سقطت ذراعاها لجوارها في يأس 

+


اما هو فكان هاديء من الخارج بينما يتقلب على صفيح ساخن من الداخل، تأثر بما قالت وكيف لا وهو يرى الصدق في عيناها أراد قلبه الركض والقبول بما قالت دون شرط ودون تضيع المزيد من الوقت، بينما بقى عقله يسحبه لبعيدا يصفعه صفعات متتالية حتى يستفيق من هذا التخاذل الذي لم ينل منه الا دعس كرامته، يركض القلب لها والعقل لا يتوانى عن الابتعاد ..حتى خرج صوته باهتا مهزوزا: اصدقك ازاي اثقك فيكِ ازاي تاني مش يمكن تكون حالة طارئة واصحى تاني يوم القي جومانة الحقيقة رجعت بكل اخطاءها من جديد
كانت كلماته قاسية كـ سواط لم تترك جسدها ولا روحها دون جراح.. لكنها كانت على يقين تام بأن ما فعلته سابقا كان أشد سوء، ما فعلته لا يتقبله رجل مطلقا تتأمله بعجز تام غير قادرة على اضافة المزيد تريد الص اخ التوسل له بأن يقترب يتقبلها لكنها عاجزة 

+


وعند تلك الخاطرة وكأنها قراءها من بين دموعها فتابع بصوت اكثر اهتزاز ومقدرش ارجعك تاني لاسباب تانية يا جمانة المرة اللي فاتت كانت لها اسباب انما دلوقت الوضع اتغير مش عاوز أظلمك معايا 
-تظلمني؟؟ قالتها بألم وخوف

+


فتابع بتأكيد وبدأت الصلابة تأخذ مكانها مجددا: ايوه زي ما سمعتي .. لكن أنا مش هتخلى عنك لو محتاجة ده هفضل احميكِ وظهرت شبه طيف لضحكة ساخرة على وجهة وهو يكمل: حتى من نفسك كالعادة 

+


جلست على حافة الفراش اكتافها متدليه وسقط شعرها كله للامام غطى وجهها واكتافها كان قصيرا مشعثا بعض الشيء رغم نعومته التى تفوق الحدود
واخيرا خرج صوتها بضعف مبحوح: خليني جمبك .. كون لي أب حتى لو مش عاوز تكوني لي زوج
لكمته الكلمة في قلبه بقوة فارتفعت عيناه لوجهها الغائب خلف غايمات شعرها المتناثر يستشعر مدى صدق ما قالت .. يحاول التأكد من نوايها فقلبه بات غير قادرا على التحمل اكثر ..اخيرا رفعت وجهها دافعه شعرها للخلف بقوة وكأنها تدفع عائق بينها وبينه لتنظر له بعينيها الحمراء وكم كانت رائعة رغم تورمها .. امسك نفسه باعجوبة عن ابتسامه شغف وعشق كانت لتقلب كفة كل شيء في لحظة اشتياق وحمحم متحدثا بصلابه خادعة: هكون لك صديق يا جمانة ده أقصى حاجة اقدر أقدمها لك

+

                
"لأ" صديق لأ ..قالتها قاطعة لا تحمل الشك ونهضت تقترب منه وعيناها مسلطة على عينيه تقسم انه سينهار ترى الحب في عينيه بوضوح فلماذا يقاوم إذن ويبتعد .. لماذا لا يريد أن يأخذ بيديها ويساعدها على تخطي تلك الكبوة ويضمها ..ظلت النظرات بينهم طويلة عميقة حتى سألها بصوت هاديء رغم البراكين المشتعلة بداخله: امال عاوزه ايه بالظبط؟!
اللي طلبته يا ماهر كن لي الركن البعيد الهادي كن حصني واماني كن زي ما كنت دايما معايا أنا مش فاكرة لكن عينيك بلغتني كل حاجة متأخرتش

+


ابتسم قليلا وهتف بصوت يحاول اكسابه بعض المرح: متأكده أنك فاقده الذاكرة؟
اومأت له بتأكيد وهمست: اقسم لك بالله مش فاكرة حاجة ولا عاوزة افتكر 
ظل يتأملها طويلا واخيرا تحدث بصوت هاديء: أنا صفيت كل شغلي هنا .. كنت اعتزلت كل حاجة قبل ما تظهري لي تاني كنت اكتفيت بالذكريات وعشت عليها

+


-"طب وأنا نستنى؟ "سألته بحرقه ولهفه
اجابها بصوت غاضب نوعا ما: اخر مرة جرحتيني يا جمانة اووي .. مش قادر اتخطى انك بقيتي لرجل غيري وقدرتي تعملي ده بكل سهوله!!
ادمعت عيناهامتحدثه: انا اسفه .. اسفه ليك وللي حسيته بسببي .. سامحني ارجوك يا ماهر

+


ابتعد خطوتان يوليها ظهره وقال بصوت مجهد: جهزي شنطتك يا جمانة هعدي عليك الصبح بعد ما انهي كل الاجراءات ..الدكتور قال انك تقدري تخرجي بكرة

+


اومأت ببسمة من وسط دموعها وهتفت وهي ترفع اطراف اصابعها كعازفة البيانو لتمسح عينيها: هستناك من دلوقت
تطلع لكلمتها البسيطة بقلب يتراقص وعقل يضربه بسواط أن يتعظ مما مضى ولا يقع في الشرك مجددا لكن هيهات فصوت القلب غلب كل شيء وانطلق يعدو يريد ان تعود له نبضاته من جديد 

2


______________________________

+


في المشفى تم نقلها سريعا عندما تأكدوا من أنها ولادة حقيقية لم يستغرق الامر كثيرا 
كانت فريدة لجوارها بالداخل ممسكه بكفها بحرارة ..تشعر بأنها هي من تلد لا اختها العرق يتصبب على جبينهما معا دون توقف

+


بينما تقف حنة في الخارج الدموع ساكنة في عينها والقلق يفتك بها ..
ولجوارها زوجها مع ايقاف عقد القران ينفث لهيب حارق تكاد تتصاعد الابخرة من اذناه غيظا من تلك الصغيرة القاطعة للارزاق .. فمن دون الوقت كله تختار لحظة عقد قرانهم لتخرج الي الدنيا يتخيلها الان تخرج له لسانها غيظا من الداخل..زفر بداخله وهو يستند على الجدار وقدمه تلتف على الاخرى في  استياء يريد المشاركة في عملية الولادة تلك بالدخول وضرب الصغيرة عند خروجها حتى تصرخ وتعرف ان الله حق بدلا عن الاطباء
لكن ما ازاح تلك الافكار نهوض زوجة ابيه من على مقعدها متجهه له وهتفت بصوت مسموع للكل: ياعيني عليك يا اذار .. مش عارفة ماكنتش قادرة تمسك نفسها شوية لحد ما نتمم كتب الكتاب ونخلص
انتفض معتدلا كمن لسعته نحلة متحدثا بجدية: خلاص يا خالتي كل حاجة نصيب وبعدين متتعبيش نفسك روحي انتِ وبابا، هو كده كده الموضوع اتأجل النهاردة
نهض والده من مقعده متجها لهم وهتف بحيرة: في ايه مالكم؟
خد خالتي وروح يا بابا وانا هفضل هنا لحد ما اطمن عليهم وهمشي 
-منفضل احنا كمان يا ابني لحد ما اخت مراتك تطلع بالسلامة
-لا هبقى اطمنك بالتليفون ان شاء الله خد خالتي وروح عشان هي تعبانة شوية
حركت شفتيها يمينا ويسارا في حركة شعبية معتادة مع صوت سخرية خرج من بينهم وقالت : يا حنين 
تماسك اذار بصعوبة فدوما تفتعل له زوجه ابيه الفضائح في العلن
جذب والده ذراعها بقوة رغم الابتسامة الظاهر على وجهه واقترب من حنة والتي كانت على بعد عدة خطوات متحدثا بصوت حنون: الف سلامة عليها يا بنتي كنت عاوز افضل عشان اطمن عليها بس خالتك تعبانه ومضطر امشي 
هتفت برقة فالكلمات وصلت لها جيدا: روح يا عمو واذار هيبقى يطمنك عليها في التليفون ومعلش على اللي حصل والتأجيل ده
هتف الرجل في دفاع رحيم: لا اله الا الله يا بنتي ده نصيب وان شاء الله المرة الجاية يبقى معانا كتوتة صغيرة تنور كتب الكتاب 
ابتسمت حنة لتفاءل الراجل وهتفت من قلبها: يارب يا عمو يارب
بينما زوجته تقف تشعر بالغيظ من كلماته المعسولة الحنونة فقالت باستياء: تقوم بالسلامة يا حبيبتي
ردت حنة على قدر الكلمة: الله يسلمك وصمتت

