اخر الروايات

رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الثاني والستون 62 بقلم دفنا عمر

رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الثاني والستون 62 بقلم دفنا عمر



                                    

الفصل الثاني والستون.

_________________

عيناه "حبيبتاها" هي فقط ما طاردت فرحتهما بلهفة بين الوجوه عند إعلان جوري خبر حملها، يا ويلها، جسدها يُرفع بين ذراعيه وقدماها گجناجان يطيران في الهواء وهو يدور بها مغمورا بفرحته غير عابيء بمن حولهما كأنه ما عاد يرى سوها


+



( مبروك يافواحة)

همسها قرب أذنيها لتبتسم باكية مع خجلها من صفير عابد وياسين ومحمود لتحسه أن يتركها فيفعل وتنهال عليهما مباركات الجميع..( مبروك يا حبيبة اخوكي) بصوت شقيقها ياسين سمعتها مقرونة بعناق حاني ( مبروك ياقردة) وهذه بصوت عابد الذي تآوه من لكزة يزيد القوية علي رأسه. بينما احتوتها ذراعي والدتها ووالدها تباعا وكلا منهما يمطرها بقبلاته الباكية ليحين دور خالتها كريمة لتعانقها بقوة ثم تطلق سيل زغاريد صاخبة..( من دلوقت ابنك او بنتك محجوزين لولادي يا باشمهندسة) صاحت بها زمزم مهنئة بمرح لتتوالى مباركات البقية. 

........... 

_خلاص يا ناجي هنشوف ولاد يزيد وعطر وهتبقى جد رسمي. 

ضحك له: الله يبارك فيك يا أدهم، شوفت النصيب، أنا وانت جدود لحفيد مشترك. 

محمد: ودي أحلى حاجة، لما الصداقة والعشرة الطيبة تتكلل بنسب وأحفاد واحدة.. ربنا يقومها بالسلامة. 

_اللهم أمين

_ عقبال ما نحضر سبوع بلقيس ياعاصم

_ في حياتك يا أدهم، والله مستني اشيل حفيدي بفارغ الصبر

ناجي: هانت، مافيش أسرع من الأيام.. ربنا يباركلنا في ولادنا وأحفادنا.. 

......... ..

_ فرحان عشان اختي اوي يابسمة، مشتاق من دلوقت اشيل ولادها.. 

منحته ابتسامة دافئة: ربنا يقومها بالسلامة. 

_ عقبالنا يابسمتي، هانت ونحصلهم

احمرت خجلا فضحك وقال: خلاص يا فراولة ماتتكسفيش، وواصل: وعقبال حنين وعبده عشان انتي كمان تبقى أجمل خالتو في الدنيا. 

غمغمت بحنان: يارب يا ياسين، ساعتها الفرحة مش هتساعني. 

_ بأذن الله ياحبيبتي، أمال اخوكي فين؟

_ هناك بيلاعب مهند، بقي يحبه اوي. 

_ كويس انه مبسوط ورجع لطبيعته. 

_ اه والله الحمد لله كنا فين، وكمان اليومين اللي قعدناهم مع طنط فدوى بعد فرخ اختي، اتعلق بيها جدا، بصراحة هي اهتمت به لدرجة أثرت في ياسين. 

ثم لمعت عيناه ممتنة: انا مش عارفة من غيركم كنت هعمل ايه بعد جواز حنين ووحدتي. 

ربت على كفها هامسا: وحدتك؟ وانا فين من حساباتك؟ 

ملأت مقلتاها بوجهه قبل أن تهمس: أنت الدنيا ومافيها يا ياسين..

تنهد قائلا: بعد ما نتجوز سمعيني الكلام ده كتير. 

_ ربنا يقدرني واسمعك كل طيب وتعيش مبسوط معايا..( متأكد يابسمتي) قالها بحنان ثم أخذها وذهبا يتفقدا الجميع. 

......... ..

_ سبحان الله صدق اللي قال الأفراح بتجر بعضها. 

قالتها هدى لتجيبها دره: فعلا، كلنا متجمعين عشان تؤام عابد وأيام وهنحضر زفاف ياسين وكتب كتاب محمود، وادي عطر ويزيد بيفرحونا باجمل ختام لاحتفال انهاردا

كريمة: طب ادعوا معايا افرح بجوري كمان عشان. اطمن على ولادي التلاتة. 

ربتت فدوى على كفها: انا متأكدة انها هتحصل عطر قريب. ما انتي عارفاهم توائم في كل حاجة. 

دره: انا كما متفائلة إن جوجو هتقولنا خبر حلو قريب جدا.. ( يارب) قالتها كريمة واستطردت: عقبال ما نطمن علي بلقيس هي كمان، ماتعرفيش هتجيب ايه؟ 

دره: معادها مع الدكتور عشان تعرف نوع الجنين بعد فرح ياسين إن شاء الله.

هدى: أنا بالنسبالي مش فارق نوعه المهم يكون خلقة تامة. 

عبير: فعلا ده اهم شيء..

فدوى: ربنا يقر عيونا بيهم كلهم ويملوا الدنيا حوالينا

الجميع بصوت واحد: اللهم أمين. 

_____


+




"لسه مانمتيش؟"

ارتبكت من حضوره المفاجيء وعدلت وضع وشاحها: لأ، مش جايلي نوم قلت انزل اقعد هنا شوية. بس خلاص انا كنت راجعة.

_ خليكي معايا شوية. 

ما بين رجاء وعاطفة همس لها ثم غاب دقائق وعاد حاملا شطائر محشوة جبن وكاستان لبن ( ايه ده يا ياسين) تساءلت وهو يضع الصينية أرضا ودعاها لتجاوره فوق الحشائش، فعلت لتجده بقرب لفمها شطيرة مصوبا عيناه علي شفتيها، فتوترت وقالت: أنا مش جعانة يا... .

دس قطعة خبز جعلتها تبتلع باقي اعتراضها بنكهة حنانه الغامر، تحول اعتراضها للذة وهي تنهل من هذا الحنان والحب لمن صار زوجها وبعد أيام سيلتحمان في كل شيء، سيكون صدره وسادتها، أنفاسه هواء رئتيها، ذراعيه حصنها وأمانها..كم تطوق لتقول له أشياء كثيرة وهي تقبع برأسها جوار خافقه، تصبح وتمسي بين يديه حتي ترتوي. 

_ شبعتي؟ 

نظرت للصحن الفارغ وأصابها الذهول، كيف تناولت الشطيرتان دون أن تدري؟ 

_ هو انا أكلت لوحدي؟

هز رأسه بإقرار حاني، فغمغمت: ازاي؟ أنا ماحسيتش بحاجة.. ابتسم وهمس برفق: لأنك كنتي جعانة، ماما قالتلي إنك مش أكلتي عند زمزم ولا لما جينا الفيلا عندنا. 

تذكرت بالفعل عزوفها عن الطعام واكتفائها بكوب عصير، ربما قلق ما قبل الزفاف گعهد كل عذراء تخاف حتي لو كانت تحبه وتشتاقه، ربما هو تضاد منطقي لمن مثلها. 

_ كلميني عنك يا بسمة. 

قالها وهو يوجه لها كوب اللبن، فوضعت كفها حول كفه ووجهت له الكوب وقالت: أشرب انت بقي اللبن. 

ارتشف بعضه وهو يرمق فضيتها بعين هائمة ليتفاجأ أنه ارتشف كوبه كامل دون أن يشعر. 

