رواية مذكرات حائر كامله وحصريه بقلم هالة الشاعر
روايه مذكرات حائر للكاتبه هاله الشاعر
المقدمة
الي أي مدي يمكن أن يصل بك حب عائلتك , والي أي مدي يمكن ان تضحي ,
هل تضحي بقلبك ؟! أجل قلبك .
لكن مهلا هذا القلب الذي أنقلب ضدك وجعلك تفسد كل ما بنيته لسنوات
هل يدمرك ؟ ام ستستطيع الوقوف علي قدمك مرة أخري ؟!
إذا اردت ان تقرأ قصة لم ييأس أبطالها من البحث عن السعادة , فهي ليست بالشيء الهين
صحيح انها رزق ولكن الله يرزق فقط من يسعي .
فبداخل تلك " المذكرات " قص علينا حائر دون قصد منه مشاهد حياتيه لعائلة كامله ما بين الفرح والحزن والفراق والحب .....
هل يستسلم أبطالها ؟ ام يقاوموا للرمق الأخير !
هل الحب مجرد وهم ! ومن هو هذا الذي يدعي أنه حائر
كل ذلك سوف تعرفة بين طيات هذه الصفحات ...... .
مشاعر كثيرة اختلجت قلبي ...........
لم اعد اعرف ما العمل ! وأنا الوحيد الذي لا يستطيع أن يفضي بما يشعر به , لا يوجد احد استطيع أن اخبره بما في قلبي , بالنار التي تنهش في محصول حياتي .
كيف وأنا رجل ؟ لا استطيع البكاء لا استطيع الصراخ , ما الذي سوف يحدث ؟ إذا فعلت إذا صرخت وإذا بكيت ! إذا حكيت ما بداخلي .
ليس عندي الشجاعة , ليس لأنني رجل جبان او ضعيف لم ولن أكون يوما ! ، لكن أو ليس ذلك حالي أمامها؟! .
علي العموم علي الرغم من كل قوتي لن افعل ... ببساطه لأنني لا اقوي علي خسارة أحب الناس إلي قلبي... .
لذلك قررت أن أجد كتاب أخفيه بشده واحميه بحياتي بحيث لا يجده احد سواي أنا كي لا تدمر عده بيوت ، وتنتهي سعادة عشره أشخاص علي الأقل .
لذلك وبدون مقدمات عن أسباب كتابتي لتلك الكلمات , صراحة لا استطيع أن ادعوها بمذكرات فانا اشعر بسخافة وحساسية لدي هذه الكلمة " مذكرات " فلست بشاعر أو كاتب أو شخصيه مشهورة , بل أنا مجرد وحيد غريق بأحزانه لم يجد من يفضي إليه بمكنونات قلبه فاض به الدهر ونالت منه الحيرة والغيرة والإهمال لدرجه انه لم يعد يعي من هو ومن نفسه .
أنا مجرد رجل لم يجد من يستطيع ان يتحدث معه فقرر ان يتحدث مع نفسه علي الورق فقط كي أستريح , اخبرني احدهم بأن هذا الشيء الذي افعله قد يزيح الهم عن قلبي .
واجد نفسي مع ذلك مصر كل الإصرار علي ان الأحداث التي سوف اذكرها هي من وحي رؤيتي التي قد لا تكون صحيحة بالمرة , وقد أصيب أحيانا , علي العموم انا بشر ولست معصوم عن الخطأ .
ارتكبت الكثير من الأخطاء ولا اعلم اذا كانت سوف تكون الأخيرة أم لا , قد تكون تلك الكلمات للعبرة وليس للامتثال لما حدث لي , فانا لست سعيد بما انا فيه من وحده واسى وإهمال !!
واكرر أيضا " هو موضوع غريب بما إني بكلم نفسي انا ليه شاغل بالي باللي ممكن يقرا الكلام ده او لاء بس بصراحة حسيت إني مرتاح اكتر لما عرفت ان ممكن حد يقرأها ويحس بيا عشان كده ..."
اكرر ان أسماء الشخصيات هي من وحي خيالي وأنا اعترف ان هناك أحداث فسرتها حسب رؤيتي الخاصة ,لذلك رجاء ألا يعتبر ما اكتبه دليل ضد احد او مع احد.
أنها مجرد خواطر وظنون خاصة بي.
المقدمة
الي أي مدي يمكن أن يصل بك حب عائلتك , والي أي مدي يمكن ان تضحي ,
هل تضحي بقلبك ؟! أجل قلبك .
لكن مهلا هذا القلب الذي أنقلب ضدك وجعلك تفسد كل ما بنيته لسنوات
هل يدمرك ؟ ام ستستطيع الوقوف علي قدمك مرة أخري ؟!
إذا اردت ان تقرأ قصة لم ييأس أبطالها من البحث عن السعادة , فهي ليست بالشيء الهين
صحيح انها رزق ولكن الله يرزق فقط من يسعي .
فبداخل تلك " المذكرات " قص علينا حائر دون قصد منه مشاهد حياتيه لعائلة كامله ما بين الفرح والحزن والفراق والحب .....
هل يستسلم أبطالها ؟ ام يقاوموا للرمق الأخير !
هل الحب مجرد وهم ! ومن هو هذا الذي يدعي أنه حائر
كل ذلك سوف تعرفة بين طيات هذه الصفحات ...... .
مشاعر كثيرة اختلجت قلبي ...........
لم اعد اعرف ما العمل ! وأنا الوحيد الذي لا يستطيع أن يفضي بما يشعر به , لا يوجد احد استطيع أن اخبره بما في قلبي , بالنار التي تنهش في محصول حياتي .
كيف وأنا رجل ؟ لا استطيع البكاء لا استطيع الصراخ , ما الذي سوف يحدث ؟ إذا فعلت إذا صرخت وإذا بكيت ! إذا حكيت ما بداخلي .
ليس عندي الشجاعة , ليس لأنني رجل جبان او ضعيف لم ولن أكون يوما ! ، لكن أو ليس ذلك حالي أمامها؟! .
علي العموم علي الرغم من كل قوتي لن افعل ... ببساطه لأنني لا اقوي علي خسارة أحب الناس إلي قلبي... .
لذلك قررت أن أجد كتاب أخفيه بشده واحميه بحياتي بحيث لا يجده احد سواي أنا كي لا تدمر عده بيوت ، وتنتهي سعادة عشره أشخاص علي الأقل .
لذلك وبدون مقدمات عن أسباب كتابتي لتلك الكلمات , صراحة لا استطيع أن ادعوها بمذكرات فانا اشعر بسخافة وحساسية لدي هذه الكلمة " مذكرات " فلست بشاعر أو كاتب أو شخصيه مشهورة , بل أنا مجرد وحيد غريق بأحزانه لم يجد من يفضي إليه بمكنونات قلبه فاض به الدهر ونالت منه الحيرة والغيرة والإهمال لدرجه انه لم يعد يعي من هو ومن نفسه .
أنا مجرد رجل لم يجد من يستطيع ان يتحدث معه فقرر ان يتحدث مع نفسه علي الورق فقط كي أستريح , اخبرني احدهم بأن هذا الشيء الذي افعله قد يزيح الهم عن قلبي .
واجد نفسي مع ذلك مصر كل الإصرار علي ان الأحداث التي سوف اذكرها هي من وحي رؤيتي التي قد لا تكون صحيحة بالمرة , وقد أصيب أحيانا , علي العموم انا بشر ولست معصوم عن الخطأ .
ارتكبت الكثير من الأخطاء ولا اعلم اذا كانت سوف تكون الأخيرة أم لا , قد تكون تلك الكلمات للعبرة وليس للامتثال لما حدث لي , فانا لست سعيد بما انا فيه من وحده واسى وإهمال !!
واكرر أيضا " هو موضوع غريب بما إني بكلم نفسي انا ليه شاغل بالي باللي ممكن يقرا الكلام ده او لاء بس بصراحة حسيت إني مرتاح اكتر لما عرفت ان ممكن حد يقرأها ويحس بيا عشان كده ..."
اكرر ان أسماء الشخصيات هي من وحي خيالي وأنا اعترف ان هناك أحداث فسرتها حسب رؤيتي الخاصة ,لذلك رجاء ألا يعتبر ما اكتبه دليل ضد احد او مع احد.
أنها مجرد خواطر وظنون خاصة بي.