+



        

          

                
غادر الرجل يسحبها قليلا فعندما ابتعدوا عن مرءاهم نزعت يدها من ذراعه متحدثه بغيظ: خلاص يا خوياااا بعدنا عنهم كفاية تمثيل .. حاجة ترفع الضغط
هز الرجل رأسه يمينا ويسارا مستغفرا واتبع طريقة متحدثا: يالا يا ام مي الله يهديكِ يالا خلينا نروح
هتفت في استياء: الله يهديني ليه شايفني معفرته قدامك ولا بنكش في شعري
لم يجبها بشيء وهما بخطواته كي لا يتجادل معها فصقت على اسنانها غيظا وهتفت في نفسها واللي خلق الخلق لمطلعاه عليك بس اما نوصل البيت 
________________________________

+


كان في زيارة لوالده تعد هي المرة الاخيرة مرة قبل سفره لقد اقترحت شركة الطيران نقله من هذا الفرع بعد التحقيق معه وخصوصا بثبوت خطأه فلم يمانع بل قرر الابتعاد لدولة عربية اخرى فترة لربما حدثت بتلك الفترة معجزة ما 
يمسك كف والده يخبره بصدق هظبط اموري هناك وهخدك تعيش معايا مش هقدر اسيبك هنا يا بابا وابقى مطمن 
اجابه والده بحزن: يعني مش قادر تسبني وهتسيب مراتك وبنتك ازااي هنا لوحدهم
شردت ملامحه بعيدا بحزن وهو يجيب: قصدك طليقتي يا بابا ولو على بنتي هي بس تيجي بالسلامة الاول لسه على ولادتها شهر كامل هكون نزلت فيه وهكون جمبهم وقتها متخافش، وعلى العموم أنا ببعت لهم مصاريف وهبعت اكتر في غيابي 
اهم حاجة تكون موجود جمبهم ده اهم من اي حاجة تاني، حاسسهم انهم اغلى حاجة عندك في الدنيا يمكن تسامح يا بني في يوم 
اجابها كيان بجديه: كان نفسي تسامح وترجع والله حاولت معاها يا بابا لكن هي رفضت، مش عاوز اضغط عليها اكتر من كده وخصوصا اني جرحتها بدأت احس بالجرح ده وعمقه متأخر للاسف ..وقتها كانت السكينة سرقاني كنت اناني.. كنت مبهور باللحظة ..بس صدقني لو قلت لك اني عمري ما حسيت بالسكينة والراحة الا معاها هي .. 
-متفقدش الامل يا كيان لو بتحبها حارب عشانها حاسسها انها اغلى حاجة في حياتك
مضطر ابعد الفترة دي هسبها ترتاح يمكن بعدي عنها يخليها تفكر ترجع لي من تاني ولو اني حاسس انه مش هيفرق كتير بس اهي محاولة 

1


"كيان" قالها والده بحزم فرفع عيناه شديدة الحزن كانتا عميقتان مضطربتان فقال والده بصوت مبحوح: خد بالك على نفسك وسيب كل حاجة لربنا هو قادر ان كل حاجة تتغير في لحظة واحدة وبدل في حب في قلبكم لبعض وفي طفلة طرقكم هتفضل موصلة لبعض عمرها ما هتتقفل كون متأكد من ده 
اومأ كيان مصدقا على كلمات والده ووعده بأن لا يتأخر عنه حضنه بقوة وكأنه يريد ان يحفظه بداخله يطبعه على صدره يعلم ان الاشتياق له سيغلبه ..لكن الفراق حان وابتعد مغادرا لينهي ما تبقى له قبل كلمة النهاية

+


غادر شاردا الطريق طويل للغاية لا يعلم يشعر بان هناك شيء يجثو على قلبه لا يعرف سببه .. لكنه ابتسم وهو يتذكر ضحى وصورتها الاخيرة الطريفة ببطنها المتكورة رفع هاتفه يريد الاطمئنان عليها قبل سفره ولو مرة واحدة ضغط اتصال لكنه قطعه في اللحظة التالية مترددا من تلك الخطوة.. حيث باتت اشياء كثيرة ليست من حقه ..ترجل من سيارته يتنفس بقوة ثم استند على مقدمتها بكفيه وعينيه تسبحان بعيدا يفكر هل يخبرها بسفره اما لا حائر لكنه قرر في النهاية فعل ذلك فرفع الهاتف على اذنه متوقعا منها ان لا تجيب الاتصال من الاساس لكن ما حطم كل افكاره ان الهاتف مغلق .. زفر باحباط شديد لكنه لم يفكر لحظة وهو يفتح الرسائل ليكتب لها رسالة موجزة «اتصلت عليكِ كنت عاوز اسمع صوتك واطمن عليكم قبل ما اسافر ..بس للاسف محصلش نصيب اتمنى تكوني بخير دايما، خدي بالك على نفسك وعلى بنتنا» ضغط ارسال واغلق الهاتف ثم وضعه في جيب بنطاله صاعدا السيارة مغادرا المكان
______________________________

+



        
          

                
حمحم اذار وهو يقترب منها عدة خطوات متحدثا: متزعليش من كلامها هي متقصدش وفي داخله «هو الدبش كده بيخرج لوحده اعمل ايه!»
كانت تريد الانكار لكن من الواضح ان الحزن والغضب ظهر على وجهها فقالت بصوت باهت قليلا: مش زعلانه يا اذار عادي انا اكيد كان نفسي كتب الكتاب يكمل بس اللي حصل ..خير 
-واضح انك مش زعلانه ..قالها بسخرية وهو يستند على الجدار مجددا رفعا وجهه قليلا في حركة باتت تعشقها منه عندما يكشف غضبها او حزنها من شيء ما 
اجابته بهدوء شديد: كلامها زعلني شويه الانسان المفروض يحط نفسه مكان اللي حوليه .. لو مي في نفس الموقف كانت هتزعل لو حد قال كلام زي اللي هي قالته ده من شويه ، بس عموما حصل خير خلينا دلوقت في ضحى انا قلقانه عليها اووي كانت تريد تغير مجرى الحوار وهو اراد ذلك ايضا فرد بثقة :ان شاء الله خير قالها بتأكيد ثم اتبع هامسا هي الولادة صعبة اووي كده مكنتش اتوقع انها بالشكل ده الله يرحم امي اكيد تعبت فيا كده قالها بشرود بعيد 
فنظرت له بذات القدر من الالم لفقدان الام لكن من الواضح ان عيناه بهما المزيد من الحرمان والفقدان فبللت شفتيها هامسة بحنان لتخرجه من شروده: ربنا يرحمها .. هي شبهك يا آذار؟ في صور عندك ليها نفسي اشفها اووي؟
التفت لها متفاجئا من طلبها ثم هتف ببطء غير مقصود: في بس مش حلوة دي من الحاجات اللي خلتني اتعلم التصوير من صغري عشان كل ذكرياتي تبقى موجودة معايا بصور وتكون حلوة لان ساعات بشتاق لذكريات واشخاص 
اومأت في صمت ..وفجأة استمعا لصوت صغير خرج للحياة ..اتنفضت مبتسمة بسعادة فبادلها البسمة بواحدة اكثر عمقا
حمدت الله بداخلها أن الصغيرة خرجت للنور بقى فقط الاطمئنان علي ضحى مر وقت قصير فاخرجوا الصغيرة لحضانه في طابق اسفل وكانت تلك هي الغصة التي ابتلعها الجميع في صمت
طمئنهم الطبيب انها بخير لكن تنفسها غير مستقر وتحتاج لجهاز الاكسجين لبعض الوقت، وعندما يتحسن ستخرج على الفور
اطمنئن الجميع عدا ضحى والتي كانت تتألم في الغرفة التي نقلت بها منذ قليل فكيف تشعر بالراحة و طفلتها بعيدة عنها ، اقسمت لها فريدة عدة مرات انها بخير وكذلك عدلي ورغم ذلك لم تجف دموعها بعد والكلمة التى لا تكف عن ترديدها عاوزه اشوفها يا فريدة مش هطمن غير لما اخدها في حضني وديني ليها

