اخر الروايات

رواية انجبت وما زالت عذراء الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم صباح عبدالله

رواية انجبت وما زالت عذراء الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم صباح عبدالله

الفصل لاخير

+


رواية "إنجبت وما زالت عذراء" بقلم صباح عبدالله فتحي.

+


في المستشفى خارج الغرفة التي توجد فيها علياء. عندما خرج عامر رأى رجال الشرطة منتشرين في المستشفى وهناك ازدحام وضجيج وحالة من الهلع بسبب ما حدث لعلياء. اقترب الضابط رعد قائلاً عندما رأى عامر يخرج من الغرفة.

+


رعد: "ممكن أعرف إيه اللي حصل وحالة الدكتورة اي دلوقتي؟"

+


كان عامر يشعر بالحزن والإرهاق وفي حالة لا تسمح له بالدخول في هذا النقاش. لكن، ليس هناك مجال للهروب منه. فحك جبينه قائلاً.

+


عامر: "والله أنا نفسي مش عارف إيه اللي حصل وإزاي حصل وليه. أنا كنت في المكتب مع الدكتور هشام..."

+


قاطع عامر صوت أنثوي مرتبك قائلاً من خلفه.

+


-الدكتورة علياء انتحرت، شفتها بنفسي بترمي نفسها من الشباك.

+


نظر كل من عامر ورعد إلى مصدر الصوت. تفوه عامر بصوت مندهش قائلاً: "انتحرت؟!"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

+


في منزل عائلة عامر.

+


نظر الجميع إلى مصدر صوت سارة التي تسألت قائلة وهي تقف على أول الدرج تنظر نحو فردوس: "هي مين دي؟"

+


توتر جاسم لرؤية معشوقته فنظر نحو فردوس التي تقف خلفه تتحامه به. أما سلوى فلم تظهر أي ردة فعل، وجابت سؤال سارة ببرود قائلة: "دي فردوس أختك!"

+


كانت سارة لا تريد تصديق ما سمعته، لذلك سألت لعل أحد يحقق لها رغبتها ويثبت لها عكس ما سمعته، لكن إجابة سلوى كانت واضحة كوضوح الشمس فتوهت بدهشة قائلة: "أختي ازاي؟!"

+


أجابت سلوى بنفس البرود قائلة: "أختك زي ما هو مش أخوك."

+


قالت كذلك وهي تشير بيديها نحو جاسم، كانت تريد استفزازًا لكنها بغبائها لم تعرف أنها ساعدته ليحقق هدفه، فكل ما يريد جاسم هو أن يجعل تلك العنيدة تصدق أنهم ليسوا أخوة، وسماع هذا من أمه إثبات قاطع على أنه كان يقول الحقيقة من البداية. أما سارة فهي ذهلت من الإجابة الغير متوقعة، فتبدلت نظراتها مع جاسم للحظات ثم تفوهت قائلة وعينيها تلمع بالدموع: "جاسم مش أخويا إزاي؟ وإزاي البنت دي أختي؟ أكيد أنتم بتهزروا."

+


قالت كذلك وركضت لتعود لغرفتها وهي تشهق في البكاء، فهناك حقائق مريبة تظهر واحدة تلو الأخرى وهي لا تستطيع تحمل ذلك. ركض جاسم خلفها وهو يقول: "جاسر خد صبا وفردوس واطلعوا على أول غرفة تقابلكم، خمسة وهكون عندكم."

+


صعد جاسم خلف سارة خوفًا أن تفعل شيئًا في نفسها، فحالتها غير مستقرة وليست قادرة على حمل كل تلك الصدمات التي تتعرض لها. أما ياسين فنظر إلى صبا بنظرة تحمل التوتر والقلق مما هو قادم، شعرت صبا به فأمسكت يديه قائلة: "تعال يا ياسين نطلع نستنى جاسم علي ما يرجع."

+



                
سحبت ياسين لتصعد الدرج لكن أوقفتها سلوى عندما  أمسكتها من معصمها قائلة وعينيها تلمع بشرارة الغضب: "اللي أنتي رجعتي عشانه مستحيل يحصل، أنتي فاهمة؟"

+


عقدت صبا حاجبها بعدم فهم، فهي لم تفهم ما تريده سلوى أن تصل له. لاحظت سلوى لمعة الشك في عين ياسين فأكملت بمكر قائلة لتزيد نيران الشك: ": اوعي تفكري اني عبيطه ومش فاهمه لعبتك دي لا يا شاطره انا فاهمكي كويس اوى وعارفه هدفك من رجوعك. بس احب اطمنك ان ده مستحيل انه يحصل وانا لسه بتنفس. 
 

