رواية حصنك الغائب الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم دفنا عمر
الفصل الخامس والعشرون
-----------------------------
+
ذهبت جوري فراحت عطر تتجول بين الفيديوهات ثم انتقلت للصور علها تجد لها صورة تثبت لها شحوبها ذاك اليوم لتحذفها قبل أن تأتي الأولى!
+
ظلت تستعرضها إلى أن وقفت مذهولة أمام إحدى الصور.. ما هذا الذي تراه؟ فركت عيناها ربما تهذي وعادت تنظر بعين متسعة.. فتأكدت أن ما تراه ليس وهمًا وحقيقة ملموسة رؤى العين..!
+
هل حملها يزيد بين ذراعيه؟!!
كيف؟ ومتى؟!!
متى منحها تلك النظرة المفعمة بحنانه وهو يتأمل بملامحها وهي غافلة أو غافية على صدره؟ عقلها المشوش من المفاجأة جعلها لا تلتفت جيدا لتفاصيل الصورة من الوهلة الأولى مآخوذة بسحر تلك اللحظة..تراوضها خيالات مدغدغة لروحها الظمآى لمشاعر تتبادلها معه.. لكنها الآن فعلت.. انتبهت جيدا لما ترتديه..تلك كنزتها البنفسجية وبنطالها الجينز ذاته وحذائها الرياضي، أيقنت أن توقيت الصورة يتزامن وقت ذهابها معه هو وجوري لطبيب الأسنان.. أذا تلك هي التفاصيل الغائبة عن إدراكها حين عادت منزل جدها غير واعية.. مشاعر مختلطة اجتاحتها.. ذهول.. خجل..وضيقا بنكهة حيرة لنظرته الغريبة إليها..منذ متى يطالعها هكذا؟ سمعت صوت جوري وهي تهمهم من بعيد مقتربة من غرفتها، وبدون مبرر واضح وجدت أناملها تتحرك سريعا لترسل لهاتفها الصورة سرًا وأغلقت من فورها فايل الصور لتعود لفتح أخر فيديو تابعته هي وجوري التي أتت تتمتم وقد احتلتها معالم الراحة:
+
_الحمد لله ارتاحت شوية، بطني كانت هتنفجر من المغص.. يلا بقى شغلي الفيديوهات خلينا نتفرج ونزقطط!
+
انتبهت جوري لنظرات عطر العدوانية الصامتة فعلى ما يبدو لن تقدر على إخفاء ما علما، فتسائلت الأولى بريبة: مالك يابت ياعطر رافعة حواجبك زي المليجي كده ليه؟ هو في حاجة حصلت؟
+
لم تجد الفرصة لمواصلة تساؤلها بعد أن هاجت عطر وراحت تلكمها بقبضتها وتجذب شعرها وهي تتمتم بحنق: أنا كنت عارفة انك غبية بس مش للدرجادي، ازاي تعملي كده فيا اخص عليكي!
+
جوري متوجعه وهي تحاول التملص منها وتفادي لكماتها: أنا عملت إيه طه، وربنا ماعملت حاجة
+
_ والصورة دي ايه؟ ها؟ فهميني ازاي ده حصل، وازاي هبص في وش اخوكي بعد كده؟ انطقي يامقصوفة الرقبة
+
جوري وهي تطرق صدرها: ياحوستي؟ انتي شوفتي الصورة؟
_ أيوة شوفتها يا ندلة
_ اسكتي بقي بطلي ضرب كفاية اللي عمله فيا يزيد ده كان هيقاطعني لولا فضلت اعيط واقوله اني غلطانة وانك مش غريبة وزي اخته.. بس هو صرخ عليا وقالي عطر مش اختي.. ولا يجوز اشيلها!
+
عطر بذهول: قالك مش اختي؟
جوري : اه والله وقال ان...... .
ثم انتبهت فجأة وحدثت ذاتها: اه صحيح ده أول مرة يقول انك مش اخته، ازاي عدت عليا دي؟
عطر وكأنها مغيبة وعلى شفتيها ابتسامة بلهاء: بجد قالك إني مش اخته!
+
جوري: اه والله والموضوع كده ابتدا يتطور، شكل الحجر هيحس! ..عطر؟ انتي يابت مابترديش ليه؟
+
وراحت تشير وتحرك كفها أمام عيناها وهي مغيبة!
فمصمصت جوري شفتيها بشفقة: ياعيني البت سخسخت عشان اخويا شالها وقال مش اختي أمال لو كان......
آآآه بتضربيني ليه يامفترية
+
عطر: عشان انتي قليلة الأدب ومش هعديلك اللي عملتيه
+
جوري وهي تتوجع من ضرباتها: يا سلام يا اختي.. المفروض تشكريني عشان خليت آبيه يشيلك
+
_ أشكرك؟ ده انا بسببك هتكسف كل اما اشوفه
جوري: ياعبيطة هو لازم يعرف انك عرفتي؟ احنا مش هنقول، لأنه وقتها هينفخني.. هو أصلا مش سامحني غير أما وعدته انك مش هتعرفي حاجة
+
عطر: هو طلب منك كده؟ ليه؟
_ قال انك هتتكسفي منه ومش هتعرفي تشتغلي معاه.. وانا وعدته مش هقول، بس بغبائي نسيت الغي الصورة اللي صورتها واللي أصلا آبيه مايعرفش عنها حاجة ولو عرف اقسم بالله هيعلقني على باب الشركة ويخليني عبرة!
+
عطر بدهشة: بجد؟ يعني يزيد مايعرفش عن الصورة؟
_ لأ..
_ طب اقعدي بقي وبراحة احكيلي ازاي وليه وامتي حصلت الصورة واياكي تنسي هفوة هنفخك"
+
جوري وهي تربع قدميها فوق الفراش بابتسامة سمجة: بس كده؟ من عونية الجوز.. ( وراحت تقص عليها كل التفاصيل منذ مغادرة العيادة وهي مغيبة من أثر المخدر الى لحظة التقاط الصورة!)
+
_ يعني هو اضطر يشلني ويطلعني لماما عشان الناس ماتتكلمش عليا
جوري: أيوة هو قالي كده، وانه مايقبلش عليكي حاجة وحشة مايرضهاش عليا
+
قالت بابتسامة : ده كل يوم يثبتلي ان قلبي عرف يختار .واستطردت: بس بجد ياجوجو انا هخجل كل اما اقابله، ياريتني ما شوفت الصورة!
+
_ يابنتي تتكسفي ليه بالعكس دي جت في وقتها عشان تثقي في نفسك وتعرفي انك ابتديتي تأثري عليه گ أنثى مش بنت خالة وأخت.. لو شوفتي ازاي صرخ وقالي عطر مش اختي كنتي فهمتيني.. يزيد بيبتدي يتغير واحنا هنستغل ده وكويس انك هتشتغلي معاه عشان نضرب ع الحديد وهو سخن
+
عطر بتهكم: إنتي محسساني انه وقع في غرامي وخلاص هيطلب ايدي!
+
جوري: طول ما انا حاطة مناخيري في الموضوع مش هسيبكم غير وانتم جايبين مصطفي وعيلاء
+
انفجرت عطر ضاحكة رغم خجلها وغمغمت: انتي بلوة اقسم بالله.. بس انا مش عايزة عيالي بالأسامي دي.. أنا هختار أسامي تبدأ بحرف الياء
+
جوري بامتعاض: ياختي تبدأ "بياء" "بتاء" المهم تبدأ
+
نكزتها عطر بحنق: انتي بقيتي وقحة!
_ وقحة وقحة بس أبقى "عمتو" ووقتها هطلع على عيالك كل جناني گ عمة
_ هتكوني عمة هبلة...
وعادت تغمغم: بس ده لو حصل، خايفة. تكون كلها أحلام ياجوري، احنا بنتكلم بس قلبي مش حاسس بحاجة حقيقية!
+
_ لأ غلطانة.. كون ان يزيد يشيلك من خانة الأخت لبنت الخالة ده انجاز كبير.. والمرة الجاية هتتنقلي لخانة الحبيبة.. صدقيني أنا كأني شايفة ده بعيني.. خوفه عليكي واهتمامه مجرد ما قلت انك. تعبانة بيقول انه بيعزك جدا أكتر ما انتي فاكره!
+
تنهدت عطر ولبثت صامتة فربتت على كتفها وتمتمت بحنان:
ربنا ينولك اللي في بالك!
واستطردت: واديني بقدم السبت عشان الاقي الحد
عطر: مش فاهمة؟
حوري: يعني اما انا كمان احب عريض منكبين واكون عايزاه يحبني انتي وقتها هتساعديني بردك.
+
ضحكت عطر وهي تصفق: والله انتي فعلا مجنونة.. يلا ياختي نروح نشوف عمتو ونساعدها في الغدا..!
جوري: يلا وانا هتبرع بتقطيع السلطة.
