رواية الداغر الفصل الثاني عشر 12 بقلم اسماء الاباصيري
12- اعتراف
فتحت عيناها بهدوء ... تتحرك مقلتاها بسرعة .. تطالع المكان من حولها لتجده خالٍ تماماً من اى بشر ... فقط حجرة مظلمة تخلو من اى اثاث او اى دليل على وجود حياة بها ...... اعتدلت فى جلستها بخوف تقلب نظراتها بالمكان بحثاً عن اي شيء مألوف يطمئنها لكن بلا جدوى
+
لحظات حتى ادركت دخول احدهم الى الغرفة ... تحركت عيناها نحو الباب الوحيد الموجود بالمكان لترى شخصاً ببنية ليست بضخمة ... متوسط الطول ... لم تتبين ملامحه من شدة العتمة لكن مع اقترابه نحوها استطاعت التعرف على ملامحه ... هو نفس الشخص ذاته من ذاكرتها ..... ذاك المدعو عمر لكن مهلاً تبع دخوله شخص ما انحنى عمر له ومن ثم تقدم هذا الاخر نحوها حتى صار امامها مباشراً تبينت ملامحه فكان يبدو كرجلاً بالعقد الخامس من عمره ..... انحنى ليكون بمستواها قبل ان يمد يده فجأة يقبض على خصلاتها بقوة و يشد عليها هاتفاً
+
.............. : شرفتينا ..... انتي بقى الكنز بتاعه ...... حتة عيلة
+
نظرت نحوه بتساؤل لا تدرك ما يهتف به هذا الاخر ..... لحظات حتى استمعت تأوهات تصدر من جسد يرقد بلا حول بجانبها التفتت نحوه تتبين ملامحه بخوف و قلق ... شهقت بقوة فور رؤيتها له .... داغر يستلقي غارقاً بدماءه .... صرخت بقوة و التفتت نحو من كانوا برفقتها بالغرفة لمعاونتها على انقاذه لكن لا وجود لهم ... عادت بأنظارها بخوف تتفحص جسد داغر فلا تجده هو الاخر حركت عيناها بأرجاء المكان حتى تعلقت عيناها بمشهد اقشعر بدنها فور رؤيته ...... هى نفسها ... او ربما فتاة تشبهها بشدة تقف مسلطة سلاحها بوجهه ..... بوجه داغر .. فى حين يقف هو بلاحول ولا قوة يطالعها برجاء ...... ظلت تصرخ بتلك الفتاة ... بنفسها ... حتى تخفض سلاحها لكن فات الاوان فبنهاية اولى صرخاتها سقط جسده فوراً إثر رصاصة انطلقت من فوهة سلاحها لتصرخ
+
تاج : داااااااااغر
+
انتفضت من فراشها بأنفاس هائجة واعين متسعة ... تنظر امامها بفزع ومن ثم شعرت بأذرع تحيطها ... تقرأ على مسامعها ايات من القرآن الكريم اعتادت علي سماعها فور استيقاظها من كوابيسها اليومية
+
حركت انظارها حولها لترى كلاً من ريم و حنان معها بالغرفة .... ريم تجلس على فراشها منزوية على حالها تراقبها بصمت غريب فى حين كانت حنان تقرأ القرآن بصوت عذب لتهدئتها
+
مدت انامهلها تحيط بها عنقها بخوف ومن ثم حركت عيناها نحو حنان هاتفة بقلق
+
تاج : هو ايه اللى حصل ؟
+
تجاهلت ريم سؤالها و اكتفت بالصمت وسط نظرات غريبة لم تستطع تفسيرها اما حنان فلقد اكتفت بالاعتدال بجلستها لتردف بهدوء
+
حنان : مش فاكرة ايه اللى حصل ؟
+
حاولت تاج استدعاء اخر احداث مرت بها لتتذكر ما حدث مع رانيا ثم حديثها معها ثم ..........
