رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الحادي والاربعون 41 بقلم دفنا عمر
الفصل الواحد والأربعون
________________
+
ما أن عاد بعد سهرته مع عروسه وصعد لغرفة والدته حتى تلقفته بعناق طويل وبكائها المكتوم في صدره يزداد مع هزة جسدها المنفعل ومازالت لا تصدق أن أبن القلب وفرحة أمومتها الأولى عقد قرانه الليلة علي ابنة شقيقتها الغالية.. أي فرحة وأي كلمات يمكن تعبر غير البكاء؟!
+
_ كفاية يا ماما معقول كل ده عياط من الفرحة؟ أمال لو زعلانة؟
وابعد وجهها الغارق بدموعه وراح يجففه برفق وقال: أنا وعدتك يا أمي اللي اختارتها هتكوني راضية عنها، واعتقد وفيت بالوعد"
أومأت وهي تحيط وجهه براحتيها قائلة بصوت مبحوح: وفيت ياحبيبي.. ريحت قلبي وهتخليني لأول مرة من سنين انام بالي مرتاح.. مهما قولت مش هقدر اوصل فرحتي بيك.. انت فرحتي الكبيرة يا يزيد!
+
_يا بختك يا عم يايزيد.. أخدت الدلال كله واحنا غلابة محدش سأل فينا..!
+
مازحها عابد اللذي انضم لهما وهو يشاهد عناقها لأخيه، لتدق مطارق تأنيب الضمير بعقلها ملتفتة له بخوف أن يكون بقلبه لوم وحقد أنها فرقت بينهما.. ربما لأنها تعلم أنها فعلت هذا.. فرحتها بيزيد فاقت كثيرا يوم عقد قرانه!
3
لذا تركته واقتربت لتحوط وجه عابد ومنحته أكثر نظراتها دفء وهتفت بصدق: أوعي يا ابني تكون شايل في قلبك من ناحيتي عشان فرحت باخوك اكتر منك.. وحقك عليا لو كنت ظلمتك ولا كسرت خاطرك يومها غصب عني.. بس ربنا وحده يعلم إني دلوقت صافية وفرحانة وبدعيلك يسعد قلبك الطيب وتلاقي السعادة مع زمزم!
+
اندهش بقولها ونبرتها الغارقة باللوم والندم، فهتف بقوة لينفي عنها هذا العبء الثقيل: لا يا أمي أوعي تقولي كده ابدا.. أولا فرحتك بيزيد طبيعي تكون أكتر.. يزيد له حتة لوحده في نفوسنا كلنا وانا نفسي فرحان عشانه أكتر ما فرحت لنفسي.. وانتي ماظلمتنيش يا ماما بالعكس.. انتي اتمنيتي ليه الافضل زي اي أم.. بس في الأخر مقدرتيش تزعليني وفرحتيني.. أوعي تحطي في دماغك ابدا الشعور ده.. أنا راضي الحمد لله ومبسوط ومش حاسس بظلم.."
ثم نظر لأخيه وهتف بمشاعر جارفة: يزيد كمل فرحتنا الناقصة
+
ضمه الأخير بقوة وقال: حبيبي يا عبودي.. ربنا مايحرمني منك، ثم لثم كلا منهما كف كريمة وقالوا: ولا من ست الحبايب
+
_ وبنتي جوجو مالهاش مكان في حفلة المشاعر الجياشة بتاعتكم دي؟
+
التفتوا لأدهم الذي ضم جوري لصدره على عتبة الغرفة والأخيرة ترمقهما بتشفي مازح، فواصل: هي كمان هتتخطب لشاب محترم.. يعني كرم ربنا جه مرة واحدة.. وواصل بمرح: المهم يا ولد منك له ليها.. عايزين احفاد كتير عشان نلعب معاهم أنا وأمكم.. امال هنجوزكم ليه؟
+
حاوطه يزيد وعابد يشاكسانه وظلت جوري تحتل صدر أبيها متدللة بينهما..لتلمع حدقتي كريمة بحنان وتسجل في عقلها أجمل صورة لأسرتها السعيدة وتدعوا داخلها أن يديم تلك الفرحة عليهم!
_____________________
+
أنتهت سهرته مع بلقيس وأوصلها مع وعد للقائهما صباحًا، وما أن وطأت قدمه داخل منزله حتى وجد عاصفة ترحيب وفرحة وبكاء من والدته وإيلاف التي صاحت: ألف مبروك يا آبيه.. أنا مش مصدقة الأحداث السريعة والجميلة اللي حصلت الليلة دي
بينما تمتمت والدته بثقة
_ بس أنا بقي توقعت حاجة مجنونة تحصل..!
لمعن عيناه لفراسة والدته بينما تسألت الأخرى:
ليه يا ماما توقعتي كده؟
_ لهفة اخوكي وهو بيطلب مني اجهز الجناح بتاع جوازه في أسرع وقت خلتني اتوقع انه اول ما يجي لازم هيطلب خطوة زي دي من حماه..بس اللي حصل كان احلى واحلى!
+
قالتها وهي تربت على صدره بفخر امتزج بسعادتها لما فعل..!
+
فقال مؤكدا: أنا فعلا طلبت ده من عاصم بيه وانا في لبنان، وهو قالي معندوش مانع لو أنا جاهز وبلقيس مستعدة! وربنا قدرلي الأفضل بدون ترتيب! ومافيش أحلى من تدابير ربنا..!
+
_ الحمد لله يا آبيه انت تستاهل كل خير!
+
قرص وجنتها برفق: عقبال ما افرح بيكي يا إيلي!
+
_ والله يا آبيه لو زيك موافقة اتجوز من دلوقت.
رمقتها هدى بنظرة غامضة وهتفت: مين عارف، مش يمكن في حد مستني إشارة منك ويكون مايتخيرش عن اخوكي!
وواصلت: تعرف مين وصلنا لحد هنا يا ظافر؟
_ أكيد عامر طبعا..!
_ لأ.. محمود ابن عم بلقيس!
+
ارتباك طفيف رصدته عين هدى في ابنتها، فواصلت بملامح أكثر راحة لصدق ظنها: اصله له واحد صاحبه ساكن جمبنا، وهو لقى عامر مرهق من السواقة، فعرض يوصلنا..
واستطردت تُثني عليه: بصراحة الشاب ده اخلاق ومحترم اوي يا ظافر..!
+
وافقها بإيماءة: هو فعلا ولاد عم بلقيس كلهم يشرفوا ومحترمين وولاد ناس!
+
_ طب ندخل على المفيد، فين هدايا اختك إيلي من لبنان؟
+
قالتها بمزاح مقاطعة استرسالهم عنه حتي تخفي ارتباكها عن حدقتي والدتها التي تحدجها بريبة، فضحك وعانقها مقلبلا وجنتها بحنان أبوي ثم توجهه لحقيبته ليحضر هدايهم التي تعددت من ملابس وأشياء كثيرة أوصته عليها شقيقته، ثم. ختم. استعراض لما أحضره بسلسال ذهبي أنيق لكلا منهما..!
+
_ تعالي بقي شوف عملت ايه في الجناح بتاعك عشان اعرف ذوقي عجبك ولا لأ؟
غمغم برفق: معلش يا امي خليها بكرة لما اجيب بلفيس ونشوفه سوا لأول مرة.. وكمان انا مجهد جدا نفسي وانام!
ربتت على كتفه: اللي يريحك ياحبيبي، روح ارتاح وبكرة تتفرجوا عليه مع بعض.. ثم حدثت ابنتها: يلا يا إيلي نسيب اخوكي يرتاح شوية!
1
فعلت بعد أن قبلت وجنة شقيقها وعانقته بشكر بعد هدايا المميزة لها..!
……………
+
أخيرا انتهت الليلة التي لن تُنسى بعد أن تمخضت عن كل تلك المفاجأت السارة، أسدلت أجفانهم وشفاههم تبتسم وخيالهم تغذوه أحلام وردية للقادم.. عطر التي مازالت لا تصدق ما حدث وكلما تصورت أنها تحلم، تحسست شفتيها مستعيدة بهيام مذاق قبلته الأولى لتتأكد أنها تعيش واقعا يشبه جمال أحلامها تماما..!