+
عطر: وأنا هغسلها
____________________________
+
" عايزة اتنقل لڤيلتنا يا بابا"
+
تفاجأ والدها بطلبها فتساءل: غريبة أيه خلاكي تطلبي ده فجأة كده؟ مالك يا زمزم حصل حاجة ضايقتك!؟
+
_ لأ.. بس مش واخدة راحتي.. طول الوقت بلبس لبس معين.. بخاف اجري ورى مهنذ وانسى نفسي.. عايزة احس بشوية. خصوصية يا بابا.. فلو سمحت حتى لو الڤيلا مش جهزت.. هتنقل هناك!
+
إصرارها أشعل في قلبه الريبه وهو يعاود تساؤله:
زمزم.. لو في حاجة حصلت عرفيني!
+
_ يعني اللي قولته مش كفاية؟ أرجوك يا بابا حقق طلبي.. انا بكرة مش هنام غير في بيتنا حتى لو مع ابني لوحدي.!
+
قالتها بحسم وذهبت لغرفتها.. فحك أبيها ذقنه بشرود
وقلبه يخبره ان هناك ما عكر صفو ابنته..ولابد أن يعلمه لكن حين تهدأ عاصفتها قليلا.. والآن عليه جديًا
الانتقال وتحقيق ما أرادت حتى لا تتعرض لأي انتكاسة نفسية فمازال يخاف عليها بعد حالتها عقب وفاة زوجها.. خاصتًا أن إيقامتهم في بيت شقيقه بالفعل طال أمدها..وآن آوان رحيلهم واستقلالهم!
_______________________
+
قرار انتقال عائلة محمد المفاجيء لڤيلتهم أصاب أدهم بالحزن فتمتم أثناء ذهابهم: مش عارف ليه فجأة عايزين تمشوا، والله كنتم ماليين البيت علينا، خليكم معانا شوية كمان يامحمد هيجرى إيه لو استنيتم!
+
أردف الأخير برفق وهو يربت على كتف أخيه: يا أدهم اللي يسمعك يقول بنا مسافة طويل، ده خطوتين. في نفس الشارع، وبعدين مش عايزين بردو نتقل عليكم كتر خيرك بقالنا كتير كاتمين على نفسكم!
+
أدهم بلوم: إيه الكلام الماسخ ده يامحمد..كلتمين على نفسنا ازاي ما الفيلا واسعة وتشيل ألف..!
+
عبير متدخلة: والله واحنا هنفتقدكم بس زي ما قال محمد البيت مش بعيد وكل يوم هنزور بعض، كل الحكاية بس ان طبيعي كنا هنروح بيتنا، مش هتفرق انهاردة من بكره!
+
التزمت كريمة الصمت وقد أتى الأمر على هواها دون أي ترتيب يذكر منها.. هذا افضل للجميع.. حتى لا يزداد تأثير زمزم وطفلها على ولدها عابد!
ولكن رمقة جانبية ولائمة من عين أدهم جعلتها تتدارك أمرها وقد خالفت بصمتها كل قواعد اللياقة، فأعترضت ببعض الصدق: لا كده هنزعل بقى، ده بيتكم ويساعكم قبلنا، والله زعلانة انكم ماشيين كنت متونسة بيكم!
عبير ولم يغب عنها فتورها اللحظات السابقة: تسلمي يا كريمة، وماتقلقيش أكيد هنتقابل دايما..!
+
التزم عابد الصمت بتعابير وجه مبهمة، ثم صوب عيناه نحو الصغير بحنان واقترب ليلتقطه من بين ذراعي زمزم التي تجاهلها تماما وهو يردف:
طبعا صاحبي الصغير كل اما يشتاقلي هيقول لجدو وتيتة انه عايز عابد صح؟ أكيد مش هتنساني!
+
همهم الصغير وهو يتشبث بياقة قميصه: آبد..!
+
حينها فقط نظر لها عابد وكأنه يلومها. فأدارت عيناها بعيدا حتى لا تنهار بدموع تجاهدها باستماتة.. شيئا داخلها يحزن لهذا القرار لكن ماذا تفعل.. هي تصحح أوضاع، لن تظل حتى يأخذ عابد مكانة زياد كاملة في نفس مهند.. شيء يزعجها بهذا ولا تقبله!
+
_ عموما صاحبك مش هيستغنى عنك ولا احنا.. كلها خطوتين وتكون عنده أو يكون عندك..!
+
هكذا صاح محمد وبعد أن تبادلو عبارات أخرى غادرت أسرة محمد لتستقر بجدران أخرى ربما لا تبتعد على الأرض مسافة كبيرة.. لكن ثمة مسافة خفية اعتلت داخل النفوس ولم تعد قريبة.. لم تعد..!
____________________________
+
تلقفت الصغيرة رحمة وهي تغمرها بقبلات محبة هاتفة: وحشتيني يا روح طنط! ثم دست كفها بحقيبتها وأخرجت مغلفين من الشيكولاه وهتفت: خدي يا روحي انتي واحده واختك التانية! أشرق وجه الصغيرة وهي تأخذ حلواها راكضة. تبحث عن شقيقتها..! بينما هتفت والدتهما وابنة عم أمونة:
+
_ إيه أخبار أول يوم للشغل أحكيلي!
_ الحمد لله يا موني كان يوم. خفيف كده تعارف على بعض الزملا واتجولنا شوية في الشركة وشوفت أقسامها.. ماشاء الله يزيد عامل حاجة محترمة ربنا يباركلهم فيها..!
+
_ بتجمعي ليه تقصدي مين غير يزيد؟
+
أمونة: أحمد بدر.. كان زميلنا هو كمان..
ثم استطردت بنبرة. ممتنة: وبصراحة استقبلني بشكل جميل وكمان عزمني على حتة مطعم يا مونتي يجنن.. لازم اخدك انتي والبنات يوم!
+
_ سيدي يا سيدي. شكل الباشمهندس أحمد ذوق ع الأخر وجاية مزاجك عنب
+
أعادت بأناملها خصلات شاردة تظلل عيناها وهتفت:
مش هنكر إني جاية مبسوطة فعلا يا موني!
حاصرتها الأخيرة بنظرة أكثر تمعن وقالت: ليه حاسة إن في كلام على طرف لسانك؟
+
تمددت على أريكة جانبية بحرية، وغمغمت: مش حكاية كلام بس مستغربة من حاجة.. تخيلي يا موني أحمد لسه فاكر بحب إيه ولوني المفضل وعارف حتى النادي اللي بشجعه وقهوتي اللي بشربها بدون سكر.. تفاصيل كان طبيعي ينساها.. بس لقيته فاكرها.. معرفش ليه النقطة دي لفتت نظري وأسعدتني بشكل مش فاهماه!
+
جاورتها على نفس الأريكة: يجوز هو من الناس اللي مش بتنسى التفاصيل بسهولة يا أمونة!
_ مع إن في غيره بينسى بدرجة تجرح..!
+
أدركت أمنية أنها تلمح لخطيبها السابق وإهماله لأمور كثيرة تمنت أن يتذكرها..!
+
استطردت أمونة بصوت أعمق:
حصلي حاجة غريبة يا موني خوفتني..!
_ خير قلقتيني؟!
غامت عيناها وهي تعود لتغمغم:
تخيلت أحمد وهو بيتعامل مع خطيبته وبيحتفل معاها بكل ذكرى وتاريخ يخصها.. حسيت إني بحسد واحدة معرفهاش.. ومقارنة مالهاش تفسير حصلت جوايا وربكتني.. لدرجة انه فضل يتكلم عن نفسه وانا سرحانة في أفكاري، تفسري ده بإيه..؟!
+
ربتت على كتفها بتفهم وهتفت بصوت حاني:
_مش غريبة ولا حاجة حبيبتي كل واحد بيجذبه الشيء اللي ناقصه وبيدور عليه.. انتي بيفرق معاكي التفاصيل دي وبتأثر فيكي عاطفيا، عشان كده أحمد لفتت نظرك.. بس مثلا لو واحدة طبيعتها مختلفة عنك كانت ملحوظتك دي مرت مرور الكرام.. زي أنا مثلا لو بلال جوزي نسي عيد جوازنا أو عيد ميلادي عادي مش بقف كتير عند النقطة دي..ومش هقولك مش بتمنى يفاجأني ويعملي أي احتفال أو يحسسني انه فاكر.. بس ده طبعه.. هل ده معناه انه مش بيحبني؟
+
ثم مازحتها لتلطيف الأجواء:
وبعدين الراجل معذور .. أنا واحدة ولا بتحب الورد ولا الشيكولاته هيجيبلي إيه.
+
ضحكت أمونة: في دي أنتي ظاهرة فريدة من نوعها.
واستأنفت: ربنا يصلح الحال ويسعدك يا أمنية.. عموما من بكره هبدأ الشغل وبإذن الله ربنا يوفقني هناك.. دعواتك يا مونتي!
+
_ ربنا يوفقك ياحب!
_______________________
+
في منزل عامر!
+
_ أنت رجعت تمارس هوايتك تاني ولا إيه؟
التفت عامر لوالده وأجاب: أيوة يا بابا قلت اتسلى شوية بقال كتير مشغول عن هوايتي، واهو مصلحة لبنتك اعملها العقد اللي كانت طالباه مني!