+
اغروقت عيناها بالدموع لتنكس رأسها بخزى و ندم .... اشفقت الام على حالها ....هى نفسها لم تستطع استيعاب الامر بعد .... تلك الفتاة هى ابنة قاتل زوجها و والد ابنائها ...... لكن ما حال تلك الطفلة و هى تكتشف حقيقة والدها و كونه قاتل والد حبيبها
+
تنهدت الام بتعب و حيرة فور سماع بكاءها يشتد لتتفاجأ بعدها بريم تقترب منها تحتضنها ببكاء هى الاخرى وتهتف بين دموعها
+
ريم : ابوكي مجرم و قاتل... قتل ابويا و حرمنى منه .... مش بكره ولا هكره حد قد ما بكرهه ..... زاد بكاء الاخرى و كادت الام ان تتدخل لولا ان قاطعها صوت ابنتها تكمل...... بس انتي لا .... مش عارفة اكرهك ولا هعرف ... مش هعرف والله ما هعرف .... انتي اختى ... من ساعة ما قابلتك اول مرة وانا مش حاسة غير بكده ... ثم مدت كفها تمسح دموعها ومن ثم عاونت تاج بمسح دموعها هى الاخرى ...... كفاية عياط انتى ملكيش دعوة باللى حصل زمان .... انا اه عمرى ما هسامحه ولا هنسى اللى عمله .. بس انتي ملكيش ذنب ... ثم نظرت بحيرة نحو والدتها والتى كانت تبكى بصمت على حال الفتيات .... صح يا ماما مش كده ؟ هى ملهاش ذنب ؟
3
اومأت حنان بعذاب ومن ثم احتضنتهما معاً بحنو
+
حنان ببكاء : محدش له ذنب فى اى حاجة بتحصل .... حسبي الله ونعم الوكيل فى اللى كان السبب .... حسبي الله ونعم الوكيل ..... انتى ملكيش ذنب يابنتي ... ربنا مقالناش ناخد حد بذنوب حد تاني
+
زاد بكاء تاج فور سماعها لحديثهم لتشتد ذراع كلاً من ريم و حنان عليها ..... ظلوا هكذا لفترة ليست بالقصيرة حتى ابتعدت ريم وحنان عنها بعد التوقف عن البكاء لتردف تاج بتساؤل
+
تاج : هو ايه اللى حصل بعد كده ؟ اقصد مع رانيا و...... داغر
+
تنهدت حنان بحزن لتجيب
+
حنان : داغر الله يسامحه لما شافك اغمى عليكي اتجنن و شالك على الاوضة هنا وكلمنا الدكتور.... هو قال انه انهيار عصبي و اتطمنا ... بعد كده راح وقفل الباب عليهم مفيش ربع ساعة خرج وكانت عفاريت الدنيا بتتنطط قدامه والبنت ....... كانت خلصانة خالص
+
شهقت تاج بقوة
+
تاج : ضربها ؟؟
+
ريم وقد عادت لمرحها : ضربها ايه بس ... انتى مشوفتيش شكلها يا بنتى .. ده انا اللى اسمى ريم ومش بطيقها صعبت عليا ..... وكل اللى كان طالع عليها " اسفة يا داغر .... سيبني و اوعدك مش هوريك وشي تاني يا داغر " البت اتهطلت من غير ما يحط صباع عليها ..... بصى هو اخويا اه ... بس انا نفسي خفت منه لما شوفت وشه
+
تاج : طب وهى فين ؟
+
ريم : راحت فى دهية .... سيبك منها دلوقتى .. بعد اللى حصل مستحيل تفكر تلعب بديلها
+
تنهدت تاج بحزن و ضيق فحالهم ذاك هى سببه بل هى اساس حزنهم و ألمهم ... هم من لم تلقى منهم سوى الحنان والحب و الامان ..... وان كانو سامحوها فهى تدرك ان بداخلهم بمكان ما مازالو يستنكرون بقاءها جانبهم ... لكن ماذا عنه .... هل كان يدرك حقيقتها كل هذا الوقت ..... و سرعان ما ومضت فكرة ببالها ... ألهذا كان يرفضها .... يرفض تعلقها به و مشاعرها نحوه ... ايعقل ان سبب رفضه لم يكن لكونها هى نفسها بل علاقتها بقاتل والده