الحلقه الاولي
"العمل الإجباري"
كل شيء ضبابي أمام عيناها فهي تبكي منذ مده , حاولت أن تنفض أي آسي عنها ليس من اجلها بل من اجل عائلتها المسكينة القلقة عليها , أشاحت بنظرها بعيدا عن النافذة حيث وضعت أمامها حوض بني صغير ملئ بالأزهار و أخرجت منديل من العلبة القابعة في حضنها .
يا الهي لقد كان الأخير ! نظرت للعلبة بآسي ثم نظرت إلي سله القمامة لمنظر كانت متوقعة أن تراه , لقد امتلأت وفاضت وهناك مناديل مكورة علي الأرضية , لقد أعطتها والدتها هذه العلبة البارحة مساءا و تحتوي علي الأقل مائتي منديل و الآن لم تصل الساعة إلي التاسعة بعد وها قد نفذت منها المناديل ولم تنفذ منها دموعها وشجونها .
همت لكي تلملم المناديل المبعثرة قبل ان تراها والدتها و لكن أثناء انحناءها وقبل ان تخفي علبة المناديل الفارغة دخلت والدتها إلي الغرفة وانتفضت هي من علي كرسيها .
"صباح الخير يا سارا " ثم أردفت وهي باسمه " تعالي يا حبيبتي افطري معانا " "حاضر يا ماما " كان صوتي محشرج من كثرة البكاء والنحيب ظللت اخفي وجهي عنها مدعية انشغالي بلملمه القمامة والمناديل .
"صوتك ماله يا سارا أوعي تكوني كنتي بتعيطي ؟ " واقتربت مني ثم قالت " وبتنضفي إيه علي الصبح كده ! " .
عندها رأت علبة المناديل فارغة ورفعت راسي فرات سلة القمامة ممتلئة عن أخرها , ضربت علي صدرها " كده كل ده !! د أنا لسه مديها ليكي بالليل معني كده انك طول الليل بتعيطي ومش دوقتي النوم يا دوب عشان تخلصي ده كله ".
رفعتني في مواجهتها وهزهزتني بشده وعنف أغمضت عيني فانا ليس لدي ذرة قوة لمواجهتها فاستسلمت لهزها وتعنيفها " كل ده عشان مين عشان واحد ميسوا ضفرك , عمله في روحك كل العمايل دي عشانة زى ما يكون معبرك وبحبك وإحنا اللي طلقناكي منه غصب عنك فوقي بقي لنفسك شويا شايفة وشك بقي عامل أزاي ,عنيكي باظت كفاية بقي حرام عليكي هتموتينا , دي كانت جوازه هم ربنا ينتقم منه " .
كان لديها الكثير الكثير من هذا ولكن انتشالي من أيديها وبراثن غضبها من قبل أختاي جعلها تصمت قليلا ثم أردفت بغضب " لو مخرجتش الوقتي تفطر معانا, انا همشي واسيب البيت كله و وروني بقي هتعملو إيه ! " وصفقت الباب خلفها .
" حرام عليكي نفسك والله ما يستاهل كل الزعل اللي أنتي زعلاناه ده أنتي مكنتيش سعيدة معاة أصلا انا فكرتك هتفرحي زى أختك انك خلصتي منه " قالت لي أيه وهي الصغرى فينا في عامها الثاني من الجامعة وهي نحيلة وجميلة وتعشق خطيبها مصطفي .
ضربت أختي أمل كتفي تمازحني " ده أنا يوم ما امسك ورقتي في أيدي ندرا عليا لرقص بالمزمار دك وكسه يا هبله هو ده حد يزعل عليه هو كان معبرك أصلا ! " ، وآخذت تتمايل في الغرفة رافعة زراع وواضعه الأخرى أسفل إبطاها وترقص مثل " الصعايدة " وتدندن بصوت عالي " تا تاتارار تاتا "جعلتني ابتسم رغم عني وضمتني أيه إلي صدرها " ايوه كده يا شيخه بلا وجع قلب " .
"قومي يالا معانا أحسن أمك اليومين دول مش مظبوطة ممكن تعملها وتطفش وتسبنا بس المشكلة هتروح فين ؟! " أخذت أمل تضحك بشدة ثم أردفت " أمك لو مشيت لآخر الشارع هاتوه ومش هتعرف ترجع , مش عارفه إحنا كنا بنصدقها أزاي وإحنا صغيرين " , أكملت أيه وهي تضحك " كنا هبل أوي يا شيخه ".
نظرت لهم نظره لوم "حرام عليكو بطلوا تريقه عليها " ," ياسلاااام " اندهشت كل منهم في نفس الوقت " والله عال نطلع احنا منها بقي لو كنا تأخرنا يا فالحة دقيقة واحدة كان زمانك في خبر كان مش بعيد كانت استعادت أمجاد زمان وعلمت عليكي بالشبشب " أنهت أمل كلامها ونظرت إلي أيه التي تتفق معها في كل كلمة .... .
خرجت إلي الخارج لم يعجبني ضوء الصباح فعيناي متورمتان وكثره جلوسي في الظلام جعلت النور يزعج عيني بشده لكن لم يكن عندي خيارات ...... .
عندما دخلت إلي غرفه الطعام بعد ان غسلت وجهي وتوضأت وصليت فانا للأسف لم استطع أن أصلي الفجر رغم استيقاظي لأنني لم استطع أن انتشل نفسي من همي .
جذبتني أمي وربتت علي صدري بحنان " تعالي اعدي جنبي ده أنا عمله ليكي الفول بالطماطم زي ما بتحبية " , قالت أيه بتهكم وهي تتناول قطعه طماطم " مش شايفين شنط يعني يا حجه ولا حاجه " كتمت أمل ضحكه عالية وقالت " أمك هتطفش خفافي " , جذبتني إلي حضنها وقبلت وجنتي " وهي سارا يهون عليها أمها بردو " , ونظرت لهم شزرا " اتلمي منك ليها واصطبحوا علي الصبح " , وضعت أيه يدها علي فمها بطريقه درامية وقالت " اهه أتكتمنا " .
_دخل والدي و لم يكن في حاله جيدة , فقد كان لديه الكثير من المشاكل , طلاقي وحزني , وسعيه الدائم مع المحامي كي تتمكن أختي من الحصول علي حريتها وعدم رضاه عن خطيب أختي "أيه" حسنا لقد كان الوضع في المنزل مأساوي بعد أن كنا في غاية السعادة منذ ان بدأت خطبتنا واحدة تلو الأخرى وقد وجد الهم والحزن مكانا داخل منزلنا .
قال باقتضاب " صباح الخير " هرعت أيه نحوه وقبلته علي وجنته " صباح الخير يا بابا يا عثل " ضحك لطريقه نطقها كلمه "عسل " وقال لها " عثل يا لمضه " ذهبت إلي كرسيها مرة أخري وقال لأمل " صباح الخير يا أمل مفيش أخبار من المحامي " " صباح الخير يا باشا لا مفيش جديد " وأكملت طعامها .
نظر الي ف أخفضت راسي ونظرت ليدي أضمها بشدة , تنهد مطولا وقال بحزن " عرفت انا امكو معليه صوتها من الصبح علي مين " .
نزلت مني دامعة هاربة رغم كل محاولات عيني البائسة كي لا تتركها ولكن جفوني فشلت .
ضرب بحزم علي الطاولة " أظن كفاية كده أوي أوي يا سارا , في الأول انا كنت بخلي والدتك تسيبك علي راحتك , قولت لها معلش سيبيها تعيط وتخرج كل اللي جواها لكن منظرك ده خلاني متأكد أني كنت غلطان , انهاردة أخر يوم في عدتك وأنا احترمت رغبتك لما رافضتي الخروج وكل المحاولات عشان تسافري معانا وقولتي انا هلتزم بالعدة , لكن خلاص يا سارا لازم تخرجي من كل ده فاهمه ولا لأ " .
أشاح وجهه الغاضب عني ونظر إلي أمي " ناوليني المايه يا وفاء " , " أتفضل يا حاج سارا طول عمرها عاقله وبتسمع الكلام مش معقول هتكسر لك كلمه " , ونظرت إلي وأردفت " ده ابوكي حاجز أسبوع في إسكندرية عشانا وأجلو كذا مره عشان خاطرك والفلوس هتروح علينا مش حرام " وداعبتني وعبثت بأصابعها في بطني وضحكت رغم عني .
" حاضر يا ماما خلاص " قال أبي وهو يأكل والشغل يا سارا هتنزلي بكرة تروحي المقابلة فاهمه ولا لأ " " يا بابا انا مش عاوزة أشوف حد من فضلك " .
