اخر الروايات

رواية مذكرات حائر الفصل الثامن والعشرين 28 بقلم هالة الشاعر

رواية مذكرات حائر الفصل الثامن والعشرين 28 بقلم هالة الشاعر 

الحلقه الثامنه والعشرون
بـــــــــــــط !! "
صعد الي شقته لم يجرأ علي دخول منزل والدته , كانت الأضواء مغلقة حين دخل , لقد ظن أنها سوف تكون معتمه أكثر من هذا وأن الهواء سوف يخنقه بها بدون وجودها فيها ولكن رغم حزنه وآساه وجد أن الشقة لم تخنقه مثلما توقع , لابد وأنها رحمه الله بي لقد رأف بحالي حتى لا يزيد همي " الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه " تمتم لنفسه .
توجه نحو السلم ولكنه صعق لما رآه فرك عينه بشدة لابد وأنه يحلم , لا بد وأن شيء ما حدث لعقلة من كثرة الصدمات التي تعرض لها اليوم , هل جن ؟ ام ماذا ؟؟!!! .
" أيه " كانت شهقة أكثر منها أسم , كانت جالسه علي الدرجة الرابعة تقريبا حافية القدمين تسند رأسها علي الحائط وترتدي بنطال فضفاض والقميص المرسوم عليه حوريه البحر وسترة البيجاما الرياضية خاصتي وشعرها الطويل مسدول علي كتفيها وعيناها محمرة للغاية وفمها الممتلئ يا الهي لم يره بمثل هذه الحمرة من قبل .
أشاح بنظرة بعيدا عنها فهي محجبة وهو الآن أصبح طليقها ادار ظهره لها وارتبك لقد ظن أنها رحلت , هل هي موجودة من أجل توبيخه حسنا هو لن يلومها أبدا فهي لم تبلغ العشرون عام بعد وأصبحت مطلقة , لقد دمرها دون أي قصد منه .
أصبح يشعر بها خلف ظهره يسمع أنفاسها المضطربة , قالت بصوت مبحوح مكسور " محمد " لم يعتدها هكذا أبدا , أغمض عينيه من شدة الألم يا الهي لما تحدثني يا أيه , لقد غاص قلبه الي قاع المحيط , ذاك المحيط الذي أراد إخفاءها به بشدة بعيدا عن عيون الجميع عدي عيناه هو , أخذ يدعوا الله ألا تنطق باسمه مرة أخري من فمها العذب هذا كي لا ينهار ويفعل ما يندم عليه , وضعت كفها بخفه علي كتفة من الخلف ونطقت أسمه مره أخري بتوسل " محمد " , أغمض عينيه وشعر بدوار وتحرك بعيدا عنها ولم ينظر لها أيضا وقال بوهن " أيه أحنا أتطلقنا مينفعش توقفي قدامي كده " وأزدرد لعابة وكمان مينفعش نعد لوحدنا , أنا معرفش أنك هنا أنا أسف أنا همشي " ولكنها تحركت بسرعة وبخفة نحو الباب وأغلقته بالمفتاح ووضعت المفتاح بجيب بنطالها ونظرت له وعيناها تتوسل له , لم يستطع مقاومة تلك النظرة البريئة الحزينة بعينيها ونظر لها رغم عنه هو الأخر , اقتربت منه بهدوء شديد وقلبها يكاد يصم أذنيها لشده ضرباته ورفعت يدها بتردد ثم وضعت كفيها بهدوء علي صدره ولم تزح بعينيها المتوسلة عن عينيه .
انهارت كل دفاعاته وذهب الهواء من رئتيه وبالكاد أستطاع التحدث " أيه مينفعش اللي بتعملية ده " وأزدرد لعابه بصعوبة " أحنا خلاص اتطلقنا " " ردني " قالتها بخفوت شديد وتجمعت الدموع بعينيها , يا الهي ألا تعلم أنني بالكاد أتماسك سوف أنتهي إذا سقطت دموعها , اقتربت منه كثيرا ورفعت نفسها وطبعت قبلة رقيقة للغاية علي فمه , أغمض عينيه وقد ذاب تماما لما الآن ؟ لما الآن فقط لمس تلك الشفاه الممتلئة لقد صعبت عليه الأمر للغاية , قال بوهن وعذاب " أيه ..أحسنلك تبعدي عني أنتي مش هتبقي سعيدة معايا ... أنا .. " وضعت أصبعا برقه علي فمه وغاصت الي داخل عينه المتحجر بها الدموع لتتذكر كل شيء وتعلم أخيرا الحقيقة ..... .