+
لا تعلم أتحزن ام تفرح لتلك الحقيقة .... لكن ما يهم بتلك اللحظة هو كيف ستكون علاقتهم بعد علمه بمعرفتها الحقيقة ..... هل سيظل على رفضه لها فقط ام سيُقدم على اخراجها من حياته نهائياً
+
فى حين كانت كلاً من حنان و ريم بعالمهم الخاص لكن كلتاهما اتفقتا فى شعور واحد .... تعلمان ان لاذنب لها بما فعله والدها ... يؤمنان تماماً بما سبق و تفوهتا به ... لكن بمكان عميق بداخلهم هناك جدار نشأ بينهم و بينها لكن سيحاولا عدم اظهاره لها فهى لن تقوى على شعور النبذ ذاك
+
اما هو فكان بطريقه الى المنزل بعد خروجه فور اطمئنانه عليها .... ظل يسير و يسر بلا وجهة معينة... فقط يفكر بها و بحالها بعد ادراكها للحقيقة ... يعلم ان شيء ما بها قد كسر ... لن تصبح كما كانت و قد ادركت نصف الحقيقة فماذا ان علمت انه كاد ان يكون هو الاخر قاتل والدها فقط تلك الرصاصة الطائشة هى من اخذت منه لقب قاتل تامر الحسيني ... حزين انه لم يكن من اخذ بتار والده و بنفس الوقت هناك جزء صغير بداخله فرحاً انه لم يكن قاتل والدها
+
تنهد بقوة وهو يدخل مفاتيحه بباب منزله ... انتصف الليل ليدلف الى الداخل فيجد المنزل غارق بظلام حالك .... تحرك بهدوء نحو غرفته لتتسع عيناه دهشة ... تجلس بهدوء على فراشه و يبدو انها كانت تنتظره لوقت طويل لم تنتبه لوصوله ..تنحنح بهدوء لترفع انظارها نحوه بحدة تطالعه بنظرات حزينة
+
داغر بجدية : احم ..... بتعملي ايه هنا ... خير فى حاجة
+
وجهت انظارهاً للاسفل ثم اعادت رفعهم نحوه ... ذفرت الهواء لتردف بحزن
+
تاج : مش عارفة المفروض اقول ايه فى وضع زي ده .... بس ..... تنهدت بحزن ....... آسفة هي الحاجة الوحيدة اللى فكرت فيها .... ثم اردفت و قد اوشكت على البكاء .... انا مش عارفة انت ازاى قدرت تستحمل كل ده وانت شايفنى قدامك لحظة بلحظة ... تستحمل قربي منك و .... اردفت بضحك وسط بكاءها .... و انى اقولك بحبك بكل بجاحة .. لا واطلب منك كمان انك تحبني ...... رفعت كفها تمسح دموعها بطرف منامتها ..... انا معرفش ازاى تم قتل بابايا لوالدك بس اللى اعرفه انك حقك تاخد بتارك بأى شكل و بما ان ابويا مات فأنا قدامك اهو تقـ...........
+
داغر مقاطعاً بقوة : اسمعيني كويس عشان دي اخر مرة هنتكلم فى الموضوع ده .... صحيح ان باباكي هو اللى قتلى والدي.... بس مش معنى كده انى ابقى انسان همجى و غبي انتقامه عماه عن انه يشوف الصح من الغلط .... انتى اه بنته و عرفت ده من فترة بس مش معنى ده انى انتقم منه فيكي .... اما بخصوص ... تنحنح بتوتر .... رفضى للموضوع اللى اتكلمتى فيه ده فهو عشان صعب جداً انى اربـ..............