قال لي محذرا " سارا انا عمري ما زعلت منك بس والله العظيم لو ما قبلتي في الشغل ده صدقيني لساني مش هيخاطب لسانك " .
امل مدافعه عني " بس يا بابا حرام الحلفان ده ممكن يرفضوها لأي سبب وهي ذنبها إيه ؟! " , " هو انا مش عارف أختك , كل الشروط والمواصفات عليها وصاحب الشأن هو اللي عرض عليا الوظيفة لو هي اللي عاوزة تفشل هتفشل لو عملت اللي عليها هتقبل ومش عاوز رغي تاني في الموضوع ده انا قايم رايح شغلي " ونهض وترك الطعام ثم عاد ونظر إلي " لو الطبق ده مخلصش ليا معاكي حساب تاني " , ضحكت له رغم حنقي منه فابتسم رغم عنه وقال " يا جذمه لازم ازعق فيكي " وجاء وقبل راسي فاحتضنته بكل قوتي ودمعت عيناي وهو يربت علي راسي ويقبله بكل حنان كم هو حنون علي , كم كنت أتمني زوج محب مثله , لكن لا لم يكن يشبهه علي الإطلاق .
مسح دموعي برقه شديدة " صدقيني هتلاقي اللي يحبك ويحطك فوق راسه العمر كله " .
انهمرت دموعي بشده فقد نظر أبي إلي عيني وعلم ما يؤلمني حق العلم كل ما يؤلمني هو أنني لم أجد الحب الذي كنت احلم به .
احتضنته أكثر لأنه يعلم ما في قلبي دون ان أتكلم ممتنة لوجوده بحياتي , " أخر مره أشوف دموعك وعد " هززت راسي وقلت له بكل حب " وعد " .
******** ********* ***********
" يا صافي من فضلك كفاية خروجات بقي " كان يتحدث في سماعه الهاتف ويقود إلي منزله وها هو يتحدث معها للمرة المليون دون مبالغة عن كثره خروجها مع أصدقائها , تنهد بأسي وهو يقول " انا مروح وتعبان هكلمك بعدين " .
دخل بالسيارة عبر الحديقة الصغيرة للمنزل ودلف إلي الجراج وأطفأ السيارة وتنهد مطولا مرة أخري ووضع رأسه علي المقود يفكر بحاله مع صافي التي لا تكتفي من الملابس والخروج والأصدقاء والهدايا ورغم كل ذلك يحبها بل ويعشقها ولا يستطيع أن يرفض لها طلب , غفي علي المقود قليلا من كثره إرهاقه وهو يفكر بحسابه البنكي ولكنه انتفض فجأة عندما سمع صوت الهاتف , وعندما رأي الاسم الذي علي الشاشة ضرب رأسه بكفه وتأوه لهذه الحركة التي زادت من حدة صداعه .
كلمه واحدة سمعها منها وهي تقولها باقتضاب " اطلع " حاضر يا ...... وأغلقت الخط قبل ان يكمل , تنهد بآسي " ست الحبايب " .
خرج من الجراج وصعد السلم بدل المصعد كي يفق قليلا , لم يصعد سوى طابق واحد ووجد بابا المنزل مفتوح , كان يعلم تمام العلم ان والدته هي من فتحته وها هي أمامه الآن تعقد يدها فوق صدرها ووجهها لا يبدوا عليه أي ملامح تبشر بالخير , انه يشم رائحة العاصفة .
هرع نحوها وقبل رأسها وهو يحتضنها بيديه " حبيبه قلبي يا لوزا وحشيتني موت يا بطه " وداعب خدها بقبله مفرقعه , تقززت منه وضربته علي يده ورغم عنها ابتسمت .
" بلاش شغل النصب بتاعك ده ادخل " وأشارت له بالدخول .
داعبت انفه رائحة محشي ورق العنب ودجاج مشوي كان يعشقه من والدته , رأته وهو يشم بتلذذ الرائحة " اتغديت " قالتها باقتضاب شديد .
تنحنح وقال وهو يبحث في الشقة عن أي احد كي لا يكون في ورطته وحده , " يعني حاجه علي خفيف كده " " طيب ادخل جوا الأكل هيتحط اهه " " أمرك يا ست الكل" ،همهمت وهي مبتعدة عنة " بتسمع الكلام أوي! " .
كانت مساحه المنزل كبيرة والمنزل مكون من ستة طوابق وكل دور به شقتان والشقة الواحدة مكونه من طابقين " دوبلكس " .
ذهب إلي غرفه الطعام حيث سفرة كبيرة مكونة من اثني عشره كرسي , كانت والدته تضع الطعام مع الخادمة حينها نزل والدة من علي السلم واتجه نحوه , رغم انه بدل ملابسه وشكله أصبح مريح أكثر في هذا الزى الرياضي إلا ان وجهه لم يختلف كثيرا عن والدته .
جلس علي رأس الطاولة وقال بهدوء " تعالي يا حسام " وأشار له بالجلوس إلي يمينه .
انتهت الخادمة من وضع الطعام ووضعت الوالدة الدواء أمام أبيه وسكبت كأس من الماء وقالت وهي تنظر شزرا نحو حسام " دوا الضغط يا شهاب " .
ابتلعه وربت علي يدها بحنان " شكرا يا حبيبتي " , نظر بآسي إلي حب والده لوالدته انه يحب زوجته ولا كنها لم تقف معه الي الآن ولو لمرة واحدة .
لقد أصيب مرة ببرد شديد وكل ما فعلته هو أنها عصرت له كوب ليمون وناولته إياه , وعندما قال لها " تعالي في حضني يا صافي وحشتيني " ضحكت مقهقه " في حضنك وش كده يعني أخد الدور المتين ده , طب يرضيك اطلع شرم وأنا ملفوفة في بطانية زيك كده , لا يا حبيبي انا هنام بره انهاردة انا مش مستغنيه عن نفسي " وخرجت وأغلقت الباب وسط دهشته .
أفاق من تخيلاته عندما وضعت والدته الطعام أمامه شعر بجوع مفاجئ فوالدته لها خبره جبارة في مجال الطعام واخذ يأكل بتلذذ ونهم شديد مصدرا تأوهات سعادة بالغه ووالده و والدته يشاهدونه مستغربين .
علق والده بسخرية " متكولش نص بطن كل براحتك الخير كتير " , نظر له وضحك " متقلقش يا حج انا ناوي اخفف " ثم أردف بعد ان بلع إصبع محشي " هسيب لك , هسيب لك " .
قالت والدته بتهكم " هتخفف ليه ؟ السنيورة مدام اتأخرت كده يبقي ادغدت مع أصحابها ومعتقدش أنها هاتيجي تطبخ لك الوقتي ، اه صحيح نسيت دي مش بتطبخ " .
تنهد بآسي ورمي ملعقته في الطبق وبصوت حانق " أبوس أيدك يا ماما أنا مش قادر " ثم أردف " انا طالع " خبط والده علي الطاولة " والله عال بتعلي صوتك علي أمك وأنا اعد " ، دخل شاب طويل علي هذا المشهد وقال بتهكم " إيه جو ليالي الحلمية ده؟! " وقبل رأس أمه ورأس والده , ثم ضرب كفه بكف حسام وتناول إصبع بيده دافعا أمه إلي التذمر " روح اغسل أيدك وتعالي كل زي الناس " , أكمل طعامه وهو يقول " حاضر يا لولو يا جميله ,أمال فين احمد ؟ " .
تنهدت والدته بآسي لسه مش عاوز ينزل ومش راضي ياكل خالص يا عبد الرحمن " " لا بقي كده , طيب اعملي ليا طبق علي ذوقك كده وهاتي شوكتين وانا هطلع أكل معاه بس بسرعة أحسن واقع من الجوع " .
جهزته بسرعة وناولته إياه , أخذه واخذ كوب العصير ثم همس في إذن أخيه قبل صعوده السلم " أبوك عرف " وتركه .
ناداه حسام بصوت عالي يرجوه " طب بقولك متسبنيش لوحدي يا عبده " , لم يعره أخوة أي انتباه , وعندما صعد السلم إلي أخره صاح قائلا " مع نفسك " .
" اعد وبلاش دلع " لقد كانت نظره والده محذرة فجلس علي الفور .
" الفلوس اللي في حسابك راحت فين كلها تبخرت , صارف في اقل من شهرين بس 650 ألف جنيه , اقدر اعرف راحوا فين والشهر التاني فاضل عليه عشر أيام " .
