اخر الروايات

رواية خلف الظلال الفصل الثلاثون 30 والاخير بقلم يسرا

رواية خلف الظلال الفصل الثلاثون 30 والاخير بقلم يسرا

الفصل الاخير..... بقلم يسرا



انتهت مراسم الدفن وانصرف الجميع بعد اداء صلاه الجنازه على والده امانى ...تلك العجوز الطيبه رحمه الله عليها
وامسكت هاله بكتف امانى وقالت لها مواسيه : شدى حيلك يا امانى... البقاء لله

فرت دمعه من عينا امانى رغما عنها وقالت : البقاء لدين محمد ..على قد ما انا حزينه لفراقها على قد مابقول ارتاحت كفايه عليها كده تعبت اووى ..بس انا بجد زعلانه منك جدا ..كده تجيبى الولاد المدافن يا هاله

ردت هاله بجفاف : انا جيبتهم عشان يتعلمو ..امال هيكبروا ويبقوا رجاله ازاى ..خلاص ماعدليش غيرهم اتسند عليهم لما اكبر ...وكده ولا كده بقالى كتير انا كمان مازورتش امى ..فرصه يعرفوا قبر جدتهم فين ...

امانى بحزن: طيب يالا بينا... انا هاجى ازورها معاكى

اتجهت هاله برفقه صديقتها واطفالها الى حيث قبر والدتها وقامت بتلاوه ايات سوره الفاتحه وطلبت من ابناءها ان يفعلو المثل

ثم طلبت من ابنها الاكبر ياسين تلاوه سوره يس...والدعاء لجدته بصوت مرتفع

وقطع صوت تلاوته العذب صوتا لما تتوقع هاله سماعه بالمره قائلا : السلام عليكم

التفتت هاله وارتسمت امارات الدهشه والفرحه على وجهها ...

وغلبتها دموعها رغما عنها فرحا بلقاءه ورغم ذلك تجمدت مكانها ولم تستطيع الحراك

فيما قفز ياسين تجاه صاحب الصوت ووقف عمر يحتمى بظل امه ..

نظرت لها امانى متعجبه وقالت لها بصوت خافت :مين ده يا هاله ؟

ردت هاله بصوت ابح مرتجف : ده اخويا .....هادى

وقفت هاله تنظر الى اخيها وبعثت له بنظره لوم طويله وسقطت دموعها غزيره
فاقترب منها هادى وامسك بكتفها واحتضنها بقوه مفرطه كادت ان تهشم اضلاعها... وبكيا الاثنان

واخذ هادى يردد : سامحنى يا اختى ..سامحينى انى قسيت عليكى ...

ردت هاله بصوت باك: مسمحاك ..مسمحاك يا اخويا



مرت الذكريات امامه كشريط سينمائى سريع

ذكرى امه وهى تهجره... تاركه المنزل للابد ....كم صرخ لاجلها ....لاجل ان يستبقيها
ولا فائده
فلم تكلف حتى نفسها بأزاحه عيناها عن الطريق لوهله والنظر اليه ...ورحلت ...ببساطه

وذكرى اخرى له وهو طفل صغير ذو الاعوام السبع يعمل فى ورشه ابيه لاصلاح السيارات
كم صرخ فى وجهه ..كم ضربه وتعمد ايذاءه ...فقد كان يشبه امه للغايه ..

حتى صار مراهقا ذو السبعه عشر عاما ولم يعد بامكانه تحمل ويلات حربه الضروس مع ابيه
فظ القلب ..غليظ اللسان ...
يومها سرق سياره احد الزبائن وهرب..باعها وقبض ثمنها ...
وظلت تلك مهنته التى امتهنا وارتضاها لنفسه سرقه السيارت وبيعها على اجزاء

حتى اتجه الى تجاره المخدرات ...

وصار اللامعقول ...مقبول

وصار المستحيل.. واقعا

وصار قتل الانفس وزهق الارواح ..ضريبه يدفعها شهريا

حتى التقى نانسى وصارت حياته ملونه بالوان الطيف السبع الى ان رحلت كما فعلت امه ..ببساطه

وتعاقبت الايام وتشابهت الاشهر والعام تلو العام حتى قابلها ...هاله

امرأه جديده

صنفا لم يعهده من قبل ...

وفتح عينيه ...وبعد قليل سمع احدهن تقول بصوت مستبشر " دكتور ...المريض فاق "





ظل حاتم مركزا انظاره على طريقه الذى قطع اكثر من ثلثيه وكاد ان يصل ان مكتب ابيه

حتى تلقى مكالمه هاتفيه فأجاب بضيق: الو ..

اتاه صوت احد مخبريه وهو يقول له : الو ...حاتم باشا ...الراجل فاق وصحى

ظل حاتم لبرهه لايتكلم وكاد ان ينطق بأحد الاوامر ثم تذكر انه قدم استقالته ..

