رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل السادس 6 بقلم نورهان العشري
+
الإثم السادس ❤️🩹 بعنوان "مفارقات القدر "
+
أَشعُر بِأنَّ القدر يَتَحالَف معك ضِدِّي وَبَات يخيط الصُّدف كيْ يجْمعَنَا سويًّا، لِأجدَني مُبَعثرَة تمامًا أَمَام جُيُوش شَوقِي اَلتِي تجْعلني أودُّ لَو اِرتمَى بَيْن جَنَبات صَدرِك حَتَّى تَهدَأ تِلْك النِّيران المنْدلعة بِقلْبي اَلذِي يُقسِّم فِي كُلِّ مَرَّة يَرَاك بِهَا بِأنَّ يَرفَع رايته البيْضاء ويحاربني لِأجْلِك، فيجْعل نِسْيانك درْبًا مِن دُرُوب المسْتحيل، ولَا يَسعنِي سِوى المقاومة فِي تِلْك الحرْب غَيْر العادلة فمَا أن أَبدَأ بِلمْلمة أَطرَاف كِبْريائي اَلذِي بَعثرَة ذَلِك العشْق الغاشم حَتَّى يَرمِي بِك القدر فِي طَريقِي مَرَّة أُخرَى فَأجَد كُلُّ خَليَّة بِي تَفِر هَارِبة مُنِي إِلَيك لِأعود لِتلْك المعاناة مِن جديد.
+
نورهان العشري ✍️
+
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
+
_ غنى !
كان همسًا خافتًا أفلت من بين شفاهه دون أن يستطِع منعه، و لحسن حظه فلم يسمعه أحد غيره، ولكنه لم يهتم فحقيقة وجودها أمامه الآن صدمة مُباغتة لم يتوقعها أبدًا، و كانت كعود ثقاب أضرم النيران في كل تلك الفرمانات التي أمضى الليلة السابقة في صكها حول قلبه الذي يدق بعُنف مُعلنًا تمرده على كل شيء إلا عشقها
+
_ تعالي يا غنى يا بنتي اتفضلي.
+
هكذا تحدث جابر إلى غنى التي لم يقل حالها عنه، فهي لم تكُن تتوقع أن تراه أمامها الآن، و ذلك لجهلها بأنه يعيش مع شقيقته في نفس المنزل، ولكنها على شاكلته بُليت بكبرياء لا يلين حتى لو هلك أمام عشقه الضاري.
_ صباح الخير يا معلم جابر أسفة لو كنت جيت من غير ميعاد.
+
هكذا تحدثت بخفوت مُتجاهلة ذلك الذي احتوتها نظراته بغموض كان كافياً لجعل ساقيها تتراخى حتى أصبحت كالهُلام ليُجيبها جابر
_ دا كلام يا بنتي تنوري في أي وقت.
+
_ ازيك يا غنى، هو انا كنت بايت في حضنك امبارح ولا حاجه؟
1
هكذا تحدث يزيد بسخرية جعلت البسمة ترتسم على شفاهها قبل أن تُجيبه بتقريع خفي
_ لسانك لسه طويل زي ما انت مفيش فايدة؟ عامل ايه ؟
+
يزيد بمرح وهو يصافحها
_ قبل ما أشوفك ولا بعد ما شوفتك؟
+
_ ازيك يا غنى اتفضلي.
+
5
شعرت هيام بالحرج من حديث غنى فاقتربت تعانقها فشددت غنى من عناقها و رغمًا عنها انجذبت أنظارها إلى ذلك الذي توجه بلامُبالاة إلى طاولة الإفطار و شرع في تناول الطعام و كأن لا وجود لها، ولكن بالرغم من كل شيء انتابتها رغبة قوية بأن تهرول إليه باكية شاكية من كل ما يُثقِل كاهلها كما كانت تفعل في السابق.
+
_ عاملة ايه؟ ليكِ وحشه والله.
1
هكذا تحدثت هيام بنبرة صادقة ولكنها كانت جافة لتقابلها لهجة غنى الودودة
_ أنتِ كمان وحشتيني اوي.
1
كانت قطعه الخبز في طريقها إلى فمه ولكنها توقفت في منتصف الطريق حين استمع الى جملتها و لوهلة تمنى أما أن يذهب إليها و يجذبها إلى داخل احضانه وهو يُخبِر العالم أجمع كم اشتاقها أو يهرب إلى أبعد مكان يمكنه من الصراخ و البكاء دون أن يسمعه أحد، فهناك نيران شاعله بقلبه لا تهدأ ولا تنطفئ.
_ ايه يا غنون اللي حدفك علينا الساعة دي متقوليش أن انا وحشتك ؟
+
هكذا تحدث يزيد بمرح قابلته غنى بالأسى الذي أطل من عينيها أولًا قبل أن توجه أنظارها إلى جابر و كأنها تُخبره أنه فرصتها الوحيدة للنجاة
_ كنت عايزة المعلم جابر في موضوع مهم لو كان وقته يسمح؟
+
_ طبعًا يا بنتي لو مش فاضي أفضالك اتفضلي معايا.
1
ابتسمت بهدوء قبل أن تتبع جابر إلى ذلك المكان الفسيح الذي يُدعى "المضيفة" ليُغلق جابر الباب خلفه و هو يتحدث بلُطف
_ اتفضلي اقعدي يا بنتي.
+
اطاعته بهدوء و رفعت نظرها إليه بعد أن تبددت كل أقنعه الثبات التي كانت تُغلف نظراتها التي كشفت مقدار الأسى الذي يسكنها ليقول جابر بهدوء
_ سامعك يا غنى.
+
حاولت التحلي بأكبر قدر من الشجاعة حين قالت
_ انا عايزة أطلق و مفيش غيرك هيساعدني.
+
جابر باندهاش
_ تطلقي! غريبة اومال ليه والدك قالي انك اتصالحتي أنتِ و جوزك؟
+
غنى بنبرة تتلظى قهرًا
_ محصلش، و مش هيحصل لا اتصالحت ولا هتصالح انا عندي اموت ولا ارجعله.
+
جابر باستفهام
_ ليه يا غنى كدا يا بنتي؟
+
حاولت أن تقمع عبراتها التي أثقلت جفونها و احتارت لوهلة هل تُفصِح عن أسرارها المدفونة بأعماق صدرها أم تصمت؟ لتخرج منها تنهيدة حارقة جعلت جابر يقول باندهاش
_ ايه يا بنتي ؟ اللي يشوفك كدا يقول انك معبية كتير اوي
+
لم تدُم حيرتها فقد اختارت أقل الحلول ضررًا حين قالت
_ انا وهو مش متفقين في أي حاجه، وهو ميعرفش يعمل أي حاجه في الدنيا غير أنه يسمع كلام والدته اللي عايزاني خدامة مش اكتر حاجات كتير اوي لو حكتها مش هخلص النهاردة ولا حتى بعد سنه.
+
جابر بهدوء
_ طب ما تدي لجوزك فرصة تانيه.
+
لم تستطِع الصمت فهتفت بحرقة
_ مش جوزي.
1
اخترقت تلك الجملة صدر ذلك الذي كان ينوي طرق باب الغرفة لتتجمد يديه فوق مقبض الباب عاجز عن الرجوع و لا يستطِع الدلوف إلى الداخل، فحرقة صدره لم يُمكِن إخفائها، ولا يضمن أن يتحكم بيديه التي تريد أن تهزها بشدة صارخًا " لما؟ لما كل هذا الجحيم الذي يحياه بسببها ؟ و هل سينتهي يومًا أم ستظل حسرة غيابها سدًا منيعًا بسنه و بين الفرح؟"
+
_ انا عمري ما حسيت أنه جوزي عمره ما كان حنين عليا؟ انا عمري ما قعدت اتكلم معاه انا بكرهه و بخاف منه مش عايزاه ارجوك خلصني منه اعتبرني بنتك، اختك، اي حاجه المهم انك تساعدني.
+
هكذا هتفت بحرقة بين أن أطلقت العنان لوجعها لتذرفه عينيها بسخاء خاصةً حين تابعت بقهـر
_ ابويا و أمي مش في ضهري، ولا هيساندوني بس انا هقفلهم ولو على موتي مش هرجعله ههرب هسيب البلد هعمل اي حاجه عشان اخلص منه.
+
_ اهدي يا بنتي مفيش حد يقدر يجبرك انك تعيشي مع واحد أنتِ مش عايزاه .
+
هكذا تحدث جابر في محاولة لتهدئتها لتهتف بلوعة
_ مفيش حد يقدر يقف قدامهم.
+
قاطع حديثها دلوفه إلى داخل الغرفة لا يعلم لما في هذه اللحظة بالذات هل ليُخبرها بأنه في استطاعته هدم العالم من أجلها؟ أم ليُذكرها بأن جحيمها الذي تحياه هي من صنعته بيديها حين طعنته بقلبه و فضلت رجلًا آخر عليه؟ ولكن اندثر هذا الاحتمال الأخير حين لجأت إليه عينيها التي تحمل كل هذا الضعف و الألم وهي تناظره و كأنها تستجديه الرحمة.
+
_ حاج جابر.
+
هكذا صاح أحد الغفر ليتوجع جابر إلى الباب الخارجي لتلك القاعة لرؤيته، و إذا بها تبقى وحيدة مع رجلًا لم تتمنى سواه في هذا العالم، وقد كان هو سبب عذابها الوحيد.
+
اخفضت رأسها لكي لا يرى ضعفها و ألمها لتتفاجيء حين امتدت يديه تناولها أحد المحارم الورقية لتمحي عبراتها فرفعت رأسها تُطالعه وهي تتذكر حين كانت تبكي في السابق كانت أنامله من تمحو عبراتها بكل حنو، والآن هي ضائعة حزينة متألمة وهو أمامها عاجز عن لمسها، فتلاقت العينين بعتاب طويل، و عشق كبير احترقت لأجله قلوبهم، ليخرج من بين وجعها استفهام مؤلم من جانبه
_ هل لي بعناق يُهديء حرائق الألم بصدري؟
2
يقابله استجداء صامت من عينيها
_ أرجوك انقذ ما تبقى مني فلم يبقى سوى الحُطام.
1
تناولت منه المحرمة بيدين ترتجف من فرط الألم الذي لم يعُد يحتمله كما لم يعُد يستطِع السيطرة على يديه التي ستجذبها إلى أحضانه ليلتفت ينوي المُغادرة وحين وضع يده على مقبض الباب توقف النبض بداخله حين سمع همسها المُعذب
_ ياسر.
3
لا تعلم لما نادته؟ هل شوق؟ ام خوف؟ ام رغبة في الشعور الأمان الذي افتقدته منذ أن أصبحت بعيدة عنه؟ لا تعلم السبب ولكن خرج صوتها رغمًا عنها، ولا تعلم أنها انتزعت قلبه من مكانه و قد كان، فقد أصاب همسها ثباته في مقتل للحد الذي لم يعُد للكبرياء مفر من الاستجداء حتى يهرُب من تأثير تلك المرأة عليه ليُقرر الهرب بكل ما يملك من قوة و يقوم بفتح باب الغرفة وهو ينطلق إلى سيارته هارب بكل ذرة من كيانه، فقد اعتاد خذلان الحياة له ولكنه في تلك اللحظة أضعف من أن يقاوم فما أن استقل سيارته حتى أطلق العنان لوجعه في الإنهمار بغزارة من بين مقلتيه.