+
أما بلقيس، لم يختلف حالها بل زادت عنها تعجبا حين تذكرت عناقه وقربه للحد الذي لم تنفر منه كما كانت تظن، ظافر ليس مجرد رجل تخشاة گ فتاة..هو شطر روحها ووجها الأخر.. گأنها ولدت منه هو ولادة، ولم تندهش حين دللها وأجلسها على قدميه كما يفعل أبيها.. دون أن يدري تشابه معه ومنحها هذا الشعور الأبوي الذي امتزج بعاطفته گ حبيب..!
+
أجفانها ثقلت ولم تعد تقاوم، ومع ذلك التقطت دفترها ودونت فيه شيئا ثم ابتسمت هامسة بصوت واهن وجسد مرتخي: خلاص يا دفتري العزيز، بكرة هتكون معاه هو.. هيقرا فيك كل حرف كتبه.. كل حاجة اتمنيت اقولها ومقدرتش.. كل ذكرى حبيت يشاركني فيها حبيبي في غيابه!
ثم تنهدت تنهيدة قوية مستطردة بذات النبرة الواهنة: وانا كمان مشتاقة اخد دفتره وشوف كل كلمة كتبهالي..!
+
وبأخر همسه استسلمت لنوم عميق بعد ليلتها الحافلة!
____________________
+
في اليوم التالي اصطحبها معه لمنزله وبعد حفاوة استقبالها صعدا لرؤية جناح الزوجية للمرة الأولى منبهرين بما فعلته والدته ولمساتها الناعمة العصرية الراقية في كل مكان، تاركة لبلقيس الرتوش الأخيرة لغرفة نومها وباقي قطع الأثاث التي ستنتقيها هي وظافر .!
+
_ هسيبكم أنا يا ولاد وانزل تحت عشان تحددوا براحتكم اللي عايزينه!
……………
+
ظل يطالعها بصمت مكتفي بارتشاف ملامحها وكأنه مازال يستوعب أن احداث الليلة الفائتة ليست حلم.. بل حقيقة، بلقيس أصبحت معه وله.. لا يفصلهما مسافة أو محاذير.. حتى أنه يستطيع احتضانها الآن ليتأكد.. وفعل واضخًا لرغبته..جذبها إليه وضمها بهدوء كأنه يتذوق قربها مستنشق عبيرها وأنامله تتخلل شعرها الفاحم شديد النعومة هامسا: تخيلي.. لسه مش مصدق، لما صحيت الصبح خوفت يكون كل حاجة حصلت حلم!
+
ربما لأن الشك انتابها هي الأخرى بعد كم السعادة التي تجرعتها الليلة الماضية، همست بتفهم حاني:
صدق ياحبيبي.. انت رجعت محقق حلمك.. وعشان ربنا حب يكافئنا سوا.. قدر لينا اللي حصل.. أنا دلوقت بقيت زوجتك وحلالك..وزي ما انت كنت بتتمناني أنا أكتر بكتير!
+
دارات عيناه عليها بنظرة أبلغ من أي كلام، فتسائلت بدلال حتي لا تبتعد عن تأثير نظرته التي تربكها: فين هديتي بقى؟ ولا نسيت تجبلي حاجة معاك؟
+
ابتسم وأدارها لتواجه انعكاس صورتها في المرآة خلفها وقال: غمضي عيونك الأول!
أسدلت جفنيها مع ابتسامة هادئة في انتظار أن ترى ما جلب لها، فشعرت برفرفة أنامله حول عنقها، انتفضت فهمس جوارها: ارفعي شعرك يا ملكة!
+
تحركت يدها ورفعت خصلاتها السوداء فلفحتها أنفاسه الدافئة القريبة وهو يمرر شيئا رقيقًا حول عنقها وقد أدركت طبيعته، ثم شعرت بقبلة ناعمة تُطبع على كتفها وهمسته: فتحي عيونك!
+
فصلت جفنيها لتقابلها انعكاس صورتهما وهو يتمتم ناظرا لعيناها في المرآة: ايه رأيك؟؟ عجبك؟
+
تفحصت العقد الملون بإعجاب وهمست: روعة!
أدارها له ثانيا: لما شوفته تخيلته عليكي.. واتمنيت أنا اللي احطه على رقبتك بنفسي لكن بما إن كنا لسه مخطوبين، قلت هأجله لحد بعد جوازنا..! ماكنتش أعرف ان ربنا مخبيلي أجمل لحظة في حياتي في نفس ليلة رجوعي..!
وصمت لتطوف حدقتاه عليها بوله: انتي فوزي وفرحتي الاكبر يا بلقيس..!
+
كم تشعر بالفقر وهي تبحث عن كلمات تقولها ولا تجد.. فقط دموع هادئة انسابت فوق وجنتها، فأزالها بأنامله ولثمها وقال: حتي لو دي دموع فرح مش عايز اشوفها..!
+
وضمها ثانيا مشددا ذراعيه حولها مستطردا:
أنا بحبك أوي يابلقيس!
ضوى العسل بعيناها عاكسًا فرحتها :
مهما حبتني مش قد ما بحبك يا ظافر..!
وواصلت لتذكره بشيء: صحيح، مش ناسي حاجة المفروض تسلمهالي!
اجابها وهو يمرر انامله علي شفتيها بمكر: فاكر بس كل حاجة بعد كده عايزاها مني ليها تمن!
ابتعدت بمراوغة: التمن دفعته خلاص.. يلا بقي هات دفتري لو سمحت!
تبسم ومنحها نظرة دافئة ثم أعطاها الدفتر المغموس بعبقه، فتشممته بعين مغمضة هامسة: الريحة دي بتحسسني بالأمان، واني في جنة بتاعتنا لوحدنا.. !
جذبها في عناق جديد أصبح لا يكتفي منه وبدا كأن عطشه لها لن ينتهي ووجهه يتلمس شعرها بنعيم مغمغما: وأنا الجنة بالنسبالي قربك مني بالشكل ده.. ثم ابتعد وطالعها بعشق: اطلبي أي تعديل عايزاها في الجناح عشان يخلص بسرعة.. خلاص مش هقدر اتحمل بعدك اكتر من كده.. أنا عايزك معايا في اقرب وقت.. حاسس اني مش هقدر اركز حتى في شغلي غير لما تبقي خلاص في حضني!
ابتسمت تتأمله وهي تشاطره ذات الشوق واللهفة: هانت ياحبيبي..بابا وماما كمان متلهفين يفرحوا بينا عشان سعادتهم تكمل!
ثم تذكرت شيء فقصته عليه وهي عابسة: بس تعرف ياظافر ايه مضايقني؟
_ ايه يا حبيبتي؟
_ سمعت ماما بتقول لبابا امبارح ان بعد زفافنا هترجع المنصورة تاني تعيش هناك بشكل اساسي!
+
_ طب وماله، ماهي هتكون اطمنت عليكي معايا يابلقيس.. خليها تعيش،في المكان اللي تلاقي راحتها فيه، ماتنسيش كل اهلك هناك وهتبقي في ونس معاهم.. لكن انتي هنا هتنشغلي بعد الجواز ما بين حياتنا وشغلك مع والدك، واكمل وعيناه تبرق: وولادنا ان شاء الله!
+
أطرقت رأسها تتأرجح ما بين سعادة وضيق مغمغمة: بردو ياظافر كنت حابة ماما تفضل هنا معايا وقريبة!
_ ومين قالك أنها هتكون بعيدة؟ أي وقت تحبي تزوريها هوديكي.. وهنخصص ليهم يوم في الاسبوع، واكيد هما كمان هايجوا ماتنسيش شغل والدك اصلا هنا
_ فعلا، وبابا كان من زمان حابب الاستقرار هنا، بس ماما اللي كانت بترفض تسيب المنصورة!
_ شوفتي بقي، يعني راحتها هناك.. بلاش تزعلي نفسك الموضوع بسيط..
أومأت له مع قولها: عندك حق..واستطردت: تعالي بقي ننزل لماما وايلي عشان نقعد معاهم شوية قبل معاد الغدا!
+
همت بالابتعاد فجذبها بغتة مستبيحا منها قبلة خاطفة هامسًا بعدها: كده أخدت تصبيرة وفاتح شهية قبل الأكل!
