اخر الروايات

رواية زيغه الشيطان الفصل الرابع 4 بقلم فاطمة محمد وفاطمة سلطان

رواية زيغه الشيطان الفصل الرابع 4 بقلم فاطمة محمد وفاطمة سلطان

رمقتها بتول باستغراب جلي فما الذي تريده منها في الصباح الباكر هكذا .. فهى قد هبطت لرؤية أن كان أمجد قد ذهب إلى عمله أو لا ولكن رغم دهشتها هتفت بابتسامة رسمتها على ثغرها :
- صباح النور يا وردة .. خير ان شاء الله في إيه ؟!
كادت وردة أن تتحدث ولتقل كل شيء وتفسد عجرفته الزائدة وثقته بنفسه ليهتف أمجد مقتربًا من بتول مُقبلا رأسها خافيًا توتره بمهارة عالية:
- صباح النور يا قلبي .. متتعبيش نفسك يا وردة بتول مش هتعرف تلاقي شغل لجوزك في القناة عندها .. انا ليا واحد صاحبي في دبي هخليه يشوف شغل لجوزك انا وعدتك قلقانة ليه ..
نظرت بتول لهما وقد فهمت ما تريده، لتنظر وردة إلى أمجد بخبث قائلة:
- بجد يا أمجد بيه .. يعني اعتمد عليك .. ولا هتنسى
كانت تتعمد النظر في عينه مباشرًا وتهديده فكلمة واحدة تهدد سعادته مع زوجته، ليهتف أمجد وهو يحاول اخفاء سُخطه وغيظه بقدر الإمكان راسمًا ابتسامة على وجهه :
- اه .. ان شاء الله ..
هتفت بتول أخيرًا بنبرة لينة:
- متقلقيش مدام أمجد وعد هيوفي
أردفت وردة بنبرة خبيثة وممتنه له متأكدة بأنها رأت الخوف بعينه ولن يستطع الا يفعل ما تريده كونه قال تلك الكلمات أمام زوجته
- اه ربنا يخليه ليكي يارب أمجد بيه مفيش منه ربنا يكرمه يارب .. عن اذنكم ..
ذهبت وردة بسعادة ماكرة ليتنفس أمجد الصعداء بذهابها من أمامه فلا يعرف كيف سيطر على أعصابه...
______
كانت ريما تجلس في غرفتها العشوائية التي يتواجد بها بعض اللوحات والرسوم التي قامت بنقشها ورسمها على جدرانها، فغرفتها لها طابع خاص بها ويعبر عنها…
فرُبما هى من الأشخاص الذين يفضلون المكوث في المنزل لأطول وقت ممكن .. فلا تحب التنزه كثيرًا..
كانت تحاول البحث عن لون يتناسق مع لوحتها الجديدة التي تسهر عليها منذ ليالي فعند النظر إليها تراها غير مفهومة ..
لكن عند التمعن بها وبتفاصيلها تصل إلى مغزاها…
اقتحمت رشا الغرفة بحنق حتى لم تدق الباب كعادتها صافعة إياه بقوة، استنكرت ريما فعلتها بسبب دخولها بتلك الطريقة وانتشالها من اندماجها بتلك الرسمة…
- مالك يا ماما في ايه ضيعتي تركيزي برزعه الباب دي..
جلست رشا على طرف الفراش بعد أن رمقت الغرفة كالعادة بغضب من عشوائيتها، فجعلها زوجها تصاب بالجنون كونه يوافق صديقه فهمي على إتمام الزواج بتلك السرعة قبل الموعد المحدد، وزوجها يوافق على كل شيء كونه يحبه ويُحب شهاب...
هتفت رشا بنبرة غاضبة وهي تجز على أسنانها:
- انتِ امبارح شهاب قالك حاجة؟؟
نظرت لها ريما باستغراب وعدم فهم تاركه الألوان التي كانت تحملها على الطاولة، فهي ظنت أنها جاءت لتستكمل حديث ومشاجرة الأمس بسبب تأخيرها..
- لا هيقولي ايه في ايه .. مش فهماكي يا ماما !
- فهمي وابنه عايزين يقدموا الفرح الشهر الجاي ويخلوا كتب الكتاب والفرح في يوم واحد والمفروض اننا متفقين الخطوبة سنة على الاقل…
قالت رشا كلماتها بحنق شديد .. فرمقتها لها ريما باستغراب شديد لا يقل عن دهشة والدتها تلك المرة فلم يخبرها أحد بشيء فهتفت بتلقائية :
- شهاب مقالش حاجة زي كده ..
لتنقطع كلماتها ثم تنهدت وهى تتذكر كلمات فهمي أمام داليا والتي لم تتخذها على محمل الجد إطلاقًا فتمتمت:
-بس أونكل فهمي قال امبارح أنه عايزنا نتجوز بعد شهرين او شهر قدام طنط داليا بس انا افتكرته بيهرج او في حاجة...و مختش كلامه بجد وشهاب مقاليش حاجة..
- انتِ موافقة على أن الفرح يتقدم بالشكل ده انتم مخطوبين بقالكم خمس شهور وانتِ ملحقتيش تخلصي حاجتك وبعدين شهر إيه ده الفستان عايز شهور لوحده ..
كانت رشا تتحدث بغضب شديد لرُبما هى لم تكن تريد تلك الزيجة أو الارتباط فهناك فارق كبير بينهم حتى ولو كان لا يتعلق بالماديات او الطبقة ولكن شهاب شاب في وسط لا تفضله كثيرًا….
