رواية عزف السواقي الفصل العاشر 10 بقلم عائشة حسين
♡رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا♡الفصل العاشر
انحنى على ركبته اليمين يهتف بعينين متسعتين وصدمة سيطرت على حواسه«يا دكتورة»
حاول مدّ كفه ناحية وجهها لكنه تراجع ونهض، أتته الأصوات من الداخل مهرولة فانتبه لها، قبل أن يتحرك مفتشًا عن سببها وجد من يخرج عليه من الحجرة مرتبكًا مهزوزًا عينيه تدوران في كل مكان
ركض ناحيته يونس متوعدًا بشر، فركض الأخر في كل مكان دافعًا الآثاث ناثرًا له حوله، شتمه يونس وقذفه بأبشع الألفاظ
حتى حاصره في مكر وأمسك به في عداء، لكمه لاعنًا يسأل بغضب وهو يقبض على ملابسه ويطوحه في استهانة «أنت مين؟»
بكى الرجل ضعيف البنية متوسلًا في ذعر «أنا الدليفري كنت جاي أجبلها أكل ولقيتها كدا» صفعه يونس بقوة وهو يسأله بغضب مشككًا في قوله «وإيه دخّلك الأوضة؟» أجابه وهو يرتجف رعبًا وخوفًا بعينين تدوران باحثة عن مخرج ومهرب «كنت بجيب حاجة تفوقها»
هز يونس رأسه ساخرًا من قوله وهو يعاود صفعه ولكمه بكل ما أوتي من قوة وما امتلك من غضب «يا راجل جلبك طيب»
أشار الرجل ضعيف البنية مقارنة بجسد يونس القوي«والله حتى شوف أهو الطلب مرمي»
هربت نظرات يونس حيث يشير، فانتبه لتلك الفاقدة للوعي، سحبه جرًا لشقته ودفعه للداخل ثم صرخ؛ ليوقظ أخويه «رؤوف،طاهر»
أول من انتفض رؤوف بخوفٍ وقلق، ركض للخارج يسأل عن سبب نبرة استنجاده واستغاثته المخفية في حروفه، وجده يمسك بفتى لم يتعدى العشرين من عمره يطوّحه بقسوة.. دفع يونس بالرجل تحت أقدام أخيه قائلًا وهو يعاود الاستدارة لينقذ المُلقاة «اتهجم على الدكتورة» اتسعت عينا رؤوف على جسد الفتى المرتجف بصدمة تداركها سريعًا وسحبه بعنف ليقف أمامه.
فنال نصيبًا ليس بهيّن من غضب رؤوف ونقمته حتى سقط أرضًا تحت أقدامه يتوسل..
جاء طاهر وخلّصه منه بعدما حكى له رؤوف بإقتضاب عن ما حدث، فقام طاهر بتقييده وتركه ذليلًا يتوسل ويشحذ الرحمة.
اندفع رؤوف للشقة المجاورة، فتّش عنها فلم يجدها أو يجد أخيه، عاد لشقته وهاتفه يستفسر «أنت فين؟»
أجابه يونس «خدتها على أجرب مستشفى»
زفر رؤوف بضيق منهيًا الاتصال ليعاود الاتصال بالنجدة.. وتسوية الأمر حتى لا يتورط أخيه بأي شيء.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد مرور ساعة كانت تجلس منكمشة فوق فراش المشفى فاقدة للروح واهنة الجسد، تسأل الممرضة التي تتحرك حولها «مين جابني هِنا»
قالت الممرضة وهي تتأملها «واحد اسمه البشمهندس يونس»
هزت فيروز رأسها بفهم وصمتت مطرقة بحسرة متمنية داخلها لو انتهت حياتها
دخل رؤوف مستأذنًا بأدب فهزت رأسها ورفعت له نظراتها الذابلة تتابعه حتى وصل إليها «ازيك يا دكتورة سلامات» نطقها بابتسامته الخلابة وهو يغض بصره في أدبٍ وحياء، فأجابت بوهن«بخير» سألها رؤوف باهتمام « جادرة تتكلمي الضابط ياخد أقوالك»
انتفضت رافضة تهذي بقلقٍ وخوف «ضابط إيه؟ لا مش عايزة مشاكل لو سمحت»
رفع نظراته الجامدة يستفسر عن سبب رفضها فاضطربت قليلًا واشاحت في انهزام، حائرة وخائفة من أن يصل الأمر لوالدتها أو عمها «ممكن تسوي الأمر»
سألها بثبات ونبرة جدية يزينها الرفق والحنو «احكيلي لو سمحتي الي حصل بالضبط، وليه مش عايزة تبلغي»
نظرت إليه طويلًا والدموع تترقرق في عينيها الفاقدة للحياة، التقطت أنفاسها وقالت «أنا طلبت أكل وأنا بستلمه الولد اتهجم عليا وزقني ودخل، لما قاومته ضربني على دماغي بالطفاية»