_ خرج محمد الي المقطم كي يشم القليل من الهواء عله يذهب شيء من هذا الحزن وضيق الصدر الذي يشعر به وقف ودموعه تنزل بحرقة وهو ينظر الي القاهرة بأضوائها كم يبدو كل شيء صغير للغاية من الأعلى , أغمض عينيه بآسي يتذكر وجهها الذي حفر في ذاكرته بكل تفاصيله , لم يكن سعيد لأن أخر مرة راها فيها كانت تبكي ولكن هي افضل حالا بعيدا عني فهي لن تري معي السعادة يوما , لم ينتبه أثناء شروده الي صوت السيارة التي وقفت خلفه أو الي نزول أخوته خلفه .
وضع عبد الرحمن يده علي ظهر أخيه وربت عليه وقال بعتاب " عملت كده ليه ؟ طلقتها ليه ؟ أيه بتحبك " " عارف بس أحسنلها تعيش مع غيري " , ثم نظر الي أخيه وأجهش في البكاء وقال بآسي شديد " أنا أنتهيت يا عبد الرحمن أنا بحبها أوي " , تراجع عبد الرحمن خطوة واحده خلف أخيه الذي يستند الي السيارة وارسل رسالة نصيه الي سارا " خلي أيه تسمع المكالمة دي ضروري " وضغط زر الاتصال ووضع الهاتف علي السيارة وأمسك بوجه أخيه بحزم " أحكي يا محمد أحكي كل حاجه من الأول خالص يمكن أقدر أسعدك " , هز رأسه بآسي " مفيش حل لمشكلتي ده ابتلاء من عند ربنا وأنا راضي بيه خلاص " تنهد عبد الرحمن , " طيب أحكي عشان ترتاح بلاش تكتم في نفسك كده " " أنا فعلا محتاج أتكلم انا تعبان أوي يا عبد الرحمن " مسح دموعه ونظر الي الفراغ أمامه " من أول يوم شوفتها فيه كان يوم كتب كتاب احمد وسارا .... " .
حالما رأت سارا رسالة الهاتف والاتصال ذهبت ل أيه التي كانت تخرج ملابسها من الخزانة كالمنومة ودموعها تنزل بدون أي صوت , أجلستها سارا علي السرير رغم عنها وقالت بحزم " أيه لازم تسمعي المكالمة دي مهمه أوي " لم يصدر عنها أي رد فعل وظلت تنظر للفراغ , نظرت سارا بقلق نحو أمل , فأمسكت أمل بالهاتف وأدارت خاصية السماعة الخارجية وحالما سمعت ايه صوت محمد الباكي وهو يحدث عبد الرحمن وكأن الحياة دبت في أوصالها مرة أخري ونظرت الي الهاتف وضعته امل بيدها ووقفت هي وسارا تراقبان أيه بكل رد فعل يصدر عنها تجاه ما تسمعه .... .
_ أخبرهم محمد كم أعجب بها منذ أول مرة رآها فيها وكم صدم عندما علم أنها مخطوبة وكيف كانت تحتقره ولا تتحدث معه أبدا , وكيف أثار ذلك جنونه وخاصة بعد تلك الجملة التي غيرت حياته للآبد " مشكلتي أني عارفة أشكالك " وعن الرعب الذي عايشه عندما رأي ثلاثة مجرمين يحاصرونها ونظر لعبد الرحمن وهو يبكي بشدة " عمري ما عرفت الخوف طعمه أيه قبل اليوم دة , وبعد ما روحنا كان كل أملي اننا نبقي أصحاب لكنها هزقتني وصدتني ورجعت الكلمة تضرب في دماغي تاني يوميها الفجر مشيت وسافرت بس مروحتش الغردقة زي ما قولت ليكو , أنا روحت إسكندرية وهناك توبت والله العظيم توبت ومسحت كل حاجه ورميت الماضي ورايا والصور والرسايل اللي فضلوا يبعتوها كلها من قبل اليوم ده , أنا من ساعة اليوم ده وانا واحد تاني أتغيرت بسببها هي وعاهدت نفسي أني معتش أشوفها عشان هي مخطوبة " شعر عبد الرحمن بمرارة أخيه فهو يعيش ألم لا ينتهي هو الأخر , أكمل أخيه " بس لما عرفت انها فسخت خطوبتها قررت اني أخطبها ورجعت أشوفها تاني والله العظيم عمري ما فكرت فيها بشكل وحش أو طريقة تانيه , أنا يمكن كنت فلتان بس عمري ما فكرت أعمل حاجه وحشه ل عيلتي في يوم من الايام , أنا عمري ما ... " وأجهش بالبكاء " والله العظيم أنا ندمان أوي يا عبد الرحمن علي اللي كنت بعمله قبل كده , أحنا كنا بنلعب كنا بنخلي البنات تحبنا وبعد ما يتعلقوا بينا كنا بنسبهم وفي مره وحده الموضوع خرج عن أيدي وضحكت عليها وفهمتها أني هتجوزها " وعض شفتيه بآسي شديد وبكي بحرقة " كنا عاملين عليها رهان وفهمتها أني هتجوزها بعد كده وهي صدقتني , وبعدها سافرت شرم كام شهر وبعدين جيت وأحمد خطب سارا وشوفتها وأنقلب حالي ونسيت كل حاجه , بس لما روحت للشيخ في الجامع عشان أتوب قالي أني لازم أرد الظالم وأرجع للناس حقوقها عشان ربنا يقبل توبتي فروحت لناهد واعتذرت لها وعرضت عليها الجواز وروحت لوالدتها وكتبت كتابي عليها بس صوري والله العظيم وبعد كام شهر لما هي طلبت الطلاق طلقتها ومفيش أي حاجه حصلت بنا غير كده , أنا كتبت الكتاب وهي كانت بتفهم والدتها اننا بنتقابل بره ومشوفتهاش غير لما روحنا للمأذون تاني عشان الطلاق " .
