اخر الروايات

رواية متاهتنا الفصل الرابع عشر 14

رواية متاهتنا الفصل الرابع عشر 14 


 الفصل الرابع عشر: لا تخافي!


                                    

   أخذت علاقة أندريا و ألكسندروس منحى مختلفا منذ تلك النزهة، هدوء و احترام خلال طريق العودة، و ابتسامات لطيفة و نظرات عميقة على طاولة الطعام خلال العشاء. كانت تجلس أمام المرآة تسرح شعرها عندما دخل ألكسندروس إلى الغرفة ليلا، تجمد عند الباب و هو يمشطها بعينيه، أنوار الغرفة خافتة، بدت بثوب النوم الأبيض الحريري و شعرها الداكن المتساقط على كتفيها قطعة من القمر، تأملت انعكاسه في المرآة بعينين متسعتين، و بللت شفتيها و هي تضع المشط فوق طاولة الزينة و تشيح عن وجهه الجذاب، مرت أمامه دون أن تنظر إليه، و أخفت جسدها الفاتن تحت اللحاف ملتفتة ناحية الجدار.


+



   تقدم ألكسندروس على مهل إلى الطرف الآخر من السرير، صوت خطواته تناغم مع وثبات قلبها، خلع بدلته و حذائه، و وضع ساعة يده على المنضدة الجانبية فاكتشف وجود صندوق الموسيقى هناك، استدار ليتأمل ظهر زوجته الملفوف بقطعة الحرير البيضاء، أطفأ الأنوار و أصبح بعد ثانية تحت اللحاف المشترك.


+



   كانت بينهما مسافة كبيرة، لكن أندريا أحست بحرارة غريبة تلفح جسدها، أغمضت عينيها و حبست أنفاسها شاعرة بلمسة حانية مفاجئة على كتفها، إنه... يلمسها!


+



   تحركت باضطراب ملتفتة نحوه، لم تتبين ملامحه في الظلام، لكنها شعرت بابتسامة حلوة تزين شفتيه، بسط ذراعه على طول الوسائد، و أرسلتها أصابعه الملتفة حول كتفيها إلى حضنه، التقى عنقها بوجهه، فارتعشت من وقع أنفاسه و ملمس شفتيه، حرص أن اللحاف يغطيها جيدا، ثم ضمها بقوة دون أن يتكلم!

   ما قصته؟ اشتعلت أعماق أندريا، و التهب وجهها،  فكرت و فكرت في تفسير منطقي لتقلبه منذ مدة إلى النقيض، إلا أن أفكارها تمزقت و ذابت في بحر سحره، و لم يعد يطرق عقلها سوى فكرة واحدة: هذا الصدر الدافئ المعبر بسخاء عن الحنان لا يمكن أن يكُنَّ الكره أبدا!


+



   في الصباح كانت أندريا وحيدة في الفراش، تقلبت هنا و هناك مفتقدة وجوده، مدت ذراعها إلى الطرف الثاني من السرير باحثة عن جسده بعينين مغمضتين، ففتحتهما لتتأكد بحزن أنه استيقظ قبلها كعادته، ربما رغبت أن تكون عيناه العسليتان أول شيء تراه فور استفاقتها.


+



   اغتسلت مجبرة نفسها على عدم تصديق ما جرى أمس، لا بد أنها كانت ترى حلما، ارتدت ثوبا أصفر من الكتان المريح، شبكت شعرها لأعلى، و وجدت نفسها تتجه للطابق الأرضي متسائلة أين يمكن أن يكون الآن؟


+



   سمعت أندريا همهمة آتية من غرفة المكتب، آثرت أنه يحادث شخصا ما على الهاتف، و زين لها عقلها أن تسترق السمع، غير أنها لملمت فضولها، و ابتعدت ناحية الشرفة الكبيرة، حيث شغلت نفسها بريّ ٱصص النباتات، فأنعشت رؤوس الزهور المتفتحة، و جعلت الأوراق الخضراء تتلألأ بلمعان زمردي!


+



   -أندريا!


+



   خطفها من عملها الممتع صوت زوجها الجميل، حولت نظرها إليه متسائلة، فاقترب و قال باحترام شديد:


+




      

                

   -أرجو أن تجهزي نفسك للسفر هذا المساء!


+



   ماذا يحدث في الدنيا؟ ألكسندروس ليفانوس يرجوها؟ وضعت إناء المياه، و تمتمت بحيرة:


+



   -سفر؟


+



   -سنحضر حفلا في أثينا.


1



   من أين ظهر هذا الحفل؟ و ما هي المناسبة؟ و لماذا بحق السماء يحدثها هكذا بلهجة حميمة؟ طرحت أندريا مئات الأسئلة في عقلها ذلك المساء و هي تجهز حقيبة صغيرة ليوم واحد كما طلب، و ما هي إلا دقائق حتى أصبحت إلى جانبه في السيارة.