الا ان شيئا ما منعه عن افصاح تلك المعلومه للمخبر وقال له بصوت نافذ : طيب انا جيلك اوعى حد يشم خبر ولا تخليه يخرج

رد المخبر طائعا : تحت امرك يا باشا

اوقف حاتم السياره فجأه واستدار عائدا الى المستشفى التى كان بها سالم قابعا طيله الايام الثلاث الماضيه
اثر اصابته بطلق نارى جعله يغيب عن الوعى كل تلك المده الماضيه
وماهى الا نصف ساعه زمنتيه حتى كان حاتم يقطع الردهه الطويله بسرعه الى ان وصل للغرفه التى احتجز فيها سالم

وقف المخبر وادى التحيه العسكريه لحاتم فدخل حاتم بعد ان اطمئن ان الخبر لم يصل لمرؤوسيه بالداخليه

وقف حاتم وهو يرمقه بنظره مليئه بالكراهيه قابلها سالم بقمه البرود

فقال حاتم متهكما : حمدالله على السلامه يا سالم ..ايه راجل قلقتنا عليك ...انا قلت دى تانى اصابه فى اقل من اسبوع ..كنت خايف لتروح فطيس

ابتسم سالم ساخرا وقال : عمر الشقى بقى ...ياحاتم باشا ...الا ممكن اعرف انت موقف مخبر ليه على باب الاوضه وبأى حق تمنعونى من الخروج

تظاهر حاتم بالبلاهه وقال : احنا نمنعك ..لا ابدا مش احنا دى اوامر الدكتور

سالم : ااه اوامر الدكتور... والمخبر ده ..برضه اوامر دكتور

حاتم بغلظه: جره ايه يا سالم انت فاكر عشان مانقلتك على المستشفى ..يبقى خلاص... انت ناسى انا كنت جايلك ليه انا والقوه اللى كانت معايا

سالم ببرود: والله انا معرفش انت كنت جاى ليه يا حاتم باشا ..الا صحيح انت كنت جاى ليه ؟

عقد حاتم حاجبيه غاضبا وقال بنفاذ صبر : المخدرات فين يا سالم ؟

تظاهر سالم بالبراءه : مخدرات !!!حاشا لله ...الله يسامحك يا حاتم باشا

رد حاتم بغلظه : انت هتعملهم عليا ياسالم ...مين اللى بدل المخدرات بالدقيق والسكر

قال سالم ساخرا : تانى ...ونبدلهم ليه دول كانو فعلا دقيق وسكر ....اصلنا كنا ناويين نعمل كيكه ...يعنى كنا عاملين حفله على الديق كده

حاتم : وهيا الحفله برضه بيبقى فيها طلق نار ؟

سالم : عزيز الله يجازيه بدال الصورايخ قلبها رصاص ..الله يهديه

لوى حاتم شفتيه وشعر بالقنوط وهز رأسه وهم ان يرحل فلا فائده مما يفعله

ثم استدار على حين غره وقال لسالم : والسلاح بتاعك يا سالم مترخص ؟

قال سالم : اه ا حاتم باشا مترخص ...يومين كده واخرج وابعت لسيادتك صوره الترخيص
ولو انكم اكيد صادرتوه يعنى واتأكدتوا بنفسكم ..ما انا عارف السلاح لما بيقع فى ايديكم بتعملو بيه ايه

حاتم : كويس انك عارف ...بنعمل بيه مطابقه لكل جرايم القتل اللى انت مشكوك فيها.. يمكن تكون وقعت فى شر اعمالك ونسيت واستخدمت سلاح مرتين

ابتسم سالم ابتسامه بارده وقال بهدوء : ربنا يبعد عنا الغلط يا باشا

خرج حاتم مستاءا ..حانقا ...غير انه تلك المره لم يكن يائسا

فقد علم وتأكد ان قرار استقالته كان قرارا قدر ما كان صائبا... غير انه قد اتخذه فى توقيت بالغ السوء

فلم يعهد نفسه منسحبا قط

خاصه وان لازال امامه هدفا لم يتحقق بعد ...رؤيه سالم خلف القضبان او ربما معلقا حول رقبته حبل المشنقه

وما ان خرج حاتم حتى بحث سالم مطولا عن هاتفه ولكنه لم يجده
وبعد قليل دخلت ممرضه فى اوائل العشرينيات وسارت بحذر مشوب بالاعجاب نحوه واعطته دوءا

رفض سالم ان يبتلعه وقال لها بنفاذ صبر : اكتبى اسمه وانا ابعت اجيبه من الصيدليه انا مش باخد دوا فرط كده