" ليه يا محمد محكتش ؟ ليه مفهمتناش ؟ وسبتنا ومشيت مش يمكن أيه كانت سامحتك " , أجهش محمد في نوبه بكاء " يا محمد أهدي وفهمني ليه متكلمتش " " مفيش منه لزوم يا عبد الرحمن هي أحسن لها تفضل بعيد عني هما مش هيسبوني في حالي وبيستفزوا فيا بكل الطرق عشان اروح ليهم عشان أوقفهم عند حدهم وساعتها يصطادوني فكرين سكوتي ضعف , ميعرفوش أني مش عاوز أشوف وش حد فيهم عشان مش همسك نفسي وممكن أصور قتيل فيهم , كل دمعة نزلت من أيه بسببهم كنت بحس أني عاوز أجيب رقبتهم بسكينه سبحان مين خلاني أمسك نفسي كل الوقت ده " .
" سيب موضوع العيال ده عليا ملكش دعوة بيه , رد أيه يا محمد أيه بتحبك وأنت بتحبها ليه تعذبها وتعذب نفسك ؟ " " أنا ..أنا طلقتها عشان بحبها " ومسح أنفه بشدة ," فهمني يا محمد أنطق في ايه مخبيه ؟ " ارتمي محمد في حضن أخيه وبكي بشدة " أنا مش هخلف يا عبد الرحمن الدكتور قال أني فرصتي ضعيفة جدا " وأخذ يبكي بحرقة وعبد الرحمن شعر بآسي شديد لأنه لا يستطيع مساعدته فضم أخوه بقوة , وحزن حسام واحمد كثيرا وفضلوا الصمت وسماع اخوهم للنهاية وبعدها أغلق عبد الرحمن الهاتف .
_ نزلت يد أيه وهي مذهولة من كل شيء بعد ما علمت الحقيقة , بعد ان علمت كم يحبها ويعشقها بكت بحرقة وارتمت بحضن سارا وقالت من بين شهقاتها " أنا بحبه أوي يا سارا ومش عاوزة أسيبه " ربتت سارا علي ظهر أختها وهي تشعر بلوعة ما الذي يمكنها أن تفعله ؟ تخلت أيه عن كبريائها العنيد وتوسلت سارا " خلي أحمد يقوله يرجعني يا سارا أرجوكي أعملي حاجه " قالت أمل بوهن " بس محمد بيقول أنو مش هيقدر يخلف يا أيه " مسحت أيه دموعها بعصبية " وفيها إيه , ما يمكن أنا كمان مبخلفش ويمكن نكون إحنا الاتنين سلام و بردوا منخلفش دي إرادة ربنا وأنا مش هسيبه يتعذب لوحده تاني " والتفتت الي سارا " أنا مش عاوزة أروح مش عاوزة بابا وماما يعرفوا والموضوع يكبر , ممكن أعد معاكي يا سارا " قالت سارا وهي واجمة " لاء " شعرت أيه بآسي شديد , ثم أردفت سارا " أنتي هتعدي هنا بس لازم أتأكد من حاجه الأول " نزلت سارا مسرعة إلي السيد شهاب بعد أن حذفت فكرة الاتصال بوالدها , ربما شك بشيء ما لو سألته , وسالت السيد شهاب عن مرادها وفرح هو كثيرا وأجري عدة اتصالات كي يطمئن قلب سارا تماما , وصعدت راكضه الي أختها وبدأت بإدخال الملابس مرة أخري الي دولاب أيه بسعادة بالغة " بتعملي إيه ؟! " سالت أيه بدهشة " هتعدي هنا مش هتروحي في حته " , صاحت أمل ب سارا " أنتي أتجننتي محمد طلقها خلاص أزاي تعد معاه ؟ " .
