اخر الروايات

رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل العاشر 10 بقلم نورهان العشري

رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل العاشر 10 بقلم نورهان العشري

+


الإثم العاشر ❤️‍🩹 بعنوان " وعود من الماضي"

+


لما لم نفترق بطريقة عادلة؟ 
كثيرًا ما كُنت اطرح هذا الإستفهام بيني وبين قلبي ولكني لم أجد له إجابة واحدة تروي ظمأ روحي و تجعلني اتقبل فكرة شِقاقنا. مثلًا أن يغزو الملل علاقتنا، فلا يعود الإشتياق يقرضنا، و لا نسقط فريسة للحنين الذي لا تُغريه زيارتنا إلا في جوف الليل الذي يطول و كأن لا نهاية له، 
أو نبتعد لأننا لم نكن متشابهين، ولا نتشارك نفس الشعور أو التفكير. وددت لو اجد سببًا واحدًا يحجب عني لوعة الاشتياق و مرارة الفراق لكي لا أضطر تجنب طرقات قد تجمعني بك أو نسائم تحمل رائحتك، تمنيت أن انجو منك و من حنيني الذي يجعلني أراقبك خِلسة من وراء النوافذ وانا ابكي لوعتي و حزني الذي لا أقدر على تخطيه أو التبرأ منه. حتى أن أبجدية الحروف نفضت يدها عني فلم تعُد قادرة على سرد كل هذا الألم بداخلي، فياليت الفراق كان عادلًا معنا، و ياليت اللقاء يترفق يومًا بنا و يجمعنا. 

+


نورهان العشري ✍️ 

3


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

+


و رغم اتساع العالم إلا أنه قد يُدهِشك حين تتقلص المسافات وتضيق الأماكن لتجمع بينك وبين أُناس سلكت جميع الطُرق للهرب منهم.  

+


برقت عينيه حين شاهد قرص الشمس الموشوم فوق ذراعها، و الذي لا يُمكِن أن ينتمي لأي مكان سوى مكانًا واحد فقط
_ ايه؟ سيب يدي. جنيت ولا اي؟ 

+


هكذا هتفت ضي التي صُدِمت حين وجدت يدها أسيرة بين أنامل ذلك الرجل الخشنة و كفه العريض الذي ضاعت به أصابعها الخمسة لـ تتيبس أطرافها حين وقعت أسيرة لحدقتين بلون البندق حاوطتها بطريقة أجفلتها و كأنها وقعت فريسة لاستجواب صامت من عينيه 
_  أنتِ منين ؟ ومين اللي عملك الوشم دا؟ 

+


ناقوس الخطر دق بعقلها و عاودتها هواجسها التي تعود لذلك المكان الذي تود لو ينمحي من ذاكرتها إلى الأبد لذا سحبت يدها بقوة من يده و بنفس القوة هتفت 
_ وانت مالك انت؟ 

+


تجاوز عن صدمته و هتف بلهجة خشنة يشوبها الحدة 
_ وطي صوتك و چاوبي على كد السؤال. 

+


ضي بعناد
_ وه. أجاوبك على أي يا چدع انت. مالك انت ومالي؟ 

+


كان الخوف يغزو حدقتيها و يتجلى في كفوفها التي انتابتها رعشة خفيفة ولكنها لم تفت عليه وقد عزز هذا من فضوله ليقول بغموض
_ عچبني الوشم اللي في يدك، و عشان أكده سألتك عملتيه فين؟ يمكن أحب اعمل زيه. 

+


                
ضي بجفاء
_ ريح روحك. اللي عملته عِنديها بطلت تِشتغل في الموضوع ده. دور على حد تاني تعمل عِنده.