______________________
3
يتصفح بذاكرته تاريخهما القصير الذي بدأ بكذبة ومزاح للتسلية البريئة، لينتهي بهذا الحب الجارف داخله تجاه تلك الملاك الصغيرة التي آسرته بعفويتها وحنانها ورقة قلبها، حتى غضبها الذيذ الممتع.. كل شيء بها يمتعه ويعجبه..يتلهف لامتلاك هذا الكيان بمزيجه النادر.. جوري.. وردته الجميلة التي يستعد الآن لزيارتها مع والديه وشقيقه ورفيقه.. وتمنى أن تأتي شقيقته هي الأخري، لكن طفلها الصغير يمر بوعكة ولا يجوز مغادرة البيت.. حسنًا قريبا سترافقه في كل مكان، نزهات وزيارات الأهل الدافئة.. لن تفارقه.. ولن يطيل عذابه لخطبة طويلة.. سيحذو حذو رفيقه ويعقد قران سريعا حتى يبثها مشاعره دون قيود.. دون محاذير.. دون خوف.. هي لا تعلم مدي عشقه لها إلى الآن.. وآن آوان أن تدرك مكانتها العظيمة في قلبه!
___________________
+
تُرى أي الألون تليق بها في تلك المناسبة؟
ماذا ترتدي؟ أي وشاح؟ حذاء ذو كعب؟ أم تكتفي بشي ابسط؟
+
_ البسي الفستان الكريمي، رقيق وهيخليكي ملاك!
ابتسمت جوري ابتسامة غامضة، فتسائلت زمزم:
بتبتسمي ليه مش عاجبك اللون؟
تدخلت عطر مدركة سر ابتسامتها: أصلك مش فاهمة يا زوما.. عامر مسميها ملاكي.. وانتي اما قولتي هتكوني ملاك هي طبعا ابتسمت وافتكرت عموري.
+
رمتها جوري بنظرة مغتاظة، وواصلت زمزم:
+
_ خلاص يبقي كده اتحلت، هو ده الفستان اللي هتلبسيه، هنغير في لون الطرحة والشوز..
_ وأنا هعملها لفة طرحة حلوة اوي اتعلمتها من النت!
+
_ وأنا هعملها ميك آب هادي عشان تكمل طلة بسكوتتنا
+
قالتها بلقيس وهي تدلف إليهم ومعها الصغير، فشكرتها جوري بينما استطردت زمزم: طب قولي رأيك في الفستان ده يا بلقيس.. مش مناسب؟
_ مناسب جدا ورائع..يلا بقي عشان ابدأ بشعرك!
عطر: بس هي مش هتبين شعرها
_ عارفة بس أنا عايزاها انهاردة تحس حتي بجمالها المداري عشان ده هينعكس على طلتها أكتر وعيونها هتلمع بثقة..!
رمزم بإيماءة اقتناع: تعرفي وجهة نظر بردو..!
طب يلا يا جوجو البسي فستانك الاول عشان بلقيس تبدأ معاكي!
+
وضعت كل واحدة منهن لمسة محبتها على زهرة العائلة لتصبح بعد ساعات قليلة أيقونة من الجمال الهاديء والرقة التي خلبت لُب عامر فور رؤيتها مقدمة عليهم بكاسات العصير وعيناها تتجنبه بخجل. وصوتها يهمس لوالدته ووالده گأنها تعزف على قلبه هو..!
______________
+
_أخيرا يا ملاكي بقي ليا حق اقعد معاكي!
+
طلت ناكسة الرأس بخجل صامت بعد أنعزالهما بتلك البقعة من الحديقة عقب اتفاق عائلتيهما على كل شيء، وألبسها هديتها الذهبية وطلب الجلوس معها منفردا..!
+
_ أنا عملتلك حاجة وعايز اهديهالك دلوقت!
+
نظرت له بإهتمام وهو يفتح المغلف الذي لاحظته معه منذ آتى، فالتقط ما به هامسا: عملتلك بنفسي تاج من ورود الجوري ثم اقترب منها ليضعه فوق حجابها، فابتعدت بحذر فلامها هاتفا: خايفة مني يا جوري؟ أنا بس هحطه على راسك عشان اشوفه عليكي!
+
بعد تردد وقفت وأطرقت رأسها فوضع تاج الورود وابتعد يتأملها بوله ثم قال: زي ما تخيلتك وانا بعمله.. ملاك..أجمل حورية في عيوني!
+
لمعت عيناها بفرحة ورضا لهديته ووصفه لها، ولم تستطع مجارته بالحديث وهي الثرثارة المشاكسة، وكأن القط أكل لسانها كما يزعمون لا تدري ماذا تقول، لكنها تشعر أن روحها تحلق في السماء گ عصفور صغير.. تريد النظر له تبثه مشاعرها وتخجل..!
+
_ أنا عملتلك كمان تاج ابيض من الورود عشان تلبسيه يوم الزفاف.. كل وردة كنت ببوسها واقولها كلمة نفسي اقولهالك!
أكيد مش هقدر اعبر عن اللي جوايا دلوقت، بس قريب اوي هقدر..!
تأمل رأسها المطرق وخجلها وحمرة وجهها الشهية بإعجاب وحرية واستمتاع ثم قرر أن يشاكسها شوقًا لصوتها وغضبها اللذيذ: غريبة.. اللي يشوف سكوتك دلوقت مايشوفش لسانك اللي أطول منك في كل مرة كنتي بتشوفيني..كويس أنا بحب الهدوء والعقل وسمعان الكلام!
+
أسقطت قيود الخجل بعد أن أثار استفزازها ورفعت عيناها وحاحباها لتنظر له بتوعد هاتفة: بقى أنا لساني أطول مني ياعامر؟؟؟؟
+
ظل متعلق بها وابتسامته المحبة تزداد دفء وعيناه مزروعة بعيناها وقال بنبرة مهلكة : حبيبة عامر.. قلب عامر.. روح عامر انتي!
+
أدركت فخ استدراجه لها وجعلها تتحدث معه بعفوية متخلية عن الخجل ودون وعي ظلت عيناها مآسورة بنظرته الخطيرة، فأحنت رأسها ثانيًا ملتزمة الصمت.. فقال بنبرته المشبعة بمشاعره:
+
_ بحبك يا جوري.. بحبك يا ملاك!
+
عارف انك مش هتقدري تقوليها دلوقت.. وأنا مش عايز اسمعها غير وانتي ليا.. عشان وقتها اقدر ارد عليكي!
+
تشعر بالذوبان.. ستتلاشى إن لم يعتقها من طوفان مشاعره!
+
خلينا نرجع جوه عشان…!
هكذا حاولت الانسحاب من حصاره العاطفي، فقاطعها: لأ استني، لسه في حاجة عايز اقدمهالك!
وغاب عنها دقيقة يحضر شيئا وفوجئت به يقدم لها وردة حمراء يتوسطها خاتم أنيق مع همسته:
الخاتم ده اشتريته من وقت ما قدرت افهم مشاعري ناحيتك وعرفت اسميها..وقلت ساعتها هقدمهولك في حضن وردة وانا في بيتك وليا حق أكون معاكي!
+
تأملت الخاتم الذي تحتضنه الوردة ولا تدري لما وصلها شعور أنه يعانقها گ خاتمه المحاط بأوراق زهرته.. عناق ضمني ومعنوي.. لكنه قوي الأثر في نفسها، فرفعت عيناها لتكافئه بنظرة أغرقته بشكر ومحبة لم تخفيها.. نظرة بها مئات الوعود أنها مثله عاشقة تهفو نفسها لوصال.. وترجم وعودها بقلبه وقرأ حروفها الصامتة.. فارتوى.. واكتفى!
______________________
+
_يعني البنت تكتب كتابها عند عاصم، وعايزاني اوافق كمان تلبس شبكتها عند أدهم؟
+
ربتت علي كتفه متلمسة تفهمه: ياناجي ما انت عارف ان هي وجوري زي التؤام ومن زمان كانوا بيحلموا يعملوا فرح واحد، وبما إن جوري هتلبس شبكتها وكتب كتابها الأسبوع.. ليه نعمل لعطر فرح لوحدها وهي نفسها تكون مع جوري..وبعدين عمر ما كان فيه بينك وبينهم شكليات، كلنا عيلة واحدة.. ومادام بنتك نفسها في كده، فرحها؟ يزيد ماعندوش مشكلة ومكان ما تقول هيعمل اللي يرضيك.. بس عطر اللي هتزعل!