      بدت و هي تترجل من الطائرة عند الساعة السادسة بطقمها الكلاسيكي البيج و قبعتها الواسعة السوداء منسجمة مع بدلة زوجها الكستنائية الرصينة، تشبثت بذراعه و سارا صوب سيارة سوداء نقلتهما إلى شقة أثينا، شقة ليلة الزفاف الأليمة!


1



   عادت إليها الذكريات بقوة مع دخولها إلى تلك الغرفة، لم تكن تنتظرها الشموع و بتلات الورود المعبرة عن العذرية و الحب، بل فستان سهرة أبيض، يوناني الطراز، طويل التنورة، بكتف عارية، و أخرى تشغلها أحجار نجمية مشكلة أغصانا من الذهب. لمسته أندريا منبهرة، خامته من الكريب الحريري، خط الخصر المرتفع متوج بحزام ذهبي، و من ذلك الخط تتساقط شالالات الشيفون الأبيض بحرية!

   لمحت إلى جانب الفستان حذاءً أبيضا منخفض الكعب، و قناعا ذهبيا فاستنتجت أنه حفل تنكري، ثم خطفت قلبها حقيبة اليد الذهبية، كانت تشبه صندوق الموسيقى خاصتها تماما!


+



   لم تجد أندريا أية مجوهرات لتضيفها إلى الزي، و آثرت الاستغناء عن الأحجار الكريمة، الفستان وحده كان تحفة و لا يحتاج لمزيد من الألق، نسجت شعرها الطويل في ظفائر عدة، لتجمعها لاحقا فيما يُعرف بالجديلة اليونانية، جديلة سوداء حريرية تسترخي على كتفها العاري جعلتها تبدو كإلهة الجمال و العفة... أفروديت!


2






   بعد وضع القناع، ابتسمت لشكلها النهائي، و انطلقت خارج الغرفة. كان ألكسندروس ببدلة السموكن البيضاء ينتظرها على أريكة الصالون، لاحظ أنها تنزل الدرج برشاقة، استقام بتؤدة غارزا نظراته في جسدها المذهل، و مثله تأملته أندريا بإعجاب جلي، الياقة الحريرية و فراشة العنق السوداوين تناغمتا مع ليل شعره الدامس، و لمعة حذائه الفاحم! انبعثت منه رائحة عطر ما بعد الحلاقة، فأثارت حواسها!


3




        

          


                

   رأت في يده قناعه الأسود، فتناولته منه بخفة، و وقفت على أنف حذائها لتعقد طرفيه حول رأسه، خُيل لها أنه سينهال عليها بقبلة حارة، و أنه منع نفسه بصعوبة لكي لا يخرب زينتها، فأسرعت بالابتعاد قائلة برقة:


3



   -أعتقد أننا جاهزان الآن!


+



   توقفت سيارتهما عند تلة تعرفها، فنزلت مأخوذة بالأضواء المزينة للموقع، غير مصدقة أن الحفل يُقام في متحف الأكروبوليس الشهير، أحاطتها ذراع زوجها، و سارا على سجاد أحمر طويل يقود لصرح فسيح وسط الأعمدة البيضاء المنحوتة و التماثيل المبهرة، اتخذا مقعدين متجاورين في الصف الأول قبالة خشبة مسرح عالية، لا بد أنه حفل موسيقي! لاحظت أنهما وصلا قبل الجميع، لكن بعد لحظات قليلة تهاطل الأزواج المتأنقون بأزيائهم الجميلة و أقنعتهم المختلفة على المكان، و عج الصرح برؤوس ضاحكة متهامسة تتساءل عن النجم المجهول الذي سيحيي الحفل!


2



   انزاح الستار الأحمر الثقيل كاشفا عن رجل ثلاثيني شديد الطول، كحيل الشعر، يغطي نصف وجهه قناع فضي، و يكسو جسده زي رائع يعود لملوك غرناطة العظيمة! و سرعان ما كشف عن وجهه راسما ابتسامة عريضة، فتصاخب الجمهور، و علا التصفيق و لمس صداه الآفاق البعيدة، ذهلت أندريا و هي ترى ملامحه الوقورة و عينيه المميزتين، و تسمع نبرته العميقة، إنه الموسيقار الإسباني الرائع... خواكين مارتينو دي غونزاليس!


20



   -مرحبا بكم في معبد القوة و العشق، و مرحبا بالموسيقى في كل ذرة من كيانكم!


+



   تأثرت أندريا بسحر كلمات الموسيقار النافذة للقلوب، و ابتسمت في وجه ألكسندروس ممتنة بعمق، رغم أنها غنت لخمس سنوات في مختلف بقاع العالم، إلا أن لقاء عازف بيانو مثل دي غونزاليس لم يكن ضمن توقعاتها!