+


+


طافت عينيه على ملامحها الجذابة و عينيها التي يتراقص بهم إغواءً خفي جعله يشتهي التعرف إليها أكثر فباغتها قائلًا
_ اسمك اي؟ 

+


+


لا تعلم لما تشعر بالخوف من هذا الغريب كثيرًا، و خاصةً تلك النظرات الغير مُريحة التي يُطالعها بها لذا هتفت بانفعال
_ بجولك اي يا چدع انت. اجصر الشر و خد ورجك و امشي من اهنه بدل ما أصوت و ألم عليك الخلج كلاتها.

+


+


باغتها رحيم الذي قال باختصار
_ صوتي وسمعيني چمال حسك يالا. 

+


+


برقت عينيها من استفزازه و خاصةً نظراته الجريئة لذا هتفت بحنق
_ عيب لما تبجى راچل ملو هدومك أكده و تجف ترازي في الحريم. 

+


+


استنكر حديثها الذي اغضبه بشدة ليهتف بحدة
_ ارازي في الحريم! تِعرفي لو مكنتيش حرمة كنت لخبطلك معالم وشك. اوعي هاتي الورج ده، و جوليلي حسابك كام؟ 

+


+


ضي باختصار
_ خمسة و عشرين جنية. 

+


+


قام بإعطائها المال وعينيه تُطالعها بسخط لتسقط نظراته مرة أخرى على ذلك الوشم الذي جعل جميع عقله يعمل في جميع الاتجاهات ليقوم باستقلال سيارته و هو يُمسِك بهاتفه يُجري اتصالًا و ما أن جاءه صوت مطاوع حتى هتف باستفهام
_  مطاوع فتح مخك و ركز معاه في اللي هجوله. 

+


+


_ حوصول ايه يا رحيم؟ 

+


+


رحيم بلهفة
_ فاكر الولية اللي كانت بتدج الوشم للعيال اللي بيسرحهم رماح؟ 

+


+


_ ايوا فاكرها. كانوا بيجولوا ماتت، ولا الديابه جطعتها. ايه فكرك بيها دي؟ 

+


+


رحيم بجفاء
_  ولا ماتت ولا الديابه جطعتها. البوليس لما چه لجيوا بيتها فاضي، و ميعرفوش راحت فين، و احتمال كبير يكون ولد المحروج دا هربها عشان متقرش عليه. 

+


+


مطاوع بملل
_ المهم دلوج ايه فكرك بيها؟ 

+


+


صمت لثوان قبل أن يقول بحنق
_ ولا حاچة. شوفت وشم أكده حسيت أنه ميطلعش غير منيها، فجولت أسألك. مفيش چديد عنها ؟

+


+


_ و ايه اللي هيچبها عِنديك بس يا واد عمي؟ و بعدين سيبك من السيرة الزفرة دي. هتلاچيه تاتو. 

+


+


رحيم باستنكار
_ تا ايه؟ و يطلع ايه التاتو ده؟ 

+


+


مطاوع بمرح
_ ده الچلع بتاع الوشم. سيبك منه اهم حاچة الچثة اللي عليها التاتو عاملة ايه؟ 

7


7


رحيم بانفعال
_ عملك أسود و مهبب يا بعيد. غور ياد. من خلجتي. 

+


+


قام بإغلاق الهاتف في وجهة وهو يسُب ويلعن ذلك الوغد، ولكن هُناك شيء آخر يختلج في صدره تجاه تلك المرأة و ذلك الوشم الذي يكاد يُقسِم بأنه من صنع يديها، ولن يهدأ حتى يجدها، فهي بوابة عبوره الى الماضي و أسراره. 

+


+



        

          

                
يا ودود! يا ذا العرش المجيد! يا فعَّال لما يريد! أسألك بعزك الذي لا يرام، وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك، أن تكفيني شر ماهو قادم ، يا مغيث أغثني!♥️

2


★★★★★★★★ 

+


 _ انت فين يا عمر؟ بقالي أسبوع مش عارفة اتلم عليك؟ 

+


هكذا هتفت سعاد بغضب قابله عمر بالملل الذي تجلى في نبرته حين قال
_ مشغول يا تيتا. أنا دكتور يعني في أرواح ناس في أيدي. مينفعش لا ادلع ولا اهرب من مسؤولياتي. 

