رواية اريدك في الحلال الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم ايمان سالم
الفصل السابع والثلاثون
أريدك في الحلال
إيمان سالم
+
أحبك ولتكن هي الحقيقة الوحيدة
ولا أريدك ولتكن هذه هي أكبر خدعة فى حياتي
+
تقف ككل فتاة في هذا اليوم
الفرحة تملأ قلبها لكن ما يختلف عن معظهم هو الخجل الطاغي المتبدل هنا لجراءة زائدة ورغبة في تحقيق كل ما تتمنى دون أن ينقص منه حرف واحد
تتطلع لها بعين ذئب شرس أراد أن يأخذ صيده وهو غير قادر على مواجهة الخصم سيبيت له ولن يتركه يهنأ بالصيد يوما .. لن ترحم أحد يقف في طريق سعادتها حتى رقية نفسها
+
همست له في استياء: هو كان لازم طنط تيجي معاك يا وسام النهاردة؟!!
جحظت عين وسام والتفت لها قليلا متحدثا باستنكار: بتقولي ايه يا مونيكا؟! يعني ايه متجيش في يوم زي ده معانا أنا ابنها الوحيد وأنتي عارفة كويس هي حساسه ازاي لاي حاجة تخصني وكفاية موضوع الشقة واللي عملتيه ميبقاش كل حاجة كده!!
زفرت تحاول امساك لجام غضبها وهتفت بصوت يقطر غيظا: مش قصدي يا حبيبي .. اليوم هيكون مرهق بالنسبة ليها وانت عارف هي تعبانة ومش هنكر اكيد رأيها هيكون مهم لينا، خلاص متزعلش بقى وتعلقت في ذراعه تبتسم له بنعومة وتودد.. تفرض سحرها على عقله .. فاستجاب وهو يسير معها مسحور لا مجبور
+
في معرض فخم للاثاث الراقي تقف مونيكا تتطلع لكل غرفة بنفور .. ففي عقلها شيء محدد لا تريد غيره
تسلل الضيق لرقية فكل الغرف على احدث طراز فاخرة باهظة الثمن .. تتطلع لمونيكا والغضب يتأكلها تحدث نفسها بألم «هي الصفرا دي مفيش حاجة عجبها .. اللي يشوفها يقول بنت وزير .. عجبت لك يا زمن » وما اذهلها كيف كل هذا الكم من التصميم الراقية لا يعجبها .. غير اهبه لرأي وسام او رقية، تتصرف وكان القرار لها واحدها دون مشاركة وسام وكأنه خلق ليلبي طلباتها ويحقق رغباتها فقط
+
اوقفتها رقية متسائلة بدهشه واستياء عندما رفضت الغرفة الاخيرة: طب قوليلي الاوضه دي مش عجباكي في ايه مش معقول؟! دي تحفه أنا مشفتش زيها لحد دلوقت!!
هتفت مونيكا بغيظ لتدخلها في ما لا يعنيها: اعتقد أنا اللي هعيش في الشقة ولازم كل قطعة تكون عجباني ومختارها على مزاجي يا طنط ولا ايه؟!
+
رفعت رقية حاجبها في استياء من طريقتها القاسية وهتفت في غيظ: في ايه يا مونيكا مش معقول كل الاوض دي ومفيش حاجة عجباكي استحالة متتكلم يا وسام!!