+


ثم نظرت إلى بطن صبا قائلة: "ويكون من الأفضل إنك تنزلي اللي في بطنك ده، لأني مستحيل أقبل أول حفيد ليا يكون من خادمة."

+


شعرت صبا بتهديد في نبرة سلوى، فشعرت بالخوف لأول مرة على جنينها، فوضعت يديها على معدتها كحامية له، تخبره أنها لن تسمح لأحد يحرمه من الحياة، ورأيت الضوء بعد ما كانت هي نفسها تريد ذلك. أما سلوى، ابتسمت بخبث عندما حققت رغبتها وأشعلت نيران الشك داخل ياسين الذي تركهم وغادر المنزل قبل أن يفتك غضبه بمن حوله، ووقفت صبا مذهولة لا تستوعب ما يحدث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
في غرفة سارة.

+


دلفت سارة إلى الغرفة وكانت على وشك إغلاق الباب، لكن... منعتها يد جاسم التي دفعته، نظرت إليه وعينيها يغرقان في الدموع قائلة بصوت باكي: "عاوز إيه تاني خلاص؟ صدقت إنك مش أخويا وبقيت هصدق أي حاجة تقولها."

+


تبسم جاسم بحزن قائلاً بنبرة مؤثرة: "حتى لو قولت إني بحبك وعاوز أتجوزك؟"

+


توقفت سارة للحظة عن البكاء ونظرت إليه في ذهول قائلة: "أنت أكيد مجنون، أنا لسه لحد ساعة كنت بقول عليك أخويا مش بسهولة دي يا جاسم."

+


شعر جاسم بضربات قلبه تتسارع بجنون عندما سمعها طنق اسمه لأول مرة دون لقب الأخوة، تبسم بسعادة قائلاً: "تعرفي إني حبيت اسمي لما سمعتها منك."

+


خجلت سارة فأخفضت رأسها، فتبسم جاسم وشعر بالأمل لاكتساب قلب تلك العنيدة، فأكمل حديثه قائلاً: "عارف إنك محتاجة وقت على ما تقبلي الحقيقة والتغيير المفاجئ اللي حصل، بس عاوزك تتأكدي إني بحبك وهفضل أحبك طول عمري ومستعد أستناكي طول عمري."

+


خجلت سارة بزيادة، وشعرت بنبض قلبها ينبض بجنون، وشعرت بالدفء يحتل قلبها لأول مرة، لما تشعر بالخوف منه كما كانت تفعل من قبل، بل بالسعادة والرغبة في أن تعانقه، لكنها لا تستطيع فعل ذلك، وكان الخجل يفتك بها فأغلقت الباب في وجهه. ذهل جاسم من ردة فعلها في البداية لكنها تبسم بسعادة قائلاً: "مجنونة، وجننتيني معاكي."

+


اختفت وابتسمت جاسم تدريجاً عندما تذكر عامر وما فعله، وتفوه قائلاً بتوتر وهو يحك ذقنه: "يا ترى ردة فعل عامر هتكون إيه، إما يرجع يلاقي صبا وياسين في البيت. استرها يارب من اللي جاي." 

+



        

          

                
قال آخر جملة وهو يتوجه ليهبط الدرج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
في المستشفى، في الغرفة حيث توجد علياء.

+


أصوات الأجهزة الطبية تتصاعد في أرجاء الغرفة، نائمة علياء على الفراش الطبي، ملفوفة رأسها بالكامل بالشاش الطبي. جالس بجانب الفراش هشام الذي رفض تركها، كان في حالة من اليأس والحزن، يمسك بكفها خوفًا أن تذهب وتتركه. أما علياء، فكانت تحاول أن تفتح عينيها، تتذكر آخر ما حدث معها. تذكرت حديث هشام معها، تذكرت عندما خرجت من مكتبه ذهبت لتقف عند النافذة، لكن فجأة شعرت بأحد يدفعها، ولم تعد تتذكر شيئًا آخر، ولم تستطع فتح عينيها، فاستسلمت لسبات عميق لا يعرف متى تستيقظ منه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

+


أما خارج الغرفة، نظر كلاً من عامر ورعد إلى مصدر الصوت، فرأوا الطبيبة سارة تقف خلفهم، تفرك في يديها بخوف وتوتر شديد كأنها فعلت شيئًا وتخاف أن يكتشفه أحد. نظر رعد من شعر رأسها إلى ظفر قدمه، لاحظ خوفها والتوتر الظاهر عليها، فتفوه قائلاً بنبرة جعلت سارة ترتعد.

