اخر الروايات

رواية خيوط القدر الفصل العشرون 20 بقلم سارة المصري

رواية خيوط القدر الفصل العشرون 20 بقلم سارة المصري


الفصل العشرون
نهض عمر من مكانه ليقص على ندى ما فعله احمد ابن السائق الذى كان يعمل لدى والد ادهم ، كان والده رجلا مسالما على عكس ولده تماما واعتبره والد ادهم صديق وليس مجرد سائق بل انه فى كثير من الاحيان كان يجلس الى جواره وليس على المقعد الخلفى كما هو المعتاد ، وقد كان عبدالرحمن الالفى من اكبر رجال الاعمال ليس فى مصر فقط بل فى الشرق الاوسط ولان للنجاح ضريبة كبيرة فقد حاول احد اعدائه التخلص منه بأن ارسل مسلحين لاطلاق النار عليه وافتداه سائقه بحياته ، اخبرها عمر ان من بعد الحادث رعى عبدالرحمن الالفى عائلة سليم رعاية كاملة وتكفل بهم حتى انه الحق ولده احمد الذى كان فى عمر ادهم بنفس المدارس حتى التحق بالهندسة فيما بعد ، صمت عمر للحظات واصل بعدها وصفه للكره الواضح الذى كان يكنه احمد لادهم رغم انه كان يحاول اظهار العكس وعلى الرغم من ادهم لم يسأ يوما له بأى شكل بل اعتبره من اقرب اصدقائه وعند هذه النقطة اوقفته ندى قائلة“ يعنى هما فعلا كانو اصحاب ”
استدار لها عمر قائلا ” ده اللى كان ادهم فاكره لحد ما حصل اللى كلنا مكناش مصدقينه ..حاول يقتله ”
انتفضت ندى من مكانها وقالت فى صدمة وبحروف مرتعدة ” يقتله ؟؟؟“
هز عمر رأسه فى حزن وقال“ انتى فاكرة الحادثة اللى ادهم عملها بعربيته من تلات سنين ؟؟...الحقير ده دخل لعب فى الفرامل بتاعة العربية ولولا ستر ربنا وتحكم ادهم في العربية كان زمانه راح فيها ”
كانت ندى تستمع الى الكلام فى دهشة وذعر ، حاولت ان تجد دليلا لا يدينه فهى تشعر ان ادانته تدينها معه فقالت فى ترقب ” يمكن ميكونش هوا ..“
اشار عمر بقبضته قائلا ” لا هوا ...كل اللى كانو موجودين شهدو انه كان اخر واحد خارج من الجراج ..ده غير الكاميرا اللى كانت موجودة وصورت كل حاجة ”
لم تستطع ندى النطق بعدها فواصل عمر وهو يتمشى ” تخيلى ادهم وقتها رفض يبلغ عنه ...قال انه ابن الراجل اللى فى يوم من الايام انقذ ابوه ومش ممكن يتسبب فى سجنه ”
جلست ندى بعد ان شعرت ان قدميها يغوصان ويغوصان فى الارض وامسكت بيد المقعد فى عنف حتى كادت اظافرها ان تغرس فيها وهى تغمض عينيها فى الم وفجأة فتحت عينيها وتذكرت ما زلزلها بشدة ، توقيت حادثة ادهم كان بعد حفلتها بيوم واحد ، هل كان هذا انتقاما ؟؟، هل كاد ان يقتله من اجلها بالفعل ؟؟، كم كانت ساذجة ، حبها الحقيقى كاد ان يدفع حياته من اجلها وبكل بساطة يسامح من حاول قتله ، وضعت رأسها بين كفيها وهى تتمتم دون ان يشعر بها أخيها ” حقير ”
