اخر الروايات

رواية مذكرات حائر الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم هالة الشاعر

رواية مذكرات حائر الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم هالة الشاعر 

الحلقه الثامنه والثلاثون

" الانهيار "
كان الجميع بالأسفل يتحدثون ويضحكون البعض يشرب العصير والأخر يتناول الطعام وكعادتهم دائما وأبدا تجاهلوا رغبتها بأن تبقي وحيدة بل أدعوا ان كل شيء علي ما يرام وأن ما حدث سوف يمر ولا شيء إطلاقا سوف يعيق حركه الحياة الطبيعية عن العمل .
_ حسنا تبا لهم جميعا ، مر أسبوع علي خروجي من المشفى بعد أن أصبحت بلا رحم ، بلا أمل – بعد أن أصبحت نصف أنثي ، نصف امرأه ، أتعلمون لم أعد اعتبر نفسي امرأة بالأساس وكذلك لست رجل بالطبع ، بل كائن سخيف يقف بالوسط بين الاثنين ، كائن مُدمر مُحطم لا يوجد له أي فائدة أو قيمه .
حقا لا أعلم لما لم تنتهي حياتي بإحدى تلك العمليات اللعينة مع أطفالي ، ولما أنا علي قيد الحياة الآن ؟! .
احكمت قبضه يدي علي الكرسي من الغيظ لا أريد أي مما يفعلونه حولي لا احتمل تجاهلهم لمشكلتي ، لا أحتمل أي من هذا ، لما انا علي قيد الحياة الي الآن ؟! ، أستغفر الله العظيم لم يخلق الله شيء عبثا لابد وأن لي فائدة لا اعلمها بعد ، وعند هذا الحد لم أستطع التماسك أخذت أفرك وجهي بكلتا يداي وأستغفر بشدة والعن الشيطان البائس اللعين اعلم تمام العلم ما الذي يحاول فعله بي ورغم عني كنت أشعر ببركان يفور ويغلي بداخلي أقسم أنِ كنت أشعر بكميه من الغضب والسخط والكرة لم أشعر بها من قبل في حياتي كلها ولا أعلم حتي من أين لي بكل هذا الحقد والكره ! .
وما زاد الطين بله تجاهلهم لألمي والتعامل معي كأني مصابه بنزله برد وسوف اشفي منها بعد مده ، اللعنة عليكم جميعا لن أشفي ، لن أشفي مطلقا لا يوجد لدي حتي مجرد أمل أنه بعد عشرة سنوات من الآن سوف يقومون باختراع دواء يمكنني من الإنجاب لقد انتهيت لمدي الحياة .
رغم عني أطلت فرك وجهي وانحناءة ظهري هذه وأجبر الجميع علي الصمت وانهاء التمثيلية السخيفة التي يلعبونها علي ، أنهم يزيدون من ألمي بشدة ذلك التجاهل يؤلمني ولا أحد منهم يريد أن يتركني وشأني ، أريد أن أدفن نفسي بغرفة مظلمه وان ابكي وأصرخ الي أن يغشي علي وتنفذ كل طاقتي ولكنهم لا يسمحون لي بالبقاء وحدي لمده خمسة دقائق حتي .
ازداد الصداع حده برأسي وأصبحت افرك وجهي بشكل أكثر عصبيه من ذي قبل وكان علي عبد الرحمن التدخل .
نظر الجميع الي بعضهم ثم رشقوها بنظرة الشفقة والعطف علي حظها العسر ، ربت عبد الرحمن علي ظهرها المنحني وتمتم " سارا انتي كويسه ؟ اجيب ليكي المسكن " بينما تأوهت هي بصمت وحدثت نفسها لا يمكن لمسكنات العالم كله تسكين ألمي هذا .
لم ترد عليه ونظر السيد شاكر نحو عبد الرحمن بقلق وبدا التوتر يستولي علي الجميع ، قال عبد الرحمن محاولا افتعال المرح " عارفين إحنا مروحناش شقة اسكندرية من زمان إيه رأيك يا عم شاكر تاخد أجازه وتيجي معانا " نظرت أيه لعبد الرحمن وقررت الاشتراك في تلك التمثيلية " ايوة فكرة حلوة اوي وانا هقضي اليوم كله في البحر " ، ونكزت محمد " انا عاوزة مايوة " واشترك هو الاخر معهم " مايوة ايه إن شاء الله أنتي متجوزة سوسن " وحاول البقية افتعال الضحك علي ذلك الشجار الوهمي بينهم وتحدث محمد الي سارا التي تدفن رأسها بالطاولة ولم يعد لديها أي ذرة من القدرة لاحتمال أي من هذا حقا .
" شايفة يا سارا انا مش عارف أختك دي هتعقل أمتي ؟ بقولك أنا مش عاوزها خوديها عندك ولما تعقل رجعيها ليا تاني انتي اختها الكبيرة ومسؤولة عنها مش كده يا عم شاكر " رد بوجوم " طبعا ، طبعا " أصبح الجميع ينظر بقلق نحو سارا التي لم تبدو بخير علي الإطلاق .
تكلم عبد الرحمن " إيه يا سارا مش هتدفعي عن أيه انتي معتيش بتحبيها ولا إيه ؟ " ، اصطكت أسنانها بشدة من كثرة غيظها ، لما يتعاملون معي وكأني طفل صغير بأس سوف يلتهي وينسي مشكلته بالحديث معهم ؟ ! .
استمر الجميع بالتمثيلية السخيفة والضحك الوهمي بينما هي عضت علي شفتيها وغزا الألم كل شعرة وذرة بجسدها خبطت الطاولة بعصبيه ونظرت للجميع بحده أخرستهم في الحال وأفقدتهم قدرتهم علي النطق أيضا ونطقت بنفاذ صبر شديد وهي تحاول أن تضبط أعصابها قدر الإمكان " كفاية " نظر الجميع لها بقلق بينما وقفت هي وقالت والألم يقطر منها " حرام عليكوا اللي بتعملوة فيا ده ارحموني بقي ! " وقف عبد الرحمن " سارا ارجوكي اهدي صدقيني كل حاجه هتبقي كويسه " هزت رأسها غير مصدقة " مفيش حاجه هتبقي كويسه أنت مبتفهمش ؟! " تدخل السيد شاكر ووقف هو الأخر " سارا " قالها بحزم ثم أردف " عيب كده واهدي شويا ده قضاء ربنا ولازم ترضي بيه يا بنتي " .
اخذت تهز رأسها بهستيرية غير مصدقة ثم تكلمت بألم شديد أوجعهم جميعا " انتو تغرقوني وبعدين تقولوا قدر ربنا !! " تدخلت السيدة وفاء وهي حزينة للغاية علي ابنتها الحبية
" إحنا ذنبنا إيه بس ؟! " " ذنبكوا كل حاجه " أرادت أن تقول لهم هذا وبشدة ولكنها تمالك نفسها في أخر لحظة ولكن ما أضافة السيد شاكر جعلها تفقد تلك الشعرة التي تحاول التمسك بها كي لا تغرق في بحر الغضب .
تكلم السيد شاكر بحزم " لازم تفوقي وتشوفي بيتك وتخرجي من كل اللي انتي فيه ده فاهمه ولا لأ " وتحولت نبرة الي الرقة " انا عارف مصلحتك يا سارا اسمعي الكلام يا حببتي عشان متتعبيش اكتر من كده " " انت عارف مصلحتي ؟!! " سالت بشك والتفتت لعبد الرحمن " وطبعا انت كمان عارف مصلحتي " ثم لوحت بيدها علي جميع الجالسين وقالت بسخرية شديدة " ومن غير كلام طبعا انتو عارفين مصلحتي " ثم نظرت الي والدها " مخطرش في بالك مرة أني عارفة مصلحتي ! " " سارا أهدي شويا " حاول عبد الرحمن أن يجلسها كي تهدأ قليلا ولكنها صرخت به " متلمسنيش ومتقوليش أهدي أنت السبب في كل ده عمري ما هسمحك أبدا أنت فاهم " نظر الجميع بشك نحو عبد الرحمن وأرتبك هو ، ثم حاول جذبها كي يصعد بها الي الأعلى " سارا يالا علي فوق عشان تنامي شويا " ولكنها رفضت وأخذت تقاومه ولم ترغب بالصعود معه أبدا وبعد عده محاولات صرخت صرخة مدوية أفزعتهم جميعا وأخذت تصرخ بعدها بشدة صرخات متتالية جعلت الصغير يبكي بشدة والرعب أستولي علي الجميع .