ردت الممرضه متعجبه : انا معرفش اسمه ..الدكتور بيكتب العلاج وبروح بيه صيدله المستشفى وهما بيدهونى

اشاح سالم بيده وقال غير مباليا : طيب سيبيه دلوقتى وماتخافيش مش هجيب سيره لحد ..المهم انا فين حاجتى ؟

اشارت له الممرضه : متعلقه فى الدولاب

ابتسم لها سالم ابتسامه ساحره وقال لها : طيب وحياتك بوصيلى على التلفيون ..يارب تلاقيه

اتجهت الممرضه بخجل الى الخزانه الخشبيه وفتحتها واخرجت منها هاتفه واعطته اياه وانصرفت سريعا

وما ان خرجت حتى اتصل سالم ب"موسى " رجله الامين وطلب منه ان يقله من المشفى فى غضون ساعه

اما حاتم فقد اتجه الى سيارته وظل قابعا فيها ..كان على ثقه بأن سالم سيغادر المستشفى فى اقرب فرصه سانحه
واثناء انتظاره دق هاتفه فوجده "امير " ذاك الضابط الذى كان يعمل تحت امرته ...رد حاتم بصوت هادىء : الو ...ازيك يا امير

رد امير مضطربا : ازيك ايه يا حضرة الظابط ...بقى تستقيل يا حاتم ..معقوله دى ؟

رد حاتم مستاءا : امير سيبنا من اللى فات ..دلوقتى انا عايز منك خدمه ممكن ؟

امير : انت تؤمرنى يا حاتم

حاتم : عايزك تساعدنى فى القبض على سالم بس طبعا بشكل غير رسمى ..انا شويه وهكلم مؤمن هاه انت معانا ولا ايه ؟

امير باندفاع : طبعا معاك بس فهمنى ..غير رسمى ليه ؟

حاتم بعند : لان الداخليه والرؤسا مش هامهم القبض على سالم ...لكن احنا بقى هنقبض عليه ونسلمه للمحكمه ..انا طبعا استقلت لكن انت ومؤمن لسه موجودين ..هتاخد جزى على فكره ..عشان ما نفذتش الاوامر ..هاه قلت ايه ؟

امير بحماس: مش مهم الجزى ..المهم نقبض عليه

حاتم : انا قاعد تحت المستشفى مستنيه يخرج.. وهفضل مراقبه من بعيد وهبقى اكلمك نتفق هنعمل ايه

امير : طيب ..وانا مستنى تليفونك

وبعد ساعه زمنيه كان سالم قد غادر المستشفى برفقه "موسى" وبضعا من رجاله وسار حاتم خلفه بسيارته يتبعه كظله الحميم

وصلت سياره موسى لاحدى المنازل التى تقع على اطراف مدينه "6 اكتوبر" وترجل سالم من السياره

وظل حاتم يراقبه متخفيا حتى حل المساء

وحضر مؤمن ليقوم بنصيبه فى ساعات المراقبه... وعاد حاتم الى منزله لينال قسطا من الراحه

اما سالم فكان يذرع احد الغرف فى توتر ملحوظ حتى اتاه اتصالا تاقت له نفسه وبشده ..

انه اتصالا من موسى يخبره فيها انه قد عثر على "وليد" و "عبده"

وانه قد علم من احد مصادره ان الاثنان يستعدان لبيع المخدرات فجر هذا اليوم ..

فلمعت عيناه ببريق الانتقام

وأمره سالم بأعداد الرجال وتسليحهم ...فاليوم يقتص ممن خانوه ...

ممن بدلو بضاعته الثمينه بالدقيق والسكر ...ووشوا به الى الشرطه ليضمنوا الخلاص منه !!!!

انطلقت سيارات موسى ورجاله تحت امره سالم الى مدينه الاسكندريه
يتبعه مؤمن الذى اوقظ حاتم من سباته واخبره عن طريق الهاتف بحركه سالم فى تلك الساعه المبكره من اليوم ...
فاتصل حاتم بدوره ب "أمير" ليخبره بتحركات سالم الاخيره ...

عندها قرر امير اللجوء لمرؤوسيه علهم يستجيبوا لطلبه فيبعثوا معه فرقه من افراد الشرطه لضبط سالم متلبسا
فقرر اللواء عماد ان يبعث بفرقه صغيره مكونه من خمسه افراد فقط فى حال عدم وجود اى صفقه ..وفشل المهمه


اشرقت شمس الصباح واعدت هاله نفسها للرحيل والعوده لمنزل امها بعد اصرار من اخيها على ان تبقى بمنزلها هى واطفالها ..
تناولت هاله الافطار مع امانى التى كانت تحاول التظاهر بالفرح والبهجه

واقتربت منها هاله واحتضنتها بقوه وقالت لها : انا مش قليله الاصل عشان اسيبك لوحدك وانتى عارفه كده كويس.. بس هادى فاضله اسبوع ويرجع السعوديه تانى ..لكن اوعدك اول ما يسافر هتيجى انتى بقى تقعدى معايا ...