تفاصيل كثيرة تشعر انها من الممكن أن تكن السبب في تعاسه صغيرتها، ولكن كون فهمي صديق زوجها ياسر منذ عشرون عام وأكثر…. يحبه ياسر ويعتبره كشقيقه ورغم أنها تشعر بحب ابنتها له ولكن لا تشعر بأن الارتباط والزواج بتلك السرعة خير، صاحت ريما بحيرة واستنكار وهى تمسح وجهها:
- انا معرفش حاجة يا ماما ولسه عارفة منك شهاب وراه اجتماع النهاردة في الشغل من الصبح بدري وحتى متكلمناش، ازاي أصلا عمو فهمي يقول لبابا كده ..
- ابوكي موافق على فكرة، وبعدين عايزة تفهميني أن شهاب ميعرفش ؟؟؟؟
نطقت رشا كلماتها الأخيرة بتهكم ومقط يسيطر على كل أنش فيها…
لامست ريما حدة والدتها وللاسف هى نفسها لا تستطيع التحدث فهى لا تعرف شيء لكنها حاولت أن تجيب عليها بخفوت وهدوء شديد:
- والله يا ماما انا معرفش حاجة هبقي أكلمه وبعدين شهر قليل أوي وانا مش مستعدة دلوقتي...
- ابوكي راح المستشفى ابقي قوليله الكلام ده وابقي كلمي البيه، بس اعرفي أنك حرة في الاول والاخر بس فرح بالسرعة دي مش علامة خير أنتِ ملحقتيش تعرفي شهاب كويس ولا هو يعرفك كويس…
________
"في شركة فهمي للدعايا والإعلان"
كان قد انتهى الاجتماع وخرج شهاب حينما لاحظ إتصال ريما لاكثر من مرة فعلم أن هناك شيء عاجل، وحينما عاد بعد أن قام بالحديث معها ..كان فهمي يجلس على الطاولة الكبيرة يلملم الأوراق المتواجدة أمامه بعدما غادر الجميع وبقى بمفرده.
اقتحم الغرفة كثور هائج، جعل فهمي يرفع عيناه يحملق به بدهشة من فعلته... قائلا بتعجب من حالته وعصبيته الغير مبررة بالنسبة له:
-في إيه يا شهاب إيه الدخلة دي؟
تقدم منه شهاب وانحنى بظهره قليلًا صافعًا الطاولة من أمامه براحة يديه، متحدث بنبرة مكتومة حملت بين طياتها ما يكفي من الحنق والأنفعال المفرط:
-أنا هقولك في إيه، في إيه أنك بتقرر عني، هو مين اللي هيتجوز أنا ولا أنتَ، ازاي تحدد ميعاد الفرح لا وتكلم صاحبك وتقنعه، وأعرف بالصدفة من ريما...
كانت أعين فهمي تجوب على قسماته وتعابيره، كأنه حكم عليه بالموت وليس الزواج من فتاة يتمناها أي شاب... عدا ابنه الأحمق، الذي لا يقدر قيمتها بعد…
أراح فهمي ظهره للخلف وقال بهدوء وصوت رزين:
-أكيد مكنتش هخبي عليك وكنت هبلغك بس ريما سبقتني وزي ما أنتَ عارف كان عندنا اجتماع، وكلمت ياسر قبل الأجتماع علطول، يعني لو كنت صبرت شوية كنت هتلاقيني بكلمك عشان أبلغك..
ازدادت قتامة عيناه وقال شهاب من بين أسنانه:
- تبلغني كمان..لا حلوة تبلغني دي .. أنتَ خدت قرار أنا اللي المفروض اخده لما اكون جاهز لكدة، أنتَ كدة بدبسني لا وكمان بعد ما تتفق على كل حاجة هتبقي تبغلني ما كنت تبعتلي الدعوة علطول أحسن مكلف وتتعب نفسك..
انزوى ما بين حاجبي فهمي، وحل الصمت عدة ثوانِ فقط يتبادلون النظرات المختلفة.. وأخيرًا خرج صوت فهمي متحدث بجدية:
-أنا عملت ده لمصلحتك، أنا مش صغير يا شهاب وبنظرة واحدة افهم ابني بيفكر في إيه وبيحس بإيه، صدقني الخطوة دي لمصلحتك، ريما بنت متتعوضش، ولما تجوزوا وتعاشرها هتحبها..
حرك شهاب رأسه بنفاذ صبر، فحديثه معه دون جدوى، اعتدل بوقفته وشاح بنظراته بعيدًا عنه مغادرًا الغرفة صافعًا الباب من خلفه.. تاركًا والده يطالع أثره وقلبه يؤلمه عليه، مدركًا بعشقه الأحمق والخاطئ تجاه بتول….
_____
"في فيلا عائلة الحناوي"
تقبع بتول أمام والدتها وتعاتبها على ما فعلته ليلة أمس فهى قد رفضت المكوث حتى نهاية الحفل رغم محاولات أمجد العديدة معها..
تلفظت بتول بحنق وهى تجد والدتها تجلس وتضع طلاء الأظافر بهدوء مميت:
- يا ماما مش بكلمك !!
- عايزة ايه يا بتول مش وراكي النهاردة الحلقة الأخيرة في البرنامج عماله تجهدي نفسك وتتكلمي كتير ليه..
قالتها داليا بنبرة حانقة وباردة فلا يهمها اي شيء مما تتفوه به ابنتها فلن يتغير موقفها تجاه هذا الرجل حتى موتها..