حاول عبد الرحمن اسكاتها ولكنها كانت تستمر بمقاومته بكل طاقتها ولم تنصت له أبدا ، وبدأت تصرخ معلنه كرهها له امام الجميع " بكرهك ، بكرهك بكرهكوا كلوكوا انتو السبب في اللي انا في ده انتو اللي دمرتوني " لم يعد يحتمل السيد شاكر صراخها الهستيري وذهب وصفعها علي وجهها كي تصمت وحزن الجميع عليها أحاطها عبد الرحمن بذراعيه وأخفي وجهها بعد هذه الصفعة وحاول تهدئة السيد شاكر .
بكت الفتيات بشدة وبدي السيد شاكر نفسه مصدوم من فعلته ولكنه لم يحتمل صراخها الهستيري هذا ، رفعت سارا رأسها من صدر عبد الرحمن ونظرت لوالدها وصعق الجميع منها ، لم تكن تبكي ولم تكن مدهوشة أيضا بل كانت تبتسم رسمت ابتسامه مقززة مخيفة علي وجهها ونظرت لوالدها وقالت بتحدي واضح من بين أسنانها " أنا بكرهك زيه بالظبط " ، كان الجميع تقريبا مصعوق من سارا فهي لم تتخط حدودها يوما من الايام مع أحد .
تعالت أنفاس السيد شاكر بشدة غير مصدق ما قالته سارا للتو بينما هي التمع الشر في عينيها وقررت إيلام الجميع مثلما تتألم هي بالضبط ، لما علي دائما أن أدفع ضريبة أنا نيتهم وجبنهم " لا والله أقسم بالله لن يحدث هذا أبدا بعد اليوم " توتر محمد بشده ولم يبدو علي السيد شاكر أو عبد الرحمن أنهم بخير أبدا فذهب وجرها من معصمها فهي تقريبا تقف بين قنبلتين موقتتين " سارا أهدي مفيش لزوم للي بتعملية ده إحنا والله بنحاول نساعدك " وعند هذا الحد افاقت سارا ودفعته بعيدا عنها ضاربه إياه علي صدرة وصرخت به هو الأخر " أنا بكرهك أنت كمان متجيش جنبي " تراجع محمد وتركها ولاذ الجميع بالصمت عداها هي .
تعالي بكاؤها " كلكوا سبتوه يعمل فيا كده كلكوا سبتوة يدمرني ووقفتو تتفرجوا ومحدش ساعدني وانا عمري ما اتخليت عن حد فيكو أبدا " كانت تشير بعذاب نحو عبد الرحمن الذي احمر وجهه بشده من التوتر لم يكن يعلم بكرة سارا هذا ، لقد ظن أن كل شيء أصبح بخير بينهم ، ضم قبضتيه بشدة وحاول التماسك " سارا يالا علي فوق الوقتي حالا كفايه اوي لحد كده " "خلاص يا عبد الرحمن معتش هخاف أنك تضربني او تحبسني تاني خلاص مش هتعرف تخرسني " صرخت به سارا متحديه إياه ثم أشارت نحو والدها " حضرتك عشان تخلي مسؤوليتك مني ومن عبئي قررت تجوزني ليه وانت عارف كويس اني مش عاوزة اتجوزة بس أجبرتني واعدت تقنعني بحاجات وهمية عشان تخلص مني زي بالظبط لما أعدت أقولك علي مش عاوزني وأنت مسمعتنيش " قاطعتها والدتها " حرام عليكي يا سارا بابا كان عاوز حد يحميكي ويحافظ علي حقك كان خايف عليكي يا بنتي " ضحكت سارا بهستيرية أثناء بكاؤها وأخذت تصفق بيدها بمرح وهمي " بتقولي إيه ؟! ... بتقولي هههه يحميني !! " واخذت تضحك وتبكي في آن واحد وأشارت بسخرية نحوه " ده يحميني ؟! " وتحولت نبرتها الي المرار منهم جميعا " ده أكتر واحد أذاني وهني في حياتي كلها " وتعالت شهقاتها وبكاؤها " هو اللي كسر أيدي واحمد عايش انا موقعتش من علي السلم و و .. و كمان " وانهارت بالبكاء " أغتصبني ايوة ،بعد ما انتقمت منه عشان احمد الله يرحمه جه وانتقم مني واعدت أصرخ واتحايل عليه عشان يرحمني بس مرحمنيش وبعدها فضل حابسني وكل ما اقوله يسبني في حالي يضربني ويصرخ فيا " وأشارت نحوهم " وكلكو كنتوا عارفين وعاملين نفسكوا عمي ، ولما قولت ليكي عاوزة أطلق ومش عاوزة أعيش معاه قولتيلي ابوكي هيروح فيها وصبرت واستحملت عشان خاطر بابا لكن محدش فيكوا وقف معايا ، محدش فيكوا ساعدني " .
اشارت نحو والدها " انت كنت عارف اني مش مبسوطة ومع ذلك سبتني " ونحو والدتها " وانتي كل همك ان بنتك تبقي متجوزة وبس مش مهم بقي هي عايشة أزاي " ونحو حسام ومحمد " وانتو المفروض انكو اخواتي بس مغيرتوش أي حاجه من الواقع اللي أنا عايشاه ويأستو وسبتوني ، حتي انتي يا طنط نور وقفتي معاه هو واعدتي تقولي لي لازم أسامحه ، اما انت يا عمي فحضرتك كنت عارف ومتأكد ان في حاجه غلط بتحصل ومع ذلك عملت نفسك مش شايف وقولت كفاية اللي انا فيه مش كده ؟! " .
كان الجميع مصعوق من مراره سارا لانهم تخلو عنها جميعا ، وعبد الرحمن كان يتصبب عرقا من كل جسده ولم يشعر بالخزي في حياته كلها مثلما شعر الآن .
وسارت نحو والدتها " أما بالنسبة لحقي اللي المفروض هو يحافظ عليه فأحب أقولك انكو سلمتوا القط مفتاح القرار وكل مليم أحمد الله يرحمه سابه ليا بقي باسمه هو ، دخل في يوم ومضاني علي ورق بالعافية بعد ما شعري طلع في أيده وخد كل حاجه " واخذت تصفق بصوت عالي بيدها لهم جميعا وقالت بسخرية " برافو بجد ونعم الحماية انتو فعلا حافظتوا عليا ، ده دليل واضح وعملي ليكو كلكوا بيثبت وبيوضح قد ايه انتو عارفين مصلحتي " .
كان السيد شاكر غير مصدق ما تقوله سارا ونظر شزرا نحو عبد الرحمن الذي ينظر للأرض بآسي " اللي سارا بتقوله ده حصل ؟ " أزدرد عبد الرحمن لعابة وحاول التكلم ولكنه لم يستطع فاكتفي بهز رأسه بهدوء ، نظر السيد شاكر حوله غير مصدق ولكن سارا لم تدعه ينهي كلامة وقالت بيأس شديد " اللي هتعمله الوقتي مفيش منه أي فايدة خلاص مش هيرجع أي حاجه راحت مني " ونظرت لهم جميعا " انا كنت فاكرة انكو علتي وبتحبوني بس لاء ، انتو كلكو زيه لأنكو سكتو " وأردفت بوجوم " الحاجه الوحيدة اللي اخترتها في حياتي راحت ومش راجعه " وعلي صوتها مرة أخري " انا عمري في حياتي ما هسامحكوا أبدا وزي ما أتخليتو عني انا كمان مش عاوزاكو ومن النهارده مليش أهل " وركضت الي الأعلى وبعد عده دقائق نزلت ومعها حقيبة ملابس صغيرة وطارت بسارتها الي الخارج .
أفاق السيد شاكر من شروده ولم يصدق أن عبد الرحمن فعل بابنته ما فعلة وذهب نحو ابنتيه اللاتي يبكين بشدة وهز امل من ذراعها بعنف " كل ده حصل ومحدش فيكو قالي ليه ؟! " ارتعبت امل ولم تستطع الكلام ونزعت أيه نفسها من البكاء " إحنا مكناش عاوزين نزعلك يا بابا " صرخ بها أزاي تسيبو اختوكو كده ؟ " ولام كل من حسام ومحمد قائلا بآسي " المفروض انكو اخواتها هنا وبتاخدوا بالكو منها " كانت الدموع متحجرة بعين السيد شاكر واشار لزوجته الباكية وابنة الصغير كي يذهبوا ونظر الي عبد الرحمن " انا جوزتها ليك عشان تاخد بالك منها و تحمي حقها بس كنت غلطان أنت هطلقها وانا مش هجبرها علي حاجه تاني " وذهب خارجا وعندما حاول السيد شهاب التكلم معه أكتفي بقول " شكرا علي الأمانة اللي أمنتها ليك يا شهاب " ومضي وتركه ، لم يحتمل عبد الرحمن نظراتهم او بكاء امه واخوتها وصعد الي شقته بهدوء .... .