+
قطع حديثه صوت طرقات على باب المنزل يليه صوت رنين الجرس بإصرار ..... فزعت تاج لهذا الصوت وتمسكت بذراعه بتلقائية .... مد كفه مربطاً على كفه آمراً اياها بالانتظار بالغرفة حتى يرى من ذا الذي يزعجهم بتلك الساعة المتأخرة
+
تحرك نحو الخارج تتبعه هى بقلق متجاهلة تحذيره فيرى والدته و شقيقته قد استيقظتا بفزع إثر الصوت
+
حنان بقلق : خير يا ابني مين هيجي الساعة دي
+
داغر : هشوف اهو خليكو هنا
+
تقدم نحو الباب يفتحه بتوجس ليجد امامه افراد الشرطة يقفون بثبات ..... زوى حاجبيه بدهشة فور رؤيتهم و هم بالحديث ليقاطعه صوت احدهم
+
الظابط : حضرتك داغر الاسيوطى
+
داغر بثبات : ايوة انا خير ...فى ايه؟؟؟
+
الظابط بقوة : حضرتك مطلوب القبض عليك بتهمة الانسة القاصر ... تاج
+
تجلس بمركز الشرطة تبكي بإنهيار على احداث نقلهم الى هنا و تفريقها عنه ... لا تدرى الى اين اخذوه فلقد افترقا فور وصولهم الى المركز لينقلوها الى غرفة صغيرة تحتوى على مكتب فارغ اما هو فأختفى عن انظارها تماماً ..... ظلت على هذا الحال فترة ليست بالقصيرة ... لتجد اخيراً شخص ما يدلف الى الداخل و يجلس خلف المكتب ينظر نحوها بإشفاق
+
الشخص : ممكن تهدي شوية عشان نعرف نتكلم و اساعدك
+
رفعت رأسها نحوه لينظر الى عيناها الباكية بحزن و اشفاق
+
تاج ببكاء : داغر فين ؟
+
الشخص : متقلقيش هو بعيد ومش هيقدر يأذيكي
+
زاد بكاءها ليتحرك هو و يلتف حول المكتب ليجلس بمقابلها هاتفاً بتوتر إثر بكائها
+
الشخص : ممكن تهدي ... من فضلك ... ثم صرخ بالعسكري بالخارج ........ هاتلى كوباية لمون حالاً
+
انصاع العسكرى لامره ليعود بعد دقائق محملاً بالليمون
+
الشخص : اتفضلي اشربي يمكن تهدي
+
امتثلت لطلبه و بعد دقائق هدأت بالفعل ليتنهد هو بإرتياح و اردف
+
الشخص : انا المقدم محمد ..... الشخص المسئول عن قضية خطفك .... ثم هتف بمرح ... دوختينا عشان نلاقيكي من القاهرة لهنا
+
تاج بدهشة : خطفي ؟
+
هم بالاجابة لكن قاطعه اقتحام احدهم للغرفة والذي ما كان سوى رامي يلهث بشدة
+
انتفضت تاج فور رؤيته لتتحرك نحوه هاتفة و قد عادت لبكاءها
+
تاج : رامي ... اخدو داغر معرفش راح فين .... عايزة اشوفه عشان خاطري
+
ربت على رأسها بحنو هاتفاً
+
رامي : هيحصل يا تاج .. متقلقيش
+
وقف محمد اتجاههم ليردف بتساؤل
+
محمد : رامي ... انتى تعرفيه ... ثم انت جيت امتى من القاهرة ؟
+
رامي بهجوم : مش وقته يا محمد ... ممكن افهم ايه اللى بيحصل هنا و ايه علاقتك بالقضية دي
+
محمد : القضية استلمتها من فترة و جالنا خبر ان حد شافها هنا مع المدعو داغر و زي ماانت شايف .... هو اللى كان خاطفها
+
همت تاج بالحديث ليقاطعها رامي يشد على ذراعها كإشارة منه لها بالصمت
+
رامي : طب ممكن دقيقة اتكلم فيها مع تاج
+
كتف الاخر ذراعه امام صدره و اردف بعناد
+
محمد : اسف بس مش مسموح ان اى حد يتكلم مع الضحية على انفراد
+
رامي : و اللى كنت بتعمله يبقى اسمه ايه ..... مش شايف مُحضر معاكم فى الاوضة يعنى عشان يكتب اقوالها
+
توتر الاخر ليردف بنزق
+
محمد : دقيقتين بالظبط و هدخل
+
رامي : مش عايز اكتر منهم
+
ثم خرج محمد تاركاً كلاً من رامي و تاج بمفردهم سحبها لتجلس على احدى المقاعد هاتفاً بجدية
+
رامي : تاج .... اهدى و اسمعيني عشان مفيش وقت ... داغر فى مشكلة بسبب غلطة عملها و الحل فى ايدك انك تـ.....
+
تاج بضعف : انى اقول انه مخطفنيش صح ؟
+
نظر نحوها بدهشة ليردف بتوجس بعد تلفته بالانحاء
+
رامي بهمس : بس هو خطفك
+
مدت يدها سريعاً تغطى بها شفتيه تمنعه من الحديث لتردف ببكاء
+
تاج : لا لا مخطفنيش ... متقولش كده ... كده هيخدوه منى و مش هشوفه تاني .. عشان خاطرى متقولوهمش كده
+
مد يده يسحب كفها من على فمه ليردف
+
رامي : معقول عايزة تساعديه و هو آ...............