" ينفع تعد العدة هنا أنا كلمت عمو شهاب وهو أتصل بشيخ وقال أن العدة الست المفروض تقضيها في بيت جوزها " ورفعت يدها في الهواء تشير للرقم ثلاثة " قدامك 3 شهور تقنعيه انو يرجعك فيهم ولو ان انا متأكدة أنك هتقنعيه قبل كده بكتير " وغمزت لها بمرح , فرحت أيه كثيرا وبكت من فرحتها وقبلتها أمل ثم بدأت بمساعدة سارا ورتبوا الغرفة جيدا ل أيه ونزلوا إلي الاسفل وأجبروها علي شرب كوب حليب ثم طلبت منهم أن يتركوها وأنها أصبحت أفضل حالا تمنوا لها الحظ وتركوها .
أصبحت الساعة الثانية عشرة والنصف مساءا يا له من يوم مليء بالأحداث ولا يريد أن ينتهي , صعدت الي غرفة محمد وفتحتها وهي مبتسمة وذهبت الي طاوله الزينة وأمسكت بزجاجه عطرة تستنشق رائحته منها , ثم نظرت الي سترته التي يرتديها في المنزل وضمتها لها بشدة وحب وأخذت تستنشق رائحته من عليها وهرعت للحمام وأخذت حمام سريع وارتدت القميص الذي يحمل صورة الحورية التي جعلته يفقد عقله من قبل , وبنطال واسع اسفلها وسترته كي تشعر بالأمان والدفء في بعدة هذا وتركت شعرها مسدول ولم تفعل أي شيء اخر وحالما خرجت رأت علبه الشوكولا التي كان اهداها لها منذ عدة أيام فتحتها وأخذت واحده بحب وقبلتها ونزلت علي السلم وجلست تنتظره وهي تأكل تلك الشوكولا وعزمت كل العزم علي أن تعيده لها اليوم ولن توجد قوة في العالم تثنيها عن قرارها هذا .
تمتمت بهدوء وهي تضم ساقيها اليها " يا الله كن معي " ........ .
_ نظر الي عمق عينيها الساحرة ولم يعد يعي أي شيء , يفترض بها أن تكون غاضبه حانقة , أهي من تطلب أن تعود له ؟ أيعقل هذا ؟! .
تكلم بوهن وتساقطت دموعه " أيه أنا بحبك وعاوزك سعيدة وصدقيني لما أقولك سعادتك في بعدك عني " , تساقطت دموعها وارتعشت شفتاها السفلي بشدة وهزت رأسها كالأطفال نافيه وشعرها الطويل يجيء ويذهب , يا الهي كيف له أن يتحمل من أين يأتي بالصبر والقوة ؟! .
تكلم مره أخرى " أيه أنا مش هخلف " وتساقطت دموعه بآسي ونظر في الارض , رفعت رأسه الي الأعلى بكلتا كفيها وقالت من وراء دموعها الهادئة " أنا عاوزاك أنت مش عاوزة حاجه تانيه " , أرتعش قلبه حالما سمع تلك الكلمة من فمها " عوزاك " أيعقل هذا ؟! أقسم أنني بحلم وسوف أستيقظ الان بأي لحظه منه , ظل يتأملها وهو غير مصدق لقد أنهار المعبد وتهاوي فوق رأسه منذ عده ساعات والان أيعود كل شيء الي نصابه , بل وأفضل مائة مرة من قبل , أيعقل هذا ؟!! .
اقتربت مني كثيرا وتوسلت لي بعينها الرائعة , استطعت الشعور بأنفاسها الناعمة ورائحه دموعها , وقالت لي برقة قاتلة " محمد أنا خايفه وبردانة أحضني " يا اله السموات السبع أهي من يطلب هذا ؟ خشيت أن المسها وأستيقظ , لكني لم أستطع التحمل أكثر من هذا فأنا بشر لا تمثال حجري لا يشعر ولا يحس , وضعت رأسها علي صدري و وضعت كل من ذراعيها حول خصري وضمتني بشده وهي ترجوني " أوعي تسبني يا محمد " نزلت دموعي الحارة وانتعشت رئتاي برائحة شعرها الحلوة وضممتها بشدة الي وتنهد تنهيده مؤلمه غير مصدق أنها أخيرا وبعد كل ذلك العذاب موجوده بين ذراعي , لقد اعتقدت أنها سوف تكون عقابي علي ما فعلت من قبل لكن يبدوا أن كرم الله علي فاق كل شيء فعلته من قبل بالطبع فهو " العزيز الكريم " .