4
★★★★★★★★
+
كانت تتهادى في مشيتها و كأنها أميرة متوجة. تملك من الثقة ما يكفي جيش من النساء، و قد كانت تلك الثقة الداعم الأول لها لتصل إلى مكانتها الحالية و رغمًا عن كل الظروف الصعبة التي تُعانيها في مُجتمع تشعر نفسها بأنها غريبة به إلا أنها كانت تجاهد بكل قوتها حتى تنتصر.
توقفت أمام المصعد الكهربائي وما أن وضعت أناملها فوق ذر الهبوط حتى تلامست دون قصد مع أنامل خشنة، لتلتفت إلى الخلف فاصطدمت بعينين تعرفهما جيدًا ولا تعلم لما تنتابها تلك الرجفة كلما التقت بهم ؟ هل لأن نظرته تذكرها بذلك الجرح الدفين بأعماق قلبها ؟ أم لأنها تُخيفها دون أن تعلم السبب؟
_ مستر كمال. صباح الخير.
1
هكذا تحدثت برسمية قابلها كمال بنبرة مرحة
_ صباح النور . الموظفة المجتهدة عاملة ايه النهاردة ؟
+
لازالت ملامحها مُتحفظة ولكن اجابتها يشوبها التهكُم حين قالت
_ تقصد مُتدربة انا لسه منولتش شرف اني اكون موظفة في شركتكوا العظيمة.
1
باغتته إجابتها فضاقت عينيه وهي تتلكأ على ملامحها الجميلة و عينيها الصافية و مظهرها بذلك الفستان الذي يُحيط بجسدها بنعومة بلونه الأزرق الداكن الذي يتناقض مع بشرتها البيضاء و التي أظهرها ذلك الشق في أعلى ثوبها كاشفًا عن عنقها و مقدمة صدرها دون ابتذال لينتهي هذا الرداء عند ركبتيها و خصلاتها التي كانت مُصففة لتُحيط بوجهها الذي كان مُشعًا في الصباح مما جعل شعور غريب يتسلل إلى قلبه، فقد كانت جميلة، مُثيرة، و غير مُبالية و خاصةً بنظراته التي تحمل إعجاب كبير، ولكنها تجاهلته وهي تنظر أمامها، لم يستغرق الأمر سوى ثواني ليُجيبها بتهكُم
_ دا أنتِ قلبك أسود اوي.
1
وصل المصعد فقام كمال بفتح الباب لتتقدمه وقد فعلت ذلك لتستقر بمنتصف المصعد وهي تقول بنبرة ذات مغزى
_ مش كدا بس انا ذاكرتي قوية ومبنساش.
+
_ حلو الموضوع دا . بس لو استخدمتيه صح.
+
_ ازاي!
+
كمال بخشونة
_ يعني تفتكري الحاجات اللي هتفيدك و هتخليكِ تتقدمي و تطوري من نفسك. مش كل حاجه تستحق أن الإنسان يفتكرها.
+
لاحت بعينيها نظرة حزن سرعان ما محتها ولكنه لم يغفل عنها فقد كانت عينيه مُتصبه فوقها بينما هي كانت تنظُر إلى الأمام قبل أن تقول باختصار
_ فعلًا.
1
لا يعلم لما شعر بأنه يُريد إطالة الحديث معها أكثر فقد غلبه الفضول كثيرًا للتعرف على تلك الفتاة التي كانت مجرد طفلة بريئة تلهو مع والدتها في محيط قصرهم والآن أصبحت إمرأة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولكن يُحيط بها الغموض من كل الاتجاهات.
_ تدريبك مع مين ؟
+
هكذا استفهم باختصار فأجابته بنفس طريقته
_ مستر وائل.
+
_ وائل من أكفأ الناس عندنا، و لو ركزتي هتستفيدي منه جدًا.
+
هكذا استرسل كمال في الحديث فأجابته باختصار أغضبه
_ و دا اللي انا بعمله.
+
وصل المصعد إلى الطابق الخاص بعملها لتقرر الالتفات قائلة برسمية
_ يوم عمل سعيد. عن اذنك.
+
عض كمال على شفتيه وهو يناظر تلك المرأة المُستفزة قبل أم يوميء برأسه بابتسامة صفراء لم تتوقف لرؤيتها فقد غادرت وكأنها قاصدة أن تكُن كلمه النهاية دائمًا لها.
4
★★★★★★★★
+
_ كل دا يا هانم مخلصتيش الفطار؟
+
هكذا تحدثت مديحة بغضب قابلته أشجان كالعادة باللامُبالاه
_ قربت اخلص.
+
_ الساعه تسعة الصبح. أمين بيه لما يصحى هيفطر ايه؟
1
هكذا استفهمت مديحة بوقاحة قابلتها أشجان بالتهكُم الذي يشوبه المرارة حين قالت
_ قصدك لما يرجع!
+
مديحة باستفهام
_ تقصدي ايه ؟ هو أمين خرج؟
_ بايت بره!
+
ثوان من الصمت مرت قبل أن تهتف مديحة بتوبيخ، فهي ماهرة في فن قلب الأدوار
_ طفشتيه؟ ابني بايت بره بيته في أجازته؟ منك لله يا شيخة.
3
التفتت أشجان بعد ما القت البيضة من بين يديها في حوض الأطباق لتقول بحنق
_ انا فعلًا مني لله، و انتوا كمان منكوا لله، ربنا هو اللي هيفصل بينا، ووقتها هيرد الحق لصحابه، و حسبي الله ونعم الوكيل.
3
انفجارها صدم مديحة التي تراجعت للخلف خطوة قبل أن تستعيد ثباتها وتهتف بغل
_ بقى بتحسبني في وشي يا بنت رضا الخدامة؟ مش عاجبينك ياختي؟ واحدة زيك تحمد ربها أن سيادة الرائد أمين بيه رضي بيها و اتجوزها.
2
أشجان بتهكُم
_ مانا بحمد ربنا. مش احنا بردو بنحمد ربنا في السراء و الضراء ؟
4
اغتاظت مديحة من كلماتها و لكن أشجان لم تُبالي فقد كان القهر الساكن صدرها أكبر بكثير من أن تُخفيه.
_ انا مش هرد عليكِ بس لما أمين بيه ابني يرجع هخليه يعيد تربيتك من أول وجديد، و لسانك دا هيقصهولك.
+
غادرت المطبخ وهي ترغي و تزبد لتهتف أشجان بقهر
_ الله ينتقم منك ومنه.
+
مرت الدقائق طويلة على صدرها ولكنها قضتها بالإستغفار وهي تُطعِم أطفالها الى أن استمعت لذلك العويل القادم من الخارج فتركت الطعام من يدها وهرولت للخارج لتتجمد الدماء بعروقها حين استمعت إلى تلك الجملة التي قصمت قلبها إلى نصفين
_ أمين بيه قبضوا عليه في شقة دعارة!
16
★★★★★★★★★
+
_ كنتِ فين يا غنى؟
+
هكذا تحدث مرزوق بنبرة مُحتقنة بالغضب لتُجيبه بقوة فهذه هي حربها وستقاوم حتى تنتصر أو تموت
_ كنت عند الحاج جابر الصياد.
+
برقت عيني مرزوق و خرجت شهقة قويه من جوف صابرين التي هتفت مُستنكرة
_ و روحتي عند الناس دي تعملي ايه يا بنتي؟
+
غنى بنبرة جافة وعينيها لاتزال مُعلقة بعيني والدها
_ روحت أقوله اني عايزة اطلق، و اني لا يُمكِن ارجع للناس دي تاني.
+
لم تتوقع رد فعل مرزوق الذي رفع يده وهوى بقوة فوق خدها بصفعة كانت مُدوية تركت أثارها على وجنتها و قلبها الذي انتفض من فرط الألم ليس لقوة الصفعة ولكن لوقعها على روحها
_ روحتي تصغريني قدامه، ولا روحتي تستنجدي بحبيب القلب؟ انطقي يا بت؟
1
غنى بقوة صدمته
_انا قلبي مبقاش له حبايب، و روحت استنجد بيه عشان عارفة انكوا مش هتقفوا جنبي.
+
تجمدت الحروف على شفتيه للحظات قبل أن يقول بصدمة
_ مش هنقف جنبك؟
+
غنى بقهر
_ اه مش هتقف جنبي. مش طول عمرك تقول إن خلفة البنات هم للممات، و عشان تخلص من الهم دا عايز ترميني وسط كلاب صعرانة؟ بس لا انا بقى اللي هقف و ادافع عن حقي و عن حياتي حتى لو هقف قصادكوا انتوا.
2
كانت كلماتها مؤلمة قاسية و قد جن جنونه حين ذكرته بمصابه على حسب اعتقاده كونه لم يُنجِب صبي، و أيضًا لأنها كانت تحمل طابع الوقاحة الذي جعله يقول بانفعال
_ بس انا بقى هكسر عضمك يا بت صابرين قبل ما تفكري تقفي قدامي.
+
أنهى جملته و انهال فوقها بالضرب فهرولت صابرين تحاول منع يديه من أن تطال ابنتها الذي أصبحت مُحطمة بالكامل، فلم تقاوم بل تركته يُفرِغ شحنات غضبه عل ضرباته تكن طريقها إلى الموت الذي تشتهيه بكل جوارحها، ولكن صابرين أخذت تصرُخ فيه بأن يتركها الى أن جذبته إلى داخل الغرفة وهي تقول بانفعال
_ حرام عليك هتموت البت اللي حيلتنا؟
3
مرزوق بصراخ
_ اموتها و ارتاح قبل ما تجيبلي العار.
+
صابرين بقهر
_ عار ايه؟ قولتلك البت مش في وعيها. هي دي بتك اللي مربيها على ايدك؟ عمرها وقفت قدامك كدا من يوم ما اتولدت؟ دي عمرها ما رفعت عينها في حد فينا.
+
هدأت تدريجياً بفعل كلمات صابرين ليهتف بحنق
_ طب و بعدين؟ لو كان كلامك صحيح هنسيبها تخرب بيتها؟ هنسيبها لما تضيع مننا ولا نعمل ايه؟ انا عجزت!
1
اقتربت منه صابرين تحاول تهدئته وهي تناوله كوب من المياة قائلة بأسى
_ بعد الشر عنك من العجز ياخويا ان شالله عدوينك. انا أن شاء الله هاخدها النهاردة ونروح للشيخ عثمان. أم محمود جارتنا كلمت البت اللي عنده و خدتلنا معاد. دا ربنا في بيتنا. الراجل دا عشان تقابله لازمن تاخد معاد قبلها بشهر.
1
مرزوق بارتياح
_ الحمد لله يا صابرين. ربنا بيحبنا.
4
★★★★★★★★★
+
_ كيفك يا واد عمي؟
+
هكذا تحدث رحيم وهو يدلف إلى داخل مكتب خالد الذي هب من مقعده يقابله بابتسامة قلما تظهر على ملامحه
_ رحيم. ايه المفاجأة الحلوة دي؟
1
تقابلا الصديقان بعناق حار انتهى بقول رحيم الذي يحوي عتبًا كبير
_ واعدني اديلك شهرين تاچي تجعد ويايا يامين و لا حد شاف طلتك جولت أچيك اني.