_ بالهنا والشفا. 

قالت وهي تضع الكوب الفارغ في موضعه قائلة: عايز تعرف ايه عني؟ أنا تقريبا حكيتلك كل حاجة. 

_ عمرك حبيتي قبل كده؟ 

_ عمري ( قالتها بحسم لتواصل) كتير أيام الجامعة حاولوا يقربولي بس كنت برفض المبدأ العلاقات العابرة اللي ممكن تكون مجرد تقضية وقت والسلام وماناخدش منها غير ذنوب. 

_ يعني انا أول حب في حياتك؟

_ وأخر حب! 

قالتها بحرارة نفذت لقلبه وجعلته يبتسم لها بدفء، ليحين دورها: وأنت؟ حبيت قبلي؟ 

صمت ينظر لها مليًا فتوجست وهي تعيد سؤالها: حبيت قبلي؟ ( هز رأسه أخيرا مع تمتمة) لأ، لكن انجذبت لكذا واحدة وكنت هتقدملها بس ماحصلش نصيب. 

_ ليه؟ 

_ كانوا بيتخطبوا، أخرهم بنت اسمها رحيق كنت خلاص رايح اكلمها لقيتها بتقدملي دعوة خطوبتها.


+



لن تحب كل رحيق بعد الأن.. 

قالتها لنفسها بصوت العقل كأنها تقطع وعدا، وعصفت فضيتها بغيرة بصرها وراح يتأملها باستمتاع وقال: امتي يوم فرحنا يجي؟!

نظرت له وقد عادت لعيناها لمعة الحب وهمست: هانت. ربنا يحمعنا علي خير ويقدرني اكون ليك زوجة صالحة تستاهلك يا ياسين.

رعدة برد أصابتها فاحتضنت جسدها بذراعيه لتبث بعض الدفء بجسدها، لاحظها وتمنى لو ضمها إليه، لكنه لا يأمن إندفاع عاطفته الآن، فليصبر قليلا _ يلا يابسمة ارجعي اوضتك الدنيا بقت برد، ويا دوب تنامي كام ساعة قبل نزولنا القاهرة. 

قالها وهو ينهض ويمد كفه لتتعلق بها فيحتويها بقوة حانية ثم قربها لشفتيه وطبع قبلته علي أناملها وقال:

ربنا يهون الكام يوم اللي فاضلين يابسمتي. 

تصبحي على خير. 

________


+




        


          


                

_ جوجو، جوجو فينك؟ 

صاح عامر وهو يتفقدها فور دخوله شقتهما عائدا من عمله ليجدها تستند بمرفقيها على سياج الشرفة شاردة عن ما حولها، تنهد ولبث ينظر لها بحنان ثم دني وذراعه يحاصر خصرها النحيل لترتعد للمسته بغتة. 

_ اهدي يامجنونة هو مين غيري يعني هيمسكك كده في شقتنا؟

_ أفرض حرامي؟ 

_ حرامي هيدخل يتنحنح ويقف جنبك كده؟

قالها ساخرا فابتسمت لحماقة قولها وحاولت المزاح: عندك حق ياعموري ده يبقي حرامي مش محترم وبيسيء للمهنة، الحرامي يسرق ويمشي من غير ما يزعج أصحاب البيت. 


+



لم يبتسم وهو ينظر لها مليا ثم قال: مالك يا ملاكي؟ من وقت رجوعنا من المنصورة امبارح وانتي هادية علي غير طبيعتك. 

_ عادي أرهاق، انت عارف كانت كذا مناسبة وهلكت هناك سهر ورقص و...... 

_ نعم؟ رقصتي فين؟

_ أيوة عند خالتو فدوى يوم حنة بسمة وحنين. 

لكز رأسها بقوة لا تؤلم : مش قولتلك ماترقصيش؟ 

ابتسمت ولم تجيبه وعادت تنظر أمامها، فجذبها خلفه ليصل بهما المقام فوق أريكة قريبة وأجلسها فوق قدميه بتمتمة: طب قوليلي بس مين زعلك؟ 

نظرت له مطولا ثم دست رأسها علي صدره هامسة: كان نفسي افرحك بحملي زي اخويا يزيد ما فرح بعطر..وكمان كان نفسي زي ما عملنا كل حاجة في حياتنا سوا.. نحمل كمان سوا وولادنا يبقوا زينا..ثم رفعت وجهها له مبررة: أنا فرحانة اوي عشان عطر والله بس... 

قاطعها بلثمة رقيقة على شفتيها مستطردا عنها: أنا فاهم قصدك بس ده كله رزق ومحدش زي التاني.. 

ثم شاكسها وهو يلاطف أنفها الصغير بأنفه: وبعدين انتي عايزة تضحكي عليا؟ عايزة تحملي وتهربي من وعدك ليا؟

قالت غافلة عن مقصده: وعد ايه ياحبيبي؟

نهض بها وأخذها لغرفة نومهما ثم أشرع خزانة ملابسها وأحضر شيئا بسطه فوق فراشهما مع قوله العابث: أمال انا جايب دي لمين؟ 


+



تنقلت بصرها بين ثوب الرقص ونظرته العابثة وضحكت بشدة ليواصل بعتاب: من يوم جوازنا وراعيت انك هتتكسفي ترقصي قصادي، بس اظن عيب ترقصي لكل أهلك وأنا لأ.. ولا عايزاني أشوف حد تاني يرقصلي بره؟ 

أطلقت عيناها شررا وهي تدنوا منه وتمسك بقميصه بشراسة يعشقها: ده لو لقيت في وشك عيون سليمة تبص بيها علي غيري ياعموري. 

قهقهة بانطلاق ثم عاد إليه خبثه وهو يلاعب حاجبيه بعبث قائلا: خلاص وريني قدارتك. 

_ دلوقت؟ 

_ أيوة دلوقت. 

_ طب بعد الغدا. 

_ دلوقت. 

_ طيب بالليل شوية تكون الأجواء أنسب. 

_ دلوقت. 


+



ابتسمت وتلونت نظرتها بشقاوة محببة وعادت روحها المرحة وهي تدفع صدره برفق لخارح الغرفة: 

طب استنى بره لحد ما استعد. 

اقترب ثانيا: طب ماتستعدي قدامي. 

عادت تدفعه بدلال: ماينفعش ياعموري. 

تنهد ثم قبلها سريعا وغادر سعيدا لاحتواء حزنها واستعادة روحها المرحة ثانيا، لا ينكر انه مثلها حين رآى فرحة يزيد بحمل زوجته تمناها في نفسه، ربما قرأتها جوري في عيناه فساهم هو دون قصد بترسيخ حالتها تلك

"عموري"


+



صدح ندائها الحبيب، فتقدم ليعبر غرفته بشوق لتتسمر عينه عليها بعد ارتدائها الثوب الأخضر الذي أحضره ومفاتنها التي تجلت منه مع استرسال شعرها الطويل وذاك الطوق الذي صنعه لها بيديه بذات الخضار يزين قمة رأسها والخلخال الذى إلتف حول أنكل إحدى قدميها فجمعت ما بين إغراء أنثى كاملة الأنوثة وبراءة طفلة يعشقها حد الثمالة، مزيج لم يراه مع سواها..استسلم گ المسحور لكفها وهي تجلسه فوق فراشهما ثم ابنعث من هاتفها موسيقى أغنية أخبرها يوما انه يود أن ترقص له عليها. 