*** **** ****
قادت سيارتها والدموع تعمي عيناها مسحتها بحزم وما إن رأت لافتة تدل علي فندق حتي توجهت مباشرة اليه وحجزت غرفة وصعدت بحقيبتها الصغيرة وارتمت علي السرير بعد أن خلعت طرحتها فهي تشعر بأن الهواء نفذ من رئتيها ، دفنت رأسها بالوسادة وصرخت بكل قوتها واخذت تبكي بشدة .
ظلت هكذا حوالي ثلاث ساعات وبعدها أغشي عليها أو غطت في النوم لا أحد يعلم المهم انها لم تستيقظ سوي اليوم التالي ظهرا كانت أهدأ حالا ، جلست واجمه علي السرير تفكر بعدة أشياء :
_ لم يعد لدي منزل .
_ لا بد وان أبي يكرهني الآن .
_لا يوجد لدي عمل .
_ لا يوجد لدي مال .
وتساقطت دموعها _ لا يوجد لدي أطفال .
لن يوجد لدي طفل أبدا .
لما سوف أقاوم أو احارب إذا ما الفائدة ؟! ، امسكت بالهاتف وكتبت رساله نصية " انا أعده في فندق وبكرة أو بعدة هرجع البيت " واغلقت الهاتف مرة أخري فهي تعلم تمام العلم أن والدتها لم يغمض لها جفن ولابد وأنها قلقة للغاية .
ظلت واجمه هكذا لا تتحرك من مكانها تتساقط دموعها بهدوء وتفكر في كل ما يحدث معها ، تمنت بشدة لو أن هناك من يضمها الآن ويربت عليها وتذكرت أحمد وكيف كان يضمها كثيرا وفي كل الأوقات تقريبا ودائما كان يهمس لها بأطيب وأحلي الكلام الذي يجعلها تبتسم وتحمر خجلا .
تمنت لو أن له صورة حتي معها ولكنهم أخذوا كل شيء منها ، بل نزعوه نزعا منها كي تنساه رغما عنها وضحكت بألم " أكيد هما عارفين مصلحتي " كل شيء ينزع منها نزع ويفرض عليها .
أما عبد الرحمن فلم تعرف حقا بشأنه شيء ؟! ، وما الذي عليها فعله معه ؟ .
لقد أخبرها بأنها هي حب حياته وانه لم يستطع أن يتزوج بسببها هي ، ولكن لم تستطع فهم حبه هذا ابدا فهو عنيف وعصبي معها بشكل مبالغ فيه وتشعر بالرعب معه كثيرا فهو يغار بشكل موحش من أي ذكري تحمل أسم احمد ، حتي احمد الصغير باتت لا تحمله أمامه وبدلت أسمه ب " حبيب خالتو " لأنه كلما سمعها تناديه التمع الشر في عينه .
بعدها هدأ عبد الرحمن كثيرا بعد أن باتت تتجنب أي قول أو فعل كانت تفعله مع أحمد ، ولكنها كانت تمثل عليه ولا تشعر بالراحة أجل تدعي فعل الأشياء كي تتجنب عنفة معها .
ضمت الوسادة لها وشردت دموعها علي وجنتيها ووجدت انه لا شيء حقا يستحق وبدأت تشعر بالوخز لأنها صرخت بالجميع هكذا وصرحت بكرهها لهم أنهم ليسوا بهذا السوء أكيد كما انها لم تفقد رحمها بسبب هذا الحمل وانما بسبب الورم وبعد أن هدأت فورة الغضب هذه بدأ الندم يصيبها لقد دمرت كل شيء بلحظة واحده لأنها لم تستطع أن تمسك بلسانها معهم نظرت الي السقف ورسمت بسمة باهته وتمتمت " يعني هي جيت عليهم ؟ ما انا خسرت كل حاجه " .
*** *** ***
_ لقد فضح ، ذل ، اهين ، اصبح المكروه رقم واحد علي قائمة كل من العائلتين ، دون سرد أضافي لقد خسر كل شيء .
وغد ، اجل يعلم أنه وغد لم يستطع السيطرة علي غضبة يوما والغضب كان يتلخص في شيء واحد فقط ( احمد ) .
لم يستطع أن ينسي يوما كم يعني احمد لسارا بعد أن اتفق كل منهم علي متابعة حياتهم واصبحوا أخيرا معا زوج وزوجه بعد مرور اسبوع واحد فقط ، كان يعنفها لأتفه الاسباب لم يكن يحتمل كانت الغيرة تأكل منه بغير شفقة او رحمه كيف له أن يحتمل ؟! .
إذا طهت شيء ما كان احمد يحبه يجن جنونه ، إذا داعبت احمد الصغير ولاطفته كان يشعر بالغضب فهو يحمل اسمة وملامح وجهه ، في يوم كان يشاهدا التلفاز معا ووضعت سارا وهي واجمه حبه مكسرات بفمه في البداية فرح ثم اشتعل غيظا فهي كانت تطعم احمد دائما بفمه .
صرخ بها وعنفها بشدة " انا عبد الرحمن مش احمد !! " كالعادة ارتعبت منه وصمتت وانكمشت علي نفسها خوفا من بطشة بها ، بعد ان تمالك اعصابه قليلا أنخفض نحوها وسألها من بين اسنانه " لما عملتي كده كنتي عارفة اني عبد الرحمن ؟ " هزت راسها موافقة ودموعها تسيل برعب منه ، لم يصدقها " عملتي كده ليه ؟ " بصوت مرتعش " طعمها كان حلو كنت عاوزاك تدوقها " فرك وجهه بشدة وابتعد عنها ثم عاد واخبرها بأنه أسف وبأنه لن يعيدها وهي كانت تسامحه .
ولكنه كان يعيدها أجل ويعيدها من ثلاث لأربع مرات بالأسبوع الواحد يصفعها ويعنفها ويتهمها بالخيانة ثم يعتذر منها ويخبرها بأنه لن يعيد الكرة حتي أصبحت كلمة " اسف يا سارا " كلمه سخيفة لم يعد ينطقها بل يتجاوزها ويتعامل معها علي أن شيء لم يحدث الي أن اتت الطامة الكبرى .
_ كانت نائمة الي جواره وبدأت بالتململ ثم أخذت تتمتم بكلام غير مفهوم فنظر لها وانصت بشدة محاولا فهم ما تقوله أثناء نومها ثم بات الكلام واضحا " احمد . احمد ، حاسب . حاسب " فارت الدماء برأسه ووقف يعض شفتيه من الغضب ، ألا يفارق أحلامها حتي تلك الخائنة اللعينة لم يستطع تمالك نفسة وصفعها بشدة وهي نائمة صرخت سارا واستيقظت وهي تشهق وكأنها تغرق بالمحيط ، كان منظرة مرعب حاولت الرجوع الي الوراء من غضبه فسقطت علي الارض وهي ممسكه بوجنتها من شدة الالم ، جرها من ذراعها وقذف بها الي الغرفة المجاورة واوصد الباب عليها وصرخ من الخارج " خـــــــاينة " ظلت حبيسة الغرفة تلك الليلة واليوم الذي يليه ايضا ، أما هو فكان معمي من الغضب وعندما افاق في اليوم الذي يليه أن الغرفة لا يوجد بها حمام أو مياه ذهب وفتح الباب بحذر ولكن الغضب لم يكن ذهب عنه بعد .
وجدها متكورة علي السرير نائمة وخدها متورم من الصفعة واسفل عيناها أزرق رق قلبه كثيرا لحالها وذهب لإيقاظها ولكنها فزعت منه وابتعدت عنه الي ان خرجت من الغرفة وهي
تبكي وترجوه بأن يتركها وشأنها وأنها لم تفعل شيء ، بالطبع فهي لا تفهم ما الذي حدث معها لقد كانت نائمة واستيقظت علي صفعه كارثية دون أي سبب ، ولكن ذلك الأنكار جعله يستشيط غضبا " انتي عمرك ما هتحسي ولا هتتغيري انتي فعلا تستهلي واحد شبهة ... " كان يتكلم بغيظ وهي تتراجع في خوف منه الي ان انزلقت قدمها وسقطت من علي السلم وكسرت ساقها .