+
خالد مُبررًا
_ غصب عني يا رحيم والله. الدنيا وخداني خالص، و البزنس الجديد دا واخد كل وقتي.
+
جلسا سويًا على الأريكة قبل أن يقول رحيم بتقريع
_ يا ولد الوتايدة مبجاش في بنوك تشيل فلوسك. ارحم يا راچل.
1
ارتسمت ابتسامة واسعة على فم خالد قبل أن يقول بنبرة خشنة
_ مش فلوس يا رحيم انت اكتر واحد عارف. بس الفضى بيقلب المواجع. الإنسان يشغل نفسه أحسن.
+
كان اگثر من يشعُر بمعاناة أخيه و صديقه لذا قال بمواساة
_ على چولك. الفضى جضى. المهم جولي أخبار الأمورة الصغيرة اي؟
+
_ الحمد لله بخير. بس اي نازل القاهرة شغل و لا سرمحة؟
+
قهقه رحيم قبل أن يقول بمُزاح
_ تعرِف عني اني ليا في الصنف بردك!
+
خالد بجدية
_ وبعدين يا رحيم؟ هيبقى ليك امتى ؟ العمر بيجري ياصاحبي، و اللي راح مبيتعوضش. مش ناوي بقى.
+
غزى الألم نظراته و تبلور في لهجته وهو يُعري نفسه امام صديقه الوحيد
_ ناوي ايه يا واد عمي؟ الصنف كله مضروب. لا يُلدغ المؤمن من چـحر مرتين، واني اتلدغت في جلبي، و كرامتي.
1
خالد بمواساة أخفاها جيدًا خلف نبرته المازحة
_ مش معنى أن في تفاحة فاسدة يبقى المحصول كله كدا. صوابعك مش زي بعضها يا رحيم، والحياة مبتقفش عند نقطة معينة.
+
_ وجفت يا خالد. وجفت ومش راضية تنمحي من جلبي، الذكريات زي العلجم و كأنها داء مالوش دوا.
1
كانت نبرته تقطر ألمًا تفهمه خالد جيدًا قبل أن يقول بخشونة
_ ما علينا. المهم طمني أحوال البلد أيه؟ و ناسها؟
+
_ كيف ماهي، مفيش چديد، و ناسها لو ممسكتلهمش الكرباچ مش هيمشوا.
+
_ طب و فكرت في الموضوع اللي اتكلمنا فيه قبل كدا؟
+
هكذا استفهام خالد بترقُب فزفر رحيم بتعب قبل أن يقول بجفاء
_ فكرت، و جررت اروح بنفسي لياسر و اخواته. عشان ابرأ زمتي من ظلمهم.
+
خالد بتعاطُف
_ المشكلة مش ظلمهم بس يا رحيم. المشكلة أنهم عاشوا طول عمرهم في عار ملهمش يد فيه، ودا في حد ذاته ظُلم ما بعده ظُلم.
1
رحيم بحنق
_ ماني جولت ارد الحج لصحابه، و بعتله عشان ياخد حج أبوه، وهو مرديش.
+
خالد بجفاء
_ حق ايه يا رحيم. هو الحق فلوس! ابوه اتهم في قضية اغتصاب ظلم، وبناءً على كدا اتحرم من أهله و من أرضه و اتنفى باقية حياته. دا غير أنه لما مات مقبلوش يدفنوه هناك.
1
زفر رحيم بغضب فتابع خالد مُستنكرًا
_ كل دا مش سهل ولا هين. دا حتى جدك مرديش يحضر دفنته. انا مش ناسي شكل ياسر يوم وفاة أبوه، و كمية القهر اللي كان فيه. بالرغم من أنه كان لسه سبعتاشر سنة بس دا مكنش شكل طفل. محدش يتحمل اللي اتحمله أبدًا.
+
كان الأمر مُزعجًا حد الألم لذا هتف بيأس
_ طب واني هعمل ايه؟ ولاد الكلب لعبوها صح على چدك و علينا كلاتنا. دول مسكوه چنب صافية الله يرحمها، وهي سايحه في دمها. واحد زي چدك كان هيعمل ايه وهو شايف بته في الحالة دي؟
+
صمت ثواني قبل أن يُتابع بحزن
_ دي كانت حتة من جلبه يا عالم.
+
_ و هما كانوا وصية اخوه الله يرحمه، و كان مفروض يتحرى الدقة و يدور لحد ما يتأكد.
+
هكذا تحدث خالد بتوضيح فتابع رحيم مُبررًا ما حدث
_ جدك مُنير الله يرحمه كان بيعتبرهم ولاده. عمك محمود مات صغير و دي كانت كسرة ضهر ليه دا كان بيعتبره ابنه جبل ابوي وابوك، وهو عِمل بالوصية و حافظ على ولاده في عنيه. بس اللي حوصول چننا كلاتنا، و خصوصي أن عمك ربيع بعد موت مرته اتحول بجى يشرب و يسكر و عايش في ملكوت تاني، ولما لاجوه چارها كان سكران. اي حد في مكان چدك كان هيفكر أنه هو اللي عِمِلها، ولوما العيال اللي في رجبته كان جتله.
+
زفر خالد بحنق وهو يتذكر مشهد هيام الموجع وهي تحتضن أقدام جدها صارخة بتوسل ألا يقتل والدها، ولإن الإمر مؤلم حاول تجاوزه ليقول بخشونة
_ سيبنا من الماضي واللي حصل فيه وقولي ناوي تعمل ايه؟
1
رحيم باختصار
_ هروحلهم، و اتحدت مع ياسر.
1
★★★★★★★★★★
+
_ «غنى» يا قلب امك عينك عدمت من العياط كفاية بقى.
+
هكذا تحدثت صابرين بأسى على حال ابنتها التي كان وجهها يحمل آثار العُنف الذي تعرضت له على يد والدها وعينيها تذرفان الوجع من مقدار الظلم الذي تذوقته لتبدو لهجتها مبحوحة حين قالت
_ سبيني يمكن أموت و أرتاح و اريحكوا.
+
صابرين بلهفة
_ بعد الشر عنك متقوليش كدا قومي يالا معايا.
+
غنى باستفهام
_ معاكِ على فين؟
+
صابرين بحنو
_ هنروح مشوار صغير بإذن الله هيكون فيه الشفا.
+
غزى القلق عقلها فهتفت باستفهام
_ مشوار ايه؟
+
لم تُعطيها الفرصة و لم تسمح لها بالاستفهام أكثر فجذبتها من يدها وهي تقول باختصار
_ هتعرفي لما نروحه.
+
قامت بغسل وجهها و تجفيفه ثم هذبت خصلاتها الثائرة وهي تقول بحنو
_ ربنا يهديكِ يا بنتي ويهدي سرك.
+
سلمت نفسها الى والدتها التي قادتها إلى الخارج ليؤلمها شعاع النهار، فقد كانت عينيها مُجهدة من فرط البُكاء، فلم تلحظ اي شيء من حولها ولا تلك العيون التي تراقبها.
+
استقلت وسيلة المواصلات التي تسمى "توك توك" مع والدتها و توجهن إلى أحد البلدان المُجاورة لبلدتهم ليتوقف السائق بهم أمام بيت شبه معزول بأحد القرى و حوله أُناس كثيرون لم تتعرف إلى أي منهم، ولم تهتم لذلك لتدلف مع والدتها إلى الداخل، و حين وطأت أقدامها تلك الصالة الكبيرة شعرت برهبة كبيرة تجتاح صدرها الذي أخذ يدق بخوف وهي تتمسك بذراع والدتها قائلة بخفوت
_ ماما احنا فين؟ و ايه المكان دا؟
+
كانت تشاركها شعورها بالخوف ولكنها لم تُظهر ذلك بل قالت بلهجة قوية
_ متخافيش يا بت دا احنا عند الشيخ عثمان الله يباركله و يجعل في إيده الشفا.
+
تعاظم الرعب بصدرها و تجلى بنبرتها حين قالت
_ شيخ مين يا ماما؟ أنتِ جيباني لدجال؟
+
نهرتها صابرين قائلة
_ دجال مين يا بت أنتِ ؟ دا راجل بتاع ربنا تعالي معايا.
+
توجهت صابرين و بجانبها غنى الى تلك المرأة التي كانت هيئتها تبعث على التقزز و خاصةً نظراتها الى غنى التي شعرت بالذُعر لتقول المرأة بفجاجة
_ اهلًا ياختي أنتِ وهي انتوا مين؟
2
صابرين بلهجة مُهتزة
_ احنا ياختي جايين من طرف ام محمود حبيبتك اللي كلمتك و حجزتلنا معاد مع فضيلة الشيخ.
+
ناظرتهم المرأة مُطولًا قبل أن تقول بجفاء
_ هاتي خمسميت جنية، و استني هنا أما أستأذن من الشيخ.
+
ناولتها صابرين النقود لتدلف المرأة إلى داخل غرفة ما، فشددت غنى من قبضتها فوق ذراع صابرين وهي تقول بتوسل
_ ابوس ايدك خلينا نمشي من هنا يا ماما انا قلبي مرعوب من الناس دي.
+
صابرين في محاولة واهية للثبات
_ يا بت مفيش حاجه اجمدي انا معاكِ.
+
لم تمر دقيقة حتى خرجت المرأة مرة أخرى وهي تقول بجفاء
_ تعالوا ورايا.
+
تبعتها صابرين وهي تجُر غنى خلفها و الأخيرة ترتجف من فرط الخوف
+
ليدخلوا إلى غرفة إضائتها متوسطة، و يكسوها دخان كثيف جعل رئتيها تنتفض لتسعل بقوة وهي تخطو الى حيث يجلس رجل في منتصف العقد الخامس من عمره تغطي اللحية جزءً كبيرًا من وجهه، و يُمسِك مسبحة في يده و أمامه طاولة فوقها إناء كبير مليء بالجمرات التي توهجت حين القى ببعض البخور فيها قبل أن يقول بصوتًا عالي ضاعف من خوفهم
_ تعالى يا صابرين أنتِ و بنتك خايفين من ايه؟
+
نظرت صابرين إلى غنى قائلة بخفوت
_ الله اكبر دا مكشوف عنه الحجاب عشان تصدقيني دوانا بإذن الله عنده.
2
نظراته الزائغة افزعتها و نبرته بثت الرعب في أوصالها لتهمس بتوسل
_ ياماما يالا نمشي من هنا أنا خايفة اوي.
+
فاجأهم حين صاح بصوتًا غليظًا
_ تعالي يا حلوة خايفة من ايه؟
+
جذبتها صابرين ليجلسوا فوق الأريكة بجوار مقعده لتحتمي غنى بوالدتها التي قالت بنبرة ترتجف
_ لا ياخويا مش خايفة هتخاف من ايه؟
+
كانت نظراته تحمل خُبثًا تجاه تلك التي كانت ترتجف وتحاول الاحتماء من نظراته بظهر والدتها ليقول الرجل بمكر
_ لا خايفة اللي عليها عايزها تجري عشان يهرب مني.
+
هتفت صابرين بلهفة
_ ابوس ايدك ياخويا خلصها منه البت بيتها هيتخرب.
+
تحدث الرجل بنبرة عالية ارعدتهم
_ بنتك معمولها عمل أنها متخلفش، و أنها تكره جوزها، و العمل دا معمولها من يوم ما اتجوزت، و بيتجددلها على طول.
