رواية سيد القصر الجنوبي الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم رحاب ابراهيم حسن
#الفصل_الثاني_والثلاثون
+
اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ربي، وأنا عبدك لمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.
+
صلِ على النبي 3مرات
+
لا حول ولا قوة إلا بالله 3مرات
1
وبعد مرور ثلاث ساعات ..
+
ارتفع صوت المنبه المزعج جدًا ليوقظه أولًا .. ولكن اتسعت عيناه بذهول حينما انتبه للنائمة بجانبه بارياحية وشعرها الأسود الغجري مفرودا حول وجهها بجاذبية نارية ورأسها على صدره .. !!!
+
تجمد للحظات وهو يتأملها بهذا القرب المدمر لأعصابه ويدها على قلبه برقة متناهية، ووجهها الجميل النائم في ثباتٍ وسُباتٍ عميق، ارتفعت دقات قلبه بلهاثٍ وهو قد انتابته جميع المشاعر باللحظة الواحدة وشعر بالخطر.
+
حتى فتحت سمر عينيها بأنزعاح وكسل إثر سماعها للصوت العال للمنبه القريب منها، وتثاءبت بكسلًا شديد وهي تتحرك لتغلق ذلك الصوت حتى انتبهت لهبوط صدر أمجد وارتفاعه في حركة منفعلة ، وبحركة أخرى سريعة كان أضاء المصباح الصغير بجانب فراشه بيده الأخرى ، فنظرت له لتلتقي بعيناه المحدقة فيها بنارية وكأنه ضبطها بالجرم المشهود !
+
ابتلعت سمر ريقها بتوتر من ذلك الموقف المحرج، ثم تسحبت وهي تعدل من مظهرها الفوضوي المشعث وقفلت صوت المنبه .. وببساطة أضاءت المصباح الأساسي للغرفة وقالت له بثبات وكأنها لم تفعل شيء :
+
_ ميعاد الحقنة دلوقتي .. تحب اعملك معايا كوباية عصير ولا حاجة ؟
+
دهش أمجد من عدم أكتراثها بوقاحتها وجرأتها لمَ فعلته، وهتف بعصبية شديدة :
+
_ أنتي دخلتي هنا تاني بأذن من مين وأزاي أصحى الاقيكي بالوضع ده ؟!
+
تنفست سمر بعمق وهي تستعد لمناقشة طويلة مليئة بالتحديات والتبرير ، فقالت ببساطة وابتسامة لطيفة أستفزته بشدة :
+
_ دخلت عادي ، ولما لقيتك نايم قعدت جانبك واستنيت ميعاد الحقنة ، بس لما لقيتك بتتكلم وقت نومك وبتحلم باين بكابوس قربت عشان أرقيك وبعدها محستش بنفسي ونمت .. ايه الغلط بقا اللي أنا عملته !
+
غضب أمجد من لا مبالاتها وصاح فيها بعصبية وأمر :
+
_ طالما أنتي شايفة أن ده مش غلط وعيب وقلة ادب كمان وبجاحة ، يبقى تخرجي دلوقتي ترجعي لشقتك وما أشوفكيش هنا تاني، كان لازم أفهم من أول مرة لما دخلتي بطريقتك اللي أنا مش فاهمها لحد دلوقتي أعرف أنك ما عندكيش أي مانع تصحي تلاقي نفسك في حضن راجل غريب ! ..
+
حديثه وأتهامه هذه المرة خرج عن النطاق المسموح به وتعدى الحدود ، فأشارت له بغضب صادق وحذرت :
+
_ أنا لولا اللي أنت فيه كان هيبقى ليا رد فعل مش هيعجبك .. ده انت المفروض تشكرني عشان.
+
قطع أمجد حديثها بمنتهى الغضب وهتف بصوت عال ونظرة نارية كالجحيم :
+
_ أطلعي برا .. أطلعي برا وإلا ..
+
زمت سمر شفتيها ونظرت له بعيون دامعة من الإهانة التي تبتلعها رغما ، ولولا حرصها الشديد على تعليمات الطبيب لكانت اخبرته بالحال أنها زوجته !!
+
تقيأت عينيها الدموع وقالت بحسم وهي تبدأ بتعبئة الأبرة الطبية :
+
_ همشي .. بس هتاخد العلاج الأول.
+
وعندما كاد أن يرفض ويقاطعها سبقته وصرخت بوجهه في دموع نازفة على وجهها :
+
_ أقسم بالله ما هخرج غير وأنت وأخد علاجك وأسكت بقا وكفاية أهانة لحد كده .. أنت هتندم على كل كلمة قولتهالي دلوقتي يا أمجد ، بس مش وقت كلام... أنا همشي ومش جاية هنا تاني.
+
وحقنته خلال دقائق قليلة بالأبرة الطبية وهو يتنفس بغضب شديد كأنه يرى نفرا من الجن ، ثم القتها سمر بسلة القمامة ولقت عليه نظرة يملؤها العتاب وخرجت وهي تبك من الغرفة ..
+
استطاع أمجد بالكاد التقاط أنفاسه المتسارعة وابتلاع ريقه الذي جف تقريبًا .. هذا أفضل ، هكذا ردد لنفسه وهو يعترف أنه كان لابد أن يفعل ذلك .. لأنه لن يستطيع يقاوم كثيرًا .. تلك الفتاة تزلزل أركان قلبه بعنف لا يجد تفسيرًا وسببا !
+
وبالطبع ستقل دفعاته أمامها بالتدريج وهذا مؤشرا خطرا ومخيف !