+


والرد الدائم: فوقي بس وهنزلك ليها انتي كده كده هتقومي تتمشي شوية كده، دلوقت بس اشربي حاجة الاول واهدي كده هنزلك حاضر
واقتربت من حنة تحيط كفيها متحدثه ببهجة: وحنة هتروح تظبخ لك فرخة حلوه كده و شوربة بلسان عصفور تخليكِ ترمحي رمح 
رفعت حنة اصبعين متحدثه بمرح الاتنين شوربة ولسان عصفور مع بعض
رفعت فريدة كفها تضربها قليلا على كتفها متحدثه مزاح: ايوه الاتنين لا التلاته متنسيش الفرخة يالا قواام خلي اذار يوصلك ويروح هو يرتاح كفاية عليه كده النهاردة، وانا هبقى اخلي عدلي يعدي يخدك وقت ما تخلصي وتكلميني
هتفت بسعادة وهي تقترب تقبل ضحى: حاضر عيوني هعمل احلي فرخة ولسان عصفور لاجل عيون ام .... اللي صحيح هتسميها ايه يا ضحى
لم تقرر بعد.. فسؤال حنة فاجئها فقالت بصوت هاديء: مش عارفة قالتها بشرود ثم اتبعت في حزن اختاروا معايا 
حمحمت حنة متحدثه: هو انتِ ما اخترتيش ليها اسم قبل كده ..مـ مع كيان؟
اخفضت ضحى بصرها في حزن وهتفت في ايجاز: لا

+



        
          

                
نظرت فريدة لحنة نظرة قاتلة فحواها «ماذا تقولي» فشعرت حنة بالخوف قليلا من رد فعلها فقالت مسرعه: طب الحق بقى لسان العصفور من اوله ..يالا سلام
وغادرت الغرفة واغلقت الباب خلفها ومازالت متمسكة بالمقبض تلوم نفسها بصوت خافت: ماشاء الله عليكِ نابغة يا حنة لازم تقلبي عليها المواجع واللي فيها مكفيها اه اللي حصل بقى مكنش قصدي 

+


اقترب اذار متعجبا وسألها بشك: بتكلمي نفسك يا حنة؟
تفاجئت من وجوده فقالت بصوت باهت تحاول اكسابه اتزان: لا ابدا هكلم نفسي ليه ان كنت بدعي ربنا يالا عشان توصلني البيت هغير الفستان ده وهعمل اكل لضحى
-هتخلصي امتى؟
مش عارفة بس ساعتين اقل حاجة
هستناكِ وبعدين هجيبك هنا تاني
ارتبكت متحدثه: لا مينفعش ..وصلني وروح أنت عدلي هيبقى يعدي ياخدني وقت اما اخلص
زمجر بخشونة متحدثا: كان فاضل دقايق وابقى جوزك رسمي بس المفعوصة بنت اختك هي اللي قررت تأجل الموضوع مش ذنبي يبقى ايه تمشي قدامي من سكات هوصلك وهستناكِ كلمة زيادة هعورك مفهوم وقال كلمته الاخيرة بتحذير مرح
ابتسمت متحدثه: اللي تشوفه مكنتش عاوزه اتعبك
اشار بيداه للامام متحدثا: اتفضلي يا ملكة تعبك راحة
اشرق وجهها ببسمة رائعة نست العالم وكل ما حولها للحظة من الزمن ..اوصلها وصعد معها كانت في البداية تشعر بالحرج وبعض القلق لكنه كان متزن دلف غرفة الجلوس وجلس يشاهد التلفاز امامه في هدوء حتى غلبه النعاس دون أن يشعر 

+


بينما هي في المطبخ في حرب شنعاء .. تعرف عن الطبخ الكثير لكنها تفتقد للمهارة .. الفرخة حاولت معها كثيرا لكن بالنهاية المنظر كان غير محمود فورك مرتفع للاعلى وكأنه بانتظار الكرة ليركلها والشوربة لو ارادت تعذيب لسان العصفور لما فعلت به ذلك
تذوقت الشوربة وعبست متحدثه لنفسها: حلوة حلوة يا حنة متقلقيش اغلقت الاناء ونست النار مشتعلة من اسفله .. وخرجت تبحث عن زوج المستقبل وجدته يجلس على الاريكة الوثيرة بعد أن خلع حلته وفك رابطة العنق ايضا والزر العلوي والاكمام ثم رفعها قليلا ..كان منظره لا يقاوم كم هو رائع حقا اخفضت بصرها تستغفر الله واقتربت تهمس جواره برقة: آذار ..يا رورو
اقشعر جسده قليلا وتململ في نومه
آذااار .. نادته نداء اخير وعضت على شفتها تشعر بالخجل فهو الان مرهق بسببها .. حمحمت تجلس في المقعد المجاور متحدثه: تعبتك معايا
تعبك راحة يا حنتي قالها ومازال النوم يسيطر عليه
شهقت قليلا متحدثه بتعجب: أنت صحيت
هتف بتشوش: امممم كوباية شاي من ايدك الحلوة هفوق اكتر
حاضر قالتها بسعادة ونهضت تعد الشاي
دلفت المطبخ لتصتدم برائحة الاحتراق الجبارة والابخرة العالية .. اغمضتةعيناه للحظة بصرخة انهيار
انتفض النائم على الاريكة مفزوعا ظن ان اصابها شيء واتجه يرى اين هي، وماذا حدث؟
بحث قليلا حتى وجد المطبخ ..دخل فوجدها تزيل الاناء المحترق جانبا وتحاول فتح النافذة ليخرج الدخان
اندفع بانفاس لاهثه يفتح هو النافذة المرتفعة قليلا شهقت لوجوده وابتعدت خطوة فقربه منها جعل الدماء تجف في جسدها

+



        
          

                
هتف بقلق: هو ايه اللي حصل
اجابته بحزن: لم جيت اصحيك شكلي كده نسيت النار شغالة مش طفتها فالشوربة اتحرقت
عبس قليلا متحدثا: لسه في وقت اعملي غيرها
اومأت في حزن وبالفعل اخرجت اناء اخر
شعر بالشفقة عليها فقال بحنو كبير: هساعدك ممكن؟
ابتسمت له رغم الحزن فامسك زجاجة الزيت متحدثا: هنحط لسان عصفور مش كده
اومأت برضى فوضع الزيت وانتظر حتى يكون جاهز للبدء
وضع لمساته وكم كانت سعيدة، مرتبكة للغاية فوجوده معها في المطبخ كان يشعرها بحميمية رائعة وهو لجوارها بسيط هادي عاقل كل الصفات التي حلمت بها يوما وفي النهاية كان الطبق له مذاقا خاص لم تتوقعه 
____________________________

+


في الممر حاولت السير قليلا بمساعدة فريدة وواحدة من طاقم التمريض
كانت تتألم لكن فريدة اجبرتها على فعل ذلك رغم المها هي الاخرى فوجع ضحى كان ينحت قلبها دون هوادة لكن ما باليد حيلة هذه اوامر الطبيب وهي على علم بها ولا يجوز التغافل عنها حتى تتعافى 
ظلت ضحى تهمس بأنها تريد النزول للصغيرة 
وفريدة تطمئنها بأنها ستفعل بعد قليل

+


وقفت امام النافذة الزجاجية تتطلع لكائنات صغيرة رقيقة تبكي بأصوت رائعة وكأنها طيور تغرد لحنا جميلا وتتحرك بعفوية تسرق القلوب ظنا منها أنها مازالت في رحم امهاتها 
ابتسمت بحب ودموعها تتحرك ببطء لتنساب على وجنتيها ثم رفعت يدها على الزجاج وكأنها تريد أن تتلمس الصغيرة مازالت مرهقة من ألم المخاض لكن غريزة الامومة سلبت كل هذا التعب وكأن عافية تدفقت لجسدها عندما وصلت هناك ورأت صغيرتها تلك القطعة الفنية الرائعة يا الله كم هي جميلة 
كانت لجوارها فريدة تمسك بخصرها تدعمها وضحى تلقي بمعظم وزنها عليها ..قبلت فريدة كتفها هامسة بحنان عندما رأت دموعها: جميلة شبهك يا ضحى
ابتسمت بألم هامسة فعلا جميلة جميلة جدا ماشاء الله مش مصدقه انها بنتي أنا .. انا بقيت أم يا فريدة
هتفت فريدة بتأثر هي الاخرى ولا كأنها تعمل طبيبة: اه ام واحلى ام مش هتتخيلي يا ضحى ساعة لم شلتها اول ام اتولدت حسيت ان روحي بترفرف شعور حلو اووي حاسة انها جزء مننا ، اكتشفت اني بحبها فوق ما كنت اتخيل اني هحبها