أردفت بتول وهى تحاول السيطرة على غضبها وكبحه والحديث بنبرة لينة :
- ماما لو سمحتي احترمي أمجد شوية ميبقاش كل ما نعدي نلاقيكي بتتكلمي عليه مع حد، ده مش أسلوب أبدا ده الناس كلها عارفة انك مش طايقة جوز بنتك كان ناقص تقوليها في المايك …
كانت بتول تتحدث بعصبية وغيظ شديد من أفعال والدتها ولا مبالاتها بشعورها هى وزوجها .. رُبما منذ زمن والدتها تحب التدقيق في كل شيء والحديث عن ما لا يعجبها بصراحة لكنها لم تكن فظة مع أحدهما كما تكن مع أمجد .. علقت داليا بنبرة مستنكرة والغضب يليح على قسماتها:
- هو البيه باعتك علشان تتخانقي معايا على الصبح، انا حرة ياستي وده أسلوبي اذا كان عجبكم انا مبحبش اشوف حاجة مش عجباني واسكت عليها، لو وجودي هيضايق الباشا انا مش هدخلك بيت تاني..
نظرت بتول لوالدتها بدهشة مما تتفوه به، فما الذي يحدث لها!!! .. تحدثت بتول بنبرة غاضبة وهى تنهض من جلستها بانزعاج جلي وألم يختلج قلبها فوالدتها لا يهمها سعادتها :
- انتِ مُدركة حضرتك بتقولي ايه هو علشان بقولك احترمي شكلي وجوزي... على الأقل قدام الناس تقوليلي مش هدخلك بيت تاني .. انا عايزة أفهم أمجد عملك ايه علشان تكرهيه بالشكل ده وتعامليه كده ....
قاطعت داليا حديثها بحدة شديدة ونبرة ساخطة متهكمة فلن ترضي أبدا على تلك الزيجة لو مر بدل العامين مائتي عام:
- لو أمجد طلعله جناحات يا بتول ... والناس كلها شيفاه ملاك .. مش هحبه ولا هعتبره زي ابني وحياة ما قولتيلي انا هتجوزه برضاكي أو من غيره مش هصفي ليه أبدا مهما عملتي ومهما بين أنه كويس…
تنهدت بتول بغضب شديد وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها بصعوبة من شدة كلمات والدتها عليها فطالما كانت الابنة المدللة التي لا يغضب أحد عليها، رغم كل ذلك الغضب أبتلعت ريقها محاولة الحديث بنبرة هادئة
- ماما الموضوع فات عليه اكتر من سنتين، خلاص انا بحبه وغلطت اني قولتلك حاجة زي دي وقتها بس انتِ وافقتي عليه..
قاطعتها داليا قائلة بنبرة ساخرة وهى تلوي شفتيها بتهكم:
- انا وافقت؟؟؟ .. انا وافقت بس علشان مش على اخر الزمن بتول الحناوي تتجوز من غير عيلتها .. وسيرتنا تبقي على كل لسان ... انا وافقت مجبرة وانتِ عارفة ده.
-إيه الوحش في أمجد علشان تفضلي كرهاه اللي حصل كان في الماضي انا غلطت في حقك وكنت طايشة... حتى أمجد لما عرف الموضوع ده عاتبني جامد على اللي قولته..
- وحش لنفسه حلو لنفسه ميفرقش معايا…
قالتها داليا بلا مبالاة فهتفت بتول وهى تأخذ حقيبتها محاولة السيطرة على دموعها ومنعها من الهبوط على وجنتيها:
- ماما اقبلي حقيقة أن أمجد ده جوزي، وفي يوم من الايام هيبقي ابو احفادك..
انكمشت ملامح داليا ساخرة رافعة حاجبيها ضاربة كفًا على الآخر:
- لا ده اللي ناقص حقيقي انك تخلفي منه…
- ده جوزي واني أخلف منه مسأله وقت وشيء مش هيكون غريب…
قهقهت بسخرية قائلة بتخمين:
- أهلا طبعا هو اللي عمال يزن على ودنك، انتِ مجنونة ولا ايه ؟؟؟
- انا قررت انا وأمجد اني أوقف حبوب منع الحمل وان مفيش داعي للتأجيل…
- وشغلك؟؟؟؟؟.. برنامجك!!!
تساءلت داليا بغضب شديد، فردت بتول بحنق:
- السيزون ده يعتبر خلص خلاص اخر حلقة انهاردة... وممكن السيزون الجاي اعتذر عنه..او نشوف حد يقدمه مكاني…
- بضحي بمستقبلك وشغلك علشان أمجد بيه…
- أمجد جوزي .. محسساني اني لو كنت اتجوزت غيره مكنتش هخلف يعني ..
ردت داليا بغضب شديد فلم تستطع كتمه أبدا:
- بكرا محدش هيدفع نتيجة ارتباطه بواحد زي امجد غيرك انتِ، الراجل ده لو خلاكي ماشية على الدهب وعايشة في الجنة انا مش هتقبله ولا هحبه..
سالت الدموع منها فلم تستطع الصمود أكثر من ذلك فوالدتها تؤلمها وبشدة :
- كفايا ارجوكي، أمجد مش صايع وإنسان مثقف ومحامي سمعته معروفة كويس جدا، وانا روحت معاه البلد كام مرة مفيش حد فكر يهيني زي ما انتِ بتعملي معاه، انا متجوزة امجد بقالي سنتين وعمري ما ندمت على قراري بالارتباط بيه ولا هندم…
تنهدت بتول مبتلعة غصتها ثم أستكملت حديثها قائلة :
- انا ماشية، ولو فعلا بتحبيني متنسيش أنك امي وكرامة جوزي من كرامة بنتك، ارجوكي احترمي أمجد واتقبلي حقيقة انه جوزي وبقي مننا..