تدخل وسام متحدثا يؤيد رأى والدته: بصراحة ماما معاها حق .. المعرض هنا فيه احدث تصاميم ازاي كل الاذواق مش عجبك منها حاجة اتفرجي تاني يا مونيكا
+
ربعت يداها بغيظ متحدثه: مش عجباني عادي هو لازم تعجبني فرض يعني .. وبعدين نشوف مكان تاني غيره بصراحة الاذواق هنا مش قد كده
شهقت رقية متحدثه بتحفز: مش قد كده ايه يا مونيكا؟! أنت عارفة المكان هنا مبيدخلوش الا الطبقة الراقية معتقدش حد في عيلتك دخله قبل كده من الاساس بلاش النفخة دي علينا
2
فغرت فمها تشعر بأنها ضربت في مقتل نظرت لوسام بدموع متحدثه: شفت مامتك وكلامها لوسمحت روحني يا وسام أنا خلاص مش عاوزه حاجة اختار أنت اللي تحبه
شعر وسام بالحزن لاجلها فكلمات والدته حقا جارحة اقترب منها يحاول تهدئتها متحدثا: متقصدش يا مونيكا الكلام ده ابدا هي قصدها اتفرجي تاني
+
وسااام كان نداء والدته الغاضب لكلماته اللينة
نظر لها نظرة رجاء لتهدي الامر
زفرت رقية وهي تبتعد تبحث في حقيبتها عن الدواء تشهر ان رأسها سينفجر من سلبيته وسيطرتها عليه
+
وقف لجوارها متحدثا برفق خلاص بقى متعيطيش
هتفت من بين دموعها: أحنا مش جعانين يا وسام إن مامتك تتكلم علينا بالطريقة دي وأنت عارف كده كويس
-حقك عليا بقى قوليلي عاوزه تجيبي منين وانا هعملك اللي انت عاوزاه
-مسحت دموعها متحدثه بفرحه: بجد يا وسام هجيب اللي عاوزاه
اومأ في صمت
ضحكت متحدثه هشوف واكلمك بس اعمل حسابك تكون عند وعدك ليا ... اوكي
رفع يده يداعب ارنبة انفها مردد خلفها: اوكي يا ستي
تنفست الصعداء والان ضمنت انها ستفعل ما تريد
+
عادوا دون انجاز شيء ورقية تغلي في المقعد الخلفي
اوصلها اولا ثم اتجه لمنزله
سحبت والدته حجابها على باب الشقة بعد غلقه متحدثه بغيظ: لا مش أنت وسام ابدا البنت دي سحرالك والتفتت بعد أن توقفت تنظر له وسألته بحسرة: ده أنت عمرك ما عملت مع حنة كده ولا نزلت لها بالشكل ده
شعر بالضيق وكأن الملح جاء على الجرح فتألم ...هتف بصوت حاد لتذكره حنة وكأن شريط حياتهم معا مر سريعا امامه: لا عملت لها كتير هي اللي مقدرتش ده لانها عنيدة وغبية
مال ثغرها في حسرة وقالت: خايفة بكرة تندم البنت دي مش سهلة وبتستغلك
اجابها بحدة: أنت شايفة كده لانك مبتحبهاش يا ماما .. كل ده بسبب حنة لو حبيتي مونيكا هتعرفي انها كويسة والشك والخوف اللي جواكي ده ملوش اي اساس من الصحة
اتجهت غرفتها تنهج متحدثه: اتمنى اكون غلطانة يا وسام أنا مش عاوزه حاجة في الدنيا الا سعادتك
2
في المساء ...
جاءه اتصال منها تخبره ماذا تريد
تتلون باللون الوردي الناعم حتى يوافق طلبها لكن الامر كان غير مألوف بالنسبة له
فرد باعترض على رغبتها متحدثا: طب وليه من بارة وتكاليف ملهاش لازمة ما في فمصر الف معرض ندور لحد ما حاجة تعجبك، احنا لسه قدمنا وقت
هتفت بتصميم وعزم: انا خلاص لقيت اللي عاوزاه و نفسي اجيبه من المكان ده وبعدين أنت وعدتني هتعمل اللي عاوزاه فين بقى وعدك؟
مسح وجهه يشعر بإرهاق واخيرا خرج صوته المجبر: ابعتيلي تفاصيل عن المكان ده و طرق التواصل معاهم وهشوف واكلمك بعدها يا مونيكا ..يالا سلام
اغلق معها يشعر بأن رأسه يكاد ينفجر .. علاقته معها سلسة لكن دوما ما تأتي لرغباتها ولا تتنازل .. بدأ يشعر بذلك
تواصل بالفعل معهم وللاسف كانت الاسعار اكبر مما يتخيل يفكر ماذا سفعل ..فالاموال اغلبها صرف في شراء الشقة الجديدة ..ليس امامه سوا كسر الوديعة الخاصة به .. او انها تلغى الفكرة من الاساس
+
هاتفها يحاول ارجعها عن تلك الفكرة لكنها رفضت واصرت على ما تريد فلم يكن امامه سوى مفاتحه والدته في امر كسر الوديعة رغم علمه المسبق بما ستقول
+
دلف عليها الغرفة لا يعرف من اين يبدأ حديثه فالامر حقا صعب
لاحظت والدته فسألته دون مواربة: اتكلم يا وسام هي عاوزه ايه؟
آه على قلب الام الذي يشعر بكل شيء .. اقترب يمسك كفها متحدثا: هتكلم بس اهم حاجة عاوزك هادية مش عاوز الضغط يعلى عليكي
هتفت في توتر: من اولها كده... كنت حاسة دخلتك عليا حسيتك شايل حمل على كتافك .. اتكلم متخافش
بفكر اكسر الوديعة اللي في البنك
شهقت والدته متحدثه بذهول: تكسر الوديعة ليه يا وسام ايه اللي حصل؟!