_ انتظر بالمشفى خارج غرفتها ولم يستطع الدخول لها بينما ظلت هي تبكي وكلما سألها احد ما عن كيفية سقوطها تقول انها تعثرت وهي شبة نائمة لم يكذبها احد ، مثلما لم يكذبها احد من قبل عندما كانت تبرر الكدمات التي يتركها عنفه عليها وذلك لأنها كانت كثيرة التعثر والسقوط في العادي .
كانت تسال علي احمد الصغير بكثرة وعندما أتت أمل به في اليوم التالي ضمته لها بشدة كبيرة واخذت تبكي وتعجب جميع الحاضرين منها ، سألها محمد " في ايه يا سارا ؟ " أصلي بقالي كام يوم بحلم انو واقف علي صور البلكونة وبعد اقوله حاسب يا احمد بس مبيسمعنيش " أصفر وجه عبد الرحمن من الندم حالما سمعها .
وعندما عادت الي المنزل لم تلمه ولم تتحدث ايضا فقط ظلت صامته ، حملها بهدوء وصعد بها الي غرفتها وتحدثت هي معه بكل هدوء واخبرته بأنها تشتاق الي عبد الرحمن الذي كان عون لها لا ذاك الذي يرعبها وانها تثق به ، في تلك اللحظة علم عبد الرحمن انه خطر علي سارا واتخذ عهد علي نفسه بألا يظلمها او يوبخها مرة اخري ، علم في تلك اللحظة ان تلك الزيجة ملعونة وهو يعلم انه يستحق هذا العقاب فهو لم ينسي في يوم من الايام بأنه خائن وظن عابثا أن الشعور بالندم سوف ينتهي ولكنه كان مخطئ .
تغير عبد الرحمن منذ تلك الليلة وتجاهل أي شيء يثير حنقه منها وإن حدث شيء كان يتقبله كجزء من العقاب ، ومر عليهم شهرين نَعم فيهم بالسلام معها ، ظن أنها احبته وكل شيء تم دفنه ونسيانه للأبد ولكنه كان مخطئ للغاية هي فقط استسلمت اجل لم تعد تقوي علي بطشة وعنفة معها فاستسلمت ولم يعرف حقيقة كل هذه الأمور سوي اليوم ، فبعد مرور شهرين من السلام بينهم فقدت هي جنينها ورحمها واليوم باحت بكل شيء ولم يعد هناك أي داعي للتمسك بالسراب ... .
ذهبت السيدة نور الي السيدة وفاء واخبرتها بحب عبد الرحمن لسارا وانا ما فعله كان خارج إرادته وانه من غيرته الشديدة عليها وانه لم يأخذ أي من حقوقها فكل شيء لا يزال باسمها هو فقط اوهمها بذلك كي لا تفكر بتركه ، ومع ذلك لم يكن تقبل الامر سهل علي السيد شاكر او السيدة وفاء واخبروها بأن سارا من الآن حرة باتخاذ قراراتها وانها فقدت الكثير ويكفيها ما تمر به ولا احد منهم سوف يجبرها علي شيء من الآن .
*** *** ****
_ عادت سارا بعد ثلاثة ايام الي المنزل وعندما فتحت لها والدتها الباب شهقت من الفرحة وغمرتها بالقبلات والأحضان ، دلفت سارا الي غرفتها وهي مطرقة الرأس وبعدها بعدة دقائق دخل والدها وحاول إخفاء لهفته عليها وتمتم " انا هعدي بياتك برة البيت المرة دي بس يا سارا عشان مقدر لحالتك كبيرك عايش ممتش عشان تسيبي البيت وتمشي فاهمه " هزت رأسها موافقة " من هنا ورايح انتي حرة في حياتك بما انك كبرتي وعارفه مصلحتك انا مش هجبرك علي حاجه تاني يا سارا " رفعت رأسها ولم تحتمل الدموع التي بعين والدها والانكسار الذي حل به وبكت بشدة " أنا أسفه يا بابا " ذهب وضمها وقبل رأسها وربت عليها الي ان هدأت وتمتم " وانا كمان اسف يا سارا " .
لازمت غرفتها ولم تكن تُحدِث احد ليس من الغضب كما اعتقدوا هم وانما من الخجل ، اجل فهي خجله للغاية مما قالته للجميع وإهانتهم علانيه هكذا .
وفي يوم بعد ذهاب والدها استيقظت واخذت ترتب الغرف وتنظفها وتتحشي تلك التي تتواجد بها والدتها الي ان تقابلتا في المطبخ جلست والدتها تستريح وهي تتمتم بحذر " والله ما انا عارفه هروح لها ازاي انهاردة انا مفيش فيا نفس " كانت والدتها تخرج كل يوم في الفترة الماضية وهو شيء استغربته سارا كثيرا ولكن لم تسال والدتها عن السبب ، تمتمت سارا وهي تشرب كوب مياه " خير يا ماما ؟ " " اختك ايه تعبانة اووي " " إيه ؟!! " " الحمل تاعبها ومعدتش بتعرف تتحرك وانا رجلي وجعاني اوي مش عارفه اعمل ايه دي عاوزة اللي يبات معاها والله لولا فارس ومدرسته مكنتش سبتها لحظه " .
حزنت سارا كثيرا ألهذه الدرجة وصل بها الفراق بينها وبين اخوتها ، اختها الصغرى مريضة وهي ليست الي جوارها هي حتي لم تكن تعلم بمرضها بسبب الترهات التي تفوهت بها " انا نضفت الشقة خلاص وهطلب اكل متطبخيش وهروح انا ليها انهاردة " " بجد يا سارا !! " لم تصدق السيدة وفاء ان هذه المحاولة سوف تجدي مع سارا فهي لم تري اخوتها منذ ذلك اليوم المشؤوم ، بينما هي هزت رأسها موافقة " ربنا يصلح حالك يا سارا بس لو مش عاوزة تروحي هناك خليكي متجيش علي نفسك " " عادي مفيش حاجه " وذهبت لطلب الطعام وتبديل ملابسها .
دخلت والدتها الغرفة وهي تفرك يدها بتوتر " اء . اء . بوصي بصراحة ايه تعبانة اوي وعاوزة اللي يبات معاها لأنها مبتعرفش تروح الحمام حتي لوحدها ومحمد هلك يا عيني ومعدتش قادر خالص واختك امل احمد مش بينيمها ومش فايقة لبتها حتي عشان تعرف تفوق ل ايه لو . لو يعني تخليكي هناك بس لحد ما تقوم وبعد كده ترجعي علي طول " لم تستطع ترك والدتها ترجوها اكثر من ذلك وهزت برأسها موافقة ، فرحت السيدة وفاء كثيرا وقبلتها " وانا مش هسيبكو بكرة هتلاقيني عندك " .
لملمت سارا اغراضها وذهبت الي ذلك البيت الذي غادرته هاربة منذ اكثر من شهرين ... .
دخلت بهدوء شديد وتجاهلت الصدمة في عين حارس الامن فهمي واعطته المفاتيح لركن السيارة وصعدت منخفضة الرأس الي أيه مباشرة متحاشية النظر الي أي مكان او أي شخص ، فتح محمد لها الباب ولم يصدق عينه " سارا !! " فالسيدة وفاء لم تخبرهم كي لا تشك سارا بشيء ، اخفضت رأسها ورحب هو بها كثيرا " اتفضلي يا سارا " " ايه فين ؟ " " فوق مش بتقدر تسيب السرير الوقتي " صعدت لأختها ومحمد خلفها .
وحالما رأت أيه انسحبت الدماء من عروقها وسقطت حقيبتها أرضا ، لقد كانت شبح لأية اين وجنتيها المتوردتين دائما ؟ اين شفتيها شديدة الحمرة ؟ وعيونها الساحرة تبدلت بعيون ذابلة للغاية ، هتفت أيه غير مصدقة " سارا !! " ذهبت لها وضمت كل منهم الاخرى ، بكت سارا لحال اختها وبكت ايه شوقا لها وتوسلت لها " خليكي معايا ونبي يا سارا متسبنيش " مسحت سارا دموعها برقة " متخفيش مش هسيبك " ونظرت الي جوارها وجدت برغر وطعام سريع ، نظرت لمحمد بسرعة فرفع يده مستسلما " والله حاولت أطبخ بس الاكل بيتحرق معرفش ليه ؟! " ربتت علي خد ايه " نفسك في ايه ؟ " " أي حاجه من ايدك يا سارا اكلك وحشني اوي " .