******************************************************8
هبطت مرام درجات السلم فى بطء وهى تراقب سليم الذى كان يدخن فى عصبية وشراهة لم تعهدها منه ، وقفت الى جواره للحظات وهى تعقد ساعديها على صدرها فى تأفف من عدم انتباهه لها ، مدت اصابعها واختطفت السيجارة منه وهى تدهسها قائلة ” مش عادتك تدخن بالطريقة دى ولا بالكم ده ”
حاول ان يكظم غيظه من فعلتها تلك ولكنه لم يستطع فاخرج سيجارةاخرى واشعلها وهو يلقى بالقداحة على الطاولة فى عصبية فامتدت اصابعها من جديد لتخرجها من فمه وهى تقول ” سليم بلاش ” ، قاطعها فى عصبية لم تعهدها قائلا ” انتى اتجننتى ..انتى بتعملى ايه ؟؟“
اقتربت منه مرام اكثر وهى تقول ” مالك يا سليم ..عمرى ماشوفتك كدة ابدا ؟؟؟“
نهض ليبتعد عنها وقال فى تأفف“ مالى ..مالى ...من ساعة ما جبنا هنا وانتى معندكيش غير الكلمة دى ..مالى يعنى ؟؟..ما انا كويس اهو ”
امسكت بذراعه فى هدوء وهى تقول ” كل حاجة فيك متغيرة ياسليم ...حالك كله اتشقلب من ساعة ما جينا هنا ..اوعى تفكر بهروبك منى طول الوقت هتقدر تخبى ”
شعر سليم بأنها تقترب من افكاره وتزيح الستار عنها فخشى من نهاية هذه المواجهة فقال محاولا الفكاك ” الظاهر انى كانت غلطتى من الاول انى اقترحت عليكى تروحى لدكتور نفسانى ..بدل ما يعقلك ويساعدك جننك اكتر ”
ابتسمت مرام وهى ترفع حاجبها قائلة ” دكتور ايه ياسليم انا بقالى شهرين مبرحلوش ”
قطب سليم حاجبيه فى استفهام فواصلت بنظرة تحدى ” كنت بروحله عشان محتاجة ارجع مرام القديمة اللى تقدر تواجه وتفكر ولما قدرت ارجع مبقاش ليها لزوم خلاص انى اروحله ”
وضع يديه فى جيبه وقال محاولا تبديد ثقتها ” اانتى شايفة ان كلامك ده صح ؟؟؟، والدليل اهو ..انتى زى ما انتى نفس الكلام الفاضى اللى بتقوليه ”
اقتربت منه وقالت فى جديه وبابتسامة ” انا كلامى مش فاضى ..وانت نفسك عارف ده ”
وشبت على اصابعها قليلا لتصل الى اذنه وهمست فيها ” وانا دلوقتى يا سليم باديك الفرصة تحكيلى كل حاجة بنفسك وايا كان اللى خبيته انا هسامحك عليه ”
للحظات تاملها احمد فى تردد ثم قطع تامله بضحكة عالية قائلا فى تهكم ” انتى مصرة برضه تقنعى نفسك بحاجات من خيالك انا هعملك ايه ...“
ومال على أذنها مضيفا ” احسنلك تدورى على اى حاجة تشغلى بيها وقتك وبلاش جنان ” وامسك بذراعها وقال وهو يزيحها عن طريقه ” وبعد اذنك عشان عندى شغل ومش فاضى للكلام الفارغ ده ”
هتفت فى ضيق وهو يتجه ناحية الباب وقالت ” شغل من انهى نوع ؟؟“
لم يهتم بسؤالها ولوح بيده فى عدم اكتراث وهو يتجه ناحية الباب ، فجلست مرام على الكرسى تتابعه حتى خرج وهى تضرب على يد المقعد فى عصبية ، لا تعرف لماذا لا تواجهه ؟؟، ولماذا تكن له كل هذا الحب رغم يقينها بخيانته ، لماذا حتى بعد ان تخلت عن ضعفها ارادات ان تستثمر كل ذرة قوة بداخلها من اجل ابقاءه وازاحة اى شخص يحاول ابعاده عنها ؟؟حبه مرض حقا مرض لاسبيل ان تبرأ من اعراضه الخبيثة ابدا .