عشان هحتاج فلوس لسه هكمل حق العفش
نظرت له والدته في تعجب وقالت: ليه هي اختارت حاجة غالية اوي كده؟!
اومأ متحدثا: ايوه يا ماما والمبلغ اللي كنت حاطة للعفش مش هيكمل
هتفت متسائلة: محتاج على اللي معاك كام؟
اجابها بتردد قد المبلغ اللي معايا تقريبا
شهقت متحدثه ايه 300 الف ليه يا وسام هتجيب عفش لقصر دي شقة يا نهار أبيض مش بقولك البنت دي دخله على طمع ..اه باين زي عين الشمس اياك تدافع عنها تاني
جلس لجوارها على الفراش بإرهاق متحدثا: يا ماما عشان خاطري متضغطيش عليا وبعدين اي عروسة بتطلب اللي هي عاوزاه هعمل ايه الواحد بيجيب اللي يليق بيه احنا مش بخلا ومقتدرين والحاجات دي هتبقى في شقتي يعني هتشرفنا وسط الناس هي مش هتاخدها وتمشي
تعجبت ومال ثغرها متحدثه: بزمتك مصدق نفسك والكلام اللي قولته ده،، صح الواحد لازم يجيب اللي يليق بيه بس مش في العفش في اللي هيسكن على العفش يا حبيبي فكر تاني يا وسام .. وبعدين كله هيبقى في القايمة ليها هي لو حصل حاجة هتاخد حتى المسمار
قال معترضا ماما الله يخليكي أنا مش حمل كلام زي ده دلوقت .. أنا هكسر الوديعة وهبقى اعمل واحدة تانية بدالها قدام شويه
هتفت بغضب: لا مفيش ودايع مكسورة أنت مجنون دي للزمن لمشروع انما تتصرف على الارض كده لا ونهضت متحدثه: استنى واخرجت من خزانتها صندوق قيم للغاية وفتحته واخرجت مجموعة من المجوهرات تقدر بثورة مالية وحدها .. اخذت عدة قطع وناولته اياه متحدثه: خد دول فك ازمتك بيهم وكمل على الفلوس اللي معاك
رفض بتعفف متحدثا: لا مستحيل اخذ مجوهراتك ابيعها عشان حد
اتجهت له تضعهم في يده متحدثه باصرار: خدهم أنا اللي بقولك .. أنت عندي اهم من كنوز الدنيا وسعادتك دي اهم حاجة في حياتي
احتضنها بقوة متحدثا: ربنا ميحرمنيش منك ولا من طيبة قلبك دي يا روكا
ثم تناول المجوهرات متحدثا بتفكير: بس الحاجات دي هتجيب اكتر من اللي عاوزه
رتبت رقية على كفه متحدثه بحنان اموي: عارفة وخلي الباقي معاك أنت لسه هتحتاج حاجات تانية
-مش عارف اقولك ايه يا ماما
-متقولش يا وسام أنا مش عاوزه حاجة في الدنيا الا سعادتك
2
------------------------------------------------
+
كانت ترغب في وضع طعام له كالمرة السابقة لكنه نهرها متحدثا: اقسم بالله يا ضحى لو لقيت اكل في الشنطة المرة دي لهتعرفي شغلك المرة اللي فاتت الاكل وقع على هدومي والدنيا كلها باظت بسبب عندك وقلة وعيك اللي هتودينا في داهيه دي
ظهرت ملامح الحزن على وجهها وقالت بصوت منكسر: الحق عليا حبيت اعملك اكل عشان اكل المطاعم والطيارات مش هيعجبك
رفع حاجبه وهتف مستنكرا : مش هيعجبني، طب اسكتي يا ضحى خليكي في طشه الملوخية والبامية بتاعتك وأنا يا ستي عاجبني اكلهم جدا بينزل على قلبي قبل معدتي
ادمعت متحدثه: يعني اكلهم احسن من اكلي .. اكلي مش بيعجبك يا كيان؟!