5
هتفت صابرين بانبهار
_ انا قولت كدا من الأول ينصر دينك يا شيخنا بس انت عرفت منين يا مولانا ؟
+
صاح عثمان مُدعيًا الغضب
_ أنتِ مش عارفة انتِ جاية لمين ولا ايه؟ أنتِ جاية للشيخ عثمان اللي بيعرف القرد مخبي ابنه فين.
+
صابرين بلهفة
_ سامحني يا شيخ عثمان اللي ما يعرفك طب ايه العمل ياخويا ؟
+
نادى الرجل بصوت عالي
_ حميدة يا حميدة.
+
هرولت المرأة التي كانت في الخارج لتدلف إليه قائلة
_ خدي الأمورة ترتاح في الأوضة التانيه.
+
غنى بذُعر
_ انا مش هسيب ماما وامشي في أي مكان، وبعدين انا مش معمولي حاجه. الراجل دا بيكذب.
+
_ بت يا غنى اسكتي الشيخ عثمان مبيكذبش دا عرف حالتك من قبل ما نتكلم حتى.
هكذا تحدثت صابرين بلهفة، فقال الشيخ بمكر
_ شوفتي يا حاجه اللي عليها رافضين العلاج روحي يا بنتي الأوضة التانيه، وبعدين والدتك قاعدة اهي هتروح فين؟ بينك و بينها باب انا هتكلم معاها شويه، و هتقوموا تروحوا.
+
على مضض اطاعته هربًا من نظراته الغير مُريحة و توجهت مع المرأة التي قادتها إلى غرفة مجاورة تحمل رائحة الغدر الذي انتواه ذلك الحقير الذي اقترب من صابرين قائلًا بنبرة تحمل طابع الجدية
+
_ بنتك محتاجه كام جلسة و هتبقى زي الفل.
1
صابرين بلهفة
_ وماله ياخويا احنا معاك.
+
ابتلع لعابه وهو يناظر تلك المُرتعبة قبل أن يقول بمكر
_ بس الجلسات دي ليها شويه تعليمات و طلبات!
+
صابرين بقلق
_ اللي تطلبه بس هي البت حالتها خطر ولا ايه؟
+
الرجل بنبرة مُتعاطفة تحمل الخداع بين طياتها
_ بنتك من كتر اللي اتعملها عندها جن عاشق، و دا بياخد وقت و جلسات كتير.
+
صابرين بتحسُر
_ يا قلب امك يا بنتي انا كان قلبي حاسس طب هنبتدي من امتى يا شيخنا؟
+
عثمان بدناءة
_ من النهاردة بأمر الله انا دخلتها جوا عشان اقدر اعملها جلسة اختبار كدا و أشوف همشي معاها ازاي؟ احتمال تلاقيها بتصرخ متقلقيش
1
صابرين بذُعر
_ يالهوي بتصرخ ! ليه؟
+
الرجل بتخابُث
_ ماهما مش هيفارقوها بسهولة، وعشان كدا هيعذبوها طول مانا شغال انا هشغل القرآن هنا، و أنتِ تقعدي تقولي وراه احسن الأذى يطولك أنتِ كمان.
+
صابرين بخوف
_ استر يارب.
+
قام بإدارة أحد السماعات لتخرج أيات الذكر الحكيم عبر مكبرات الصوت مما جعل صابرين تطمئن قليلاً ليتوجه هو إلى تلك الغرفة التي تمكُث بها فريسته، وهو يشعُر بالنشوة تتملكه فتلك المرة الفتاة جميلة و صغيرة وهذه هي ضالته
ما أن انفتحت الغرفة حتى ارتعبت غنى و تراجعت للخلف حين شاهدت ذلك الرجل لتصرُخ بذُعر
_ ماما فين ؟
1
الرجل بنبرة هادئة
_ والدتك يا بنتي في الأوضة التانية انا بس هقعد جنبك نقرأ شوية قرآن و هتقومي تمشي.
+
لم ترتح له مُطلقًا لذا هتفت برعب
_ انا عايزة امشي، و القرآن انا بقرأه لوحدي في البيت، وانا مش مقتنعة بولا حرف من اللي قولته جوا.
+
تمادى الرجل في وقاحته التي يحاول إخفائها خلف ستار الدين و بين طيات نبرته الطيبة
_ يا بنتي دانا قد أبوكي احنا بس هنقرا شويه قرآن، و أنا وأنتِ على الله.
1
لم تُصدقه فأخذ يقترب منها بخطوات بطيئة بينما كانت هي تتراجع إلى الخلف حتى اصطدمت بشيء خلفها فالتفتت لتجده ذلك المخدع البالي، فما كادت أن تستدير مرة أخرى حتى أطبق فوقها ذلك الضخم يُكمم فمها بيد وبالأخرى يُحيط بخصرها و قد انكشف قناع الدين الذي يرتديه ليظهر وجهه الحقيقي لذئب دنيء يسيل لعابه على الفتيات في مثل عمرها ليقول بنبرة تقطر رغبة
_ هششش. انا مش هأذيكي احنا بس هنقضي وقت حلو مع بعض، وحياة جمالك دا لهخليكي تتبسطي أنتِ بس فتحي مخك معايا.
الجزء الثاني من الفصل
👇
1
حاولت المقاومة وهي تدفعه بكل قوتها ولكنه كان كالجدار لا يتزحزح فأخذت تتخبط بين يديه وهو يحاول الاقتراب من عنقها ليقبلها عنوة وكفه الغليظ يُكمم صرخاتها المُعذبة حتى مزقت يده مقدمة صدرها، وحين أوشك على مُلامستها انخلع باب الغرفة ليدلف ذلك الوحش الضخم الذي ما أن رأته غنى حتى برقت عينيها من شدة الصدمة فقد أرسل الله غوثه على هيئة فارسها الذي جعلها تستجمع قوتها لتدفع ذلك الوغد و تهرول إليه صارخة
_ ياااسر.
2
لم يكُن العقل واعيًا في تلك اللحظة فقد اندفعت إلى أحضانه التي احتوتها بقوة، فقلبه لم يُخطيء في ظنه، فقد رآها وهي تخرج من البيت برفقة والدتها بملامحها المتورمة و مظهرها المُزري ليشعُر بالخوف الذي جعله يخلع عقله ويُلقي به جانبًا، ويتوجه خلفها لتبرق عينيه حين رأهم يتوقفون عند ذلك الرجل المشهور بأعماله في الدجل و الأعمال القذرة، فأوقف سيارته بعيدًا ليتحرى عن الأمر، وحين تأخرا في الداخل لم يستطِع منع نفسه من تلبية نداء قلبه الذي أخبره بأنها في خطر.
ضمها بقوة إلى صدره قبل أن يجذبها لتواجهه قائلًا بنبرة حادة و قلب مُرتعب
_ لمسك؟
+
حاولت تمالك ارتجافة جسدها قبل أن تقول بنبرة خافتة مبحوحة
_ ملحقش.
+
تسلل شعور بالراحة إلى قلبه قبل أن يتركها و يتوجه إلى ذلك الذي كان يحاول الهرب ليجذبه من عباءته و ينهال فوقه كالوحش الضاري باللكمات و الضربات حتى كاد أن يُزهِق روحه فصرخت غنى بذُعر
_ سيبه يا ياسر ابوس ايدك متوديش نفسك في داهية.
+
تركه إثر صرخاتها، و بكائها الذي جذب أسماع صابرين فهرولت تفتح باب الغرفة لتتسمر بمكانها وهي تصرُخ
_ يا نهار اسود ايه اللي جابك هنا؟
2
لم يعُد في مقدورها التحمُل أكثر، فقد أضناها الوجع و جعل قوتها تنهار فتراخت أقدامها حتى كادت أن تسقُط أرضًا ليهرول إليها بلهفة قلب احترق من فرط العشق و يُحيطها بذراعيه ليمنعها من الوقوع وهو يصرُخ بنبرة مُلتاعة
_ غنى.
+
صرخت صابرين بفزع وهي تتوجه إلى ابنتها التي فقدت وعيها فحملها ياسر ليضعها على الإرض خارج الغرفة وهو يصرُخ بحدة
_ هاتي بق مية بسرعة.
+
اطاعته صابرين بلهفة و توجهت لجذب قنينة مياة لتتفاجيء حين وجدته يخلع عباءته و يُحيطها بها غنى لستر ما تعرى من جسدها وعينيه يلتمع بهم الألم وهو يُناظر طفلته و حبيبته التي ذبُلت و كأنها على وشك مغادرة الحياة، فغافلته أنامله وامتدت تُلامس وجنتها برفق وهو يهمس باسمها بحرقة جعلت بعض عبراته تتساقط من مقلتيه
_ غنى.
+
تقدمت صابرين بأعيُن يتساقط منها الدمع ندمًا على جرائمها في حق طفلتها و حزنًا على ما حل بها
_ الماية.
+
ناولته قنينة المياة و ارتمت تحتضن طفلتها ليقوم هو بنثر بعض قطرات المياة فوق وجهها لتبدأ تدريجيًا في العودة إلى أرض الواقع، فأخذت تُرفرف برموشها حتى بدت الرؤية واضحة ليعود إليها كابوس الواقع، فانتفض جسدها رعبًا هدأ إثر كلماته المتلهفة
_ اهدي مفيش حاجه خلاص كل حاجه خلصت.
+
التقت عينيها المرتعبة بعينيه التي تعانقها بحنو علها تمحي تلك النظرة المذعورة من عينيها و تلك الرجفة التي اجتاحت جسدها كانت لحظات بسيطة ولكن تحمل الكثير من المعاني التي جعلت أنياب الذنب تنهش في صدر صابرين فشددت من احتواء ابنتها وهي تقول بأسى
_ متخافيش يا قلب امك.
+
اندفعت الكلمات كالسيل من وسط شهقاتها المُتألمة
_ سبتيني لوحدي ليه؟ انا قولتلك اني خايفة منه قلبي كان هيقف من الخوف يا ماما حرام عليكِ.
+
كانت لحظة صعبة قاسية على الجميع لا تصفها الأحرف، و كأن قلبه إناء زجاجي سقط من علو شاهق ليتناثر إلى فُتات لا يُمكن إصلاحه، و كذلك صابرين التي تمزق قلبها حزنًا على طفلتها التي كادت أن تفقدها بسبب جهلها و عدم إيمانها أما عن تلك المذبوحة فكانت تنتفض ألمًا و حسرة تجلت في نهنهاتها التي ارتجت الجدران تأثرًا بها ليُقرر إنهاء تلك اللحظة المُرعبة و هتف بصوتًا خشن
_ هتقدري تمشي ولا أشيلك؟
1
عاد عقلها إلى العمل، و تنحى قلبها المكلوم، فأمنيته في الأمان بين ذراعيه مستحيلة لذا خرجت الحروف مذبوحة مُتألمة من بين شفتيها حين قالت بنبرة خافتة
_ همشي.