تأثر رؤوف بما قالت وعاتبها بحنو «في حد يطلب الأكل في الوقت دِه يا دكتورة؟»
هبطت دموعها في حزن فلملمتهم، محاولةً التوضيح لكنها لم تجد إجابة تستر سوءات أفعال أهلها، بماذا ستجيبه أن عمها حبسها يومان خوفًا من أن تغادر وتنفذ تهديدها لولده، لم يتركها حتى أقسمت له أنها لن تفعل وتوسلته أن يتركها وحدها قليلًا لتهدأ فهددها بمرض والدتها إن تهورت، عادت بحسرة تجري في الأوردة جائعة، ذليلة، ومنتهكة الروح
ضم رؤوف شفتيه بأسف وتفهّم حين رأى نزاع روحها قال بلطف «طيب إيه يريحك وهنعمله؟»
قالت راجيةً «عرفت إنك محامي ممكن تسوي الموضوع بعيد عن عمي وعن المشاكل لو سمحت»
استغفر ثم قال بهدوء«لو سكتي عن حقك يا دكتورة الولد الي أذاكي ممكن يؤذي غيرك،لازم يتحاسب»
ارتبكت من منطقية قوله وصحته، حارت في أمرها وتشتت، ثبتت نظراتها على وجهه قليلًا وفكرت، تلمس فيه نبلًا وشهامة منذ رأته لو وضّحت القليل قد تنجو
«مش عايزة عمي يعرف يا متر»
أجابت باختصار بينما أفاضت عينيها، تأملها برهةً وهو يضم شفتيه أسفًا من جروح وجهها وكدماتها، تنهد بحزن قبل أن يسألها «طيب نوصلك مكان أو نتصلك بحد؟»
شكرته ممتنة له «لا شكرًا لحضرتك، هما سمحولي بالخروج؟»
أجابها «أيوة»
حاولت النهوض فنهاها بشفقة«خليكي لغاية ما تحسي إنك عايزة تمشي»
نهضت تكتم تأوهها قائلة «أنا كويسة عايزة أمشي»
رجاها بلطف وهو يستمع لصوت أذان الفجر «لو سمحتي اجعدي لغاية ما نصلي الفجر ونرجع نوصلك»
نظرت لعينيه بتردد وتوهة فاخفض بصره وشجعها « هنركبك تاكسي ونمشي وراكي اطمئنان»
ترقرت الدموع بعينيها من جديد متمنية لو كان لها أخًا أو قريبًا تحتمي به وتلجأ إليه ليصدّ عنها... عادت للفراش آمنة مطمئنة بعض الشيء شاكرًة لطفه فانصرف مستأذنًا وتمددت هي فوق الفِراش منكمشة متقوقعة حتى نامت من شدة الإنهاك والتعب.
بعد قليل عاد رؤوف وأخوته من المسجد، سأل عنها فأجابته الممرضة «نامت»
أشفق عليها طاهر فقال برقته المعهودة وحنوه البالغ ومراعاته لمن حوله «سبيها براحتها هنستناها مفيش مشكلة، لو صحيت دلوك ممكن متجدرش تنام تاني»
ربت رؤوف على كتفه مستحسنًا قوله، قبل أن يجلس الثلاثة متجاورين كل منهما في عالمه وأفكاره.
**********
بعد صلاة الظهر
ما حدث لم يربك دواخلها أو يزلزل أركانها فكيف يؤثر الزلزل فيما هو متهدم بالفعل، لا شيء سيسقط ولا يوجد مكان فارغ لخراب جديد، روحها منذ أمد تحت الأنقاض تلوّح طالبة الخلاص فلا تناله، فتعود لنومها من جديد كما أهل الكهف لكن دون راحة ، تحسست اصابتها متألمة، ما عاشته رعبًا اختبرت معظم أنواعه مع زوجها آلاف المرات، نادت الممرضة فأخبرتها بحسد عن ثلاثة رجال يتناوبون للسؤال عنها وانتظار استيقاظها، قطبت فيروز بغير فهم وغباء حاصر عقلها اللحظة، فأكملت الممرضة بغيرة وصفتها فيروز بالحماقة (تلت رجالة طول بعرض يشرحوا القلب هما دول مين؟ أخواتك؟)
عبست فيروز بنقمة وغيظ، تحركت من فوق الفِراش لا تجيبها على ثرثرتها ولا تهتم بإجابة اسئلتها بينما واصلت الممرضة التدخل دون توقف، انشغلت بأفكارها الخاصة حامدة الله أنها ترتدي ملابس مناسبة تسترها، لملمت خصلاتها متوجعة وسؤال داخلها يهوي كالمطارق (من حملها وأتى بها؟) شعرت بالخجل من مجرد تخيلها ان أحدهم فعل ذلك، وأنها كانت بين ذراعيه جثة.. ابتلعت ريقها وصمتت بقهر اعتادت تجرعه على دفعات متساوية منذ وعت، منحتها الممرضة حجابًا كبيرًا قائلة (الي اسمه يونس جابه قال أديهولك)