+
ابتسم وغمغم: يعني العقد ده لسماح؟
تلعثم قليلا ثم قال: الحقيقة لأ.. سماع مش بتحب اللون ده، هعملها واحد أسود زي ما طلبت!
_ أمال ده لمين؟
_ ده هدية.. صاحبي عايز يهادي بيه خطيبته وطلبه مني!
+
هز أبيه رأسه: تقصد خطيبة ظافر صاحبك؟
+
وجد بافتراض أبيه نجدة فأكد قائلا: أيوة أيوة.. هي خطيبة ظافر..!
_ طيب يا ابني عقبال كده ماتعمل لخطيبتك.. وواصل كما اتوقع: انت مش ناوي بقى ياعامر تفرحنا انا وامك.. أختك اتجوزت ومعاها عيال واخوك التاني الأصغر منك خاطب، وانت مش مهتم غير بشغلك!
+
_ لما ربنا يأذن هتلاقيني جاي اقولك اني عايز اخطب.. خلي كل حاجة تيجي لوحدها يا بابا
تمتم بتسليم لرغبته: ربنا يكتبلك الخير يا ابني
+
وتركه فعاد عامر يواصل لضم حبات العقد الذي يصنعه بسعادة غريبة متمني أن ينال إعجابها والأهم.. نيل غفرانها علي كذبه بعد أن تعرف حقيقته كما نوى أن يفعل!
لن يكذب على تلك الملاك مرة أخرى!
_________________________
+
" ألف مبروك يا باشمهندسة عطر.. أخير هتشاركينا شغلنا واشوف ابداعك اللي ياما كلمني عنه يزيد! "
+
شكرته مبتسمة بعد أن رمقت يزيد بالجوار: شكرا يا باشمهندس أحمد كلك ذوق.. ويزيد بيبالغ أنا لسه هتدرب وانتوا اتحملوني لحد ما اكتسب خبرة!
+
يزيد: الخبرة سهلة وهتكتسبيها معانا بأذن الله، انما موهبتك مش ببالغ فيها ومتوقع منك شغل مميز جدا..!
+
اسعدها كثيرا مدحه وثقته بها، وتحفزت ان تثبت له صحة قوله، فتدخل ياسين الذي يرافقهم هاتفا:
أكيد أختي طالعالي وهتبهركم بشغلها.. ماهي الجينات بتحكم يا أساتذة واديكم جربتوا عبقريتي!
+
يزيد بتهكم: صدقني لو نفس الجينات كنت قلقت!
احمد مازحا: لا حرام يا يزيد كلمة الحق تتقال، ياسين فعلا شغله مميز وشاطر اوي ومبقاش في غنى عنه! يارب الأنسة جوري تتعلم منه اما تشتغل معاه!
+
ياسين: جوري؟أنت طيب أوي يا احمد، هو انا خايف غير لما تشتغل معايا؟ .. يلا ربنا يقويني على الشهرين دول.!
+
يزيد: لأ احنا مش هنلعب دي شركة وأكل عيش.. انا وصيتها لو مش ناوية تتعلم وتشتغل بجد ترجع المنصورة!
ياسين: أما نشوف يا كبير..!
احمد: طب ياجماعة هسيبكم بقي واروح مكتبي، ثم حاد بصره لعطر وواصل: ومبروك مرة تانية انضامك لينا يا باشنهندسة!
+
_ الله يبارك فيك!
+
استأذن هو وتبعه ياسين، بينما ظل يزيد يبثها بعض أرشاداته مع كلمات مشجعة، بينما هي تحاول تجنب النظر إليه مباشرًا..فكلما تذكرت وهو يحملها يزداد خجلها منه وتوترها وخيالات غريبة تهاجمها، والأكثر أنها ادمنت التأمل بصورتهما قبل نومها كل ليلة وهي تتمنى داخلها أن يتحقق أملها وألا يحملها رجل بين ذراعيه غيره هو..!
+
لاحظ صمتها وهي تطالع النافذة غير متفاعلة مع حديثه، فتسائل: عطر؟ انتي سرحانة في إيه يابنتي؟ على كده ماسمعنيش طلبت منك إيه؟
+
_ لا معاك وسمعت، بإذن الله انول ثقتك في في فترة التدريب واعمل شغل افضل من اللي متوقعه مني!
+
_ أنا متأكد وواثق فيكي!.. المهم طمنيني أسنانك خلاص مش تعباكي دلوقت؟
_ لا الحمد لله بقيت كويسة جدا ماتقلقش!
_ طب جوري هتيجي امتى؟
_ هتيجي بعد الضهر!
يزيد بتهكم: بعد الضهر؟ هي من أولها هتدلع؟ ماشي اما تيجي هقولها كلمتين واعرفها ان مافيش هزار.. !
ابتسمت له: الله يعينك عليها دي دماغها رايحة منها
ضحك وغمغم: ده العادي بس انا هظبطها، واستطرد ناهضًا:
هسيبك واروح مكتبي ولو احتاجتي شيء عرفيني!
+
_ خلاص تمام!
___________________________
+
_ صباح الخير!
+
باغته صوتها المحبب وهي تلقي تحيتها باستحياء. فرفع بصره ليطالعها أمامه بهيبة جمالها الذي يذداد كلما رآها، فغادر مقعده واقترب منها: صباح الخير يا بلقيس.. إيه الصباح الحلو ده..!
ابتسمت هاتفة ببساطة: جيت افطر معاك..!
برقت حدقتاه بحنان: بس كده.. المطعم كله تحت أمرك.. وتنحى بها ليجالسها بطاولة منعزلة نوعا ما..!
+
_ والبرنسيسة تحب تاكل إيه؟
_ اللي هتاكل منه يا ظافر..!
+
لا يعرف لما كلما لفظت أسمه بتلك الرقة والدفء يهتز قلبه وكأن صوتها يعزف على أوتاره.. عسل شمسيها يلمع كلما نظرت إليه..وكم كاشفة عيناها لمشاعرها البريئة.. تُرى هل ستظل بهذا التعلق به حين تتعافى بشكل تام؟ أم يتهدأ مشاعرها وتتلاشى وكأنها لم تكن؟ سؤال يداهمه كثير تلك الأيام وشيء خفي يؤرقه لكنه ينفض عن ذهنه كل هذه الأفكار.. وتركيزه لابد ألا يبتعد عن هدفه الأساسي لتلك الخطبة.. وهو مساعدتها على ممارسة حياتها بشكل طبيعي دون الخوف من أحد او من شيء.. وإخراج قوتها المدفونة داخلها ونفض غبار الضعف عنها..!
+
_ ساكت ليه؟
+
تنبه لصوتها فغمغم: لا بس بفكر اختارلك إيه، عموما أنا هغيب دقايق اعمل تليفون سريع خاص بشغلي، وهطلب أوردر فطار حلو وقبل ما يوصلك هكون جيت..اتفقنا؟
+
أومأ له مبتسمة دون رد، فرحل لينجز ما يريد حتى يعود لها سريعا..!
_______________________
عبر الهاتف!
+
_ خرجت من إمتى يا دُرة؟
_ من نص ساعة يا عاصم ..گ العادة تصحى تفوق وتاخد حمام وألاقيها بتلبس ورايحة لمطعم ظافر.. انت قولتلي اسيبها براحتها..!
+
تنهد مغمغما: معلش يا دُره مضطر اسمحلها بكده.. عموما مش عايزك تقلقي بلقيس من وقت خروجها لحد رجوعها بيكون في اللي متابعها عشان يحميها..!
+
_ عارفة ومطمنة أن ظافر هيرجعها هنا كمان شوية!
_ ماشي وربنا يصلح الحال.. انا هقفل دلوقت وهكلمك تاني.. في عميل على وصول هخلص مقابلته وارجع اتصل عليكي!
+
_ ماشي ياحبيبي، وانا هتصل اطمن على كريمة وعبير وارغي معاهم شوية.. يلا في رعاية الله!
________________________
+
لم يغب سوى عشر دقائق كانت كفيلة ليعود ويصعق لعيناها الزائغة الخائفة وتوتر أصابعها وقد انكمشت وادارت مقعدها تجاه الجدار كأنها تختبيء من شيء ما، فتوجه ببصره تلقائيا للجهة الأخرى ليتفاجأ بشابين يرمقانها بوقاحة واضحة وشفتيهما تهمسان بكلمات غزل وهما يصفانها وعيناهم تشتعل بنظرات بذيئة فهمها.. قربه منهما سمح له بالتقاط ما يقولون، وهما غافلين عن وجوده.. فعصفت نظراته صوبهما بغضب وتكورت قبضته تلقائيا وصار إليهما بتحفز، وما أن وصل لطاولتهما حتى صدح صوته بفحيح رغم خفوته تجنبا فقط لأفزاعها:
بدون قلق وشوشرة وبالذوق خدوا بعضكم واخرجوا حالا من المطعم بكرامتكم قبل ما اخليكم تندموا..!