+


"أزاي شوفيها بتنتحر وما حولتيش تعملي حاجة؟" 

+


أجابت متثاقلة: "هو هو يعني أنا ما شفتهاش."

+


تراجعت سريعًا قائلة: "لا، قصدي، شفتها بس كان فات الأوان ما لحقتش أعمل حاجة."

+


نظر رعد إلى عامر بطرف عين، بينما عقد عامر حاجبيه متسائلاً باستغراب:

+


"مش فاهم إيه اللي يخلي الدكتورة علياء تحاول تنتحر..."

+


قاطعه صوت هشام قائلاً بغضب وهو يخرج من الغرفة:

+


"أنت السبب."

+


نظر عامر إليه في دهشة، حذقت سارة في هشام بذهول وابتلعت رقيقها بصعوبة، في حين ظل رعد صامتًا يتابع بهدوء ما يحدث. تفوه عامر من بين ذهوله قائلاً وهو يشير بيديه على نفسه:

+


"أنا السبب، أنا السبب، إزاي وليه تنتحر بسببي."

+


تقدم هشام وأمسكه من قميصه قائلاً بنبرة حاقدة، ونسياه الحزن أن هذا صديق دربه:

+


"ليك عين تسأل بعد ده كله، أنا عارف إنك واحد واطي ومبتتلاعب بمشاعر وشرف بنات الناس، بس لحد هنا وكفاية. مش هسكت لك عشان انت دست على خط أحمر يا عامر. كله كوم وعلياء كوم تاني خلاص، وهخليك تندم، صدقني، على اللي انت عملته في علياء واللي انت عملته في صبا، البنت المسكينة اللي انت اتلاعبت بشرفها. والله لا خليك تندم يا عامر انت فاهم؟ 

+


انهمرت دموع عامر على خديه في صمت وهو لا يصدق أن هذا هو هشام صديقه ولا يستوعب ما سبب كل هذا الذي يتفوه به. إنه يعلم أنه أخطأ في حق صبا ويعترف بذلك، لكن علياء كان يعتبرها أختًا له. نظر عامر إلى هشام بنظرة تحمل الحزن والإحباط الذي يشعر به. شعر هشام بغصة في قلبه وذبلت عينيه بالحزن واسترجع ما تفوه به فشعر بالندم على ما قاله. لكن لم يعطِه عامر الفرصة لإصلاح أخطائه، فتركه وغادر حزينًا ومكسور الخاطر. أما هشام، فانهمرت دموعه في صمت وجلس على أقرب مقعد له ووضع كفيه على رأسه، فقد خسر صديق عمره للأبد. نظر رعد إلى هشام ثم نظر نحو عامر الذي رحل، ثم التفت إلى سارة التي ما زالت مرتبكة، وهذا الارتباك الواضح عليها لا يوجد له تفسيرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
غادر عامر المستشفى مسرعًا كأن هناك وحشًا يطارده ويريد الفرار منه، تنهمر دموعه على خده بلا رحمة. اصطدم دون قصد بشخص آخر فسقط الشخص أرضًا، لم ينتبه عامر لما حدث فتركه وصعد إلى سيارته وانطلق بها بسرعة فائقة دون هدف محدد.

+



        
          

                
كان يقود عامر السيارة بشكل جنوني ولم يهتم بأي شيء، ومن كثرة الدموع تلاشى الرؤيا ولم يعد يرى بوضوح، لم يشعر بأي شيء غير وسيارته تتصادم بسيارة أخرى، انقلبت سيارة عامر والسيارة الأخرى رأسًا على عقب. قبل أن يستوعب أحد الأمر، انفجرت السيارتين في وقت واحد، حدثت حالة من الهلع بين الموجودين ووقف الجميع يراقبون ما يحدث دون فعل أي شيء خوفًا من الحريق والنيران المشتعلة.