+


سعاد بجفاء
_ حلو دا. بس عيلتك بردو من ضمن مسئولياتك، ولا انت هتفضل ناسيهم كدا على طول. 

+


عمر بنفاذ صبر
_ عايزة ايه يا تيتا؟ مانا جبتلك عنوان ولاد عمتي، و وصلتك بيهم. ايه تاني مفروض عليا اعمله؟ 

+


صمتت سعاد لثوان قبل أن تقول بنبرة مُتزنة
_ انا عارفه انك تعبت على ما وصلت لبنات عمتك. بس دا واجب عليك يا عمر. زي ما في واجبات تانيه مفروض تقوم بيها تجاههم. باعتبارك كبير العيلة دي بعد والدك.

+


عمر بجفاء
_بابا ربنا يطول في عمره يا تيتا، و واجباته دي هو يقوم بيها.

+


سعاد بتهكُم
_ ابوك مبيعملش غير اللي امك شيفاه صح وبس يا عمر. 

+


عمر بحنق
_ تيتا انا مقدر انك أنتِ وماما مبتتفقوش. لكن انا بره الحرب دي. 

+


_ لا مش بره يا عمر عشان انا مبقتش صغير. في حاجات لازم تعرفها، وحاجات مفروض عليك تعملها. 

+


زفر حانقًا فهو طوال حياته يحاول الهرب من كل تلك الحروب الشاعله بين الجميع في هذا المنزل حتى أنه كان يقضي معظم أوقاته في الخارج حتى لا يضطر لمعرفة ما يُغضبه.
_ انا كبرت اوي يا عمر. الحزن والهم كبرني اوي، ومعنديش حد اتسند عليه غيرك. ابوك خذلني، و بنتي راحت، واللي باقي منها هو اللي مخليني عائشة على وش الدنيا. لو اتخليت انت كمان عننا يبقى بتحكم عليا اموت بقهرتي. 

+


لأول مرة يُلامس الضعف نبرة جدته التي و بالرغم من عجزها إلا أنها كانت صاحبة رأي و قرار و حتى والدته كانت تتراجع أمامها، ولكن الآن هاله ضعفها مما جعله يقول بنبرة أهدأ
_ بعد الشر عنك يا تيتا. مالوش لازمة الكلام دا. 

+


سعاد بانفعال
_ لا له. لازم تقعد و تسمعني، وتعرف أن لكل حاجه في حياتنا ضريبة و مضطرين ندفعها حتى لو ملناش ذنب فيها

+


ضاق ذرعًا من حديثها المُلغم بالألغاز والتي يعلم أنها لن تروق له معرفتها لذا هتف حانقًا 
_ تيتا بلاش كلام الألغاز دا الله يباركلك. في ايه ؟ و ضرايب ايه؟ انا ماليش في كل الأفلام بتاعتكوا دي. 

+


سعاد باستنكار
_ بتاعتنا! هو انت مش مننا ولا حاجه؟ 

+


عمر بانفعال
_ منكوا يا تيتا. قولي اللي عندك.

+



        
          

                
عبأت صدرها بالهواء النقي قبل أن تقول بنبرة يتخللها الأسى
_ بنات عمتك لازم ياخدوا حق امهم، و طبعًا الهانم امك مش هتسمح بدا، و هتعمل المستحيل عشان ميخدوش مليم منه، و ابوك حدث ولا حرج وراها زي الأعمى، و أنا خلاص مبقاش في عمري كتير و عايزة اطمن عليهم. على الأقل يوم ما اقابل بنتي اقولها اني حافظت على بناتها. يمكن دا يشفعلي عندها. 