+


ابتسمت ضحى وهي تميل برأسها قليلا لتستند على كتفها تقريبا متحدثه بصوت مبحوح: هيطلعوها امتي يا فريدة انا قلقانه من موضوع الحضانة ده خايفة عليها
قبلت رأسها متحدثه: متخافيش والله ما في اي حاجة تقلق الدكتور بنفسه طمنك إن بكرة هنقدر ناخدها،فاضل بس نطمن عليك ونروح النهاردة بالليل وهي بكرة نجبهالك يا ستي 
انتفضت ضحى متحدثه بخوف: لا مش هتحرك من هنا الا وبنتي معايا يا فريدة مليش دعوة 
اتسعت عين فريدة قليلا من حدتها وردت بتوتر: اهدي يا حبيبتي انتِ تعبانة مش كده وبعدين على انك تفضلي هنا لبكرة سهلة المستشفى كلها تحت امرك بس أنا كنت بتكلم عليكِ أنتِ عشان ترتاحي في البيت
اغمضت ضحى عيناها متحدثه: وهو أنا هيجلي نوم ولا هعرف ارتاح وهي بعيد عني
-خلاص يا حبيبتي هنفضل هنا وبكرة نروح بالبنوته يالا عشان تطلعي اوضتك عشان متدوخيش، بس مقولتليش هتسميها ايه يا ضحى، فكرتي؟ 
-مش عارفة يا فريدة، اقولك سميها روح عشان هي بقت روحي خلاص
يا سيدي يا سيدى قالتها شمس بمداعبة رائعة وهي تحرك اصابعها برقة
التفتت فريدة متفاجئة من وجودها سألتها بدهشة واضحة: شمس أنتِ عرفتي منين أننا هنا
اقتربت وعلى وجهها بسمة دافئة ناعمة متحدثه : حمدلله على سلامتك يا ضحى
قبلتها وهي تشعر بألم شديد مفاجيء
فابتعدت شمس متحدثه بخوف: مالك .. وجعتك ولا ايه؟!
-لا مفيش مغص عادي
تدخلت فريدة متحدثه بتأكيد: كفاية كده اطلعي معايا الاوضه يالا ..اسندي معايا يا شمس
امسكت كفها الاخر وبالفعل صعدوا لاعلى عن طريق الاسانسير ثم ممر طويل في نهايته غرفتها
جلست على السرير متحدثه بألم: مين اللي اختار الاوضه البعيدة دي عاوزه اوضه في الدور اللي تحت ده
ضحكت فريدة وهي تجلس لجوارها متحدثه: ده قسم الولادة مينفعش تقدي تحت يا ضحى
-يووه قالتها ضحى باعتراض وحزن 

+



        
          

                
اوصلها المشفى بعد مساعدتها في اعداد الشوربة «العصفورية» وغادر لشقته 
صعدت لاعلى فوبختها فريدة بشدة: كل ده يا حنة اتأخرتي كده ليه
حمحمت متحدثه :عقبال اما خلصت معلش يا يا ضحى استعدي بقى هتاكلي شوربة لسان العصفور
عبست ضحى متحدثه: مليش نفس عشان خاطري سبوني
اقتربت فريدة وشمس وتحدثتا في ان واحد: لا مينفعش طبعا انتِ نفسه قومي يالا 
نظرت لهما معا وقالت بضيق: كلكم عليا ولا ايه؟؟

+


اقتربت فريدة تسحبها برفق ووضعت الوسائد خلفها بينما اخرجت حنة الطعام ووضعته في صينيه صغيرة استعداد لان تأكل 

+


هنا تدخلت شمس متحدثه: امال فين البنوتة مشفتهاش من وقت ما دخلت؟
تجمدت يد حنة بالطعام وانسابت دموع ضحى دون صوت 
اقتربت فريدة تسحب كف شمس متحدثه تعالي هورهالك هي تحت
سارت معها متعجبه لكنها تفاجئت من كونها في حضانة وسألتها بقلق: هي كويسه يا فريدة ولا البنت فيها حاجة
اجابتها فريدة بتأكيد: لا بخير متخافيش
اومأت بهمس: عرفتوا كيان
تشنجت فريدة لكنها هتفت بصلابة نوعا ما: لسه نروح بس الاول وهخلي عدلي يكلمه يعرفه ده واجب
اومأت شمس مجددا ووجدت نفسها تقف أمام زجاج كبير يكشف من خلفه اطفال صغار يالله كم يحملون من البراءة والجمال اقتربت شمس متحدثه بحمااس متقوليش هي مين فيهم أنا هعرف لوحدي
تعجبت فريدة من طلبها لكنها اجابت مشدوه: ماشي
ظلت تتطلع لهم جميعا عدة دقائق ثم توجهت ببصرها لطفلة هناك صغيرة ذات شعر اسود ناعم يشبه ضحى وعينان واسعتان سودويتان كانت بشرتها كطبق قشدة فأشارت له شمس متحدثه: هي دي شبه ضحى بالظبط سبحان الله نسخة صغيرة منها 
حمحمت فريدة وهي تشير باتجاه اخر تمام: هي السفروته اللي هناك دهي
اتسعت عين شمس وفغرت فمها وشعرت بحرج لم تشعر به سابقا
ابتسمت فريدة متحدثه بمداعبة: البنت طالعه لكوا يا شمس شقرا وملونه مطلعتش لمامتها
ضحكت شمس متحدثه: ولخالتها كمان
اتسعت ابتسامة فريدة اكثر لكنها اجابتها باصرار: بس هي طالعه لكيان اكتر لو دققتي في ملامحها بيقولوا ان الواحدة لو بتحب جوزها بيكون الجنين الاول شبهه
مالت شمس برأسها قليلا وقالت: هو أنتِ بتصدقي في الكلام ده بردة يا دكتور فريدة
اجابة فريدة بتيه: ساعات مش اووي يعني
ثم قالت وهي تنظر لساعتها أنا هروح العمليات دلوقت في حالة مهمة محتاجين ابص عليها وهرجع على اوضه ضحى ..هتعرفي تطلعي لوحدك ولا ابعت لك حد من العاملين يكون معاكي
ابتسمت شمس متحدثه: لا هعرف متقلقيش عليا روحي أنتِ متتأخريش
اومأت فريدة وهي تغادر في صمت

+


نظرت مجددا للطفلة وضحكة برقة كبيرة وسعادة وقالت بصوت مبحوح: بقى انا عمت الكائن السكر ده

+


هتف من خلفها :عمتو الحرباية
اتسعت عين شمس لسببين الاول الكلمة والسبب الثاني من قالها؟
التفتت تتأكد مما سمعت كانت النتيجة الصادمة لها انه نفس ذات السخص لكن تلك المرة يمسك بطبق به قطعة سينابون كبيرة للغاية تعجبت لمن سيأخذها وظل نظرها معلق للحظات عليها متعجبة لكنها خرجت من حالة التأمل متحدثه بغضب: قلت ايه دلوقت
اجابه ببساطه: قلت عمتو
احتدت في كلامها وقالت: لا قلت عمتو الحرباية أنا حرباية
ابتسم متحدثا: قلت عمتو القمراية أنتِ اللي سمعتي غلط بقى ده منظر حرباية بردة ورفع السينابون لفمه والتهم جزء منها
لن تنكر ان غزلة اعجبها رغم انها متأكدة من الكلمة الاولي لكن هكذا هي النساء غبيات كلمة تأخذهم لسابع سماء مجرد كلمة فحمحمت متحدثه بصلابة زائفة: بس أنا متأكدة انها مكنتش كده
اجابها وهو يقترب خطوة: هو كل اما بتقابل هنفهم بعض غلط كده عموما انا اسف
لانت ملامحها وقالت بصوتها الانثوي الناعم: خلاص حصل خير يا دكتور
اجابها ببشاشة قبل ان يتناول جزء اخر: أنس ..دكتور أنس
ماشي يا دكتور أنس وظل نظرها متعلق بالسينابون مجددا
فحمحم متحدثا: تجربي؟
لا لا شكرا أنا مجربتوش قبل كده
ابتسم أكثر متحدثا: يبقى دي حاجة تخليني اصر عليكِ إنك تجربي صدقيني طمعة تحفة وقمر خالص
نعم!! قالتها وهي ترفع حاجبيها معا
ناولها جزء منه متحدثا ببراءة: قصدي السينابون تفكيرك راح فين؟!
ااااااه السينابون! قالتها براحة رغم عدم اقتناعها لكنها تناولته منه متردده بعض الشيء
فشجعها متحدثا: قطمة واحدة جربي ولو معجبكيش هاخدها واهه يمكن اجري وراكي، بس لو عجبتك المرة الجاية وانتِ جاية تجبي خمس علب بحق الله ليكِ واحدة وليا اربعة
انفجرت في الضحك عاليا ورفعت القطعة لفمها وقضمت جزء يسير منها
كان منتظر الاجابة بلهفه لا يعرف سببها والتي جاءته افضل مما يتوقع شكلي هغرم وهجيب خمس وحدات المرة الجاية
ابتسم بثقة لكن البسمة تعمقت أكثر وهو يشعر بشيء يسري في جسده لا يعرف ماهيته ونبضات تضرب صدره بقوة.. سأل نفسه ببلاهه ايعقل ان يكون هذا هو الحب؟
___________________________