+


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
في المساء، في منزل عائلة عامر، في إحدى الغرف تقف صبا على شرفة الغرفة وتحمل الهاتف، تحاول الاتصال بياسين، والحزن والقلق يظهران على ملامحها الشاحبة، وتفوهت وهي تحاول كبت بكائها.

+


صبا: "يا تارة، فين أنت يا ياسين من الصبح وأنا بحاول أتصل بك مش بترد ليه؟"

+


كانت تحدث نفسها وتضع سماعة الهاتف على أذنيها، تنتظر أن يرد ياسين، لكن حدث كما حدث في السابق، ولم يرد ياسين. ألقت الهاتف من يديها وشرعت في البكاء قائلة بقلق وخوف.

+


صبا: "يا تارة، فين أنت يا ياسين، يارب استرها، قلبي مش مطمئن."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
في الطابق السفلي، جالسة سلوى شاردة تشرب فنجانًا من القهوة، ملامحها شاحبة ممزوجة بالخوف والقلق، ولا تعرف ما السبب. تصاعد صوت رنين الهاتف فزعت من صوت الهاتف كأنه وحش يهاجم عليها، سقط فنجان القهوة على ملابسها، وقفت تنظف ملابسها والغضب حليفها فقد أفسدت القهوة ثوبها الثمين ولم تبال برنين الهاتف المتصاعد. في هذا الوقت، كان جاسم يهبط الدرج، رمقتها بيأس واسرع في خطواته ليجيب على الهاتف، وعندما وصل إلى الهاتف وقبل أن يحمل سماعة الهاتف، توقف الرنين، نظر جاسم نحو سلوى التي كانت تتجه لتصعد إلى الطابق الثاني لتبدل ملابسها، تجاهلها كما هي أيضًا تجاهلت وجوده كأنها لا تراه من الأساس. كان سيغادر جاسم، لكن قبل أن يتحرك، تصاعد رنين الهاتف من جديد، رفع جاسم سماعة الهاتف وقبل أن يقول شيئًا، احتلت الصدمة والدهشة ملامحه وصاح بدهشة قائلاً وانهمرت دموعه على خده.

+


جاسم: "أنت بتقول إيه؟ وده حصل إمتى؟ طيب هو فين، أنا جاي حالا."

+


سلوى لم تبتعد كثيرًا، وكانت صبا تهبط الدرج فاستمع كل منهما إلى صراخ جاسم في الهاتف، فتعجب الاثنان عندما رأوه يركض ليغادر المنزل، شعرت صبا بالهلع والقلق، كما شعرت سلوى بذلك أيضًا، فركضت الاثنتان خلف جاسم. سلوى تقول بغضب ممزوج بالقلق.

+


سلوى: "استنى يا بني آدم، أنت فهمني حصل إيه؟"

+


صبا بصوت باكي: "استني يا استاذ جاسم، لو سمحت، فهمني في إيه؟"

+


لم يبالي جاسم بأي منهما، وصعد إلى سيارته وانطلق بها بسرعة فائقة كما لو لم يسمعهم من الأساس. نظرت سلوى نحو مكان ذهاب السيارة وهي تقول بغضب.

+



        
          

                
سلوى: "إنسان متخلف."

+


لم تستطع الانتظار، فركضت إلى سيارتها لتلحق به، ركضت صبا خلفها وصعدت إلى السيارة معها. نظرت سلوى إليها بحقد وغضب قائلة:

+


سلوى: "أنتِ رايحة فين يا بتاعة؟ أنتي هي وكيلة من غير بواب."

+


نظرت صبا إليها بعين دامعة وهي تقول برجاء:

+


صبا: "لو سمحتي يا مدام، خدني معاكي، أنا من الصبح بحاول أتصل بياسين، مش بيرد عليا، وخايفة يكون حصل له حاجة، لو سمحتي، خلينا نروح معاكي."

+


رمتها سلوى بغضب وقادت السيارة دون قول شيء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

+


أمام غرفة سعد، كانت تقف ريم تنظر إلى ما يحدث، وتعجبها من نداء سلوى لجاسم، وتعجبت أكثر وشعرت بالقلق عندما رأت سلوى تغادر المنزل بسيارتها وصبا جالسة بجانبه تبكي. وقفت تنظر بقلق، حيث ذهبت سيارة سلوى خلف سيارة جاسم. غادر إبراهيم الغرفة رأي ريم وهي تقف بهذا الحال، وسعد يغلق الباب خلف سلوى.


