اخر الروايات

رواية ظلال الشك الفصل الثالث 3 بقلم مصطفي عبدالحميد

رواية ظلال الشك الفصل الثالث 3 بقلم مصطفي عبدالحميد 



شهادة هشام الرسمية
بعد ظهر يوم الاثنين 20 ديسمبر 1999، بعد أربعة أيام من الجريمة، في غرفة المستشفى التي يرقد فيها هشام محمود، كان هشام يرقد على الفراش وسط أصوات الأجهزة الطبية المتصلة بجسده، بينما رائحة الأدوية تملأ الغرفة.
الستائر مسدلة، لكن ضوء الشمس الخافت يتسلل إلى الداخل ليمنح الغرفة هدوءً خادعًا.
جلس أكرم عبد الله رئيس النيابة بجانب السرير، مرتديًا بذلته الرسمية الأنيقة، وعلى وجهه تعابير رسمية تخفي تفكيره العميق.
بجانبه جلس مساعده أحمد سليمان ممسكًا بدفتر وقلم مستعدًا لتدوين أي تفاصيل قد تُغير مجرى التحقيق.
يخرج أكرم ملفًا يحتوي على أوراق الشهادة المبدئية التي أدلى بها هشام لرئيس المباحث، يقرأها سريعًا قبل أن ينظر إلى هشام.
أكرم بصوت هادئ: "السيد هشام، نحن هنا لنستمع لشهادتك بشكل رسمي.
يمكنك التحدث بكل هدوء، لا تتسرع، وأخبرنا كل ما تتذكره عن تلك الليلة."
يهز هشام رأسه بالموافقة، يأخذ نفسًا عميقًا، ثم يبدأ بالكلام.
هشام بصوت ضعيف لكنه واضح: "كما أخبرت الشرطة، كنا عائدين من مستشفى الشروق الخاص. ليلى كانت متعبة لكنها بخير بعد الفحص.
الطريق كان هادئًا، بالكاد تمر سيارة كل بضع دقائق. عندما توقفنا عند الإشارة المرورية، فجأة انفتح باب السيارة الخلفي ودخل شخص، لم أستطع رؤية ملامحه جيدًا بسبب الظلام."
يتوقف هشام لبرهة وكأن الذكريات تؤلمه.
أكرم يظل صامتًا، بينما أحمد يكتب ملاحظاته.
أكرم: "هل يمكنك وصف ذلك الشخص؟"
هشام: "لم أتمكن من تمييز ملامحه بدقة، لكنه كان أسمر البشرة، أصلع الرأس، ويرتدي بدلة رياضية سوداء مخططة بالأحمر."
أكرم بإيماءة خفيفة: "تابع من فضلك."
هشام: "كان يحمل مسدسًا، وجهه نحونا، طلب مني قيادة السيارة بسرعة، ووجهني إلى طريق مهجور، كنا خائفين، ليلى كانت تمسك بيدي وترتجف.
عندما وصلنا إلى المكان الذي يريده، طلب كل شيء: المال، المجوهرات، حتى خاتم زواج ليلى."
يمرر هشام يده على وجهه وكأن الحديث يستنزفه.
أكرم يظل هادئًا، بينما يلقي أحمد نظرة خاطفة على رئيسه.
هشام: "أعطيته كل شيء، لكنه لم يصدقني عندما قلت له إنني لا أحمل حافظة نقودي.
بدأ يصرخ، وليلى حاولت تهدئته، لكنه أطلق النار عليها."
صوته يتكسر عند هذه اللحظة والدموع تملأ عينيه.
أحمد يشيح بنظره للحظة، لكن أكرم يظل مركزًا.
أكرم بصوت منخفض: "ثم ماذا حدث؟"
هشام بصعوبة: "وجه المسدس نحوي، حاولت أن أتحرك، أن أفعل أي شيء، فانحنيت، لكن الرصاصة أصابتني.
شعرت بالألم، ثم سمعت أصوات مغادرته للسيارة.
استجمعت قواي، واتصلت بالنجدة، بعدها لا أذكر شيئًا."
يصمت هشام، بينما يكتب أحمد الملاحظات الأخيرة، يرفع أكرم رأسه ببطء، ينظر إلى هشام لثواني طويلة قبل أن يواصل حديثه.
أكرم: "هل هذا كل ما حدث يا سيد هشام؟"
هشام: "نعم، هذا هو كل ما حدث بالتفصيل."
أكرم، وهو يجمع أوراقه مستعدًا للمغادرة: "على أي حال، إذا تذكرت أي شيء مهما كان بسيطًا، رجاءً أن تخبرنا به.
أي معلومة مهما كانت بسيطة، قد يكون لها دور في كشف ملابسات هذه الجريمة، والتوصل للجاني."
يهز هشام رأسه بالموافقة، وقد بدا عليه الإعياء من المجهود الذي بذله خلال الجلسة.
أكرم بتفهم لحالته: "أشكرك يا سيد هشام، وأتمنى لك الشفاء العاجل."
ينهض أكرم وأحمد بهدوء، بينما يغادران الغرفة، تلتقي نظراتهما لثواني وكأنهما يتبادلان حوارًا صامتًا مليئًا بالشك. بينما يسير أكرم وأحمد في الممر الطويل للمستشفى، يظل الصمت يحيط بهما، لكن عقولهم لم تهدأ.