+
ارتمت بثقلها فوق والدتها التي ساندتها لكي تقف على قدميها لتتقدم خلفه وهي محنية الظهر تُجاهد حتى تُحرك أقدامها التي خانتها و كادت أن تفلت من بين يدي والدتها لتتلقفها يديه بحنو لم يكُن جديداً عليه، ولم تشعُر به منذ أن افترقت عنه
رفعت رأسها تطالعه بعينين تشكو ثقل أوجاعها تقابلها عينيه التي عاتبتها بأقسى الطرق و استفهام مؤلم تبلور في نظراته يخاطبها
_ أين اليمين الذي قطعناه ذات يوم أن تظل قلوبنا على العهد باقية ؟
هل الذنب ذنبي أم ذنب قلبك الذي نقض عهد الهوى و أغرقنا في سفح الجحيم طواعية؟
ولمن يشكو الفؤاد أنينه ؟ وهل ستحيا الروح من جديد أم أنها من فرط سقمها أصبحت بالية؟
2
سكن جسدها لثوان معدودة بين يديه ليضعها برفق في المقعد الخلفي للسيارة وهو يتحدث إلى صابرين بجفاء
_ لفي خديها في حضنك الجو برد.
+
اطاعته صابرين وهي لا تعلم ماذا يحدُث أو ما هو الصواب ؟ فقط القت نظرة إلى الخلف وهي تحمد ربها بخروجهم سالمين من هذا المكان.
+
أخذ مكانه في مقعد السائق و توجه رأسًا إلى بيتها و لحسن حظهم فقد وصلوا سالمين فعينيه لم تفارقانها في مرآة السيارة يتمنى لو أنه يعود للخلف ليضمها مرة أخرى إلى صدره يبثها شعور الأمان الذي تفتقده، فقد تجلى ذلك في جسدها الذي لايزال ينتفض بين يدي والدتها، و بكائها المصحوب بأنين كان ينهش بقلبه الذي لازالت تلك المرأة تملكه.
1
توقف أمام بيتهم ثم ترجل من السيارة و توجه إلى باب بيتهم ليطرق عليه بقوة و سرعان ما فتح له مرزوق الباب، فتفاجيء حين رأى ياسر الذي لم يُمهله الوقت للاندهاش إذ قال بجفاء
_ تعالى عشان تساعد بنتك.
+
انتفض مرزوق رعبًا تجلى في نبرته حين قال
_ مالها بنتي؟
+
لم يُجيبه ياسر انما التفت عائدًا إلى السيارة ليتبعه مرزوق الذي صُدِم حين شاهد حالة ابنته فتقدم إلى الخلف لمساعده صابرين في إسنادها حتى غادرت السيارة و توجهت إلى الداخل ولكن في طريقها التفتت تُلقي نظرة عليه تُريد أن تشكره من كل قلبها ولكنها وجدته ينظر إلى الأمام لتعلم بأن كل ما حدث في الساعة الماضية كان حلمًا لن يتكرر.
+
_ في ايه يا صابرين؟
+
هكذا هتف مرزوق وهو يُساعدها في إدخال غنى إلى داخل البيت لتجيبه بأسى
_ البت كانت هتضيع مننا يا مرزوق لولا ياسر جه في الوقت المناسب الشيخ طلع كلب مسعور و كان هيغدر بالبت.
بهتت ملامحه لثوانٍ و توقف أمام باب المنزل لتتابع صابرين مع غنى إلى الداخل بينما مرزوق التفت يناظر ياسر بضياع فاقترب الأخير منه قائلًا بجفاء
_ زمان لما جيت اطلبها منك قولتلي بنتي دي جوهرة هديها للي يتاقلها و يحطها في عنيه مع اني كان عندي استعداد احميها برموش عنيا.
4
حاول قمع الألم من نبرته حين تابع
_ و دلوقتي أنا اللي بقولك حافظ على بنتك الجوهرة اللي استكترتها عليا زمان خلي بالك منها.
1
أنهى جملته والتفت يغادر المكان حتى لا يبكي حتى لا يصرُخ حتى لا يذهب و يأتي بها و يضمها إلى صدره ويخبر العالم أجمع أن تلك الفتاة له هو من عشقها منذ أن كانت طفلة صغيرة هو أكثر من حافظ عليها و أحبها و لو كان في مقدوره لهدم العالم أجمع لأجلها، ولكنها تنتمي لغيره، و الأدهى من ذلك أنها من اختارت، و ضربت بكل شيء عرض الحائط.
1
كان يقود السيارة بقلب مُحترق وعينين يُغطيهم الدمع، و يدين ترتجف من فرط الغضب فقام بصف سيارته على جانب الطريق و ترجل منها وهو يصرُخ بقهر
_ فوق بقى فوق دي مش ليك مش من حقك.
+
كان يضرب بيديه فوق صدره بقوة توازي غضبه منه و منها و من كل شيء، فخرجت الكلمات من بين شفتيه مُتألمة
_ كل لمسة لمستهالها حرام انت معملتش كدا عشان جدع عملت كدا عشان لسه بتحبها بتحبها زي الغبي.
3
خر على ركبتيه يبكي بحرقة وهو يقول بقهر
_ فوق بقى دي بقالها سنتين نائمة في حضن واحد تاني غيرك.
+
كان يخبر قلبه بتلك الكلمات حتى يتوقف عن الشعور بهذا الألم لأجلها، ولكن تضاعف ألمه وغيرته و عذابه ليصرُخ بملء صوته
_ غنى....
3
★★★★★★★★★
+
_ رحيم الوتيدي بحالة عندنا يا مرحب يا عمدة.
+
هكذا قال كمال بحفاوة وهو يستقبل رحيم بعناق حار فبادله الأخير عناقه وهو يقول بخشونة
_ ليك وحشة يا كمال. عامل ايه يا واد عمي؟
+
كمال بنبرة ودودة
_ بخير يا عمدة. انت ايه المفاجأة الحلوة دي؟
+
رحيم بابتسامة هادئة
_ لجيتكوا مبتسألوش جولت أسأل اني.
+
كمال بتقريع خفي
_ قصدك تسأل على خالد مش علينا احنا!
+
تدخل خالد قائلًا بفظاظه
_ رحيم جاي للعيلة كلها المرة دي.
+
كمال باستفهام
_ نعم! يعني ايه العيلة كلها؟
+
خالد باختصار
_ هيروح يزور ياسر.
+
كمال بتفاجيء
_ اوبا. يزور ياسر ؟ دا في متفجرات و قنابل مُسيلة للدموع وانا معرفش؟
+
رحيم بسخرية
_ و لا متفچرات ولا حاچة. هي مش حرب. اني هعمل اللي عليا، و أرد الحج لصحابه.
+
كمال باستفهام
_ حق ايه؟ هو مش عم ربيع...
+
قاطعه خالد بجفاء
_ عم ربيع الله يرحمه اتظلم، و رحيم اتأكد من دا بنفسه، و عشان كدا هيروح لياسر. المهم بقى انت لسه على تواصل معاه ؟
+
كمال بتفكير
_ يعني أخر سنتين متقابلناش غير مرتين تلاته. شغل الشركة مبيخلنيش فاضي. بس عمر بيقابله اعتقد.
+
خالد بلهجة آمرة
_ كلمه، واعرف منه الدنيا فيها ايه؟
+
اطاعه كمال و هاتف عمر الذي سرعان ما أجاب
_ ايه يا خال؟
+
كمال بحنق
_ خال ايه يا ابني انت امك لو سمعتك هتتشل!
+
عمر بسخرية
_ هي تقريبًا اتبرت مني، فمش فارق اوى.
+
كمال بتهكُم
_ و احنا قريب هنحصلها. المهم انت لسه بتقابل ياسر؟
+
برقت عيني عمر الذي كان خارجاً لتوه من غرفة العمليات، فظن بأن ياسر قد أخبر كمال بما طلبه منه فهتف بدون احتراز
_ ايه دا هو لحق قالك؟ يا ابن الكلب يا ياسر.
+
كمال بعدم فهم
_ بتشتمه ليه يا ابني انت؟ حصل ايه؟
+
عمر بترقب
_ على حسب انت اللي هتقول حصل اي؟
+
زفر كمال بغضب تجلى في نبرته حين قال
_ ما تتكلم عدل يا بني أدم. بتشوفه ولا لا ؟
+
عمر باستفهام
_ يعني . اوقات اوقات. ليه بقى؟
+
كمال بنفاذ صبر
_ رحيم هنا و عايز يزوره. لو معاك رقمه اتنيل ابعته عشان خالد هيكلمه قبل ما يروحوا.
+
زفر عمر براحة قبل أن يقول مُعنفًا
_ ما تقول كدا من الأول. ايوا بكلمه و كنت ناوي اعدي عليه النهاردة. لو كدا تعالوا معايا.
+
كمال باستحسان
_ حلوة الفكرة دي. خلاص نتقابل بالليل و نروحله كلنا.
2
عمر بمرح
_ ايوا يا وتايدة خلينا نرجع الأيام الحلوة من جديد.
+
صمت لثوان قبل أن يقول باندفاع
_ كمال. بتقول ايه؟ رحيم هنا؟ نهاره اسود لا يكون رايح ياخد تاره من الواد الغلبان؟
+
كمال بحنق
_ انا هموت واعرف انت دخلت كلية الطب ازاي؟
+
عمر بتهكُم
_ أسأل الست الوالدة.
+
اغلق كمال الهاتف في وجهه فابتسم بتهكُم قبل أن يقوم بمحادثة ياسر الذي لم يُجيبه ليحاول عمر الاتصال مرارًا و تكرارًا حتى أجاب ياسر بصوت مُتحشرج
_ ايوا يا عمر.
+
_ ايه يا ياسور؟ تقلان عليا ليه يا عم دانا لو مصاحبك مش هتكرفلي كدا. أرن عليك خمسين مرة عشان ترد
+
لم يكُن في مزاج يسمح له بالمُزاح لذا قال بجفاء
_ معلش كنت واقف مع ناس. لو مكلمني بخصوص موضوعك فإن شاء الله النهاردة هخلصهولك.
+
عمر بقلق
_ انت كويس يا ياسر ؟
+
ياسر باختصار
_ كويس.
+
تضاعف قلقه ليقول بحسم
_ بقولك ايه انت مش عاجبني، وانا عشان ابن عمك و حبيبك هجيلك واجبلك هدية النهاردة.
+
ياسر باستفهام
_ هدية اي؟
+
عمر بمرح
_ الوتايدة وتد وتد هيتعشوا عندك النهاردة يا معلم.
3
★★★★★★★★
+
_ بتقول ايه يا ياسر ؟
+
هكذا هتفت هيام بعد ما هبت واقفة من مكانها ما أن استمعت لكلمات ياسر الذي أعاد الكرة ولكن هذه المرة بنفاذ صبر
_ بقولك رحيم، وخالد، و كمال، وعمر جايين يتعشوا معانا النهاردة. جهزي حاجه تليق بيهم.
+
هيام بلهفة
_طب متعرفش جايين ليه؟
+
ياسر بتعب
_ لا معرفش. بس أكيد خير. متقلقيش. مبقاش في حاجه نخاف منها.
+
اقتربت هيام تربت على كتفه قائلة بمواساة
_ طول ما انت في ضهرنا يا قلب أختك عمرنا ما نخاف من حاجه أبدًا.
+
كان يتفهم محاولتها في التخفيف من وجعه الذي من المؤكد يتجلى بوضوح في عينيه ليقول بنبرة جافة
_ انا هطلع اريح شويه لحد ما ييجوا.
+
لم تُطِل في الأمر إنما تركته ليستعيد نفسه من جديد وهي تتضرع إلى الله بألا يُصاب في قلبه مرة أخرى.