1



   تابع خواكين بلهجة كالشعر:


+



   -يُقام حفلنا اليوم احتفاء بالحب، بالقوة، و بالعودة من الحطام، كان صرح الأكروبوليس هذا حصنا ضد الأعداء في غابر الزمان، و اليوم سيكون حصنا ضد الإنطفاء و الاستسلام، و ساحة يسطع فيها نجم الليلة، نجم يستحق أن يستمر في اللمعان!


2



   توقف خواكين عن المتابعة راسما على فمه ابتسامة حماسية فجرت الشوق و الفضول في أنفس الحاضرين، و إذا به يهتف عاليا:


+



   -سيداتي سادتي، صفقوا بحب للنجمة المفتقدة منذ أشهر صاحبة الحنجرة الذهبية... السيدة أندريا ليفانوس!


4



   غصت أندريا بريقها، و راحت ترتجف ذاهلة، هل قال الموسيقار اسمها هي حقا؟ حدقت بخوف و رجاء في زوجها، لكن ألكسندروس همس مشجعا:


+



   -تقدمي و لا تخافي! هذه ليلتك لتلمعي.


2



   وقف مانحا لها يده ليساعدها في الوصول إلى درجات خشبة المسرح، ثم تركها و عاد لمقعده مترقبا، تسلط الضوء عليها، و صفقت الأيدي بشدة مشتاقة لذلك الصوت المنسي! التقط خواكين يدها و احنى باحترام رأسه مقربا إياها من الميكروفون، ثم جلس في الزاوية أمام البيانو و بدأ بعزف موسيقى أول أغنية لها، الأغنية التي ألفتها بنفسها، و جعلت صيتها يذيع بجنون في أقاصي الأرض، أرهبها الجمهور كما حدث في حفلها الأول، لكن وجود ألكسندروس منحها الشجاعة، أيقنت أنه هو من رتب كل شيء، أغمضت عينيها و سحبت هواء كافيا لتطلق العنان لصوتها العذب، غنت له وحده، كأن لا أحد غيره يجلس هناك، غنت بعفوية و إحساس كأنه جمهورها الوحيد، متسلقة بنبرتها الناعمة أنغام دي غونزاليس الرشيقة، و تفننت في تكرار تلك الكلمات:


2




        

          


                

”بين طيات قرنفلة زهرية

وجدت شفاه حبيبي

لمست بريق الشمس

و غاص قلبي إلى الأبد

اليوم سأحبك...

و غدا سأحمل اسمك في قلبي إلى الأبد“


3



   لمس خواكين آخر مفتاح بخفة، و اختفت آخر رنة من صوت النجمة، انهالت عليها الهتافات و الورود الحمراء، فانحنت شاكرة بعينين مغرورقتين، ثم تطلعت ناحية ألكسندروس، بدا لها مسحورا، لا يستطيع إبعاد ناظريه عنها. برز مدير متحف الأكروبوليس السيد ديميتريس بنترماليس ليكرمها حاملا جائزة ذهبية مدهشة، و تقدم الموسيقار الاسباني معلنا في الميكروفون بتقدير:


+



   -كان شرفا عظيما أن أعزف لصوت بهذا العمق الدافئ.


+



   صافح السيد بنترماليس النجمين، و استدعى بإجلال و مزاح ظريف ممول الحفل و أهم شخصية تجلس بين الجمهور:


+



   -يسرني أن أطلب من قطب الشحن و قطب الجاذبية أيضا! السيد ألكسندروس ليفانوس المحترم التقدم من الخشبة ليسلم الجائزة إلى زوجته بنفسه!


+



   التصقت به الأعين و هو يعتلي خشبة المسرح بثقة و سرور، صافح الرجلين بإيماءة نبيلة، و حمل الجائزة العزيزة إلى يدي زوجته الفاتنة، ثم لثم جبينها بفخر واضح، و ردد بلهجة مودة لا تقبل الشك:


+



   -إلى أندريا ليفانوس إلهة الفن و الحب!


4



   انتقل الحاضرون إلى حلبة خصصت للرقص و تناول المرطبات، رقصت مع زوجها و مع العازف الإسباني و عدد من الشخصيات المجهولة، ثم حان وقت نزع الأقنعة، فلاحظت أن أغلب من حضروا الحفل كانوا من طبقة الفن و المثقفين الأثرياء.   


+



  ودعت أندريا دي غونزاليس الوقور بوجه سعيد، و ألقت ابتسامة مشعة إلى محبيها، ثم سارت رفقة زوجها ناحية مكان فسيح قرب الصخرة المقدسة، حيث الهدوء و العزلة، غمرها دفء الجو بالانتعاش، و جعلها احتضان زوجها لكتفيها تشعر بأنها محظية لدى حاكم إسبرطي جذاب و قوي!