زفر متحدثا بهدوء ولين: لا بيعجبني طبعا بس اكله هنا، كل حاجة يا ضحى وليها مكانها .. وبعدين مش احنا اتفقنا أنك هتسمعي كلامي من غير جدال
حاضر قالتها وهي تؤمي بالايجاب متحدثه: هسمع كلامك ومش هزعلك ابدا
+
الله على الكلام الحلو طب بمناسبة اني هغيب اسبوع في شوية وصايا واومور لازم ننقشها دلوقت حالا
تعجبت متحدثه: وصايا ايه بعد الشر عنك ليه أنت مسافر فين؟!
ضحك متحدثا: متخافيش عليا جوزك اسد يفوت في الحديد بإذن الله
ابتعدت عنه قليلا متحدثه بحنان: ربنا يوفقك كمان وكمان وتكون احسن واحد في الدنيا دي كلها
سحبها متحدثا بقولك ايه كفايا ادعية وتواشيح الفجر هيأذن
+
كياااان .. استنى لسه بدعي قالتها معترضة
لكنه لم يتركها وسحبها معه لبحر من العواطف لا بر له
لسماء مظلمة كانوا انوارها ونجومها اللامعه
2
نهض وهي نائمة ارتدى ثيابه بعد حمام سريع ..حمل حقيبته ولم يرد ازعاجها غادر بعد ان مر على غرفة والده ..
في المطار ..
يحدثه صديقه: أنا شامم ريحه محشي من الصبح مجننه امي
ضحك كيان متحدثا: تلاقيك بتتوحم بس
-يا بني والله جد مش هزار .. أنت جايب محشي من ورايا يا كيان قول يابني متخافش
نهره كيان متحدثا بترفع: محشي ايه أنت مجنون روح شوف اللي وراك مش فاضي لسخفاتك دي على الصبح
غادر زميله محدثا نفسه: شكلي بتوحم فعلا ..!!
+
مر وقت ودلف كيان الغرفة مجددا
وجد اجتماع طارئ حول عدة اطباق من المحاشي والممبار .. انتفض كيان متحدثا: يخربيتكم ايه اللي عملينه ده؟!
تحدث زميله بترحيب: تعال يا كيان تعال المحشي ده يستاهل بؤك حماتك بتحبك
محشي ايه الله يخرب بيتك انت مفكر نفسك فين عملي غديوه هنا
ضحك زميله بصوت عالي متحدثا: يا خلبوووص تعال بس عليا أنا الكلام ده .. طب خد ممبارايه خد دي تحفه تسلن ايد اللي عملها
دفع كيان يده متحدثا بغيظ: هتوسخ الهدوم ابعد كده
اخرج زميله من جيبه بعد ان مسح كفه بمنديل سريعا ورقة وناولها اياه متحدثا: طب خد دي
+
امسكها كيان متعجبا والغضب يتأكله لكن عندما قرأها شعر بأن ماس كهربائي سحب روحه وسقط فاقد للوعي غير قادر على الحراك يقرأ سطورها القليلة وكأنه قطعة جليد تذوب: يارب الاكل يعجبك .. متزعلش مني اني مسمعتش كلامك، خد بالك على نفسك، لا اله الا الله
اصبح غير قادر على النظر اليهم .. يشعر بخجل لم يمر به في حياته قط .. مال عليه صديقه متحدثا بهدوء اشكرهالي الاكل حلو اوي .. متخافش محدش عرف حاجة سرك في بير
نظر له كيان دون تعقيب ودفعه متحدثا: روح يا عم كل واسكت
غادر الغرفة ينوي سفك دمائها عند وصوله .. لقد افسدت عليه يومه ورحلته كلها .. اي عقل يسكن جسدها تلك الغبية لتضعه في موقف كهذا
يركل الهواء امامه بغيظ ويفكر هل كلمات والدته حقيقة هل كان مغيب وراء خوف وهواجس صنعت من كل النساء المنخرطة في المجتمع شبح ارق مضجعة وحينما اراد الاختيار لم يفكر الا بالبعد عن تلك الاشباح اختار ملاك ليسعده .. لكن الحقيقة المؤلمة التى يواجهها الان انه حقا غير سعيد .. ما عاد قادرا على اخفاء تلك المشاعر .. لا يعرف متى تفهم ما يريد وتفعل ما يريد وتكن كما يريد ..
زفر بحنق .. لكن ما عزم على فعله تلك المرة أنه حقا سيعنفها لن يمرر ما فعلت مرور الكرام يكف انها جعلته اضحكوة الجميع
3
-------------------------------------------
+
حاضر يا بابا جاي اهه
دلفت ضحى ترتدي القميص البيتي القطني المريح المفضل لديها بلون الفيروز .. متحدثه بضيق يظهر على قسمات وجهها وهي تحمل كتاب دراسي : المادة دي صعبة اوي أنا حاسة اني هسقط فيها .. خايفة منها بجد!