تجمدت مشاعرها اللحظة وصمتت تستمع باهتمام لثرثرة الممرضة وضعته فوق خصلاتها البنية وخطت ببطء فاستوقفتها الممرضة قائلة (استني هبلغ الاستاذ الي مستني)
لم تتوقف فيروز وواصلت بتجاهل الخروج حتى وصلت لباب الحجرة وفتحته لتصطدم به واقفًا يهتف بهدوء ونبرة جادة خالية من المزاح (تمام يا رؤوف سلام)
توقفت الكلمات في حلقه وتيبست حين التقت نظراتهما، طأطئت رأسها متهربة بسرعة والحرج يتملكها والخجل يربكها، عبس بضيق حين رأى كدمات وجهها الخضراء التي تبدو أثرًا لإعتداء قديم ، وضع هاتفه بجيب بنطاله وسأل (هتمشي)
قالت ومازالت تخفض رأسها في حرج شديد ابتلع قوتها (عايزة أمشي لوحدي)
أجابها والشفقة تتملكه تجاهها (متجلجيش رؤوف موصيني، هركبك تاكسي وهكون وراكي لغاية ما توصلي)
قالت وهي تقبض على أطراف بلوزتها وتشدها بإرتباك (مش معايا فلوس أول ما أرجع هبعت لك حساب المستشفى)
عبس بغير رضى وضيق من قولها وقال بحدة (مش عايز فلوس)
أغمضت عينيها ضائقة وعاجزة، مكسورة ومحرجة فتنفس بهدوء قائلًا برفق (متشليش هم حاجة براحتك) ثم حمحم متابعًا بمزاح (لسه بايع شوية كانزات مش خسارة فيكِ، النبي وصانا على سابع جار برضك) تقوست شفتيها بشبه ابتسامة مجاملة لقوله اللطيف ولمراعاته على غير العادة.
قال وهو يتقدمها في أدب (اتفضلي)
سارت خلفه بخطوات متباطئة فجاراها هو في بطئها شفقة بها ورحمة بضعفها همست متمنية أن يصله ولا تحتاج للتكرار(شكرًا)
ابتسم مُجيبًا دون أن يلتفت (الشكرلله)
أوقف سيارة أجرة وأشار لها فصعدت برفق ودعها ملوحًا ونظراته تغمرها بالطمأنينة
صعد سيارته وسار خلفها حتى وصلت، وصلت للعمارة فترجلت مترنحة، لكنها تماسكت وصلبت عودها مستندة على الباب... خطت ناحية العمارة فاستقبلها رجب بترحاب(ازيك يا داكتورة الف سلامة)
أجابته بإقتضاب ممزوج بوهنها وصعدت، شيعها رجب بسؤاله (محتاجة حاجة)
قالت دون أن تلتفت (لا)
بعد قليل وصل يونس وقف أمام رجب وأخرج من جيبه رزمة أوراق نقدية ومنحها لرجب، اتسعت عينا رجب ولم ينطق، قيدته المفاجأة عن السؤال والتعليق، فصدمه يونس بالتالي ( مرتك فين) حملق رجب فيه قائلا (به به مرتي؟)
تابع يونس بجدية (عايزها...) لم يكد يتم عبارته حتى هتف رجب في دراما (ليه كِده يا بشمهندز اكمننا فجرة، كله إلا الشرف) سخر يونس منه بغلظة (ما تجول البوجين دول وأنت بترجعلي الفلوس دسيتهم فجيبك ليه)
ارتبك رجب وقال بتلعثم متهربًا (ها...) ثم أجهش في البكاء الكاذب متظاهرًا بالضعف (دي أخرتها بعد خدمتكم العمر دِه)
تأفف يونس من أفعاله وقال ساخطًا (أنا مني لله)
خرجت زوجته من شقتهم ورمت السلام على يونس فوجّه لها يونس نظراته قائلا (أم حامد بالله عليكي اعملي شوية أكل حلوين ويرموا العضم للدكتورة واطلعي اجعدي معاها متسبيهاش)
حك رجب خصلاته المشعثة من تحت طاقيته الصوف في حرج مما ذهبت إليه أفكاره، تجاهله يونس وأشار (الفلوس مع رجب، انزلي جيبي الي تحتاجيه وهاتي فاكهة وعصاير)
قالت وهي تشير لعينيها (من عينيا يا بشمهندز)
عاد يونس لرجب ضرب على كتفه وقال بتهكم (متسمعش هندي كتير يا رجب هيبوظ أفكارك) قال رجب مندهشًا من سخاء يونس وكرمه غير المعتاد (واه كل دِه هتجيبه)
مال يونس وهدده (قسمًا عظمًا يا رجب لو خنصرت منها لهتشوف سواد)
قال رجب ضاحكًا بحرج (من متى أنا بعمل كِده)
سخر يونس منه كاشفًا له (عليا أنا برضو ها...) تابع يونس مهددًا (أبجا جيب فاكهة تنّين تاني يا رجب من فلوسي وأنا هجبلك تنين حقيقي يحرقك)
ضحك رجب بسماجة موضحًا له (فلوسك حلوة يا بشمهندز وعزيزة فبجرب مجايبها..)