+
أغمض عيناه بألم عنيف كلما تذكر دموعها وركضها من أمامه الذي يفسر أنها ستقسم أن لا تعود اليه مرةً أخرى !.
+
وكان أعترافه الأخير لنفسه بتلك اللحظات .. نعم !!
+
يريدها وبقوة أن تعود وتظل قريبة .. لأنها بالفعل قريبة !!.
+
______________________________
+
دخلت سمر شقتها ووجهها غارق بالدموع .. ثم القت مفاتيحها بعصبية وجلست باسترخاء على أحد المقاعد ... وتذكرت ما حدث بالدقائق الماضية .. وتعترف بينها وبين نفسها أنه له بعض الحق بردود فعله ، ولكن هذا لا ينفي أنها تعرضت لإهانة قاسية جرحت كرامتها ..
+
ظلت تبك لدقائق وهي تشعر بألم أن سعادتها دائمٌا تذهب بمهب الريح دون أن تكتمل !! ... ولابد أن تستمر .
+
نهضت سمر وتوجهت نحو المطبخ لتعد فنجانا من القهوة ، بالرغم أنها لا تحبذ شرب القهوة ليلًا هكذا ولكنها تريد شيء يحسن من مزاجها المتعكر ، وبعدما أعدت المشروب الدافئ دخلت غرفتها وجلست أمام الشرفة من الداخل .. ارتشفت قليل من قهوتها حتى أتى لها رسالة على تطبيق الواتساب. .. وابتسمت سمر حينما وجدتها " جيهان " وكان محتوى الرسالة :
+
_ صباح الخير يا سمر ، أنا عارفة أن الوقت مش مناسب بس حبيت أقولك لأنك اقرب صحابي ، أنا هتجوز وكتب كتابي أخر الاسبوع ده ، نفسي تكوني معايا وأسفة لو هضايقك بطلبي .. للأسف أكرم حدد ميعاد الجواز ومصمم عليه .. أنا بطمن على صحة أمجد على طول من وجيه وفرحت لما قالي أنه رجع البيت واتحسن كتير وهيقف على رجليه قريب بأذن الله .. لما تشوفي الرسالة كلميني.
+
ردت سمر بفرحة صادقة لجيهان وكتبت :
+
_ انا صاحية وموجودة يا جيجي ، مبروك يا حبيبتي أنا مبسوطة عشانك أوي ، يمكن معرفش مين هو أكرم ولا عرفتيه أزاي ، بس أتمنى تكوني فكرتي في الخطوة دي كويس أوي وتبقي متأكدة انك عايزاها فعلًا .. ولو مقدرتش أحضر ارجوكي اعذريني .. بس بأذن الله هحاول.
+
قرأت جيهان الرسالة وابتسمت بسعادة، ثم اتصلت بسمر وقالت :
+
_ بقالي فترة مش عارفة أشوفك خالص ، حقك عليا قصرت شوية معاكي بس والله كنت في شوية حوارات كده واجعين دماغي ..
+
تفهمت سمر قولها وأجابت :
+
_ أيوة عرفت موضوع العربية بتاعتك والبلاغات ، بس الحمد لله دكتور وجيه طمني ، لينا مقابلة طويلة تحكيلي فيها حكاية العريس ..
+
وابتسمت جيهان بحياء ثم قالت :
+
_ هحكيلك كل حاجة يا سمر لما نتقابل ، بس ارجوكي حاولي تحضري كتب الكتاب، حتى لو نص ساعة وتمشي ، هكون مبسوطة أوي وأنتي معايا.
+
وعدتها سمر أنها ستبذل قُصارى جهدها ، ثم انتهت المكالمة وقد تحسن مزاج سمر بعض الشيء ، وابتسمت لنفسها وهي تشعر بحدسها أن جيهان تبدو سعيدة من حماسة صوتها ،وهذا يعني أن قلبها خفق لذلك الأكرم !
+
تابعت سمر تناول فنجانها ببطء وهي شاردة للبعيد .. وحينما دقت الساعة السادسة صباحا كانت لا زالت مستيقظة وتنظر من داخل غرفتها للسماء من خلال الشرفة المفتوح أبوابها بعض الشيء.
+
____________________________________
+
وعند السابعة صباحا ..
+
دخل الخادم العجوز لشقة أمجد ،فوجده جالسا على مقعده المتحرك ضامما قبضتيه ببعضهما ويسند بهما رأسه من أسفل ذقنه، كان زائع العينان ويبدو الحزن والألم مفصلا على قسمات وجهه بوضوح .. فسأله العجوز بقلق :
+
_ صباح الخير يا أبني .. حصل حاجة كدرتك كده ؟ حاسس بحاجة أتصل بدكتور وجيه ؟
+
ببطء شديد أطرف أمجد عيناه ثم أجاب بعد تنهيدة ثقيلة :
+
_ أنا كويس ..
+
لم يقتنع العجوز ولكن التزم بواجبه فقط بخدمة أمجد وقال هو يستعد لإعداد وجبة الأفطار :
+
_ طب هديك علاجك اللي على الريق وهروح أحضرلك الفطار ..
+
رفض أمجد بعصبية وصوت يحمل الكثير من التعب وعينان غارقة بالألم :
+
_ ما تحضرش حاجة .. مش جعان .
+
سأل العجوز بقلق :
+
_ طب وعلاجك ؟
+
تنهد أمجد بعصبية ومنع نفسه أن ينفعل على ذلك الرجل الطيب الذي لا ذنب له في شيء .. وقال بإصرار :
+
_ مش هاخده دلوقتي ، لما أجوع هبقى أخده قبل الاكل وخلاص .