رفضت امانى عرضها وقالت : لااا ...انا لا يمكن اسيب هنا ..هنا بيتى واخواتى عايشين حواليا ...ربنا يخليلك اخوكى ولا يقطع الود مابينكم ..الا صحيح هوا عروسته هتسافر معاه

قالت هاله بحزن : لاء ده قالى انه فسخ الخطوبه وراجع تانى ..والله زعلنى كان نفسى اطمن عليه

امانى : معلش ..بكره ربنا يرزقه ببنت الحلال

سمعت هاله زمور سياره اخيها وهو يدوى بالاسفل فقالت : ده هادى جه ..جه بدرى ..حبيبى تلاقيه مانمش ...يالا يا عمرو ..ياسين تعالو سلموا على خالتكم ...

قفز عمر اولا الى حضن امانى واخذ يقبلها قبلات عده

فضحكت امانى وقالت له : كفايه ...هههههههههه ..انت ايه يا ولا ..عايش فى بئر الحرمان

ثم احتضنت ياسين وقبلته من رأسه وقالت : ربنا يبارك فيك يا ياسين ويهديك ياعمر ....اسمعوا كلام ماما ياولاد

تدافع عمر وياسين الى الباب ليستبقوا والدتهم واحتضنت هاله امانى مطولا وقالت لها : انا مش عارفه اقولك ايه ...عمرى ما هقدر اوفيكى جميلك يا امانى

مسحت امانى دموعها وقالت : ماتقوليش كده... انتى اختى يا هاله ...خدى بالك من نفسك ومن ولادك ...وهنبقى نتكلم كل يوم ..

هاله باكيه هى الاخرى : كل يوم وكل ساعه ...خدى بالك من نفسك

امانى : لا اله الا الله

هاله : محمدا رسول الله ..استودعك الله الذى لاتضيع ودائعه

ارتفع الزمور مره اخرى مؤذنا بقرب الرحيل فابتسمت لها هاله ابتسامه اخيره وقالت : هتلاقيه المجرم عمر ..ماصدق انه راجع بيت جدته

امانى ضاحكه: حقه ...مش ده البيت اللى اتربى فيه ...يالا بقى عشان ماتزعليهومش منك

احتضنتها هاله مره اخيره وقالت بصدق : هتوحشينى اووى

وانصرفت هاله برفقه ابناءها واخيها عائدين الى منزل جدتهم ..بفرح وسرور بالغ ...


وفى تلك الاثناء كان حاتم قد وصل الى الاسكندريه وقاد سيارته كما ابلغه مؤمن الى احدى المناطق النائيه...التى تدعى " أم زغيو " ...

حتى رأى سياره مؤمن على جانب الطريق فأوقف سيارته على بعد 15 مترا منها ورفع هاتفه وقام بمحادثه مؤمن الذى اخبره ان سالم ورجاله قد وصلو منذ مايقرب ساعتين وانهم بدورهم يختبئون فى سيارات نقل عملاقه تقف الى جانب الطريق ...فاتفق معه حاتم ان يلزما الصمت ...والمراقبه فى هدوء

وبعد نصف ساعه رن هاتف حاتم فرد بسرعه : الو ..

جاءه صوت امير قائلا : انا امير يا حاتم ...هاه ايه الاخبار

حاتم : مافيش سالم ورجالته مستنين بره مخزن كده ومافيش حركه ..فأحنا بنراقبهم انا ومؤمن

امير : طيب حلو اووى فين المخزن ده ؟

حاتم : عارف.. ام زغيو

امير بحيره: استنى كده اسأل اللى معايا ..

حاتم بشك: مين معاك؟

امير بقلق: انا كلمت اللوا عماد وهو بعت معايا خمسه

حاتم بعصبيه: كان لازم تقولى يا امير الاول قبل ماتعمل حاجه زى كده

امير بهدوء : اللى حصل يا حاتم وبعدين مايضرش ...سالم ورجالته واللى رايح يقابلهم مش هيبقوا ااقل عشر رجاله كنا هنقدر عليهم ازاى انا وانت ومؤمن ...ده ربنا يستر ..احنا اول عن اخر 8 بس ..