ضحك يونس بسماجة مقلدًا له متهكمًا من قوله ليتوقف رجب ويقول بخبث (شكل الدكتورة غالية على كِده؟)
ارتبك يونس من قوله وخبث نبرته ونظراته لكنه قال (لو كنت مكانها مكنتش هستخسر فيك ادعي بجا ينولهالك ربنا)
تأفف رجب وتراجع في ضجر قائلا (فال الله ولا فالك يا بشمهندز)
ابتسم يونس وتركه قائلا (يلا جول لمرتك متتأخرش عشان تطلع تجعد معاها)
**************
«بقنا»
رتّبت هدى ملابس صغيرها ومسدتها بكفها آمرةً بحنو بعدما قبلت خديه «روح ألعب يلا وخلي بالك من هدومك»
أومأ الصغير بطاعة وخرج راكضًا فاستدارت هدى باحثة عن والدتها مناديةً وهي تصعد الدرج «أما.. أما أنتِ فين؟»
خرجت والدتها من أحدى الحجرات متثائبة «صباح الخير يا هدى»
أجابت هدى بابتسامتها الدافئة «صباح الخير يا أما» اتجهت هدى ناحية مطبخ بدائي قديم في نهاية الصالة الواسعة، تأملته مرتبة في عقلها ما ستبدأ به من تنظيف وترتيب، يتكون المطبخ من طاولة صغيرة يعلوها ثلاثة رفوف منظمة بعناية، وجوارها موقد وبجانبهما خزانة من الخشب تعلوه رخامة يتوسطها حوض.
بدأت هدى في ترتيب المكان وتنظيفة قائلة بنشاط «اعملك حاجة تشربي يا أما»
قالت والدتها وهي تجلس أرضًا في تعب «اعمليلي كوباية شاي بلبن واعملي لأختك زيها»
قطبت هدى والتفتت تسألها وهي تمسك بقطعة قماش بالية «أختي مين؟»
تنفست والدتها بقوة قبل أن تجيبها بحزن قبض قلبها منذ رأت آيات «آيات جوه»
سألت هدى بقلق سيطر عليها «إيه جايبها بدري كِده؟»
أجابت والدتها بتنهيدة حزينة «والله ما عارفة جات امبارح ومن ساعتها جافلة على نفسها ومبتتكلمش»
ابتلعت هدى ريقها وشردت في مكالمتها فتملكها الذعر، استدارت خائفة من سؤال آيات والذهاب عندها، قلقة من العواقب وقولها، صنعت لهما كوبين منحت والدتها الشاردة بهمّ واحدًا وذهبت بالأخر لأختها، طرقت الباب ودخلت ترسم على ثغرها ابتسامة مهزوزة الثقة، وجدتها جالسة فوق الفِراش الواسع تحت نافذة واسعة تطلّ على شرفة المنزل، شاردة، كئيبة المنظر، بللت هدى شفتيها بخوف قبل أن تخطو تجاهها مُرحبة «ازيك يا آيات»
رمقتها آيات بنظرة حادة زاجرة وأعادت عينيها من جديد للنافذة في غضب، وضعت هدى الكوب جوارها في صمت واستدارت لتخرج لكن سؤال آيات أوقفها مكانها «أنتِ حامل؟»
استدارت هدى وأجابتها بإبتسامة مشرقة «أيوة»
رمقتها آيات بنظرة هازئة محتقرة ضايقت هدى وأزعجتها، نهضت آيات في تحفز واقتربت منها في توعد متسائلة بغضب مكتوم «مجولتليش ليه؟»
سألتها هدى «مين جالك؟»
أجابت آيات وفمها يلتوى تهكمًا «رؤوف»
قطبت هدى في حيرة وسألتها بدهشة «مين جاله؟ »
بضحكة مبتورة تقطر سخرية قالت آيات «جوزك»
مطت هدى شفتيها وقالت «غريبة مجالش يعني؟»
دفعتها آيات من كتفها في قوة وهي تصرخ من بين أسنانها «بتستعبطي ها؟ تكونوا جايلين له وتسبيني أكدب عليه»
أغمضت هدى عينيها لبرهة مسيطرة على غضبها تكتم توجعها من دفعتها في القلب متبرئة من اتهامها لها«معرفش إنه جاله كنت نبهتك»
هتفت آيات بعصبية وهي تواصل دفعها للخلف في هجوم «جوزك العاجز بيتباهى ها؟» خلعت هدى عنها رداء الصبر وصرخت توقفها عند حدها، فحين يتعلق الأمر بزوجها ينتهي كل شيء «آيات اتكلمي عنه بأدب »
صرخت آيات بجنون فاقدة السيطرة على انفعالها «أدب إيه؟ خربتي بيتي يا هدى أنتِ وجوزك؟ استكترتوا عليا النعيم والراحة وأنتوا متلطمين وملاجيينش تاكلوا؟ هيديكم إيه رؤوف بتتلزجوا فيه؟»
فغرت هدى فمها بصدمة قبل أن تصرخ فيها بثورة وتدفعها هي تلك المرة بغضب «أنتِ الي خربتيه بأنانيتك وطمعك، جوزك مخدناش منه حاجة ولا عايزين منه أو من غيره»