2
★★★★★★★★
+
اسدل الليل ستائره و اندثرت آخر خيوط النهار بين طيات العتمة مما جعلها تهرول حتى تصل إلى البيت حتى لا تُصاب شقيقتها بالخوف عليها و أثناء مرورها بأحد الشوارع تفاجئت من وجود مجموعة من الشباب يقفون في أحد الزوايا فحاولت تجاهلهم لتمر ولكنهم اعترضوا طريقها لينتابها الذُعر خاصةً حين اقترب منها أحدهم وهو يقول بوقاحة
_ الحلوة مصلحة ولا مروحة؟
+
شعرت جميلة بالخوف ولكن كعادتها لجأت إلى لسانها السليط فهو سلاحها الوحيد
_ يالا يا خفيف انت وهو من هنا بدل ما اخلي الشبشب يطرقع على خلقتك منك له.
1
صاح أحد الشبان بوقاحة
_ اموت انا في طولة اللسان دي.
+
_ ما تتلم ياد انت وهو بدل ما أصوت و ألم عليكوا الناس.
+
هكذا هتفت جميلة بصوتًا عالي ليقترب منها أحدهم قائلًا بنبرة حادة وهو يُشهِر أحد السكاكين في وجهها
_ بقولك ايه يا بت أنتِ هتيجي معانا من سكات ولا هشرحك هنا ؟
+
لم تكد تُجيبه حتى تفاجئت من هذا الإنقاذ التي ارسلته السماء على هيئة شاب لم تكن تعرفه ولكنه تدخل في الوقت المناسب وهو يصيح بقوة
_ اللي هيتشرح هو امك يا ابن ال....
1
هكذا هتف يزيد قبل أن يركل الشاب بقوة في معدته مما جعل السكين التي بين يديه تطير في الهواء فاقترب أحد الشباب يحاول لكمه فتفاداها ببراعة وهو يوجه له ضربة قوية في أنفه أطاحت به وما كاد أن يلتفت إلى الجهة الأخرى حتى باغته الشاب الثالث بلكمة قوية نالت من عين يزيد الذي صرخ بألم
_ عيناي.
+
هوى قلب جميلة ذعرًا فإن تغلبوا عليه فحتمًا سيكون الدور عليها لتتوجه إلى أحد الأبنية القديمة و تختبئ بجانبها وهي تشاهد المعركة التي كانت غير متكافئة فقد كان يزيد يُكيل اللكمات و يأخذ مثلها إلى أن سقط أرضًا فاقترب الثلاثة لينقضوا عليه ففاجيء أحدهم حين قام بعرقلته عن طريق قدمه ثم أمسك حفنة من التراب و ألقاها في وجه الآخر ثم هب من مكانه وقام بصفع الثالث قبل أن يطلق ساقيه للريح قبل أن ينتبه اولئك الأوغاد ليتفاجيء بجميلة المختبئة فهتف بلهفة
_ أنتِ واقفه تهببي ايه هنا؟ مستنيه لما يقطعوكي؟
1
جميلة بذُعر
_ لا يقطعوا مين ما انت هتنقذني.
+
يزيد بتحسُر
_ اتنيلي دانا عايز اللي ينقذني. اجري.
3
طاوعته جميلة التي ركضت بأقصى سرعتها وهي تصرُخ بملء فمها
_ يالهوااااي.
1
اخيرًا استطاعوا الهرب من اولئك الشباب ليتوقفوا على أعتاب منطقتهم يحاولون استرداد أنفاسهم الهاربة لتقول جميلة بلُهاث
_ هربنا منهما الحمد لله.
+
كان الألم في عينيه اليُمنى لا يحتمل فهتف مُستفهمًا
+
_ايه اللي حصل في عيني ؟
+
جميلة بتفحُص
_ اتفختت باين؟
2
صُدِم من كلمتها و هتف بحنق
_ الله يحرقك ياريتني سبتهم يشرحوكي.
+
جميلة بتقريع
_ هي دي الشهامة؟
+
_ الله يخربيتك أنتِ و الشهامة في ساعة واحدة. عندي عملي الصبح و هتشلوح، هبقى دكتور بملحق بسببك.
1
جميلة باحتقار
_ اخيه عالرجالة.
+
يزيد بتهديد
_ بقولك ايه وربنا ارجعك ليهم تاني.
+
جميلة بذُعر
_ لا يا عم خلاص. انا ماشية. و على فكرة شكرًا
3
يزيد بحنق
_ العفو ياختي.
+
★★★★★★★★★
+
_ اهلًا وسهلًا يا جماعه أنستونا و شرفتونا.
+
هكذا تحدث جابر بحفاوة وهو يجلس وسط هؤلاء الرجال الذين يظهر عليهم الثراء الفاحش، فهم عائلة زوجته التي كانت تشعُر بالفرح يغمرها حين شاهدت أبناء عمومتها وهم يترجلون من السيارة حاملين كل هذه الهدايا و العطايا التي جلبوها معهم، فكان هذا الأمر في منطقتهم يعلي من شأنها و شأن أخوتها أمام زوجها و جيرانها
_ يشرف مجدارك يا حاچ چابر.
+
هكذا تحدث رحيم بوقار و أيضًا خالد الذي تحدث بجمود
_ أهلًا بيك يا حاج جابر.
2
كان ياسر يجلس بجانب جابر وهو يتطلع إلى الجميع بنظرات هادئة تُخفي جميع استنكارات عقله ولكن أدب الضيافة يُحتم عليه التعامُل مع الجميع في أحسن صورة لذا تحدث بذوق
_ نورتونا يا وتايدة.
+
رحيم بنبرة ودودة تحوي اعتذار صادق بين طياتها
_ نورك يا واد عمي.
+
كانت الكلمة لها وقع غريب على مسامعه خاصةً و أنه لم يسمعها منه منذ أكثر ثمانية عشر عامًا ولكنه لم يُعلِق فتدخل خالد قائلًا بنبرة جامدة
_ عامل ايه يا ياسر ؟
+
_ بخير يا خالد بيه.
+
ضيق خالد عينيه لهذا اللقب ولكن من الواضح أنه ما زال يُريد وضع الحواجز بينهم لذا حاول عمر تهدئة الأمور قائلًا بمُزاح
_ اومال الواد يزيد عرة الوتايدة دا فين؟
+
ياسر بتهكـم
_ طالعلك. مسابش حاجه منك.
+
عمر بفخر
_ و دا من حسن حظه. الحمد لله مخدش منكوا حاجه، وعشان كدا بأكدلكوا أنه هينفع.
+
كمال بسخرية
_ يا خوفي.
+
_ السلام عليكم.
+
هكذا ألقت هيام السلام وهي تدلف إلى داخل الغرفة ليهتف جابر بحفاوة
_ وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته تعالي يا أم حماده سلمي على ولاد عمك.
+
تقدمت هيام لتُرحب بهم وهي تُصافح الجميع إلى أن وقفت عند رحيم قائلة بجمود
_ أهلًا يا ابن عمي.
+
رحيم بعتب
_ ابن عمك بس يا هيام؟
+
هيام بحزن دفين
_ معرفش اذا كنت فاكر ولا مش عايز تفتكر؟!
+
رحيم بنبرة ودودة صادقة
_ فاكر وعمري ما انسى. ياختي .
+
جابر بصدمة
_ أختك!
+
رحيم بتوضيح
_ انا و خالد و هيام أخوات في الرضاعة.
1
جابر بصدمة
_ الاه. دي مش قرابة عادية؟ اومال ليه سبتوا الدنيا تبعدكوا عن بعض كدا؟
+
تدخل خالد بنفاذ صبر لمحاولة وضع الأمور في نصابها الصحيح
_ مجرد سوء تفاهم يا حاج جابر، وقوانين مشيت علينا كلنا غصب عنا، و محدش فينا كان له ذنب فيها، ودلوقتي خلاص الأمور اتحلت، و الدم عمره ما يبقى ميه. كدا ولا ايه يا ياسر؟
1
لم يكد ياسر يُجيبه حتى سمع صوت أحد الخدم يُنادي عليه فاستأذن منهم و خرج لمعرفة ماذا حدث ليتفاجيء بيزيد الذي كانت هيئته مُبعثرة و وجهه متورم
_ في ايه يا يزيد؟ مين اللي عمل فيك كدا؟
+
يزيد بحنق
_ اتخانقت.
+
_ مين ياد اللي شلفطك كدا؟
+
هكذا تحدث عمر الذي لحق بياسر الى الخارج ليهتف يزيد بغيظ
_ انت ايه اللي جابك هنا؟ هو يوم اسود من أوله.
1
عمر بسخرية
_ جاي عشان أشوف فيك يوم. في ايه يا ابني انت؟
+
تدخل ياسر بحدة
_ احكيلي حصل ايه؟
1
يزيد بملل
_ أبدا كنت ماشي لقيت شوية شباب ملمومين على بنت، اتشكيت في أيدي و اتخانقت معاهم علشان خاطرها.
عمر بصدمة
_ بت مين ياد يا يزيد ؟ لا تكون البت بتاعتك؟
+
يزيد حانقًا
_ دي بت غلسة كدا أخت البنت اللي بتقف في المطبعة اللي بصور فيها الورق معرفش طلعتلي منين ؟ و اديني اتشلفطت بسببها.
+
ياسر بنفاذ صبر
_ ركز معايا يا ابني انت؟ حد عملها حاجه؟
+
يزيد بتهكم
_ لا ياخويا زي القردة.
+
عمر باستفهام
_ هما كانوا عايزين منها ايه؟
+
يزيد بحنق
_ كانوا عايزين يغتصبوها ياريتني سبتهم. اهي الكتب ضاعت و النضارة باظت دانا لو واكل مال اليتيم مش هعمل كل شهر نضارة.
5
قهقه عمر على تذمره ليقول ياسر بجفاء
_ الكلام دا حصل فين؟
+
_ بعد القهوة بشارعين كدا. عند المباني المهجورة اللي هناك دي.
+
ياسر بنبرة آمرة
_ طب تعالى معايا يالا.
+
عمر باستفهام
_ هتروحوا فين ؟
+
ياسر بحدة
_ هنروح هناك ؟ يعني هنروح فين ؟
+
يزيد بلهفة
_ طب استنى شويه يكونوا مشيوا.
3
ياسر بغضب
_ اعدل بدل ما اعدلك.
التفت ناظرًا إلى عمر قبل أن يقول بعُجالة
_ بقولك ايه المكان دا مش بعيد عن هنا. انا هروح انا والبيه عشر دقايق اشوف ايه حكاية العيال دي، وانت خليك مع الرجالة هنا مش هتأخر.
+
أخذ يزيد يُتمتم بحنق
_ الله يخربيتك يا جميلة انت و المدعوقة شروق في ساعة واحدة.
+
تبادل كُلًا من ياسر وعمر النظرات قبل أن يقول الأول باستفهام
_ شروق و جميلة؟ انت تعرف البنتين دول منين ؟
+
يزيد بملل
_ معرفهمش اوي. شروق دي اللي شغاله في مطبعة عم مرزوق، و دي أختها. أساسًا هما لسه جايين المنطقة هنا مبقلهمش كتير.
+
عمر بلهفة
_ انت متأك من الكلام دا؟
+
يزيد بتأكيد
_ طبعًا دي خالتي اعتماد مأكدالي.
2
عمر بصدمة
_ دول أكيد بنات عمتي نسمة ؟
+
صدح صوت غاضب من خلفهم
_ وانت تعرف بنات عمتك نسمة منين؟
8
يتبع....