+



        
          

                
صباحا في المطار انتهت الاجراءات وفي انتظار الصعود للطائرة برفقة والدته ..
يجلس شاردا يفكر في حياته السابقة يحاول أن يحاسب نفسه كما امره والده .. يعرف اين هي اخطاءه ليغيرها ..
اما عنها فهي عابسة تشعر بالاستياء من الجميع حتى منه شخصيا ..نادته اكثر من مرة حتى التفت له متسائلا بتنادي يا ماما؟
اللي واخد عقلك يا كابتن؟
ابتسم نصف ابتسامة وقال بصوت خافت: مفيش
طليقتك عارفة بسفرك النهاردة؟
السؤال كان اكثر من عادي لكنه شعر بمرارته لشيئين كلمة طليقته من فم والدته وكأنها تسبها والسبب الاخر اجابته المختصره: لا
زفرت زينات بداخلها وضيقت عينها تتمتم بكلمات حادة بداخلها ثم التفتت لصوت النداء للطائرة الخاصة بهم
فقالت بصوت متحمس: يالا يا كيان استعد ..وقالت الكلمة الاخيرة بطريقة مريبة بعض الشيء لم يفهم غايتها لكنه امتثل لكلمتها بالنهوض ووضع نظارة الشمس خاصته على عيناه مودعا مطار القاهرة لبعض الوقت ظنا منه انه لن يراه لفترة

+


على مقعدة يجلس يشعر بالضيق كلما اقترب معاد المغادرة يشعر بشيء يجثو على قلبه وللاسف يجهل سبب ذلك الشعور اخيءا اقلعت الطائرة وتمنى أن تقلع همومه هو الاخر وأن تعود السعادة لحياته اغمض عينيه يتمنى ذلك

+


__________________________________

+


يجلس في غرفته يشعر بحزن العالم 
تمر الايام عليه وكأنها اعوام .. لقد ذبلت روحه مبكرا
دلفت والدته بوهن لغرفته فوجدته يجلس على مقعدا يفرد رجله المصابة ولجواره عكازه .. اغمضت عيناها للحظة فكلما رأته شعرت بضيق في صدرها وكأن روحها تسحب ..
اقتربت تضع يدها على كتفه متحدثه بحنان: كلت يا وسام
ابتسم لها بصعوبة متحدثا: الحمدلله يا ماما
نظرت للطاولة الجانبية فوجدت الطعام يعد كما هو ..فابتسمت وهي تتجه للطاولة تعد له «ساندوتش صغير »متحدثه بحنان: خد ده كله أنت اكلتك بقت ضعيفة اووي يا وسام
-مليش نفس يا ماما
ادمعت هامسة: هتفضل على الحال ده كتير قعدتك دي مش هتعمل حاجة ولا هتغير حاجة اخرج يا وسام من الحالة اللي أنت فيها دي واجهة يابني أنت معملتش حاجة تستخبى منها
التفت له متعجبا وقال: مين قال اني مستخبي
اجابته بحزن: من غير ما تقول أنا امك وحاسة بيك من غير ما تتكلم .. وبقولك اخرج ارجع للحياة من تاني ..قرب من ربنا يا وسام صدقني هترتاح يا ابني روح اعمل عمرة احجز ليا أنا وأنت نعمل عمرة ايه رأيك أنا كمان محتجاها اوي
شرد في كلماتها واجابها بالنهاية: ربنا يقدم اللي فيه الخير 

+


___________________________________

+


هرج ومرج لا حدود له
لقد اختفت الصغيرة في لحظة وكأنها ذرة ملح في ماء ..لا وجود لها
تصرخ فريدة بعلو صوتها على الجميع: ازاااي طفلة تخرج من الحضانات ومن المستشفى ازاااي الامن كان فين
اجابة رئيسهم بحزن: خرجت من البوابة مع واحدة كانت في المستشفى زيارة، الكاميرات جابت ده بس المشكلة اللي المفروض حضرتك تنتبهي ليها: انها ازااي خرجت من الحضانة
تنفست بعمق واخيرا صاحت بصوت حاد: هتولي كل اللي مسئولين عن الحضانة وقسم الاطفال حتى العاملين فيه 
اومأ قائد الامن واتجه ينفذ ما طلبت
بينما عدلي في طريقه للمشفى لم يصدق ما سمعه على الهاتف كيف لروح أن تختفي من المشفى ..يشعر أن الامر به سوء تفاهم
وصل اخيرا وبدأ في الاندماج مع فريدة في عملية كشف المجرم .. وكانت النتيجة النهائية احدي العاملات اختفت هي والطفلة
جلست فريدة بضياع تام ..
فالعاملة ليس لها احد سوى اقارب من بعيد ولا يعرفون عنها شيء .. تضرب المكتب امامها بشرود متحدثه: هقول لاختي ايه هقول لها بنتك راحت فين .. هعمل ايه يا عدلي هعمل ايه؟؟
وعدلي مازال في طور الصدمة لكنه قال بحزم لانهاء الامر: هكلم الشرطة يا فريدة
لا يا عدلي خايفة اللي عملوها يأذوا البنت لو كلمنا الشرطة
اجابها بحزم دون جدال: وانتِ تعرفي مين اللي عمل كده من الاساس ..هكلمهم يا فريدة ده شغلهم عشان البنت ترجع
وضعت يديها على وجهها بحزن وعلى صوت بكاءها لكنه لم يستجيب لذلك الان واتجه للقسم ليقوم بعمل محضر رسمي بسرقة الطفلة

1



        
          

                
___________________________________

+


في الشقة الفاخرة ..
تجلس بخيلاء على مقعد وثير ..
لقد غادر كيان منذ قليل لانهاء اجراءات خاصة بعمله واستغلت الفرصة في محادثة الفتاة التى ترعي حفيدتها
كان صوتها خافت بعض الشيء حتى لا تسمع الخادمة حديثها رغم كونها فلبينية لكن الحرص واجب فقالت بصوت حازم هادئ: البنت تاخدي بالك منها الفلوس اللي معاكي اصرفي منها مش عاوزاه ينقصها اي حاجة ابدا، لا لبن ولا لبس كل اللي تحتاجة هتيه ومرتبك هيوصلك بعيد عن الفلوس دي اول كل شهر المبلغ اللي اتفقنا عليه فهمتي ..بأكد عليكِ البنت اهم حاجة لحد ما الفترة دي ما تعدي وهاجي اشوفها بنفسي 
............................
خلاص روحي يالا شوفي البنت واغلقت الهاتف غافلة عن العينان التي تقفان خلفها متسعتان وكأنهما بركتان من حميم

+


استدارت لتضع الهاتف على الطاولة فوجدته امامه
شلت حركتها وكاد الهاتف يسقط من يدها، مرت عدة لحظات حتى خرج صوته مذهولا: اوعي يكون اللي فهمته صح .. مش ممكن تكوني بتعملي حاجة زي دي ؟!
حمحمت وتلعثمت وهي تجيب: فهمت ايه بالظبط وحاجة ايه يا كيان؟! ..وبعدين انت جيت امتي مسمعتش صوتك؟