" ما هو يا بابا جددت عربيه صافي عشان إيه .. كانت ب .. تعطل وشويه حاجات كده بقي ،" عربيه صافي !! قوتلي اه عربيه صافي اللي مكملتش سنه يا أستاذ حسام لحقت تعطل وتزهقكوا ؟!! ", كانت والدته تشعر بالمرارة من زوجه ابنها التي تعتبره بنك مركزي وليس زوج كل ما يهم ها كيفيه سحب المال منه وهذا الأخير كان يصدق ترهاتها حول الحب والعيش بحريه , وان الشباب لا يدوم طويلا , وان المال خلق لنستمتع به لا ليوضع في البنوك .
قال والده بحنق " انا عارف انك مش هترد ومع ذلك سألتك علي أمل انك تقولي اشتريت شقه او استثمرتهم في حاجه بس مش مشكله الأسهم ونصيبك أتوقف " .
دهش حسام عندما سمع تصريحات والده هذه , وفي تلك الأثناء دخلت فتاه رشيقة جميله تزين وجهها بعناية شديدة وترتدي قميص دون أكمام وبنطال غاية في الضيق يبرز أسفل خصرها بشكل مثير للغاية .
قالت وهي تعلم قبل أن تلتفت لها حماتها رأيها في لبسها " هاي يا جماعه ازيكو " وذهبت لتقبل جبين زوجها " أزيك يا حبيبي وحشتني " ثم جلست إلي جواره , " كلي يا حببتي إحنا لسه اعدين " قالت والده حسام بهدوء .
" لا مرسي يا طنط انا ادغديت بره مع أصحابي ومليش في المحشي والجو ده " ثم التفتت إلي زوجها تعيد خصلة من شعره الي الوراء وقالت له ب ميوعة مبالغ فيها " يالا يا حبيبي عشان عندنا عيد ميلاد بالليل ولا نسيت " .
اسند رأسه الي يده فهو يعلم ان موقفه متهالك أمام والده لا محالة وها هي تزيد من الطين بله .
_ دخل عبد الرحمن علي أخيه وأغلق الباب بقدمه وأشعل النور " اخرج يا عبد الرحمن " قالها بصوت هادئ حزين وهو يجلس علي كرسي وثير أمام شرفه غرفته ثم أردف " وخد الأكل معاك " .
قال عبد الرحمن بسخط " مقفل الأوضه كده ليه ؟ " , تهكم أخيه بسخرية وانفرج عن ثغره ضحكه مريرة " وهتفرق حاجه يا عبد الرحمن " وضع العصير و الطبق من يده وذهب وفتح الشرفة وهو ينظر بآسي الي حال أخيه لكنه أراد مداعبته فجلس بعنف قبالته علي السرير وضرب بكفه علي ركبه أخاه وقال ضاحكا " والله يا أخي أنت شكلك بتشوف وبتشتغلنا كلنا " .
لم يجد أي أجابه من وجه أخيه فأردف " أنت عرفت أزاي إن اللي دخل انا وكمان عرفت ان معايا أكل طب قولي معايا ايه كمان وانا امشي واسيبك " , قال احمد ب اقتضاب " عصير واقفل البلكونة واخرج بقي يا عبد الرحمن " .
صفق عبد الرحمن بيده " لا وربنا لازم اعرف أنت بتعمل كده أزاي انا مش هسكت إلا لما اعرف " قال احمد بحنق " يا أخي رحتك فايحه من ساعة ما طلعت السلم واكل أمك فضيحة لوحدة وسمعتك وأنت بترزع الكباية " .
امسك عبد الرحمن وجه أخيه واخذ يعبث فيه ويلكمه علي انفه ويدغدغ بطنه ولم يترك احمد إلا وقد كان ضاحك وباسم " وحياه أمك يا احمد كل معايا الطبق ده أمك زعلانه تحت ذنبها ايه الغلبانة وانا هموت من الجوع حرام عليك حس بينا يحس بيك ربنا يا أخي " , " أنت ها تشحت قوم أتنيل جيب الأكل وخلصني خليني ارتاح منك " " ايه ده وأنا اللي قولت هتحايل عليه ساعة ! " , " بصراحة ريحه المحشي خلتني أتراجع مش عشان خاطر سعادتك " امسك بالطبق وغرز الشوكة وناولها لأخوة .
فقال احمد عابث بعد ان أصبح أفضل حال من مداعبات صديق عمرة وأخوة " إيه ده هو أنت مش هتأكلني في بوقي ! " , " فاكر نفسك مراتي ياض ولا إيه ؟ " ثم أردف بعد ان تناول كميه كبيره " حبيبه بقي وكده " قال احمد وهو يبتسم لا يا باشا وإحنا نطول " وضحك الاثنان وهم يأكلون .
" أخوك بيتغسل تحت " " حسام ! " قال وهو يهز رأسه " اه يا سيدي " " عمل إيه تاني او الأصح صافي عملت إيه تاني " " حسابه الشخصي شطب يا سيدي تاني " , تأفف احمد " يا أخي الستات دول ايه هما فاكرينا بنكنوت وفسح بس ومحدش عاوز يحب جوزه ويخاف عليه " .
لمس عبد الرحمن مرارة أخيه وقال " لا يا احمد في ستات كويسه برده ماما اهه قدامك بميت راجل عمرها ما أتخلت عن بابا الدنيا فيها الكويس وفيها الوحش وأحمد ربنا يا احمد عشان أنت عرفت مروة من أولها بدل ما تتورط زي حسام " , زمجر احمد " لو سمحت معتش تجيب سيرتها تاني " .
وضع عبد الرحمن الطبق بجوار العصير ثم أعطي الكوب إلي أخيه وارتشف منه عده رشفات ثم أعاده إلي عبد الرحمن كان يريد ان يهدئ بال أخيه لكن ما سوف يخبره به الآن يوتره هو شخصيا فبلع رشفه كبيره من الكوب كي يحصل علي بعض الشجاعة .
" بص يا احمد انا عارف انو مش وقته بس لما تعرف مني أحسن " ازدرد لعابه ثم أكمل وهو مطرق إلي الأرض بآسي " مروة أتجوزت أمبارح وسافروا أنهارده علي ماليزيا ومنها علي أمريكا وهتعيش هناك " .
وقف احمد والذهول بادي علي وجهه يحدث نفسه ألن تندم علي تركي هكذا ألن تعود ذهبت بغير عودة لم يستطع تصديق الأمر ولكنه قرر نفضها نهائيا من حياته , فقال لعبد الرحمن بهدوء " الخاين ما يتبكيش عليه خلينا ننزل تحت " .
قرر دفن ألامه وحبه لها بغير رجعه والعودة إلي الحياة الآن فكل شيء وكل حلم أصبح من الماضي , ولن يعذب والديه وإخوته أكثر من ذلك , ففي الصباح سوف يكون العاقل الهادئ وفي المساء حيث يغلفه ظلام الليل حول ظلام عالمه الصغير سوف يستسلم ليأسه .
ربت عبد الرحمن بحب وقوة علي ظهر أخيه وضمه إليه " جدع يا احمد أنت طلعت أجمد مما كنت متصورك بكره تتجوز ست ستها وتبقي اسعد واحد في الدنيا " , ابتسم بوهن ومد يده يبحث عن عصاه وقال " خلينا ننزل بقي أحسن من الأعده هنا لوحدنا لما نشوف أخوك هيعمل إيه " .
وأثناء نزوله علي السلم مع أخيه قال هامسا لعبد الرحمن " تعرف ان صافي مطلعتش تسال عليا ولا مرة رغم إننا كنا أصحاب " ربت عبد الرحمن علي ذراع أخيه " ولا يهمك البت دي مش هتعمر مع أخوك حسام وعلم علي كلامي " , أصبحت الأصوات واضحة الآن ولم يكن من العسير معرفه المشكلة القائمة بينهم .