________
"داخل مكتب المحاماة الخاص بـ امجد"
كانت فرح تقف أمام مكتب سمير عاقدة ذراعيها أمام صدرها مستغلة خلو المكتب من باقي الزملاء، متحدثة بحنق لاح على قسماتها، مستنكرة ما يقوله:
-مش فاهمة .. يعني أنتَ عايز تجوزني في شقة إيجار، ازاي يعني يا سمير؟
رفع سمير رأسه المنكبة على الورق أمامه، وجابت عيناه حوله يتأكد من خلو المكتب، وعدم استماع أحد لحديثها اللاذع، مجيبًا عليها:
-زي الناس يا فرح، أنا لسة شاب في بداية حياتي، معيش اللي يخليني أجيبلك تمليك الاسعار مولعة ..عارفة أقل شقة بكام ؟!! وتوضيبها هيكون بقد إيه ؟
لم تهتم بحديثه أو حتى بظروفه، رافضة تلك الفكرة فهتفت:
-وأنا مش موافقة يا سمير، اللي متجوزين في تمليك مش احسن مني..
عض على شفتيه ونهض من مجلسه خلف المكتب، وهو يرد عليها بحدة وأسلوب جاف:
-يا ستي كل واحد وظروفه وأنا ظروفي كدة ومضحكتش عليكي ولا على أهلك، وبعدين هو أنا بقولك هتبقى شقة العُمر، دي حاجة مؤقته، عقبال ما ربنا يفتحها علينا، واقدر اجبلك التمليك ونبني نفسنا…
صرَّت على أسنانها انزعاجًا، رامقة إياها بغيظ، ثم بارحت مكانها عائدة لمكتبها مرة أخرى، وما أن جلست خلفه، لتقع عيناها على أمجد الذي ولج إلى المكتب وابتسامتة مشرقة تزين وجهه وقسماته الرجولية
اقترب منه سمير وقال بسعادة:
-مدام بتضحك كدة يبقى كسبت القضيه بتاعة المغربي مش كدة..
اتسعت بسمة أمجد وهو يؤما برأسه مؤكدًا حديثه:
-عيب عليك، مفيش قضيه تصعب على أمجد الشيمي، المهم عايزك تجبلي ملف القضية بتاع مرات الحسيني، وتحصلني ..
اماء له سمير، فسبقه أمجد تجاه مكتبه المنفصل عنهم، ثم لحق به سمير بعدما جاء بما طلبه والجًا خلفه صافعًا الباب بهدوء تاركًا فرح تتذكر ليلة أمس وما فعله أمجد مع زوجته أمام الجميع..
ارتسم الغيظ بوضوح على ملامحها قائلة بحقد:
-ادي الستات اللي بتقع صح، مش أنا أفضل مستنية بالسنين وفي الأخر عايز يجوزني في إيجار، جاتنا خيبه في حظنا الهباب....
______
"في بيت ريما وعائلتها"
كانت تبحث في محرك البحث {Google} على بعض اللوحات التاريخية التي تحدثت عنها إحدى الشخصيات الخاصة بمجالها وتنصت لأغنية من أغاني القيصر مغنيها المفضل فهى تعشق أغانيه بأكملها، ورُبما تحاول اضاعة الوقت بعد ذهاب والدتها رفقة ووالدها لزيارة أحد المعارف وتناست والدتها تمامًا اخبار ياسر بتأخيرها أمس..
{لاتزعل أنا أمزح ..شوق اللـي بالقلب يفضح .. أنا مثل الطفل أفرح .. اذا تضحك يامحبوبي .. تعال واغفى في صدري .. أشمّ عطرك تشمّ عطري ... حلاة الهوى ياعمري
لمّا اثنينا نذوب ..ماريدك بعد روح ماحبك بعد روح}
قاطع خلوتها إتصال شهاب فهو لم يجيب عليها أكتفى بإرسال رسالة أنه مشغول في العمل ولن يتمكن من الحديث معها الا في المساء رُبما لأنه لم يكن لديه من الكلمات التي يستطع أن يقولها...فقد الجمته الصدمة وجعلت النيران تضرم به..
أغلقت الأغنية، وأجابت عليه برقتها المعتادة معاتبة أياه برفق :
- أخيرًا اتصلت انا قولت زمانك روحت ويمكن نمت…
- ريما انا عايز اتكلم معاكي ومعرفتش ارد على اللي بعتيه ليا الصبح..
قالها بنبرة حاسمة وغريبة عليها فهتفت ريما بنبرة هادئة :
- ممكن بكرا نتقابل او نتكلم دلوقتي في الفون…
- مينفعش في التليفون ومش هينفع استني لبكرا ..
تفوه شهاب بإصرار عجيب، فتحدثت ريما بخجل وعدم فهم بعد أن نظرت على الوقت في الحاسوب ..
- الساعة عشرة وشوية يا شهاب ومش هينفع دلوقتي وحتى مش هينفع أقولك اطلع انا لوحدي بابا وماما راحوا مشوار وحتى الدادة مش هنا…
- انزليلي انا تحت البيت هنتكلم قدام البيت ومش هنخرج اكيد دلوقتي، انزلي نتكلم حتى ولو في العربية أو نقف تحت .. المهم اني عايز اتكلم معاكي..
قالها بنبرة جعلتها تشعر بالاستغراب من اصراره المبالغ فيه لتنهض من مكانها وتدخل إلى الشرفة وتجده بالاسفل يقبع بسيارته…
أردف شهاب بنبرة متسائلة وجادة وهو يراها صامتة لا تعقب على حديثه:
- هااا قولتي ايه ؟
عضت على شفتيها السفلية قبل أن تجيبه بموافقة:
-حاضر يا شهاب، عشر دقايق وهنزل..