وقفت آيات أمامها بصلابة ملامحها تتهكم ونظراتها تمزق ولسانها يبتر « كان ساكت ومبيسألش جوزك هو الي قومه عليا وخلاه يدور ورايا ويعرف ويعمل الي عمله، بيتباهى جوزك بالخلفة طب يشوف نفسه الأول»
صفعتها هدى بقوة وهي تحذرها بشرر يتطاير من عينيها «جولتلك إلا مؤمن يا آيات أنا أجطّعك ومتتهزليش شعره، أسامح وأعدي فحقي بس حقه أخده وقتي»
وضعت آيات كفها فوق خدها بصدمة وفزع، لا تصدق ولا تستوعب ما فعلته أختها الصغيرة وتجرأها عليه.. صمتت لا تنطق فتابعت هدى «بيت إيه الي اتخرب ها؟ ما أنتِ خرباه من زمان، مستكتره على رؤوف يفوق عيزاه علطول صابر وساكت يا جبروتك»
صرخت آيات بهستيريا منهزمة مغلوبة «أنتِ مالك؟ كنتوا سيبوني فحالي»
وازتها هدى صراخًا بعدما تعملق غضبها «محدش جه جنبك أنتِ عايزة تلبسينا مصايبك ليه؟ مكفكيش سنين طويلة ظلم لرؤوف وتدفعّيه تمن غلطتك، هو كل ما تغلطي ولا تأذي تحمليها لغيرك»
اتسعت عينا آيات وصمتت مرتجفة الفؤاد، التقطت هدى أنفاسها وتابعت بشراسة «أنتِ مش بني آدمه ولا بتحسي»
دفعتها آيات بكفيها للخارج وهي تقول «غوري من وشي والله لأخلي المليح بتاعك يرميكِ رمية الكلاب زي ما عملتي معايا»
تغاضت هدى عن تهديدها واستحقرته، قالت لا تطيع الدفع، تقف متصلبة الجسد في قوة وعناد «رؤوف عمل زي ما عملتي مع واد خالتك، فاكرة؟»
ارتجفت آيات برهبة من وقع الذكرى على نفسها، حملقت في وجه أختها التي تابعت
«رباكي على إيده وسبتيه، سافر واتغرب عشان يرضيكي واتخليتي عنه، جولتيله مش عيزاك ومسحتي السنين الي بينكم فثانية عشان مصلحتك مستغربة ليه رؤوف؟ كله سلف ودين.. بس الحق يتقال رؤوف واد ناس ومحترم صبر واتحمل كتير واداكي كتير مع إنك كنتي تستاهلي من زمان يرميكي»
صرخت آيات باكية بحرقة من قول هدى الذي زلزل كيانها وفتح جروحها المتقيحة، طردتها «أمشي يلا مش عايزة أشوفك»
جاءت والدتهما راكضة تستفسر عما حدث بينهما فقالت آيات بإنهيار «بتك خربت بيتي؟ فرحانة في الي حصلي»
رمتها هدى بنظرات مستنكرة محتقرة وغادرت لبيتها بينما تابعت آيات الصراخ بين أحضان والدتها بعجز وقلة حيلة والماضي تتتابع صوره في ذهنها.
**********
اندفعت لمياء تسأل عن مديرها بلهفة «أستاذ رؤوف جه »
أجابتها الأخرى بإنزعاج شديد «أيوه»
سألت لمياء بسرعة وهي تتجه ناحية حجرة مكتبه «طيب هدخله»
أوقفتها الأخرى بنداء حانق «لمياء الأستاذ قال محدش يدخله مشغول»
توقفت لمياء مستفسرة لا يروقها الأمر ولا يجد عند لهفتها لرؤيته قبولًا «عايزة أسأل عن حاجة مهمة» فتح رؤوف باب مكتبه فجأة وقف على عتباته ناظرًا إليهما باستفسار، تأملته لمياء بهيام وانشداه وهي تتقدم خطوة قائلة «حمدالله على سلامتك يا أستاذ»
ضيق حدقتيه وأجابها بابتسامة مجاملة «الله يسلمك»
استاء هو الأخر من تلك النظرة التي تحتضن بندقيتها، فضم شفتيه وسأل «خير في حاجة»
حافظت لمياء على ابتسامتها المتألقة في حضرته وقالت «أستاذ كنت عايزة حضرتك ف موضوع»
عقد ساعديه وسأل بجدية مُربكة قتلت ابتسامتها «هنا»
رفع حاجبه مستنكرًا سؤالها فابتلعت ريقها في حرج من نظرته وقالت «ليا واحدة صاحبتي عايزة تيجي تتدرب ممكن؟»
انقشعت جديته كالغيوم وأضاءت شمس ابتسامته من جديد وقال «الأستاذة بقت واسطة»
ابتسمت بخجل قطعه ظهور رامز العاصف «يا بوص الراجل إياه جاي يتفاوض تاني»
رحبّ رؤوف ببشاشة وانطلاق «يا مرحب ينور وإن جنحوا للسلم فاجنح لها»
أعاد نظراته للمياء قائلًا بفطنة «الأستاذة لمياء هتقعد معاه وتخلّص كل حاجة»
فتحت فمها ولم تنطق، بينما استهجن رامز قراره وعبس برفض«لمياء»
عاد رؤوف لمكتبه من جديد لملم أغراضه الشخصية ورامز خلفه يستفسر «حضرتك متقابلوش ليه؟»
خرج رؤوف من المكتب قائلًا «هي مرة وخلاص» قال رامز مقاطعًا «بس لمياء..