+
رمقه إحداهما باستخفاف غير مدرك حقيقة أنه صاحب المكان، بينما تمتم الثاني بفظاظة لا تخلو من سخرية: حاسب بس ياعم احسن يطقلك عرق.. مطعم إيه اللي نسيبه.. احنا زباين جايين ننفع المكان اللي بتاكل منه عيش.. وعايزين نفطر وانت زي الشاطر روح خدم علينا ونفذ أوامرنا من سكات بدال ما نأذيك ونقطع عيشك ونعلمك الأدب.. يلا شاطر.!
+
لولا تلك المنكمشة الخائفة في الزاوية الأخري والتي لم تنتبه لوجوده بعد.. لسحق أجسادهما في الحال وحولها لكومة عظام مهشم.. لكن نظرته لها جعلته يتروى كي لا تتأذى.. فمازال يذكر رد فعلها في المرة الأولى حين تناثر الزجاج والصخب وراحت تصرخ..!
ولن يعرضها لانتكاسة بسبب وغدين وأحمقين!
+
همس ببرود قدر استطاعته: لا على أيه يا بشوات قطع العيش..الطيب احسن.. خدو راحتكم!
+
أسكنها غرفة مكتبه المنعزلة عن موضع الرواد و طمأنها ببعض الكلمات أمرا إياها ألا تتحرك لحين عودته.. وعاد للوقحان فوجدهما ينظران له بحقد وقد قرأ ما جال بخيالهما القذر.. وسيحاسبهما حتى على سوء الظن..!
..................
+
اقترب منهما وعيناه ترسل شرار وبدون إنذار لطم أولهم ثم لكم الأخر بقبضته التي نزلت گ صاعقة لفحتهما بنيران غضبه، فحملقوا بذهول ومباغتة لهجومه وفي ثواني صاروا متكومان أرضًا مما جعل الرواد يشهقون فزعا وخوفا لما تراءى لهم من تعدي غير مفهوم.. وقبل أن يحاول الوغدان النهوض والدفاع، أحاطهما أثنان من العاملين يوحي مظهرهما أنهما " بودي جارد"..وبنظرة تقيمية أكثر دقة.. أدركوا انهما يواجهان مالك المكان وليس مجرد عامل.. وبنظرة أخرى لعين ظافر المظلمة القاسية وبنيته القوية ايقنوا انه يقدر على إذائهما بأكثر مما تخيلوا.. فلم يقاوموا وهما يُجذبان من أكتافهما عنوة گ مجرمي السجون ملقان بالساحة الخارجية للمطعم..مع تمتمة تحذيرية أخيرة من ظافر ألا يجازفوا ويعودان لمطعمه مرة أخرى وإلا لن تكون العواقب سليمة!
+
وبعد أن فرغ منهما عاد بين الرواد بمنتصف الطاولات هادرا للتوضيح:
_ أنا أسف جدا لحضراتكم على الموقف ده وإني خليتكم تتوتروا باللي حصل.. بس أنا اضطريت اتعامل بعنف مع اتنين لا يليق انهم يكونوا في مكان محترم.. لأن بعتبر كل رواد مطعمي عائلات محترمة مش هقبل ابدا ينضم ليهم شباب وقحة.. اعتقد المعنى وصلكم.. فلا تؤاخذوني على عنفي معاهم.. وانسوا اللي حصل دلوقت!
+
وغادر بين همهمات الأفواه الراضية المبهورة بصنيعه، عائدًا لبلقيس بعد أن أمر العاملين بتنظيف جلبة عراكه!
_____________________
+
عاد إليها بوجهٍ عابس رغما عنه بعد أن فقد هدوءه وأعصابه وحتى هندمة ملابسه وهو يلقنهما درسا بقبضتيه، ثم نظر لها فوجدها تطالع ملابسه بقلق، فزفر بضيق ومسح على وجهه ليهدأ.. ولأنها استشفت غضبه همست: انت زعلان؟
+
رمقها بنظرة مبهمة ثم تمتم بحاجبان معقودان:
+
اسمعي يا بلقيس انا مش حابب تيجي المطعم تاني كده من بدري.. أنا ببقي عندي شغل ومش بقدر اركز وانتي موجودة لأن بتفضل عيني ليكي.. أنا هزورك في البيت لما اكون خلصت شغلي وفاضي، لكن ماينفعش تيجي تاني وتفضلي طول النهار!
+
خفت ضوء عيناها وغمغمت بحزن: بس انا اول ما بصحى ببقي عايزة اشوفك واكلمك!
+
لن تكف أبدًا عن هزيمته بتلك النبرة الرقيقة والعفوية، المشكلة الأكبر انه صار يتلذذ بصحبتها وحديثها، لكن لا يجوز ان ترافقه هكذا في مكان عمله.. تركيزه يتشتت ويفقذه بحضورها.. كما أنها يجب أن تمليء فراغها باشياء أخرى..من الخطأ أن يظل هو محور يومها الوحيد! ما فائدة وجوده ان لم يوجهها لهذا؟
+
هتف بعد برهة بنبرة أكثر هدوءً: لو على الكلام تقدرى اما تصحي تكلميني في التليفون!
+
_ مش معايا تليفون..!
+
بعفوية أخرى جذبته ونبهته انها فعلا لا تمتلك هاتف خاص بها.. ولم يتعجب فحالتها السابقة وعزوفها عن الكلام لم يجعل للهاتف فائدة.. وربما لهذا أهمل والدها إحضار هاتف خاص لها.. لهذا رمقها بنظرة دافئة بعد أن لانت ملامحه عن زي قبل وغمغم بابتسامة: بس كده؟ بسيطة أحلى واجمل تليفون هيكون عندك بكره وانتي اللي هتختاريه بنفسك.. لأن انهاردة يومي مشحون، احنا دلوقت نفطر ونشرب حاجة وبعدها هوصلك لبيتك وبكره هعدي عليكي بدري واليوم كله هنكون سوا.. اتفقنا؟
همست برقة: اتفقنا..!
+
رمق بانبهار إشرقة وجهها وسرق تركيزه عسل عيناها الضاوي گ عادته كلما تأمل محياها الفاتن، هو يغرق بتأثيرها كلما رآها ويشعر بالخطر أن يصدر مهه شيء ينافي طبيعته، هو يعتبرها أمانة لديه حتى عودتها لعرين أبيها ثانيًا، أعتدل بجلسته وقد انتبه لأكتافه المنحنية وهو يتأملها دون وعي ونفض عنه تأثيرها بقوة واستعاد سيطرته على نفسه وحمحم قائلا:
+
_طيب تمام دقيقة وراجعلك هعمل تليفون لعامر يكون أوردر الفذار وصل!
+
ابتسمت له وهي توميء برأسها، فمنحها ذات الأبتسامة ورحل بعد أن وعدها بعودته سريعا..!
_________________________
+
في سويسرا..!
+
ميرا: ماتتصوريش فرحانة ازاي انك انتي ورائد لبيتوا دعوتنا وجيتم تعيشوا هنا.. أخيرًا هنتجمع ونكون عيلة بدال ما كل أخ في بلد!
رودي بوجهٍ يشع سعادة: الحمد لله رائد سمع مني بعد ما غلبني معاه وكان مش موافق يسافر..!
+
لوحت ميرا بذراعها هاتفة بحماس: صحيح مايجيبها إلا ستاتها الحلوة!
ضحكت رودي وتمتمت: بجد شكرا يا ميرا على تعبكم واستقبالكم لينا من وقت وصولنا.. وعموما مش هنطول هنا رائد هيأجر لينا شقة على قدنا وهننتقل ليها فورا
+
هتفت بنبرة عاتبة: أخص عليكي يا رودي، فين التعب؟ وليه مستعجلين تمشوا، أصبروا لحد ما جوزك يستقر في وظيفته، ده "أيهم" جابلة شغل في شركة ممتازة وبإذن الله تعيشوا عيشة كريمة!
_ ربنا مايحرمناش منكم، عموما أحنا خلاص بقينا في بلد واحدة وحتى لو انتقلنا لبيت تاني هنفضل على تواصل!
+
ربتت ميرا على كتف رودي : أكيد، صحيح ما قولتيش انتي في الشهر الكام؟
_ السادس
_ ما شاء الله قربتي خلاص، طب عرفتي نوع البيبي؟
_ أيوة، هنجيب بنوتة
_ ياروحي عليها بموت في البنات، ربنا يقومك بالسلامة!
_ تسلمي يا ميرا.. معلش هستأذنك اريح شوية، بطني تقلت وضهري بقى دايما واجعني وبحتاح أمدد جسمي أغلب الوقت!
_ اتفضلي حبيبتي، نامي شوية على ما يجي جوزك وجوزي ونتغدى مع الولاد!
.................. .
+
بعد عودة رائد!
+
_ عاملة إيه يا حبيبتي وحشتيني!
+
اعتدلت رودي وهي تزح خصلاتها عن وجهها وهمست ومازال بصوتها أثر النعاس!