+
تحرك أمجد بمقعده نحو غرفته، قصد الشرفة تحديدًا ، بدت مشاعره غير مفهومة لديه كأن الحقيقة مبعثرة بفوضى مظلمة داخله .. وعندما خرج للشرفة قصد أن يحدث بعض الضوضاء علها تنتبه.
+
وبالفعل قد انتبهت سمر الجالسة بغرفتها تفكر بشرود وتيهة ثقيلة الحمل على طاقتها، توترت وحاولت أن تتأكد من ما سمعته ، حتى تأكدت عندما سمعت سعاله المفتعل ، يبدو مفتعلا جدًا ، حاولت أن تبتسم ولكن خرجت منها ابتسامة باهتة لم تصل لعينيها ..
+
فعيناه التي كانت تصدر نظراتها المشمئزة منها وغضبه منذ ساعات لن يغيبان عن بالها لفترة طويلة ..
+
وحينما هتف أمجد ينادي الخادم بعصبية وصوتٍ عال شعرت أنه يقصد لفت أنتباهها .. ولكنها لم تحرك ساكنا وظلت بمقعدها ثابتةً .. لحين تهدأ فقط .. فهي تعرف أنها لن تتحمل ذلك البُعد لأكثر من ساعات.
+
وبالشرفة المجاورة ..
+
وقف الخادم العجوز أمام أمجد بتعجب وسأله :
+
_ أحضرلك الفطار ؟
+
تنهد أمجد بتقطيبة وعصبية ولم يعرف بأي شيء يرد به ، فقال :
+
_ بعد أذنك هاتلي كوباية ميه .
+
فتعجب العجوز منه ، فلم يكن ذلك الطلب البسيط يستحق تلك العصبية والصوت العال !! .. وعندما أتى العجوز بكوب الماء قال بقلق :
+
_ يابني الوقت بيعدي وأنت مخدتش علاجك ! .. دكتور وجيه هيزعل مني كده وهيفتكرني مقصر معاك.
+
طمأنه أمجد وقال له بصدق :
+
_ أنت مالكش ذنب ياعم فرحات .. أنا تعبت من الأدوية ، بقالي أكتر من شهر ليل نهار أدوية لما زهقت ومابقتش أطيق حتى أشوفها ..
+
سكت الرجل بحيرة وبعد ذلك أنصرف ، ولكنه حينما أبتعد عن مرئ أمجد اتصل بهاتفه على رقم وجيه ، وحينما أجاب قال :
+
_ معاك يا عم فرحات ، حصل حاجة ؟
+
رد الرجل وعبّر عن قلقه حينما قال :
+
_ دكتور أمجد مش راضي ياخد الدوا ولا ياكل حتى يا دكتور وجيه ، أنا قولتلك عشان تقولي اعمله ايه ده صعبان عليا أوي .
+
وقف وجيه بسيارته وهو بطريقه للمنزل بعد ليلة شاقة بالعمل ، وقال :
+
_ يعني ايه لا عايز ياخد الدوا ولا ياكل ! ، هو حد جه زاره ؟
+
وقصد وجيه بذلك سمر ،فاجاب العجوز بصدق :
+
_ لأ ماشوفتش حد خالص جه زاره.
+
تعجب وجيه ثم قال وهو يحرك سيارته من جديد ويعكس سيره لوجهة أخرى :
+
_طب أنا نص ساعة وأكون عندك ، أنا في الطريق.
+
وانتهت المكالمة بأنتظار وصول وجيه ..
+
وبالشرفة ....
+
نظر أمجد للشرفة المجاورة بعصبية وهو بداخله يعرف أنه تعدى بالحديث معها .. وأن كانت بالفعل مخطئة ، ولكنه لا يريد أن تبتعد حقا ويتعذب من مجرد الظن ..
1
تنفس بعصبية شديدة وعيناه كل دقيقة تميل جانبا علها تفتح نافذتها وتخرج لتجدد هواء رئتيها ، ولكنها للآن لم تفعل.
+
وضاقت سمر بذاك الشعور القاتل باللهفة ، سرعان ما غفلت عن إهانتها وشعرت بأشتياق مميت له ، وغصة بقلبها تؤلمها وهي تشعر به بالشرفة المجاورة ويحاول بكل الطرف أن يلفت نظرها بوجودها .. ربما يريد إصلاح ما أفسده ؟
+
وشعرت ببعض التسلية بالأمر ولكنها كافحت كي لا تركض وتفتح شرفتها وتخرج ..
+
وبعد مرور بعض الوقت ..
+
دخل وجيه شقة أمجد والعجوز يشير له نحو الغرفة ويخبره قائلًا :
+
_ هو قاعد في التراس دلوقتي ولسه رافض ياخد علاج وياكل ..
+
تنهد وجيه بهدوء ثم قال للعجوز :
+
_ طب روح حضرله الأكل وأنا هديله العلاج بنفسي ..
+
ذهب العجوز منفذا ما قاله وجيه ، وتوجه الأخير نحو الغرفة الرئيسية بالشقة ودخلها بعد نقرة بسيطة .. ليجد بالفعل أمجد جالسا بالشرفة وعيناه نحو الشرفة الأخرى بعصبية وألم ونظرة رجاء غير مفهومة !
+
فقال وجيه وهو ينظر نحو الشرفة الأخرى وقد تأكد بحدسه أن الامر يخص سمر :
+
_ صباح الخير يا أمجد .. جيت أتطمن عليك.
+
تفاجأ أمجد بالفعل من ظهور وجيه أمامه فجأة ، فقال بتوتر :
+
_ صباح النور يا دكتور وجيه ..