حاتم وقد هدأ قليلا: طيب ..طيب ..خلاص المهم احنا على طريق ام زغيو ..اما توصل لمخازن الخشب بتاعه شركه *******..اركن وخليك مكانك واستنى منى اشاره مفهوم ...احنا فى اول مدخل يمين بعد المخازن دى ...جوه ب 50 متر كده مخزن مهجور واقف عنده سالم دلوقتى

امير : خلاص ...انا فى الطريق ليك قدامى بتاع ساعه بالكتير

حاتم : بس بسرعه يا امير ...سلام


ظل سالم يراقب الطريق بضيق ثم التفت الى موسى وقال له بنفاذ صبر : وبعدين ..هنفضل واقفين كده لحد امتى بقالنا ساعه واكتر

موسى بخمول: يا باشا ..الصبر ..كلها ساعه زمن ويشرفوا

قال سالم بقلق : انا مش مطمن .. ليكونوا شافونا

موسى بهدوء: ما اظنش ...احنا واقفين بترلات خشب واديك شايف يا باشا الحته هنا كلها مخازن للخشب ...شكلنا مش مريب عشان مايطمنوش ويمشوا واذا كانت البضاعه جوه ...هيسيبوهالنا ويمشوا ..

ثم قال بتساؤل :الا يا باشا ..احنا مادخلناش ليه ناخد البضاعه ...ده مافيش الا غفير واحد اللى واقف ...وامره سهل

اشاح له سالم بيده وقال غاضبا :انا مايهمنيش البضاعه انا يهمنى رقبه وليد وعبده ...بقى يسرق بضاعتى ويبلغ البوليس ..صحيح ديل الكلب

دقت الساعه التاسعه ورأى سالم ورجاله عاصفه من التراب آتيه من الطرف الاخر للطريق ..انكشفت بعد قليل معلنه عن وصول سياره سوداء يقودها عبده والى جواره يجلس وليد وهو ينفخ سيجارا كوبيا بتلذذ واضح ..
عبرت السياره الجدار المنخفض الذى يحيط المخزن من جوانبه الاربعه
وفتح الحارس البوابه العريضه للمخزن ...وترجل وليد اولا واتبعه عبده واختفيا بالداخل

نظر موسى لسالم وقال : هاه ...ندخل دلوقتى

سالم : لاء استنى لما الراجل التانى يجى

ولم يطل الوقت بهما حتى ظهرت سياره رباعيه ترجل منها ثلاثه رجال وعبروا البوابه واختفوا بالدخل ..

عندها اعطى سالم لرجاله اشاره ببدء الهجوم ..

وما ان لاحظ مؤمن حركتهم السريعه حتى بعث مؤمن باشاره لحاتم ..

فاتصل حاتم ب" امير" الذى اخبره انه تجاوز لتوه المخازن التى وصفها له آنفا ..
فاتصل حاتم بمؤمن واخبره ان ينتظر كما هو حتى يأتى امير برفقه رجال الشرطه الاخرين

واقتحم سالم ورجاله المخزن بعدما اصاب احدهم الغفير بجرح نافذ فى جسده
ودخل موسى اولا وحفنه من رجاله وقاموا باطلاق الرصاص بكثافه حتى قتلو اربعه رجال دفعه

وتبقى وليد وحده ينظر مذعورا حوله الى جثث الرجال حوله ...

عندها دخل سالم وهو يرمقه بنظره ناريه ...وتمنى وليد لو ان تنشق الارض وتبتلعه ...

وخر هاويا على ركبتيه وامسك بقدمى سالم يرجوه ان يدعه حيا قائلا بصوت صارخ : ابوس رجلك ..ابوس رجلك يا سالم باشا سيبنى اعيش ...سيبنى اعييييش

فقبض سالم بقسوه على شعر رأسه وقال لها بحقد بالغ: انا اللى يخونى استحاله يشم ذره نفس بعدها ...بس انا هعمل فيك العن من القتل

ثم اشار لموسى اشاره قرأها الاخير بوضوح فقبض موسى على احد الاكياس التى تحمل مسحوق الهيروين
وجذب رجلين وليد بعيدا عن قدم سالم ثم قيدوه بقوه واجبروه على تعاطى جرعه مخدر قويه

واخذ وليد يصرخ ويدفع برأسه بعيدا عن المسحوق السام حتى ضحك الرجلين

وقال احدهما بغلظه : دووق ..طباخ السم بيدوقه ..مش كنت عايزاها كلها لروحك

واخرج سالم سيجاره واخذ ينفثها بتلذذ ...وماهى الا دقائق معدوده حتى تهاوى جسد وليد وغرق فى احلام اليقظه

عندها اقتحم حاتم ورجاله المخزن ودوت صفارات سيارتى الشرطه فى المكان
فالتفت سالم وتأهب واخرج سلاحه بسرعه
وهم موسى بأطلاق النيران هو ورجاله ...الا ان حاتم ومؤمن قد اتخذوا ساترا
وبدأ اطلاق النيران واقتحم افراد الشرطه بقياده امير المخزن