_ الحمد لله يا حبيبي، جيت إمتى مش حسيت بيك!
_ من خمس دقايق!
_ طب وأخبار شغلك إيه؟ ابتديت تندمج فيه؟
+
تنهد وهو يجاورها بالفراش: يعني بحاول استوعب كل حاجة واتعلم.. دي أول مرة اشتغل .حاسس مخي ممسوح!
ثم ابتسم. بتهكم: وهو فعلا ممسوح!
غمغمت لصرف ذهنه عن حالته: تعرف مرات اخوك ميرا دي حتة سكر، حقيقي ذوق جدا
_ طب كويس انك اندمجتي معاها
_ اندمجت بس؟ إحنا بقينا أصحاب!
+
رمقها بنظرة مطولة ثم همس وانامله تتحس وجهها:
ماكنتش اعرف إن سفرنا هنا هيخليكي مبسوطة ومنورة كده
+
امسكت أصابعه ولثمتها هامسة: مبسوطة لأني معاك، ولأننا هنبتدي حياتنا سوا من جديد بعد ما بقينا قريبين من بعض، هنبتدي واحنا منتظرين بنتنا تشرف!
+
حاد بصره لبطنها المنتفخ وربت عليه برفق وقال: منتظرين رحمة!
+
همست متفاجئة بالأسم: رحمة؟ هنسميها رحمة؟
أومأ لها وعيناه مازالت مصوبة على بطنها، فتسائلت: اشمعنى
+
صمت برهة ثم غامت عيناه بلمحة شرود: عشان وجودها كان رحمة في علاقتنا وربطنا ببعض أكتر..بوجودها بقيت مكتفي بيها عن أي حاجة..مجرد خبر انتظارها زرع جوايا حب للحياة واتمنى ربنا يقدرني واعمل مستقبل كويس ليها، واقرر اتغاضى عن اللي فات واللي مش فاكر هو خير ولا شر..!
+
ثم نظر لها باستجداء وغمغم: رودي.. هو انتي بجد ماتعرفيش أنا كنت عايش ازاي؟ وكان في حد بيكرهني أو انا بكره حد!؟
+
ومضت مقلتيها بنظرة مبهمة وهي تطالعه عاجزة عن إجابة تعرفها ولكن ليس كل ما يعرف يجوز البوح به
+
قاطعها: يااااه.. شكلي عامل بلاوي!
ابتسمت هامسة: اللي اعرفه هو إن ربنا عطاك فرصة وحياة مختلفة تعيشها، انسى يارائد كنت ازاي، بلاش تفتش في الماضي لأنك هتتعب، وركز في الحاضر اللي بين ايديك وازاي هتلون أيامه بالأمل والسعادة والأحلام اللي هنحققها سوا مع بنتنا.. رحمة.. اللي جت رحمة ليك وليا من ربنا..!
+
طافت عينيه الداكنة على محياها بنظرة حانية ثم غمس رأسها في صدره بقوة وغمغم:
ربنا يخليكي ليا يا رودي! أنتي أحلى حاجة حصلتلي لحد دلوقت!
+
رفعت وجهها تناظره بوله مغمغمة: يعني بتحبي يا رائد!
+
مال عليها أكثر وهو يتمتم بنبرة ماكرة: الإجابة لازم تبقى عملى.. هقولهالك كلمة كلمة!
ضحكت بدلال وعانقته وراحت تستقبل عاطفته التي لا ينضب لهيبها، وبادلته إياها بسخاء أكبر وأكثر دفئًا
____________________
+
إمتى هتتجوز ياعامر
_ أما افضى يا ماما
_ أما تفضي؟ هو انا بقولك امتى هتحلق دقنك؟
+
التفت لها رافعا حاجبيه: إيه الحلاوة دي ..من إمتى بتألشي يا حاجة!
+
_ أنا مش بهزر على فكرة.. عايزة اعرف إمتي هتتجوز.. في واحده في دماغك؟
+
_ لأ.. وقبل ماتقوليلي اجيبلك هقولك بردو لأ..وسيبك بقى من كلام الأمهات بتاع عايزة افرح بيك واشيل عيالك والجو ده!
_ وماله كلام الأمهات يا سي عامر؟ امال اسيبك لدماغك الناشفة دي!
+
غمغم: ياحبيبتي الجواز ده قدر بيصيب صاحبه من غير معاد.. وأنا مستني قدري يجي لوحده، أكيد في حد في الدنيا دي مخلوق عشاني سيبيني اكتشفه بنفسي!
وواصل : المهم قوليلي سماح جاية عندنا امتي؟ عيالها وحشوني اوي!
_ هتيجي اخر الأسبوع مع جوزها، أنا عازماهم في أول جمعة من رجب.. كل سنة وانت طيب ياحبيبي!
+
_ وانتي طيبة وبخير يا قلب عامر ويبلغنا رمضان ويعود عليكي الأيام بخير.. كويس انه يوم الأجازة عشان أشبع منهم واهيص مع العيال شوية!
+
شملته بنظرة مفعمة بعاطفتها: ربنا مايحرمكم من بعض ياحبيبي وعقبال مانفرح بعيالك!
_ في حياتك يا أمي!
هروح بقى أشوف الحاج ابو عامر عامل ايه!
_ ماشي ياحبيبي!
ثم تذكرت شيء هام كان تريده، فقصته عليه سريعا مع وعد منه بتلبية طلبها..!
________________
+
شيء داخله جعله يتحمس كثير لتوصية والدته لإيجاد وظيفة لمهندس حديث التخرج يأمل بفرصة العمل بشركة جيدة السمعة.. ولم يحتاج لكثير من الذكاء ليعلم أن والدته تحدثت مع الجارة عن رفيقه أحمد الذي يمتلك شركة للانشاءت.. فضلا عن انها تعلم أنه ليس صاحبها الوحيد وفقط يشارك بنسبة ما.. ولكن كل هذا لا يهم، فشعوره انه سيتوجه لمكان تواجد ملاكه حيث تعمل يصيبه بسعادة لا ينكرها.. ويدعوا الله ان ألا تغضب كثيرا حين يخبرها حقيقته وأن تتقبل أسفه عن خداعه البريء..!
+
حاد ببصره على العقد المغلف الذي صنعه لها وقرر أن يقدمه گ اعتذار قبل ان يكون هدية.. دسه في جيبه وتوجه على الفور لشركة الإنشاءات!
+
وصل وغادر سيرته وترجل لمدخل الشركة ودلف عبر البوابة وقبل أن يصل للمصعد وجدها تخرج أمامه ومعها رفيقتها ..رمقه بدهشة لوجوده..ثم هتفت:
_ ايه الصدفة دي؟ أنت جاي هنا لحد معين؟
+
توتر ولا يعرف ماذا يقول خاصتا والفتاة الأخرى ترمقه بفضول، كيف يحدثها عن كذبته بأجواء گ تلك وتحت مراقبة الأخرى، تنحنح وقرر ان يواصل تقمص شخصية الشاب الفقير الذي يعول خمسة عشر شقيقا.. فلا نفر من كذبة أخرى، هتف بعد برهة: أيوة.. جاي في شغل لأن مطعمي.. قصدي المطعم اللي أنا شغال فيه هو اللي بيورد وجبات الشركة اليومية، وانا جاي عشان اسلم الوجبات بتاعة انهاردة حسب اتفاقنا مع باشمهندس أحمد!
+
هزت رأسها بتفهم وهي تحدث عطر: فعلا ياسين قالي انهم بياخدو وجباتهم من هناك، ثم التفتت له:
_ طيب تمام ربنا معاك.. ثم تساءلت بعفوية ذكرته بكذبه وأججت خجله وتأنيب ضميره: أخواتك عاملين إيه؟
+
_بخير الحمد لله، وباعتين ليكي السلام و......
+
تردد قليلا وتلفت حوله والعابرين يتوافدون حولهم، وغمغم بحرج : طيب ممكن بس أقولك كلمة على جمب، عشان الزحمة اللي الخارجين من الأسانسير..!
+
انتبهت بالفعل انها تقف قرب باب المصعد وربما تعيق المارين منه وإليه، فتنحت مع رفيقتها منتظرة قوله، وكم تمنى أن يقدمه بعد نصارحته واعتذاره ودون أن يرافقها أحدًا..لكن لا شيء يتم مع تلك الصغيرة كما يخطط ابدا.. استسلم داخله منتظر فرصة أخرى والتقط من جيب بنطاله جراب العقد الأنيق الذي صنعه وهمس بتهذيب:
+
_بصراحة أنا ليا أخت حكيتلها عنك وعن معروفك معانا، ولأنها بتشتغل في شغل "الهاند ميد" والاكسسوارات، حبت تهاديكي حاجة من شغل ايدها وعلى ذوقها .. اتفضلي، يارب تعجبك!