+
ابتسم له وجيه وجلس بمقعد قريب من أمجد وقال :
+
_ ممكن أقعد معاك شوية ؟ ..
+
رد أمجد بنظرة مضطربة :
+
_ طبعا يا دكتور أتفضل ..
+
وحينما جلس وجيه سأله مباشرةً:
+
_ شكلك بيقول أنك مضايق من حاجة !
+
أطرف أمجد عيناه بتوتر وأجاب بنفي :
+
_ لأ أبدًا .. هزعل من ايه يعني؟؟
+
ابتسم وجيه ونظر نحو شرفة سمر ثم نظر لأمجد مجددًا وقال :
+
_ أصلي تخيلت أن نفسيتك هتتحسن في البيت أكتر من المستشفى .. بس واضح أن مافيش فرق ! .. ودي أهم مرحلة محتاج أن نفسيتك تكون هادية فيها ...
+
شرد أمجد بتيهة ، ثم قال وجيه بصدق :
+
_ في شيء كنت عايز أقولك عليه .. بخصوص سمر
+
انتبه أمجد فجأة كليًا عندما سمع اسمها ، وابتسم وجيه لتلك الملاحظة ، فلطالما كانت سمر له شغفه وعشقه الوحيد .. فتابع وجيه بصدق :
+
_ أنت أشتكيت من سمر ومن أهمالها ونومها في ساعات العمل ، أنا بقا كنت عاذرها .. عذرتها لأن سمر من أحسن الممرضات في المستشفى وده شيء معروف للكل .. وعذرتها لأنها مرت من قريب بفترة صعبة أوي ، خلتها تاخد أدوية اكتئاب ومهدئات عشان متنهارش ، ومن الطبيعي جدًا يكون ده الأثر الجانبي للأدوية دي ، لذلك مكنتش حتى بعاتبها ، ده غير أن سمر دي بعتبرها بنتي أو أختي الصغيرة ..
+
سأله أمجد باهتمام بالغ :
+
_ هي مرت بإيه خلاها كده ، هي لمحت بكده بس مقالتش اللي حصلها ، ممكن أعرف منك يا دكتور ؟
+
سدد وجيه اليه ابتسامة وقال :
+
_ أظن ده شيء خاص بيها يا أمجد وما أحبش اتكلم فيه ، أنا قولتلك كده عشان تعرف أنها مش مهملة وما تفضلش متعصب عليها كل ما تشوفها ، هي معاك من يوم الخادثة ومسابتكش ، من قبل ما تفوق من غيبوبتك ، ومن قبل اي عملية وهي جانبك .. أظن ده ما يبقاش جزائها.
+
شعر أمجد بوخزة عاتبةةونادمة بقلبه ، فقال لوجيه :
+
_ هو حضرتك كنت تعرف أنها ساكنة هنا جانبي ؟!
+
اتسعت ابتسامة وجيه وتأكد أنها أتت اليه بطريقة ما ، فقال بمراوغة :
+
_ آه كنت أعرف ، بس يعني اعتقد أن ده شيء مكنش مهم أني ابلغك بيه .. ولا أيه ؟
+
وعندما لاحظ وجيه صمت أمجد وحيرته في الأجابة مرر الأمر بحكمة وقال وهو يرفع هاتفه ويتصل برقم سمر :
+
_ انا هتصل بيها عشان تبقى تيجي تتأكد من ميعاد أدويتك وتديك المحاليل والحقن ..
+
التجم أمجد بالصمت وعيناه تتحركان بتوتر وهو يراقب الأتصال الذي يجريه وجيه ، وأجابت سمر قائلة بصوت مبحوح يدل أنها ظلت لساعات تبك :
+
_ صباح الخير يا دكتور وجيه .
+
رد عليها وجيه بابتسامة وقال :
+
_ صباح الخير يا سمر ، عايزك في خدمة ضروري.
+
قالت سمر بارتباك وهي تعرف أنه بالجوار :
+
_ أتفضل يا دكتور.
+
أوضح وجيه وقال مسترسلا :
+
_ أظن أنتي عارفة أن دكتور أمجد ساكن جانبك ، وعيب في حقك أني أجيب أي منرضة أو حتى ممرض وسيادتك موجودة ، فبعد أذنك ليكي كل يوم ٣ زيارات لدكتور أمجد .. فطار وغدا وعشا .. تديله أدويته وتتأكدي أنه أكل .. لأن الدكتور لا عايز ياكل ولا ياخد أدويته !.
+
دهش أمجد بمعرفة وجيه لذلك الأمر وعلم أن العجوز من أخبره ، وتفاجئت سمر حقا بالأمر وشعرت بالقلق .. ولكنها قالت بعد ذلك بأسف :
+
_ بعتذر لحضرتك يا دكتور وجيه ، ياريت تشوف حد بدالي الفترة دي ..
+
وصدم وجيه بالفعل من ردها وهو من ظن أنه تمهد لها الطريق لتأت كيفما شاءت وبدون تبرير .. وقال بعدم فهم :
+
_ هشوف حد غيرك لحد ما أفهم سبب أعتذارك ايه ..
+
وابتلع أمجد غصة مريرة بحلقه عندما علم برفضها الغير مباشر ، ولن يستطيع حتى أخبار وجيه بما حدث .. لأنه لا يريد لأحد أن يسيء الظن فيها ..
+
وعندما أنتهى وجيه من الأتصال ظهرت بعينيه الحيرة والتعجب من ردها ، وتأكد أن لابد من وجود شيء قوي جعلها تجيب هكذا ، فقال مرغما حتى اشعارا آخر :
+
_ هبعتلك حد تاني مؤقتا ، لحد ما هي تاخد المهمة دي.