+
أطرق رأسه قليلا ثم تمتم: انتي عارفة اني بعتبر ادهم وعاصم ومحمد اخوات ليا وبيوتنا طول عمرها واحدة.. بس بردو الاصول بتقول اعمل شبكة بنتي في بيتي!
+
لم تجادله وهي تعلم منطقية رآيه، لكن أملها في مرونته وخوفه أن تحزن فواحته، وصدق رهانها الخفي عندما غمغم:
+
_ بس مادام عطر عايزة كده.. خلاص هتنازل عن أي رسميات.. المهم انها تفرح واحنا نفرح بيها
+
هللت بفرحة: كنت عارفة انك هتوافق ومش هتزعلها
ثم تنهدت وهتفت بتمني: عقبال مانفرح بياسين هو كمان يا ناجي.. بفكر اشوفله عروسة على ذوقي!
+
_ لا يا فدوى، ماتعمليش كده غير لو هو طلب ده.. خليه يختار شريكة حياته براحته.. هو اللي هيعيش معاها مش احنا
_ هو انا يعني لو اختارت واحدة هجوزهاله عمياني؟ ماهو هيشوفها وله حرية القبول او الرفض
_ معلش برده سيبيه علي راحته!
_ ماشي يا ناجي.. ربنا يطمنا عليه ويتمم لاخته على خير!
________________
+
_ عايز أشوف الفستان اللي هتلبسيه في فرح جوري،ابعتي صورته دلوقت!
وجدت فرصتها لترد له موقف مماثل فهتفت بمكر: لأ مش هتشوفه غير لما تيجي.. مش انت مخبي عني فستان فرحي؟
رفع حاجبيه بتوعد: كده يا بلقيس؟ لعلمك انتي بتعرضي نفسك لعقابي!
_ ولا يهمني.. مش هتشوفني اصلا غير وسط الزحمة، مش هخليك تستفرد بيا ابدا عشان تعاقبني يا ظاظا
_ ماشي.. هنشوف هعرف استفرد بيكي ولا لأ.. وساعتها مش هتقدري تهربي من عقابي!
______________________
+
_حتي طقم الشبكة بتاعكم اختارتوا شبه بعض زي ما فرحكم نفس اليوم؟.. أنتو تؤام؟
_ مالكش دعوة بيهم يا سينو..عطر وجوري يعملوا اللي يعجبهم وطلباتهم أوامر!
جوري بمزاح متغافلة عن من يرمقها بضيق: سيبوا يا آبيه الغيرة هتاكلوا مننا، قارنت قولها بفعلة أشعلت غضبه وهي تلوح لياسين بلسانها گ فعلة طفولية معتادة بينهما.. ولم تدرك أن عهد مزاحها معه بتلك الأرياحية انتهى وعين عاشقها ترصد فعلتها بغضب مكتوم منتظرا لحظة مناسبة لتنال منه لوم قاسي مستحق له بعد أن صار عقد قرانهما قريبا، وسيمتلك كل الحق أن يعترض علي ما يسيئه!
…………… ..
+
_ أنت بتعمل ايه يايزيد؟ ليه ضفت تمن الخاتم ده على فاتورتك.. ثم توجه للصائغ أمرا: لو سمحت ضيف تمنه على الفاتورة بتاعتي!
+
اعترض يزيد برفق: لا ياعامر.. الخاتم ده هديتي لأختي بمناسبة فرحها.. بعيد خالص عن شبكتك.. يعني ماينفعش حد غيري يدفع تمنه! بالظبط زي ما ياسين اشترى لعطر أخته أسورة من ماله الخاص هدية منه.. وانا معترضتش عليها لأنه دي حاجة بينهم.. وكذلك عابد اللي سبقنا امبارح بهديته، ثم نظر لشقيقته بحنان: وبعدين دي جوجو أخر العنقود وحبيبة اخوها
+
تدخلت شقيقة عامر بالحديث: ربنا يخليكم لبعض يا باشمهندس، ثم نظرت لشقيقها وهي تقبض على سلسال صغير يتدلي من عنقها: أنت نسيت ياعامر هديتك ليا يوم فرحي!
+
أومأ عامر بتفهم بعد أن تذكر فعلته المماثلة مع شقيقته، لكن ظلت ملامحه متجهمة لتباسط جوري مع ياسين..ولا يعلم أن من رصد طبيعة ضيقه وتفهمها هو يزيد، لذا كان رده والأول يستأذنه أن ينفرد بها قليلا في إحدى الكافيهات القريبة: ماشي.. ممكن تشربوا حاجة في كافيه قريب هنا، على ما انا وعطر وياسين نشوف حاجة هي عايزاها.. واختك معانا ماتقلقش، بس ماتتأخرش..!
ثم همس بأذنه بتحذير هاديء: عامر.. ماتزعلش جوري.. من حقك تغير عليها.. بس كمان هي لسه بتتعامل بعفوية مع ياسين وبتعتبره اخوها ومش فاهمة لسه ايه ممكن يضايقك ويزعلك.. براحة عشان. لو لقيتك نكدت على البت هقلب عليك.. ده فرحكم بعد بكره!
+
أومأ له دون رد ثم ابتعد بصحبتها..!
-----------------------
هتفت بثرثرة أصبحت لا تخجلها معه:
فرحانة أوي إن أنا وعطر فرحنا في نفس اليوم.. وعارف جبنا فساتين شبه بعض كمان..أنا متهيئلي حتى هدومنا هتكون نفس الشكل.. أصل أنا وهي قريبن كأننا أختين و…
+
_ وياسين؟! أخوكي بردو.. ؟؟؟
+
قاطعها بصوت جامد ونظرة ثابتة لا تشي بلين أو مزاح، فارتبكت لحالته وهتفت: عادي هو كمان زي اخويا..!
+
_ لأ.. مش اخوكي.. ياسين ابن خالتك وماينفعش تهزري معاه كده لدرجة تطلعي لسانك وتغيظيه قدامي كأني مش مالي عينك.. طريقة تعاملك معاه لازم تكون رزينة وجدية اكتر من كده.. لأني مش هقبل تتعاملي معاه بالطريقة دي تاني!
+
اجفلها عتابه القاسي وتوبيخه المبطن الذي تختبره للمرة الأولى.. واسترجعت سريعا مزاحها مع ياسين وفهمت سبب عبوسه طيلة الدقائق الماضية..شعرت بالخجل من نفسها.. هل ظن بها شيء سيء.. هي لا تتحدث هكذا إلا مع المقربين.. وياسين اخيها الثالث مثله مثل يزيد وعابد.. لم تتصور أن يأتي يوم وتُلام على تعاملها معه..!
+
أما هو فاحترق قلبه لإطراقة رأسها الحزينة وقرأ بوجهها الخجل لما أدركت أنه ضايقه، فهمس بلين: جوري.. مش عايزك تزعلي مني.. بس من حقي اغير عليكي.. وهزارك مع ياسين فعلا ضايقني ومستحيل اقبله!
+
هزت رأسها المنتكسة وهمست:
ماشي، وأسفة..هاخد بالي بعد كده!
+
تمتم بصوت حاني ليبدد أجواء التوتر الذي حدث بينهما، فلم يجد الفرصة، وعطر والبقية ينضمون لهما ليتناولا مشروب.. وضاعت فرصته أن يراضيها بعد أن حفر بعتابه الحزن على محياها..!
_________________
+
_ ماتزعليش ياجوري.. ورغم إن ياسين أخويا، بس من حقه يغير عليكي منه!
_ عارفة والله.. انا مش زعلانة منه قد ما انا زعلانة ومكسوفة من نفسي..كان لازم اراعي ان الظروف اتغيرت!
_ معلش احنا لسه بنبتدي علاقة جديدة معاهم بقوانين مختلفة ولازم هتحصل خلافات خفيفة زي دي لحد ما كل واحد يفهم طباع التاني!
تنهدت مع قولها: عندك حق!
_ طب كلمتيه؟
_لأ..!
_ليه بس،كده هيفهم إنك زعلانة منه، وانتي قولتي انك اتفهمتي غيرته عليكي!