+
شهقت أعجابا وهي تطالع العقد وإسوارته متمتمة: الله الطقم تحفة.. يجنن. دي اختك دي شاطرة جدا ما شاء الله، شايفة الجمال ياعطر؟
+
بدت الأخيرة متحفظة بعض الشيء ولم تنبهر گ جوري وقالت بعد أن رمقته بنظرة مرتابة: حلو فعلا تسلم ايديها..بس عفوا في سؤالي عرفت منين انك هتلافي جوري هنا عشان توصل ليها هدية أختك؟
+
تنحنح وحنق داخله من ملحوظتها ودعى أن يتقن حجته الكاذبة وقال: أنا ماكنتش اعرف اني هشوف الأنسة هنا.. كل الحكاية ان أختي خلصت هديتها واديتهاني وانا خارج وأنا حطيتها في جيبي بدون تركيز.. يعني الموضوع كله صدفة!
+
حاصرته عطر بنظرة أخرى، ثم هتفت جوري: أيوة فهمت، ماهو فعلا انت هتعرف منين اني شغالة هنا؟ عموما بجد شغل أختك رائع وهديتها جميلة بس انا مش هقدر اخدها للأسف!
+
شعر بحزن حقيقي وتساءل بإحباط: طب ليه؟
+
_لأن ده شغلها وهي أولى بتمنه، ومش هاخده غير في حالة واحدة بس!
+
استطاع التخمين ومع هذا تساءل: اللي هي إيه؟
_ ادفع تمنه!
+
كاد يبتسم لصواب ظنه.. بالفعل فتاة برقتها لن تقبل أن تأخذ شيئا من فقير مثله دون مقابل.. تنهد بحسرة فيبدو انه سيضيف لرصيده دين جديد منها.. ديونه تزداد كلما استمر بكذبه ولا يعرف كيف سيتم السداد.. لكن الجيد في الأمر انه يضاعف لها رصيد تبراعاتها بصندوق مطعمه دون ان تعلم عن تبرعها شيء!
+
قال بمحاولة أخيرة لإثناءها: طب ينفع تدفعي تمن هدية اتعملت ليكي مخصوص يا أنسة جوري؟
+
هتفت بإصرار متوقع: معلش مش هاخده غير اما ادفع تمنه!
فاضطر بإخبارها سعر عشوائي واخذ منها النقود ثم غادرته برفقة صديقتها متوجهين لزاوية ما أدرك أنها المطعم الخاص بالشركة، فتوقيت غداء الموظفين بالفعل حان آوانه.. أما هو فاستأنف صعوده لرفيقه أحمد وذهنه غائب، يلوم نفسه لكذبه.. لكن ماذا كان يفعل والأجواء لم تساعده على مصارحتها.. ربما تتاح له فرصة أخرى حتما سيسعى لها..!
________________________
+
في مكتب أحمد!
+
_عمور.. إيه المفاجأة الحلوة دي! أخيرا جيت تزورني!
صافحه عامر: تسلم ياغالي.. أديني فضيت نفسي وعديت عليك ..عامل ايه؟
_ كله تمام وشكرا على وجباتكم الممتازة!
_ العفو يا أبو حميد..وجودة الأكل دي بصراحة مجهود وابتكارات ظافر، أنا شغلي إداري..!
_ والله انا معجب أصلا بمشروعكم ده، ولعلمك لازم اخد نسبة منكم، أنا بورد ليكم ناس كتير واستحق مكافأة!
ضحك عامر: عنينا ليك يا ابو حميد ولكل اللي يجي من ناحيتك!
_ تسلم ياعامر، صحيح تشرب أيه؟
+
_ ولا حاجة لأن مستعجل وبصراحة طالب منك خدمة.. أو بالأحرى الحاجة والدتي ليها توصية!
+
احمد: انت والحاجة تؤمروا.. خير؟
_ ابن جارتنا ياسيدي واللي هي بمثابة اخت لوالدتي اتخرج من هندسة السنادي، وقلنا لو له فرصة شغل معاكم يبقي جميل كبير منك!
+
_ عيب ياعامر في بنا جمايل.. خليه يجي بكره على الساعة عشرة يقابل ياسين لأن ده تبع شغله، وطبعا يجيب كل أوراقه وانا هوصي عليه.. وربنا يسهل!
+
_ شكرا يا باشمهندس مايحرمناش من ذوقك، طيب انا مش هعطلك بقى ويدوب ارجع للمطعم.. ومنتظر تليفون بكره تطمني بخصوص الوظيفة!
_ ماشي يابرنس بس مستعجل ليه هنشرب حاجة الأول!
_ لا يا احمد يدوب امشي.. تتعوض مرة تانية!
_ ماشي ياعمور.. في رعاية الله وسلم على ظافر..!
_ يوصل يا باشمهندس.. سلام!
___________________
+
في مطعم الشركة!
+
عطر: على فكرة أنا مش مرتاحة لعامر ده!
جوري: ليه يعني؟ إيه مش مريحك؟
_ مظهره مش بيوحي ابدا بفقره زي ما حكيتي عنه، ده لابس قميص ماركة يا بنتي وساعة شكلها غالي!
_ عادي ياعطر ممكن يكون حوش عشان يجيب قميص وساعة زيهم، في ناس رغم فقرها بتحب تبان بمظهر حلو!
_ بردو في حاجة مش ريحتني ناحيته.. عموما بلاش تتباسطي كده مع كل الناس ياجوري، ده غريب ومانعرفوش، ولعلمك لو كنتي قبلتي هديته كنت مش هسكت.. بس برافو عليكي، عحبتيني اما دفعتي تمن العقد!
+
_ أكيد طبعا مش كنت هقبله.. واهو نفعته حرام.. هما أولى بفلوسه!
_ صح وبردو بعيد عليكي اجمدي شوية في التعامل مع الغرب.. مش كل الشباب زي عابد وياسين ويزيد، ولاد الحرام كتير يا جوري!
+
_ بلاش أفورة بقى محسساني انه نصاب دولي!
+
مطت شفتيها بتهكم: والله انتي اللي أوفر.. مرة تبعتي معاه أكل.. ومرة فلوس ..ومرة تشتري منه عقد أخته.. ماتتلمي يابت انتي وتخشني شوية..!
+
_ سبتلك انتي النصاحة والخشونة ياختي.. تعالي بقى ناخد وجبتنا خلينا نطلع نشوف شغلنا..!
_ لا هنستني ياسين ويزيد!
+
جوري بمكر: وأمونة نسيتيها ؟ بصراحة البت دي قمر وشيك أوي.. حاجة كده تفتح النفس! وواضح انها قريبة من يزيد بتهزر معاه وواخدة عليه!
+
عبست عطر وشردت بمظهر أمونة.. هي بالفعل فتاة جميلة تضخ أنوثة، حديثهما به كثير من الود الواضح، وذكريات الجامعة بينهما عامرة بالمواقف التي لا يملوا ذكرها، تُرى هل علاقتهما قريبة للدرجة التي تتخيلها وتخافها؟
+
جوري: خليكي انتي بالجينز والكوتش ياهبلة!
+
جزت على أسنانها: احترمي نفسك وامسكي لسانك اللي عايز قطعه ده ومالكيش دعوة بلبسي.. ابو شكلك يا شيخة
+
ضحكت جوري وراحت تتجرع بعض الماء في انتظار الجميع ثم هتفت: سينو ويزيد وباشمهندس احمد اهم!
عطر بضيق واضح: وكمونة
+
ضحكت جوري: اتلمي، يزيد حذرك الصبح تقوليلها كمونة تاني مش عايزين نكد، وتعالي بقى نعمل طبقنا ونرجع!
__________________________
+
في المنصورة!
+
نال رحيلهم من طبيعته المرحة، صار يشرد كثيرا ويغلب على ملامحه التجهم، يقضي الكثير من وقته جوار الأرجوحة التي صنعها للصغير وكأنه يبثها شوقه له..خاصتا أن غضبه من زمزم يجعله يأبى الذهاب إليها، وبينما هو بحالته تلك تتابعه كريمة خلسة بحزن، تعلم أن ربما قلبه تعلق بهما ولكن يجب عليها معالجة الأمر قبل تفاقمه أكثر..!
+
اقتربت وهي تحمل فنجانين من القهوة متمتمة:
قاعد لوحدك ليه ياعبودي.. عموما أنا عملتلك قهوة بنفسي وقلت أجي نشربها سوى!
+
استدار إليها باسما: تسلم ايدك يا ماما..!
والتقط ما تحمل ووضعه فوق الطاولة القريبة فقالت:
تعالى نقعد نرغي شوية على مايجي ابوك..ثم تلفتت حولها مغمغمة: جميلة أوي المرجيحة دي!
لم يعلق فواصلت وهي ترمقه بحنان: تعرف ياعابد.. أنت طالع لجدك الله يرحمه.. كان حنين ومرح زيك ويحب يسعد اللي حواليه وجوده كان بيفرق في أي مكان.. واستطردت بنبرة ذات مغزى: عقبال ما تعمل الحاجات الحلوة دي لابنك اللي من صلبك يا عابد!
+
هز رأسه: إن شاء الله يا ماما..!