****************************************************************
انكمشت ياسمين فى فراشها اكثر وهى تضم ركبيتيها الى صدرها وتغمض عينيها كانها تحاول ان تطفىء مصباح التفكير المشتعل فى رأسها ، محاولة رسم ما سيكون وما يمكنها احتماله من عدمه ، حاولت بكل قوتها ان تبتعد عن عمر اسبوعا كاملا لتستطيع ان تاخذ قرارها بعيدا عنه وخاصة بعد ان استشعرت برفض امه الشديد لها ، رات بعينها اصراره الذى لاينتهى وكأن الامر لم يتغير فى شىء ، للمرة الاول ترى شخصا يريدها فى حياته بهذه القوة بعد ان نبذها اقرب الناس اليها ، شخصا يريدها فى حياته ليس رغبة او مرضا ، يريدها ويتمسك بها رغم ان العقل والمنطق يقولان غير ذلك ، وهاهى تقف للمرة الالف عاجزة عن تقديم اى شىء له فى مقابل ما يفعله ، بل انها ان اقدمت على خطوته تلك ستجعله يخسر والدته بالمقابل ليعانى من الم ضياع الاهل الذى تعرف المه جيدا ، فهل تستطع ان تذيقه اياه ؟؟، لقد حرمت الاب والام ولم تعرف معنى كلمة اسرة فى حياتها ورغم حنان خالتها الا انها التقطتها بعد ان اصبحت مجرد بقايا . وظلت على حالتها تلك حتى قابلته، معه نسيت الخوف الذى اعتادته مع كل البشر والذى حاولت اخفاءه دوما خلف قناعها المتعجرف ، الخوف الذى ظل يلازمها لللدرجة التى تمنت بها الموت لتتخلص منه ، ومع عمر تغير كل شىء فتصالحت مع الحياة واقبلت علها شيئا فشيئا ، تنهدت بعمق وهى تفكر وتتساءل هل بامكانها ان تخرج عمر من حياتها وتعود الى حياتها السابقة من دونه ؟؟، والرد كان واضحا الحياة من دونه ستكون اشد قسوة من ذى قبل بكثير ستكون كمن كان فى صحراء وكاد ان يموت عطشا وحين هم احدهم ان يسقيه جرعة ماء ووضعها امام عينيه وكادت ان تلامس شفتيه عاد فأخذها من جديد وسكبها امام ناظريه وتركه للعطش يقتله ، وهذا كان حالها فى الايام التى ابتعدت عنه فيها ، لم تغادر حتى فراشها ، كان عليها ان تقرر فلم يعد لديها الصبر ولا القدرة على الانتظار اكثر ، كان عليها ان تختار بين الموت والحياة ، لن تحتمل فقدانه بعد ان وجدته ابدا ، ربما كانت انانية فى قرارها ولكنها تحبه ، تحبه اكثر مما تتصور
****************************************************************
كان عمر جالسا فى غرفته يطالع بعض المراجع محاولا تشتيت ذهنه حتى لا يفكر فى ياسمين وما تفعله فى نفسها وفيه ، كان لايريد للغضب ان يسيطر عليه ، فقد ابتعدت فجأة ولم تعد ترد على هاتفها ، فقط ترسل له رسالة كل ليلة تطمأنه انها بخير ، وانها بحاجة الى وقت ، شىء من الحنق بداخله لايستطيع تجاهله ، الم يصل لها حتى الان حجم هذه المشاعر التى يكنها لها ؟؟، حتى الان لا تستطع ان تمنحه ثقتها ، نفض راسه عن افكاره التى ستقوده الى طريق لا يريده ، وعاد ليفكر فيها بطريقة اخرى ، نعم هو يعرف انها بحاجة لان يحتويها بحبه وحنانه ، كل ما تعرضت له فى عمر صغير يجعل طبيعتها مختلفة عن اى انثى اخرى ، انتزعه صوت رسالة على هاتفه من افكاره ، كانت رسالة ياسمين اليومية ولكن محتواها مختلف هذا اليوم ” عمر ..انا موافقة ” ، قفز عمر من مكانه فى سعادة وفى سرعة اتجه الى خزانه ملابسه ، وما ان فتحها حتى تذكر ندى عليه ان يخبرها ، لن يضيع لحظة واحدة بعد الان ، يخشى من تردد ياسمين وتفكيرها المستمر باكثر من منطق .