استدارت عنها مستندة على سياج الشرفة تطالع السماء:
_ مش هخبي عنك ياعطر.. في حتة جوايا زعلانة منه فعلا، أو يجوز متفاجئة من تغير معاملته.. حسيته قاسي وعيونه الغضبانة خوفتني منه.. ماكانش عامر الرقيق الحنين اللي بيحب يهزر..كأنه كان واحد تاني معرفوش!
_ ياجوري الدنيا مش كلها هزار ورومانسية.. وعامر بني آدم اوقات هيهزر واوقات هيزعل.. مرة هادي مرة عصبي.. لازم تتقبليه بكل حالاته خصوصا ان عتابه ليكي كان مبرر.. طب امتى هتفهمي طبعه لو كان سكت ومش قالك؟ كنتي ببساطة هتفضلي تتعاملي مع ياسين بعفوية وهو يكتم غضبه في نفسه لحد ما ينفجر فيكي وساعتها الزعل بينكم هيكون اكبر.. بالعكس المفروض اللي يلاقي حاجة تزعله في التاني يقول.. عشان يكون في فرصة نصلح تصرفاتنا من البداية.. كلامي صح ولا غلط؟
هزت رأسها: صح.. طب ما انتي كمان بتهزري مع اخويا زي هزاري مع ياسين.. تفتكري يزيد هيغير عليكي من عبودي؟
_ يابنتي اخوكي مجنون واكتشفت انه بيغير من خياله !
+
ضربتها بكتفها بتوبيخ: احترمي نفسك وماتقوليش على آبيه مجنون..!
+
فردت عطر لها الضربة وهتفت: وانتي كمان ماتغلطيش في اخويا ولا تهزري معاه!
+
_ أصلا اخوكي معتوه وانا مش هكلمه تاني عشان ماجابليش هدية زيك!
_ واخوكي كمان ماجابليش وهقطع علاقتي بيكم!
+
صمتا يتناطحان بنظرات عابسة ثم بغتة انفجرا بهسترية من الضحك العالي وعطر تهتف: وربنا ماحد مجنون غيري انا وانتي!
جوري من وسط ضحكها: اه والله مش عارفة بصراحة هنعقل امتى!
+
هدأ ضحكهما وقالت الأولى بشيء من الجدية:
خلاص بقى ردي على عموري عشان هتلاقيه زعلان على زعلك
ردت بنبرة ماكرة: ياعبيطة دي فرصة عشان يصالحني.. خليه يتجنن واما اشوف ازاي هيراضيني.. خليني أدلع شوية زي المخطوبين!
+
صفقت عطر كفيها وتمتمت بامتعاض: والنعمة أنتي بت جبارة.. ومسكين عموري معاكي!
_ والله اخويا يزيد لو سمعك بتقولي عموري هيدبحك!
_ ومين هيقوله يا ذكية؟
+
_ أنا ياغبية!
________________________
+
_ مبروك ياعريسنا، اخيرا هنحضر فرحك يا عمور..!
غمغم بصوت لا يشاطره المرح: الله يبارك فيك يا احمد
_ ايه الصوت الكئيب ده؟ انت مش كتب كتابك بكره ولا انا غلطان؟
_ لا بكره ان شاء الله وكل حاجة جاهزة!
_ امال مالك ياعامر صوتك مضايق
_ مافيش، قلة نوم بس!
_ طبيعي هو في حد عنده فرح بينام؟ أكيد مش ده السبب، اتكلم يا ابني مالك
_ خلاص يا احمد قولتلك مافيش، المهم لازم تيجي انت وخطيبتك وإلا هزعل منك
_ متخافش هاجي طبعا من غير عزومة!
وواصل: هو في حاجة حصلت بينك انت وجوري؟
_ يعني!
_ فهمت.. طيب بصرف النظر عن اللي حصل ماتضايقش، ثم هتفت بنبرة عابثة: وبعدين ياواد ده بكرة كتب كتاب يعني هتقدر تصالحها وهتاخد راحتك يامعلم!
_ اتلم يا احمد ومالكش دعوة!
جلجلت ضحكة الأخير : ماشي يا حمش.. المهم بلاش نكد وهيص.. بكرة الحياة هتبقى بمبى على رآي الراحلة سعاد حسني!
واستطرد: نتكلم جد بقى، في حاجة ناقصاك؟ البدلة وكل لوازمك جاهزة؟
_ اه ماتقلقش، ظافر اصلا عمل واجب جامد وجابلي من لبنان بلدلة وطقم ذراير مع دبوس الكرافتة!
_ بقي كده؟ طب وأنا؟ ماجابليش حتى شراب من لبنان؟
شاكسه عامر: اكيد ماعبركش طبعا
+
_ جايب سيرتي مع مين يا عريس!
_ ده أحمد بيحقد عليا عشان البدلة اللي انت جبتها ليا..!
ابتسم ظافر وتناول الهاتف، فآتاه همهمة أحمد الساخطة: طبعا نسيتنا.. ما انت خلاص بقيت شيف مشهور ومحدش هيعرف يكلمك!
_ مشهور ايه يا ابو احميد..يومين وهتنسي ولا حد هيفتكرني، وبعدين هديتك موجودة.. جبتلك طقم زراير ودبوس كرافتة انت كمان وبرفانات!
_ أيوة بقى يا مظبطتنا..
_ مش بس كده..ليك هدية تانية هتكون يوم فرحك.. البوفيه بتاع الفرح كله من مطعمي، هعملك أوردر بأفخم الاصناف..غير تورتة مميزة ان شاء الله ليك انت والعروسة، بس عرفتي لما تحدد!
ابتسم بامتنان حقيقي: لا بصراحة. كده غلبتني ومقدرش اتكلم.. تسلم يا كبير..عموما هانت انا هحدد فرحي اليومين دول!
+
_ بالتوفيق مقدما يا ابو حميد!
يلا هسيبك ونتقابل بكره في فرح عامر!
_ إن شاء الله، روقلنا دماغ العريس كده وفرفشه!
_ ماتقلقش هظبطه!
__________________________
+
كما جمع القدر طفولتهما في كل شيء.. وانقسمت بينهما الضحكة والحكايات والامسيات الذاخرة بكثير المواقف.. أقتسمت عطر وجوري فرحة ارتداء مصوغات أزواجهن ( يزيد وعامر) اللذان غمرتهما ذات الفرحة وكلا منهما يتحسس أنامل حبيبته بلغة خاصة ويهديها طوقه الأبدي وميثاق لن تُبطله السنوات! علت الزغاريد.. وتوالت المباركات والعيون تتأمل جمال العروستان بفساتين متماثلة التصميم والرقة والرقي.. محتلين طاولتان مزينتان بالورود في جانب من حديقة فيلا أدهم.. وگ العادة عابد من أشرف على ترتيبها مع زمزمه!
+
_ مين يصدق يا كريمة اننا واقفين نتشارك اللحظة دي مع ولادنا.. وان عروسة يزيد تكون بنتي! وواصلت بصوت غلبت عليه مشاعر البكاء: ياما اتمنيتها جوايا بس كنت بقول بلاش اعشم نفسي ده بيعتبرها اخته!
أحتوتها كريمة بضمة حانية گ أخت كبري مغمغمة بنفس التأثير: كل واحدة فينا اتمنت نفس الامنية بس مقدرناش نفرضها عليهم.. لكن شوفي حكمة ربك يا فدوي.. تدور الايام وتلف وفي الأخر ابني ماياخدش غير عطر.. هي نصيبه من الأول بس مجاش غير في وقته الصح، يمكن لو كنا اتدخلنا كانت النتيجة اختلفت، بالظبط زي ما حاولت انا افرض واحدة معينة على عابد وهو عاندني..لما بتمشي الأمور بمقادير ربك بتكون أحلى!
تنهدت وهي تطالعهم: ونعم بالله
واستطردت: وجوجو البسكوتة.. هي كمان ربنا كرمها بشاب يشرح القلب، وشكله بيحبها اوي
ثم ضحكت بمكر: الولد هياكل البنت بعنيه!
+
كان هذا حاله حرفيًا..يريد بالتو واللحظة غمسها بصدره وبين ذراعيه.. يريد نيل رضاها بعد موقفهما الأخير وتوبيخه القاسي بسبب غيرته..يشعر انها مازالت غاضبة.. عيناها تحمل عتابًا..الملاك يحتاج مصالحة.. وهو أكثر من مشتاق ليراضيها بطريقته.. وآتته الفرصة بخلوتهما الأولى بعد عقد القران!