+


أومأ عمر بحنق قبل أن يقول بنبرة حاول أن يجعلها ثابتة
_ بعد الشر عنك، و بالنسبة لبابا و ماما انا هتكلم معاهم في موضوع الورث دا، و أن شاء الله هقنعهم، و البنات هياخدوا حقهم. ايه تاني؟ 

+


سعاد بتهكُم
_ لا والله! كتر خيرك. هو انا عاجزة اني اديهم حقهم؟ ولا اخد ورثهم من عنين تبوكو امك؟ انا عايزة احافظ على بنات بنتي الله يرحمها. عايزة اضمن انهم يكونوا بخير. 

+


عمر بنفاذ صبر
_ انا مبقتش فاهمك ؟ لما أنتِ تقدري تعملي كل دا. عايزة من امي انا ايه؟ 

+


صمتت لثوان قبل أن تُفجر بارود قرارها قائلة
_ عيزاك تتجوز شروق بنت عمتك! 

+


لم تتبدل ملامحه وكأنه لم يستمع إلى تلك القنبلة التي فجرتها للتو ليقول بهدوء اقلقها
_ ايوا يا تيتا يا حبيبتي. عايزاني اعمل ايه ؟ بس اكلمي جد الله يباركلك عشان ماليش نفس اضحك. 

+


اغتاظت من رد فعله لتقول بجمود 

+


_ مبهزرش يا عمر. انا عيزاك. تتجوز شروق و تجبها هنا هي وأختها يعيشوا هنا معايا تحت حمايتك. لحد ما شروق تكمل واحد و عشرين سنة و تاخد ورثها هي و اختها، و وقتها لو كنت لسه عايشة هاخدهم و نمشي من هنا.

+


ظل على حالته للحظة قبل ان ينفجر في موجة ضحك جعلت الغضب يتصاعد بصدر سعاد التي انتظرته حتى انتهى من تلك النوبة لتقول بجمود
_ مسمعتش رأيك؟ 

+


توقف عن الضحك و تبدلت ملامحه إلى أخرى غائمة من فرط الغضب الذي تجلى في نبرته حين قال
_ رأيي! هو أنتِ بجد عايزاني اقول رأيي في النكتة البايخة دي؟ 

+


سعاد بحدة
_ دي مش نكته. دا أمر واقع يا ابن نبيلة. دي ضريبة و مفروض تسددها. ماهي امك دي السبب في حرماني من بنتي، وأنها تموت بعيد عني. ايه مستخسر فيا اقضي اللي فاضلي في حضن بناتها ؟ 

+


هب عمر من مكانه كالملدوغ وهو يقول بانفعال 
_ انا مالي. أنتِ بتحكمي عليا اسدد ديون ماليش يد فيها، و كل دا عشان تصفي حسباتك مع امي، و بعدين هي مأجبرتش عمتي الله يرحمها أنها تهرب مع الراجل دا. 

+


خرجت الكلمات من فمها مُحملة بالقهر حين هتفت
_ هي اللي خرجت سر صاحبتها، و خلت ابوك سجن صابر، و بهدل بنتي لحد ما طفشت وسابتلهم الدنيا. هي اللي ياما سخنته عليها لحد ما كان هيموتها. فهمته أنها خاطية وأنها سلمت نفسها لصابر و فهمتني انا كمان كدا خليتنا اتبرينا منها، وكل دا عشان تخلص منها عشان بتكرهها.

+



        
          

                
برقت عينيه من حديث جدته، و تلك الكوارث التي فعلتها والدته ولكن ولائه لها أبى عليه أن يُصدق أن يصدق أنها فعلت تلك الأمور الشائنة ليهتف بانفعال
_ الكلام دا مش مظبوط. ماما هتعمل كل دا في عمتي ليه؟ الفلوس اللي عندنا ملهاش حصر. حتى نصيب عمتي دا ميجيش حاجه جنب اللي عند اهلها و اللي هتورثه منهم. 