+


اجابها بحزن ومازال الذهول مرسوم على وجهه: جيت وأنتِ في الحمام يا سيادة السفيرة كنت راجع اخد ورقة وماشي لكن للاسف سمعت المكالمة بالصدفة ومش قادر اصدق عاوز اعرف كنتي بتكلمي مين .. ومين الطفلة دي وليه كل ده مش فاهم؟
حمحمت تحاول ايجاد رد فقالت: مفيش واحده بساعدها لله 
ضحك كيان بقوة حتى ادمعت عيناه ثم اعتذر متحدثا: اسف مش قصدي حاجة بس اذا كان كده اتصلي بالرقم تاني عاوز اتأكد واعرف مين اللي كنتي بتكلميها بنفسي
شعرت بصدمة فضمت الهاتف اكثر لها وكأنها تخشى عليه، خوف ضرب اوصالها شعرت بتجمد لتفكيرها وردت بايجاز قاطع: لأ ..مش هينفع 
لكنه لم ينتظر كثيرا وهو يسحب الهاتف من يدها فجأة دون أن تشعر وضغط زر الاتصال صرخت به معترضه ان يعيد الهاتف لها.. كانت خائفة لا تريد ان ينكشف الامر لكن الوقت كان قد انتهى والفتاة تجيب بحذر: زينات هانم 
فرد كيان متحدثا بهدوء:لا بس زينات هانم بتقول لك خدي حذرك الفترة الجاية
سألته الفتاة بقلق: ليه؟ ايه اللي حصل؟!
رد بايجاز لتقع في الشرك: البوليس عرف الموضوع كله
ضربت الفتاة صدرها متحدثه برعب: يا مصبتي اكيد عرفوا اني كنت شغالة في المستشفى والدكتور عدلي مش هيسكت اعمل ايه يارب اوديها المستشفى من تاني ولا اعمل ايه 
-هي بنت ضحى مش كده كان سؤاله خافت كأنه لا يريد اخراجها من حالة الرعب لتجيب بصدق، فقالت الفتاة بانفعال: ايوه بنت زفته اعمل ايه انا دلوقت هي قالت لك اعمل ايه؟؟
انتظرت الرد لكنه لم ينتظر وهو يغلق الهاتف في وجهها اكتفى بما سمع وصدم صدمة عمره لا يصدق ما فعلته والدته ابدا
انزل الهاتف امام وجهها الشاحب وتحدث بصوت ساخر متألم: بنتي جات الدنيا وبدل ما تقوليلي اروح اشوفها وافرح اني بقيت أب، تخطفيها زي المجرمين وقطاع الطرق مش مصدق أنتِ مش ممكن تكوني أمي جالك قلب تعملي كده فيها 

+



        
          

                
جلست على المقعد من خلفها بإضطراب وهتفت: ده بدل ما تشكرني اني خدتها وكنت هعمل ضدهم محضر اهمال وكنت هاخدها بعدها بسهولة اضمها لحضانتي أحنا اولي ببنتنا
اتسعت عيناه لا يصدق ما يسمع هز رأسه قليلا يحاول استيعاب ما قالت يشعر باستياء كبير لولا انها والدته لكان رد فعله مؤذي يريد قتل احدهم الان لكنه مكتف الذراعان بكونها امه .. ادمعت عيناه قليلا وهتف بيأس وكتفيه يسقطان في شعور قاتل: عرفيني أنتِ بتعملي معايا كده ليه ..هل دا حب ولا كره؟!
اجابته بخنقه واندفاع وكأنه هو المذنب وليست هي: بكرهك بعد كل ده تقولي كلمة زي دي أنت هتفضل طول عمرك كده ميعجبكش اي حاجة بعملها ودايما شايفني شيطان انا عارفة السبب ورا ده كله كلام ابوك عني مش كده، هو اللي مسوء صورتي في عينيك وكل ده ليه عشان فضلت اعيش حياتي كان لازم ادفن نفسي جمبه بالحيا عشان تبقى مبسوط أنت وهو وشايفني الام المثالية اللي عاوزها 

1


ظل يتأملها كثيرا واخيرا نطق بوجع :البنت فين من غير كلام كتير؟
اجابته وهي ترفع حاجبها باستياء: ليه عاوزها ليه؟
نهض بغضب العالم متحدثا بصلابة: بنتي عاوز اشوف بنتي يا سيادة السفيرة ايه هتمنعيني من ده كمااان؟!
اجابته بتحد كبير: شوفها مقلتش لأ لكن انسى تهد اللي عملته
مكانها فيــن؟ سألها بلهجة قاسية
فصمتت تتأمل ملامحه القاسية ثم هتفت بسخرية: أنت ناسي أنت فين دلوقت أنت في دولة تانية يا كيان فووق كده واهدى واسمعني لو على المسألة القانونية فالامر اترتب لوحدة احنا بارة البلد سيرتنا مش هتيجي في الموضوع نهائي
اجابها وهو يشوح بيداه: ازااي واحنا المستفدين الوحدين اول حد هيجي في بالهم احنا بالتأكيد

+


الموضوع هيتفسر انه سرقه طفل عادي انا رتبته على الاساس ده متقلقش
أنا مش قلقان يا ماما قالها بسخرية شديدة ثم اتبع: البنت فين من غير كلام كتير لو سمحتى أنا بحاول اكون هادي لاخر لحظة مش عاوز انفعل عاوز مكان البنت بس 
امام اصراره لم تستطع الصمود أكثر واخبتره المكان حاولىحجز موعد على اول طائرة عائدة لمصر فكانت بعد مرور اربعة وعشرون ساعة قضاهم في تفكير والم .. 
بينما في الجهة الاخرى كانت تبكي بقهر تصرخ غير ابهة بحالتها المرضية :بنتي هتولي بنتي .. أنا عاوزه بنتي يا فريــدة وديتوا بنتي فيــن؟!
وحولها الجميع بين قهر وبحث لم يتركوا مكان او سكة الا وبحثوا بها بغية ان يعثروا على الصغيرة لكن دون جدوى وكأن الارض انشقت وابتلعتها
اصبح جسدها هشبح بلا حياة زادت الهالات حول عينيها وشحب وجهها وابيضت شفتاها ..وظهر الارهاق عليهم جميعا ومازالت ترفض مغادرة المشفى دون ابنتها
حاولت معاها فريدة لكنها لم تستجب وهنا تدخل عدلي هاتفا بأمر: سبيها يا فريدة كتر خيرها مش هنقدر نضغط عليها اكتر من كده
-عدلي هي كده البنت خلاص راااحت؟
تنهدت بألم متحدثا: مش ساكت يا فريدة والله عملت كل حاجة ولسه لحد دلوقت مفيش أمل بس ربنا موجود 
اغمضت عيناها بألم لا تعلم ما القادم لكن كل ما تعرفه ان غياب الصغيرة سيكون وفاة اختها لا محال

+



        
          

                
الوقت يمر بطيء صعب على الجميع
في الطائرة يحسب الدقائق والثوان المتبقية لوصوله لا يعرف كيف سيتصرف في الامر ..وكيف سيتقبله الاخرين لكن ما هو واثق منه أنه لا يستطيع تنفيذ مخطط والدته القذر ولو للحظة .. يفكر ببسمة خاطفة كيف هي هل اخذت ملامح ضحى ام ملامحه .. لكن سرعان ما يعود الحزن ويكسو وجهه عندما يتذكر الحالة القائمة ..لا يعرف كيف تكون ولا ما بها؟
زفر بحنق ولحظات وهبطت الطائرة مر الوقت سريعا وهاا هو يقف امام شقة في منطقة سكنية بعيدة في محافظة اخرى ... تخطيط محكم من والدته
تسألت الفتاة قبل فتح الباب مين
اجابها بهدوء: متخافيش أنا من طرف زينات هانم بعتاني ليك
فتحت الباب مواربة وطلت بنصف رأسها متحدثه بشك: زينات مين بالظبط أنت عاوز ايه
ابتسم كيان متحدثا بصلابة: قلت من طرفها ودفع الباب متحدثا: انا ابنها ابعدي واللي جوه دي بنتي
تجمدت الفتاة وشحبت ملامحها وقالت على الفور: والدتك هي اللي طلبت مني اعمل كده
رفع كيان يده محذرا: مسمعش صوتك ابعدي انا مش عاوز غير بنتي وخلاص وبالفعل دخل الغرفة المواجهة له فوجد سرير صغير دق قلبه بعنف وهو يقترب ليرى طفلة صغيرة للغاية ..اقسم في نفسه انها تشبهه بشدة ابتسم من كل قلبه ومد يداه ليرفعها وهو ولا يعرف كيف لكن هناك احساس طغى عليه عندما رأها حملها برفق وضمها لصدره فتململت الصغيرة في نومتها
غادر تحت نظرات الفتاة المتفحصة الخائفة والتي اسرعت من خلفه تحدثه برجاء: الله يخليك
الله يخليك يا بيه متعمليش حاجة انا غلبانة وحافظت على بنتك ..توقف خطوة عن السير يستمع لكلماتها بألم رهيب يفكر لو رجع لها لدق عنقها تلك الجشعة لكنه اكمل طريقه مبررا لنفسه خطأها انه لولا الحاجة لما فعلت ذلك من الاساس والاهم الان لديه هو ان طفلته بين يداه وبخير وما دون ذلك هبأ 