اتجه رؤوف للمصعد قائلًا «هتخلص متقلقش»
ضغط الزر وانتظر وعاد رامز لمكتبه متعجبًا من قرار مديره، لحقت لمياء بمديرها مرتبكة لا تقل عنه دهشةً «يا أستاذ» ضغط الزر ثانيةً قائلًا «نعم»
قالت باضطراب «دي مسئولية كبيرة»
أجاب لا يلتفت لها «أنتِ أدها»
فتح المصعد فدخله واستدار قائلًا وهو يضع كفيه بجيبي بنطاله «خلي صاحبتك تيجي ومعاها cv»
ثم لوّح لها بابتسامة قبل أن يغلق المصعد أبوابه، عادت للمكتب حائرة ومرتبكة من حجم المسئولية التي ألقاها على عاتقها، لا تعرف هل يختبرها أم يثق بها.. جلست خلف مكتبها شاردة، جاءت زميلتها ووضعت كفيها فوق مكتب لمياء ومالت تهمس «الراجل متجوز على فكرة»
عادت من شرودها قائلة بنظرة متحدية وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها«الشرع حلل أربعة»
فغرت زميلتها فمها من فرط وقاحتها وجرأتها فابتسمت لمياء بظفر بينما قالت زميلتها «بتهزري صح؟»
هزت لمياء كتفها قائلة باستهانة «لا خالص وحدة هنا وواحدة فقنا من حقه بعدين قادر يفتح أكتر من بيت»
رمشت زميلتها تستوعب ما تتفوه به فتابعت لمياء بضحكة ماكرة«ادعيلي بس أنتِ يعملها وهوافق فورًا»
وضعت مرفقها فوق المكتب وسندت خدها بكفها قائلة في حالمية وهيام «بس ياريت، دي تبقى أمي داعيالي»
قالت زميلتها بفظاظة «عايزة تخطفيه من مراته» دون خجل قالت لمياء متصنعة البراءة «لا خالص أنا عايزة النص بس» هزت زميلتها رأسها بضجر حقيقي وابتعدت عنها رافضةً أفكارها مستهجنة قولها. شيعت لمياء رحيلها بضحكة مستمتعة واستعدت بأفكارها للعمل ستنجح وتثبت له جدارتها.
*******
تمددت فيروز فوق الأريكة بتهالك، تتنفس تلك الأيام بصعوبة وتتحرك ببطء، دوار يلفها كلما أسرعت أو حرّكت رأسها بعفوية وعدم انتباه..
جلست زوجة رجب أسفل الأريكة قائلة «أجيب لك عصير يا دكتورة؟»
زفرت فيروز في ضجر قائلة «دي هتبقى خامس كوباية عصير يا أم حامد»
ضحكت السيدة قائلة «وماله عشان وشك ترد في الدموية»
ضحكت فيروز قائلة وهي تمسك برأسها في إنهاك وقد اعتادت مصطلحاتها الغريبة «أنتِ تقومي تروحي لولادك وتسيبيني»
استنكرت السيدة طلبها وقالت بجدية «لا يمكن أبدًا ده البشمهندز منبّه عليا مسبكيش وحدك وأبيت معاكي لغاية ما تجومي بالسلامة والأستاذ رؤوف كمان»
ابتسمت بامتنان حقيقي لعظم ما يفعلونه معها ومروءتهم وشهامتهم.