+


إبراهيم: "ريم، أنتي واقفة ليه كده؟"

+


نظرت ريم إليه والدموع محجوزة في عينيها، وتفوهت قائلة بلا مبالاة: "مافيش عن إذنك."

+


كانت ستتركها وتدخل الغرفة، لكن أوقفها إبراهيم عندما أمسك معصمها قائلاً: "استني، مافيش كيف، والدموع اللي في عيونك دي وشك اللي ما يتفسر ده."

+


أجابته ريم بشيء من الغضب: "وده يهمك في إيه؟ سيب إيدي لو سمحت."

+


غضبته كلماتها فضغط أكثر على معصمها قائلاً بنبرة حادة: "يهمني كتير يا مدام، عشان إنتِ دلوقتي مراتي، مش صاحبتي، لو كنتي نسيتي. وأنا حب أعرفك إنه يهمني أقل تفاصيل في حياتك، أكتر ما تهمني روحي، إنتِ فاهمة."

+


شعرت ريم بالسعادة تغمر قلبها لسماع كلماته، حاولت أن تخفي ذلك لكنها فشلت في إخفاء سعادتها، فتبسمت بخجل وهي تخفض رأسها. شعر إبراهيم بسعادتها فترك معصمها واقترب منها وعانق خديها بلطف قائلاً بنبرة هادئة.

+


إبراهيم: "أنا آسف يا ريم، آسف إني زعلتك مني، وآسف على كل حرف طلع مني وأنا زهقان. آسف إني جرحتك وبكيتك، أنا والله بحبك يا ريم."

+


تجمعت الدموع في عينيها من جديد عندما تذكرت كلماته القاسية لها أمس، نظرت إليه قائلة بصوت دافين في الحزن.

+


ريم: "صعب كلمة آسف تصلح اللي انكسر يا إبراهيم، وإنت مش كسرت ليا صابع، إنت بكلامك كسرت قلبي. عارفة إن اللي حصل كدا غلطي، وغلط كبير كمان، بس أنا مش غصبتك على حاجة، اللي حصل حصل، برضانا إحنا الاتنين، بس إنت في لحظة واحدة حطيت كل الحق عليا."

+


إبراهيم: "عارف يا ريم إن اللي حصل مش غلطك لوحدك، وممكن غلطي أكبر من غلط، بس غلطي الوحيد إني ضعفت قدام شيطاني، أنا عارف إني غلطان يا ريم، وبعترف بكده، بس كلامك اللي عصبني، كل ما تتكلمي تقولي ابن البواب، حسستني إني مش إنسان، وكل كلمة بتطلع منك كانت بتكسر قلبي قبل كرامتي. إنتي غلطي وإني بعترف إني كمان غلط، خلينا ننسى ونسامح بعض ونفتح صفحة جديدة مع بعض، زوج وزوجة على الأقل، علشان أبناءنا يا ريم."

+



        
          

                
مد إبراهيم يديه لريم قائلاً وهو ينظر في عينيها.

+


إبراهيم: "تقبلي تفتحي صفحة جديدة مع إبن البواب يا ريم، ونكمل مع بعض بما يرضي الله."

+


ختم كلامه قائلاً: "بحبك يا ريم."

+


ريم كانت تستمع لحديثه ودموعها تنهمر على خديها في صمت، وعندما سمعت ما قاله ولم تعد تستطيع المقاومة أكثر، فنفجرت في البكاء وهي تعنقه بقوة وتفوهت بصوت باكٍ قائلة: "وأنا كمان بحبك، بحبك أوي يا إبراهيم، وما عرفتش إني بحبك غير ما نجرحت للأسف."

+


ضمها إبراهيم إليه بقوة وهو يقول بسعادة: "وإحنا مع بعض، هنداوي كل الجروح إن شاء الله، يا ريم."