+


سعاد بانفعال
_ الموضوع مش فلوس وبس. امك طول عمرها بتغير منها عشان نسمة كانت جميلة و محبوبة، و بالأخص من ابوك. هو اللي رباها بعد موت جدك. كان بيعتبرها بنته مش أخته. كانت بتغير من علاقتها بيه. طول عمرها أنانيه عايزة كل حاجة ليها لوحدها. ياما كسرت بخاطرها و خلت ابوك يبعد عنها ودي اكتر حاجه قهرتها. 

+


كان الألم يتساقط من عينيها حين تابعت
_ بنتي اتعذبت اوي. على قد طيبتها و حنيتها على قد ما اتبهدلت و اتوجعت. 

+


ارتفعت نظراتها لتطالعه وهي تقول بشفاه مُرتجفة من فرط الألم
_ أول ما اتولدت امك جالها حمى نفاس، و انت كنت ضعيف اوي و كنا خايفين عليك و فرحانين بيك اوي. نسمة فضلت قاعدة بيك اسبوعين مبتعملش حاجه غير أنها شيلاك بتأكلك و تغيرلك و تسهر بيك. لحد ما امك قامت من تعبها، واول ما شمت نفسها بدل ما تشكرها راحت قالت لأبوك ان نسمة على علاقة بواحد بيشتغل عندنا خليت ابوك قعد يضرب فيها لحد ما كسر أيدها. 

+


شعر بالأسى على تلك الفتاة التي عانت الكثير تحت كنف ذويها، ولكنه لم يُفصح عما بداخله لتُتابع سعاد قائلة بجفاء
_ عشان كدا بقولك في ديون لازم تسددها. 

+


اهتاج غضبه مرة أخرى ليهتف بحدة
_ انا مش هسدد ديون حد، ولو على بنات عمتي فأنا كفيل بيهم لحد ما اسلمهم ورثهم و محدش هيقدر يمسهم بشيء طول مانا موجود. لكن جواز مش هيحصل. 

+


سعاد بانفعال
_ اقدر اعرف انت ليه رافض الجواز من شروق بالطريقة دي؟ 

+


عمر بحنق
_ مين شروق دي عشان اتجوزها؟ بنت عادية في كل حاجه شكلًا و موضوعًا مفيهاش اي شيء مّميز. مش مناسبة ليا بكل المقاييس. 

+


سعاد بغضب
_ و ايه هي مقاييس حضرتك ؟ 

+


عمر بلهجة فاحت منها رائحة الغرور
_ أولًا انا راجل دكتور و هي خريجة تجارة ولا معرفش ايه، انا ابن عيلة من أكبر العائلات في البلد، وهي ابوها مش معروفله عيلة اصلًا. وسطها و بيئتها اللي اتربت فيها بعيدة تمامًا عن الوسط والبيئة اللي انا اتربيت فيها. ايه يجبرني اتجوز واحدة أقل مني في كل شيء؟ 

3


تجمدت الحروف على شفاهها فهذا التفكير النمطي أكثر ما يُميز عائلتها وعلى رأسهم هي، ولكنها الآن في وضع تُحسد عليه، فهي تقف في مواجهة أسوء صفاتها. بل و مُجبرة على مُجابهتها حتى تصل إلى مُبتغاها لتأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تقول بجمود
_ انا مقولتش اتجوزها العمر كله. انا قولت سنة لحد ما تاخد فلوسها هي و اختها وامك و ابوك يعرفوا أنهم في حمايتك، و بكدا اكون اطمنت عليهم. 

+



        
          

                
عمر بنفاذ صبر
_ كل دا ممكن يحصل من غير جواز على فكرة.

+


سعاد بانفعال
_ مش هيقبلوا ييجوا هنا الا بالطريقة دي. 

+


_ لا والله! يعني الست شروق قالتلك مش هاجي اعيش معاكِ غير لما عمر يتجوزني! 