5



   توقفت فجأة وسط أطلال الماضي و آثار التاريخ موجهة إليه نظرة هيام أسرته، دنا منها و كان على وشك سرقة قبلة، لولا رنين هاتفه المفاجئ، تنهد ألكسندروس متراجعا عما نواه، و تركها وحدها ليجيب اتصال صديقه نيكولا على انفراد!


+



   سارت ببطء متأملة بقايا التماثيل و الأعمدة المتلاحمة بالصخور، أغمض أحدهم عينيها، فابتسمت و أزاحت يديه متمتمة:


+



   -ألكسندروس؟ عدت بسرعة!


+



   شحبت و تلاشت ابتسامتها برؤية رجل آخر خلفها، كانت قد لاحظت خلال الرقص، أن ذلك الأشقر الغريب لم يطلق سراحها بعينيه النهمتين، خفق قلبها و انكمش في الأعماق متقهقرا.


+



   -من أنت؟ و كيف تسمح لنفسك بلمسي هكذا؟


+



   -آسف! رأيتك تراقصين الموسيقار، و سحرتني بجمالك! أردت مراقصتك أيضا، لكنك اختفيت، ثم ها أنت هنا بانتظاري أرتيميس!


+



   -ما هذا الهراء؟ أنا لست أرتيميس! ثم إني هنا مع زوجي!


+



   بحثت بقلق عن ألكسندروس دون جدوى، كأن الأرض انشقت و ابتلعته. نادته و تراجعت مسعورة، فتعثرت بصخرة و وقعت على ظهرها عاجزة، جمدها الخوف و هي ترى نظرة خبيثة على وجه ذلك الرجل، و قبل أن ينحني عليها، نال ركلة قوية من مكان ما، استقامت أندريا هلعة و هي تراقب ذلك المشهد برعب و ذهول.


+



   انهال ألكسندروس على الرجل بسيل طاحن من اللكمات العنيفة التي شوهت وجهه، و كان مع كل لكمة يصرخ بغضب مخيف:


+



   -أيها الحقير الوغد! أيها الحيوان القذر! سأمحوك عن وجه الأرض قبل أن تشير بإصبعك حتى إلى امرأتي!


5



   توالى اللكم و الركل بشكل أجفلت له أندريا، قسوة ألكسندروس في تعنيفه بلغت حدا خطيرا! فقد الرجل  وعيه، و لم يفلته زوجها بعد، فخافت أن يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت تلك الضربات المبرحة، ركضت إليه مذعورة، و أمسكت قبضته المخضبة بالدماء صارخة:


+



   -لا ألكس! هذا يكفي... سيهلك الرجل بين يديك!


1



   تنفس بحدة متسارعة، و تأرجح بصره بين الرجل المصروع و زوجته مخطوفة اللون، أدرك أنها عاشت كما عنيفا من الرعب، فاحتضنها بلهفة رجل غيور و خائف على امرأته!


3



   -هل أنت بخير؟ هل أذاك هذا القذر؟


+



   هزت رأسها نافية عنها أي أذى، فسقوطها على الأرض لم يكن خطيرا، غلف كتفيها بسترته، و قادها إلى السيارة، جذب شكلهما الغريب بعض الأنظار، لكنهما نجحا في ترك الأكروبوليس دون أن تشتم الصحافة ما جرى!


+



   في السيارة قبعت أندريا صامتة، متعجبة من الغضب الذي ظهر على زوجها، لقد كاد يقتل إنسانا من أجلها! فكرت باشمئزاز في نظرة الشر التي لمحتها على وجه ذلك الأشقر، و فجأة خطرت لها فكرة مفزعة، رمت نظرة جاحظة إلى ألكسندروس و صاحت:


+



   -ماذا لو كان ذلك الرجل هو نفسه المعجب السري الذي يلاحقني؟


1



   تحركت باضطراب مستطردة:


+



   -ماذا لو عاد لإرسال البطاقات و الهدايا؟ كلا! بعد ما ناله منك... قد... قد ينوي الانتقام و...


+



   -اهدئي أندريا!


+



   التقط يدها و تابع بثقة و قوة:


+



   -لا تخافي! أنا معك.


5



   أشاع كلامه الأمان في أعماقها، لكنها لم تتخلص من القلق و التساؤلات، و حين وصلا إلى خيوس بعد منتصف الليل، و دخلا غرفة النوم، تناولت يده هامسة:


+



   -ألكس! هل يمكن أن تبقى قريبا مني الليلة أيضا؟


+



   ابتسم ألكسندروس و أحاط وجهها بيديه، و سرعان ما أصبحا تحت اللحاف في ثياب النوم، فسحبها نحوه و ضمها إلى صدره بحنان حتى غفت.


+



نهاية الفصل الرابع عشر.


+



الخامس عشر من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close