+


وفي ذات الوقت، كان يقف سعد يستمع ويشهد ما يحدث بين ابنه وزوجته، شعر بالسعادة والراحة لما حدث. وأثناء ذلك، كانت تقف سارة أيضًا، التي خرجت عندما سمعت صياح سلوى، وعندما رأتها هي وصبا يركضان خلف جاسم، ركضت خلفهم لتعرف ما حدث، لكنها لم تستطع اللحاق بهم. كانت ستعود إلى المنزل، لكنها توقفت عندما استمعت إلى الحديث بين ريم وزوجها إبراهيم، رقَّ قلبها لما سمعته، فتذكرت جاسم عندما أخبرها أنه يحبها، فتبسمت بخجل وهي تحاول كبت سعادتها التي ظهرت على ملامحها عندما تذكرته. ركضت نحو المنزل وهي تشعر بسعادة غامرة، وضربات قلبها تزداد بجنون. وعندما رأت ما حدث بين ريم وزوجها إبراهيم، جعلها تدرك كم هي بحاجة إلى شخص في حياتها، وهذا الشخص هو جاسم. نعم، هي سوف تنسى كل شيء حدث في الماضي وتفتح صفحة جديدة معه. سوف تنسى أنه كان شقيقًا لها يومًا من الأيام، وستعطي فرصة لنفسها لتنعم بالحب الحقيقي الذي لم تره إلا في عيني جاسم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

+


وصل جاسم بسيارته إلى مقر المستشفى الخاصة بعامر، تفاجأ بأنها مزدحمة برجال الشرطة. غادر السيارة وركض بكل سرعته داخل المستشفى حتى لم يغلق باب السيارة خلفه. توجه إلى قسم الطوارئ، وعندما وصل رأى هشام يجلس على أحد المقاعد ووضع كفيه على رأسه، حالته مزرية، ملابسه ملطخة بالدماء وكفيه أيضًا. انخفضت سرعة جاسم شيئًا فشيئًا وثقلت خطواته عندما رأى هشام في هذا الوضع، انهمرت دموعه صامتة على خديه. كان يقف الضابط رعد مع بعض المحققين، انتبه الجميع لصوت جاسم الباكي يقول: "جاسم يحارب لكي يخرج صوته: فين عامر يا هشام؟"

+


رفع هشام رأسه ببطء شديد على سماع صوت جاسم، نظر اليه بعين حمراء منتفخة من كثرة البكاء ووجه شاحب، وتفوه قائلاً بهدوء قاتل يظهر في نبرة صوته كما هو حزين ويتألم بشدة: "أنا قتلته."

+


تخشب جاسم محاله قائلاً بدهشة: "انت بتخرف تقول إيه فين عامر بالله عليك وبلاش الهزار البايخ ده، أنا عارف إن دي لعبة بايخة منكم."

+


هشام ببكاء شديد: "بالله عليك خلي يجي ويبطل الهزار البايخ ده، خلي يجي عشان أعتذر منه، خلي يجي يقولي أنا مسامحك، خلي يجي بالله عليك يا جاسم، أنا ما قدرش أعيش من غيره، ما قدرش أعيش وهو ميت زعلان مني، أنا ازاي سيبته يمشي وهو زعلان مني، ازاي؟"

+



        
          

                
ركع هشام على ركبتيه وهو يصرخ بصوت مرتفع: "أنا اللي قتلت عامر، أنا السبب في موته، أنا اللي زعلته، أنا اللي كسرته. عااااااااامر ارجع بالله عليك، هعيش ازاي من غيرك، استحمل ازاي، فكرت انك موت وسبتني وانت زعلان بالله عليك ارجع يا عامر بالله عليك ارجع، قول مسامحك مرة واحدة بس بالله عليك."

+


وقف الجميع يستمعون لحديث هشام بحزن شديد، أما جاسم فشعر بأن قدمه لا تقوى على حمل جسده، فركع على ركبتيه ودموعه تنهمر على خديه بلا رحمة، وظل صامتاً فقال رعد وهو يقترب منه: "أنا اللي اتصلت وكلمتك، البقاء لله وحده، عامر تعيش انت وكمان يا..."

+


اوقفه صوت سلوي الذي وصلت هي وصبا على سماع رعد يقول ما قاله.

+


سلوي بدهشة: "انت بتخرف تقول إيه فين عامر ابني."

+


اقتربت سلوي من رعد وهي تقول بجنون، أما صبا فكانت الصدمة كافية لتجعلها صامتة لباقي حياتها، انهرت على أقرب مقعد إليها تنظر بدهشة إلى لا شيء، لا تظهر أي ردة فعل فقط ترى صورة عامر أمامها وكلمات رعد تتكرر في أذنيها.