أحمد بصوت منخفض، وهو ينظر للأمام: "ما رأيك؟"
أكرم بهدوء، دون أن يلتفت: "كلامه مرتب جدًا، أكثر من اللازم،" ويتبادلان نظرات حادة قبل أن يكملا سيرهما.
في تلك اللحظة يظهر خالد شقيق هشام من نهاية الممر، يتقدم نحوهما بخطوات سريعة.
خالد، بقلق: "سيادة المستشار، هل هناك أي جديد؟ ماذا توصلتم في التحقيق؟"
ينظر أكرم إلى أحمد فيومئ الأخير برأسه ويتحدث باقتضاب دون أن يتوقف عن السير.
أحمد: "العمل يجري يا سيد خالد. الوقت لا يزال مبكرًا للوصول إلى شيء مؤكد."
يتوقف خالد للحظة، بينما يواصل أكرم وأحمد طريقهما نحو المخرج. يظل خالد واقفًا في مكانه وعيناه تتابعانهما بقلق متزايد، قبل أن يتابع السير تجاه غرفة أخيه.
حديث خاص
وصل خالد إلى غرفة هشام بعد دقائق من خروج المحققين من الغرفة، والتقائه بهما في ممر المستشفى.
كان القلق واضحًا على وجهه، لكن رؤية شقيقه مستيقظًا ومتماسكًا قليلاً منحته شيئًا من الطمأنينة.
يدخل خالد بهدوء إلى الغرفة، يقترب من السرير، ويضع يده على كتف هشام.
خالد: "كيف حالك الآن؟ هل تحتاج إلى شيء؟"
هشام بصوت يبدو عليه القلق أكثر من الإعياء: "أنا بخير، اجلس هنا قليلاً، أريدك في أمر هام."
يشير هشام إلى المقعد بجانب السرير.
يجلس خالد، وقد بدأ توتره يزداد بسبب أسلوب أخيه الذي وجده يقترب منه ويخفض صوته.
هشام بهمس: "اقترب أكثر، هناك شيء أريد أن أخبرك به."
ينحني خالد تجاه شقيقه، ويدور بينهما حديث هامس لا تُسمع منه سوى كلمات متقطعة.
بدا الأمر مهمًا وخطيرًا، حيث كان خالد يهز رأسه بإيماءات سريعة وملامحه تزداد توترًا كلما استمع لكلمات هشام.
في نهاية الحوار، يطلب هشام من خالد هاتفه المحمول.
هشام: "أحتاج إلى الاتصال بسلمى."
خالد بدهشة: "سلمى؟ لماذا الآن؟"
هشام بإصرار: "من فضلك خالد، أعطني الهاتف."
يناوله خالد الهاتف ليتصل هشام بسلمى.
يدور بينهما حوار هامس لم يسمعه سوى خالد الذي كان جالسًا بالقرب منه.
بدا الحوار مشحونًا، وكانت انفعالات هشام تزداد حدة مع كل جملة يقولها.
بعد انتهاء المكالمة، أغلق هشام الهاتف وأعاده لخالد ثم أسند رأسه إلى الوسادة وهو يحاول تهدئة نفسه. ظل صامتًا للحظات ثم نظر إلى خالد وتكلم مغيرًا الموضوع.
هشام: "سلمى أخبرتني أن الشركة قررت إقامة حفل تأبين لليلى في نهاية الأسبوع."
خالد: "نعم، سمعت بذلك."
هشام بعد تفكير: "أريد أن أكتب نعيًا لها، ستقرأه أنت بالنيابة عني."
خالد بتشكك: "هل تظنني قادرًا على القيام بهذه المهمة؟"
هشام بحدة: "هل تظن أن هناك من يمكنه القيام بها غيرك؟"
يقبل خالد على مضض، ويناول هشام ورقة ليكتب عليها النعي الذي يريد، وعند انتهاء هشام، يأخذ خالد الورقة، ثم يودعه ويغادر المستشفى، وهو يشعر أنه لم يجنِ من وراء هذه الزيارة سوى المزيد من القلق والمتاعب التي أصبحت تحيط به من كل جانب.
بينما تتشابك خيوط التحقيق، يظهر هشام جانبًا جديدًا من القصة مع مكالمته الغامضة لسلمى، مما يفتح أبوابًا من الأسئلة لم تكن في الحسبان.
خالد، الذي يعاني من القلق المتزايد، يكتشف في حديثه مع شقيقه أن الصورة أكبر مما كان يظن. ومع اقتراب الأيام من الحفل الذي سيقيمه العمل لتأبين ليلى، يصبح من الواضح أن كل خطوة في هذا التحقيق تكشف عن مفاجآت غير متوقعة. هل كانت المكالمة بداية لكشف الأسرار المظلمة؟ وما الذي سيظهره القادم؟ مع توالي الأحداث، تصبح الإجابات أقرب، ولكن الحقيقة ما زالت بعيدة، فهل سيتكشف القاتل قريبًا؟ الحلقة الرابعة تحمل الكثير من الإجابات المعلقة.


الرابع من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close