رواية وتغيرت الفصل الثاني 2 بقلم عهد ايمن
الفصل الثاني رواية " وتغيرت " للكاتبة / عهد أيمن 

أسد كان جالسًا في المقعد الأمامي، دائمًا ما يجذب الأنظار بحضور قوي وأسلوب متفاخر. لم تكن ضي تهتم له في البداية، لأنه كان دائمًا مغرورًا وركزًا في نفسه لدرجة أن باقي العالم لا يعنيه. لكنها لا تستطيع إنكار أنه كان يثير مشاعر غريبة في قلبها. لا تعرف إذا كانت هذه المشاعر إيجابية أم سلبية، لكنها كانت موجودة.
أثناء المحاضرة، كان أسد يلتفت بين الحين والآخر نحو ضي، ليس بسبب اهتمامه الأكاديمي، ولكن لأنه كان يلاحظ هدوءها وغموضها. كان يشعر بنوع من الفضول تجاهها، كان يريد أن يعرف أكثر عنها. كان غريبًا عليه أن شخصًا مثلها، هادئة، وواثقة، يمكن أن يظل بعيدًا عن دائرة اهتمامه. كان يعتقد أن الجميع في محيطه يجب أن يكونوا جزءًا من عالمه المليء بالطموحات والشغف.
في نهاية المحاضرة، تجمع الطلاب في القاعة، وكل واحد بدأ يحضر أغراضه استعدادًا للخروج
أسد كان على وشك مغادرة القاعة عندما لمح ضي وهي تخرج من باب القاعة بهدوء. لم يتردد في اللحظة دي. خطا خطوات سريعة باتجاهها، وصوته الهادئ لكن الحاسم نادى عليها.
"ضي، ممكن نتكلم شوية؟"
ضي توقفت قليلاً قبل أن تلتفت إليه. كانت تتوقع أنه يلاحقها من أجل شيء أكاديمي، لكن ابتسامته الهادئة كانت تحمل شيئًا مختلفًا. مع ذلك، كانت محايدة في رد فعلها.
"ماذا تريد؟"
سألت، صوتها كان هادئًا كالمعتاد، لكنها لم تُخفِ نوعًا من التحدي في كلماتها.
أسد اقترب منها أكثر، وقال:
"شفتك وانت بتشتغلي بتركيز في محاضرة اليوم. عندك مهارات في ترتيب الأفكار، مش زي باقي الناس."
ضحكت ضي داخليًا، كان تعليقه مثل الطعم الموجه، كانت تعرف أنه يمدحها لكن بطريقته الخاصة. "أنا مش شايفة الموضوع كده. أنا ببساطة بعمل اللي عليّ."
أسد كانت نظرته حادة، كان يراقب كل حركة فيها، كان يحاول أن يفهم ما وراء هدوئها الظاهري.
"إنتي دايمًا كده؟ كل شيء تحت السيطرة؟"
ضي ردت ببرود، وهي تبدأ في السير بعيدًا عنه، عيونها على الطريق أمامها:
"مش كل شيء. بس أكيد عندي السيطرة على نفسي، ده شيء مهم في الحياة."
أسد ابتسم، كانت ابتسامته ذات طابع ساخر، وكان يعجب بشخصيتها أكثر.
"واضح إنك مش من النوع اللي يحب يتحكم فيه."
ضي لم ترد، استمرت في المشي وكأنها لا تبالي بما قاله. لكن في أعماقها، كانت تعلم أنه أسد، برغم كل غروره، يثير شيء مختلف فيها. شيء يخلّيها تفكر في نفسها وفي علاقتها بالأشخاص من حولها. هل هي مستعدة للانفتاح؟ أم أنها ستظل تحافظ على جدارها العاطفي بعيدًا عن الآخرين؟