+
تاج مقاطعة : عارفة عايز تقول ايه بس اللى عمله بابا فى داغر و انه حرمو من ابوه مش شوية ... عشان خاطرى خليني اعوض اللى بابا عمله و قولى ازاى اقدر اساعد داغر
+
رامي : طب اهدى اهدى ... خلاص مش هيحصله حاجة ... احنا متفقين انه مخطفكيش ..... بس المهم كلامنا يبقى واحد عشان نقدر نساعده ... اسمعيني .. انتى خرجتى معاه بإرادتك لانكم بتحبو بعض بس عشان مينفعش تتجوزو لانك قاصر فكنتى مستنية السنة دي تعدى و توصلي لل21 و بعدها تتجوزو ...... فاهمة
5
اومأت لتجيب
+
تاج : فاهمة .. بس لو سألو ليه مقالش ده و قفل القضية من الاول هنعمل ايه
+
رامي : متشغليش بالك بالموضوع ده .. انتى طول ما قولتى انك متخطفتيش فمش هيبقى فيه قضية اصلاً ... اما موضوع انه مقالش و سابهم يدورو عليكي ده يعتبر قضية اشغال سُلطات .... عقابها سهل و بسيط مكن يعدى منها اصلاً بسبب رتبته ومكانته .. المهم اللى قولته ده هتقوليه للمخفى اللى اسمه محمد ده ... تمام كده ؟
+
تاج : تمام
+
ومن ثم كان الامر ... تم اخذ اقوالها وسط دهشة الجميع و اعتراض من محمد لكن تم الامر فبقول الضحية انها ليست بضحية بل مسئولة عن افعالها لن يكون للقضية اى وجود
+
انتهت من المطلوب منها لتنظر نحو رامي و الذي اصر على تواجده معها وقتها
+
تاج : كده داغر هيمشي معانا صح
+
تدخل محمد للاجابة مقاطعاً رد رامي
+
محمد : لا لسة شوية ... لازم ناخد اقواله هو كمان وشوية اجراءات كمان
+
توترت تاج بشدة لتعيد النظر نحو رامي
+
رامي بجدية : و ده هياخد وقت قد ايه
+
محمد بعند : يومين
+
رامي بضيق : يومين ... ليه ان شاء الله ؟
+
محمد : انت عارف اجراءات بقى و غيره
+
تنهد بضيق ليلتفت نحو تاج فيجدها تراقبه بأعين دامعة .... ربت على يدها بحنو ومن ثم اردف
+
رامي : تاج .. يومين و هيخرج لنا بالسلامة ... نهدي لغاية اليومين دول ما يعدو
+
تاج بضيق : بس ........
+
محمد متدخلاً : انا رأيي من رأي رامي .. مفيش داعى لوجودك هنا ..... هو خلاص المحامى بتاعه اول ما يوصل هتتاخد اقواله و بعدها هيتحجز عشان بكرة نكمل تحقيق
+
رامي بجدية : وانا كلمت المحامى و هو فى الطريق ... رغم انه مبقاش له لازمة خلاص
+
محمد بجدية : الروتين بقى
+
اومأ رامي بتردد ومن ثم نهض ممسكاً بكف تاج بين يديه
+
رامي : يلا بينا بقى
+
اومأت على مضض ومن ثم تحركا كلاهما الى الخارج
+
اما هو فكان بغرفة اخرى محتجز بها حتى يحين موعد التحقيق ... ظل يدور بالغرفة بقلق و توتر ... هو هنا مقيد غير قادر على اخذ خطوة خارج الباب فى حين هى وحدها بالخارج ...... ساعة مرت عليه و هو بهذا الوضع يكاد يجن من مجرد فكرة كونها عرضة لأي خطر من اتباع طارق او ذاك .. ظافر البشرى
+
ضرب الحائط بقبضته بغضب ...... كان يكرر بإستمرار ان الامر متعلق بحمايتها فقط لحين ان يصل لشريك والدها او اياً كان من يهدد حياتها و وقتها فقط سيتركها لحال سبيلها ... ها هو الان لا يقوى على فراقها ساعة ... لكن هل هو قلق وخوف ام اشتياق لعين ...... ظل على هذا الحال حتى اتى محاميه بعد فترة يتلو عليه تعليمات رامي و ما قيل بمحضر الشرطة من اقوال ادلت بها تاج لتجعل من القضية لا شيء ... ليكره نفسه فوق كرهه لقلبه الخائن