قالت صافي " ليه بس كده يا عمي هو حسام عمل ايه عشان كل ده؟! " " عمل ايه أنت صارف حسابك كله في اقل من شهرين ومراتبك وواخد 250 ألف من حساب الشغل داخل علي مليون جنيه مصاريف في شهرين كل ده ومعملش حاجه يا صافي ! " سألتها والده حسام بتعجب , ارتبكت صافي ثم أردفت " إحنا بس عشان العربية وكمان سافرنا كذا مره لكن بقيه مصارفنا عاديه يعني يا طنط زي كل الناس " , " والله هاتي ليا حد تعرفيه بيصرف مبلغ زي ده في شهر ! " , هبت واقفة " قصدك إيه يعني يا طنط إني مش من المستوي بتاعكو بس أنا اعرف ناس بتصرف اكتر مني بكتير " " مين دول ثم تعالي هنا فين بيتك يا بنتي فين جوزك اللي بتهتمي بيه ؟!! , ده علي طول تعبان من السهر والخروج وقله الأكل وبدل ما يجي من الشغل يرتاح ويأكل عشان يعرف يروح شغله اليوم اللي بعده يسهر للصبح برة كل يوم !! " .
جلس احمد وعبد الرحمن علي الطاولة لكن لم ينتبه لهم احد .
صاحت بزوجها " سامع يا حسام مامتك بتقول إيه أزاي تسمح لها تتدخل كده في حياتنا , أنت وعدتني قبل الجواز لما نسكن هنا محدش له دعوة بينا ... " وقبل ان تكمل انتفض حسام وصاح بها كما لم يفعل قط " كفاية بقي واحترمي نفسك وأنتي ب تتكلمي مع ماما اكتر من كده فاهمه ولا لاء " " أنت بتزعق ليا وقدامهم ! " وأشارت بيدها علي الجالسين وكأنهم تماثيل حجريه لا حياه فيها وهمت بالذهاب إلا ان السيد شهاب وقف وقال لها " استني يا صافي من فضلك " , صاحت " انا مش هعد عشان اتهزق اكتر من كده " وهمت بالذهاب إلا ان زوجها امسكها من معصمها وأجلسها بالقوة وزمجر وهو مكشر عن أسنانه بغيظ لم يسبق له مثيل " لما بابا يقولك استني يبقي تستني فاهمه ولا لاء " جلست رغم عنها ودموعها تساقطت فهي لأول مره تري الغضب والمعاملة السيئة من زوجها ورغم قله ذوقها الا متناهية إلا ان الأسرة كانت مشفقة عليها وعلي دموعها .
" نسبتك من هنا ورايح موقوفة حتي علي المشاريع الخاصة ومعدش ليك دخل في حساب شخصي ليك راتب كل شهر 6 ألاف جنيه " قاطعه حسام " بس يا بابا انا راتبي 12 ألف " " ده كان زمان أيام ما كنت بتشتغل الوقتي أنت بتروح الشغل الساعة 12 وبتروح 4 , غير اللغبطه في الحسابات والهرجلة اللي بقت في شغلك لو انتظمت هترجع لراتبك الأصلي ولو ما انتظمتش مفيش شغل عندي ليك , اه وهات مفاتيح عربتيك " ناوله إياها وهو مصدوم من قرارات والده كيف له ان يعيش بستة ألاف جنيه في الشهر خصوصا مع زوجه مثل زوجته ! .
" تقدر تتفضل أنت ومراتك علي شقتكوا " قالت بتهكم شديد " ليه؟ ما تسحبها هي كمان يا عمي " .
لم تعي ما حدث بعد ذلك سوي إنها شعرت بحرارة شديدة علي وجهها لقد لطمها زوجها لطمه قويه أصابتها بالدهشة , وصوت صياح زوجها بها بعد ان امسك عبد الرحمن بكلتا يديه وهو يخبرها بأن تصمت .
صعدت إلي شقتها وهي راكضه والدموع لا تفارق وجهها والوعيد لا يفارق لسنها ...... .
**** **** ***** ****
نهاية الفصل
لما الحب صعب ؟
ولما لا تنتهي القصص الحقيقية مثل الأفلام والروايات بالسعادة الأبدية والكثير من الأولاد والبنات
هل الزواج نهاية المشاكل ؟
أم مقبرة للحب , ام بداية صراع أخر من نوع جديد .
هل الإيمان بالتغير نقمه أم نعمه ؟
أم علينا القبول بفرضيه أن الشخص هكذا ولن يتغير ولن يحدث شيء سواء بعد أو قبل الزواج .
ولكن أليس هذا يأس ! , ومناهض لقوانين الطبيعة التي تحث علي التغير والتقدم , حسنا لم اعد أعي أي شيء , فانا .......
"العمل الإجباري"
كل شيء ضبابي أمام عيناها فهي تبكي منذ مده , حاولت أن تنفض أي آسي عنها ليس من اجلها بل من اجل عائلتها المسكينة القلقة عليها , أشاحت بنظرها بعيدا عن النافذة حيث وضعت أمامها حوض بني صغير ملئ بالأزهار و أخرجت منديل من العلبة القابعة في حضنها .
يا الهي لقد كان الأخير ! نظرت للعلبة بآسي ثم نظرت إلي سله القمامة لمنظر كانت متوقعة أن تراه , لقد امتلأت وفاضت وهناك مناديل مكورة علي الأرضية , لقد أعطتها والدتها هذه العلبة البارحة مساءا و تحتوي علي الأقل مائتي منديل و الآن لم تصل الساعة إلي التاسعة بعد وها قد نفذت منها المناديل ولم تنفذ منها دموعها وشجونها .
همت لكي تلملم المناديل المبعثرة قبل ان تراها والدتها و لكن أثناء انحناءها وقبل ان تخفي علبة المناديل الفارغة دخلت والدتها إلي الغرفة وانتفضت هي من علي كرسيها .
"صباح الخير يا سارا " ثم أردفت وهي باسمه " تعالي يا حبيبتي افطري معانا " "حاضر يا ماما " كان صوتي محشرج من كثرة البكاء والنحيب ظللت اخفي وجهي عنها مدعية انشغالي بلملمه القمامة والمناديل .
"صوتك ماله يا سارا أوعي تكوني كنتي بتعيطي ؟ " واقتربت مني ثم قالت " وبتنضفي إيه علي الصبح كده ! " .
عندها رأت علبة المناديل فارغة ورفعت راسي فرات سلة القمامة ممتلئة عن أخرها , ضربت علي صدرها " كده كل ده !! د أنا لسه مديها ليكي بالليل معني كده انك طول الليل بتعيطي ومش دوقتي النوم يا دوب عشان تخلصي ده كله ".
رفعتني في مواجهتها وهزهزتني بشده وعنف أغمضت عيني فانا ليس لدي ذرة قوة لمواجهتها فاستسلمت لهزها وتعنيفها " كل ده عشان مين عشان واحد ميسوا ضفرك , عمله في روحك كل العمايل دي عشانة زى ما يكون معبرك وبحبك وإحنا اللي طلقناكي منه غصب عنك فوقي بقي لنفسك شويا شايفة وشك بقي عامل أزاي ,عنيكي باظت كفاية بقي حرام عليكي هتموتينا , دي كانت جوازه هم ربنا ينتقم منه " .
كان لديها الكثير الكثير من هذا ولكن انتشالي من أيديها وبراثن غضبها من قبل أختاي جعلها تصمت قليلا ثم أردفت بغضب " لو مخرجتش الوقتي تفطر معانا, انا همشي واسيب البيت كله و وروني بقي هتعملو إيه ! " وصفقت الباب خلفها .
" حرام عليكي نفسك والله ما يستاهل كل الزعل اللي أنتي زعلاناه ده أنتي مكنتيش سعيدة معاة أصلا انا فكرتك هتفرحي زى أختك انك خلصتي منه " قالت لي أيه وهي الصغرى فينا في عامها الثاني من الجامعة وهي نحيلة وجميلة وتعشق خطيبها مصطفي .
ضربت أختي أمل كتفي تمازحني " ده أنا يوم ما امسك ورقتي في أيدي ندرا عليا لرقص بالمزمار دك وكسه يا هبله هو ده حد يزعل عليه هو كان معبرك أصلا ! " ، وآخذت تتمايل في الغرفة رافعة زراع وواضعه الأخرى أسفل إبطاها وترقص مثل " الصعايدة " وتدندن بصوت عالي " تا تاتارار تاتا "جعلتني ابتسم رغم عني وضمتني أيه إلي صدرها " ايوه كده يا شيخه بلا وجع قلب " .
"قومي يالا معانا أحسن أمك اليومين دول مش مظبوطة ممكن تعملها وتطفش وتسبنا بس المشكلة هتروح فين ؟! " أخذت أمل تضحك بشدة ثم أردفت " أمك لو مشيت لآخر الشارع هاتوه ومش هتعرف ترجع , مش عارفه إحنا كنا بنصدقها أزاي وإحنا صغيرين " , أكملت أيه وهي تضحك " كنا هبل أوي يا شيخه ".