+




        

          


                

ده عينه مني .. وده عينه مني .. وانا عيني منك انت. 

ده نفسه فيا ...وده نفسه فيا .. وانا نفسي فيك انت. 

ما ببصش لغيرك لا لا..دانت رجل وسيد الرجالة. 

دانت معشش جوة قلبي حتى تعالي بص تعالي.


+



تمايلها وهي تغني الكلمات وتنظر له بشقاوتها حركاتها العفوية أشعل فيه روحه المرحة فقام يراقصها وهو ينثر عليها نقود ورقية بسخاء لتضحك بشدة وتواصل رقصتها حتى انتهت منها ليضمها بقوة راضيا بعرضها له فقالت وهي تلهث: ده انت طلعت زوج لقطة، لو كل مرة ارقص هترميني بالفلوس دي هظبطك. 

غمزها مع قوله: لا ماتقلقيش جوزك جيبه عمران ظبطيني بضمير اظبطك. 

تهكمت: والله اللي يسمع كلامنا يفتكرنا اتعرفنا على بعض في "خمارة" ياغالي. 


+



قهقة بقوة لدعابتها ثم عبس وجهها بغتة متسائلة بريبة: أوعي تكون كنت بتعمل كده مع حد قبلي؟ أدبحك. 

قربها إليه هامسا: تدبحيني أكتر من كده ايه؟ 

ابتسمت بحب: يعني عجبك رقصي؟ 

جاء صوته محملا بعاطفته: كل حاجة فيكي بتعجبني يا جوجو.. شكلك، خفة دمك.. انوثتك وبراءتك، متهيئلي محدش بيحب مراته أدي. 

تنهدت بسحر قربه وكلماته التي بددت مزاجها السيء: انت روحي ياعامر، كل حاجة تحبها مني هعملها. 

ثم ابتعدت وهي تصيح بغتة: يانهاري انا نسيت انك جيت من شغلك ومش أكلت زمانك هتموت من الجوع، ثواني و... .


+



التقطها ثانيا قبل أن تبتعد: أنتي عبيطة؟ 

أشارت لصدرها بعتاب بريء: أنا يا عموري؟ 

_ يعني بعد الرقص والدلع ده كله والفلوس اللي رميتها عليكي تسيبيني وتروحي المطبخ 

_ يعني اسيبك جعان؟ 

كست نبرته الأغراء: لأ.. عشان كده لازم تفضلي معايا

ثم رفعها بغتة بين ذراعيه وأرقدها بحرص گ الماسة وهو يهمس: اللي انا عايزه مالوش علاقة بالمطبخ ياغشيمة. 

_______


+



_ جوجو انا ماشي على شغلي عايزة حاجة؟ 

_ شكرا يا حبيبي. 


+



كاد أن يغلق الباب خلفه قبل أن يصله صوت غريب، عاد للداخل وتفقدها متتبعا الصوت الذي بدأ يتضح انه صوت "قيء" أتي من المرحاض، وجدها تخرج متعرقة الوجه يكسوه الشحوب. فاقترب بجزع: 

مالك ياحبيبتي حصل ايه؟

_ معرفش ياعامر، جيت اقوم وراك لقيتني دوخت فجأة وفي نفس الوقت داهمني شعور القيء بشكل غريب مع اني لسه مافطرتش. 

_ طب تعالي ارتاحي، انتي فعلا شكلك تعبان.. معقول من رقص امبارح؟ 

_ لأ طبعا انا عمري ماتعبت من الرقص. 

وقف ينظر لها بحيرة، ثم أمسك هاتفه وبعث رسالة لظافر انه سيتأخر اليوم وقال لها: طب قومي البسي ياجوري.( ليه؟) أجابها: هنروح للدكتور طبعا لازم اطمن عليكي. 

_ مفيش داعي يجوز إرهاق عادي متراكم من اسبوع الحنة والسبوع. 

_ برضو لازم اطمن، لو روحت شغلي كده مش هركز فيه.. يلا اجهزي.

_ بس هنلاقي عيادة فاتحة الصبح بدري كده؟

_ لأ بس في مستشفى قريب هاخدك هناك. 

............ 

يقف مكفهر الوجه منتظرا انتهاء فحص الطبيب لزوجته، لينتهي الأخير وهو يقترب هاتفا: مبروك. المدام حامل. 

اذبهل وجهه كما تسمرت عين جوري على الطبيب غير مصدقة ما تسمعه، ليصيح عامر: بتتكلم جد يا دكتور؟ مراتي حامل. 

_ أمال بهزر يا استاذ، بس محتاجة راحة كبيرة لأن حملها محتاج يثبت.. ودي فيتامينات ومثبتات تاخدها بانتطام..

كادت تقفز من الفرحة بعد استيعاب الأمر ليرمقها عامر بنظرة زاجرة أوقفتها بخنوع وان كان كل مافيها يرقص ويصرخ من الفرحة. 

............ 

عادوا لمنزلهما ثم وقفت أمامه مغرورقة لتندفع بغتة متعلقة بعنقه فيحتويها گ الطفلة بين ذراعاه وينعم معها أخيرا بالفرحة التي لجمها في عيادة الطبيب حتي وصلا لمسكنهما.. 

_ أنا مش مصدقة نفسي يا عامر، أنا حامل.. أنا وعطر ولادنا هيكونوا قد بعض.. ثم أحاطت وجهه براحتيها وقبلت بين عيناه مطولا هامسة بحنان طاغي: هتبقى أحلي واحن أب ياعموري، مبسوط؟ 

جاء صوته شديد الدفء: مبسوط لفرحتك أكتر من فرحتي نفسها ياجوري. 

ثم تبدلت نبرته للمشاكسة: 

بس شوفتي.. قلب المؤمن دليله ازاي؟ خليتك رقصتي ودلعتيني قبل ما الواد ده يجي يقل مزاح ابوه. 

تركته ونظرت لموضع حنينها: شايف بابي بيقول عليك ايه ياحبيب ماما؟ 

_ لا بقولك ايه ابني ومش هيزعل مني وهيبقي صاحبي ويحبني عنك. 

صمتا يتبادلان النظرات ثم تعانقا ثانيا بقوة ويستعدان لإخبار العائلتين بخبرهما السعيد. 

وأولهم يزيد وعطر جيرانهما. 

_________


+




        

          


                

ملتحمان بعناق باكي وكلا منهما تبث مشاعر فرحتها للأخرى: مبروك ياجوجو مبروك، أهو انا كدة فرحتي كملت بحملي، وهنتابع سوا مع دكتور بلقيس هنا. 

ردت الأخري باكية: وولادنا هيكونوا زينا نفس السن وأخوات.. 


+



_ ونفس الجنان. 


+



قالها يزيد وهو ينزع شقيقته من عطر ويضمها بحنان قائلا: مبروك ياحبيبتي هتجيبي زئردة صغيرة. 

_ ويمكن زئرد يا باشمهندس. 

ضحكوا ليجيبه يزيد: مش هتفرق المهم ان الاتنين هيجيبوا قرود صغيرة. 

حدجته عطر برفعة حاجب فقهقه مع قوله: سوري جت علي الجرح. 

ضحك عامر: لا خد بالك العمر مش بعزقة. 

عطر بحماس: طب يلا نتصل بالكل نفرحهم. 

عامر: لالا استني.. 

ثم دني من زوجته وضم كتفيها قائلا: خبر حمل حوجو لازم يتقال بطريقة مميزة. 