"بعد مرورعدة دقائق"
كانت تقف بجواره كلاهما يحملقان في النيل أمامهم، فخرج صوته أولًا بعدما حمحم بخشونة، قائلًا:
-عايزك تكلميني بمنتهى الصراحة يا ريما، أنتِ جاهزة لخطوة الجواز، يعني حاسة أني أنا الشخص اللي هتقدري تكملي معاه و
كاد يكمل لولا مقاطعتها له، مضيقة عيناها متحدثة بترقب وعدم فهم:
-مش مرتاحة لسؤالك يا شهاب .. مدام سألته يبقى أنتَ اللي حاسس أنك مش جاهز للخطوة دي، أو بمعنى أصح حاسس أني مش البني آدمه اللي تحب تكمل معاها ...
قطب جبينه مندهشًا مما تحاول فعله، وقلب الأمر عليه فقاطع حديثها، قائلا :
-أنا اللي بسأل يا ريما، بس اظاهر معندكيش اجابة، بتحاولي تعكسي الأدوار...
ارتخت ملامحها وكادت تجيبه لولا صوت جارها الذي مر من جوارها وتوقف ملقيًا السلام عليها:
-ازيك يا ريما، اخبارك إيه؟
احتلت البسمة ثغرها مرة ثانية، وهى تجيبه بإحترام :
-ازيك أنتَ يا سليم، أنا الحمدلله بخير.
-الحمدلله، ابقى سلميلي على اونكل وطنط..
اماءت له بموافقة وهى تراقب مغادرته، دون أن يبدي أي اهتمام لذلك القابع بجوارها والذي تحولت ملامحه لأخرى شرسة، جعلت القشعريرة تسري بجسدها خوفًا وشعور لا يدري أهو غيرة أم ماذا ولكن شيء ينهش في قلبه…
هتفت ريما حينما لاحظت تغير ملامحه:
-في إيه مالك وشك عمل كدة ليه..
-مين البيه، اللي شايفني قرطاس لب جمبك ..
كان يتحدث بصوت مرتفع لم تعتاد عليه منه، فردت بحنق شديد :
-إيه الأسلوب الهمجي ده يا شهاب، وبعدين اكيد مخدش باله مش شايفة مستعجل يعني ولا إيه؟
ارتفع حاجبيه بسخرية وصاح ملوحًا بذراعيه في الهواء الطلق:
-لا يا شيخة وكمان عرفتي أنه مستعجل!!
اكفهرت ملامحها وقالت بجمود وأسلوب جاد يراه للمرة الأولي وكأنها تبدلت لشخص آخر:
-تلميحاتك مش عجباني يا شهاب، ومش معنى أن جاري سلم عليا، يخليك تكلمني بالاسلوب ده، وبعدين أنت شغلك كله ستات، وبتتعامل معاهم عادي، خصوصًا بتول..
أسودت عيناها عند ذكر اسم بتول، فاقترب بوجهه منها وانفاسه تلفحها:
-متقارنيش بتول مع قليل الذوق ده، أنتِ فاهمة… دي متربية معايا واديكي قولتي شغل…
ضيقت عيناها بشك مريب، ثم نفضت تلك الفكرة من بالها، فهى إمرأة متزوجة وهو سيصبح زوجها عاجلًا أم أجلًا..
زفرت وهى تحيد انظارها عنه متمتمة:
-ما تقولي بصراحة يا شهاب، موضوع تقديم الفرح ده، فكرتك ولا فكرة اونكل، متهيألي أنه فكرة اونكل مش كدة..
قالت الأخيرة بسخرية استفزته، فصاح نافيًا تلك الفكرة من رأسها قائلا بتحدي:
-لا أنا اللي حابب كدة يا ريما، ومنزلك عشان اسالك وأشوف رأيك وأعرف إذا كنت استعجلت ولا أنتِ كمان موافقاني في القرار ده…
صمتت قليلًا وما كادت أن تتلفظ وتجيب عليه، حتى تناهى لمسامعها صوت والدها من خلفهم :
-ريما
تبسم وجه شهاب ببسمة مجاملة، مرحبًا به هو الآخر:
- ازي حضرتك، ازيك يا طنط..
أجابته والدتها بأقتضاب وبسمة مزيفة تعتلي ثغرها رامقة ابنتها بضيق:
-بخير ازيك أنتَ..
ثم حولت انظارها لابنتها وقالت:
-إيه يا ريما اللي منزلك الوقت ده ..
أجابها شهاب بدلًا من ريما:
-أنا اللي طلبت منها تنزل كان لازم أخد رأيها في موضوع ضروري …
لم ينال حديثه إعجاب والدتها، فصاح والدها:
-طب يلا يا شهاب، اطلع تتعشى معانا بالمرة..
رفض شهاب وحاول الهروب من تلك العزومة لكن باءت محاولاته بالفشل و أصر والدها على صعوده... فلم يتمكن سوى أن يرضخ له ويصعد برفقتهم….
"بعد مرور نصف ساعة تقريبا"
في الأعلى تحديدًا في المطبخ ..كانت ريما تقف مع والدتها التي كانت تتحدث بكلمات غير مفهومة وبنبرة خافتة، فأردفت ريما بعدم فهم:
- مالك يا ماما
- المصيبة السودا أنك مش عارفة مالي يا ريما، يعني ارجع انا وابوكي من برا والساعة داخلة على ١١ ونص والاقيكي واقفه معاه تحت ولا تستأذني مني ولا من ابوكي حتي ؟
قالتها رشا بغضب شديد من أفعال ابنتها الحمقاء التي منذ خطبتها لشهاب قد نست وتخلت عن بعض القيود .. فابتلعت ريما ريقها بصعوبة وأردفت بنبرة خافتة واحراج شديد من أن يسمعهم شهاب كاذبة على والدتها:
- يا ماما وطي صوتك متفضحيناش، وبعدين انا مكنتش خارجة معاه ده انا نازلة بالسويت شيرت بتاع البيت علشان اديله الجاكت بتاعه، وكان عايز يتكلم معايا وواقف قصاد البيت مروحتش في حته أنا..