2
بارت طويل اهو اتمنى الأحداث تكون مفهومة بالنسبالكوا و تتفاعلوا عشان بجد هزعل 💔
+
و دي مفاجأة اتمنى من الكل يشوفها و يتفاعل عليها بليز ♥️
https://www.facebook.com/share/r/15P9q3goFk/
+
اقتباس من الرواية الورقي
+
توقفت السيارة أمام أحد المطاعم الفارهة بالمدينة ليقوم السائق بفتح الباب إلى جبار الذي التفت يُساعدها بالترجُل من السيارة و يحتوي يديها الصغيرة بين كفه الضخم ليتوجه بها دون حديث إلى الداخل فكان مظهرهمَ مُثير للإعجاب بين كل رواد المطعم، ولكن كليهمَ كان مُعتادًا على أن يكون محط أنظار الجميع لذا لم يكترث أي أحد منهمَ الى همهمات الإعجاب حولهم .
+
تبادل جبار السلامات مع ضيوفه و الذي اتضح بأنهم إيطاليون فقام بتعريفها إليهم بلغته الإيطالية التي كان بها لكنة رائعة راقت لها كثيرًا:
_ اقدم لكم زوجتي . المهندسة حورية الفارس.
+
تساوى غضبها من تجاهله لاسم عائلتها مع تأثرها لنطقه باسمها بهذا التملُك ولكنها تجاهلت الثاني و تمسكت بالأول لتقول بجانب أذنه ما أن أجلسها:
_ هذا هي المرة الأولى و الأخيرة التي تنسبني الى عائلتك، فأنا حورية الشريف.
+
أجابها هامسًا بجانب اذنها بهسيس خطر:
_ انتسابك إلى عائلتي لا جدال فيه، وان أردتِ يُمكنني جعله حقيقيًا مائة بالمائة للحد الذي لا يُمكِنك من إنكاره.
+
غزى الإحمرار وجنتها و لكنها حاولت الإبقاء على بسمه منمقه مرتسمه فوق شفاهها حين قالت:
_ أن كان الأمر عائدًا الى ما أريد، فسأكون الآن في النصف الآخر من العالم حيث لا يُمكنني حتى السماع باإسم عائلتك.
+
بسمة عابثة ارتسمت فوق شفتيه قبل أن يُهسهس بخشونة:
_ إذن لا اجد امامي الا ان أدمغك باسم عائلتي، وحينها فأي مكان تذهبين إليه تكونين حورية جبار الفارس.
+
أنهى جملته و انخرط في حديث طويل مع ذلك الرجل الذي كان يصطحب زوجته معه و رجلًا آخر و إمرأتان . عرفها إلى الجميع و قد شعرت بالألفة تجاهها ما عدا تلك المرأة التي كانت عينيها كـ القناصات تحوم حول زوجها بطريقة مكشوفة و حتمًا مقصودة فهي لم تكُن تحيد بنظراتها عنه بطريقة جعلت الغضب يجتاح أوردة حورية ويترك آثاره على وجهها الذي احتقن بنيران مُستعِرة، و قبضة يدها التي كانت تضمها بقوة جذبت انتباه جبار الذي امتدت يديه تحتويها بعفوية كانت كالماء البارد على جمر مُشتعِل فـ أخمدت لوعته لتُقرر إعطاء تلك المرأة قدرها من التجاهُل فالتفتت تنظر إلى الجهة الأخرى ليأتيها صوته العابث بجانب أذنها:
_ أشعُر و كأن هُناك معركة على وشك أن تبدأ الآن!
+
ذلك الداهية لا يفوته شيء وقد اغضبها ذلك لتحاول صبغ لهجتها باللا مُبالاة حين قالت:
_ مُخطيء كالعادة، ولكن أيًا كان فأنا دائمًا مُستعدة لخوض أي معركة، ف ذخيرتي لا تنفذ أبدًا، و لا أقبل بغير الانتصار بديلًا.
+
لا تعلم لما تتحداه؟ هل لكون تلك المرأة فاتنة أو لتنفي عنها تلك الغيرة المُروعة التي نشبت مخالبها في صدرها؟ أو لكونها تريد أن يصل إليه بأنها ستنتصر على مشاعرها نحوه؟ لا تعلم ولكنه كعادته بارع في إطلاق تلك الرصاصة التي تخترق منتصف جبهتها فيتزعزع سائر كيانها ولكن تلك المرة كان الأمر مُختلف. نظراته و احتوائه ليدها و نبرته العميقة حين قال:
_ ألا تُدركين حجم المعارك التي انتصرتِ بها دون إطلاق رصاصة واحدة؟
+
اختلت أنفاسها بطريقة همجية و ثارت دقاتها حد الألم؛ لتقوم بـ أخذ نفس عميق في محاولة لتهدئه تلك الدماء المستثارة في عروقها جراء جُملته التي تحمل الكثير من المعاني في طياتها ولكن لم يكُن في الحُسبان ذلك التدخُل السافر من هذا الرجل الإيطالي الذي قال بحماس:
_ يا للروعة، فلم أكُن أتخيل أن أرى جبار الفارس واقع في العشق أبدًا. أنها مُعجزة.
+
اخترقت الكلمات عقلها الذي توقف عند جملة واحدة جبار الفارس واقع بالعشق! هل هذا صحيح أم أن عقلها أصابه الجنون؟
_ بغض النظر عن ايماني بأن المُعجزات تحدُث كل يوم، ولكن انتم الإيطاليون تملكون خيالًا واسعًا خاصةً في أمور الحُب وما شابه.
+
التقطت تلك المرأة الكلمات من فم جبار لتقول بلهفة و عينين تتشارك مع نبرتها في اغوائه حين قالت:
_ وهل هُناك في هذه الحياة شيء اروع من الحُـب؟ و خاصةً أن كان بين رجل و إمرأة رائعين!
+
التفت جبار يحاوط حورية برماده الذي تأجج بين جفونه قبل أن يقول بصوتًا أجش:
_ أنتِ مُحقة لا يوجد ماهو اروع من ذلك حقًا.
+
تراقصت دقاتها على انغام كلماته و رغمًا عن سخطها على تلك المرأة الوقحة فقد نجح في إحراجها بطريقة أعجبتها، ولكنها تتمنى لو تستطِيع الفِرار من أسر عينيه التي بدت و كأنها تحاوطها من جميع الجهات، ليأتيها الإنقاذ على هيئة مفاجأة من العيار الثقيل حين قال روبرت مازحًا:
_ إذن ما رأيك أن تُكمِل تلك المُعجزات و تطلُب الرقص من تلك المرأة الرائعة التي بجوارك أو افعل أنا ذلك؟
+
اصطبغت حدقتاه باللون الأحمر القاني و كأن أحدهم اشعل النيران برماد عينيه فاحتدت نبرته وهو يُجيب روبرت بلكنته الأم:
_ حينها ستكون نجاتك هي المُعجزة الحقيقية روبرت.
+
كركر روبرت ضاحكًا قبل أن يُجيبه بمُزاح:
_ اللعنة على غيرتك يا رجُل. لقد خفت كثيرًا.
+
جبار بجفاء :
_ عليك ذلك.
+
أنهى جملته وهو يُمسِك بيدها بتملُك يقودها إلى حلبة الرقص وسط ذهولها ،فذلك الجلف لم يُكلِف نفسه عناء سؤالها عن اذا ماكانت تريد مشاركته الرقص ام لا؟
كانت قبضته قاسية حول خصرها لا يسمح حتى لذرات الهواء في المرور بينهم بينما عينيه كانت تغوص بأعماق عينيها بطريقة مُربكة إضافة إلى غضبها منه مما جعل دقاتها تهتاج بداخل صدرها فجاءها صوته الخشن حين قال:
_ لما نبضك سريع إلى هذه الدرجة؟ أم أن هناك معارك تدور بالداخل وانا لا اعلم عنها شيء! ؟
+
و يجروء على التلاعُب بالكلِمات أيضًا!؟ طرأ هذا الاستفهام بداخل عقلها الذي يستنكر كل ما يحدُث بداية من اقترابه منها بتلك الطريقة، إلى تأثرها بوجوده إلى هذه الدرجة لتستخدم الغضب كستار لجميع شعورها تجاهه فاحتدت نبرتها وهي تُجيبه قائلة:
_ وهل انتهت المعارك الخارجية ياتُرى ليبدأ غيرها في الداخل؟
+
كانت عينيه تطوف على ملامحها بروية و كأن هُناك حديث خاص بينه وبين كل تفصيلة بها ولكنه كان يقظًا مُتنبهًا لكل ما يصدُر من بين شفاهها فأجابها بهدوء:
_ لا اعلم عما تتحدثين ؟ هلا شرحت لي ؟
+
تجاهلت تأثيره الضاري عليها وهتفت بحنق جعل ياقوت عينيها يبرق بقوة:
_ اوه. وتريد مني أن أشرح ! ألا تلاحظ كونك تستغل كل شيء لصالحك ؟ لا تتوانى في استخدام جميع أسلحتك لإخضاعِي. حتى أنني اشعُر بأنك تستلذ بذلك.
+
كان يشعُر بكل ما تمُر به، و قد أشفق عليها في تلك اللحظة من هذا الثُقل الذي تحمله لذا قال بنبرة خشنة :
_ أنا امامك و معكِ أعزل تمامًا. كيف لم تُلاحظي ذلك؟
+
أطلقت نفسًا قويًا وهي تُحاول الهرب من بين براثن نظراته قبل أن تقول بتعب :
_ إذن لماذا تُصِر على تجاهل رغباتي ؟ لماذا تُصِر على إرغامي على تنفيذ أوامرك؟
+
جبار موضحًا:
_ لا أُرغِمك بل أحسم الجدل و اتخذ القرارات بدلًا عنكِ بشأن الأمور المُحيرة.
+
_ و هل طلبت منك ذلك؟
+
باغتها حين أجابها قائلًا بخشونة:
_ اُشفِق عليكِ من ذلك الصراع الدائر بين قلبك و عقلك. لا أريدك أن تكوني أسيرته طوال الوقت !
+
هوى قلبها بين قدميها حين استمعت إلى كلماته ؟ فهل هي مكشوفة أمام عينيه بتلك الطريقة؟ و اهتاج كبريائها يُعنفها على غبائها لتحاول استعادة قوتها وإضفاء السخرية على نبرتها حين قالت:
_ عن أي صراع تتحدث؟ و من قال لك بأن قلبي و عقلي ليسوا على وفاق ؟
+
_ لا احتاج لأحد بأن يُخبرني ما أراه بوضوح في عينيك.
+
حاولت الثبات على موقفها حين قالت بتهكُم:
_ جبار. لا أُصدِق ذلك. أرى أنك بدأت بتوهم بعض الأشياء و تصدقها أيضًا. يا رجُل عُد إلى تعقُلك.