__________


+



"هتجيبوا بنوتة زي القمر" 

قالها الطبيب بعد فحص بلقيس ليهتف أبويها ووالدة ظافر بالدعاء والمباركة، ثم ترقبت دره زوج ابنتها لتري رد فعله خائفة ان تكون الفتاة لا تناسب أمنية إنجابه الأول لتجده يبتسم مع قوله: الحمد لله زي ما اتمنيت، متابعا قوله وهو ينظر لأبيها بفخر: أنا كمان هيكون عندي "ملكة أبيها" يا عاصم بيه. 

ضحكت بلقيس بفرحة وانفرج وجه دره وجددت مباركتها بقوة بينما صاحت هدى: انا من دلوقت هستعد لقدوم حفيدتي وهعملها حاجات بإيدي.

_ وأنا كمان.. 

قالتها دره ليهتف بهم ظافر: طب يلا نرجع بيتنا احسن احنا نسينا نفسنا وعطلنا الدكتور. 

الأخير بود: بالعكس انا فرحان لرد فعلكم، ربنا يقومها بالسلامة ويقر عيونكم بحفيدتكم. 

...... ..

" مبروك يابلي انتي وآبيه مبروك"


+



هللت بها إيلاف ليعانقها ظافر: عقبالك ياروح قلبي.

_ لسه بدري عليا مش قبل سنتين. 

هدى: وهو محمود هيستناكي؟ ده هيتجنن. 

ضحكت بخجل لتدعم بلقيس والدة زوجها: أه والله ياطنط محمود هيتجنن ويتجوز. 

ظافر: كله بآوانه

واستطرد لزوجته: بلقيس اطلعي ارتاحي بقي. 

هدى: وانا هروح اعملها بنفسي شوربة تغذيها. 


+



اما هو فاختلي بشقيقته في غرفة مكتبه بعد أن دعاها إليه ( خير يا آبيه قلت عايزني في حاجة مهمة) 

_ خير يا حبيبتي.. ثم حدجها بحنان: بنتي الحلوة كبرت وخلاص هتتجوز ويكون ليها حياتها وعندها ولاد، عشان كده آن الآوان تعرفي اللي ليكي عندي، بس قبل ده كله لازم تاخدي هديتك.. 


+



وأخرج من درج مكتبه مفتاح فضي وقال: دي هديتي بعد تخرجك يا إيلي زي ما وعدتك اول مادخلتي كلية الطب، فاكرة؟ 


+



نظرت للمفتاح مآخوذة وصوت أخيها يأتي من داخلها بذكري بعيدة في يومها الأول في الكلية ( وعد عليا يوم ماتتخرجي من كلية الطب هتكون هديتي ليكي عيادة في أفخم مكان) 


+



دمعت عيناها وهي تلتقط المفتاح هامسة: العيادة؟ 

هز رأسه: في أفخم مكان يليق بالدكتورة إيلاف الشباسي، انتي مش بس حققتي حلمك، لأ.. حققتي رغبة بابا الله يرحمه لما قالك نفسي تطلعي دكتورة. 

ابتسمت وهي تبكي، فاقترب وضمها إليه: مبروك ياحبيبتي.. ودلوقت نتكلم في الأهم.. من يوم وفاة بابا وانا بدير كل حاجة وبتصرف فيها براحتي بس عمري مانسيت نصيبك وحقك ابدا لأن الفلوس اللي ابتديت بيها كل حاجة كانت ورثنا من بابا وكمان أرض ماما.. ثم أطلعها علي عقد يدعم قانونيا حقها الشرعي في كل شيء، لتهتف بتأثر: أنا مش عايزة حاجة يا آبيه، كفاية انك عوضتني بابا وماحرمتنيش من حاجة ابدا، وبعدين هعمل بيهم ايه؟ كفاية اوي العيادة. 

_ العيادة دي هديتي من مالي الخاص، انما الباقي ده حقك وحق ولادك..محدش ضامن عمره يا إيلاف كان لازم احدد كل حاجة عشان اكون مطمن.. 

احتضتت خصره بقوة وفزع: بعد الشر عليك يا حبيبي اوعي تقول كده تاني ابدا. 

ربت علي ظهرها برفق: في كل الأحوال ده كان وقت الخطوة دي، وكده انا ارتاحت..

نظرت إليه بتقدير: أنا فخورة بيك، انت ميراثي الحقيقي في الدنيا مش شوية فلوس. 

ابتسم مقبلا قمة رأسها: قطتي بتجيب الكلام الحلو ده منين.. 

_ من حلاوتك انت يا ظاظا

حجطت عيناه بدهشة: إيلاف! 

ضحكت قائلة: خلاص أحسن مرات اخويا تزعل. 

وتركته ليهز رأسه مبتسما مع قوله: مجنونة. 

________

" عين العقل يا ظاظا"

قالتها وهي تُثمن تصرفه مع شقيقته بشأن الميراث ليحذرها: ياريت بلاش موضوع ظاظا ده قدام حد بعد كده! 

عبس وجهها: يعني بلاش ادلعك تاني؟ 

لان صوته شفقة بعبوسها: لأ دلعيني براحتك بس بيني وبينك، إيلاف المجنونة لقيتها بتقولي ظاظا. 

كتمت ضحكتها: طب وفيها ايه يا... 

رمقته بمشاكسة وصمتت فقال: لأني اخوها الكبير ومربيها فلازم يبقالي هيبتي معاها.

_ بس مش غلط يعني لو ادلعت عليك. 


+




        

          


                

أطرق رأسه يلفه الصمت برهة ثم اقترب وحاصرها بنظرة دافئة: في حاجات مابحبش اسمعها غير منك انتي وبس، منك بيكون ليها معاني تانية عندي ورد فعلي معاكي مختلف، لكن أختي لأ.. مع جوزها تعمل اللي نفسها فيه وهو هيتقبله..فهمتيني؟ 


+



أومأت مبتسمة وعيناه تشع حبًا: فهمتك يا حبيبي. 

حاوط خصرها بروح عاشق يهيم بها: طب دلعيني. 

طالعته بعاطفة تليق بمثله ثم قبلت وجنتيه وعانقته بشدة هامسة: طيب انت فرحان ان هنجيب بنوتة. 

_ جدا. 

ثم ابتعد عنها مستأنف: ملهوف اشوفها من دلوقت، ويارب تطلع شبهك انتي. 

_ هتحبها أكتر مني؟

_ أنتي حاجة وهي حاجة

_وهتضفر شعرها زيي؟ 

_ أيوة

_ يبقى هغير.


+



أدارها وأجلسها على طرف الفراش ثم شرع بتمشيط شعرها بأنامله وهو يقسمه ويصنع لها جديلة، شعور يدغدغ أنوثتها ويدلل بها الطفلة.. أغمضت عيناها مستمتعة بلمساته حتي انتهى وأدارها إليه وهو يهمس: عرفتي لما تغيري هعمل ايه؟

ابتسمت وارتمت على صدره تقول: بحبك يا ظاظا. 

_________


+



للمرة الأولى منذ الحادث تتصالح مع ملامحها في المرآة، شعورها أنها استعادت بعض جمالها له تأثير ساحر في روحها، لم تعد ترتعب إن تراجع وشاحها عن عنقها گالسابق، صارت أكثر هدوء وأقل عزلة، لا يؤرقها حتى معرفتها أن شبيه منصور شارك قدرًا مع الفريق الطبي الذي قام لها بالعملية، ربما هي بعضًا من عدالة السماء أن يُجمل ندوبها، لكن ها هنا على جدار طفولتها مازالت ندوب أبيه الغائرة تؤلمها، لن يقدر أن يبددها..على أية حال ستتغاضى عن الأمر تهتم لما أصبحت عليه. 