نظرت لهم نظره لوم "حرام عليكو بطلوا تريقه عليها " ," ياسلاااام " اندهشت كل منهم في نفس الوقت " والله عال نطلع احنا منها بقي لو كنا تأخرنا يا فالحة دقيقة واحدة كان زمانك في خبر كان مش بعيد كانت استعادت أمجاد زمان وعلمت عليكي بالشبشب " أنهت أمل كلامها ونظرت إلي أيه التي تتفق معها في كل كلمة .... .
خرجت إلي الخارج لم يعجبني ضوء الصباح فعيناي متورمتان وكثره جلوسي في الظلام جعلت النور يزعج عيني بشده لكن لم يكن عندي خيارات ...... .
عندما دخلت إلي غرفه الطعام بعد ان غسلت وجهي وتوضأت وصليت فانا للأسف لم استطع أن أصلي الفجر رغم استيقاظي لأنني لم استطع أن انتشل نفسي من همي .
جذبتني أمي وربتت علي صدري بحنان " تعالي اعدي جنبي ده أنا عمله ليكي الفول بالطماطم زي ما بتحبية " , قالت أيه بتهكم وهي تتناول قطعه طماطم " مش شايفين شنط يعني يا حجه ولا حاجه " كتمت أمل ضحكه عالية وقالت " أمك هتطفش خفافي " , جذبتني إلي حضنها وقبلت وجنتي " وهي سارا يهون عليها أمها بردو " , ونظرت لهم شزرا " اتلمي منك ليها واصطبحوا علي الصبح " , وضعت أيه يدها علي فمها بطريقه درامية وقالت " اهه أتكتمنا " .
_دخل والدي و لم يكن في حاله جيدة , فقد كان لديه الكثير من المشاكل , طلاقي وحزني , وسعيه الدائم مع المحامي كي تتمكن أختي من الحصول علي حريتها وعدم رضاه عن خطيب أختي "أيه" حسنا لقد كان الوضع في المنزل مأساوي بعد أن كنا في غاية السعادة منذ ان بدأت خطبتنا واحدة تلو الأخرى وقد وجد الهم والحزن مكانا داخل منزلنا .
قال باقتضاب " صباح الخير " هرعت أيه نحوه وقبلته علي وجنته " صباح الخير يا بابا يا عثل " ضحك لطريقه نطقها كلمه "عسل " وقال لها " عثل يا لمضه " ذهبت إلي كرسيها مرة أخري وقال لأمل " صباح الخير يا أمل مفيش أخبار من المحامي " " صباح الخير يا باشا لا مفيش جديد " وأكملت طعامها .
نظر الي ف أخفضت راسي ونظرت ليدي أضمها بشدة , تنهد مطولا وقال بحزن " عرفت انا امكو معليه صوتها من الصبح علي مين " .
نزلت مني دامعة هاربة رغم كل محاولات عيني البائسة كي لا تتركها ولكن جفوني فشلت .
ضرب بحزم علي الطاولة " أظن كفاية كده أوي أوي يا سارا , في الأول انا كنت بخلي والدتك تسيبك علي راحتك , قولت لها معلش سيبيها تعيط وتخرج كل اللي جواها لكن منظرك ده خلاني متأكد أني كنت غلطان , انهاردة أخر يوم في عدتك وأنا احترمت رغبتك لما رافضتي الخروج وكل المحاولات عشان تسافري معانا وقولتي انا هلتزم بالعدة , لكن خلاص يا سارا لازم تخرجي من كل ده فاهمه ولا لأ " .
أشاح وجهه الغاضب عني ونظر إلي أمي " ناوليني المايه يا وفاء " , " أتفضل يا حاج سارا طول عمرها عاقله وبتسمع الكلام مش معقول هتكسر لك كلمه " , ونظرت إلي وأردفت " ده ابوكي حاجز أسبوع في إسكندرية عشانا وأجلو كذا مره عشان خاطرك والفلوس هتروح علينا مش حرام " وداعبتني وعبثت بأصابعها في بطني وضحكت رغم عني .
" حاضر يا ماما خلاص " قال أبي وهو يأكل والشغل يا سارا هتنزلي بكرة تروحي المقابلة فاهمه ولا لأ " " يا بابا انا مش عاوزة أشوف حد من فضلك " .
قال لي محذرا " سارا انا عمري ما زعلت منك بس والله العظيم لو ما قبلتي في الشغل ده صدقيني لساني مش هيخاطب لسانك " .
امل مدافعه عني " بس يا بابا حرام الحلفان ده ممكن يرفضوها لأي سبب وهي ذنبها إيه ؟! " , " هو انا مش عارف أختك , كل الشروط والمواصفات عليها وصاحب الشأن هو اللي عرض عليا الوظيفة لو هي اللي عاوزة تفشل هتفشل لو عملت اللي عليها هتقبل ومش عاوز رغي تاني في الموضوع ده انا قايم رايح شغلي " ونهض وترك الطعام ثم عاد ونظر إلي " لو الطبق ده مخلصش ليا معاكي حساب تاني " , ضحكت له رغم حنقي منه فابتسم رغم عنه وقال " يا جذمه لازم ازعق فيكي " وجاء وقبل راسي فاحتضنته بكل قوتي ودمعت عيناي وهو يربت علي راسي ويقبله بكل حنان كم هو حنون علي , كم كنت أتمني زوج محب مثله , لكن لا لم يكن يشبهه علي الإطلاق .
مسح دموعي برقه شديدة " صدقيني هتلاقي اللي يحبك ويحطك فوق راسه العمر كله " .
انهمرت دموعي بشده فقد نظر أبي إلي عيني وعلم ما يؤلمني حق العلم كل ما يؤلمني هو أنني لم أجد الحب الذي كنت احلم به .
احتضنته أكثر لأنه يعلم ما في قلبي دون ان أتكلم ممتنة لوجوده بحياتي , " أخر مره أشوف دموعك وعد " هززت راسي وقلت له بكل حب " وعد " .
******** ********* ***********
" يا صافي من فضلك كفاية خروجات بقي " كان يتحدث في سماعه الهاتف ويقود إلي منزله وها هو يتحدث معها للمرة المليون دون مبالغة عن كثره خروجها مع أصدقائها , تنهد بأسي وهو يقول " انا مروح وتعبان هكلمك بعدين " .
دخل بالسيارة عبر الحديقة الصغيرة للمنزل ودلف إلي الجراج وأطفأ السيارة وتنهد مطولا مرة أخري ووضع رأسه علي المقود يفكر بحاله مع صافي التي لا تكتفي من الملابس والخروج والأصدقاء والهدايا ورغم كل ذلك يحبها بل ويعشقها ولا يستطيع أن يرفض لها طلب , غفي علي المقود قليلا من كثره إرهاقه وهو يفكر بحسابه البنكي ولكنه انتفض فجأة عندما سمع صوت الهاتف , وعندما رأي الاسم الذي علي الشاشة ضرب رأسه بكفه وتأوه لهذه الحركة التي زادت من حدة صداعه .
كلمه واحدة سمعها منها وهي تقولها باقتضاب " اطلع " حاضر يا ...... وأغلقت الخط قبل ان يكمل , تنهد بآسي " ست الحبايب " .
خرج من الجراج وصعد السلم بدل المصعد كي يفق قليلا , لم يصعد سوى طابق واحد ووجد بابا المنزل مفتوح , كان يعلم تمام العلم ان والدته هي من فتحته وها هي أمامه الآن تعقد يدها فوق صدرها ووجهها لا يبدوا عليه أي ملامح تبشر بالخير , انه يشم رائحة العاصفة .
هرع نحوها وقبل رأسها وهو يحتضنها بيديه " حبيبه قلبي يا لوزا وحشيتني موت يا بطه " وداعب خدها بقبله مفرقعه , تقززت منه وضربته علي يده ورغم عنها ابتسمت .
" بلاش شغل النصب بتاعك ده ادخل " وأشارت له بالدخول .
داعبت انفه رائحة محشي ورق العنب ودجاج مشوي كان يعشقه من والدته , رأته وهو يشم بتلذذ الرائحة " اتغديت " قالتها باقتضاب شديد .
تنحنح وقال وهو يبحث في الشقة عن أي احد كي لا يكون في ورطته وحده , " يعني حاجه علي خفيف كده " " طيب ادخل جوا الأكل هيتحط اهه " " أمرك يا ست الكل" ،همهمت وهي مبتعدة عنة " بتسمع الكلام أوي! " .