نزلت سارا الي الاسفل وبدأت تعد طعام الغداء لهم وعندما انتهت صعدت به ل ايه التي اشرق وجهها قليلا واخذت تضحك لسارا ، اطعمتها وبعد ذلك اخذتها كي تحممها ومشطت شعرها الغجري الطويل وبدلت ملائتها وفتحت الستائر والشرفة ودبت الحياة في غرفة ايه من جديد ، جمعت الملابس والملائمات واخذتهم للغسيل وتركت ايه تستريح ونزل محمد مع سارا واخذ يعاونها في كل شيء في البداية كان صامت ثم تلاقت نظراتهم اكثر من مرة فأوقفها محمد " سارا أنا اسف عشان خذلتك ، بس . بس صدقيني انا فكرت انكو اتصالحتوا ومعرفش انك لسه بتتعذبي كده " " حصل خير يا محمد اطلع ارتاح انت وانا هكمل المطبخ " هز رأسه موافقا وتركها كي لا يضغط عليها .
انهت هي عملها بالأسفل وحضرت حلوي وكيك ل ايه كي تفتح شهيتها علي تناول الطعام .
انتهت من اعمال المنزل واستيقظت ايه وصعدت سارا لها كي تجلس معها ، دق جرس الباب بعد ذلك ونزل محمد كي يفتحه وادخل والده ووالدته تلذذ والدة بالرائحة المنبعثة من المطبخ وسال محمد بعد ان سال عن حال أيه اليوم " الريحة الحلوة دي مش غريبة عليا ؟ " واكدت والدته " ايوة دي زي الكيكة بتاعه سارا ، هو انت بتعرف تعمل شاي حتي ؟! " .
" سارا هنا " " ايه !! " " جيت عشان تاخد بالها من ايه " سالت السيدة نور بلهفة " هي فين ؟! " " فوق ماما ارجوكي اوعي تكلميها في أي حاجه " " اخوك حالته صعبه يعني هنسيبه كده ؟ " " يا ماما ارجوكي مش وقته وكمان هو منبه محدش يدخل في الموضوع ده " " خلينا نطلع الأول " تمتم السيد شهاب ، صعدوا وارتبكت سارا حالما رأتهم وأخفضت رأسها .
" ازيك يا سارا ؟ " دون أن ترفع وجهها " الحمد لله يا عمي " " ازيك يا سارا وحشتيني " قالتها السيدة نور بلهفة وذهبت وقبلتها " بعد أذنكو " تمت وهي مطرقة الرأس ونزلت الي الأسفل وبعد عده دقائق صعدت ومعها الكيك والحلوى " ياااه وحشنا أكلك والله يا سارا ايه علي أخر الحمل مش هيكفيها السرير ده يا محمد لو سارا عملت لها من الكيك ده كل يوم ونزلت حته لعمها " ضحك محمد وايه ورسمت سارا بسمة علي وجهها إكراما له .
" مشاء الله يا أيه انتي احسن كتير انهارده كل ده من سارا مش كده ؟ " " اكيد " قالت أيه بفرح ، " وشك نور والبيت كله نور " وربتت علي ظهر سارا الصامتة " اوعي تخليه يضلم تاني يا سارا " وقفت سارا واستأذنت وتركتهم ولامها كل من محمد والسيد شهاب ولكنها لم تستطع منع نفسها .
_ جاء كل من حسام وامل واعتذروا منها وكالعادة اخفضت رأسها ولكنها أخذت الصغير وغمرته بقبلاتها واحضانها .
بدأت أيه في التحسن وكذلك سارا فهي دائما تصبح افضل عندما يكون لديها شيء تفعله ، عندما يكون لديها هدف في حياتها والاهتمام بأية ومنزلها اخرجها قليلا من حالتها السيئة .
تحسنت حاله ايه وبدأت بالنزول الي الاسفل رغم اعتراض محمد الشديد " يا رب عديها علي خير " " خلاص بقي يا محمد " " بس يا ايه انا مرعوب مش عارف انا وافقت أزاي علي موضوع العملية دي يا رب استر " " يا حبيبي انا كويسه والله " " انا حاسس بالذنب خالينا نقول لسارا حتي " " محمد ! " قالت ايه محذرة ، فرك وجهه بشدة وهو يشعر بألم بالغ .
قالت ايه لتخرجه من حالته هذه " عبد الرحمن عامل ايه الوقتي ؟ " " ولا في أي جديد حابس نفسه ومش بيتكلم مع حد خالص " خرجت سارا من غرفتها وعندما سمعت ان الحوار عن عبد الرحمن لم تنزل السلم ولكنها لم تستطع ايضا منع نفسها من الإنصات الي حديث محمد وأيه .
" طيب أكل ولا لسه ؟ " " لا خالص لو شوفتيه الوقتي والله ما هتعرفيه بقي شكله عدم " حزنت ايه وتوسلت له " طيب طيب قوله اني عاوزة اشوفوة وخليه يجي وانا هحاول معاه انا مش هقدر اطلع له " " مش هينفع يا ايه يجي هنا عشان سارا وكمان هو مش هيرضي ده انا اخدت احمد الصغير واعدت احلفه بيه ومفيش فايده اخد احمد واعد يبوس ويحضن فيه ومحطش لقمه في بوقة " " استغفر الله العظيم يا رب " " انا قلبي بيتقطع علي ماما مش بتبطل عايط عشانه " " ربنا يعمله اللي فيه الخير إن شاء الله " .
جلست سارا واجمه بعد هذا الحديث الذي سمعته " ليتني لم اتفوه بتلك الاشياء ، ليتني استطعت التحكم بغضبي ، يا الله ساعدني " .
نزلت سارا الي الاسفل واخرجت كعكه من الفرن وقامت بتقطيعها ووضعها أمام ايه ومحمد وحضرت لهم الشاي ، " كيكه الجبنة الي انت بتحبها اهه يا محمد " تمتمت ايه بمرح " اه تسلم ايدك يا سارا " " الف هنا " امسك محمد بقطعه الكعك ولم يستطع وضعها بفمه ، فهو يعلم أن اخيه يعشق هذا الكعك من سارا ودوما كان يطلبه منها منذ ايام خطبتها لأحمد رحمه الله ، وضع القطعة مكانها مرة اخري واستأذن " معلش انا هنزل اطمن علي ماما بعد إذنكو " وتركهم ومضي .
" معلش يا سارا أصله زعلان شويا عشان .. عشان عبد الرحمن " نظرت سارا الي الارض بآسي ثم تمتمت " هو عبد الرحمن ماله ؟ " لم تصدق ايه نفسها " امم تعبان ومش راضي ياكل ابدا " ثم اردفت بحذر " من ساعه اللي حصل غاب اسبوع محدش فينا يعرف فين وبعدين رجع ومن ساعتها مخرجش من الشقة " حزنت سارا وعاد محمد وكان لا يزال واجم ذهبت سارا الي المطبخ وحاولت ايه التخفيف عنه " ايه رأيك تاخد الطبق ده له جايز يغير رأيه " " فعلا ممكن " واعاد النظر حينما أتت سارا وقال بحذر شديد " لو . لو سارا هي اللي طلعته اكيد هياخدو " نزلت دموع سارا رغم عنها وهمت بالصعود الي غرفتها ولكن محمد استوقفها " ارجوكي يا سارا انا والله ما بضغط عليكي ولا في أي لعبه في الموضوع بس الحكاية انكو لو اعدتو مع بعض وحليتو المشاكل الي بينكو بهدوء اكيد هيبقي احسن من الوضع ده ، حتي لو هتنفصلي عنه اتكلمي معاه عشان إحساس الذنب اللي عنده ده يروح ويرجع لحياته تاني مش لازم تدمروا بعض عشان هتسيبو بعض " والتفت واعطاها طبق الكيك " صدقيني ده عشانك انتِ كمان مش عشانه هو بس " ظلت سارا صامته ودب اليأس في محمد مرة أخري من ترددها ولكنها اخيرا امسكت به وخرجت من المنزل بهدوء ... .
_انسحب الهواء من رئتيها فهي لم تتصور انها سوف تعود الي تلك الشقة مرة اخري ابدا خصوصا بعد ما قالته ، بتردد شديد ضغطت ذر الجرس وانتظرت ، لم يستطع محمد منع نفسه وظل واقفا امام شقته وايه قبالته كي يسمعوا أي شيء يطمئن بالهم المسكين عليهم .