_ بقيتي جميلة أوي أبلة رودي. 


+



قالتها " ضي" عابرة غرفتها، لتجيب مبتسمة: بجد يا ضي؟ يعني الأول كنت وحشة؟

_ لأ، بس كنتي حزينة مش بتضحكي، دلوقت بقيتي تضحكي، عشان كده بقولك بقيتي جميلة أوي يا أبلة.


+



كيف بكلمات عفوية شديدة البساطة تؤثر بها هذه الطفلة؟ لما هي بالذات ما تنسي أنها من نسل اللعين منصور؟ لا أحد كان له هذه المكانة في نفسها بعد رائد سوى تلك الضي. 

دعتها مشرعة ذراعيها لتضمها بمشاعر أمومية خالصة نادرا ما منحتها لأحد بهذا السخاء غير رحمة. 

_ تعرفي ياضي اني بحبك أوي؟ 

هزت الصغيرة رأسها: أيوة عارفة، وأنا بحبك أكتر، وبحب آبيه حازم وأبلة غدير. 


+



اكفهر وجهها لذكرهما وقالت: طيب تعالي نشوف رحمة وتيتة وعمو رائد. 

_____________


+



بدا شارد غائم العين غافلا عن حضورها إليه وهو يقف مراقبا الجدة تلاعب رحمة لتنضم إليهما ضي بينما تحركت إليه تيماء تنادي: 

_ رائد، واقف بعيد ليه؟ 

فاق علي صوتها فابتسم وشملها سريعا بنظرة رصدت فتنتها التي تشع من روحها ومقلتيها ليهمس: وبعدين معاكي، كل يوم تحلوي أكتر. 


+



ضوى وجهها لإطراءه وغمغمت: بجد يا رائد رجعت بعد العملية حلوة في نظرك؟ 

_ طبعا حلوة بس اللي حلاكي ثقتك في نفسك وروحك اللي رجعت وانعكست جوة عيونك يا تيماء. 

تنهدت وعانقت أنامله: عمري ما هنسى وقفتك جمبي

اكتفي بابتسامة حانية وقال: مستعدة للعملية الجاية؟

قالت بحماس: جدا..امتي هننزل القاهرة؟ 

_ بكره، الدكتور طلب تتواجدي قبلها بيومين، عشان كده مامتك معانا..قالت مش هتسيبك زي المرة اللي فاتت. 

حادت عيناها تنظر لوالدتها مع الصغار مغمغمة: وجود ماما في حياتي دلوقت فرق كتير اوي يا رائد، ياريتها كانت معايا من زمان ومابعدتش عني. 

_ كله نصيب، المهم انها لما رجعت مسكتي في ديلها ماسبتيهاش، مديتي ايدك ليها وقربتي المسافات.

أومأت له: عندك حق.


+




        

          


                

لفهما الصمت دقائق وهما يتابعان الصغار، ليبادر قائلا: رودي لو شوفتي حازم تاني هتسلمي عليه وتشكريه؟

_ لأ. 

لم تأخد لحظة تفكير وهة تجيبه ليرمقها بغموض وعاد الصمت يفرض هيمنته عليهما شاردان الذهن معًا. 

__________


+



"دكتور عز عايزك في القاهرة بكره؟! ليه" 

رد مقتضبا: معرفش بس اكيد عملية تانية. 

_ ممتاز واضح انك كسبت ثقته في العملية اللي فاتت. 

_ احتمال مقدرش اشارك. معاه تاني لو... .

_ لو ايه؟ وليه ماتقدرش دي فرصة ليك ياحازم. 

تنهد مع قوله: هشوف يا تالا. أنا حاولت في التليفون افهم منه بس قفل بسرعة وقال انه جاله مكالمة مهمة وانه منتظرني. 

_ أكيد خير أنا متأكدة.. 

أومأ ولا يعرف إن كان كذلك ام لا، لكنه لن يشارك بشيء يخصها ثانيا هذا قرار ليس به رجوع. 

_________

في اليوم التالي. 


+



طرق الباب قبل أن يدخل ملقيا التحيه: 

السلام عليكم يا دكتور عز

_وعليكم السلام ورحمة الله اتفضل يا حازم، تشرب ايه؟

_ شكرا لحضرتك لسه شارب قهوة. 

_ تمام.. شوف ياسيدي طبعا انت شاركت معايا المرة اللي فاتت في عملية المريضة " تيماء الصاوي"

اخفي حازم توتره وهو يجيب: أيوة. 

_ هي هتعمل نفس العملية عشان تعالج ظهرها اللي متأثر بشكل كبير جدا، وبما إنك اترشحت ليا بتوصية خاصة من دكتور "... " أنا برشحك أنت اللي تتولي العملية التانية مكاني مع نفس الفريق..وده لأني لازم ارجع ألمانيا ضروري. عشان كده فكرت فيك انت. 


+



اتسعت عينه بذهول ليس فقط اعتراضا ان يقدم مساعدة لتلك التي يبغضها، لكن فزعا أن يتحمل وحده مسؤلية عملية كبيرة گ هذه. 

_أزاي يا دكتور؟ أنا لسه بعمل الدكتوراه وخبرتي مش زي حضرتك ابدا.. ازاي احل محلك في عملية صعبة زي دي لوحدي.. أنا مش مستعد لكده. 


+



نظر له استاذه متفحصا قبل أن يقول: 

دكتور حازم، تفتكر لو أنا شايفك غير مؤهل لخطوة زي دي كنت ارشحك ليها؟ أنت حضرت معايا عملية مماثلة لنفس المريضة، يعني تفاصيلها كلها عندك. وأنا شوفتك كنت الأكفأ، يبقى ليه ترفض فرصة يتمناها أي شاب مكانك؟ الثقة في النفس مهمة جدا وإلا هتفضل خايف ومش هتتقدم في مهنتك. 


+



_ دكتور عز انا .. 

مزج صوته بين الصرامة والدعم: أنت هتتولى العملية يا حازم، وهتنجح وهتثبتلي قبل ماتثبت لنفسك إن ثقتي فيك كانت في محلها. 


+



دعم طبيب كبير مثله ومدحه بتلك الطريقة تُعد وحدها مكسب له، لما يرفض؟ لأنها شقيقته التي يُبغضها؟ وإذا؟ هو هنا طبيب وهي مجرد مريضة يمد يد العون لها، زفر بقوة وهو. ينفض عنه غلالة التردد وقال بحسم: خلاص يا دكتور.. أنا اللي هتولي العملية بنفسي ري ما حضرتك أمرت.


+



ابتسم الطبيب بوقار وقال: تمام ياحازم.. تقدر تتابع مريضتك من دلوقت وتشوف نتيجة العملية السابقة وصلت لايه، هي جت انهاردة وفي نفس غرفتها.. بالتوفيق. 

ثم صافحه بتمتمة مشجعة: أنا واثق ياحازم ومتأكد إنك هتبهرني بالنتيجة.. أنت هتكون طبيب ماهر وذو شأن في المستقبل.