اشار لها تقترب متحدثا: مادة ايه .. وريني كده؟ وحاول امساك الكتاب منها ليرى ما يحمله لكن لم تسعفه حالته الصحية ورجفت يداه فسقط الكتاب منه ارضا
شعر بحرج شديد .. انكسر كبرياءه وتسللت عبرات بعيدة خلف غابات عيناه.. وذكريات سوداء راودته
+
شعرت ضحى بأنشقاق قلبها من سقوط الكتاب ودت لو لم تناوله اياه .. لكنها اسرعت ورفعته متحدثه بتلعثم وحزن: الكتاب ده عليه عفريت متعب في كل حاجة، مش مشكلة
حرك بالكرسي خطوات للخلف ثم لليمين يحاول الابتعاد عن مرمى عيناها
سقطت دموعها دون ارادتها ..
فهي شعرت من نظرة عيناه بكم الحزن الذي يعاني ..
ترى أن داخله مشوه مهزوم ..
+
اتجهت خلفه تضع يدها على كتفه متحدثه بحنان: بابا أنت زعلت مني .. والله ما كنت اقصد ازعلك؟
اجابها برجفه تظهر في صوته: لا يا ضحى مش زعلان .. بس الموقف ده فكرني بذكريات قديمة بحاول انساها بقالي كتير
استدارت تجلس القرفصاء امام عيناه متحدثه بدموع تفيض بلا توقف: عشان خاطري يا بابا انسى اللي فات كله .. أنت دلوقت معايا أنا وكيان ولادك اقسم لك بالله أنت عندي في مكانه بابا كفاية طيبتك وحنيتك علينا ربنا ميحرمناش منك
1
تحدث بصوت مهتزك مرتبك: خلاص يا ضحى متعيطيش
-ماشي قالتها وهي تجفف دموعها ثم قالت ببسمة حانية حتى لو وقع مرة ايه يعني ولو الف مرة ده مش يقل من قيمتك ابدا يا حبيبي
مسح على رأسها متحدثا بحنان ابوي: ربنا يبارك لي فيك يا ضحى والله أنت نعمة كبيرة الواد كيان ده مرزق انك تكوني من نصيبة
ضحكت متحدثه بلهفه وحماسه: قله الكلمتين دول يا بابا والله كلمة وقولهم ليه لوسمحت
-اتصلي بيه وأنا اقول له اكتر من كده
ارتخت حماستها قليلا وهتفت: ما انت عارف يا بابا في سفره مش بيحب اتصل بيه الا اما هو يتكلم
زفر والده متحدثا: ايه شغل التحكمات ده مدتلوش على دماغه ليه، وقلت له اتصل وقت ما أحب؟!
تحدث بخفوت: مش عاوزاه يزعل .. وهو معاه حق بردة الشغل شغل وهو بيتعب يا بابا
هز رأسه متحدثا بتأكيد: مش بقول لك مرزق، قومي يالا ذاكري عشان عاوزك تطلعي من الاول
شهقت متحدثه: اوائل ايه يا بابا دا أنا لو عديت نظيف للترم التاني هطلع حاجة لله
ضحك والده على غير عادة وهتف مؤكدا: قومي يالا وبلاش كسل وافتكري دايما من جد وجد
حاضر قالتها وهي تنهض من وضع القرفصاء لتشعر بدوار اهتز كامل جسدها له
سألها والده بقلق: مالك يا ضحى؟!
هتفت مفسره: تقريبا دخت لما وقفت على طول .. اكيد انيميا فريدة دايما تقولي انميتك وحشه
تنفس الصعداء متحدثا: حتى لو انيميا يا ضحى متستهتريش الصحة مفيش اغلى منها
حاضر يا بابا قالتها وهي تتحرك لتجد نفسها متأرجحة كورقة شجر في مهب ريح عاتية فقدت السيطرة والقدرة على فعل شيء
سقطت على المقعد خلفها غير قادرة على النطق او الحراك .. تحرك بالكرسي تجاهها مناديا اسمها بفزع وجسده ينتفض كليا غير قادر على التوازن يحاول الاقتراب منها ثم ارتفع صوته المتلعثم ينادي الممرضة
فجاءته تركض ...
2
------------------------------------------------
+
يوم اجازته ..