لمده من الزمن لا يعلمها إلا الله وحده ظللنا هكذا نضم بعضنا بشدة ونبكي غير مصدقين , شعرت أيه بالأمان كما لم تشعر من قبل وبالدفء وكأنها تضم الشمس الي صدرها لا رجل من لحم ودم , أصبح الاكسجين من الماضي إنها الان تعيش علي رائحه أنفاسه العطرة , وأذنها لم تطرب في يوم من الايام مثلما تطرب الان بسماع ضربات قلبه المضطربة , رغم لحنها الشاذ إلا إنها كانت اعذب شيء سمعته في الوجود .
رفعت رأسها أخيرا وهي غير مصدقة ، كانت تشعر بسعادة كبيرة لكنها وجدت محمد لازال يبكي ولا زال الحزن علي وجهه " محمد " نظر لها بحب كبير ولم يستطع الكلام " رجلي وجعاني أوي " أبتسم لها وحملها برقه وعيناه لم تفارق عيناها , دفنت رأسها في رقبته وهي تشعر بحنانه البالغ عليها , لم تكن تعلم أن هناك أحاسيس مثل هذه من قبل , لم تكن تعلم أن السعادة يمكن أن تجعل قلبها يرقص فرحا هكذا , أو أن الامان رائع هكذا , رفعت رأسها ونظرت له أنه يجاهد كي يصدق ما يحدث معه , كان صعد السلم أخيرا , لفت ذراعيها حول عنقه وقالت بمرح " أوعي تكون لسه مردتنيش ! " , أطلق ضحكه من بين دموعه وقال لها بحب , " يا رب يا أيه متندميش في يوم من الايام " هزت رأسها نافيه واقتربت منه للغاية وهمست له " عمري " , رقص قلبه فرحا بين ضلوعه وأنزلها برفق وأمسك وجهها بكلتا يديه " ممكن نصلي الركعتين اللي مصلنهمش يوم الفرح ونبدأ حياتنا من أنهارده وننسي كل اللي فات " ابتسمت أيه وهزت رأسها موافقه ..... .
وعندما نام في تلك الليلة حلم بالحلم الذي كان يراوده كل مده , و أخيرا سمع ما تقوله له أيه تحت الماء كانت تردد كلمه واحدة " ردني " .

_ جلس عبد الرحمن منهك للغاية يا له من يوم ! كيف يمكن لكل هذا أن يحدث بيوم واحد ؟ ومن ذلك اللعين الذي يحاول تدمير حياتهم بكل الطرق , فقد وصله رسالة أخري في حوالي السابعة " مش هيتبقي حد في عيلتك ولو حد أتبقي مش هيبص في وشك بعد ما يعرف حقيقتك " .
من هذا اللعين الذي يريد تدميري بكل الطرق , أنه يعلم جيدا أن عائلتي هي نقطه ضعفي ويحاول تفريقنا وتدميرنا بكل شكل من الاشكال لكن لا والله لم يحرز أبدا , فأنا أنوي الموت دفاعا عنهم وحماية لأرواحهم , هو لا يعلم مع من يعبث بعد ولكنه سوف يندم أشد الندم .
قرر بإخراج ورقة كبيرة وقلم وكتب عليها كل المعطيات لديه عله يكتشف شيء ما :
( 1) إنزال جنين أمل .
( 2 ) تدمير زواج محمد .
( 3) A .
فهو لم يستطع كتابة علاقته بسارا حتي علي الورق فرمز لها بهذا الحرف ,
( 4 ) طلب فديه عشرة مليون .
( 5 ) يعلم كل خطواتنا بالشركة والمنزل . وسحب عده خطوط تحت كلمه المنزل , يا الهي كيف مر علي هذا الامر ركض نحو الاسفل كانت الساعة الثالثة صباحا وتكلم مع الحارس الذي يجاهد النوم وفزع حالما رأي عبد الرحمن بملابس نومه , وقف أمامه " خير يا سعادته البش مهندس " قالها الحارس بذعر , نظر له عبد الرحمن والتقط أنفاسه " مين اللي أداك الظرف أنهاردة ؟ ! " " مش أنا والله ده حسين يا بيه " , وأشار لصديقة بأصبع مرتعش , جاء حسين وبدي عليه الرعب هو الاخر وسأله نفس السؤال " واد كده يا باش مهندس علي موتسيكل أدهولي وجري " " متعرفش شكلة ؟ " فكر قليلا ثم قال " لاء اعرفه " " تعرف تجيب لي الواد ده بكرة " أرتبك حسين ونظر الي صديقة " أ..أحاول يعني " " لو جبتولي الواد ده " ونظر الي الاثنين " هدي لكل واحد فيكو عشرين الف جنيه مكافأة وهزود المرتب بتاعكوا وأثبتكوا هنا علي طول " صعق كل من حسين وفهمي ولمعت عيونهم أنهم يمرون بضائقة ماليه وها هو الحل أمامهم " مش هيغمضلي جفن يا بش مهندس إلا لما الواد يكون عندك " نبههم الي الحذر جيدا وصعد وعصر حسين ذاكرته عصر كي يتذكر رقم لوحه الدراجة واخذ يعبث بالكاميرات وبالفعل في اليوم التالي في الثالثة عصرا كان عثر علي مراده .... .