كانت مساحه المنزل كبيرة والمنزل مكون من ستة طوابق وكل دور به شقتان والشقة الواحدة مكونه من طابقين " دوبلكس " .
ذهب إلي غرفه الطعام حيث سفرة كبيرة مكونة من اثني عشره كرسي , كانت والدته تضع الطعام مع الخادمة حينها نزل والدة من علي السلم واتجه نحوه , رغم انه بدل ملابسه وشكله أصبح مريح أكثر في هذا الزى الرياضي إلا ان وجهه لم يختلف كثيرا عن والدته .
جلس علي رأس الطاولة وقال بهدوء " تعالي يا حسام " وأشار له بالجلوس إلي يمينه .
انتهت الخادمة من وضع الطعام ووضعت الوالدة الدواء أمام أبيه وسكبت كأس من الماء وقالت وهي تنظر شزرا نحو حسام " دوا الضغط يا شهاب " .
ابتلعه وربت علي يدها بحنان " شكرا يا حبيبتي " , نظر بآسي إلي حب والده لوالدته انه يحب زوجته ولا كنها لم تقف معه الي الآن ولو لمرة واحدة .
لقد أصيب مرة ببرد شديد وكل ما فعلته هو أنها عصرت له كوب ليمون وناولته إياه , وعندما قال لها " تعالي في حضني يا صافي وحشتيني " ضحكت مقهقه " في حضنك وش كده يعني أخد الدور المتين ده , طب يرضيك اطلع شرم وأنا ملفوفة في بطانية زيك كده , لا يا حبيبي انا هنام بره انهاردة انا مش مستغنيه عن نفسي " وخرجت وأغلقت الباب وسط دهشته .
أفاق من تخيلاته عندما وضعت والدته الطعام أمامه شعر بجوع مفاجئ فوالدته لها خبره جبارة في مجال الطعام واخذ يأكل بتلذذ ونهم شديد مصدرا تأوهات سعادة بالغه ووالده و والدته يشاهدونه مستغربين .
علق والده بسخرية " متكولش نص بطن كل براحتك الخير كتير " , نظر له وضحك " متقلقش يا حج انا ناوي اخفف " ثم أردف بعد ان بلع إصبع محشي " هسيب لك , هسيب لك " .
قالت والدته بتهكم " هتخفف ليه ؟ السنيورة مدام اتأخرت كده يبقي ادغدت مع أصحابها ومعتقدش أنها هاتيجي تطبخ لك الوقتي ، اه صحيح نسيت دي مش بتطبخ " .
تنهد بآسي ورمي ملعقته في الطبق وبصوت حانق " أبوس أيدك يا ماما أنا مش قادر " ثم أردف " انا طالع " خبط والده علي الطاولة " والله عال بتعلي صوتك علي أمك وأنا اعد " ، دخل شاب طويل علي هذا المشهد وقال بتهكم " إيه جو ليالي الحلمية ده؟! " وقبل رأس أمه ورأس والده , ثم ضرب كفه بكف حسام وتناول إصبع بيده دافعا أمه إلي التذمر " روح اغسل أيدك وتعالي كل زي الناس " , أكمل طعامه وهو يقول " حاضر يا لولو يا جميله ,أمال فين احمد ؟ " .
تنهدت والدته بآسي لسه مش عاوز ينزل ومش راضي ياكل خالص يا عبد الرحمن " " لا بقي كده , طيب اعملي ليا طبق علي ذوقك كده وهاتي شوكتين وانا هطلع أكل معاه بس بسرعة أحسن واقع من الجوع " .
جهزته بسرعة وناولته إياه , أخذه واخذ كوب العصير ثم همس في إذن أخيه قبل صعوده السلم " أبوك عرف " وتركه .
ناداه حسام بصوت عالي يرجوه " طب بقولك متسبنيش لوحدي يا عبده " , لم يعره أخوة أي انتباه , وعندما صعد السلم إلي أخره صاح قائلا " مع نفسك " .
" اعد وبلاش دلع " لقد كانت نظره والده محذرة فجلس علي الفور .
" الفلوس اللي في حسابك راحت فين كلها تبخرت , صارف في اقل من شهرين بس 650 ألف جنيه , اقدر اعرف راحوا فين والشهر التاني فاضل عليه عشر أيام " .
" ما هو يا بابا جددت عربيه صافي عشان إيه .. كانت ب .. تعطل وشويه حاجات كده بقي ،" عربيه صافي !! قوتلي اه عربيه صافي اللي مكملتش سنه يا أستاذ حسام لحقت تعطل وتزهقكوا ؟!! ", كانت والدته تشعر بالمرارة من زوجه ابنها التي تعتبره بنك مركزي وليس زوج كل ما يهم ها كيفيه سحب المال منه وهذا الأخير كان يصدق ترهاتها حول الحب والعيش بحريه , وان الشباب لا يدوم طويلا , وان المال خلق لنستمتع به لا ليوضع في البنوك .
قال والده بحنق " انا عارف انك مش هترد ومع ذلك سألتك علي أمل انك تقولي اشتريت شقه او استثمرتهم في حاجه بس مش مشكله الأسهم ونصيبك أتوقف " .
دهش حسام عندما سمع تصريحات والده هذه , وفي تلك الأثناء دخلت فتاه رشيقة جميله تزين وجهها بعناية شديدة وترتدي قميص دون أكمام وبنطال غاية في الضيق يبرز أسفل خصرها بشكل مثير للغاية .
قالت وهي تعلم قبل أن تلتفت لها حماتها رأيها في لبسها " هاي يا جماعه ازيكو " وذهبت لتقبل جبين زوجها " أزيك يا حبيبي وحشتني " ثم جلست إلي جواره , " كلي يا حببتي إحنا لسه اعدين " قالت والده حسام بهدوء .
" لا مرسي يا طنط انا ادغديت بره مع أصحابي ومليش في المحشي والجو ده " ثم التفتت إلي زوجها تعيد خصلة من شعره الي الوراء وقالت له ب ميوعة مبالغ فيها " يالا يا حبيبي عشان عندنا عيد ميلاد بالليل ولا نسيت " .
اسند رأسه الي يده فهو يعلم ان موقفه متهالك أمام والده لا محالة وها هي تزيد من الطين بله .
_ دخل عبد الرحمن علي أخيه وأغلق الباب بقدمه وأشعل النور " اخرج يا عبد الرحمن " قالها بصوت هادئ حزين وهو يجلس علي كرسي وثير أمام شرفه غرفته ثم أردف " وخد الأكل معاك " .
قال عبد الرحمن بسخط " مقفل الأوضه كده ليه ؟ " , تهكم أخيه بسخرية وانفرج عن ثغره ضحكه مريرة " وهتفرق حاجه يا عبد الرحمن " وضع العصير و الطبق من يده وذهب وفتح الشرفة وهو ينظر بآسي الي حال أخيه لكنه أراد مداعبته فجلس بعنف قبالته علي السرير وضرب بكفه علي ركبه أخاه وقال ضاحكا " والله يا أخي أنت شكلك بتشوف وبتشتغلنا كلنا " .
لم يجد أي أجابه من وجه أخيه فأردف " أنت عرفت أزاي إن اللي دخل انا وكمان عرفت ان معايا أكل طب قولي معايا ايه كمان وانا امشي واسيبك " , قال احمد ب اقتضاب " عصير واقفل البلكونة واخرج بقي يا عبد الرحمن " .
صفق عبد الرحمن بيده " لا وربنا لازم اعرف أنت بتعمل كده أزاي انا مش هسكت إلا لما اعرف " قال احمد بحنق " يا أخي رحتك فايحه من ساعة ما طلعت السلم واكل أمك فضيحة لوحدة وسمعتك وأنت بترزع الكباية " .
امسك عبد الرحمن وجه أخيه واخذ يعبث فيه ويلكمه علي انفه ويدغدغ بطنه ولم يترك احمد إلا وقد كان ضاحك وباسم " وحياه أمك يا احمد كل معايا الطبق ده أمك زعلانه تحت ذنبها ايه الغلبانة وانا هموت من الجوع حرام عليك حس بينا يحس بيك ربنا يا أخي " , " أنت ها تشحت قوم أتنيل جيب الأكل وخلصني خليني ارتاح منك " " ايه ده وأنا اللي قولت هتحايل عليه ساعة ! " , " بصراحة ريحه المحشي خلتني أتراجع مش عشان خاطر سعادتك " امسك بالطبق وغرز الشوكة وناولها لأخوة .