+
قضى اليوم الاول بعذاب فاق عذاب لياليه السابقة حزناً على وفاة والده .... اشتياق .... خوف ... قلق .... امتزجو سوياً ليشكلو خليطاً من مشاعر ارهقته ...... بقى مستيقظاً وحيداً وسط المحتجزين ينظر من خلال النافذة الوحيدة الموجودة بالمكان ... يفكر بشرود ليردف محدثاً والده و كأنه ماثلاً امامه
+
داغر : كله عشانك يا والدي ... عارف ان مينفعش اربط اسمك بإسم ابوها .... تنهد بتعب .... بس انا تعبت ... ياريتها كانت زيه كنت قدرت اكرهها ... بس دي ...... دي ملاك ... حاجة كده مشوفتش ولا هشوف زيها ... كانت بتجيني فى الحلم بس و اتهوست بيها .... بقيت انام مخصوص عشان اشوفها ... كنت فاكرها ملاك انت بعتهولى عشان يريحنى من عذاب فراقك ... بس ... بس طلعت هى العذاب نفسه ...... يوم واحد و هي بعيد عن عيني و هتجنن ........ عمري ما كنت ضعيف .. حتى قدام امى و اختى .... عمرى ماحسيت بالضعف ده .... سامحنى يا والدي ... بس انا ... انا مش قادر ... وهى ملهاش ذنب
+
فى حين وصلت تاج الى المنزل بعد وصلة من البكاء كان من نصيب رامي الاستماع لها .... ذفر بارتياح فور وصوله للمنزل فها هو سيحظى ببعض الراحة ليقابله انهيار خالته و ريم قلقاً على داغر ... شرع بتهدأتهم و سرد كل الاحداث السابقة بما يتضمن انقاذ تاج له و نفيها لقضية الاختطاف نهائياً لتنظرا كلاهما نحوها بإمتنان... تشعر كلتاهما بالذنب لتحميلها مسئولية ما فعله والدها و ان كان الامر بداخهم فقط لكن ها هى تثبت خطأهم و تهدم بفعلتها تلك ذاك الجدار حديث العهد بداخلهم ليعودوا لكونهم اسرة واحدة دون اية ضغائن
+
مضى اليوم التالى لتصل بالصباح الباكر برفقة رامي الى المركز بعد اقناعه لحنان و ريم بالانتظار فى المنزل و سيأتى هو به اليهم بخير حال
+
كلهم بالغرفة ليتحرك محمد للخارج و قبلها طلب من احد العساكر احضار داغر من الحجز
+
لحظات حتى شعرو بأحدهم يدلف الى الغرفة ... تعلقت به الانظار لتنهض هى من مقعدها و سرعان ما تحركت نحوه ترتمي بأحضانه تبكي بشدة .... تفاجأ من فعلتها تلك لكنه احتواها بين زراعيه مربتاً على رأسها بهدوء
+
سمع تنحنح رامي ليرفع انظاره نحوه رافعاً احدى حاجبيه بدهشة
+
داغر : و انت ايه اللى جابك ؟
+
رامي : و ربنا انت ما عندك دم ..... حسبي الله ... يعنى متخانقين ومش طايقك و مع ذلك كنت مستحيل اسيبك فى الوضع ده ... انما انت مش بتحس
3
تنهد بتعب ومن ثم همس قائلاً
+
داغر : آسف
+
رامي بدهشة : نعم ؟؟ قولت ايه
+
تململت تاج بين احضانه لتبتعد عنه بهدوء ترفع انظارها هى الاخرى نحوه بدهشة
+
تاج بصوت ضعيف اثر بكائها : انت قولت ايه ؟
+
داغر بتأفف : ايه اطرشتو انتو الاتنين ... قولت اسف
2
تقدم رامي نحوهم ليردف موجهاً حديثه لتاج
+
رامي : جوجو .... سمعتي قال ايه ؟
+
اومأت بهدوء ليمسك الاخر به من قميصه
+
داغر : جوجو دي تبقى ......