***************************************************
كانت ندى فى غرفتها تطالع بعض صورها مع ادهم ، يوما بعد يوم يغزل هذا الحب نسيجه المتشابك بداخلها ، لا يمكنها تخيل كيف مرت عليها لحظة لم تتنفس فيها عشقه وهو امامها ، تمنت لو محت كل هذه اللحظات من ذكرياتها ،شعرت بانها تحبه منذ ان جاءت الى الدنيا وكل ما مرت به لم يكن الاعنادا ليس أكثر ، كيف لاى فتاة ان تعرف ادهم دون ان تقع فى شراك حبه او تنبهر به ، لقد اصبحت تتخذ العذر لرنا وريهام ولاى انثى عرفته واحبته ، لو كان حبهن له ذنبا فقد اقترفته هذه حقيقة ، والحقيقة الاجمل انه يحبها هى ، يحبها ليس لانها تلك الدمية الجميلة ، كما ينظر اليها كل الناس بل انه تجاوز كل ذلك واحب روحها وعقلها وكيانها ، وضعت الهاتف جانبا وتذكرت ما اخبرها به عمر عن محاولة احمد الحقيرة للتخلص من ادهم ، حبيبها كاد ان يدفع حياته من اجلها ، كم كانت غبية ، كيف تخيلت فى لحظة انها احبت هذا الانسان ؟؟، ماذا وجدت فيه ؟؟، كذبه المستمر ؟؟، هروبه وتخليه عنها ؟؟، لم يكن الا محاولة للتمرد على كل شىء ، خطأ لن تستطيع ان تغفره لنفسها ابدا ، وتريد ان تخبر ادهم بالامر برمته، فلن تسمح لاحمد هذا بان يتسلل الى حياتها فى اى لحظة ويدمرها ، ضغطت على اسنانها فى قوة وهى تحاول اخفاء رغبتها الانتقامية فى تحطيم رأسه ، تمنت لو اتيحت لها فرصة فقط لتخبره انه احقر من رأت ، فقط لتخبره ان ادهم هو حبها الوحيد وزوجها الذى طالما تمنته ، قطع افكارها دخول عمر المفاجىء الى غرفتها ، كانت الابتسامة التى على وجهه كافية لتطمئن بالها بان ماجاء به خيرا وليس بشر ابدا ، مال الى الامام وهو يمسك بمقبض الباب قائلا ” باركيلى ياندى ”
نهضت ندى قائلة فى سعادة ” انت وياسمين ه..“
هز عمر رأسه قائلا ” ايوة يا ندى اخيرا ”
تعلقت ندى بعنق اخيها قائلة ” مبروك يا عمر ..مبروك ليكو ”
انزل عمر ذراعى ندى فى رفق وقال ” طب يلا اجهزى بسرعة مش عايزين نضيع وقت ”
رفعت ندى حاجبها فى دهشة قائلة ” انتو هتتجوزو دلوقتى دلوقتى ”
ضحك عمر قائئلا ” اه ..لحسن تغير رأيها تانى واحنا ماصدقنا..يلا غيرى هدومك وانا هكلم ادهم بسرعة يحصلنا على هناك ..وهجيب المأذون وهكلم واحد صاحبى كمان عشان يكون شاهد مع ادهم ”
أمسكت ندى بذراع اخيها قائلة ” حيلك يا بنى فى ايه ..ده كتب كتاب ...البنت ممكن متكونش عاملة حسابها على النهاردة ..ده انا كمان مش عارفة هلبس ايه ”
ربت عمر على وجنتها وقال فى ملل ” ندى ..البسى اى حاجة وخلصينى ده مش فرح احنا هنكتب الكتاب ع الضيق كدة دى رغبة ياسمين اصلا ” ، حاولت الاعتراض من جديد الا انه اختفى من امامها كالشبح ، ابتسمت لرؤية كل تلك السعادةعلى وجهه ، فكرت ندى فى شىء تضفى به عليهما نكهة الزفاف وابتسمت فى نفسها فقد وجدت الحل .