جزت رشا على أسنانها قائلة بسخرية وغضب شديد:
- وهو الكلام ميحلاش إلا بليل .. مينفعش يتأجل لبكرا..ده بدل ما تحمدي ربنا اني معرفتش ابوكي بتاخيرك..
أغلقت ريما باب المطبخ حتى لا يسمعهما أحد، وأردفت بنبرة هادئة وناعمة:
- ماما لو سمحتي ممكن أفهم انتِ ليه من ساعة ما اتخطبت لشهاب وانتِ بتحاولي تقفي ليا على الواحدة وتنتقدي كل تصرفاتي مع انك عمرك ما عملتي كده..
- انا بقول الصح واللي ربيتك عليه، وانتِ وباباكي ماشيين ورا شهاب وأبوه ومحدش عاملي اعتبار انا من اول ما اتقدم ليكي وانا مش مرتاحة وبقالك فترة متغيرة وبقيتي توافقي على أي حاجة علشان ترضيه وباين أنك مدلوقه عليه…
شعرت ريما بالخجل الشديد والخزي من كلمات والدتها فلاول مرة تتحدث معها بتلك النبرة فحاولت التحدث بأي كلمات قد تجدي نفعًا ولكنها كانت صريحة مثلما تعودت:
- ماما .. أنا مكنتش عايزة اتخطب قبل شهاب لاني مكنتش بفكر فالموضوع بس لما قابلته كذا مرة حسيت بالقبول ناحيته رغم كل الاختلافات اللي انتِ شايفاها انا حبيت شهاب…
تنهدت واحمرت وجنتيها ثم أردفت بنبرة خجلة ولكنها خرجت من أعماق قلبها:
- عارفة أني جريئة معاكي بس دي الحقيقة .. انا محبتش راجل واتمنيته جوزي زي ما حبيت شهاب .. ومش متخيلة فكرة أني اكون لغيره .. انا بحبه .. ممكن اكون بحب أريحه بس انا معملتش حاجة غلط وانا كنت معاه تحت قدام البيت بنتكلم…
"في الخارج"
كان ياسر يجلس بجانب شهاب ويجعله يرى ألبوم الصور الخاص بريما منذ ولادتها حتى الآن كان شهاب يشاهد تلك الدموع التي يخفيها هذا الرجل بصعوبة، انتهى أخيرا من اخر صورة في الألبوم وهي صورة لها اثناء حفل خطبتهما...
أردف ياسر قائلا وهو يضع يده على كتف شهاب:
- انا وريتك ألبوم صور ريما من يوم ولادتها لغايت ما خطبتها... شوفت انتَ الالبوم ده في دقايق بس انا عملته في سنين ..
معرفش أبوك قالك ولا لا بس انا مكنتش بخلف وقعدت عشر سنين بتعالج لغايت ما ربنا رزقنا بريما بعد محاولات كتير..
نظر له شهاب بنظرة هادئة وابتسم له، فاستكمل ياسر حديثه قائلا بحب شديد فابنته هى كل شيء له :
- ريما هي كل حاجة في حياتي أنا وامها مريت بكتير أوي حتى جه علينا وقت حرمنا نفسنا من حاجات كتير علشان ريما تفضل في نفس المستوى اللي هي فيه والضحكة متفارقش وشها ..
ليبتلع ريقه قائلا والدموع تأخذ مجراها
- لسه بعيط في أي event بحضره وهي بتتكرم او بتكون في معرض بتقدم لوح كأنها لسه في المدرسة وبيكرموها ..
أردف شهاب بابتسامة فلم يشعر بكلماته جيدًا ولكن حينما يكن أب بالتاكيد سيشعر بتلك المشاعر والعاطفة :
- ربنا يخليها يارب
- يارب يابني انا بوصيك على ريما يا شهاب لو جرالي حاجة .
قاطعه شهاب قائلا باعتراض:
- جرا ايه يا دكتور ياسر بعد الشر عليك أن شاء الله هتشوف عيالنا كمان وتشوف احفاد ريما ..
ابتسم ياسر بهدوء وأردف بنبرة حانية :
- ده العمر يابني ..محدش يعرف اجله امتى.. فانا حي أو ميت عايز تعرف أني مديك أمانه وجوهرة، هي عيني وبنتي وثروتي هي كل حاجة بملكها أوعى تزعلها في يوم، انا بثق فيك وأبوك أخويا ومتربين سوا علشان كده مطمن عليها، اوعدني يابني تشيلها في عينك..
- أوعدك
قالها شهاب حينما شعر بالإصرار والقلق في نبرة الرجل، ثم أردف شهاب وهو يحسم قراره :
- بكرا هنيجي انا وبابا علشان نحدد ميعاد كل حاجة وخلال شهر هيبقي كتب كتابي انا وريما لو هي موافقة ومستعدة وحضرتك موافق ...
_________
"في المساء .. فيلا أمجد الشيمي"
صعد أمجد إلي الغرفة وجدها جالسة على الفراش ولمحها وهى تمسح دموعها بسرعة حتى لا يراها، فأردف أمجد بلهفة وخوف وهو يقترب منها جالسًا أمامها :
- مالك يا بتول انتِ بتعيطي..
- لا مبعيطش يا أمجد، انتَ اتأخرت ليه ..