فقال احمد عابث بعد ان أصبح أفضل حال من مداعبات صديق عمرة وأخوة " إيه ده هو أنت مش هتأكلني في بوقي ! " , " فاكر نفسك مراتي ياض ولا إيه ؟ " ثم أردف بعد ان تناول كميه كبيره " حبيبه بقي وكده " قال احمد وهو يبتسم لا يا باشا وإحنا نطول " وضحك الاثنان وهم يأكلون .
" أخوك بيتغسل تحت " " حسام ! " قال وهو يهز رأسه " اه يا سيدي " " عمل إيه تاني او الأصح صافي عملت إيه تاني " " حسابه الشخصي شطب يا سيدي تاني " , تأفف احمد " يا أخي الستات دول ايه هما فاكرينا بنكنوت وفسح بس ومحدش عاوز يحب جوزه ويخاف عليه " .
لمس عبد الرحمن مرارة أخيه وقال " لا يا احمد في ستات كويسه برده ماما اهه قدامك بميت راجل عمرها ما أتخلت عن بابا الدنيا فيها الكويس وفيها الوحش وأحمد ربنا يا احمد عشان أنت عرفت مروة من أولها بدل ما تتورط زي حسام " , زمجر احمد " لو سمحت معتش تجيب سيرتها تاني " .
وضع عبد الرحمن الطبق بجوار العصير ثم أعطي الكوب إلي أخيه وارتشف منه عده رشفات ثم أعاده إلي عبد الرحمن كان يريد ان يهدئ بال أخيه لكن ما سوف يخبره به الآن يوتره هو شخصيا فبلع رشفه كبيره من الكوب كي يحصل علي بعض الشجاعة .
" بص يا احمد انا عارف انو مش وقته بس لما تعرف مني أحسن " ازدرد لعابه ثم أكمل وهو مطرق إلي الأرض بآسي " مروة أتجوزت أمبارح وسافروا أنهارده علي ماليزيا ومنها علي أمريكا وهتعيش هناك " .
وقف احمد والذهول بادي علي وجهه يحدث نفسه ألن تندم علي تركي هكذا ألن تعود ذهبت بغير عودة لم يستطع تصديق الأمر ولكنه قرر نفضها نهائيا من حياته , فقال لعبد الرحمن بهدوء " الخاين ما يتبكيش عليه خلينا ننزل تحت " .
قرر دفن ألامه وحبه لها بغير رجعه والعودة إلي الحياة الآن فكل شيء وكل حلم أصبح من الماضي , ولن يعذب والديه وإخوته أكثر من ذلك , ففي الصباح سوف يكون العاقل الهادئ وفي المساء حيث يغلفه ظلام الليل حول ظلام عالمه الصغير سوف يستسلم ليأسه .
ربت عبد الرحمن بحب وقوة علي ظهر أخيه وضمه إليه " جدع يا احمد أنت طلعت أجمد مما كنت متصورك بكره تتجوز ست ستها وتبقي اسعد واحد في الدنيا " , ابتسم بوهن ومد يده يبحث عن عصاه وقال " خلينا ننزل بقي أحسن من الأعده هنا لوحدنا لما نشوف أخوك هيعمل إيه " .
وأثناء نزوله علي السلم مع أخيه قال هامسا لعبد الرحمن " تعرف ان صافي مطلعتش تسال عليا ولا مرة رغم إننا كنا أصحاب " ربت عبد الرحمن علي ذراع أخيه " ولا يهمك البت دي مش هتعمر مع أخوك حسام وعلم علي كلامي " , أصبحت الأصوات واضحة الآن ولم يكن من العسير معرفه المشكلة القائمة بينهم .
قالت صافي " ليه بس كده يا عمي هو حسام عمل ايه عشان كل ده؟! " " عمل ايه أنت صارف حسابك كله في اقل من شهرين ومراتبك وواخد 250 ألف من حساب الشغل داخل علي مليون جنيه مصاريف في شهرين كل ده ومعملش حاجه يا صافي ! " سألتها والده حسام بتعجب , ارتبكت صافي ثم أردفت " إحنا بس عشان العربية وكمان سافرنا كذا مره لكن بقيه مصارفنا عاديه يعني يا طنط زي كل الناس " , " والله هاتي ليا حد تعرفيه بيصرف مبلغ زي ده في شهر ! " , هبت واقفة " قصدك إيه يعني يا طنط إني مش من المستوي بتاعكو بس أنا اعرف ناس بتصرف اكتر مني بكتير " " مين دول ثم تعالي هنا فين بيتك يا بنتي فين جوزك اللي بتهتمي بيه ؟!! , ده علي طول تعبان من السهر والخروج وقله الأكل وبدل ما يجي من الشغل يرتاح ويأكل عشان يعرف يروح شغله اليوم اللي بعده يسهر للصبح برة كل يوم !! " .
جلس احمد وعبد الرحمن علي الطاولة لكن لم ينتبه لهم احد .
صاحت بزوجها " سامع يا حسام مامتك بتقول إيه أزاي تسمح لها تتدخل كده في حياتنا , أنت وعدتني قبل الجواز لما نسكن هنا محدش له دعوة بينا ... " وقبل ان تكمل انتفض حسام وصاح بها كما لم يفعل قط " كفاية بقي واحترمي نفسك وأنتي ب تتكلمي مع ماما اكتر من كده فاهمه ولا لاء " " أنت بتزعق ليا وقدامهم ! " وأشارت بيدها علي الجالسين وكأنهم تماثيل حجريه لا حياه فيها وهمت بالذهاب إلا ان السيد شهاب وقف وقال لها " استني يا صافي من فضلك " , صاحت " انا مش هعد عشان اتهزق اكتر من كده " وهمت بالذهاب إلا ان زوجها امسكها من معصمها وأجلسها بالقوة وزمجر وهو مكشر عن أسنانه بغيظ لم يسبق له مثيل " لما بابا يقولك استني يبقي تستني فاهمه ولا لاء " جلست رغم عنها ودموعها تساقطت فهي لأول مره تري الغضب والمعاملة السيئة من زوجها ورغم قله ذوقها الا متناهية إلا ان الأسرة كانت مشفقة عليها وعلي دموعها .
" نسبتك من هنا ورايح موقوفة حتي علي المشاريع الخاصة ومعدش ليك دخل في حساب شخصي ليك راتب كل شهر 6 ألاف جنيه " قاطعه حسام " بس يا بابا انا راتبي 12 ألف " " ده كان زمان أيام ما كنت بتشتغل الوقتي أنت بتروح الشغل الساعة 12 وبتروح 4 , غير اللغبطه في الحسابات والهرجلة اللي بقت في شغلك لو انتظمت هترجع لراتبك الأصلي ولو ما انتظمتش مفيش شغل عندي ليك , اه وهات مفاتيح عربتيك " ناوله إياها وهو مصدوم من قرارات والده كيف له ان يعيش بستة ألاف جنيه في الشهر خصوصا مع زوجه مثل زوجته ! .
" تقدر تتفضل أنت ومراتك علي شقتكوا " قالت بتهكم شديد " ليه؟ ما تسحبها هي كمان يا عمي " .
لم تعي ما حدث بعد ذلك سوي إنها شعرت بحرارة شديدة علي وجهها لقد لطمها زوجها لطمه قويه أصابتها بالدهشة , وصوت صياح زوجها بها بعد ان امسك عبد الرحمن بكلتا يديه وهو يخبرها بأن تصمت .
صعدت إلي شقتها وهي راكضه والدموع لا تفارق وجهها والوعيد لا يفارق لسنها ...... .
**** **** ***** ****
نهاية الفصل
لما الحب صعب ؟
ولما لا تنتهي القصص الحقيقية مثل الأفلام والروايات بالسعادة الأبدية والكثير من الأولاد والبنات
هل الزواج نهاية المشاكل ؟
أم مقبرة للحب , ام بداية صراع أخر من نوع جديد .
هل الإيمان بالتغير نقمه أم نعمه ؟
أم علينا القبول بفرضيه أن الشخص هكذا ولن يتغير ولن يحدث شيء سواء بعد أو قبل الزواج .
ولكن أليس هذا يأس ! , ومناهض لقوانين الطبيعة التي تحث علي التغير والتقدم , حسنا لم اعد أعي أي شيء , فانا .......