…………… .
+
_ جوجو.. حبيبتي..حياتي!
+
تُرجفها كلماته ونداءاته بتلك النبرة الحانية وروحها تتذوق مشاعره الحرة للمرة الأولى بعد أن صارت زوجته..لكن لا بأس.. ستتدلل أكثر وتدعي الزعل وتستمتع بما يفعل ليراضيها.. فكم جميل صلح الأحبة بعد الخصام!
+
_بصيلي يا ملاكي!
+
قالها وأنامله تلمس أسفل وجهها وترفعه إليه، فشعر بارتجافتها للمسته البسيطة فابتسم واقترب ليقبل وجنتيها برقة ثم جبينها وضمها لتتوسد صدره وغمغم: ما كانش قصدي ازعلك ولا اقسى عليكي.. بس غيرت عليكي.. ولعلمك هتلاقيني مجنون كده لو عملتي أي حاجة تثير غيرتي مرة تانية!
+
همست بخفوت: بس ياسين زي اخويا ومتربين سوا واتعودت اعامله زي مابعامل اخواتي عابد ويزيد!
+
ربت على ظهرها برفق: عارف ياحبيبتي وفاهم.. لكن ده كان الأول.. لازم تراعي اني بقيت في حياتك!
ثم ابتعد عنها مواصلا نقاشهما الهاديء: طب عارفة لما ياسين يتجوز؟ لو فرضنا هزر معاكي زي ما انتم متعودين، مراته هتغير عليه وتتخانق معاه.!
+
واقترب وداعب انفها بأنفها: هزري معايا أنا وبس خصوصا لو.. صمت ودنى وهمس بشيء ما بأذنها فضحكت بخجل جعله يصيح: أيوة كده ياجوجو اطربي قلبي بضحكتك.. وعاد يهمس بحنان: خلاص ياحبيبتي مش زعلانة؟
هزت رأسها مبتسمة: خلاص مش زعلانة.. بس عندي طلب نفسي فيه لو ينفع تحققهولي!
_ أطلبي عيوني!
+
كافأته بقولها الخجول: تسلملي عيونك ياعموري!
+
فقد عقله وهي تدلل أسمه للمرة الأولى وصاح بصوت عالي: الله أكبر..جوجو بتدلعني باجدعان!
+
وبعفوية لم تفكر وهي تجذب قميصه بغرض إسكاته حتي يخفض من صوته وهي تلفظ اسمه مع تحذير ( عامر وطي صوتك ماتسكفنيش الله يخليك)، ولا تدري أنها أشعلت النيران بلمستها التلقائية لصدره وهي تجذبه إليها.. فالتقط كفها ولثم باطنه وكاد يقترب لينال نصيبه من شفتيها فابتعدت ناكسة الرأس مرتبكة.. فابتسم ورفع ذقنها لتطالعه وقال: خلاص متخافيش، مع إن كان نفسي فيها..بس أكيد ليها وقتها.. قولي بقي ايه هو طلبك!
+
اطمئنت وهدأت قليلا من البعثرة التي أصابتها وقالت: أنا معرفش طلبي مناسب لظروفك ولا لأ..!
_ قولي وانا هكون صريح لو صعب هعرفك!
_ بما اني هعيش معاك في القاهرة.. نفسي بيتنا يكون جمب اخويا يزيد وعطر..عايزاهم معايا في نفس المكان.. زي ما اتشاركنا أحتفالنا انهاردة.. نفسي نكون جيران في عمارة او منطقة واحدة!
ابتسم بحنان وقال: للدرجة دي متعلقة بيهم؟
_ طبعا.. يزيد اخويا الكبير ومثلي الأعلى في الحياة وبحسه زي بابا كمان.. وعطر اختي وتؤامي بحبها اوي وهكون مبسوطة لو بقينا قريبين من بعض في سكننا..!
+
منحها نظرة حانية هامسا: ولا يهمك، أنا صحيح كنت حددت شقة فعلا واتفقت عليها، بس خلاص هكلم يزيد واعرف فين ساكن واخليه يشوف لينا حاجة مناسبة..مبسوطة؟
+
صفقت بعفوية طفولية: مبسوطة اوي أوي.. ربنا مايحرمني منك ابدا..!
+
اشتعلت عيناه بعاطفته ورقتها وطفولتها تثيره حد اللا معقول وغمغم بخفوت: طب قولي عموري تاني!
1
آن الآوان لتمنح عاشقها حقه وهي تطهر له مشاعرها، فتجرٱت واقتربت قليلا وهمست: هقول الأحلى..!
تأملها وقلبه يخفق وازداد خفقانه صخبا وهي تهمس للمرة الأولى: حبيبي.. انت عموري حبيبي!
وبأخر ما توقعه شبت على قدميها قدر استطاعتها لتصل لوجنته وتجود عليه بهديتها الخجول بقبلة خاطفة جعلت خافقة ينتفض ويثور ويعلن العصيان وهو يبتلع المسافة بينهما ليأخذ منها قبلته الأولى التي تمناها..!
__________________
+
تطالعه وهو يراقص طفلها ويضحك.. وكلما ضحك ترتسم على شفتيها بسمة راضية شاكرة..من يشاهد عابد ومهند الآن لن يرى سوى أب وابنه..لاحظت حركات جديدة يفعلها الصغير فضحكت وراحت تلتقط لهما مقاطع فيديو لتسجل لحظاتهما سويا، بعد قليل ترك الصغير ليلاطفه ياسين وانضم إليها متمتما: شوفتي علمت مهند يرقص ازاي!
ابتسمت بحنان وهمست: عقبال ماتعلمه يحفظ القرآن عشان تاخد انت الثواب!
_ هعلمه كل حاجة.. وفي يوم من الأيام هيكبر وهنكون فخورين بتربيته!
_ أنا واثقة من كده.. لأنه هيتربى مع أحن أب في الدنيا
رمقها بنظرة تغني عن الكلمات فواصلت: علي فكرة.. ليك عندي هدية.. لما نتقابل بكره في مكاننا عند مرجيحة مهند هجيبهالك!
_ منتظر على نار اعرف ايه هي!
_ ربنا يبعد عنك شر النار..!
+
التقط كفها واكتفي بتقبيله وهو يقول: اللهم امين!
ثم اتجهت أنظارهما سويًا يتابعا الصغير بعين محبة مستمتعة بما يفعل وياسين يجعله يقلد حركات مضحكة أثارت ضحكهما بالفعل وتمتم عابد: أنا هروح اجيب الواد منه احسن المجنون ده يأثر عليه!
____________________
+
_ اتفضلي!
نظرت لطبق الحلوى ورفعت عيناها لتجده يمد يده مبتسما بود، فهتفت وهي تتناوله منه: شكرا
_ العفو.. لقيتك مش اخدتي من التورتة قلت اجيبلك معايا
_ شكرا..!
هز رأسه وساد الصمت وهما يتناولا حلواهم، وبعد برهة قال:
_ عقبالك!
+
_ شكرا..!
شاكسها: كده بقوا 3 شكرا تقوليهم لحد دلوقت.!
_ طب اقولك ايه؟
_ قولي عقبالك مثلا!
_ عقبالك إن شاء الله!
أومأ لها وعينه تتفحص أناملها: وانتي كمان!
صمتت تأكل وهي تتابع رقص ذاك الصغير مع عابد، وغمغمت: ماشاء الله..ولد زي القمر.. ربنا يحفظه!
تبتسم. بحنان وهو يطالعه: ده مهند ابن بنت عم عابد!
_ أيوة منا عارفة، شوفته معاهم في المزرعة!
_ طيب صحيح فين ياسين الصغير ماحبتيهوش ليه معاكي كان هيتبسط ويلعب معاه!
_ في البيت.. بصراحة خوفت اجيبه يتشاقى زي المرة اللي فاتت
_ خسارة.. كان نفسي اشوفه.. ولد يدخل القلب!
ابتسمت بطريقة جعلته يتعجب فقال: هو انا قلت حاجة غلط؟
_ لأ هي مش غلط ..هي غريبة على وداني!