واستطاع امير اصابه موسى فأرداه قتيلا واصاب اثنين من رجاله
وتبقى سالم وثلاثه اخرين يحاولان مقاومه الهجوم بكثير من طلقات الاسلحه

حتى تمكن سالم من الهرب .....فأتبعه حاتم تحت وابل من الرصاص

واستقل سالم سياره وليد وانطلق بها فى سرعه جنونيه
وخرج حاتم خلفه واستقل سياره الشرطه وانطلق بها يطارده فى عكس اتجاه المرور

واستطاع مؤمن وامير والفريق معهما السيطره على ماتبقى من رجال سالم والقبض عليهم

وخرج مؤمن ليلحق بحاتم فيما مكث امير وقام بالاتصال بمرؤوسيه فى القاهره طلبا للدعم

وظل حاتم يطارد سالم بسيارته

واطلق سالم الرصاص على سيارته مرارا... الا انه لم ينجح فى اصابته

وفجأه ظهرت سياره نقل ضخمه محمله ببضائع فى الطريق امامه ولم يتمكن سالم من تفاديها فارتطم بها بقوه وانقلبت سيارته عده مرات

وحاول حاتم ايقاف سيارته ولكنه اصطدم بسياره سالم بعد فوات الاوان
وانقلبت السياره التى تحمل حاتم هى الاخرى على الجانب الاخر من الطريق

وهرع مؤمن لانقاذ صديقه واخرجه بعد عناء من السياره وهو فاقد الوعى وقام بالاتصال بالاسعاف

وماهى الا نصف ساعه زمنيه حتى اعتج المكان بسيارات الشرطه والاسعاف ....وحملت الاسعاف جسدا سالم وحاتم سويا لاقرب مشفى تحت رقابه مشدده من الشرطه



و فى صباح اليوم التالى

استيقظت هاله شاعره بانقباض قلبها دون ان تدرى سببا فخرجت من غرفتها واتجهت الى غرفه ابناءها للاطمئنان عليهم فوجدتهم لازالو نائمين فخرجت من الغرفه وقابلت اخيها الذى استيقظ لتوه

فقال لها بابتسامه مشرقه : صباح الخير ياهاله ...انتى ايه اللى مصحكيى بدرى اووى كده ؟

ابتسمت هاله وقالت : عادى شويه وهصحى الولاد يروحوا المدرسه

امسك هادى بيدها وجذبه لتجلس على احدى كراسى السفره

وقال لها : مدرسه ليه بس ...خليهم يغيبوا ..انا النهارده عايز اخدهم ونروح نتفسح كلنا

ضحكت هاله وقالت : دوول ماهيصدقوا ...بس ماينفعش الامتحانات على الابواب

قال لها هادى : ياستى ماجتش على يوم ...عشان خاطرى ادخلى صحيهم واقولك ..ماتفطريهومش حتى ..هنفطر بره

ردت هاله مستنكره : كمان !!

هادى ضاحكا : ااه ..عايز نقضى اليوم كله بره

هاله بقلق: انا ماعنديش صحه لكل ده ..وبعدين الصراحه يا هادى انا صاحيه وقلبى مقبوض ..بلاش نخرج النهارده عشان خاطرى

رد هادى بقوه : قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا ...بشروا ولا تنفروا ..انا هروح اصحيهم

وماهى الا دقائق حتى سمعت صرخات ضاحكه صادره من اطفالها عقب سماعهم لنبأ تغيبهم عن الدراسه لذلك اليوم

بالاضافه الى نزهه مع خالهم الحبيب ..فابتسمت هاله رغما عنها

وبعد مضى ساعه ونصف كانت هاله تسير برفقه اخيها وابنائها على كورنيش النيل وهم يتأملون الطبيعه الخلابه
واستوقفها هادى لشراء بعض الحلويات من احد الاكشاك على الطريق للطفلين

وطالعت هاله الصحف بقليل من الفضول حتى رأت خبرا فى احد اركان الصفحه عن القبض على تشكيل اجرامى لتجاره المخدرات ومصرع بعضا من افراده اثناء اشتباكهم مع الشرطه

ففرت هاله الصحف بذعر وقلق حتى وصلت للصفحه التى تحمل تفاصيل الخبر

حتى قرأت خبر اصابه "سالم ابو النجا " بالاضافه للشرطى"حاتم احمد سليمان " اصابات بالغه

وتساقطت عبراتها بغزاره عندما قرأت ان الشرطه قد عثرت على كميه هائله من المخدرات اثناء تلك المطارده