فواصلت وهي تعزف على ذات الوتر: امتى يجي اليوم واشوف عيالك انت واخوك واختك واطمن عليكم!
+
ربت على كتفها: كله في وقته يا أمي بس دعواتك ربنا يوفقنا.. ثم همس: وينولنا اللي بنتمناه!
_ اللي هو إيه؟
+
تساءلت سريعا، فقال: مش حاجة معينة بتكلم في العموم يا ماما..!
تنهدت ثم قالت: طب أنا عايزة اكلمك في موضوع يا عابد.. طلب ونفسي تحققه!
_ خير يا ماما طلب إيه؟
+
استجمعت الكلمات ورتبتها بعقلها ثم هتفت: نفسي اجوزك وافرح بيك.. انت مافيش حاجة ناقصاك ولا تمنعك.. لو وافقت اختارلك بنت حلال على ذوقي هجيبلك واحدة الكل يحكي ويتحاكى عنها.. انت تستاهل حورية من الجنة على طيبة قلبك.. عشان كده نفسي انا اختارلك بنت الحلال.. ها إيه رأيك يا حبيبي؟ ثم استأنفت بحماس: ولعلمك قلت لابوك وقال هو كمان نفسه يفرح بيك اوي!
+
ظل صامتا ينظر لها نظرة غامضة، فعادت تستأنف حصارها العاطفي عليه: يزيد انت عارف حكايته وقلبه اللي اختار غلط ولسه غرقان في توابع اختياره وبيحاول ينسى.. مش دايما القلب بيبقى صح يا عابد ساعات بيهلك صاحبه ويعذبه.. خليني انا اختارلك واحدة كويسة وواثقة انك هتحبها بعد كده لأن هتكون فيها مميزات كتير..!
+
هل تلمح والدته لشيء بعينه؟
هل تدرك مشاعره الخفيه تجاه زمزم وتريد إبعاده؟
لا يعرف..ربما.. وفرضا هي تعلم هذا لا يضر ولن يخفيه كثيرا.. هو فقط يحتاج توقيت مناسب لإعلان الأمر..معركة تحريرها من وهم زياد لم تبدأ بعد.. الطريق طويل لبلوغ أخره وعليه الصبر والتكتم.. لذا أخذ نفسًا عميقا وقال:
+
_ أنا عارف ياماما انكم عايزين تفرحوا بينا وعارف انك خايفة اعيد تجربة اخويا يزيد.. بس انا افهمك حاجة.. مافيش حد شبه التاني.. ولا تجربة زي التانية.. والأفضل اني اما ارتبط بواحدة أكون مقتنع.. واكون اصلا جاهز نفسيا للخطوة دي.. وانا حاليا مش جاهز والفكرة بعيدة تمام عن ذهني.. أوعدك لما انوي هعرفك برغبتي.. لأن وقتها هكون اختارت فعلا!
+
رمقته بحزن حقيقي وغمغمت: يعني مش عايزني اختارلك عروسة على ذوقي؟
+
هناك أمور تحتاج الحزم ولا مجال فيها للخواطر لذا همس بنبرة قاطعة: لأ... أنا محدش هيختارلي اللي هتجوزها.. أنا اللي هختار لما ربنا يريد وتيجي اللحظة المناسبة!
+
تجعد وجهها وخَبُتَ حماسها الذي كان قبل لحظات لرفضه، فهمس بعد أن لمس خيبة أملها لرفضه: ماما مش عايزك تزعلي مني.. بس انا من حقي ان اتولى انا الأمر ده في وقته لأنه يخصني انا بالدرجة الأولى.. ثم مازحها ليلغي أثر العبوس بملامحها: وبعدين انتي نسيتي الزئردة جوري؟ دي اللي لازم نطمن عليها.. بنتك هبلة ولازم تدعي تتجوز واحد يتقي ربنا فيها..!
+
استطاع جذب ذهنها باتجاه أخر فنكزته بكتفه: عيب ماتقولش على اختك هبلة دي زينة البنات ومافيش منها اتنين وقلبها زي الملايكة ومش هجوزها غير لأبن حلال يصونها..!
+
ابتسم وضمها إليه ولثم رأسها:
ربنا يحفظك لينا يا ماما.. لعلمك انتي هتبقي حمى زي العسل.. بس صحيح جوري هتيجي من القاهرة امتى.. بنت اللذينا سايبة فراغ!
+
_ هتقضي اجازة الصيف كلها مع بنت خالتها واخوك.. وابوك قالي سيبيها تغير جو، ما أنت عارف غلاوتها عنده، كفاية تعمله تليفون وتتسهوك وتدلعه وتقوله دومي عشان يوافق على أي حاجة تطلبها..!
+
ضحك متمتما: وهي لئيمة لتعرف تستغله كويس.. يلا براحتها اهي حتى تجنن ياسين في الشركة شوية.. أنا أصلي قبل ما نرجع المنصورة وصيتها عليه تطلع عينه وظبطت معاها كام مقلب تنعنشه بيهم أحسن الواد ياخد علي كده ومانعرفش نخضه بعد كده!
+
هتفت باعتراض: اقسم بالله حرام عليك انت واختك اللي بتعملوا في ابن اختي ده.. انتوا مفتريين!
ضحك وقال: يستاهل.. إنتي فاكراه ملاك؟ ده واد سهونة بيعمل فينا مقالب شياطين واللي بعمله فيه ده قليل!
+
تثائب ونهض هاتفا: هسيبك واطلع انام شوية يا ماما.. وقبل أن يرحل استدار ثانيا وهمس لها : صحيح يا ماما هو حضرتك مش بتزوري طنط عبير من وقت ما راحوا بيتهم؟
رمقته برهة ثم أجابته: زورتها من يومين وبكلمها يوميا وبطمن عليهم ماتقلقيش امك مش بيفوتها الأصول!
أومأ لها وعاد يهمس: على فكره طنط عبير طيبة أوي وبحسها تشبهك في حاجات كتير..!
_ وانا بعزها والله وماشوفتش منها حاجة وحشة، انا بس سايباهم براحتهم شوية عشان هما بيكملوا تظبيط البيت مش عايزة اتطفل..!
هز رأسه متفهما ثم استأذنها لصعود غرفته.. أما هي فظلت تنظر لأثره بشرود.. لم تحقق هدفها بنيل موافقته على الزواج.. لكن يمكن تحقيق ما تريد بطرق أخرى كثيرة لن تعدمها.. وتعلم ماذا ستفعل!
___________________________
+
_بقولك ايه يا أحمد.. إيه حكاية الأخت عطر؟ بتبصلي بصات غريبة وكل اما اكلم يزيد ولا اهزر معاه احسها هتولع فيا.. وانا مش عايزة اعمل عقلي بعقلها وإلا انت عارفيني طايرة مني وممكن اخربها..!
+
ضحك بمزاح: أهدى يا وحش البت مش قدك.. اصلك مش فاهمة الفولة!
+
أمونة بامتعاض: فولة؟ انت اتغيرت خالص يا باشمهندس
+
تمتم ضاحكا: والله انا ابن ناس وكويس، بس الواد ياسين بهت عليا شوية.. اما بنتقابل بعد الشغل بيقلب كائن شعبي وبلقط منه بعض المفردات لا مؤاخذة
+
_ لامؤاخذتك معاك يا باشمهندس.. المهم فهمني بقى حكاية عطر دي إيه!
+
_ عطر ياستي بدون تفاصيل بتغير على صاحبنا!
+
_ صاحبنا مين؟
_ يزيد يابنتي!
_نعم؟ بتغير على يزيد؟ وده معناه إيه بقى؟
_إيه يا أةونة ده انا بقول عليكي ذكية، ماهي واضحة ياعبقرية.. بتغير يعني بتحبه.. والبيه صاحبنا في البلالا خالص ولا واخد باله ولا فاهم حاجة"
+
_ وانت اللي لقطتها لوحدك؟
+
_ طبعا لأنها واضحة.. بصي يا أمونة الحب والغيرة من أكتر المشاعر اللي بتفضح صاحبها.. انا من مجرد كلامه عنها عرفت انها شايلة مشاعر ليزيد تتخطى الأخوة والقرابة.. بس اما شوفتها هنا ولمحت نظراتها صدقيني معنديش اي شك انها بتحبه!
+
_ طب ويزيد ليه مش فاهم!
+
_ لأنه مش عايز يفهم يا أمونة.. بعد تجربته الفاشلة مع بنت عمه قفل على قلبه ورمى مفتاحه في بير غويط ومش بيفكر حتى يدور عليه.. يزيد حب بلقيس حب طفولة وشباب! ومعتقد ان رصيد مشاعره نفذ ومكتفي بشغله.. ده غير انه فقد الثقة ان حد يحبه بجد.. وده اللي هو مش بيقوله بس انا عارفه.. ياريته يجرب يبص لعطر بصة مختلفة، والله هيلاقي الحب اللي يستاهله!
+
_ تعرف انك طلعت عميق أوي يا احمد.. بخلاف موضوع الفولة ده!