+
رد أمجد بأنكسار واضح بعينيه :
+
_ ما تجبرهاش يا دكتور .. سيبها براحتها.
+
وحينها قال وجيه بصدق :
+
_ ما هو أنا عايزها هنا معاك عشان بدور على راحتها يا أمجد . أنا عارف سمر كويس أوي .. وعارفك أنت كمان.
+
نظر له أمجد بريبة وحاول أن يستشف المعنى الحقيقي لحديثه ، ولكن ابتسامة وجيه الصافية كانت إجابة كافية أنه يعرف ما يكنّه لتلك الفتاة.. في الماضي ..والحاضر أيضا!!.
+
وذهب وجيه وترك المبنى بأكمله متجنبا أن يذهب لسمر ويعرف منها دوافع قرارها الغريب هذا ، ولكنه شعر أن الأفضل ينتظرها حتى تبادر هي وتخبره .. لربما كان بالأمر شيء من الخصوصية .
+
__________________________________
+
وذرعت سمر الغرفة إيابا وذهابا في حيرة وتردد ... تذهب أم تصر على موقفها قبل أن يراها من جديد ؟
+
كان ذلك السؤال التي تطرحه على نفسها عشرات المرات ، وحينما غلبتها الحيرة لم تترد بالأتصال بطبيبتها النفسية مروة ... والتي أجابتها بسرعة معتادة عليها وقالت بترحاب :
+
_ وحشاني أوي يا سمر ، أخبارك إيه أنتي ودكتور أمجد ؟ معلش انا بقالي أسبوع في أجازة معرفش حاجة عن المستشفى خالص.
+
أخبرتها سمر أنها عادت للمنزل وأمجد كذلك ، ثم أخبرتها على أستحياء بالموقف الأخير بينها وبينه ، فابتسمت مروة وقالت بمكر :
+
_ تبقي عبيطة لو ظهرتيله دلوقتي .
+
تعجبت سمر وطلبت تفسير أوضح ، فشرحت مروة وقالت :
+
_ من غير ما تقصدي أنتي لعبتيها صح مع أمجد ، هو أصلا حاسس بشيء من ناحيتك مش فاهمه ، وبطريقتك أثرتي فضوله أكتر فبقا متأكد أن كان في بينكم شيء .. وبالموقف الاخير ده هو خاف من نفسه يا سمر ، على قد برضه ما موقفك مش أوي قدامه بما أنك غريبة عنه ، لأنه لسه نا يعرفش أنك مراته .. ولو عرف من الأول كان ممكن يطلقك عشان تبعدي عنه وما يحسش أنه تقيل عليكي ومضطرة تفضلي جانبه ، لكن كده هيعرف أنك فعلا بتحبيه وعايزة تبقي معاه ... خليكي على وضعك كام يوم وهتشوفي اللي هيحصل.
+
كشرت سمر ومقتت تلك الفكرة وقالت :
+
_ كام يوم ! .... ده انا مش عارفة اصبر كام ساعة والود ودي لو نطق من بلكونتي لشقتي وأفضل جانبه .
+
اقترحت عليها مروة وقالت :
+
_ معلش تعالي على نفسك وأختفي كام يوم ، ولما تظهريله تاني شوفي رد الفعل ..
+
تنفست سمر بضيق شديد ثم قالت مرغمة :
+
_ حاضر .. مع أنه صعب عليا بس هصبر ، والله كلامه وعصبيته كانت اهون عليا من اللي أنا فيه ده..
+
قالت مروة برقة :
+
_ ده كله لمصلحته مش ضده برضه ، كام يوم بس وبعدين أبقي استحملي زي ما أنتي عايزة .
+
وافقت سمر وهي في أشد اللهفة والأشتياق للذهاب إليه ..
+
______________________________
+
وبعد مرور عدة أيام قد أتت نهاية الأسبوع أخيرًا ..
+
استعدت جيهان تمامًا ووقفت أمام المرأة برضا تام وهي ترتدي فستان لامع بلون فيروزي خالص بتصميم مثل عروس البحر ... ووضعت مساحيق التجميل بنفسها بحرفية وأتقان ..
+
حتى ابتسمت لنفسها وهي تدقق في التفاصيل الخلابة للرداء الخرافي الذي أرسله لها خالها قبل وصوله هدية أستثنائية يبدو أنها باهظة الثمن ..
+
وصممت جيهان أن لا يرها أكرم سوى يوم عقد القران التي ستأت فيه مع أقربائها كالعروس المحملة على هودج ..
+
فوصل خالها من السفر ونظر لها بمحبة شديدة وقالت عندما اتت اليه جيهان بترحيب حار :
+
_ حمد الله على السلامة .. أنا مبسوطة أوي أنك عرفت تفضي نفسك يوم عشاني وأنا عارفة مشاغلك ..
+
طبع خالها قبلة على جبينها برقي وقال بابتسامة سعيدة:
+
_ مبروك يا حبيبتي ، أول لما عرفت عملت المستحيل عشان أعرف أجيلك ، هو أي نعم هسافر تاني بكرا الصبح بس على الأفل هشاركك فرحتك .. بس ما تنسيش فرحي أنا كمان .. وبالمناسبة دي ، الفستان زي ما تخيلته بالضبط عليكي ، ذوقي يجنن دايمًا
+
ضحكت جيهان وقالت :
+
_ عارفة ومتأكدة .. وبعدين أنا مش ناسية ومنتظرة أشوفها جدًا وأحضر فرحك مع أكرم ..
+
وسألها قائلًا وهو ينظر لساعة يده :
+
_ طب مش يلا نمشي عشان نوصل على الميعاد بالضبط ..