*** *** ***
في الصباح الباكر وقفت سارا بتوتر أمام شقة أيه , وتحاول الاستماع الي أي شيء ولكن لا صوت علي الاطلاق , خرجت أمل وسالت سارا " إيه اللي مصحيكي بدري كده ؟ أنتي يا بنتي مش كنتي تعبانة أمبارح ! " , " أنا منمتش أصلا تفتكري اتصلحوا مفيش صوت خالص " " انتي اتهبلتي يا سارا ! الساعة سبعة اللي يصحيهم الوقتي ؟ " " أنا مش قادرة خلاص لازم أعرف " وهاتفت أيه التي ردت في أخر لحظه " همممم " " هممم إيه ؟ إنزلي حالا أنا وأمل قدام الباب " وبعد خمسه دقائق فتحت أيه الباب ولم تستطع فتح عيناها , كتمت سارا وأمل ضحكاتهم " أنت عامله كده ليه ؟ " سالت سارا بينما قالت أمل عبث " والله ورجلك جيت في الفخ " واشارات علي نفسها وعلي سارا .
قرصتها سارا بمرح " صباحيه مباركه يا عروسه " أحمرت أيه منهم " أنتو مصاحيني عشان كده ؟! " جذبتها أمل اليها " أحكي يا بت هموت من الفضول " تثائبت أيه بشدة ولم ترد " أنا جعانه أوي والتلاجه فاضيه حد يجبلي أكل " قالت سارا بعبث " طبعا طبعا هنحضر لك فطار عرايس دلوقتي حالا بس الاول ... " ولم تكمل سارا كلامها لأن أيه صفقت الباب بوجهها عندما صاح محمد باسمها " يويو أنتي فين ؟ " بعد أن صفقت الباب بوجههم ردت بدلال " لحظه وابقي عند يا حبيبي " .
أخذت أمل تفرقع أصابع يدها بمرح وتقفز " أيه بطيخه بتقول لمحمد بصله يا حبيبي دي بقت هيصة " وركضت مع سارا الي الاسفل وقاموا بتحضير فطور شهي يليق بالعرائس , وبعد ربع ساعة خرجوا من الشقة وهم يضحكون بشده , قابلتهم السيدة نور " ها يا ولاد معرفتوش أيه ومحمد عاملين إيه ؟ " نظرت أمل إلي سارا وغرقوا بموجه من الضحك كادوا أن يسقطوا صنيه الطعام من شده الضحك وقالت أمل " فطار الصباحية اهو يا طنط " قالت السيدة نور بلهفه " بجد يعني رجعها " قالت سارا من وسط ضحكها " أكيـــــد " وصعد الثلاثة ولكن السيدة نور ظلت بالأسفل أخذوا يطرقوا علي الباب ويضربوا جرس الباب بحرية شديدة وسمعوا صوت محمد " خليكي يا حياتي أنا اللي هفتح " " حاضر يا حبيبي " قالت أمل حياتي وحبيبي !!! ده الموضوع اتطور أوي " وكتموا ضحكهم فتح محمد الباب وهو مشعث الهيئة وأغلق عينيه بشدة من النور وأخذ منهم الصينية مدت أمل رأسها تبحث عن أيه " أمال أيه فين ؟ " " ارجعي كده خمسه " رجعت أمل بظهرها وقال هو بلهجة أمرة " الغدا يبقي هنا الساعة 4 وعاوز بط " وصفق الباب بوجههم ضمت سارا شفتاها ونظرت لأمل بآسي وإشارات بيدها علي علامه المرة الاخرى " تـــاني قفلوا الباب في وشنا تـــــــاني " وسمعوا صوت محمد " خليكي عندك يا حبيبتي أنا هجيب الاكل فوق " ضحكن بشدة وكتموا صيحاتهم المهللة وأخذوا يقفزون فرحا لأن أيه ومحمد لن ينفصلوا , " بتعملي إيه عندك أنتي وهي ؟ " نظروا بسرعة الي حسام الواقف أمام باب شقته ويديه بجيب بنطاله أحمرت كل من سارا و أمل وصمتوا مد يده نحو أمل وأبتسم لها برقة فذهبت ووضعت يدها بيده وقال لها بود " يالا يا حبيبي عشان نفطر " ذهبت سارا خلفهم وحالما دخلت أمل من الباب نظر شزرا الي سارا " أنتي راحه فين ؟! " " هفطر معاكوا " " ليه هي تكية من غير بواب يالا يابت أنتي من هنا " تذمرت سارا " أنا أديت الاكل كله ل أيه هفطر ايه يعني ! " " وانا مالي ! اهو ده بقي اللي كان ناقص تفطري معانا , يالا يا اوزعة أنتي " وركل الهواء بقدمه وكأنه يركلها هي وصفق الباب ب وجهها , صرخت سارا من الغيظ وأخذت تضرب الارض بقدمها وسمعت صوت ضحك بالأسفل وتذكرت السيدة نور , أشارت في الاتجاهين وصرخت بحنق للسيدة نور " شايفة يا طنط طردوني الاتنين !!! " دمعت عين السيدة نور من كثرة الضحك علي منظر سارا " معلش تعالي افطري معايا " " وربنا لوريهم " ...... .