سألت فيروز «هما منين؟»
قالت السيدة سعيدة بالسؤال الذي سيفتح بابًا للثرثرة «من جنا»
سألتها فيروز باهتمام «تعرفيهم؟»
أجابت السيدة بتفاخر «عز المعرفة أحنا من بلد واحدة وجيران، ناس كُمّل » أيدت فيروز قولها «صح محترمين أوي وولاد ناس؟»
أكدت السيدة متفاخرة «متربيين جوي والأستاذ رؤوف راجل ولا كل الرجال»
مزحت فيروز قائلة «أوعي رجب يسمعك»
غطت السيدة فمها كعادة عند الضحك وقالت «مش هيجول حاجة ده بيعزه جوي، والله يوم ما تعب الأستاذ بيّت الليل صاحي على رجليه من خوفه عليه»
ابتسمت فيروز بتأثر نفضته سريعًا وقالت تستدرجها «بس البشمهندس مش زيهم»
ضحكت السيدة وهزت رأسها مؤكدة عدم تشاببه معهما معارضة كونه لا يشبههم خلقًا «لاه، بس هو طيب يطلع وينزل على مفيش ميغركيش الي بيعمله كلهم زي بعض وأحسن »
قالت فيروز بخفوت وهي تغمض عينيها مستسلمة للنوم الذي يداعب جفنيها ويثقلها بطاقته « ربنا يبارك فيهم ويخليهم لبعض»
استمرت السيدة في الثرثرة وفيروز تهز رأسها ممتنة لوجودها معها شاكرة صنيع الرجال معها، فلو سامحت يونس على أفعاله سيكون بسبب أنه وصى رجب بترك زوجته تؤنس وحدتها، منحها بشهامته ليالٍ من النوم المطمئن والراحة التي شحّت في صدرها ، منحها أمانًا لم تحسه يومًا وعزّ عليها،بعدما افتقدت أن تغفو آمنة مطمئنة لا تحمل همًا للغد ولا ترتب خططًا لتنجو.
***********
تتحرك غزل في الحجرة فاردة ذراعيها ترقص على نغمات موسيقى هادئة، مستمتعة لأقصى حد وسعيدة لأقصى درجة.. تحرك شفتيها مدندنة بلحنٍ خاص يليق بمزاجها
طنت كلماته في عقلها ورددها قلبها ، حفظتها عن ظهر قلب فأصبحت مشغولة بها، ظهر في خيالها فارسًا كما تتمنى ابتسم لها بجاذبية وشاركها رقصتها.. توقفت عن التخيل فتحت عينيها تغلق باب الخيال، توقفت تلهث رافضة التعلق بغريب لا تعرفه ولا تدرك لأي مدى يهتم بها وهل تشغله كما يشغلها أم مجرد رسائل عابرة أرسلها في وقت فراغه مواسيًا لها، ضمت جسدها بذراعيها وجلست مُفكرة، وضعت كفها فوق قلبها كأنما تمنع تسرّب المشاعر منه لأوردتها، تحبسها داخله وتقيدها بعصرة أناملها.
بعد قليل سحبت هاتفها وفتحته، تصفحت حساب طاهر وابتسمت، يبدو أن صديقها أخذ تهديدها على محمل الجد ومسح ما كتبه كما طلبت، راسلته قائلة «برافو يا صعيدي بتسمع الكلام»
كتب فورًا «عشان خاطرك بس لو حد غيرك مكنتش هعمل كِده؟»
ابتسمت بحنو وتقدير ثم كتبت «خلي بالك من نفسك يا طاهر وبلاش تهوّر»
أغلقت الصفحة وهاتفها قبل أن يجيب فأدرك فعلتها ولم يرد، احتفظ به له لنفسه.
********
رفع حامد هاتفه مجيبًا بابتسامة أمل «أيوه يا زين اخبارك عامل ايه»
أجابه الآخر بتثاؤب «الحمدلله بخير»
سأله حامد بلهفة «إيه موصلتش لحاجة؟»
هتف زين بخيبة «لا والله مفيش»
زفر حامد وصمت بيأس فهتف زين بضيق «مش قولنا نسيب الموضوع دا خلاص ما يمكن ماتت يا أخي فعلا»
أجاب حامد بحزن يعتصر الفؤاد «لاه متأكد مماتتش هربت ببتها»
تأفف زين من قوله وعارضه بتهكم «متأكد ليه ضربت الودع ولا مكشوف عنك الحجاب»
صمت حامد بصبر امتزج بكآبته فزفر زين مستغفرًا و ناقشه بهدوء «يا بني آدم ركز فحياتك البايظة دي بدل ما مشتت نفسك فكذا حاجة ملهمش لزمة، شوفلك بنت حلال تدلعك وتربي معاك الواد»
قال حامد بإحباط وخيبة «ألاجيها فين بت الحلال دي أنا كرهت الصنف كله»
صارحه زين بغمغمة بائسة «هو يتكره والله بس نقول إيه شر لابد منه»
ضحك حامد قائلًا «بتوطي صوتك ليه؟»