ثناء الطبيب عليه أنساه مؤقتا توتره وضيقه من فكرة أن يواصل هو حالة شقيقته.. وعلي مضض وبأسلوب عملي بحت، توجه لغرفتها.

____________


+




        

          


                

_ أسمعي بقى ياتيماء العملية دي أخر فرصة هديهالك عشان ترجعي ست جميلة وتملي عيني زي ماكنتي لأني زهقت، مافيش حاجة تجبرني اعيش مع واحدة مشوهة، كنت فاكر النتيجة هتكون مرضية عن كده وعمال اصبر نفسي واجبر خاطرك وبقول هتتعالج لكن للأسف، لا والدكتور عز ده فرحان بنفسه ومحسسني انه عمل اللي ما يتعملش.


+



صدمة قاسية جعلت حدقتاها تحدجه بذهول وهي تهمس بإنكسار: انت بتقول يا رائد؟ 

_ اللي سمعتيه يا هانم..التشوه لسه له أثر، مش شايف غير تغير بسيط.. قوليلي هنعيش مع بعض ازاي.. هبص لجسمك ازاي من غير ما احس بالقرف..ولا فاكراني هفضل امثل عليكي ان مش هاممني.. لا خلاص خلصنا.. زي ما قلت هديكي فرصة أخيرة يا تيماء وهستني العملية التانية، ولو لقيت النتيجة ماترضنيش، يبقي كل واحد فينا من طريق يا بنت الناس.


+



صاعقة عبرت ولطمت وجهه فأردته ليرتطم بالجدار خلفه وحازم يهدر عليه بغضب: أنت حيوان؟ ازاي تكلمها كده يا بني آدم انت؟ هو بمزاجها؟ 


+



اقترب منه رائد وعينه مشتعلة: وانت ازاي تدخل ببني وبين مراتي.. ها؟ أنت مين عشان... .

صاح صارخا دون وعي: أنا اخوها ياغبي.. 

قالها وصمت يلهث منفعلا وصدره يعلو ويهبط وخلفه الأخيرة تطالعه بذهول شديد لا تصدق ما قاله

هل قال انه شقيقها؟ دافع عنها؟ حاول الثأر لكرامتها؟ 

تآوهت داخلها بآهة طويلة شوقا لهذا الشعور أن لها حصنًا من دمها يحميها ويرد عنها بتلك القوة

حصن انتظرته كثيرا بطول عمرها الفائت.. 

يتأجج بها رغبة دخيلة على طبيعتها القاسية حرضتها على عناق أخيها، حتى لو لفظته بعدها وعادت تتخفى خلف جفائها، يكفي أن تتذوق مثل هذا العناق الأخوي.. 


+



_ طب ما دام انت عاملي فيها راجل خد اختك عالجها ورجعهالي حلوة زي ما كانت لأني مابقيتش قادر اتحمل اشوف التشوه ده و... 


+



لطمة جديدة نزلت على وجهه باترة حديثه القاسي. 

فطرة الطبيعة أشعلت رباط الدم بينهما وذكرته فقط ان التي تُهان كرامتها الآن شقيقته..

رغم القطيعة، رغم انه لم يصفح، رغم كل الأسباب التي تمنعه أن يدافع عنها، قد فعل.

دافع عنها وصنع من جسده أمامها صدا منيعا أمام زوجها القاسي.. لتبصر ظهرا بدهشه..بحنين.. بألم.. بشوق، دموعها تختلط بمشاعرها فتنهمر علي وجنتاها.. حلاوة مذاق دفاع أخيها عنها أنساها مرارتها من قسوة رائد التي لم تستوعبها بعد. 


+



حازم: أنا راجل غصب عنك..واتفضل اخرج بره..المريضة لازم ترتاح.. 

_ محدش يقدر يخرجني من أوضة مراتي حتي الجن الأزرق.. 

_ مفيش داعي للجن والعفاريت.. 

ثم فاجأه حازم بدفعه عنوة خارج حدود الغرفة متبعا إياه بتحدي: أنا لوحدي اقدر امنعك.. 

ناطحه رائد بنظرة قوية مليئة بتحدي مماثل وهو بقول: طب هتقدر تحميها مني لما ترجع البيت معايا؟ هتقدر تمنعني أعمل اي حاجة أنا عايزها؟؟؟


+



هنا فاق عقله لما يحدث وما فعله دون وعي.. 

لو أخبره أحدا انه سيقف مثل هذا الموقف يوما مدافعا عن شقيقة يبغضها لاتهمه بالخرف.. 

عجز عن الرد منكسا رأسه بشرود جعل رائد يقترب منه مغمغما بنبرة خلت منها الفظاظة وحل محلها هدوء غامض: تعالي معايا ياحازم..في كلام مهم لازم تسمعه. 

________________


+




        

          


                

دقائق مرت والصمت يخيم عليهم، مازال حازم لا يصدق أنه دافع بتلك الشرسة عن رودي، أما رائد فكان يرصده بعين صقرية تحاول استنباض دواخله، وما أدركه كان إشارة أكثر من كافية ليبدأ ترميم الشرخ بينهما.. 


+



_ عمرك سألت نفسك عن سبب عدوانية رودي معاكم زمان وحتى بعد ما كبرت؟ تفتكر في مشاعر "كره" بتتزرع جوه قلب بدون سبب يدعمه ويبرره؟ 


+



ظل حازم علي صمته مطرق الرأس ليستطرد الأخر: 

آن الآوان تعرف عن ابوك اللي عمرك ماعرفته. 

هنا رفع حازم عيناه إليه بتساؤل مرتاب ليستأنف رائد: لو عايز تلوم حد وتكره يبقي الحد ده هو والدك اللي دنس براءة أختك وهي صغيرة وكان بيتحرش بيها.. 

"أخرس"

بصقها حازم في وجه ثم رفع يده عازمًا علي صفعه للمرة الثالثة فعاق رائد تسديدها واستعرت جذوة الغضب في عينه مغمغما بقوة: انسى..انا سبتك تمد ايدك لهدف كنت عايز أوصله، لكن أكيد مش هسمحلك تتجاوز معايا تاني! واسمعني لأنها فرصة ليك تعرف الحقيقة اللي بسببها أختك اتظلمت وسطيكم، وعشان تكون فاهم انا مش فارق معايا تتصالحوا او تفضلوا متقاطعين، أنا اللي يهمني اني اجيب حق مراتي من ابوك، وبما انه مات انت اللي هتسد دينه بنفسك وإلا هيفضل يتعذب في قبره بذنب مراتي وغيرها..لأني سألت وعرفت عن والدك اللي محدش فيكم عارفه حتى والدتك..


+



اتقدت عين حازم وصارت گ جمرتان مشتعلتان وهو يسمع ويفهم ما يخاف تصديقه، ليوصل رائد الطرق على حائط تخبطه: 


+



_كانت طفلة صغيرة مش فاهمة اللي ابوك بيعمله، ولما ابتدت تفهم بقيت تكرهه وتكرهكم لأنكم ولاده أولا ولأنكم بتفكيرها گطفلة أخدتوا منها والدتها.. رودي كانت محتاجة اللي يحميها ويحتويها ويفهمها بس للأسف ما حصلش، كبرت وجواها بركان بغض وغضب وحقد كله اتوجه ليكم حتى أمها كرهتها وبعدت عنها وحملتها ذنب اللي حصلها لأنها اتجوزت..اختك مسكينة ومظلومة من الكل وأولهم أنا، أكتر واحد ظلمتها واستغليت ضعفها وحرمانها من حد يحبها ويخاف عليها، اختك مش مذنبة عشان تعاقبها وتحاسبها بالعكس أنت لو شوفت كانت بتبصلك ازاي من شوية وانت واقف تدافع عنها؟ لو شوفت نظرة عيونها كنت هتلاقي طفلة مذعورة بتقولك أحميني..رودي جواها طفلة، طيبة وحنينة بدليل حبها لأختك ضي.. 