_ بعدما صفق حسام الباب بوجه سارا أمسك يد أمل وجعلها تستند الي الحائط وأنزل حجابها برقة من علي شعرها وأخذ يتأملها وهي تحمر خجلا منه وبعد ذلك فك ربطه شعرها وأسدله علي كتفيها وأخذ يلعب بخصلة منه .
كانت أمل تصالحت معه صحيح ولكنها حذرة تخشي منه وهو يعلم ذلك جيدا , تكلم بود " جهزي الشنط هنسافر انهاردة " سألت بخفوت " فين ؟ " قبل طرف أنفها برقة " شهر عسل بدل اللي راح مننا , الطيارة الساعة 6 هنروح شرم وبعدين الغردقة , بس مضطر أروح الشركة أنهاردة عشان أخلص اللي ورايا , وغمز لها بعينه تلك الغمزة التي تذيبها " متقوليش لحد أننا مسافرين , لحد ينطلنا , أنا عاوز استفرد بيكي " أخفضت رأسها وعضت شفتها السفلي من الخجل بعد أن ذابت لوقع كلماته الساحرة .....
**** **** *****
" أوف بقي أووووووف " " خير ع الصبح كده يا أوزعه ؟ " "ربنا يسمحك يا أبيه " وزمت شفتاها بغضب طفولي وجاءها صوت من الخلف " أنتي يا حجه سيباني من الصبح وروحتي فين ؟ " ذهبت له وضربت الارض بقدمها " أنت لازم تجبلي حقي " " خير يا شراني " " أخواتك طردوني " ضحكت السيدة نور بشدة وهي تتذكر وجه سارا وقالت لها " ما أخواتك سكتوا بردوا يا سارا " " لا يا طنط لو سمحتي دول مش أخواتي من هنا ورايح دول سلفاتي وأنا هوريهم " " أيوة بقــــي السوبر سارا هيبقي شراني قويها ع الشر يا رب " ضربته في كتفه " بتموت في المشاكل شايفني والعة كده هديني الاول " مسد مكان الضربة " حرام عليكي زمان دراعي أزرق علي فكرة من كتر القرص والضرب والعض بتاعك ده " أنزل عبد الرحمن فنجان الشاي من علي فمه وصاح بأخيه " يا مسيـــــطر !! " .
" عجبك كده يالا قدامي عشان نفطر " " لا هنفطر هنا مفيش أكل عندنا " وأمسكت بيده وذهبت الي طاوله الطعام ونزل السيد شهاب والقي عليهم التحية وسال عن صحة سارا , تركت الطعام بغضب طفولي " ما خلاص بقي يا عمو راحت عليا بعد ما كنت دلوعة البيت كلة بقيت بطرد ماشي والله لوريهم " , ضحك السيد شهاب " مين بس اللي مزعلك كده ؟ " أشارت بأصبعها علي رقم اثنان " ولادك الاتنين طردوني يا عمو أنا عاوزة حقي بقي " حك عبد الرحمن أنفه " الله !! سارا غيرانة شكلها كده " .
عقدت ذراعيها أمامها وقالت بكبر واضح " علي العموم أنا مكاني محدش يقدر ياخدو , أنا مرات الكبير وليا مكاني ولازم يحترموني هنا مش كده يا كبير " وربتت علي احمد " طبعا , طبعا " ونظرت الي عبد الرحمن " الا أذا انت اتجوزت هتنازل لمراتك عن اللقب يا أبية " تنهد عبد الرحمن " هو أنا مبقاش ورايا غيرك أنتي وجوزك وماما ولا إيه " " لازم تتجوز عشان اتحد مع مراتك يا ابيه " " عندك ماما اهه أتحدي معاها زي ما أنتي عاوزة وحلي عني , وده يا سيتي عشان تعرفي أنك لسه دلوعة البيت " وأعطاها علبه زرقاء صغيرة فتحتها سارا وشهقت " الله يا أبيه ده يجنن , بس بمناسبة إيه ده ؟ " " إنك قومتي لينا بالسلامة أنا جبته أمبارح بس نسيت وسط اللي حصل " عضت شفتها السفلي " بس ده كتير أوي أوي " ابتسم لها " لا مش كتير ولا حاجه " وحدث نفسه صدقا يا سارا هذا لا شيء أمام حياتك التي كدت أن تفقديها بسببي البارحة " , " شوفي يا طنط حلو أزاي " " فعلا جميل تعيشي وتلبسيه بالهنا أن شاء الله " وأعطته الي أحمد " يالا لبسه ليا " تحسسه احمد ثم قال الي أخيه " تسلم يا عُبد " " تعيش يا باشا " .