+
قالت جيهان بموافقة :
+
_ أنا جاهزة والسواق مستني برا في العربية وعارف المكان ..
+
أخذها خالها وتأبطت ذراعه وقال :
+
_ يبقى يلا بينا ..
+
قالت جيهان بحيرة :
+
_ طب ووجيه وعيلته ؟ .. هما اكدوا أنهم جايين ؟
+
أتت مدبرة المنزل وقاطعتهما قائلة :
+
_ يا ست جيهان ، الدكتور وجيه في الطريق ومعاه العيلة كلها ،هو حب يطمنك على وصوله.
+
تدخل خالها وقال :
+
_ طب يلا بينا أحنا وهكلمه يجي ورانا .
+
ابتسمت جيهان وقد وافقت على قراره حتى أخذها بردائها الساحر هذا للسيارة ... وجلست مدبرة منزلها بجانب السائق .
+
وبينما وهما بالطريق لاحظت جيهان صفوف السيارت التي تسير خلف سيارتها والتصفير الحار من شباب عائلة الزيان ، فضحكت وهي تشير لهم ثم قالت لخالها :
+
_ هما ورانا أهم . الحمد لله انهم هيحضروا كلهم ، أنا بحب العيلة دي أوي ..
+
قلق خالها من شيء تمنى أن لا يحدث ، ولكنه لم يشأ يعكر فرحتها فربت على يدها وقال :
+
_ وأنتي باذن الله هيكون ليكي عيلة صغيرة كده تحبيها أكتر من أي حد تاني ..
+
ابتسمت جيهان له بإشراق ووجه يتبض بالسعاطة والحيوية والجمال الناعم الذي لأول مرة يبرز بتلك الشدة .
+
وبعد ساعات من السير وصلت السيارات أخيرًا للقصر الجنوبي ، وفي مقدمتهم سيارة جيهان .. والذي كان في أستقبال أكرم ببدلته الفاتنة و بدا فيها كالأمير سليل ألاسرة الملكية الذي ينتظر عروسه .. كان يبتسم بشوق عنيف لرؤيته وقد أصبح القصر الجنوبي يملؤها المصابيح المضاءة من كل مكان ..
+
وعندما خرجت جيهان من السيارة بذلك المظهر وقفت نظرته عليها بعشق ، وود لو يسرقها من الجميع لذراعيه للأبد .
+
عيناه كانت قصيدة تتحدث دون كلمات ، قصة عشق تروى فصولها مع كل خطوة تقترب فيها اليها وهي كعروس البحر هكذا ...
+
ابتسمت جيهان وتصبغ وجهها بالحياء وهي ترتجف من نظرات عيناه الجريئة الثابتة عليها ..
+
ولكنه تفاچأ من رؤية خالها قليلا ، وابتسمت بسعادة لسوء ظنه الذي تملك منه سابقا عندما عرف للتو منها أنه خالها ، فرحب به أكرم قائلّا بمصافحة وود شديد :
+
_ نورتني .. أتفضل .
+
ربت خالها على كتفه بابتسامة وقال محذرا قبل أن يأخذ جيهان معه للداخل :
+
_ هسيبها أمانة في رقبتك .. وبأذن الله تكون قد الأمانة.
+
أكد له أكرم وقال بصدق :
+
_ مش كلامي اللي هيثبتلك .. أفعالي اللي هتثبت.
+
ابتسم له الرجل ثم دخل للقصر الجنوبي ومعه جيهان ، بينما تسمر أكرم عندما وجد آخر شخص كان يتوقع وجوده اليوم !
+
حينما خرج وجيه من سيارته ومعه العائلة بأكملها حتى والده المريض ! ..
+
وقد لاحظ وجيه صدمته وتعجب أن جيهان لم تخبره !!
+
فقال وجيه بابتسامة ودية :
+
_ الف مبروك يا أكرم .. طبعا أنا مش هوصيك على جيهان.
+
تحولت فرحة أكرم لجحيم مستعر ظهر بنظرات عينيه العنيفة حينما وقف أمام وجيه .. ثم أجاب بغضب لم يعلن عن نفسه :
+
_ هي دقايق وهتبقى مراتي ، وأظن ساعتها تخصني لوحدي ، محدش وصي عليها.
+
تبلد وجيه من إجابة أكرم المقلقة ونظر له بدهشة ، ليجد نفسه تلقائيًا يقول بتحد وتحذير :
+
_ عيلة الزيان هي عيلة جيهان وده واقع فارض نفسه على الكل من سنين، الف مبروك مرة تانية.
+
وتجهم وجه وجيه بعد ذلك الرد ، ونظرت ليلى لهما بقلق ، ثم قالت لوجيه :
+
_ طب يلا نلحقها عشان نباركلها يا وجيه.
+
وهتفت الصغيرة ريميه بسعادة التي ارتدت زي كالفراشة البيضاء وقالت :
+
_ يلا بقا عايزة أشوف ماما جيهان .
+
ولولا أن عدم دخوله سيفسر تفسير خاطئ من قبل الجميع لكان عاد وجيه لسيارته ولم يدخل ذلك المنزل الذي أستقبله صاحبه بتلك الكراهية !
+
وبعدها تدافع الشباب الأربعة والفتيات وهم يصفرون ويهللون بسعادة ، وهمس جاسر لجميلة بمكر :
+
_ حلو المكان المقطوع ده يا بيوتيفول ، عايز أخد قصر زبالة زي ده عشان لما تطولي لسانك عليا أجيبك هنا وأعقابك .