_ اللي هي ايه؟
_ ولد يدخل القلب.. حضرتك اقعد معاه ساعتين وابقي اوصفلي احساسك بعدها..!
_ قصدك عشان شقاوته، ماهو كل الولاد كده، دي طاقة لازم تخرج
تهكمت بتلقائية: وهو الحقيقة مش بيسيب جواه طاقة مركونة.. كلها بتخرج علينا لما مخلينا بنلف حوالين نفسنا في البيت!
+
تحمس لسماع نوادره الطريفة فتمتم: طب قوليلي كده امثلة على اللي بيعمله!
سردت عليه البعض المواقف التي تسببت في كوارث لها ولعائلتها جراء شقاوته، فما كان من ياسين إلا أن ضحك بشدة حتي خجلت والانظار تلتفت نحوهما.. وقالت بحرج: الناس بتبص عليك على فكرة!
+
أدرك بالفعل نظرات البعض فاعتذر وقال: معلش مقدرتش امسك نفسي.. ياسين ده طلع كارثة.. بس بردو داخل قلبي!
_ انت حر اديني حكيتلك عن سيديهاته!
+
ضحك ثانيًا لخفة ظلها وصمت يطالعها بنظرة قوية فاحصة، فارتبكت وهتفت: على فكرة انا اتأخرت ويدوب أمشي!
وقبل أن يعترض ياسين اقترب عابد مع قوله: منورة يا استاذة بسمة أوعي يكون ياسين ابن خالتي ضايقك، أنا عارفه
رمقه الأخير بتوعد، واجابت بسمة: لا ابدا يا باشمهندس!
واستطردت: وألف مبروك لأخو حضرتك واختك وبنت خالتك
ياسين:على فكرة بنت خالته دي اختي، المفروص تباركيلي أنا
_لا ياخفيف لأن هي تعرفني انا وجاية بدعوة مني.. وطبيعي توجه التهنئة ليا يا ذكي!
ياسين: والله أذكى منك ماشوفت يا نابغة العيلة!
+
تابعت التراشق الظريف بينهما باستمتاع وبدا لها خلف هذا المزاح والشجار صداقة قوية تربطهما.. ولتضع حد لهما قالت:
الحل بسيط.. مبروك ليكم انتم الاتنين وربنا يتمم بخير
واستأنفت: واستآذن أنا عشان متأخرش على البيت!
+
ياسين: ليه متخليكي شوية وهوصلك!
_ لا مش هينفع، يدوب امشي ومش محتاجة حد يوصلني!
_ لأ ماهو مش هينفع.. لو مصممة تمشي حالا يبقي ياسين هيوصلك زي ما قال.. الدنيا بقيت الليل وانتي لوحدك!
_ لا مش… .
قاطعها ياسين: على فكرة هتفضلي تعترضي على الفاضي والوقت هيضيع.. وكده كده مش هتمشي لوحدك!
+
_ يلا يا أنسة بسمة مافيهاش حاجة، لولا ان اخويا يزيد قال عايزني في حاجة كنت جيت وصلتك انا لو محرجة من ياسين يعني!
_ ابدا بس مش شايفة في داعي لتوصيلي، جيت لوحدي واقدر امشي لوحدي!
_ معلش زيادة اطمئنان.. انتي زي جوري اختي وكده وهطمن اكتر!
________________________
+
_ عندي ليكي خبر حلو يا فواحة!
هتفت بحماس: خبر ايه يا زيدوا
هتفت مستغلا حماسها: قبل ما اقولك لازم توعديني بمكافأة، ثم همس بطلبه بأذنها..فابتسمت بخجل وقالت: لو عجبني ماشي هكافئك!
_ حتي لو مش عجبك تنفذي طلبي، وإلا هتهور دلوقت قدام الناس!
ضحكت بمزيد من الخجل: خلاص موافقة قول بقي!
+
_ ماشي يا فواحتي.. عامر من شوية طلب مني اشوفله شقة في نفس العمارة اللي هنسكن فيها
+
شهقت بفرحة طاغية: بتتكلم جد؟ يعني جوجو هتكون معايا.. ثم هبت واقفة على قدميها تهم بالذهاب، فأجلسها هاتفا: رايحة فين وسايباني!
_ هروح اقول لجوجو..!
هز رأسه بنفاذ صبر: يابنتي ماهو ده طلبها اصلا.. يعني هي عارفة!
_ فعلا؟؟؟ برفوا ياجوجو.. عملتها بنت الأيه!
_ هي ايه دي اللي عملتها؟
_ أصلها قالتلي هتطلب ده من عامر لما… ..
وتوقفت بغتة قبل أن تدلي بكل شيء، فتسائل بترقب: لما ايه؟
_ لا مافيش.. نسيت!
رمقها بريبة فتبتسمت بغباء مقصود جعله يبتسم هو الأخر ويقترب منها قائلا: انتي واختي اتنين مجانين.. الله يكون في عوني انا وعامر والله!
ضحكت ومازحته: انتوا قدها يا زيدو💪..!
ابتسم وتأمل طوقه الذي يزين عنقها وقرطها الذي تلآلآ من ضوء الحفل وهمس: شكلك يجنن انهاردة.. جمالك يهبل!
_ بجد يا يزيد أنا جميلة في عيونك؟
_ جميلة بس؟؟ انتي فاتنة وعايز اخبيكي بعيد لأن مش قادر اتحمل أي نظرة تقع عليكي!
+
برقت عيناها بسعادة أكملها باعترافه: بحبك يا فواحة!
__________________
+
توارت عنه متعمدة وسط الزحام منذ أتى، فرد لها تعمدها بتجاهل شديد كأنه لم يراها، وهو بالحقيقة سيجن إن لم يعانقها ويروي شوق ثلاثة أيام وهي بعيدة عنه..ليته رفض أن تذهب دونه! فكر بحيلة ما تجلبها لعرينه راكضة بإرادتها..لمح تلك الفتاة قريبة عامر والتي انبهرت فور رؤيته مدركا أنها تابعت جميع حلقات برنامجه، .. اقترب منها متظاهرا بالعفوية، فدنت الفتاة سريعا هاتفة بحماس: ممكن اتصور مع حضرتك ياشيف؟ أنا كنت متابعة البرنامج وفخورة برجوعك لينا باللقب ورفع اسم بلدنا، أصلي بدرس سياحة وفنادق وبحلم اكون شيف بنفس مستواك!
+
ابتسم لها بجاذبية يمتلكها بوفرة واجابها بود: بإذن الله هتكوني افضل مني بكتير..أهم حاجة حبي اللي بتعمليه ودايما طوري نفسك واكيد هتوصلي لحلمك.. ثم مازحها: مش بعيد اللقب الجاي يكون من نصيبك!
ضحكت غير مصدقة انه بهذا التواضع والطيبة وكلماته تحفزها للافضل..!
+
سمح لها أخيرا بالتقاط عدة صور " سيلڤي" لهما ثم لمح بطرف عينه ملكته ترمقهما بنظرة نارية وتحركت تجاههما، فابتعد شاعرا أن الأمور تجري كما توقعها.. تنحي لبقعة بعيدة عن الصخب خلف الحديقة، وقد تفقدها بتخطيط مسبق لاستدراجها إليها لينعم ببعض الخصوصية معها.. أعطاها ظهره فاقتربت وقالت والغيرة تصرخ بين من حروفها:
+
_ مين بقى اللي سعادتك كنت واقف تضحك وتهزر معاها دي؟ وازاي تسمحلها تصورك بتليفونها؟؟
+
استفزها صمته وتجاهله لها وهو يعطيها ظهره دون اكتراث، فدارت حوله حتى وقفت أمامه مباشرا وهمت بمواصلة عتابها الهادر بكلمات قاسية منتوية عقابه تلك المرة بجدية وتركه هنا..!
+
_ ساكت ليه هو انا مش ب……!
+
ماتت الحروف على شفتيها بعد أن ضاعت بعناق شفتيه التي اجتاحتها ليأخذ ثأره كما يرضيه لنفسه.. ويهديء شوقه الذي كبله داخله منذ أتاها.. دفعته بعيدا تلهث وهي تتلفت حولها خوفا من رؤية احدهما لهما، فهمس وهو يقربها ثانيا: متخافيش محدش هيمر من هنا.. وحتي لو حصل انتي مش واقفة مع حد غريب!