قالتها بنبرة حاولت جعلها طبيعية رغم أنها مُهشمة من الداخل كون والدتها تكره زوجها بل تتعمد إظهار تلك الصورة للجميع، ولا تبالي بالحزن التي تسببه لها، فهتف أمجد وهو يجيبها وينظر في عيناها الحزينة والمتورمة من كثرة دموعها فمنذ انهاء حلقتها اليوم عادت إلى البيت مباشرًا:
- أبدا كنت قاعد مع واحد صاحبي ..قوليلي يا بتول مالك بقى في حد زعلك ولا اتخانقتي تاني في القناة مع عم فهمي وشهاب..
هزت رأسها نافية، فأستكمل أمجد حديثه بنبرة غاضبة فهي تتعمد اغضابه فيكفي صمتها وعيونها الحزينة ليشعر بالألم في قلبه:
- ما تخلصي يا بتول متعصبنيش بقى ده وشك ولا كأن في مصيبه مفيش حاجة ازاي اخلصي قولي مالك، ولا استني كده
- استني ايه ؟؟
قالتها باستغراب فهتف أمجد بسخرية وهو يتذكر ما حدث صباحًا:
- انتِ روحتي عند مامتك يا بتول الصبح فأكيد اتخانقتي معاها، ياتري عملت ايه ضايق داليا هانم..
- لا الموضوع مش زي ما انتَ فاكر يا أمجد انا اتخانقت معاها فعلا وشديت معاها جامد بس مش ..
قاطعها أمجد قائلا بنبرة متفهمة وحكيمة:
- بتول انا بحب طنط داليا رغم انها مش طيقاني، بس الأكيد أنها خايفة عليكي ويمكن حاسة بالغيرة لاني خطفتك منها وبقت لوحدها قدري النقطة دي حتى لو كنت انا السبب متتخانقيش مع أمك..
لا تدري ما التسامح الذي يتواجد في هذا الرجل فكيف يقبل ذلك رُبما لم تخبره ما تفوهت به والدتها ولكنه على الاقل يشعر ويتوقع ما يدور في ذهن والدتها عنه
فهتف أمجد وهو ينظر في هاتفه ويرى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل:
- قومي البسي علشان هنمشي
- نمشي نروح فين ؟
قالتها بتول بعدم فهم لكنه لم يجيبها وجعلها تتجهز دون أن تفهم شيء..
________
دخل أمجد بسيارته من بوابة فيلا الحناوي... فأردفت بتول بنبرة ساخرة :
- انتَ متأكد باننا جايين الساعة اتنين بليل لماما عشان نتصالح!!!! ده مش بعيد تقاطعني بقية عمرها، مبتكرهش قد ان حد يجي متأخر وهتقلق اصلا…
- انزلي يا بتول وخبطي الباب أكيد امك صاحية استحالة هتنام وهى مزعلاكي..
هبط أمجد لتلاحقه بتول وهي ترتدي معطفها الطويل فوق ملابسها المنزلية، دق الجرس وما هي إلا ثواني فتحت لها والدتها بدهشة وقلق حينما وجدتها أمامها فظنت أن هناك مصيبة وكارثة قد حدثت
- بتول يا بنتي انتِ كويسة؟؟ في ايه، امجد عملك حاجة انطقي ايه اللي حصل..
- دايما ظلماني كده يا حماتي ..
قالها أمجد بمرح وهو يقترب من بتول، فنظرت له داليا بانزعاج ولكن أطمئن قلبها قليلا، فأردفت داليا بنبرة حانقة :
- في إيه انتم هتنشفوا دمي..
- أبدا وحشتيني وحسيت أن جوز بنتك وواحشك فمكنش ينفع انام الا لما اشوفك، بمجرد ما بشوفك بحس اني شايف امي..
قالها امجد بنبرة هادئة ومرحة ليقترب من رأس داليا ويقبلها، وأردف وهو يحاوط ذراعيها ..
- عرفت ان البت دي مزعلاكي قولت استحالة اخليها تنام وانتِ مضايقة منها..
كانت بتول تقف عاقدة ساعديها وتنظر الى الأسفل لم تكن تعلم ماذا يجب أن تقوله في ذلك الموقف ..
فصاح أمجد ليقطع هذا الصمت الذي يتواجد بينهم :
- بصي يا طنط داليا بلاش حماتي علشان بتعصبك، ممكن تكوني مش حباني لأي سبب وانا مدرك لده ومش زعلان يعني انا بكرة لما أخلف بنت انا وبتول وتسبني وتمشي هيكون جوزها ده عدوي مش جوز بنتي لأنه هيخطفها مني ..
ثم تنهد مبتلعًا ريقه مردفًا بهدوء :
- حتى لو انا السبب في خلافكم او مش أنا .. تتصافوا ومحدش فيكم ينام زعلان من التاني وشايل في قلبه وانا عموما هستني بتول في العربية واتكلموا براحتكوا ..
ذهب أمجد إلى سيارته وفتحها وجلس بداخلها ليترك لهما الحرية الكاملة في الحديث، فأردفت داليا بنبرة هادئة وحانقة ولكنها سعيدة أنها رأتها فلم تكن تستطع النوم بسبب التعاسة التي سببتها لابنتها :
- خلاص متزعليش يا بتول، واوعدك اني هحاول اسكت ولا هتكلم مع حد، ولا هضايق أمجد ياستي، المهم يكون هو الشخص اللي يسعدك ..