+


في سيارته وضعها جواره برفق جواره يتأمل ملامحها تكاد عيونه تبكي ولم يشعر الا وهو يرفع الهاتف للاتصال بعدلي لابد من ان يخبره الامر وليفعل ما يفعل فهو بالنهاية يستحق ما سيحدث
كان رد عدلي قاسي في البداية لكنه حاول التماسك وطلب منه ان يعود بالطفلة فهوواسلم شيء .. اغلق معه على وعد بعودته سريعا

+


في المشفى اخبر الجميع عدا ضحى لم يستطع احد اخبارها بشيء خشية التأمل وبعدها تجد سراب لا وجود لها
حتى دلف المشفى .. يحمل الصغيرة بالفعل كما قال استقبله عدلي بتنهيدات حارة ..اخيرا سقط حمل كبير من فوق ظهره برؤية الطفلة مجددا 
دلف غرفتها وعندما رأته يحمل طفلتها ربطت كل الخطوط فنهضت بجنون من على الفراش تخطف الطفلة من بين ذرعاه بقوة وتدفعه متحدثه بابشع الفاظ ممكن ان تقال في موقف ومكان مثل هذا

+


امسكت فريدة الطفلة وحاولت تهدئتها لكنها كانت ثائرة بجنون تسبه وتدعو عليه من شدة الضغط وخوفها على ابنتها
تحدثت بصوت قاتم حاد: عاوز تخطف البنت وترجعها مفكر كده هتكون راجل في نظري وهرجع لك أنت مفكر نفسك ايه أنت ولا حاجة اطلع باااارة معدتش عاوزة اشوفك تاني لو صدفة، أنت باللي عملته النهاردة ده محيت نفسك من قلبي ربنا يسامحك مش عاوزاك في حياتنا بنتي هربيها لوحدي عيش حياتك وابعد عننا

+



        
          

                
ظل صامتا يتقبل اهانتها دون رد لكنه تحدث اخيرا بعد انتهائها ووقوفها تلهث امامه بانفعال: انا اسف للرعب اللي عشتيه بنتنا معاكِ يا ضحى حافظي عليها والتفت يغادر تحت نظرات الجميع الغاضبة الذاهلة المتألمة
بينما اسرعت هي تخطف الطفلة من فريدة تضمها لصدرها وتئن بوجع كبير انسحب عدلي تاركا اختيها معها جلست على الفراش تبدأ اولي رحلاتها كأم مع أول رضعة طبيعية للصغيرة وكم كانت شاااقة عليهم 

+


________________________

+


ظل في الخارج لبعض الوقت يحاول الهدوء والاسترخاء لحقه عدلي وهتف بصدق مبررا: متزعلش من ضحى أنت عارف انها ام واي واحدة مكانها كانت هتعمل كده واكتر
ابتسم كيان هاتفا: مش زعلان بس ياريت تبقى تعرفها الموقف كله وتفهمها ان مليش ذنب في اللي حصل أنا كنت خايف من رد فعلها لكن اللي شفتها جوه دي مش ضحى 
اقترب عدلي مرتبا على كتفه وقال بصوت داعم: سيب كل حاجة للزمن هو كفيل انه يداوي كل الجراح هتعمل أنت ايه دلوقت
رفع كيان عيناه الحزينة في شبه بسمة وقال: هسافر بتهيئلي مبقاش ليا مكان هنا وسطكم
صمت عدلي غير قادرا على الرد فهو ليس لديه رغبه في الخوض فيما مضى يكف ما عايشوه الفترة الماضية
غادر كيان تحت نظرات عدلي المشيعة وكان في انتظاره بالاسفل اذار لم يصدق كيان وجوده الان كان في حاجة ماسة لشخص يدعمه
تحدثا سويا وتطرقا لامور كثيرة شكا كل منهما للاخر همه واحزانه
وعاد آذار تاركا اياه يسبح في هموم ثقيلة لا حصر لها
_______________________________

+


في البيت عادت بقلق شديد
لدرجة انها لا تريد النوم خوفا من ان يأخذوها مجددا
حاولت فريدة التدخل وطبيبة نفسية صديقه
كان لها دور فعال ..
اخبرتها مررا: أن كل شيء بيد الله ..لو اراد شيء لن تقف قوي البشر لمنعه ولو لم يرد لن تسعى جهودهم في شيء .. بدأت تقبل الامر .. قل الخوف .. لكن الحزن لم يذهب.. رغم سعادتها التي لا توصف بالصغيرة 
_______________________________

+


في عاصمة احدى الدول الاوروبية ...
كانت تقف في جوه بارد للغاية وهناك امامهم متجر يصنع حلوى المثلجات .. اخبرته بهدوء هي تسير لجواره: لو طلبت منك ايس كريم دلوقت هتقول عليا مجنونة
اجابها ببسمة تخبرها انها اهل لما قالت لكنه قال بهدوء وجمال: اطلبي اللي تحبيه يا جمانة
كانت تريد اخباره انها تريده هو لكن بعض من حياء حديث لديها اوقفها فقالت بصوت ناعم: عاوزاها بالمانجااا والشكولاته
عبس ماهر قليلا فالطعمان بعيدا قليلا لكنه اومأ متجها للمكان المخصص لبيع المثلجات على الجهة الاخرى من الشارع
وقفت وعلى وجهها بسمة شريدة حزينة ..
اصتدمت بها فتاة من سكان المدينة اعتذرت جمانة لكن الرجل الذي كان يسير مع الفتاة التفت متفاجئا من وجودها وابتسم متحدثا بعدم تصديق: جمااانة مش معقول مش مصدق عيني بتعملي ايه هنا
دققت النظر في ملامحه علها تتذكره لكنها لم تستطع فقالت اخيرا بصوت واهي: معلش أنت مين مش واخده باللي؟
اتسعت عيناه وقال بشك: مش عارفاني بجد ولا حركة منك
اجابته بضيق: لا مش عارفة لاني فاقدة الذاكرة
ابتسم متحدثا بفحيح جعل جسدها ينتفض: سمعت انك فاقدة الذاكرة بس مصدقتش ..بس حتى لو فاقدة الذاكرة المفروض تنسي الكل عدى أنا بقى معتز يتنسي بردة وجذب خصلة من رأسها
ابعدت رأسها فتألمت قليلا لكنها قالت بصوت اشد غضبا: انت مين وايه مدي معرفتك بيا يا استاذ معتز
اجابها ببعض كلمات جارحة وصف بها علاقتهم السابقة جعلت جسدها يهتز مرتجفا و هتفت بانفعال: اتفضل كمل طريق أنا معرفكش ومش هيكون ليا الشرف بمعرفتك دي
ضيق عيناه بغيظ وهو يغادر متحدثا: بكرة تجيلي زاحفة يا جمااانة متخافيش
كانت تشعر بالدوار يفتك برأسها وعند وصول ماهر بالمثلجات لم ترفع وجهها له حتى بل قالت بصوت مبحوح حزين: لو سمحت ممكن نروح
تعجب التغير الطارئ عليها فسألها بشك: مالك في حاجة ضيقتك
اجابته ببساطة: حسيت اني تعبت فجأة ارجوك نروح
لم يجادل بل اعادها لشقتها هي والفتاة المرافقة التي باتت تعمل معها كظلها في كل مكان بعدما حدث

+



        
          