بعد مده طويله انفتح الباب وارتبكت هي كثيرا ولم تستطع رفع راسها بينما عبد الرحمن لم يستطع التحدث من دهشته ، مدت كلتا يداها تقدم له الطبق ونظرت له ولكنها حزنت بشدة لرؤيته هكذا ، لقد كان شاحب للغاية ووجهه نحيف بشكل مخيف وذقنه غير حليقة وملابسة رثة ملتصقة به وشعرة كان دهني للغاية ويبدو انه لم يتحمم منذ مده طويله للغاية ، واستطاعت ان تشم رائحة العرق المنبعثة منه من مكانها هذا .
انعقد لسانه من الدهشة ولكنه انتبه اخيرا الي ذراعها الممدودة وتناول الطبق منها ، ظلت واقفه مكانها لا تعلم ما العمل وهو الأخر اخفض رأسه وظل صامتا ، رفعت رأسها أخيرا لتواجه ولكن الألم بعينه لم يكن يحتمل ، بصعوبة شديدة تمتمت " تحب اعملك معاه شاي ؟ " رد بوجوم " متتعبيش نفسك " وظل ينظر للفراغ .
بصرف النظر عما فعله معها بالعام الماضي إلا أن عبد الرحمن لأكثر من ثلاثة اعوام كان
عونا لها في كل شيء ولم تحتمل رؤيته ضعيف هكذا بسببها هي وشعرت بألم شديد من أجله ، وعلمت في تلك اللحظة ان محمد أكثر من محق فحتي إذا انفصل كل منهم عن الأخر فلا يوجد داعي لتدمير كل منهم للآخر .
انتبه عبد الرحمن اخيرا الي انها لم تذهب وتتركه وظلت واقفه قرابه العشر دقائق دون ان يدعوها الي الدخول " اتفضلي " " مش عاوزة ازعجك " " مفيش إزعاج " ، دخلت سارا بهدوء ووجدت رائحه المنزل سيئة للغاية وكان مظلم أيضا ، جلست علي الأريكة وجلس هو الاخر وظل كل منهم صامت .
" مش بتاكل ليه يا عبد الرحمن ؟ " يا اللهي كم اشتاق الي اسمه منها اغمض عينيه ولم يستطع التحدث وعضت هي شفتيها لحاله هذا ولم تستطع الإمساك بدموعها ، لم يستطع تحمل بكاؤها بل هو لم يعد يحتمل ان تبكي مرة اخري بسببه هو يكفيها .
" طيب انتٍ بتعيطي ليه الوقتي ؟ " ردت بصعوبة " عشان انت مش بتاكل " " لو اكلت هتبطلي عايط ؟ " هزت رأسها موافقة ، ذهب لغسل يده وعاد مره اخري وحاول تناول قطعه ولكنه كان يتناولها بصعوبة بالغة فأعددت له كوب من الشاي وبعد ان انتهي من تلك القطعة ناولته اخري اخذها في صمت وتناولها واخري واخري الي ان جعلته يأكل الطبق كله ثم تكلمت بهدوء " عبد الرحمن طنط تعبانة ومحمد وحسام وعمو كلهم زعلانين عشانك ارجوك متزعلهمش اكتر من كده ، خالي بالك علي نفسك " ووقفت ووقف هو الأخر " ماشية ؟ " هزت راسها موافقة ، فتح لها الباب وشكرها علي الكعك وحالما دلفت الي شقة ايه صعدت مباشرة الي غرفتها .
وفي اليوم التالي بعد ان تناولت ايه طعامها صعدت مع محمد كي يأخذوا قيلولة بينما اخذت سارا تفرك في المطبخ وتعبث بكل شيء ثم تمتمت " عادي إحنا جيران مفيهاش أي حاجه " وحملت طعام الغداء وصعدت به الي الأعلى .
اخذ الطعام ورحب بها ودعاها الي الدخول ، وضعت الطعام له علي الطاولة وجلس هو وسألها عن حال ايه اليوم " احسن الحمد لله " " مش هتاكلي معايا ؟ " " مرة تانيه أصلي اتغديت معاهم " هز راسه بتفهم " علي ما تخلص هكون حضرت ليك الشاي " " شكرا يا سارا " " العفو " ، وهربت من نظراته لها نحو المطبخ لتعد الشاي في أطول فترة ممكنه ثم واخيرا عادت بالشاي ، " تسلم إيدك " رسمت بسمه ولملمت الأطباق ونظفتها في المطبخ ووقف هو يراقبها ، يا الله كم اشتاق الي رؤيتها بالمنزل .
اخذت الاطباق واستأذنت ثم سالته " تحب اعملك حاجه ؟ " " متتعبيش نفسك يا سارا شكرا " كان الاثنان يتكلمان بصعوبة شديدة ، فتح لها الباب وودعها ولكنها عادت بعد ان خطت للخارج خطوة " عبد الرحمن مش بتروح الشغل ليه ؟ " ظل ينظر لها دون ان يتحدث فمتمت " اسفه مش من حقي ادخل " نظر لها وكأنه يلومها علي قولها هذا فهي تعلم انه يحب اهتمامها به كثيرا .
" هتروح بكرة الشغل مش كده ؟ " بعد مده هز رأسه موافقا " واكيد هتستحمي قبل ما تروح مش كده ؟ " نظر الي نفسه وابتسم بوهن لها وهز رأسه موافقا وخطت خطوة

تكمله الحلقه الثامنه والثلاثون
وابتسم بوهن لها وهز رأسه موافقا وخطت خطوة ثم عادت مرة اخري وأشارت بيدها علي ذقنه في علامه منها كي يحلقها فابتسم مرة اخري وهز رأسه موافقا .
وفي اليوم التالي ذهب فعلا الي العمل بعد أن تحمم وحلق ذقنه ولكنه كان نحيف للغاية وظلت الشركة كلها تتحدث عنه في ذلك اليوم ، بعد ان عاد الي المنزل رفض الجلوس مع والدته وظل ينتظر في شقته فهي تأتي كل يوم في حوالي السادسة وبالفعل أتت ومعها الطعام .
كان يحاول ألا يمني نفسه بأي شيء ولكنه رغما عنه كان يسعد كثيرا لرؤيتها " مش هتاكلي معايا بردو ؟ " " معلش انا ادغديت مع ايه ومحمد " وكالعادة هربت من نظراته التي تعذبها وادعت عمل شيء ما بالمطبخ وبعد ان تناول طعامه دخل المطبخ ورائها وظل يتأملها وهي تنظف الاطباق وسط ارتباكها التام ، وكالعادة ذهبت مباشرة بعد تنظيفها ولكنها عادت خطوة " ممكن تسيب المفتاح بكرة في الباب ؟ " " اكيد " " شكرا " وذهبت من أمامه .
عندما عاد من العمل كان الطابق العلوي مرتب ومنظف والشمس تغمره من كل مكان وملابسة العفنة كلها اصبحت نظيفة وطعام الغداء محضر بالمطبخ ، حزن ليته لم يترك المفتاح فهو لن يراها هكذا .
في السادسة اتت ومعها طبق حلوي رحب كثيرا بها ولكنها نظرت له شزرا عندما وجدته لم يمس طعامه " مش هاكل الا اذا اكلتي معايا " تنهدت سارا من عنده وسخنت الطعام وجلست معه كي يتناول طعامه ثم استأذنت وذهبت سريعا .
كانت السيدة نور مشتاقة لجمعتهم كثيرا معا وارادت ان يتنولوا العشاء كعائلة واحده مثلما اعتادوا ولكن صحه ايه لم تكن تسمح لها بالنزول وقرر محمد ان العزيمة سوف تكون عنده .
وقفت سارا تحضر الطعام وكالعادة حالما راها السيد شهاب ذهب لها وقبل رأسها وربت علي ظهرها كانت هذه هي طريقته في الاعتذار منها ، اما السيدة نور حالما اتت ذهبت لتساعد سارا في تحضير طعام العشاء فهي تفتقد سارا كثيرا واصبحت وحيده للغاية بدونها مؤخرا ، تفتقد سارا الصديقة التي تبوح لها بكل شيء ، وسارا الجارة ، وسارا المحبة ، وسارا الابنة التي لم تنجبها واخيرا سارا زوجه ابنها الحبيب وسبب عودته للحياة مره اخرى .