فاقترب هادى من اخته وربت على كتفها وقال لها بقلق بالغ : مالك يا هاله ؟

التفتت هاله وارتجف جسدها وقالت بصوت مضطرب : ابدا ...مافيش يا هادى

هادى مستنكرا : مافيش ازاى ..انتى بتعيطى ليه ..ورينى الجرنال فيه ايه ؟

جذب هادى منها الجريده وقرأ الخبر فى حيره ثم قال : انا مش فاهم بتعيطى على ايه ده ...دى عصابه لتجاره المخدرات

نظرت له هاله بألم وقالت باضطراب : اصل ..اصل.. الظابط اللى فتح قضيتى من جديد .اتصاب فى الحادثه..هادى خد الولاد وروحوا انتو اتفسحوا انا هعمل مشوار كده واروح على البيت

لم تمكن هاله اخيها من الاعتراض واشارت لسياره اجره حملتها الى بيت صديقتها امانى

التى فتحت الباب وعلى وجهها امارات الحزن فقد قرأت هى الاخرى خبر اصابه حاتم فى الحادثه وتأثرت كثيرا لاجله

جلست هاله الى مكانها المفضل بمنزل صديقتها وظلت صامته لوقت طويل

ثم قالت نطقت بذهول: انا حتى بحاول اعيط عليه مش عارفه ...مصدومه ...مش مصدقه ...مش عارفه مالى ...امتى خرج من المستشفى ..ولما خرج ماكلمنيش ليه ...وليه يعمل فى روحه كده ...ليه يرجع تانى للسكه دى ...ده قالى انه هيفتح صفحه جديده وانا اللى كنت عماله افكر هكلم هادى عنا ..وافهمه ازاى ...

ردت امانى بهدوء : عشان هوا كده ...وصعب يتغير ...انا اللى صعبان عليا المسكين التانى ...ربنا يستر ويقوم بالسلامه ...ربنا يصبر اهله

رفعت هاله ناظريها شاعره بذنب عميق : ماتعرفيش فى انهى مستشفى ...الخبر مافيهوش حاجه ؟

امانى : لاء ..بس انتى معاكى نمره تليفونه ..اتصلى كده ..يمكن حد من اهله يرد علينا يطمنا عليه

اخرجت هاله هاتفها وقامت بالاتصال بيد مرتجفه ولكنها لم تجد اجابه فقالت لامانى قانطه : ماحدش بيرد ...ربنا يقومه بالسلامه

امانى بهدوء: قومى ...قومى اتوضى وصلى ركعتين لله وادعيله ...

ردت هاله متهكمه : ادعى لمين فيهم الاتنين فى المستشفى والاتنين بين الحيا والموت

تنهدت امانى وقالت : ادعيلهم الاتنين ...بس عن نفسى انا مابدعيش الا لحاتم ..يستاهل كل خير والله

هاله بصوت قاس: صح ...معاكى حق ...حاتم يستاهل كل خير ..لكن سالم يستاهل عمايله ..

احتضنتها امانى بقوه وقالت : ماتفكريش فى حاجه ...عشان خاطرى ...فوقى لنفسك بأه ...الغمه اللى على عنيكى دى لازم تنزاح
هزت هاله رأسها بأنصياع ثم قامت واتجهت الى الحمام لتتوضأ كما اخبرتها صديقتها

وبعد مرور شهر


حملت سياره الشرطه سالم الى السجن حتى موعد محاكمته بعد تعافيه ...وبعدها بأيام قلائل تعافى حاتم بالكامل وتم تحديد موعد لخروجه

وفى اليوم الاخير له فى المستشفى قام اللواء عماد بزيارته وهو يحمل معه باقه من الورد

فاستقبلته والديه بالترحاب الشديد

وجلس اللواء عماد الى جوار فراش حاتم وقال له : انا الصراحه معجب بشجاعتك اووى يا حاتم ..ومبسوط اكتر ان الاستقاله ماكنتش رسمى

ظهرت على والد حاتم امارات التعجب والدهشه وقال : استقاله ..استقاله ايه ؟

التفت اللواء عماد الى والد حاتم وقال له : انا اصلى من شهر كده كنت قبلت استقاله شفهيه من حاتم لكن انا اهوه بعلن رفضى التام ليها ...عايز ااقول لحضرتك ان ابنك الهمام مرشح لوسام الشجاعه وخطاب ترشيحه انا بعته بقالى اسبوع لسيادته الوزير

رد حاتم بضيق وقال : وياترى وسام الشجاعه هعمل بيه ايه فى سجن النسا

قال اللواء عماد ضاحكا : لااااا...ماخلاص ...اتلغى واطمن ..وشد حيلك يابطل وقسم مكافحه المخدرات هينور برجوعك تانى ..هه استأذن انا بقى

انصرف اللواء عماد رغم توسلات اسره حاتم له بالبقاء مزيدا من الوقت

والتفتت والدة حاتم اليه وقالت له : مالك يا حاتم مش مبسوط ليه ؟

رد حاتم نافيا : لاء مبسوط ..انا بس نفسى القضيه يتحكم فيها عشان احس انى عملت حاجه

ردت والدته : كل ده وماعملتش حاجه ...ربنا يسترها معاك يابنى ..