                
القت الحقيبة واتجهت لفراشها ترتمي عليه بقوة تبكي بقهر تسأل نفسها كيف كانت بهذا الرخص كيف سمحت لشخص غريب بامتلاكها ووشم اسمها للابد والاصعب كيف ضعفت ووصلت لتلك الذلة كيف .. تتسأل لماذا ضعفت .. حتى وجدت الاجابة جليه امام عينها انها لم تجد من يخبرها الحلال والحرام .. كانت تعلم انه عيب لكن لم يخبرها احد ان التقرب من شاب والانفراد به قد يؤدي بها الي الهاوية ..شهقاتها كانت عالية ..تشعر بالاستياء من نفسها باتت تستحقر جمانة القديمة .. تريد الخروج من عباءتها وارتداء عباءة اخرى تكون أكثر جمال
تكون اكثر طاعة لله
لكنها لا تعرف الا القليل لم تجرب هذا القرب من قبل يريد دفعه .. وكأن الفتاة قرأت ما بداخلها اقتربت تربت على كتفها متحدثه بحنان: ايه رأيك تقومي نتوضى ونصلي سوااا
كانت الكلمات تتردد في ذهنها بصدى بعيد اخيرا اجابتها بحرج بالغ: مش عارفة مش فاكرة ان كنت صليت قبل كده ولا لأ من الاساس وانخرطت في موجة بكاء عنيفة
اشفقت الفتاة عليها فقالت بصوت حان داعم انا جمبك وخلينا نبدأ من النهاردة سيبي اللي فات ورا ظهرك كله يا جمانة 
اجابتها ببكاء: خايفة خايفة اووي
سحبت كفها وكأنها طفل صغير ترشده للنجاة متحدثه بتشجيع: قومي معايا هنصلي دلوقت هعلمك متخافيش
وقد كان توضأت بتعليماتها ثم شرحت لها الصلاة قبل البدء وها هي دموعها تتسابق في الهطول وكأنها امطار في ليلة شتاء قاسية 
انتهت وابتسامه جديدة ترسم على وجهها ولسان حالها يقول ضاع قلبي فوجدته في الصلاة 
__________________________ 

+


عقد القران للمرة الثانية
هتف اذار في الهاتف مداعبا اياها: اوعي يكون في حد حامل موجود النهاردة انا بقولك اهه المرة دي انا قتيل مش ماشي الا وأنتِ مراتي على سنة الله ورسوله

+


ضحكت حنة برقة وقالت: خلاص بقى يا آذار ميبقاش قلبك اسود وبعدين روح تعمل اللي هيا عاوزاه
-ماشي يا ستي عنينا لروح وخالت روح اللي مطلعه عينيا
اجابته بدلال أنا برده ده أنا غلبانه
-غلبانه ..طيب يالا انا وصلت تحت هركن اهه وطالع على طول، يا مسهل يارب
اغلقت الهاتف وهي تدعو من كل قلبها أن يتم الامر على خير فالليلة لا تريد ان يحدث شيء ويلغى الامر مجددا فكلمات زوجة ابيه مازالت تتردد في اذنها وتقلقها
استنشقت بقوة لتهديء من روعها على دخول فريدة والتي تهتف بسعادة حقيقية: العريس وصل يالا يا عروسة المأذون في انتظارك
ارتبكت حنة متحدثه: شكلي حلو يا فريدة قولي لي 
دققت فريدة النظر حتى ادمعت عيناها ورفعت يدها تقول بصلابة: ماشاء الله ..تبارك الله قمر يالا يا حبيبتي
خرجت تشعر بالتوتر لكن نظراته كانت داعمه اكثر مما ارادت .. فشعرت ببعض الراحة وهي تجلس في مكان مقابل له، انتهي العقد وها اصبحت زوجته نهض الكل يبارك لهما واقترب منها يصافحها عن قرب متحدثا بسلاسة وكأنه يخبرها شيء عادي: البوسة بتاعت كتب الكتاب اخدها الوقتي قدام الكل ولا اما نبقى لوحدنا
شهقت قليلا وكادت تسقط مغشيا عليها .. اشتعل وجهها بقوة وحاولت سحب كفها متحدثه بتلعثم: اذار الناس حوليك ايه اللي بتقول ده؟
حمحم متحدثا بتوتر: شكلي اتأثرت شوية بالموقف 
ابتسمت رغم عنها وقالت: مبحبش التسرع ابداا يا اذار
علم مقصدها فرفع اصبعه متحدثا ببراءة: واحدة بس هموت واعملها من زمان حرام عليكِ أنتِ ايه حجر

+


حمحمت متحدثه بجدية وخجل : اول واحد هيروح النهاردة هيكون أنت سامع
جلس على المقعد سريعا بثبات وهتف : ده أنا قتيل الليلة دي يا جميل 
أظهرت الغضب مما قال لكن قلبها يصرخ بعشقه ويريد تلبيه كل أوامره دون نقصان 

+


اقترب عدلي متحدثا: بتقولوا ايه يا ولاد؟
كاد أن يخبره امر اخر لكنها خشيت أن يخبره ما يدور برأسه فقالت سريعا لتخفي الامر: مفيش بنتكلم عن الفرح والحاجات اللي ناقصه والتجهيزات 
اومأ عدلي ببسمة ساحرة وقال: ربنا يوفقكم بس نصيحة سيبوا كل الحاجات دي لبكرة والنهاردة عيشوا اللحظة دي لانها مش بتتكرر تاني دي لحظة في العمر بس
رفع آذار يداه قليلا بعد مغادرة عدلي وقال بسعادة: اهه جبت حاجة من عندي، سمعتي بودنك
ضحكت حنة ثم وضعتةيدها على فمها لتخفي ضحكتها خوفا من التفات الجميع وسحرها التي لا تعرفه لكن الوقت قد فات وسحرها أنتشر في قلبه الا مالا نهاية 
جلست بمفردها معه ..
تتناول الطعام ..قال بصوت امر محب: اكليني
عبست متحدثه: هنبدأها بأومر يا سي آذار
قال بنفس ذات اللهجة: اكليني
زفرت وهي تقطع بالشوكة والسكين قطعة من اللحم ورفعته لفمه فقال بصوت امر للمرة الثانية: بإيدك
اكليني بإيدك
حمحمت تشعر بتوتر كبير لكنها لا تريد كسر خاطرة فامسكت قطعة اللحم بيد ترتجف ومدتها لفمه فقبض كفه علي أصابعها بقوة حانية وكأنه أمسك شيء ثمين 
شهقت بقوة ثم  حاولت الهدوء قليلا متحدثه بتلعثم: ايدي بلاش الحركات دي آذار، عيييب

+


لكنه قرب يدها من فمه وتناول القطعة من بين اصابعها ولم ينسي تقبيلهم واحدا واحدا بطريقة جعلتها تذوب وترتجف، كانت ترتجف بين يداه تدعوه لترك كفها بينما روحها تحلق عاليا واخيرا امسك كفها وفرده مقبلا باطنة وهمس وهو يضعه على وجهه ملامسا لبشرته: البوسة اللي طلبتها اهي أنا مسبش حقي ابدا
كانت في منطقة اخري عالم اخر لقد اخذها معه دون رجعه 
قبل كفها مجددا وقال بصوت محب :لو كنت حلمت في يوم بحلم مش هيبقى اجمل من وجودك جمبي دلوقت يا حنة..ولا اجمل من انك تكوني حلالي شريكة حياتي ام ولادي .. بحبك يا أجمل تمر حنة في الدنيا
حاولت استجماع شتات نفسها للرد على ما قال فلم تجد سوى :أنت النصيب الحلو اللي الدنيا كانت شيلهولي .. أنت السند وكل حاجة حلمت بيها في يوم ..بحبك يا آذار يا نصي الحلو 
ياااا اخيرا نطقتي المفروض نسجل اللقطة دي عشان نتفرج عليها قدام واقترب منها متحدثا بمحبه: اضحكي ورفع الكاميرا أمام وجههم 
لم تقاوم وانفجرت في وصلة ضحكة رائعة انعشت قلبه وجعلته يحلق هو الاخر عاليا

+


سجل اللقطه كذكرى لا تنسى وكم من لحظات نريد استرجعها ولا نستطيع فلا نجد سوى بسمة قد تراها الان على وجهك وأنت تتذكر تلك اللحظة التي لا تنسى ولن تعاد مجددا 

+


تمت بحمدالله 

+

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close