عارف ليه ياحازم هي حبيتها؟ لأن ضي أديتها الحب الخالص والحنان الحقيقي، الطفلة الصغيرة دي طبطبت علي قلب رودي بمنتهى البراءة. ماقالتش دي مش بتسأل علينا وهكرها، لأ، اترمت في حضنها.. قالتها بحبك بعفوية.. قالتلها انتي جميلة لما بتضحكي..خافت عليها بجد..لكن أنت واختك استسهلتوا البعد والجفا من غير ما تحاولوا مرة واحدة تعرفوا سببه وتصلحوه. 


+



كأنه يحيا كابوسا شديد البشاعة، أهذا تاريخ والده وإرثه؟ أمعقول ما سمعه الآن عنه صحيح؟! والده تعرض بالسوء لشقيقته حقًا؟ وبدون ترتيب تدفق من سرداب عقله موقف رآه وهو طفلا وأبيه يفعل شيء مع الخادمة، لم يفهمه حينها وكان صغيرا.. صغيرا لدرجة أن الموقف بأكملة تاه في ذاكرته وطمس بغبار الأعوام التي نضج بها..هذا يدعم حديث رائد وأنه لا يكذب..وشقيقته طُلمت ولم ينصفها أحد. 


+




        

          


                

_ دلوقت الأمر يرجعلك ياحازم، لو عايز تكفر عن ذنب ابوك وترمم التشوه اللي جوه روح اختك بسببه، قرب منها وحسسها ان ليها أهل وعزوة وأخ يخاف عليها ويحبها، حبها لأنها محتاجة حبكم..إصلح بينها وبين أختك التانية وخليكم ايد واحدة ماتتفرقوش، دي فرصة مش هتتعوض وأنا خلاص عملت اللي عليا ومش هكلمك تاني، انا في كل الأحوال في ضهر مراتي مش هخليها تحتاح مخلوق طول منا عايش..


+



ونهض وهو يلقي كلماته الأخيرة: وأظن مش محتاج اقولك إن كل اللي سمعته مني في المستشفى كان كدب، رودي ماليا عيني وقلبي وتشوهها مش فارق معايا وان كنت بعالجها فده عشانها هي، عشان ترجع تحب نفسها في المراية من تاني. 

_____________


+



" يمكن مايقصدش ياحبيبتي، رائد بيحبك"


+



صوت والدتها ينساب ليواسيها لكنها لا تصدق ما قاله رائد لها، مستحيل، هل حقا يكذب انه يتقبلها؟ سيتخلى عنها لو ظلت مشوهة؟ هل وهل.. العشرات تتشعب داخلها، وفي الوقت ذاته يجرفها تيار أخر نحو شعور لذيذ بموقف أخيها ودفاعه عنها، مازالت تسمع صوته يزأر بحمية لأجلها.. كم جميل هذا الشعور كم جميل. 


+



_ ممكن حضرتك تسيبيني مع مراتي شوية؟


+



قالها رائد والجًا لتوه فتنحت والدتها بعد أن منحته نظرة ذات مغزى لتترك لهما مساحة خاصة، حدجته تيماء بعتب ووجع سكن مقلتاها الدامعة، ليتلقفها بنظرة حانية قبل ذراعاه الذي ضمت رأسها لصدره وهو يهمس لها: تصدقي برضو اني ممكن اجرحك؟

_ اللي قلته دبحني مش جرحني يا رائد. 

لثم قمة رأسها وقال: أحيانا بنضطر نجرح نفسنا عن طيب خاطر عشان نطرد من جسمنا دم فاسد بيألمنا أو نستأصل جزء خبيث فينا، الجرح بعدها بيطيب وبيضيع معاه كل الألم..ورفع وجهها إليه مواصلا: كان لازم أخرج من جوه حازم مشاعره الحقيقية، الفطرة اللي محدش يقدر يقتلها، لما حس اني بظلمك وبجرحك نسي كل حاجة ومافتكرش غير شيء واحد بس.. انك أخته.. لحمه ودمه..نصرك في عز ضعفك و دافع عنك وكان ممكن يقتلني عشانك.. تفتكري ده أخ يستاهل تكرهيه وتحمليه ذنب أبوه؟ ولا يستحق ترمي ورى ضهرك اللي فات وتفتحي معاه صفحة جديدة؟


+



لم تمنحه سوى البكاء مختبئة بصدره ليهدهدها برفق مع قوله: أهدي وانسي اللي زعلك مني، أفتكري بس شكل حازم أخوكي وهو بيحميكي، كفكف بيديه دموعها وأرقدها وراح لشخص ما يستحق منه الشكر.

__________


+



_ شكرا يا دكتور عز، حضرتك قدمتلي مساعدة كبيرة.


+



رفع الرجل عويناته وغمغم بوقار: بس انا معملتش حاجة، أنا. فعلا مسافر ألمانيا ومش هقدر اكمل عملية مراتك..

_ بس كنت هكلف بيها زميل تاني غير حازم للعملية. 

_ فعلا، بس كنت هرشح حازم لمريض تاني في عملية مشابهة لأنه كان نفس الكفاءة، كل الحكاية اني بدلتهم مش أكتر لما وضحتلي ان ده هيحل أزمة كبيرة حتي لو كنت معرفش ايه هي الأزمة دي، المهم اني ماكنتش هوافق ابدا أدعم حازم گ طبيب لو شايفه غير كفء. 

_ فاهم يا دكتور ومع كده بشكرك لأنك كنت متفهم لرغبتي ان حازم هو اللي يتابع عملية مراتي..ونهض مع قوله: استأذن حضرتك مش هعطلك أكتر من كده. 

_ أتفضل وربنا يطمنك عليها، أنا برضو هتابع مع حازم من ألمانيا واطمن.. 

_________


+




        

          


                

" بسم الله ما شاء الله عليكم يابنات، انتم الاتنين أجمل من بعض" 


+



باحت بها هدى وهي تتأمل بسمة وإيلاف والألق يضوي بطلتهما، بسمة بثوب عرسها الأبيض وحجابها ذو الوشاح الشفاف وتاج الرأس ينفاس بلمعانه الفضي "فضية" عيناها فبدت بحق " ساحرة"..أما إيلاف طغى علي مظهر ثوبها نعومة ورقة تليق بها، وحجابها متوحد مع لون ثوبها وتاج يزينها لتبدو گ أميرة صغيرة وشهية. 


+



بلقيس: فعلا الاتنين الله أكبر عليهم. 

عبير: سينو وحودة اما يشفوكم هيتهبلوا. 

أمونة: ماهو جوري وعطر مانعينهم بره زي الأسود

ضحكت فدوى: أيوة لأزم نشوقهم، ربنا يهنيهم ويسعدهم يارب. 

كريمة: يارب ويفرحنا بولادهم. 


+



"خلصتم ياجماعة؟ ياسين ومحمود عايزين يدخلوا وانا وعطر مانعينهم عشان... ." 