***********************************************
” هايل ياسيادة الرائد ”
قالها العقيد طلعت وهو ينظر الى ادهم الذى قال فى حياء ” ده شىء يشرفنى يا فندم احنا تلامذتك فى الاول والاخر ”
نهض طلعت قائلا وهو يضع يده يربت على كتف ادهم ” بصراحة اول ما جيت هنا افتكرت ان الموضوع واسطة ولما قريت ملفك وشوفت شغلك عرفت انك هنا فى المكان المناسب لقدراتك ” واشار بذراعيه قائلا ” واديك اهو بتثبتلى كل يوم انك ظابط مش عادى ”
نهض ادهم من مكانه وقال ” ياريت يا فندم اكون عند حسن ظنك دايما والخطة تكمل على خير ونقبض على المجرم ده ”
اشار طلعت بسبابته قائلا ” انا متاكد من ده يا ادهم ..الخطة اللى انت ماشى عليها متخرش المية ..وان شاء الله تنجح انت فى اللى مقدرش عليه زمايلك من كام سنة ”
قال ادهم فى ثقة ” ان شاء الله يا فندم ” واستئذن فى الانصراف وهو يجيب على هاتفه ليخبره عمر بما نوى عليه .
****************************************
ابتسمت ياسمين وهى تنظر الى نفسها فى المرآة بعد ان تركت نفسها للمسات ندى الرقيقة لتزينها ، احضرت ندى معها ثوبا رقيقا من اللون الابيض ، يتناسب مع حجابها ، ياسمين بدت جميلة بالفعل حتى انها امسكت بيد ندى التى همت ان تضع المزيد من الزينة قائلة ” كفاية يا ندى ”
قالت ندى غير مبالية بها وهى تقرب الفرشاة من وجهها ” انتى عروسة ولازم تتذوقى بلاش رخامة بقا ”
لا تدرى لما اثارت هذه الكلمات حنق ياسمين فاخذت الفرشاة من ندى وهى تقول فى غضب ” قولت كفاية ياندى ”
تعجبت ندى من ردة فعلها ولكنها تجاوزت ذلك مدركة بفطنتها ان هناك اشياء لا تعرفها عن ياسمين وبالتاكيد عمر وحده من يعرفها فقالت محاولة جعل الامر مزحة ” خلاص ياستى ..انتى اصلا حلوة من غير اى حاجة ..يلا بينا نخرجلهم ”
ارتجفت ياسمين وحاولت التنفس بعمق وتركت العنان للجزء السعيد بداخلها لكى ينطلق ويواجه مخاوفها وقلقها ، حثت نفسها على التفكير فى امر واحد فقط ، هى الان ستكون الى جوار الشخص الوحيد الذى احتواها واحبها ، الشخص الوحيد الذى احتمل كل متناقضاتها وقبلها بكل ما فيها ، بكل ما تحمله من ذكريات واوجاع تعجز عن حملها .
اما فى الخارج فقد وقف عمر وادهم فى الشرفة وعمر ينظر الى ساعته قائلا ” اتأخرو كدة ليه ؟؟“
ابتسم ادهم وقال ” متخافش مش هتطير هيا ”
تنهد عمر فى قلق ، ياسمين يخشى تحولها فى لحظة ، ولن يطمان باله حتى تصبح زوجته ، حينها سيكون لديه كل الحق فى البقاء الى جوارها حتى اون كان رغما عنها ، ولن يمنحها فرصة للهروب مجددا ، اخذ يدق على سياج الشرفة فى توتر وحاول التفكير فى اى شىء اخر ليخرج من توتره فقال ” عرفت ان احمد سليم رجع صحيح ”
نظر له ادهم فى اهتمام قائلا ” عرفت منين ؟؟“
ـ من ندى
قطب ادهم حاجبيه فى دهشة فهو لم يخبر ندى باسم احمد هذا ، ولكنه مالبث ان استوعب انه ربما قصت لاخيها ما حدث فاستنتج هو ، صمته اثار عمر فقال ” ناويله على ايه يا ادهم ”
هز ادهم كتفيه وقال فى لا مبالاة ” هكون ناويله على ايه ..لو عاوز اعمل حاجة كنت عملتها من زمان ”
هز عمر رأسه قائلا ” معاك حق خليه ي..“ وقطع عبارته وهو ينظر الى ياسمين التى خرجت بصحبة ندى ، كانت جميلة رقيقة مزهرة وهى فى ثوبها الابيض البسيط الذى اختارته لها ندى ، ابتسامتها الهادئة وخجلها زادها جاذبية ، لم يدر كم ظل هكذا يحدق بها الا انه استيقظ على وكزة من ادهم لكتفه ، اما ياسمين فقد تركت العنان لنفسها تماما فى هذه الليلة ، سمحت للسعادة لاول مرة ان تسرى بداخلها دون ان تخاف او تفكر فيما هو قادم ، رمقته بنظرة اعجاب خجوله وقد بدا وسيما فى حلته الانيقة ونظرة سعادة اطلت من عينيه طمأنت بالها.