احتضنتها بتول بحب فور انهاءها تلك الكلمات وبكت في حضنها فمهما فعلت هي والدتها وكانت تشعر بالغضب منها ولكن لا تستطيع مقاطعتها، فابتعدت عنها بعد دقائق من ذلك العناق الذي أراح قلوبهما قليلا:
- تصبحي على خير يا ماما ومتزعليش مني
- وانتِ من أهل الخير ويارب دايمًا مبسوطة ويخيب ظني فيه ويطلع يستاهلك بجد ..
قالتها داليا بنبرة هادئة فعلى الأقل هو السبب في إتيان ابنتها لها فشيء يُحسب له، ودعتها بتول وذهبت إلى السيارة وفتحت الباب لتدخل السيارة ولتلقي بنفسها في أحضان امجد الذي بادلها قائلا بمرح:
- خلاص يا مجنونة لسه مصالحين أمك لو شافتك ونظرها جابك وانتِ حضناني مش بعيد تعملي محضر تحرش في طريق عام..
ضحكت من قلبها وهي تحتضنه بحب وعشق شديد فيكفي أنه السبب في انهاء الخلاف بينها وبين والدتها بتلك الطريقة، فأردفت بنبرة مرحة :
- مش مهم نتحبس انتَ محامي شاطر وهتخرجنا..
ثم أستكملت حديثها قائلة بجدية وعشق
- بحبك قد الدنيا يا أمجد، بحبك والكلام فيك مش هيوفيك ولا هيوصف حبي ليك
ابتعدت عنه بعد دقيقة تقريبا فكانت تود قول الكثير من الكلمات التي تعبر له عن امتنانها ولكن وجدت العناق أسهل وسيلة للشكر..
ارتفع رنين هاتفه في هذا الوقت من الليل مما أثار دهشة بتول...مغمغمة بتساؤل:
-ايه ده مين بيتصل دلوقتي!!!
اخرج امجد هاتفه ونظر في الشاشة ليجد اسم نجم يزينه…
تغيرت ملامحه..وفتح المكالمة واضعًا الهاتف على أذنيها مستمعًا له:
-كنت متأكد انك صاحي..عشان كدة مترددتش اتصل عليك..اصلي خير الله ما اجعله خير كنت ماسك التليفون..وهوب طلعلي صورك أنت ومراتك..الا قولي يا أمجد يا شيمي مراتك عملت ايه في حياتها عشان ربنا يبتليها بيك ها…
كبح امجد غضبه امام بتول وقال بصوت هادئ:
-انجز بدل ما اقفل في وشك وقول عايز ايه عارفك مش بتتصل لله وللوطن.....
تجاهل نجم حديثه واسترسل:
-عارف يا واد يا أمجد اكيد امها اللي دعت عليها وقالتها روحي إلهي ربنا يبتليكي بمصيبة..اهو انت بقى المصيبة دي…
انتهى مقهقهًا عاليًا مما أثار حنق امجد..فقد نجح في استفزازه لأقصى درجة….توقف نجم عن اطلاق الضحكات وتابع بنبرة غامضة:
-بقولك ايه قولي مبروك الارض اللي كنت عايزها وقايل لاخوك يشتريها بقت ملكي...ملك نچم..
______________
في الصعيد ..تحديدًا في بيت عائلة الشيمي……
كانت صفية تجلس مع ابنها أكرم، وكان صوتهم مرتفع للغاية بسبب غضبها من إصابة ابنها في رأسه بجرح قام بخياطته
فأردفت صفية بسخرية لاذعة:
- ما شاء الله يعني نجم خد الأرض .. وكمان اتخانقت مع ابن صاحب الأرض ومسكت فيه .. و
هتف أكرم بغضب شديد مقاطعًا إياها فيكفيه الالم الذي يشعر به في رأسه وجميع أنحاء جسده
- بكفياكي ياما ، انتِ عارفه أن نجم مش بيسيب أرض الا لما ياخدها واستحالة يسيب مصلحة لينا تكمل ..
- وانتَ فرحان بنفسك كده ليه، يا خيبتها ده انت عيل صغير ضربك وكمان بتحاول تلاقي سبب لخيبتك، الأرض دي كانت جنب أرضنا وهتفيد مصالحنا، مهوا لو كان أمجد هنا كانت كل مصالحنا مشيت..
قاطعها أكرم قائلا بغضب شديد وصوت مرتفع فمازالت لا تشعر بالنيران التي تتواجد به :
- اه هو أمجد اللي بيحل كل حاجة، سبحان الله بالشهور ميسألش فينا ولما يجي تعملي للباشا أماثل وهو أصلا مش داري بمصالحنا ماشي ورا السنيورة بتاعته، ولسه أمجد لو كان هنا... خليه يجي ياما خليه يجي وانا ههج من البلد كلها علشان ترتاحي وخليه يمشي مصالحك..
نهض وتحرك ناحية باب المنزل بخطوات سريعة وغاضبة .. هبطت رقية في تلك الاثناء من الأعلى وهى تحمل ابنها معاذ، ليرمقها أكرم بنظرة غاضبة هى الآخري فجاءت بسبب أصواتهم الحادة
هتفت رقية بنبرة هادئة :
- جرا ايه ياما صوتكم عالي كده ليه..
- نجم مش هيجبها البر رأس اخوكي اتفتحت بسببهم، ومش عجبه كلامي أن امجد لو كان هنا كان هيحل كل حاجة انا لازم اكلمه..
قالتها بخوف على أبنائها من ذلك الخطر، فأردفت رقية بعتاب :
- ياما أمجد لو جه هتخلي أكرم يتجنن فيها وهيفهم أنك بتقللي منه وأمجد اكيد مش هيسيب شغله ويجي علشان يحل مشكلة بينا وبين عيلة نجم مفيش يوم بيعدي الا لما يحصل مشاكل انا مش مطمنة للي بيحصل ده.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close