كانت سارا تشعر بالخجل من نظرات حماتها التي تتأمله بشغف وحالما سمعت محمد يطلبها ذهبت سريعا له كي تهرب من تلك النظرات ، " سارا ماما نفسها تشوفنا كلنا متجمعين يضايقك لو عزمت عبد الرحمن ؟ " نظرت الي الاسفل وتمتمت " ده بيتك يا محمد وانت حر
تعزم اللي تحبه " " بس انا مش عاوز اضايقك " هزت اكتافها بلا مبالاة " وانا هضايق ليه " وذهبت وتركته .
هاتف اخيه واخبره بالعزيمة وبعد عشرة دقائق نزل عبد الرحمن وبدأ التوتر الحقيقي يستولي علي جميع الحاضرين يراقبون كل شيء يصدر عن سارا وعبد الرحمن ، وُضع الطعام ونظرت السيدة نور شزرا لحسام كي يفرغ الكراسي الخاصة بسارا وعبد الرحمن مما اجبر الأثنان علي الجلوس الي جوار بعضهم .
تحدث السيد شهاب كي يقطع الصمت والتوتر والمراقبة المتواصلة لسارا وعبد الرحمن " ربنا يقومك بالسلامة إن شاء الله يا أيه ومتعرفوش انا مبسوط قد ايه عشان اتجمعنا تاني ربنا ما يفرقنا تاني أبدا " تمتم الجميع عدا سارا " اللهم امين " .
كان الوضع صعب للغاية بالكاد وضعت أي لقيمات بفمها أما عبد الرحمن فأخذ الصغير من أمل واخذ طعامه كي يطعمه هو ، ولكن الصغير المشاكس اخذ يلوح بيده ولطخ نفسه بالطعام وجعل جميع الحاضرين يضحكون بشده ، تناولت سارا منديل واخذت تنظفه وهي تبتسم له واخفي الجميع فرحتهم لأنها لا تخشي الاقتراب من عبد الرحمن وتنظف الصغير وتداعبه ، ثم حملته وهي تتمتم " تعالي عشان عمو يعرف ياكل " كان الجميع مدهوش وحالما رفعت رأسها ، اخفض الجميع رؤوسهم وادعو تناول الطعام ، كان المنظر مضحك بحق ! .
انتهي العشاء وساعد الجميع بحمل الأطباق واخرجت السيدة نور امل ومحمد من المطبخ بنظراتها الحارقة كي يتركوا سارا وعبد الرحمن بالمطبخ وحدهم وبالفعل ظل عبد الرحمن معها يساعدها بالتنظيف .
ذهبت السيدة نور الي ايه وجلست الي جوارها " بسم الله مشاء الله عليكي يا ايه انتي بقيتي احسن من الاول بكتير " ابتسمت ايه " الحمد لله يا طنط " تحولت نبرتها الي الجدية الشديدة " انا بقي عاوزاكي تنتكسي عاوزاكي تبقي اسوء من الأول " رفعت ايه حاجبها بتعجب من هذا الكلام !! .
اتي محمد فهو يعرف والدته جيدا " عاوزاكي يغمي عليكي ، تسورقي ترجعي أي حاجه لو خفيتي سارا هتمشي " " ماما ! " قال محمد محذرا " لو سارا عرفت مستحيل هتسامح حد فينا تاني احنا مصدقنا انها بدأت تتكلم " ارتبكت ايه ونفضت فكره حماتها سريعا " اسفه يا طنط بس مش هقدر انها تقاطعني تاني " تأملت السيدة نور عبد الرحمن وحزنت كثيرا وصمتت .
انهت سارا عملها وذهبت ل ايه كي تعطيها دوائها " بالشفا ان شاء الله ، انا عاوزة اجي معاكي بكرة يا ايه عاوزة اشوفوة بقي قد ايه وكمان نعرف النوع " تمتمت سارا وهي تضع يدها علي بطن ايه وكأنها تداعب الجنين .
اصفر وجه محمد وايه بشدة " أصل . أصل انا ومحمد مقررين منعرفش النوع وكمان عاملين الوقت ده وقت العيلة احنا التلاته وبس " اكد محمد سريعا " اه فعلا يا سارا ملوش لزوم تتعبي نفسك " صمتت سارا واخذتها كي تعطيها حقنتها واستغرب الجميع رده فعلهم السريعة هذه وحالما صعدوا عاتبه والده " ليه كده يا محمد تكسر بخاطرها بتقولك عاوزة تشوف الجنين يا اخي ! " ارتبك محمد كثيرا وانتبهت السيدة نور ان محمد وايه لم يأخذوا احد معهم ابدا في أي مرة من المرات التي ذهبت ايه فيها الي الطبيب .
نزلت ايه بعد ان اخذت حقنتها وحدها وعندما سالتها السيدة نور عن سارا اخبرتها بانها خلدت الي النوم وتوتر الجو مرة اخري وأستأذن عبد الرحمن وترك الصغير ورحل ، اما سارا التي ادعت رغبتها في النوم دخلت غرفتها واغلقتها عليها وجلست علي السرير وهي تضم ساقاها اليها وبكت بحرقة شديدة لقد حزنت للغاية عندما رفض محمد وايه ذهابها معهم فهي تعيش رغبتها الشديدة في الأمومة من خلال ايه وحملها وتمارس امومتها التي حرمت منها مع احمد الصغير حاولت ان تكفكف دموعها واخذت تتمتم لنفسها لربما هذا افضل كي لا اتعلق بهذا الجنين اكثر انه ليس لي علي ايه حال ولكن ذلك الكلام جعلها تغرق بموجه حاره من البكاء واخذت تدعو الله ان يرزقها الصبر والسلوان ... .
صعدت سارا في اليوم التالي وانهت عملها بالطابق السفلي من شقة عبد الرحمن وجمع ملابسة التي تحتاج الي كي وارسالها للمكوي وحضرت طعامه ثم نزلت الي ايه مرة اخري ، عاد عبد الرحمن من العمل وانتظرها كي تأتي بموعدها ولكنها لم تأتي وقرر النزول الي والدته كي يطمئن عليها وعله يسمع شيء عن سارا .
طلب المصعد ووجدها به ومعها طبق حلوي ، تراجع كي يفسح لها المجال ولكنها أخبرته بأنها تنوي النزول الي الاسفل " انا كمان نازل " هزت رأسها موافقه بأنها لا تمانع ركوبه معها ونزل الاثنان الي الاسفل ودخلا شقة السيدة نور معا التي وبالطبع أشرق وجهها حالما رأتهم سويا .
اعطت سارا السيدة نور طبق الحلوى واصر عليها السيد شهاب بالجلوس معهم قليلا وأخذ يشكرها علي الحلوى اللذيذة وبعد عده دقائق وقفت هي واستأذنت .
" مستعجله ليه يا سارا أعدي شويا ايه لما تعوذك هتتصل " " ايه بقت كويسه يا طنط الحمد لله انا لازم أطلع عشان الحق احضر شنطتي " واردفت بخفوت " مبقاش في ليه لازمه هنا خلاص " ترك ثلاثتهم الطعام وتهجمت وجوههم ولم تستطع السيدة نور منع نفسها " ملكيش لازمه إزاي بس ! ده بيتك يا بنتي " " ماما ! " " خليكي في بيتك ليه بنيتي سور بنا يا سارا وعزلتي نفسك عننا كأنك غريبه " " ماما من فضلك سيبها علي راحتها " وتركهم عبد الرحمن وخرج الي الشرفة كي لا يلاحظ احد توتره وصعدت هي الي الاعلى ولملمت اغراضها وذهبت وسط بكاء ايه وامل الي منزل والدها مرة اخري ... .
راقبها عبد الرحمن الي ان خرجت بسيارتها ونزل هو الاخر بهدوء متحاشي شفقة والدته ووالده عليه واخذ سيارته وسار بغير هدف الي ان خيم الليل فعاد الي منزله منهك صعد الي غرفته بهدوء وهو يزيح عنه ستره بذلته ولكنه سمع صوت بكاء بالطابق العلوي وليس أي بكاء انه بكاؤها هي ! .
صعد سريعا وقد كان انها هي سارا ترتدي ملابس للمنزل ودون حجاب مخفضة رأسها وتبكي ، " سارا ! " وقفت سريعا حالما رأته وبدت متوترة بشده بينما هو قاوم رغبه ملحه في سؤالها لما عادت " انا اسفه عشان دخلت من غير ما تعرف . امم ..ممكن اعد هنا ؟ " " اكيد يا سارا ده بيتك ودي شقتك ولو تحبي انا اللي هنزل تحت " " لاْ " قالتها سريعا ، اقترب منها وربت عليها كي تهدأ وسألها برقة " ايه اللي حصل ؟ " .