+
ضحكت جميلة بثقة:
+
_ تعاقب مين يا جدع .. ده أنا بصة بس ليك بتتصالح على طول...
+
رد جاسر بغيظ وسخرية منها :
+
_ ثقة لم ترعب أحد !... هشتري قصر زي برضه .
+
وغمز لها بابتسامة واسعة ... فضحكت جميلة على نظرته لها ..
+
_______________________________
+
همس آسر لسما قائلا بنظرة دافئة مُحبة :
+
_ كل ما بشوف فرح بفتكر فرحنا .. فرحة عمري كله.
+
ابتسمت سما بحياء وقالت :
+
_ كان أجمل يوم في حياتي ..
+
لف آسر ذراعه على كتفها بأحتواء وهمس مرة أخرى بابتسامة واسعة لها:
+
_ أنتي بقا حياتي ذات نفسها ..
+
بينما قالت رضوى لرعد منبهرة بالمكان :
+
_ بص هو قصر معفن ما أختلفناش ... بس تحس كده أنه عاطفي !
+
اغتاظ منها رعد وقال :
+
_ معفن ! .. طب بالعكس بقا ، عاجبني جدًا ، حاسس أني في فيلم رعب من اللي بحبه ..
+
ضيقت رضوى عيناها وقالت بغيظ :
+
_ ما تفكرنيش بقا .. بسببك فضلت أحلم بكوابيس أمبارح ، ما بتشغلش الشاشة غير على الرعب ، اتقي الله بقا ده أنت جننتني.
+
غمز رعد لرضوى بمكر :
+
_ طب ما أنا أجنن فعلا .. ده انا لما بتأخر خمس دقايق بتبقي هتتجني من القلق .. لا بس ايه الحلاوة دي يابطل
+
ابتسمت رضوى بزهو وقالت وهي تضربه على صدره بضحكة :
+
_ اخيرا اخدت بالك ..
+
ضحك رعد وقال :
+
_ وأنا من أمتى بغفل عنك ..
+
وظلا يضحكان ويتشاكسان وهما يسيران للداخل ... بينما الثنائي الهادئ يوسف وحميدة كانا يسيران وهما يتهامسان بخفوت.
+
وقال يوسف لحميدة بتسائل حقيقي :
+
_ تفتكري في حلويات من اللي بحبها في البوفيه ؟ ... أتمنى ذلك.
+
بقولك صحيح حضرتلها فطير الصباحية ؟
+
ضحكت حميدة وقالت بفخر :
+
_ طبعا ودي تيجي .. ده الفرح ده فرحنا والعروسة من عندنا ، حضرت شوية فطير قشطة كده مع أخواتي وحطيت اللازم كله ،السواق هيدخله دلوقتي ..
+
ربت يوسف على كتفها بمحبة وقال :
+
_ تسلم ايدك يا حبيبتي ، تعالي ندخل المطبخ ناكله بقا .
+
فنظر لبعضهما للحظة ثم تعالت ضحكاتهما ...
1
وبينما وقفت جيهان ويحاوطها الصغار بسعادة شديدة ، اقبل عليها الوافيدين من عائلة الزيان تباعا ، واولهم كان الصغيرة ريميه التي هتفت بصوت عال وقالت :
+
_ ماما جيهان .. تعالي أحضنيني أنا بحبك أوي أوي وحشتيني موت.
+
ابتسمت جيهان بمحبة شديدة لتلك الصغيرة وهرعت اليها بثوان ،وأخذتها بعناق طويل مفعم بالقبلات الحارة على رأس الصغيرة ووجهها .. لتقول ريميه وهي تضم جيهان بقوة :
+
_ والله يا ماما جيهان كل يوم كنت بكلم ربنا عنك ، كل يوم كل يوم كنت بقوله يفرحك ويخليكي تضحكي طول العمر .
+
التهبت دمعة بعيون جيهان وقبلت جبين ريميه بقوة ثم قالت :
+
_ انتي روحي يا ريميه ... ما نستكيش ابدًا وطول الوقت كنتي في بالي ..
+
أتت ليلى وربتت على ذراع جيهان وقالت بمحبة حقيقية :
+
_ وأنا كمان يا جيهان وحشتيني أوي ..
+
أنزلت جيهان الصغيرة وعانقت ليلى بمشاعر صادقة وقالت بحب :
+
_ وأنتي كمان يا ليلى ، أنا عمري ما هنسى الوقت اللي قضيته معاكم ، عرفت حاجات كتير أوي ..
+
ضمتها ليلى وهنئتها بسعادة لا توصف ، بينما هنأها الجد رشدي والشباب والفتيات واحدا تلو الآخر بسعادة صادقة لفرحتها التي اسعدت الجميع ، لتعود جيهان لوجيه وهي تمسح دموعها وتقول :
+
_ مبسوطة أوي بحضوركم يا وجيه ،سعادتي مكنتش هتكمل غير بيكم .
+
ابتسم لها وجيه بصدق وقال :
+
_ أحنا أهلك وعيلتك يا جيهان ،وهنفضل عيلتك على طول .
+
وحينما انتبه وجيه لأكرم الذي أتى ونظر لهما بوجه يكسوه الغضب المميت وهو يشاهد وقفتهما معا .. أكد وجيه بصوت واضح كأنه يحذره :
+
_ ما تنسيش يا جيهان ... هنفضل عيلتك وجانبك طول الوقت ، وغصب عن أي حد يفكر بس يضايقك.
+
تعجبت جيهان من قوله بعض الشيء ، ولكنها ابتسمت وقالت بمجاملة ردا على حديثه :
+
_ طبعا .. هو أنا ليا غيركم ..