+
مال برأسه وغمز لها بإحدي عينيه بمشاكسة فضحكت ثم استطردت بشيء من الجدية:
طيب انا المفروض اعمل ايه في القصة دي؟ أنا بتعامل مع يريد بعفوية زي ما بعاملك لأننا أصدقاء جامعة.. وكده هتضايقها بتصرفاتي بدون قصد.. وفي نفس الوقت لازم هتعامل مع يزيد عشان شغلنا.. احلها الأزمة دي ازاي.. دبرني يا وزير..! ولا اسيبلكم الشركة خالص؟
+
_ واحنا نستغنى عنك؟
+
ابتسمت لرده وهتفت: شكراً يا ذوق، طب قولي أعمل إيه؟
+
_ الحل عندي.. ثيري غيرتها
_ نعم؟ إزاي؟
أحمد: اتعاملي عادي مع يزيد عشان هو يشوف ويحس بغيرتها ويبتدي يبصلها بصة تاني..
أمونة: يعني انت شايف ان في جواه ليها مشاعر
_ أيوة في بذرة محتاجة تتروي وتكبر.. ..يزيد محتاج يرجع الثقة في نفسه تاني، لئنه بعد ما ساب بلقيس حس انه صعب يكون فتى أحلام البنات.. وعطر مهما عملت بيشوفها اخته وتصرفاتها نابعة من صلة القرابة بينهم ..دورنا انا وانتي نفتحله عنيه غصب عنه!
+
_ خلاص أوعدك اولع الدنيا عشان اتفرج واتسلى.. بس لو الست بيرفيوم عملت فيا حاجة انقذني!
+
ضحك معلقا: لا ماتقلقيش انا في ضهرك.. المهم ننجح في المهمة دي!
_ لا انسى واعتبرها خلصانة بشياكة.. مادام أمونة فيها هتنجح..!
+
رفع حاجبيه بدهشة: خلصانة بشياكة؟
هو مين فينا اللي اتغير.؟ انتي بتكلمي ياسين كتير؟!!
_____________________
+
انتي اتجننتي يازمزم؟! بتزعقي للولد وناقص تضربيه!
+
_ماهو جنني يا ماما.. من الصبح بقوله قول عمو عابد يعاندني ويقول بابا مش عمو..!
+
عبير باستنكار: وده سبب تعاقبيه عليه؟ ده طفل يابنتي بيعبر عن مشاعره حسب ما بتوصله مننا.. وماتنكريش إن عابد أكتر واحد من وقت ما جينا بيحبه ويلاعبه ويهتم بيه، عشان كده مهند اتعلق بيه وقاله بابا بشكل تلقائي!
+
_ لأ.. لازم يتعلم يقوله عمو.. مافيش غير بابا زياد وبس!
+
صمتت هنيهة وهي ترمقها بنظرة ثاقبة، وقالت:
هو فين زياد يا زمزم؟
+
تجمعت سحابة من العبرات بمقلتيها وهي ترمق والدتها بلوم،
فدنت الأخيرة منها وراحت تجفف دموعها وهي تغمغم بحنان: ابنك عمره ما هيستوعب اللي بتقوليه ده أو يفهمه يا زمزم، لو بعد الشر مهند تعب زياد هيقدر يكون موجود ويوديه للدكتور؟ لو عايز يلعب زياد هيقدر يلاعبه؟.. هيقدر يحضنه؟ سيبي ابنك يكون حر ويحب اللي يحبه وماتحرميش عليه مجرد كلمة هو حس بيها وقالها.. ماتحاسبيش طفل على براءة مشاعره.. هتخسري إيه لو قال لابن عمك بابا؟ بكرة يكبر وهيعرف مين ابوه ومين عمه ومين جده.. لكن دلوقت كل اما هتصممي تمنعيه، كل اما هو كمان هيعاند معاكي!
+
ثم ضمتها بين ذراعيها مستطردة: زياد الله يرحمه مش هيتنسي يا زمزم.. وجوده موصول في مهند ربنا يحميه.. مش محتاجة تثبتي ملكيته في ابنه..وانتي بلاش تحبسي نفسك في محرابه يابنتي.. الدنيا لسه قدامك لا عيشتي ولا دوقتي من حلاوتها حاجة..ربنا هيعوضك بأحسن من اللي راح وبكره هتكوني سعيدة في حياتك!
+
_ مافيش احسن من زياد يا ماما..هو نصيبي اللي أخدته في الدنيا ومافيش بعده حد تاني! حياتي لابني وبس!
+
تنهدت قبل أن تتمتم: سيبي كل حاجة لوقتها يا زمزم.. ربنا هو اللي في إيده كل شيء وعالم بالأصلح ليكي، ويلا بقى قومي ناخد مهند عند عمك ادهم ونقعد معاهم شوية!
+
_ معلش يا ماما مش حابة اروح، وخلي مهند معايا لأنه أصلا هينام.. !
+
هتفت بحزم: هاخد مهند لأن عمك قال واحشه وكلهم عايزين يشوفوه! لو انتي مش حابة تيجي خليكي براحتك! لكن ماتمنعيش الولد يروح هناك.. عيب يا زمزم!
+
أطرقت رأسها باستسلام دون التفوه بشيء! هي بالفعل تحاول منعه حتي لا يتعلق أكثر به.. لكن لا مفر من ذهابه!
تعلم أنها محاولتها منع مهند عن الذهاب هو جحود ونكران لكل ما فعله عابد لأجله، ومؤكد يفتقد وجود الصغير خاصتًا وهو يتجنب هو الأخر ان يأتي إليهما، تعلم انه غاضب منها لكن ماذا عساها تفعل وهناك شعور خفي داخلها تهابه، ولا تجرؤ حتى على وصفه أو النبش وراء طبيعته..هي أيضًا تعاند نبتة تعلق به من نوع أخر.. تعلق تكرهه ولا تريده ولن تعطي له مجالا أن ينمو ويبتلع ذكرياتها مع زياد ومشاعرها نحوه.. لن يحتل أحدا مكانته.. لن تسمح!
______________________
+
وجهها گ الطفلة شفت فرحتها وهي تنتقي لها هاتف گ هدية منه، ثم عرض عليها بعض الگفرات الأنيقة، وذهبا لمكان أخر وابتاع خط جديد، ساعده البائع على تفعيله داخل الهاتف واصبح جاهز للعمل!
3
_ مبسوطة بالتليفون الجديد ؟
_ جدا..!
_ الحمد لله ..كده بقى هنقدر نتكلم دايما ووقت ما اجيلك هعرفك.. ودلوقت هنروح نتمشى شوية في المول ونتفرج يمكن تعجبك حاجة تانية!
أومأت له وهي تطالع هاتفها بسعادة.. هديته الجديدة التي تخصه وحده..!
+
يراقبها وهي تعبث بأذراره وتمتم: تعرفي عايزك تعملي إيه كمان؟
رمقته بنظرة متسائلة فواصل:
زي ما هتكلميني ..تكلمي بابا تطمني عليه وتعرفي مثلا هيرجع البيت امتى.. تحكيله أي حاجة وتطمنيه على نفسك.. وكذلك مامتك لما تخرجي لأي سبب اتصلي بيها..!
هتفت ببساطة: ماشي!
+
رمقها برهة ثم غمغم بنبرة اعمق: عايزك تملي الدنيا بصوتك ووجودك يابلقيس مش عايزك تتداري وتنعزلي.. العالم بتاعك لازم يكون فيه ناس كتير غيري! والدك ووالدت واهلك.. واصحابك!..ماهو اكيد كان عندك أصحاب ولو حتى بنت واحدة تتواصلي معاها وتكلميها على تليفونك صح؟
+
تيماء!
+
مصادفة لا تحدث كثيرًا..!
نداء صدر من فوة شخص خلفهما لأكثر أسم تبغضه!
اسم هاجم دهاليز عقلها المظلمة وهيج أشياء راقدة بقبوه، أشياء ملتحفة بأكفان النسيان گ أجساد الموتى..
أشياء تُسقطها عمدا من الذاكرة!
لكن صياح مجهول خلفها بذات الأسم
كان كفيل بحرق حدائق السلام بحدقتيها
وتحويلها لأرض جرداء لا يتحرك بها سوى
لهيب حقد متراقص..تحفزت عروقها النافرة وتسارعت النبضات مع دقات قلب اشتعل بغل قديم وتجربة مازالت تحيا توابعها
+
التفتت للقيس بعين فقدت كل براءتها واحترق عسلها حتى صار أقرب للسواد وهي ترمق صاحبة الأسم بنظرة بدت گ الجمرة بمقلتيها الكارهة المتوعدة لصاحبته!
1
بينما ظافر مشدوهًا يتابع بذهول ردة فعلها الغريبة والتفاتتها السريعة ونظرتها الحادة القوية وكأنها تحولت لفتاة أخرى لا تشبه قط تلك الهادئة البريئة الضعيفة!
+
تُرى ماسبب تبدلها للنقيض؟؟؟
----------------------------------------
+