وبعد عده اسابيع


رن جرس الباب فى منزل هاله فاستبق عمر امه لفتحه واتسعت عينا هاله دهشه لدى رؤيته

فقال بصوت مرح : دورت عليكى عند امانى قالتلى انك رجعتى بيتك

ضحكت هاله بفرح وقالت : حمد الله على سلامتك ...

قال حاتم بسرور : الله يسلمك ..انتى عامله ايه ؟

هزت هاله رأسها وقالت : الحمد لله

رد حاتم بصوت فرح : عندى ليكى اخبار حلوه

ابتسمت هاله : فيه احلى من شوفتك وانت واقف على رجليك ...

ثم شعرت انها تجاوزت فى حوراها معه فأحمر وجهها خجلا

فقال حاتم سريعا لرفع الحرج عنها : القضيه بتاعتك اتفتحت من تانى والتحقيقات ماشيه كويس اووى وفى خلال شهر بالكتير هيرجعلك حقك والفيش والتشبيه بتاعك هينضف ....مبروك

ابتسمت هاله وترقرق الدمع فى عيناها وقالت : بجد ...انت بتتكلم جد ...الف حمد وشكر ليك يارب ..متشكره ..متشكره اووى ..طيب اتفضل ادخل واقف ليه ؟

حاتم بحرج: لاا وقت تانى بقى ...انتى لقيتى شغل ؟

هزت هاله رأسها بفرح : ااه ....هيا امانى ماقلتلكش ...اخويا ادانى قرض صغير كده عملت بيه مشروع للاكل البيتى وتحضير الحفلات والحمد لله ..ماشيين كويس ..دى حتى امانى معايا ...بس للاسف مش عارفين طريق هند

حاتم بهدوء : اعتقد انها هربت ..لانها طلعت ماضيه على ورق وشيكات .معمول بيهم قضيه غسيل اموال ..كان سالم بيستغل البيوتى سنتر اللى فاتحولها فى غسيل الاموال ياستى ...بس مباحث الاموال بتدور عليها

قالت هاله بأسف : بس انت عارف ان مالهاش ذنب

حاتم متعاطفا: انا عارف ...بس مجرد ماتعترف على سالم ..هتاخد عقوبه مخففه ..بس هوا اكيد هيصعب علينا امر القبض عليها ...حتى وهو فى السجن عامل زى الاخطبوط ليه الف دراع ودراع ...

هاله بقلق: وهوا هيتحكم عليه بأيه ؟

حاتم ساخرا : القاضى لو حنين هيديله مؤبد

ابتسمت هاله ابتسامه صفراء وصمتت... فقال حاتم على حين غفله حانقا: صحيح انكم كنتو هتتجوزوا

اتسعت عيناها دهشه وقالت له بانفاس متقطعه : انت ايش عرفك ؟

حاتم وقد احمرت اذناه : يعنى صحيح

ردت هاله بأسى : كان جنون ...محض جنون ...والحمد لله ...شفيت منه

تنهد حاتم ونظر لها نظره طويله وقال بأسف: الحمد لله ...

ثم داعب رأس عمر الذى كان واقفا طيله هذا الوقت وقال له : خلى بالك من ماما يا بطل

ابتسم له عمر ابتسامه صادقه فقبله حاتم وقال لهاله مودعا : مع السلامه ياهاله ..اشوف وشك بخير ...واتمنى انك تكونى دايما بأحسن حال ...ولو احتجتى اى حاجه ..ارجوكى ماتتردديش ثانيه فى انك تتصلى بيا

هزت هاله رأسها وقالت له : اكيد ...خد بالك من نفسك

نزل حاتم بضعه درجات ثم التفت لها مره اخيره وابتسم لها ابتسامه مشرقه وقال : لا اله الا الله

ردت هاله بابتسامه هادئه : محمد رسول الله

اغلقت هاله الباب بعدما اختفى حاتم عن ناظريها
ونظرت مطولا الى ابنها عمر الذى كان ينظر لها نظره مشاغبه

فداعبت هاله شعر رأسه وقالت لها بغيظ : عايز تحلق ..بس الاول تعالى نعمل التورته المطلوبه مننا

جرى عمر باتجاه المطبخ وهو يردد : هييييييييييه ....انا اساعدك ....انا اساعدك ....

ضحكت هاله ونظرت له ولاخيه بحب واحتضنتهم بقوه وقالت له : الحمد لله على كل شىء ...كفايه انتو عليا ...الحمد لله






تــــــــــــــمت بحمد الله
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close