+
وأتى خالها وأخذها من يدها عندما انتبه لمةقف أكرم وقال هامسا لها :
+
_ جيهان .. أكرم وراكي.
+
ابتسمت له جيهان ولم تعتقد أنها فعلت شيء يثير الشكوك ، ودخل الجميع لمساحة قد اعدت لأتمام عقد القران وقد حضر المأذون ، ومر الوقت وأكرم يتمم مراسم الزفاف بوجه مقطب ونظرات غاضبة تنذر بالشر .. وبعدما أنفض الجميع من حولها وغادروا القصر الجنوبي بعد المباركات الشديدة .. زفها صغار القصر مع أكرم لجناهما الخاص الذي جهزه أكرم لها بالأيام الفائتة .
+
ولكنه عندما وقف أمام الباب قال بحدة دون أن ينظر لها :
+
_ أدخلي على ما أجيلك ..
+
ابتسمت جيهان بحياء ودخلت وهي بقمة سعاظتها ولم تتخيل مدى تفكيره ومنحنى شكوكه الخطرة ...
+
دخلت جيهان الجناح الذي جهز بأحدث الاثاث الفخم وتبدل كليًا، وظلت أمام المرآة وهي تتأكد من زينتها وتشعر بسعادة لم تشعر بها يوما، وكلما تذكرت انها الآن اصبحت زوجته يرتجف قلبها حياءً وسعادة غامرة.
+
ومر الوقت وأصبح غيابه يدعو للشك والتعجب وهي بغرفتهما بمفردها!!
+
مضت للشرفة وفتحت بابها على مصراعيه وهي تنظر في المساحة الشاسعة حول القصر الجنوبي علها تجده،
+
ورغم ظلام الليل إلّا انها تأكدت انه ليس في أي مكان..
+
عدى نور أتى من بعيد بداخل أسطبل الخيل!
+
تعجبت وشعرت بالريبة من وجوده بالأسطبل بهذه الليلة تحديدًا وتركها بمفردها!
+
ودون أن تفكر كثيرًا خرجت من الغرفة للطابق الأرضي ومنه إلى خارج القصر وتوجهت مباشرةً نحو الأسطبل !
+
وحينما دخلت وهي تبحث عنه بفستانها اللامع الذي لا يناسب أجواء الأسطبل الخشنة الجافة، وجدته جالسا على إحدى أكوام القش وعينيه ناظرةً لنافذة خلفية شاردًا للبعيد وينفث دخان سيجارته بعصبية واضحة، وكان بقبضته أيضا كوبا من مشروب ساخن.
+
فقالت بشيء من العتاب:
+
_ مش كنت تقولي أنك هنا؟
+
اتضحت العصبية على جانب وجه أكرم ولم يجيبها متعمدًا، فدهشت جيهان واقتربت له بخطوات سريعة حتى وقفت قريبةً منه قائلة بغيظ:
+
_ مش بكلمك؟!
+
وجه نحوها نظرة نارية وتحذيرية وكأنه تحول لمجرم مخيف، فسألته بذهول:
+
_ في ايه اللي حصل وخلاك كده؟
+
وبلحظة دفع الكوب بغضب شديد بالحائط ليسقط متهشما بشظايا زجاجية حادة، والقى سيجارته وامسك معصمها بنظرة شرسة غاضبة وقال:
+
_ اللي تعزم طليقها على كتب كتابها مابيكونش في بالها غير حاجة واحدة وبس.
+
لو كنت اتخيل حتى انك ممكن تحطيني في الموقف ده وأنك لسه بتفكري فيه عمري ما كنت هربط اسمي باسمك ولو مش هقدر أعيش من غيرك ساعة واحدة.
+
أنا مش هطلقك دلوقتي .. بس يوم ما أطلقك هتعرفي الفرق ما بيني وما بينه!
+
صدمت جيهان مما يقوله وقالت لتدافع عنها نفسها:
+
_ انا عزمته هو وليلى مراته وبقية عيلته ما عزمتهوش لوحده، ولأني بعتبرهم عيلتي فعلا عشان ما شوفتش منهم غير كل خير وخرجت من وسطيهم بالمعروف، أنت أزاي تفكر فيا كده؟!
+
أزاي تتخيل أني عزمته عشان لسه في بالي وبفكر فيه؟!
+
ضغط أكرم على معصم يدها بعنف وهتف:
+
_ عمرك ما هتعترفي ، ما تستغربيش أني كاشفك، أصل عندي نسخة منك نفس الأسلوب والأنانية وعمرها ما أعترفت برضه أنها اتجوزت واحد بعد أبويا عشان تكيده.
+
أنتوا كلكم نسخة واحدة مكررة بمليون شكل.
+
لكن نفس الأنانية والكذب بس أنتي مستواكي عالي أوي في التمثيل وخلتيني أصدقك.
+
بس اللي شوفتيه مني الأيام اللي فات كوم .. واللي جاي كوم تاني خالص ..
+
تجمدت للحظات ولم تستطع أن تصدق أن ما تراه حقيقة، ولكنها قالت بدموع وغضب شيد:
+
_ طالما سوء ظنك وعقدك هتفضل دايمًا ملحقاك يبقى تطلقني، ومش هقعد هنا ثانية واحدة كمان.
+
وتركته واقفا تغلي الدماء بعروقه واسرعت لتخرج من الاسطبل ولكنه استطاع أن يسبقها وأغلق الباب بالمفتاح ثم استدار نحوها وقال بوعيد ونظرة عنيفة:
+
#سيد_القصر_الجنوبي 💜
+
الثالث والثلاثون من هنا