+



بترت جوري جملتها وهي تتأمل بانبهار العروستان مغمغمة: ماشاء الله يا بنات، ايه الحلويات دي..يابختك يا ابن خالتي انت وابن عمي، واخدين بسكوتين بالكريما وربنا.

فدوى: طب يلا يابنات اطلعوا بره عشان تمشوا مع عرسانكم واحنا وراكم.. تحركت إيلاف بينما قالت حنين: طيب معلش هكلم بسمة دقيقة وهنحصلكم. 


+



دنت من شقيقتها بعد أن خلا المكان حولهما، حاولت قول شيء فغلبتها العبرات وهي تنظر لفتنة بسمة التي اغرورقت بدورها لتصيح حنين: لا ياحبيبتي اوعي تعيطي عشان خاطري، انا دمعت من فرحتي بيكي..ورغم اني صغر منك بس في اللحظة دي حاسة اني أمك اللي أخيرا هتطمن عليكي مع راجل يصونك ويحفظك وتعملي معاه عيلة جميلة زيك..


+



ثم ابتعدت خطوة للوراء تطالعها بحنان مع قولها: عارفة لو ماما كانت معانا دلوقت كانت هتعمل ايه لما تشوف جمالك؟ كانت هترقيكي، لمعت عين بسمة أكثر لتقترب حنين وتضع كفها اليمين على رأسها وتغمض عيناها وترتل بعض الأيات لتنتهي بقولها: خلاص "رقيتك" ومافيش عين هتقدر تحسدك. 

ثم عانقتها بقوة وجففت دمعاتها بحذر كي لا تفسد زينتها. 


+



" ممكن اشوف مراتي؟" 

جاءهما صوت ياسين وهو يطرق الباب لتضحك حنين وهي تسدل على وجهها الوشاح الشفاف قائلة: جوزك هيقتلني لو منعته يدخل..هسيبك واروح لعبده وياسين اخويا وهنمشي وراكم بالعربية بتاعة صاحبه. 


+



ولج إليها ورفع عينه صوبها لتتجمد فور رؤيتها، وهي مطرقة الرأس بخجل، أهدابها تُخفي بريق عيناها الفضي، دني نحوها مآخوذًا بسحر جمالها ورفع عنها طبقة الوشاح الأبيض هامسا: هو انتي حورية من الجنة..ضحكت بخفوت بنكهة بكائها منذ قليل ليواصل همسه: بصيلي يابسمة. 

اهتزت أهدابها قليلا ثم رفعت إليه عيناها ليذهل بلمعانها وسحابة دموع غشتها، فاقترب مغمغما: ما شاء الله، أنتي جميلة لدرجة خايف حد يشوفك. 

ابتسمت بجاذبية ورقة هامسة: أختي رقيتني.. قالت لو ماما كانت موجودة كانت هتعمل كده. 


+



تنهد قبل أن يقول: ليها حق..العيون كلها لما تشوفك هتحسدك.. قبل حبينها مطولا وغمغم: 

يارب الفرح يخلص بسرعة واخدك لبيتنا.


+




        

          


                

"يلا يا عرايس اتأخرنا علي القاعة"

قالتها فدوى لتتعجل حضورهما، فكتم ياسين لهفته واستعان بصبره حتي ينتهي الحفل وينال وصال زوجته الذي يطوق شوقا إليه. 

________


+



" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير" 

بصوت المآذون سمعها الجميع ليعلق محمود بحرارة: اللهم أمين.. يعني خلاص كده إيلاف بقيت مراتي؟ 

ابتسم عاصم وأدهم وناجي متفهمين فرحته بينما لكز أبيه رأسه قائلا: أمال احنا كنا بنعمل ايه دلوقت يا ذكي.. بنحضر أرواح؟

محمود: ده انا اللي روحي طلعت علي ما وصلت للحظة دي. 

ظافر: واديك وصلتلها، شد حيلك وخلص شقتك وخد عروستك علي بيتك. 

_ لا لحظة بس سيبوني اعمل حاجة في نفسي وبعدها نتناقش.. والتف حول طاولة عقد القران متخطيا الجميع ليصل إليها ملتقطا كفها لتنهض وبلهفة من نفذ صبره وفقد عقله اكتسحها في عناق.. ليصدح صفير الشباب الصاخب المشاكس حولهما من أحمد وعابد وهو يتجاهلهما كأنه بعالم أخر متمسك بعناقها وهي ترتجف رجفتها الأولي بصدره، رجفة هو فقط من استشعرها والخجل يملأها أمام الجميع، وصلت لأذنيها هي فقط همسته شديدة الخفوت

" مبروك يا أيلي أخيرا بقيتي ليا " ليهتز خافقها لهمسته وعناقه. 


+



_ كفاية كده البنت هتفطس، خليني اباركلها. 


+



قالها ظافر بمزاح باطنه غيرة على شقيقته التي لم يعتاد أن يلمسها أحد أمامه، ضمها برفق وقال: مبروك يا إيلي.. مبروك ياحبيبة أخوكي. 

أجابته ودموعها تنهمر: الله يبارك فيك يا آبيه

_ سيبولي بنتي شوية بقى. 

تلقفتها والدتها بقوة وهي تبكي فرحا بابنتها التي أصبحت زوجة وقريبا ستكون سيدة منزل أخر وعائلة.. 

............ 

بدأت فقرات الحفل والعروسان يخطفون الأنظار..لتأتي لحظة إحضار الكعكة ليلتقط ظافر المايك قائلا: طبعا المعتاد إن قالب التورتة يبقي تقليدي ومزين بالورود بس الحقيقة انا حبيت اخلف القاعدة دي ولأن احنا الرجالة حقنا مهضوم، ففكرت اعمل قالب التورت بحروف أسامي العرسان بتوعنا.. ياسين ومحمود (Y..M)حد عنده اعتراض من عرايسنا بسمة وإيلاف؟ 

أومأوا له مبتسمين مرحبين بالفكرة لينال من جانب أخر تأيد الشباب بصفيرات حماسية، وتم تقطيع القوالب وكل عريس يطعم عروسه متبادلين.


+



اقترب الحفل من نهايته، فظهر عامر في وسط الساحة وتحدث عبر مكبر الصوت: 

ياجماعة ركزوا معايا دقايق..أولا ألف مليون مبروك لعرايسنا وربنا يسعدهم ويتمملهم على خير.. أما ثانيا بقى فأنا عندي للجميع خبر أظنه هيخلي فرحتنا الليلة مميزة..ونظر لزوجته لتأتيه وما أن وقفت جواره حتى أمسك كفها وصاح:

جوري مراتي وحبيبتي حامل.


+



شهقات الأفواه ملأت القاعة ما بين ذهول وفرحة ودموع لكن أكثرهم تأثر والدتها التي بكت بقوة لتحتضنها فدوى مهدئة: مبروك ياكريمة ربنا استجاب دعواتك لجوري وهتفرحي بأحفاد ولادك كلهم..مبروك ياغالية.. 

هرولت عليها جوري لتعانق والديها بقوة من فرط فرحتها.. الجميع بلا استثناء أسعده الخبر وغمرها بمباركات حارة صادقة.. لينتهي حفل العروسان گ أجمل ما يكون، وياسين يغادر بزوجته التي أوصت فدوى على الصغير أخيها لحين عودتها، بينما انطلق محمود مع إيلافه لينفرد بها ويبثها مشاعره الجارفة. 

_______








الثالث والستون من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close