+


"أنا اللي اتصلت وكلمتك، البقاء لله وحده، عامر تعيش انت."

+


أما سلوى كانت تصرخ وترفض تصديق ما سمعته، تمسك رعد من لاياقة قميصه تهزه بجنون.

+


سلوي: "فين عامر فين ابني مستحيل يسبني ويمشي، 
اكيد دي لعبة منكم. انطق قول فين عامر، انا عاوزه عامر، انا عاوزه ابني هو فين؟

+


وقف رعد صامتًا مستسلمًا لما تفعله سلوى به، تقديرًا لظروفها وللخبر المفاجئ. أخرس سلوى باب غرفة العمليات ينفتح وخرجت منها الممرضة تجر سريراً طبياً مستلقيًا عليه شخص مغطى بالكامل بالغطاء، نظرت سلوى بدهشة إلى الشخص والغطاء الملطخ بالدماء، ارتجف جسدها وتراجعت خلفًا قائلة بذهول وصوت مرتجف:

+


"ممميين ددده ده ااااكيد ممششش عامر ااابني."

+


صرخت بصوت مرتفع قائلة: "ده مش ابني، حد يقول ان ده مش عامر، ده مش أبني."

+


نهض هشام من فوق الأرض وركض نحو الشخص وعانقه بقوة وهو يبكي ويصرخ قائلاً بجنون: "قوم يا عامر بالله عليك، قوم اضربني، اعمل أي حاجة والله مش هزعل منك تاني أبدًا، بس بالله عليك بلاش العقاب ده، هعيش ازاي من غيرك، قوم يا عامر."

+


ظل هشام يبكي ويهز جسد عامر في محاولة يائسة لإيقاظه، وفي تلك اللحظة انكشف الغطاء عن وجه الجثة، مما جعل سلوى تصرخ بجنون وتتراجع للوراء بصدمة.

+


سلوى: "لا، ده مش أبني، ده مش عامر."


+


اما صبا عندما رأت عامر وجسده المحترق، لم تستطع التحمل فصرخت بقوة وركضت نحو جثته وهي تبكي بجنون.

+


صبا: "عامر، لا بالله عليك، قوم، أنا مسامحك، قوم يا عامر بالله عليك، أنا مسامحك، قوم، أنا بحبك، قوم بالله عليك."

+



        
          

                
وبينما تهز جسد عامر، كانت تصرخ بجنون.

+


صبا: "قوم بالله عليك، أنا مسامحك، قوم، أنا بحبك، قوم بالله عليك."

+


هشام نظر إليها بعيون مملوءة بالدموع وقال بحنان:

+


هشام: "بتحبي يا صبا صح؟"

+


ثم عانق جسد عامر بحنان قائلاً:

+


هشام: "سامع يا عامر؟ طلعت بتحبك وكمان مسامحك، قوم بقا بالله عليك، قوم يا عامر."

+


صرخت سلوى بجنون وركضت نحو الجثة وهي تبكي وتقول:

+


سلوى: "لا، لا يا عامر بالله عليك، أنا مش حمل كده، قوم يا حبيبي، قوم علشان خاطري، بلاش اللعب البايخ ده."

+


 اكملت سلوى بحنان وهي تبتسم وتنهمر دموعها:

+


سلوى: "أنا كاشفك علي فكرة، عارفة إنك بتعمل كده عشان تعاقبني، صح؟ طيب، أنا هعترف لك على كل حاجة، والله، بس قوم، أنا كنت مستنيك تجي تعاتبني ونتناقش مع بعض في كل حاجة، أنا بعترف لك، إيوه، أنا زوجة خاينة، خنت فؤاد، ومش مرة، ده أنا مش فكرة، كام مرة وووو، لما عرف إني خاينة، أنا قتلته، اتفقت مع عزمي وقتلنا."

+


كان الجميع يستمع بدهشة إلى حديث سلوى، في حين كان رعد يسجل كل شيء تقوله. نظر جاسم إليها بحتقار، ودموعه تنهمر بغزارة على خديه. أما سلوى، فقد صرخت بجنون وهي تهز جسد عامر بعنف.