قرر فرض نفسه عليهم اليوم ..
انتهى الغداء ونهضت زوجه ابيه تعد لهم كوباين من الشاي وهي تتشدق بكلمات مبهمة
تابع آذار انصرافها واخيرا تنفس الصعداء متحدثا: كنت عاوز افتحك في موضوع يا بابا
تعجب والده ارتباكه فشجعه متحدثا: اتكلم في ايه؟
بصراحة كده في واحدة عجباني وعاوز اتقدم لها
شهقت من بالخارج في داخلها ورفعت اصابعها لفكها تداعبه وتهمس بداخلها: مش عاوز تتكلم قدامي ماشي يا آذار اما وريتك
ازاداد تعجب والده وقال: كده مرة واحدة تتقدم لها .. أنت عرفت هي مين وبنت مين وظروفها ايه
اجابها آذار سريعا: هي زملتي في الشغل وتقريبا عارف كل ظروفها
ابتسم والده متحدثا: اه زملتك في الشغل قول كده بقى .. على العموم أنا موافق لو هي عجباك خد يا بني معاد منهم واحنا نقابلهم
نهض آذار بفرحة يقبل رأس والده متحدثا: ربنا يخليك ليا يا بابا كنت خايف متوافقش
ابعده والده متحدثا بنبرة لينة: موافقش ليه دا يوم المني لما ربنا يرزقك ببنت الحلال .. البت دي شكلها ايه حلوة
ضحك آذار متحدثا: حلوة
هز والده رأسه وقال: طبعا لازم تبقى حلوة ولونه عشان توقعك يا اخويا
ضحك آذار متحدثا: لا يا حاج عيب عليك توقعني ايه ابنك جااامد
ضحك والده متحدثا: شوف الواد اللي كان وشه اصفر من دقيقتين خايف ارفض
ارتفعت ضحكاتهم عاليا على دخول زوجة ابيه فسألتهم بترقب: خير مضحكوني معاكم
نظر آذار لوالده الا يخبرها شيء
لم يشاء ازعاجه فقال بصوت مبهم: مفيش يا وليه بيحكي لي عن الشغل حطي الشاي
وضعت الصينية بغيظ جعل بعض القطرات تقفز على جلباب زوجها فأنتفض متحدثا: يخربيتك حرقتيني مش تحاسبي
هتفت ببرود: يقطعني مشفتش استى امسحالك وضغطت عليها اكثر
ضرب كفها متحدثا: بااااس بااس رجلي ايه هتعمليها كفته
ضحك آذار متحدثا: قوم اغسلها يا بابا
نفض جلبابه ثم رفعه متحدثا: خلاص اهه كده بقت حلوة وجلس من جديد
جلست امامهم تراقب كلماتهم لكنهم غلقوا الموضوع حتى وقت مغادرته مال على والده متحدثا: هاخد معاد من عيلتها وهقولك
اومأ والده في صمت .. منتظر من التي استطاعت خطف عقل ولده بعدما مصابه السابق وعزوفه عن الحياة
+
-------------------------------------------------
+
لقد طلب من عدلي مقابلتها يوم قبل كل شيء يقص له ظروفه كاملة .. فهو يريد أن تكون على علم بكل شيء حتى الهواء الذي يتنفسه
+
سمح له عدلي بمقابلة في مطعم قريب من عملهم ..
بعد العمل مباشرة ..
دلف هو الاول وهي بعده
انتظرها حتى جاءت وجلست وكأن الوقت يمر كبرق لا يصدق انها تجلس معه
ابتسم بداخله .. فكم حلم بهذا اليوم
بدأ حديثه بتودد تشربي ايه ..؟
اختارت وهو كذلك
حمحم يجلي صوته متحدثا: حبيت اقعد معاكي النهاردة احكي لك كل حاجة عن آذار اللي متعرفهوش .. احكي لك ظروفي كلها مش عاوز اظلمك
رفعت عيناها له متحدثه بصوت هادي: اتكلم أنا سمعاك
+
وضع العامل طلبهم وغادر تناول آذار رشفه من كوب القهوة كدفعه للحديث وقال: أول حاجة إني كنت خاطب قبل كده واحدة
همست على استحياء: عرفت
رفع آذار حاجبه على ما يدل «لا دا أنتي سأله عني بقى اهه »
شعرت بما يفكر فقطعت ظنونه متحدثه: ميس قالت لي
في مرة
ارتفع حاجباه بدهشه وقال: ميس .. غريبة ليه تتكلم عن حاجة زي دي؟!