+
رامي مقاطعاً : خااالتك .... امى تبقى خالتك فبلاااش احسن
5
تنهد داغر بتعب ليردف رامي
+
رامي : حمد لله على سلامتك يا صاحبي
+
داغر : الله يسلمك
+
رامي مبتسماً : اسيبكم انا بقى و اطلع اشوف الفقري محمد ده ... يا ساتر يارب عليه برود
+
تاج : بس هو طيب ... توجهت الانظار نحوها لتردف ببراءة ... اول مرة جيت هنا جابلى لمون عشان اهدي
+
رامي بضحك : و الله انتى اللي مفيش اطيب منك ... يلا هخلع انا
+
ومن ثم خرج تاركاً اياهم بمفردهم .... تنهد داغر بقوة قبل ان يسحبها من يدها ليجلس و تحلس هى بجانبه
+
داغر : عاملة ايه ؟ انتي كويسة ؟ حد جه جنبك؟
+
حركت رأسها نفياً
+
تاج : محدش عاملي حاجة .... وانت ... اخدوك فين ... قضيت امبارح و اول فين .. مرضوش يقولولى على مكانك لما سألتهم
+
ابتسم داغر لبراءتها تلك
+
داغر : ليه بحس انى بتعامل مع طفلة مش واحدة عندها 20 سنة
+
تاج : معرفش ... بس انا بتعامل بطبيعتي ... هو ده وحش ؟
+
داغر بإبتسامة : بالعكس ... دي اكتر حاجة بحبها فيكي
+
اتسعت حدقتاها اثر كلمته " اكتر حاجة" " بحبها فيكي " اي ان هناك اكثر ... بل هذا يعنى انه يحـ.........
+
تاج بدهشة : انت قولت ايه ؟
+
ابتسم لهيئتها تلك ليردف
+
داغر : قوليلي ماما و ريم اخبارهم ايه اكيد هيموتو من القلق بعد اللى حصل
+
تاج بقلق : اه صح ده انا نسيت خالص ... دول طلبو مني اتصل بيهم و اطمنهم عليك اول ما اقابلك ... استنى اطلع اقول لرامي يكلمهم
+
اوقفها داغر قائلاً
+
داغر : اقعدي بس تلاقيه كلمهم خلاص
+
عاودت الجلوس ليردف بجدية
+
داغر : قوليلي بقى ايه حصل بعد ما مشيتي من هنا ؟ حسيتي بحاجة غريبة او حد اتعرضلك ... اوعى تكوني خرجتى لوحدك
+
تاج بإبتسامة : لا خالص هما خدو اقوالى يوميها و قولتلهم انك مخطفتنيش و انى روحت معاك بمزاجى بعد كده روحت مع رامي و فضلت فى البيت و رامي كمان بات معانا عشان نطمن اكتر
+
نظر نحوه بصدمة ليردف
+
داغر بتساؤل : بتعملى كل ده ليه ..... ليه قولتيلهم انك جيتي معايا بإرادتك .... بعد ما عرفتى ان ابوكي قتل ابويا ... ده معناه اننا اعداء ولا يمكن نبقى فى جهة واحدة ..... ليه بتساعديني وانتي فى ايدك تأمنى نفسك مني
+
تاج : رامي هو اللى قالى ان دي الطريقة الوحيدة اللى اقدر اساعدك بيها ... ثم اردفت بجدية ..... اللى بابا عمله فيك مش شوية و حتى لو حاولت تنتقم مني مش هيبقى كتير قصاد اللى حصلك ... انا قدامك و عندي استعداد اعمل اى حاجة تطلبها
+
داغر بسخرية : احساسك بالذنب هو السبب
+
تاج بدفاع : لا ... مش ذنب .. انا اصلاً مليش ذنب فى اللى بابا عمله ...بابا اللى معرفش عنه حاجة ولا فاكرة شكله حتى .. انت كمان عارف كده والا كنت أذيتني بأي طريقة اول ما عرفت انى ابقى بنته ...... على العموم لو ده هيريحك ممكن تنتقم منى عادي ... بس بكررها .... استسلامي ده مش بسب احساسي بالذنب ... السبب انت عارفو كويس ... ثم اردفت بحزن ... و طبعاً بعد كل اللى عرفته فأنا مش مستنية اي مقابل من ناحيتك
+
ظل يحدق بها بشرود ... يتذكر حديثه بالامس مع والده ... حدث نفسه ... الى هنا و كفى ... يكفي عذاب و ألم ... يكاد يموت شوقاً لاحتوائها بين احضانه ... هى حقه ... قلبه ملكها و هى بأكملها ملكه و سيسعى لإثبات ذلك قريباً امام الجميع
+
داغر بتنهيدة و استسلام : انتي ازاى كده ... ملاك .... طفلة .. و ساعات بحس ان عقلك اكبر من عقلي ..... ثم تنهد و ابتسم ليضحك بعدها بعلو صوته .... نظرت نحوه بدهشة ليكمل بعد ان مسح على وجهه .......... خلااااص مش قادر .... كلامك دلوقتى و احساسي و انا بعيد عنك و لو لمدة يومين بس ... تفكيري ان احتمال حد من اللى كانو عايزين يأذوكي ممكن يستغلو وجودك لوحدك و يعملولك اى حاجة ... كنت هتجنن ..... خلاص مبقتش قادر استحمل اكتم جوايا ... انا واثق لو كان ابويا عايش و قابلك كان مش هيتمنالى غيرك ولو كنتى بنت مين
+
نظرت نحو بأعين متسعة و فم مفتوح ليردف بإستسلام
+
داغر : بحـ.........