+


سلوى: "قوم يا عامر، يلا كفاية اللعبة دي، قوم، أنا اعترفت لك على كل حاجة، قوم بقا بالله عليك."

+


ظلت سلوى تصرخ وتهز جسد عامر بجنون، حتى يستيقظ، لكن الأموات لا يعودون. أما صبا وكلٌّ من جاسم وهشام، فكانوا يبكون بحرق.

+


وفجأة، خرجت ممرضة أخرى تجر سريرًا آخر، وعلى السرير كان شخص آخر نائمًا، الغطاء الملطخ بالدماء يغطي جسده بالكامل. نظرت صبا نحو الشخص النائم، وعندما مر السرير من جانبها، شعرت بغصة في قلبها، شعرت أنها تعرف ذلك الشخص المجهول.

+


وأثناء مرور الممرضة وهي تجر السرير، تعثرت، فانهز السرير والشخص المستلقي عليه. فظهر من تحت الغطاء كف شخص محترق بالكامل. فصعقت صبا عندما رأت القلادة الخاصة بها في كف ذلك الشخص، حدقت بها بذهول ووضعت يديها على عنقه حيث كانت ترتدي القلادة، وتذكرت شيئًا ما...

+


رجوع الي الماضي (ذكريات صبا) 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
في منزل ياسين

+


في حين ذهب جاسم ليأخذ ياسين وصبا لكي يعيشوا في منزله. تخلع صبا القلادة الخاصة بها وتضعها في كف ياسين وهي تقول بابتسامة لطيفة. بينما نظر ياسين إلى القلادة بدهشة وحزن.

+


صبا: أنا عارفة يا ياسين إنك مش عاوز ترجع بيتك وتعيش في وسط أهلك. ليه خايف إني أسيبك وأروح لعامر؟ مش كده؟

+


يهز ياسين رأسه بالنفي. بينما تكمل صبا حديثها وهي تنظر إلى القلادة وتغلق كف ياسين عليها.

+


صبا: عاوزك تتأكد ياسين إن طول ما السلسلة دي معاك، أنا مستحيل أسيبك. قبل ما خدها منك السلسلة دي مش بس فيها صورة أمي، دي عندي أغلي من حياتي. هي الحاجة الوحيدة اللي بتفكرني بأمي، اللي أنا اساسا ما شوفتهاش غير في السلسلة دي. ومن يوم ما لبستها وأنا مش خلعتها غير مرتين، أول مرة أما كنت عاوزها أنقذ أبويا، الله يرحمه، من تهمة قتل عواطف، الله يرحمه، وتاني مرة دلوقتي وأنا بديهالك ياسين.

+


تنظر إلى ياسين بعيون دامعة وهي تقول بنبرة مؤثرة: حافظ عليها عشان أنا روحي فيها، أنا مش بديك سلسلة، أنا بديك روحي، انت فاهم؟

+


مسح ياسين دموعه وقبّل السلسلة ثم لفها على كفه وهو يقول: بوعدك مش هترجع لكِ غير وانا مايت يا صبا.

+


الحاضر 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
استيقظت صبا من ذكرياتها وهي تصرخ باسم ياسين وتركض نحوه كالمجنونة.

+


صبا: يااااسين لاااا.

+


تهز جسد ياسين وهي تبكي بجنون وتقول: ياسين لاااا بالله عليك، قوم بالله عليك، ما تسبنيش، انت كمان، قوم ياسين.

+


تعنقها وتظل تبكي بحرق، أما جاسم نظر إليها بدهشة، قائلاً بصوت مرتجف وهو يشير بأصبعه نحو ياسين: ااانننتي بببتققولليي اي يا يا صبا ده مش جاسر صح، انتي بتهزري؟

+


نظرت صبا إليه بحزن ودموعها تنهمر على خديها: لا ده ياسين.

+


رفعت كف ياسين قائلة: السلسلة دي أنا أديتها له قدامك، صح ده ياسين، ياسين مات هو كمان.

+


صرخت بجنون وهي تعانق جسد ياسين: ياسين لااااا ياسين، قوم بالله عليك، يا ياسين ما تتركني لوحدي وتمشي، أنت كمان بالله عليك، قوم ياسين، ياااااااييييسن.

+


وقف جاسم مذهولاً بين الجثتين، ينظر إلى عامر تارة ثم إلى ياسين، تارةً أخرى...

+


يتبع

+


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close