اخفضت بصرها متحدثه: اكيد حسيت أن في جواها مشاعر ليك
ارتبك متحدثا: بدأت احس بده من فترة قليلة جداا
رفعت حاجبها في غيظ .. اتبع: بس أنا بصدها لاني مش في قلبي من نحيتها حاجة
تنفست بغيظ وهتفت: أنا انفصالي عن وسام كان بتقرب واحدة منه .. أنا مبحبش التجاوزات يا آذار .. ولا الخيانة
تذكر جمانة وأكد: بتتكلمي بلسان حالي .. أنا اكتر حاجة بكرهها الخيانة وده بردة اللي اتعرضت له في علاقتي السابقة دون الدخول في تفاصيل .. أنا مش ملاك لكن الخيانة مؤذية لاقصى درجة
+
معاك حق كان جوابها المختصر .. واتبع تاني حاجة عاوزك تعرفيها إني ظروفي المادية مش زي ظروفك اطلاقا
اخفضت بصرها وهتفت: عدلي بيقول إن الراجل هو اللي يعمل الفلوس ..وعمر الفلوس متعمل راجل
ابتسم متحدثا: عدلي ده اخ أنا سعيد اني اتعرفت عليه ونفسي سعادتي تزيد وعلاقتنا تتطور لاكتر من كده
ابتسمت بخجل ولم تجب بشيء
+
اتبع في نفس هدوءه: أنا عندي شقة ملك لكن والدي عايش فيها مش هقدر اخرجه منها يسكن بالايجار .. ولسبب تاني الشقة في منطقة شعبية بردة مش هتعجبك
فانا هأجر شقة نسكن فيها مؤقتا .. لحد ما احوالي تتحسن واشترى شقة
هتفت بتأكيد: أنا معنديش مانع في اللي قلت عليه ده كله
تنهد متحدثا: الحمدلله دول اهم حاجة كنت عاوز اسمع رأيك فيهم
رفعت عيناه له في سؤال وقالت: أد كده أنا مهم عندك؟!
+
ظل يتأملها كثيرا من الوقت حتى ذابت مكانها خجلا وضعفا .. يسكب من شهد عيناه ما يسكر بدنها .. ما عادت قادرة على فعل شيء سوى الانسياق وراء هذا السُكرِ للنهاية واخير خرج صوته متحدثا: بعد بكرة هقولك
هتفت دون وعي: اشمعنا؟!
عدلي هيقولك
هنا خرجت من دوامته تحاول الابتعاد .. لا تريد الغرق انتفضت واقفه وهتفت: أنا همشي لان الوقت اتأخر
+
نهض بعد أن وضع المال على الطاولة...
استني هوصلك ..
حماية أمان تملك ..
كلها احاسيس مختلطة في شعور فريد يدغدغ قلبها
ويلها لو كان هذا الشعور ....!
3
-------------------------------------------
+
في المشفى ...
مر عليها ولم يدعها تأتي في سيارتها بل صعدت في سيارته على غير عادة منها ..
شعورها بالاشتياق له .. ورغبتها في عدم البعد مجددا دفعتها وستدفعها لعمل الكثير من اجله
وحنة في الخلف تهمس بصوت مرح: عملت حسابي وجبت شوية بلونات اهه اقعد انفخ لحد ما نوصل
ضحك عدلي متحدثا: المسافة مش بعيدة هنوصل على طول
التفتت فريدة تنهرها متحدثه: ايه لعب العيال ده بلالين ايه اللي جيباها دي وهمت بسحبها كلها
ضربتها حنة على كفها متحدثه: ملكيش دعوة أنا عاوزه افرح يا ستي سبيني
شجعها عدلي متحدثا: اختى الجدعة انفخي انفخي
اومأت بتأكيد متحدثه: لا متقلقش أنا اعجبك اووي
زادت بسمته متحدثا: فرحتى بوجودكم جمبي اضعاف مضاعفة
ادمعت عين فريدة شعرت بنصل حاد اخترق قلبها ووضعت كفها على كفه الذي يقود به تدعمه متحدثه: حقك عليا .. أنا عارفة اني
اخبرها بتاكيد: هششش مش عاوز نتكلم في اللي فات النهاردة لازم نفرح وبس
الحمد لله أنا مبسوطة ان اخيرا حلمك اتحقق وافتتاح المستشفى النهاردة
ابدل الادوار وضغط كفها متحدثا: حلمنا
اكدت وهي تطالعه بنظرات حنونه وكأنه تحانقه عناقا حار: حلمنا يا حبيبي
لم تستطع حنة الصمت فخلعت دبوس من حجابها ووضعته في احدي البلونات .. انتفض كلاهما معا
ينظرون للخلف
لهثت متحدثه: حصل خير حصل خير، بص قدامك بدل ما نحتفل في الاخرة
ضحك عدلي بصخب ونهرتها فريدة متحدثه: يا ساتر منك ايه الكلام ده
هو أنا قلت حاجة كنت جملتها الاعتراضية القصيرة
1
وصلوا بعد وقت قصير...