ألبس أحمد الخاتم الي سارا وقال عبد الرحمن بتكهن " أنا أجيب وهو اللي يلبس " ضحكوا كثيرا عليه وقال احمد " يا سيدي عقبال ما انا أجيب وأنت اللي تلبس " ترك عبد الرحمن الطعام , " يييييــــــه أنا هقوم قبل ما أتدبس سلام " وأتجه الي الباب وعاد مرة أخري " مشوفش وشك أنت ومراتك النهاردة اجازة ونزل وتركهم فهو لا يريد لسارا أن تذهب مرة أخري قبل أن يمسك الجاني .
_ نزل عبد الرحمن علي السلم ونزلت سارا خلفه " أبيـــه " " خير يا سارا " " أمممم أنا بس كنت قلقانة تفتكر مرات محمد الاولنيه هي اللي بعتت القسيمة , يعني زي ما صافي راحت لحسام يوم الفرح , بس إيه اللي يخليها تستني كل ده ؟ وكمان محمد بيقول أنها هي اللي طلبت الطلاق , يبقي مين اللي بعتها ؟ " , سرح عبد الرحمن قليلا ثم قال " متشغليش بالك يا سارا أنا لما أعرف هطمنك " هزت رأسها موافقة ثم رفعت يدها في الهواء " شكرا علي الخاتم محدش بيفتكرني في البيت ده أصلا غيرك " ابتسم لها بصدق " حمد الله علي سلامتك " " الله يسلمك " ولوحت له مودعه وركضت الي الأعلى مرة اخري , تنهد بوهن ومضي في طريقة ..... .
نزل كل من أمل وحسام الذي ودعها بقبله حانية وكذلك والدته وانطلق الي الشركة , وعندما سألت السيدة نور الفتيات " هايا بنات ناكل إيه انهاردة ؟ " ضحكت سارا وأمل بشده وقالا معا ,
" بط !! " .
_ سافر حسام مع أمل بعد ان تسلل معها ركبوا المصعد ومنه الي الاسفل مباشرة ولم يسمح لها بتوديع أحد وحالما خرج من المنزل وجد سيارة أجرة وأنطلق الي المطار وأغلق هواتفهم ولم يتركوا ورائهم دليل سوي ورقه علي باب المنزل معلقه " أحنا في شرم وهنيجي لما نحب نيجي ! " .
عندما لم تجب أمل علي هاتفها صعدت سارا ومعها فواكه وطعام ل أيه وقررت الجلوس مع أمل ولكنها فوجئت بالورقة وضعت صينية الطعام علي الارض وأخذت الورقة وكورتها وضربت الارض بقدمها وتمتمت بغيظ " أنداااااال كنت هروح معاهم , أنا مروحتش شرم ولا مرة أهئ أهئ بقي " , ثم نظرت نحو باب أيه ولمعت فكرة في عينيها , إنها أكيدة من أن حسام أراد السفر لوحده لذلك لم يخبرهم لن تدعه يهنئ .
طرقت الباب علي أيه وفتح لها محمد ناولته الفاكهة وهم بإغلاق الباب بوجهها كعادته لكنها أمسكت الباب " أممم لو بتسأل أمل مش معايا ليه هي مجتش عشان مش هنا " " لا مسألتش شيلي أيدك " , تكلمت بسرعة " أصل أمل سافرت وملحقتش تودع أيه فقولت اقولها عشان متزعلش " " لا مش هتزعل شيلي ايدك " تحدثت بسرعة قبل أن يغلق " راحت شرم هي وحسام وشكلهم هيطولو هناك " " شرم " قالها محمد وهو يحك رأسه , ثم أبتسم لنفسه بشدة وصفق الباب بوجهها وكأنها ليست موجودة وسمعته يصيح ب أيه " يويو يا حبيبي إيه رأيك نروح شرم بكرة " , صاحت سارا من الخارج بانتصار " yes , yes ,yes " وأخذت تقفز من الفرح لأنها افشلت مخطط حسام , ثم سمعت صوت يصيح بها من الاسفل " أنزلي يا هبله بدل ما توقعي " ,
كان لزوجها !!! .



التاسع والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close