+
رمقته بغيظ لتهوره رغم أن جزءً داخلها كان يحتاج عاطفته وقد اشتاقته اضعافا.. لكن حاولت أن تبتعد عنه فتشبث بخصرها مغمغما: وحشتي حبيبك يا ملكة!
_ يا سلام.. على أساس انك حتى حاولت تيجي تكلمني؟ انت تجاهلتني خالص من وقت ماجيت وروحت تكلم البنت اللي صورتك دي.. وحاولت ثانيا الابتعاد، فتصلبت ذراعاه حولها بقوة وتملك متمتما بخفوت: مش قولتلك هعاقلبك!
رمقته بعتاب هتفت: وعاقبتني؟ خلاص سبني بقى!
وكأنها أمرته بالعكس فضمها أكثر مغمغما:
وحشتيني..دي اخر مرة هسيبك تبعدي عني!
_ بس دول يومين!
_ بردو كتير..عموما تقريبا جناجنا بقي جاهز، والعفش هنختاره ونظبطه.. كده مش فاضل غير نحدد يوم فرحنا
وحدجها بنظرة ذات مغزى: وطبعا انتي اللي هتحددي!
+
غزت الحُمرة وجنتيها وهربت منه راكضة لتندمج بالحفل وتبتعد عن تأثيره لتهدأ وتستوعب كل تلك السعادة التي تحياها..!
______________________
+
في اليوم التالي!
+
طال سجودها وهي تدعوا بخشوغ وتشكر خالقها لما منحها من نعم كثيرة حظت بها بعد يأس روحها أن تنال سعادة حقيقية..عائلتها.. طفلها.. وأخيرا عابد.. حبيبها قبل أن يكون زوجها الحنون..هو نعمة تقدم عليها الشكر صباح مساء دون مبالغة..!
+
أنهت صلاتها ونظرت للشيء الذي فعلته لأجل أن تهديه إياه الليلة حين يلتقيا بتلك البقعة الخاصة بهما قرب الأرجوحة في الحديقة گ عهدهما بعد فراغ عمله ليرتوي شوق كلًا منهما للأخر..رنين متتابع متفق عليه أنبأها أنه ينتظرها بالأسفل!
_________
+
التفت ذراعيه حولها في تملك دافيء: وحشتيني يا زوما..بستني اخلص شغلي بفارغ الصبر عشان اجي اسهر معاكي هنا
+
ربتت عليه مغمغمة: وانت كمان وحشتني.!
+
ابتعد ليناظرها: بجد بتشتاقي ليه يا زوما
ابتسمت برقة: طبعا يا بودي.. عندك شك؟
تنهد مع قوله: معنديش يا روح بودي..ثم تلفت حوله بغته متذكرا الصغير: فين مهند وحشني وجايبله حاجة حلوة؟
_ نايم بقالوا ساعة!
وواصلت وهي تتحسس الشيء الذي تحمله وهمست: أنا عايزة اهديك حاجة عملتها علشانك!
لمعت عيناه بعاطفته: هدية أحسن منك؟
تلجمت لحظة ثم أمسكت كفه وقبلتها: أنت اللي احلى هدية ربنا كرمني بيها، وربنا يقدرني واصونك وأسعدك..يلا بقى غمض عيونك عشان تشوف هديتي!
+
أطاعها مبتسمًا ثم بدأ بفتح عيناه بعد أن طلبت أن ينظر أمامه وللوهلة الأولى تسمرت مقلتيه فوق لوحتان مختلفتان جوار بعضهما.. الأولى لرسمة رجل يشبهه كثيرًا يعانق طفل صغير يشبه مهند وكأن عمره ازداد سنوات..!
+
واللوحة الثانية لذات الرجل الذي يشبهه بهيئته الحاليه مع لحيته الكثيفة وذقنه، وهو يلثم رأس طفل رضيع حديث العمر.. فنظر لها متلمسا تفسيرا يؤكدا له ما فطنه..!
فقالت وهي تمنحه أصدق نظراتها عشقا:
متأكدة إنك قدرت تفهم اللوحتين!
_ بس طمعان اسمع منك!
+
استدارت عنه تطالع اللوحة الأولى بعين مترقرقة:
دي صورتك انت ومهند حسب ما بتخيلكم في المستقبل لو ربنا عطانا العمر.. بشوفكم كده.. أب حنون بيحتوي أبنه بين دراعاته بيعوضه اللي فقده وبيطمنه انه معاه في كل لحظة ومش هيسيبه ولا يخذله!
+
صمتت وتكاثفت الدموع بمقلتيها مستطردة: ودي صورة الطفل اللي بحلم ربنا يرزقني بيه منك يا عابد.. الطفل اللي هيربطنا ببعض اكتر وأكتر.. الطفل اللي هيكون اخو مهند وسنده في الدنيا بعد ربنا وبعدنا.. الطفل اللي هيكمل فرحة طنط كريمة.. الطفل اللي هيبارك حبنا ويسعدنا أكتر وأكتر!
+
التهم الخطوات التي تفصله عنها واحتصن وجهها الباكي براحتيه واقترب بوجهه حتى صارت انفاسه تلفحها وقبلها لتنوب قبلته عن كل حديث عجز عن قوله ثم غمسها بصدره ولا يجد كلمة واحدة تعبر عن سعادته بهديتها وشعورها الجارف ورغبتها بتكوين أسرة معه.. أما صورته هو ومهند فكان لها أثرا أكثر قوة ودلالة.. هي تأمنه على الصغير.. لا تضعه بعقلها مجرد زوج أم بصورته المعهودة.. بتلك اللوحة أكدت ثقتها به.. هو مصدر أمانها بعد الله..وهو شعور لا يُقدر بثمن في نفس رجل حين يستشعره من أنثاه!
________________
+
ما أن غادرها رائد حتى سقط قناع هدوئها وبدت عيناها گ جمرتين متقدتين حقدا وغلا وهي تركل بقدميها فازة ضخمة في إحدى الزوايا وراحت تدور حول نفسها بجنون تهذي: لسه زي ما انتي..ملكة الكل بيشاور عليكي ورقبتك عالية كأنك هتطولي السما.. عيونك لسه بتلمع بالحياة بتبصيلي وبتتحديني وبتقوليلي اللي عملته مأثرش فيكي..كل اما بشوفك بتكبري بحس اني بصغر أكتر وأكتر.. السعادة مالية. عيونك وانا تعيسة نفسي اضحك من قلبي.. الكوابيس مش عايزة تسيبني ولا تسيبوا.. كل يوم بيمر عليا وهو ناسي انا مين بخاف يكون الأخير..بخاف كل حاجة تضيع مني..بخاف اتحرم من بنتي.. بخاف اتحرم من بيتي وحياتي..بخاف اتحرم منه هو نفسه.. الخوف بياكل روحي وسارق راحتي ونومي.. وانتي كل مادا بتكبري وتلاقي اللي يقويكي ويسند ضهرك.. كان ابوكي وعيلتك ودلوقت؟!
1
وصمتت تلهث من فرط مشاعرها غلها الناقمة المتأججة وهي تتذكر ذاك الشاب فارع الطول والهيبة.. وفوزه الذي جعل سيرته تتناقلها الأفواه بإعجاب وفخر صب عليها وحدها .. أصبح لها ظهر أقوي..نظرته لها غارقة بعشق تعمد إظهاره بقوة.. كأنه هو الأخر يتحداها.. يشعل حسرتها..تُرى.. هل يعلم كل ماحدث لفاتنته؟ أم غافل عن ماضيها ولا يعلم سوى رتوش؟
+
أجفاها صدوح رنين الباب بغتة.. فتوجست مغمغمة: معقول رائد رجع تاني زي عوايده؟
ذهبت تتفقد القادم الذي ظنته زوجها وفتحت الباب متخلية عن حذرها..لتتسع حدقتاها وتزداد قتامة متسمرة على وجه من آتاها وابتسامته الماكرة تُظلل شفتيه اللعينة!
+
تجرعت ريقها برعب وهي تطالع من ظنته زوجها
وأدركت ان الشيطان نهض من جحيمه وآتاها
وأبواب جهنم لن توصد قبل أن تبتلعها بنيرانها المستعرة!
__________________
+