+
تحركت سريعاً تمنعه من اكمال كلمته لتتسع عيناه هو تلك المرة و تهتف هى
+
تاج : لا لا ... مش هتقولها ... متقولهاش .. والنبي ماتقولها
+
ابعد يدها سريعاً ليردف بصدمة
+
داغر : نعم ... جاية دلوقتى و تقولى مش لاعبة لما دخلنا فى الجد
+
تاج بتبرم : لا طبعاً مش قصدي اللى فهمته
+
داغر : اومال ايه ؟
+
تاج: يعنى مش شايف احنا فين ؟ ومنظرى ... ثم نظرت نحوه ... ومنظرك ..... ده مش جو رومانسي خالص
+
رفع حاجبيه بدهشة ليردف
+
داغر : نعم يا اختى ... رومانسي ... اكيد البت ريم هى اللى ملت دماغك بالكلام الفارغ ده ... بقولك ايه سيبك منها ... مش بياكل معايا جو الرومانسية ده
+
كتفت ذراعيها تردف بحزن مصطنع
+
تاج : مليش فيه ... عايزة كلامك يكون رومانسي و حلو كده زي اللى فى الافلام يا اما زي ما انت قولت ... مش لاعبة
+
نهض من مقعده فجأة لتنظر نحوه بتعجب
+
داغر : طب ابقى شوفي بقى مين اللى هيعبرك
+
نهضت هى الاخرى لتردف سريعاً
+
تاج برجاء : لااااااا و النبي ... خلاص خلاص انا اسفة قولها دلوقتى ومش عايزة مكان رومانسي
+
تجاهلها تماماً ثم تحرك نحو الباب لفتحه و نادي على رامي ليدلف الاخر الى الغرفة و يراها تكاد تبكي لأمر ما
+
رامي : مالك يابنتي ... ايه اللى حصل ؟
+
داغر : ملكش فيه ... المهم اثناء ما الاجراءات بتخلص عايزك تروحها البيت ... همت بالاعتراض ليقاطعها .... وجودك هنا ملوش لازمة ولا حبيتي الجو فى القسم ..... ثم اعاد حديثه نحو رامي ...... خليك معايا انا و سيبك منها ... عايزك تخدها و تروحو و بعدين ترجعلى هنا تبقى معايا لغاية ما الاجراءات الزفت دي ما تخلص
+
اومأ رامي موافقاً ومن ثم اشار لتاج ان تتبعه
+
تحرك ليسير امامها فيخرج من الغرفة لتتبعه بصمت و فجأة وجدت من يمسك بذراعها يسحبها الى الخلف بقوة و يطبع قبلة على وجنتيها هامساً
+
داغر : بحبك يا تاجي
11
اتسعت حدقتاها و تلونت وجنتاها بحمرة الخجل و همت بالحديث لتجده يدفعها برفق لتتقدم نحو رامي مشيراً اليها بعدم التحدث
+
تحركت للتقدم نحو رامي لتضع يداها بخجل على وجنتيها و تسير دون وعى فى حين هو ظل يتابعها بإبتسامة على شفتيه اختفت مع اختفاء طيفها من امامه
+
.................
+
يتبع .............
+