تم عقد القران وتبادل العروسان التهانى مع ندى وادهم وعرضت ندى وقتها فكرتها عليهما وهى تحمل مفتاحا بين اصابعها قائلة ” ايه رأيك بقا ؟؟“
قطب عمر حاجبيه وقال فى دهشة ” ايه ده بقا ؟؟“
ابتسمت ندى وهى تدفن المفاتيح فى يده قائلة ” دى مفاتيح الشقة بتاعتنا فى اسكندرية الحاجة الوحيدة اللى متباعتش ولسة معانا هتروحو تقضو فيها شهر العسل ”
اغمض عمر عينيه للحظات وهو يتذكر هذه الشقة التى كاد ان ينساها تماما وما لبث ان فكر فى الامر قائلا ” مش هينفع اسافر واسيبك لوحدك يا ترجعى لماما فى بيت خالك يا اما ..“
قاطعته ندى وهى تقول فى ضحك ” يا اما ايه ..اسافر معاكو مثلا ..انت مجنون ولا ايه يا بنى ..وبعدبن انت ناسى ان فرحى كمان اسسبوع وورايا مليون حاجة اعملها ”
قالت ياسمين فى توتر ” انا كنت بقول ان كل حاجة تفضل زى ما هيا لحد ما فرح ندى يعدى ”
نظر لها عمر فى دهشة الا انها تجاهلت نظراته وحاولت ان تنطق فعاجلته ندى قائلة ” بقولكو ايه انت وهيا ملكوش دعوة بيا ” ووقفت الى جوار ادهم وتأبطت ذراعه قائلة ” وبعدين الراجل ده مش مالى عينيكو ولا ايه ..ما تقول حاجة يا ادهم ”
كان ادهم مشغولا فى تلك اللحظة وكأنه ينتظر مكالمة هامة ولكنه قال فى لهجة حازمة ” عمر سافر انت وملكش دعوة بندى ”
وضع عمر يده فى جيبه قائلا ” اسافر ازاى واسيبها لوحدها ”
زفر ادهم فى نفاذ صبر وقال ” على فكرة ندى مراتى وبخاف عليهااكتر منك ..ولما اقولك سافر وانت متطمن يبقا قاصد اللى بقوله يا عمر ”
وأمسك بكف ندى قائلا ” يلا احنا بقا نمشى ونسيب العرسان مع بعض ”
ثقة عمر الامتناهية فى ادهم انهت المناقشة فقالت ندى لاخيها ” هتسافرو دلوقتى ولا بكرة ”
هز عمر رأسه وهو ينظر الى ياسمين التى بدا عليها الارتباك قائلا ” اكيد بكرة يا ندى ”
تركت ندى يد ادهم وقالت وهى تضع يدها فى خصرها ” طب اوعو تطولو وتنسو فرحى اللى بعد اسبوع ده ”
ضحك عمر قائلا ” لا متخافيش هوا اصلا اسبوع اللى قدرنا ناخده اجازة من الشغل ”
ابتسمت ندى وقالت فى خبث ” يا حرام ده انتو مش هتلحقو ..“ جذبها ادهم من كفها فى هذه اللحظة وهو يقول ” يلا بقا ياندى كفاية غلاسة ”
نظرت اليه وهو يطالع هاتفه وعلمت ان هناك امرا ما يشغله فاستجابت له وسارت الى جواره وقبل ان تغلق الباب قالت وهى تلقى بقبلة فى الهواء ” اشوفكو بعد اسبوع ..تصبحو على خير ” وبمجرد ان اغلقت ندى الباب شعر عمر بارتجافة ياسمين المفاجاة فاقترب ليربت على كتفها الا انها ابعدت يده فى حدة وطالعته بنظرة لم يفهم لها معنا وتركته وذهبت الى غرفتها واغلقت خلفها الباب


الواحد وعشرون من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close