شتمه زين بهمس زاد من ضحكات حامد ليقول زين بعدها بصوت عالٍ «الجواز دا أحسن حاجة في الدنيا والله» تثاءب زين مرة أخرى فزجره حامد بحدته «إيه بتتاوب كل شوية محسود» تأوه زين قائلًا بحسرة «اسكت مش عارف أنام من زن العيال ولو مشيت أنام فمكان تاني ولا نزلت عند الحاجة القيامة تقوم»
سخر منه حامد «مش جادر على المدام يا زينو» صارحه زين بتنهيدة غرام وهو يطاردها بنظراته «لو أقدر على خصامها وبعدها هقدر على الباقي، لو عليا أرنها علقة محترمة يلا ربنا يتولاني»
قال زين مقترحًا بحماس «ما تجيب قاسم وتيجي تشوف العيال وقاسم يلعب معاهم ويتفسح»
حك حامد ذقنه قائلًا «هفكر»
شجعه زين بمرح«تعالى يمكن تعتر فبنت حلال ولا أقولك عارف الشيخ سليم حضرتله أنت مرة خطبه»
أجاب حامد محاولًا التذكر «أيوة فاكره ماله»
اقترح زين بحماس «عنده أخت سمعت إنها متجوزتش، ما تفكر؟»
تأفف حامد منزعجًا من قوله ثم قال وهو ينهي الاتصال «روح نام وسيبني فحالي هتشتغلي خاطبة؟»
ضحك زين قائلًا «هعمل إيه أهو أي خير يدخلنا الجنة،إلا قولي مش هتاخد قاسم عند أمك وأبوك»
نظر حامد للفضاء الواسع بحزن عتيق وقال «لاه شوية»
ناقشه زين معترضًا على قراره «حرام يا أخي خليه يعيش هناك في العز والدلع»
قال حامد بهدوء «هنا مش ناجصه حاجة»
ابتسم زين مؤكدًا قوله بيقين «عارف بس الواد هناك هيكون وسط جدوده يا حامد ودي تشيل ودي تأكل ودي تدلع»
أجاب باقتضاب «ربنا يسهل»
رن هاتفه فأنهى الاتصال مع زين بإستعجال «بيرنوا أها هرد وأرجع أكلمك تاني»
قال زين بتفهم «تمام بس فكر في إنك تجيب قاسم وتيجي»
ابتسم حامد واعدًا له «ماشي بإذن الله.. يلا سلام»
أنهى الاتصال وسارع بالإجابة على والدته بابتسامة واسعة ولهفة كبيرة.
**********
استأذنته لمياء الدخول فأذن الله مُرحبًا ببشاشة «يا أهلا يا أستاذة»
ولجت بثقة، مبتسمة مرفوعة الرأس بغرور، اعتدل في جلسته وأشار لها «اتفضلي»
جلست أمامه مبتسمة تسأل عن رأيه في عملها الأخير بثقة «رأي حضرتك إيه في نتايج التفاوض؟»
أجابها ببسمة مجاملة وجدّية شديدة لا تليق بكلمات مدحه التي أطربت دقاتها فتراقصت«لو مش عارف إنك شاطرة وذكية مكنتش اخترتك يا أستاذة» لمعت عيناها وابتسمت في سعادة وتألق، قالت في جرأة «خلاص حضرتك تنفذ وعدك بخصوص صاحبتي»
ضيق عينيه على وجهها دقائق قارئًا قبل أن يحك ذقنه ويجيبها بنظرة سبرت أغوارها «وأنا عند وعدي يا أستاذة»
قالت بسرعة وعفوية لم تروقه كثيرًا «تمام أنا جبتها هي بره ومعها ورقها»
أشار بجدية شديدة «دخليها يا أستاذة وسبيني معاها»
خرجت لمياء متحمسة تهتف بسعادة للأخرى التي وقفت مرتبكة ما إن خرجت، قالت بكبرياء «يلا يا صفوة الأستاذ وافق ومستنيكي جوه»
سألتها الأخرى بقلق «مش هتدخلي معايا؟»
طمأنتها لمياء «لا لما يكلمني الأستاذ هجيلك هو طلب يقابلك هو الأول لوحدك»
أومأت الأخرى بقلق فشجعتها لمياء «متقلقيش يابنتي»
تقدمت صفوة خطوة طارقة الباب فأذن لها رؤوف ودعاها للدخول بترحاب شديد وأدب، جلست حيث أشار وانتظرت قوله الذي جاء عكس توقعها وبردًا على قلقها«الاستاذة تشرب إيه؟»
أجابت بخجل وهي تخفض نظراتها أرضًا مرتبكة ومرتعشة الجسد «لا شكرًا»
رفض قولها ورفع سماعة الهاتف يطلب وهو يتأمل رجفتها الواضحة لعينيه «اتنين لمون يا ابني»
أعاد سماعة الهاتف لموضعها ورفع نظراته يسألها «اسم حضرتك إيه؟»
منحته ملفها تزامنًا مع قولها الخجول «صفوة مرتضى عبد السلام مطاوع»
انتفض من جلسته بقوة ممزقًا الهدوء بصوت كرسيه على الأرض، وقد كان وقع الاسم على مسامعه خطيرًا جدًا ، تبدد سكونه في لحظة واحتلت شياطين الأرض عينيه وهو يكرر بلهجة عادت لأصل موطنها «جولتي صفوة مين؟»
رفعت له عينيها بنظرات وديعة مزعورة وهي تكرر اسمها بخوف من هيئته.
3
#انتهى