+
يحترم كثيرًا ذلك العنفوان الذي يُميزها ويجعله يشتهيها بكل جوارحه ،حتى أن فكرة مُروعة اجتاحت عقله عن ماهية شعوره حين تخضع تلك القطة الشرسة تحت سطوته ؟
+
حالة من الإنتشاء تفشت بقلبه وسائر جسده من مُجرد التخيُل ليُجيبها بنبرة موقدة:
_ وهل يصمُد أي عقل أمام قطة رائعة بعينين تُشبه الياقوت في توهجهم؟
+
رغمًا عنها تفشى الألم بصدرها و انعكس على وهج عينيها فأطفأه حين تذكرت خاتم الياقوت المُزيف الذي أهداها به لتعقف شفتيها بحزن تجلى في نبرتها حين قالت:
_ أي ياقوت تقصد يا تُرى؟ إن كان ذلك المُزيف الذي أعطيتني إياه ذات يوم فبريقه أوشك على الإنطفاء.
+
نشب الذنب مخالبه داخل صدره جراء حزنها من فعلته القاسية ذلك اليوم، فأراد مُراضاتها و صرف تفكيرها عن ذلك الأمر قائلًا بلهجة محرورة:
_ لا تعرفين كم اود مُراضاة تلك الشفاة الرائعة الآن؟
+
شهقة خافتة شقت جوفها جراء وقاحته؛ لتهتف بنبرة حارة
_ هل بإمكانني أن أخبرك كم أنت وقح؟
+
اهتاجت دقات صدره من وهج عينيها الذي عاد إليه بريقه مرة أخرى فهتف مُحذرًا:
_ كرريها حورية و اقسم انني لن اهتم بوجودنا بين كل هؤلاء الناس و سأقبلك حتى تهلكين بين يدي ولن أبالي بشيء.
+
تهدلت أكتافها بتعب فلم تعُد قادرة على المقاومة أكثر لتضعُف نبرتها وهي تقول :
_ لم تفعل ذلك ؟
+
_ لم افعل شيء بعد.
+
حوريه بتعب:
_ و ما الذي تريد فعله أكثر من ذلك؟
+
عينيه كانت كفيلة باخبارها عن مدى وقاحة تفكيره حين قال:
_ أخشى عليكِ من معرفة ماذا اريد فعله في تلك اللحظة بالذات!
+
صمت مُطبق خيم على ملامحها ليُتابع هجومه الضاري قائلًا بنبرة خشنة :
_ إن لم يُعجِبك ما افعله، فما رأيُك أن اسلك طريق آخر من شأنه أن يُقصر كل تلك المسافات بيننا
+
همس خافت تسلل من بين شفتيها حين قالت:
_ ماذا تقصد؟
+
جبار بنظرات التهمتها و نبرة بثتها مشاعره العاتية نحوها :
+
_ ربما أجعلك تتناولين الفاكهة المحرمة لأغويكِ بها.
+
لم يعُد في مقدورها القتال لذا اخفضت رأسها لتقول بنبرة خافتة:
_ أريد العودة إلى المنزل فأنا أشعر بالتعب.
+
_كما تريدين.
+
هكذا اكتفى بالقول ليعود بها إلى الطاولة وهو يعتذر عن إكمال العشاء بسبب تعب زوجته ثم خرج برفقتها الى الخارج ،ليُقابله عامل المطعم بسيارته التي ما أن استقلتها بجانبه حتى لجأت إلى الصمت و إغماض عينيها بتعب جعله يُقرر ولأول مرة أن يمتثل لرغبتها في الهدوء.
+
★★★★
+
يَعرِف العشْق طَرِيقَه إِليْهَا جيِّدًا، فَهِي اِمرأَة تَحمِل كُلَّ النَّكهات ضِمْن حُدُود ثغْرهَا. تَحوِي جميع أَنوَاع السِّحْر المُتَوارِ بَيْن طَيَّات ذِراعيْها. بِلحْظة تجْعلني أَرقَى إِلى جَنَّة مُدَججَة بِلهيب الصَّبْوة وبالْأخْرى تَترُكني لأكْتوَى بِألْسِنة اللَّظَى. الاحْتراق مَعهَا يُشْبِه الغوْص فِي بَحْر مِن النَّار والثَّلْج معًا .شُعُور يَصعُب وَصفُه مِن فَرْط بَهائِه. يَكفِي على المرْء تَذوقَه مَرَّة لِيصْبح مُدْمِنا لََا يَبغِي المداواة مِنْه أَبَدا.
+
★★★
+
ما أن وصلوا حتى ترجلت من السيارة تنوي الذهاب الى غرفتها وداخلها تتمنى أن لا يُحاول إيقافها و قد تحققت أمنيتها فلم يوجه إليها كلمة واحدة و قد كانت مُمتنة كثيرًا لتفهمه إلى حالتها و هاهي الآن بعد مرور عدة ساعات تشعُر بالتعب يجتاح جسدها بالكامل و يُشاطره عقلها ،الذي كان مُنهكًا بحاجة إلى الاسترخاء، و فجأة طرأ على بالها السباحة فهي قد شاهدت من النافذة مسبح كبير يتوسط الحديقة الخلفية لذا فجأة و بدون مقدمات قررت النزول إليها فقد كانت تنوي أن تفعل ذلك حين يذهب إلى العشاء و خاصةً بأن الخادمة أخبرتها بأن المياة يتم تنظيفها كل يوم امتثالاً لأوامر جبار، الذي من المؤكد أنه نائم الآن لذا ارتدت ثوبها الداخلي الذي كان مكون من قطعتين تصلحان للسباحة و ارتدت فوقهم روبًا طويلًا و توجهت رأساً إلى هُناك عل المياة تُطفيء نيرانها المُستعِرة و تُهدئ من صخب عقلها و إنهاك جسدها.
تلفتت يميناً و يسارًا فلم تجد أحد في هذا المكان فقد كان بعيدًا عن الأنظار لضمان الخصوصية لذا خلعت عنها ثوبها براحة لتضع أول خطواتها على السُلم الصغير في المسبح، فلسعتها برودة المياه، ولكنها كانت إغوائًا رائعًا لم تقاومه و اندفعت تسبح باستمتاع لمدة لا بأس بها ؛لتشعُر فجأة بأنها ليست وحيدة في المكان فالتفتت إلى الخلف ليتوقف النبض بمنتصف قلبها حين رأته يقف عند حافة المسبح بعينين تقسم بأن نظراتها كانت داكنة تبعث قشعريرة قوية إلى سائر جسدها كما فعلت نبرته الخشنة حين قال:
_ أرى أنني لست الوحيد الذي غادره النوم هذه الليلة .هل هذه صُدفة يا تُرى ؟
+
حاولت السيطرة على رجفة جسدها و تهدئة نبضاتها الثائرة بعُنف قبل أن تقول بنبرة جافة:
_ لا لم يُغادرني، فقط كنت أُفكِر بتنفيذ نصائح تلك الطبيبة.
+
وضع أولى خطواته داخل المياة و عينيه لا تُفارقها وهو يُحاوِل إضرام النيران بثباتها حين قال بجمود:
_ اه تقصدين ولاء؟ أنها طبيبة رائعة، و لن تندمي حين تُتفذين نصائحها.
+
أنهى كلماته الخبيثة وهو يتوسط بركة السباحة و قد نجح في مسعاه فهاهي تشعُر بشعور مروع يجتاح سائر جسدها للحد الذي جعلها تود أن تصفعه بقوة على وجهه، ولكن تشتت انتباهها لوجوده قريبًا منها ،فقط خطوتين تفصلهمَ لذا حاولت أن تنأى بنفسها بعيدًا عن خطر وجودها بجانبه فقالت بجفاء:
_ سأخرُج، فالمياة أصبحت باردة و أنا اشعُر بالبرد!
+
فطن إلى محاولتها في الهرب فأجابها بنبرة موقدة :
_ هل تشعُرين بالبرد حقاً ؟ إذن لماذا أنا احترق الآن؟
+
لن تقدر على المواجهة ولا الثبات مهما حاولت التظاهُر بالقوة أمامه ،فهزيمتها ستأتي من أعماق قلبها لذا تجاهلت حديثه والتفتت تنوي الخروج من المسبح؛ لتتفاجئ بقبضته التي احتوت خصرها بقوة شلت حركتها لـ تجتاحها موجة من المشاعر الجنونية كونها على هذا التماس المُباشر معه و خاصةً بتلك الثياب التي وجودها مثل عدمه ولكنه واصل هجومه بشن غارة قويه على جميع ثباتها حين لحم جسديهمَ بطريقة منعت حتى المياة من المرور بينهم ليقترب من عنقها يحرقه بأنفاسه المُلتهبة لتتفاجأ به يقوم بنقش قبلة دافئه على جداره قبل أن يرتفع إلى أذنها قائلًا بنبرة محرورة:
_ لمَ تهربين؟ لا يليق بكِ ذلك.
+
كان كمن يعبث في اعداداتها بطريقة احترافيه جعلت كل خلية بها تنتفض، و أضرم نيرانًا هوجاء بداخل قلبها الذي كان يضُخها بقوة في أوردتها لتُصبح فريسة بين مشاعر عاتية يبثها إياها و ضعفًا عظيم يسري بدمائها ولكنها ببسالة حاولت الثبات قائلة بنبرة جافة:
_ لا أهرُب، و اتمنى ان تكُف عن تلك الاستنتاجات الغريبة التي يصل إليها عقلك. كما اتمنى ان تُحجِم يداك التي لا يحِق لها التمادي هكذا.
+
لم يعُد يتحمل لا عقله ولا قلبه المُراوغة أكثر لذا قام بإدارتها إليه ودفعها بقوة تجاه الحاجز الرخامي لتُصبح أسيرة بينه وبين جسده الصلب فيما اهتاجت جميع مشاعره دفعة واحدة فبدت ملامحه مُرعِبة و تلبدت عينيه بسُحب غائمة كما اصطبغت نبرته بالحدة حين قال:
+
_ بخصوص استنتاجاتي فجميعها صحيحة. أنتِ فقط لا تملكين الجرأة للاعتراف بذلك، و بخصوص يدي فهي تتمادى على ما تملكه، و بإمكاني أن أُقسِم بأن تماديها يروق لكِ كثيرًا ولكن كما أخبرتك سابقًا لا تملكين الجرأة للاعتراف بذلك.
+
وضعها وجهًا لوجه أمام ضعفها الذي لم يعُد أمامها مهرب منه الآن لذا همست بوهن عله يُشفِق على ما تمُر به:
_ جبار.
+
_ هيا اعترفي حورية. تروق لكِ لمساتي كما أشتهي قُربك بكل جوارحي.
+
لم تُجيبه فتابع بهسيس خشن:
_ يعجبني كثيرًا أن أرى بعيناي تأثيري عليكِ ولكن الآن أود أن أشعر به. ما رأيُك؟
+
كادت الحروف على وشك الإفلات من بين شفتيها فقامت بسحقهم بين أسنانها أضافة الى دمعة غادرة فرت من طرف عينيها ليشعُر كم تُعاني من ثُقل الاختيار بين مشاعرها تجاهه ،و بين انتمائها لعائلتها لذا حسم أمره ليقترب من اذنها هامسًا بخشونة:
_ هذه هي المرة الأخيرة التي سآخذ القرار بدلًا عنكِ حوريتي.
+
كانت تُغمِض عينيها حتى لا يرى تأثيره عليها ولكن ما أن قال جملته حتى فتحتها على مصراعيها فهتف بنبرة عابثة:
_ هكذا افضل. حتى أرى بعيناي ذلك الياقوت الرائع وهو خاضع لسيطرتي .
2
لم تكد تُدرٌك ما يقصده حتى وجدت نفسها أسيرة لهجومه الضاري علي