كان في استقبالهم الكثير ..ومن بينهم أنس وآذار
عندما تلاقت عيناهما معا ابتسم لها بسمة خاصة .. اربكتها وجعلت من وجهها لوحة فنية يغلب عليها الاحمر بمشتقاته
كان الاحتفال رائع حقا واروع ما فيه الحب
يخفق قلبها بجنون فرحا له تراه يحقق حلمه اخيرا بعد صبر طويل ليس فقط بل وكفاح .. وكله من اجلها لقد جعلها الحافز حتى يصل وانجز اكثر مما تمنى ..
تنظر له بفخر فهو في عيناها افضل شخص على هذا الكوكب .. تهمس في نفسها وعودا وعهودا أن لا تخذله مجددا مهما حدث ستكون النقطة التي يقوى بها
مد كفه لتتقدم منه .. وبالفعل لبت نداء يداه بفخر وحب. ابتسم عدلي متابعا حديثه بفخر وهي لجوارها الآن فقط يشعر بالكمال
+
كم من الاعين تحسدهم على حبهم وتقاربهم لا يعلمون كم عانوا من الويلات حتى يصلوا الي هنا
ككل قصة لا تغرك النهاية ربما كان بين السطور ما لا يطيقه أحد
+
وعين تتبعها بشغف... تريد أن تصبح لها وحدها ... أن يكون له الحق في الكثير ... مازال لا يمتلك شيء ... يشعر بنيران لظه تشوى فؤاده وهو يرى كم الاعين التى تتبع ذيل فستانها الذهبي .. انتهت كل الالوان لتختار هذا اللون الملف ليس فقط وهذا الذيل الذي لا يريد سوى مقص او سحبها منه لتستكين بين احضانه شارد هائم .. لم يفق الا على نداء عدلي ليسجل هذا المشهد في ذاكرة الكاميرا ..وهو يقطع التورته ممسكا بكف فريدة
وكم كانت صورة فريدة لتخلد في قاموس ذكرياتهم
1
----------------------------------------------
+
مرت عدة ايام وهي منبوذة وحيدة ..
لقد تركها الكل والدها زوجها اصدقائها حتى زوجة عمها تشعر بفراغ كبير
وخيالات تخبرها لو عادت لما كانت عليه سابقا ماذا سيحدث لا شيء ...؟ واخرى تخبرها بالعودة لوطنها الذي تركت وبين مشاعر متناقضة قررت الذهاب له ..ترى ماذا يفعل دونها .. هل فراقها له آثر ام دفن ذكراها وخلع ثوب الحداد
تقف على بعد لا بأس به من باب الفيلا ..
في سيارة استأجرتها خصيصا حتى لا يعرفها زجاجها اسود يسمح لها برؤيه كل شيء دون أن يراها أحد لن تجعله يرى ضعفها ..
تعلم ان هذا وقت خروجه .. ابتسمت وهي تراه ينزل درجات السلم من بعيد مازال دقيق في كل شيء ...
حتى هيئته .. ماعدا اختلاف واحد لقد استطالت لحيته قليلا
اتجه لسيارته يتحدث الان مع الحارس في بعض الامور حان منها التفاته لبيت إيفان الخشبي مازال هناك قبض قلبها ووضعت يدها على بطنها وراودها شعور غريب ربما خسارة جنينها ذنب قتلها لإيفان
ادمعت وهي تتذكر ذلك اليوم جيدا كم اخطأت لكن الغضب اعماها حينها
تجمدت الدموع حينما مرت سيارة بجوارها لسيدة
كم كانت انيقة وقورة لقد اشتمت رائحتها من سيارتها المغلقة .. شعرت بأن سكين طعن في قلبها عندما فتحت ابواب الفيلا على مصرعيها لها لتدخل المرأة باريحية شديدة وكأن البيت يخصها.....
1
يتبع .....
+