عندما عادت سارا الي المنزل بعد ان شعرت بوحشه بين ايه ومحمد بعد رفضهم لذهابها معهم ، حزنت والدتها كثيرا وكذلك والدها لقد كان يأملان بأن تحل مشاكلها مع عبد الرحمن خاصه بعد ان ذهب لهم واعتذر منهم كثيرا ، لم تستطع تحمل بكاء والدتها المسكينة التي دخلت غرفتها واخذت تبكي بشدة لحال ابنتها ، وحتي وإن حاول والدها إخفاء ألامه وحزنه فهو لم يبدو بخير ابدا .
دخلت الي والدتها وحاولت ان تهدأ من روعها وبكاؤها ووعدتها بأنها سوف تحاول مرة اخري من اجلها هي ووالدها واخذت حقيبتها وعادت ، ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد لعودتها لقد احست بوحشه حالما دخلت منزل والدها أجل هي تعلم ان الحزن لن يفارق وجوههم علي حالها واحست بضياع شديد وسالت نفسها " الن يكون لي منزل؟ الن يكون لي حياه ؟ هل انتهيت الي الابد وضاع مني كل شيء ؟ ووجدت قدمها تسوقها الي شقة عبد الرحمن ... .
رفعت رأسها وتوسلت له بعيونها " عبد الرحمن أنا عارفه أنت عملت ايه عشاني قبل كده ومش ناسياه وصدقني انا مكنش قصدي ابدا أقول اللي قولته " بدي الندم الشديد عليها ، بينما هو تمتم " انتي قولتي الحقيقة ومكدبتيش في حاجه مفيش داعي تلومي نفسك " ألمها هذا كثيرا وبكت أكثر .
ربت عليها الي أن هدأت وأدخلها غرفتها " الاحسن تنامي وترتاحي وبكره نتكلم " هزت راسها موافقه وتمني لها ليلة سعيدة وتركها .
وفي الصباح استيقظ بموعد العمل ونزل الي الاسفل ووجدها تحضر الفطور وبدت مرتبكه للغاية ، " سارا انتي كويسه ؟ " دمعت عيونها سريعا وذهبت نحوه " مش قادرة اواجه حد فيهم " ضمها برقة " خليكي انتي هنا انهارده وانا هتصرف في الموضوع ده ومتشليش هم خالص تمام " نظرت للأعلى تتأمله " هتساعدني حتي بعد اللي قولته عليك ؟! " مسح دمعتها الفارة وتمتم بخفوت " هساعدك لأخر نفس في فيا " اختلج قلبها كثيرا عندما
سمعت رده هذا .
تناول فطورة ونزل بالمصعد الذي توقف به في الطابق الثاني وفجاءة امتدت يد الي طرف بذلته وسحبته سريعا الي داخل شقه حسام ووجد أمل وايه والفضول بادي بشكل مخيف علي وجوههم ويقتربون منه كثيرا ، انكمش بالحائط وتمتم " ممكن ترجعوا ورا شويا عشان اعرف اتنفس !! " لم تعيره أي منهم انتباه لما قاله واستمر الحصار حوله " اتصالحتوا مش كده ؟ " قالت أمل بتفاؤل كبير ، بينما بحلقت له ايه " احكي كل حاجه متسبش فتفوته واحده " ارتخت أساريره من جو الرعب هذا " مفيش حاجه حصلت هي بس متحملتش زعل طنط وعمو " ظلت اعين ايه تتسع اكثر واكثر حتي استولي التوتر علي عبد الرحمن بشدة " ها كمل " " بس والله مفيش حاجه تانيه اقولها ! " " يعني هي نامت فين ؟ " غضب عبد الرحمن " دي اسرار ميصحش كده علي فكرة ! " وخزته ايه بإصبعها في ذراعه بغضب وقالت " أنطــــق " ، بينما أمل التي كانت تحمل احمد " والله لو ما نطق لهشيله احمد وهو عاملها واخليه يطلع يغير البدلة الحلوة دي " كان الشر الصافي يلتمع في عينين هاتين الفتاتين فنطق " كل واحد في اوضه " ارتسمت الخيبة علي كل منهن ورجعوا الي الوراء وحالما فعلوا ذلك فتح باب الشقة وفر راكضا .
وعندما عاد توقف المصعد بالطابق الثاني وكانت ايه هي من جرته هذه المرة وحاصروه بالحائط مرة اخري " هو جو رايه وسكينه ده مش هيخلص !! " " بوص انت هتعمل اللي هنقولك عليه بالحرف الواحد " رد بوجوم " انا مش هعمل حاجه خالص هي براحتها انا مش هضايقها تاني " قالت امل محذرة " اوعي تكلمها " واردفت " أزبلها علي الاخر ومتوجهش ليها أي كلام " " ازبلها !! " " ايوة اتقل علي الاخر " نهرت امل ايه " لا مش اوي التقل صنعه اتقل وخلاص " واحتد الحوار بين امل وايه وهو ينقل نظرة من ايه لأمل " خودو قرار اتقل علي الاخر ولامتقلش ؟!! " ،غضبت امل كثيرا منه " عارف لو مسمعتش الكلام " ورفعت ابنها في مواجهته " هسيب احمد معاك تغير له يوم كامل ! انت فاهم " ، ازدرد عبد الرحمن لعابه " لأ وعلي ايه انا هلم نفسي واسمع الكلام !! ، سؤال واحد بس انتو متأكدين انكوا اخوتها من نفس الاب والام يعني ؟!! " .
اصبح خطف عبد الرحمن عاده يوميه عند ايه وامل ولم تفلح أي من تهديداته لهم بإخبار محمد وحسام عما يفعلونه معه والغريب ان نصائحهم قد اتت بثمارها !!! .
بعد اسبوع من التجاهل الاجباري لسارا التي استغربت رده فعله هذا كثيرا ، ذهبت وطرقت باب غرفته " ممكن نتكلم شويا " " اكيد طبعا " اراد ان يقول لها هذا وبشده ولكن أيه وامل لن يرحموه كما وانه يتألم كثيرا لتركها وحيده هكذا ، بدي الألم في عينيها واضح فتجاهل تعليمات ايه وامل " مفيش مانع " " عبد الرحمن انت .. امم من حقك ت .. تكون أب " وعضت شفتيها من الألم " وملكش أي ذنب ولو مش عاوز تكمل ... " " هوووش ايه اللي بتقوليه ده يا سارا ؟! " لقد اكد لها عبد الرحمن بعد العملية انه لن يتركها ابدا ولكن بعد ما فعلته وتجنبه لها وعدم جلوسه معها جعل الشكوك تشتعل بها لربما لم يعد يريدني زوجه له.
" ده حقك وانت ملكش أي ذنب .." " بس يا سارا من فضلك " اقتربت منه كثيرا ورفعت عيونها البريئة الدامعة "يعني ..أ ..أنت لسه عاوزني ؟ " ربت علي وجنتها بحنان " اكيد طبعا " " طيب ليه مش بتكلمني ؟ " " كل الحكاية اني مش عاوز اضغط عليكي وعاوزك مرتاحة فقولت اسيبك علي راحتك لحد ما تهدي بس مش اكتر " " بجد ؟!! " ضمها وقبل رأسها وظل يربت عليها الي ان هدأت .
كانت سارا تشرد كثيرا في تلك الفترة ، ويزداد عذابها كلما شاهدت دعاية في التلفاز لأحد اغراض الأطفال كنت اراقبها وهي تتأمل اطفال الدعايات رائعي الجمال بشغف والم وفي الغالب كانت لا تستطيع التحمل وتصعد الي غرفتها واعلم تمام العلم انها تبكي ولكن بعدما تحدثت الي وعن ما إذا كنت انوي تركها ام لا ، كنت اصعد خلفها واضمها الي بشده حتي تهدأ سابقا كنت اخبرها بأن الله كريم وألا تيأس من رحمته ، اما الأن لم يعد بوسعي ان اعطيها أي امل فكنت اكتفي بضمها دون أي كلام وادعو الله بشدة ومن كل قلبي ان تنجح خطتي في التعويض عليها وعلي ما خسرته ...



التاسع والثلاثون من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close