+


هكذا استفهم ساخرًا لتلجأ سعاد إلى آخر سبيل أمامها في تنفيذ مُبتغاها، فقامت بوضع يدها فوق صدرها وهي تحاول أن تسترد أنفاسها قبل أن تقول من بين عبراتها
_ شروق مقالتش كدا، ولا هتقول. انت مش قادر تفهمني ولا تحس بيا. نفسي اتطمن على بنات بنتي يا عمر. لو عايزني اتوسلك هتوسل. بس متحرمنيش منهم، انا مبقاش فيا حيل لوجع جديد يا ابني. 

+


انهت جملتها وصدرها يعلو ويهبط من فرط الانفعال ليفهم عمر بأن أحد أزماتها قد زارتها مُجددًا فهرول إلى حيث تضع تلك البخاخة ليقوم باحضارها لمساعدة سعاد التي أمسكت بكفه تحتضنه بقوة وهي تقول بتوسل
_ ارجوك يا عمر. فكر يا ابني. 

+


كان الأمر كارثيًا بالنسبة له، و أيضًا موقف جدته التي ولأول مرة يراها تتوسل لأحد لذا حسم قراره قائلًا بنبرة حاسمة
_ اوعدك هشوف اللازم واعمله يا تيتا. أنتِ بس اهدي دلوقتي. 

+


اللهم إني أسألك فرجًا قريبًا، وصبرًا جميلًا، ورزقًا واسعًا، والعافية من البلايا، وشكر العافية والشكر عليها، وأسألك الغنى من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، اللهم إني أسألك بحق السائلين، وبأسمائك العظمى والحسنى أن تكفني شر ماأخاف وأحذر فإنك تكفي ذلك الأمر.♥️

3


★★★★★★★★★★

+


_ بتعملي ايه يا شوشو؟ 

+


هكذا تحدثت مديحة بسماجة في محاولة منها لإدعاء اللطف، فلم تهتم أشجان بل قالت بجفاء
_ بشطب الحوض. 

+


مديحة بلُطف زائف
_ ربنا يعينك يا حبيبتي. بتتعبي. بس هنعمل ايه بقى في الظروف اللي زي دي لازم نتعب كلنا عشان نعدي منها على خير. 

1


طالعتها أشجان بريبة ولكنها لم تُعلق لتغتاظ الأخيرة من صمتها، فهتفت بنبرة خفيضة
_ بقولك ايه؟ امين عامل اي؟ حاسة نفسيته زي الزفت يا قلبي و مش عايز يشتكي ولا يقول.

+


أشجان بجفاء
_ الشكوى لغير الله مذلة. 

+


كادت أن تنفجر من الغيظ ولكنها أرادت الوصول لمبتغاها حين قالت
_ ونعم بالله يا بنتي. لا و كله الا أمين. دا مفيش حد عنده عزة نفس و كرامة قده. 

1


لاح شبح ابتسامة ساخرة على شفتيها سُرعان ما محتها قبل أن تقول بتهكُم
_ اه طبعًا. 

+


مديحة بلهفة
_ بس طبعًا الراجل و مراته مفيش بينهم الكلام دا. دول ستر وغطا على بعض، وأنتِ بت أصول و عارفة أن الست الأصيلة لازمن تقف جنب جوزها في محنته. 

+



        
          

                
تعلم بأن القادم لن يُعجبها لذا التفتت قائلة بنفاذ صبر
_ و الزوجة الأصيلة دي مفروض تعلم ايه في الظروف اللي زي دي؟ 

+


خلعت عنها قناع اللُطف و قالت بحدة 
_ من الآخر جوزك ظروفه زي الزفت، و القضية بتاعته عايزة فلوس ياما. دا غير المرتب اللي اتقطع. يعني مبقاش في دخل يأكل يا عنيا، وأنتِ مراته مفروض تقفي جنبه. 

+


ناظرتها أشجان بذهول تجلى في نبرتها حين قالت
_ ايوا يعني ايه مفهمتش. اقف جنبه ازاي ؟ 

+


مديحة بنفاذ صبر
_ الصيغة يا عنيا اللي دافع فيها دم قلبه. آن أوانها خلاص و جت عوزتها. 

+


أشجان بتهكُم 
_ تقصدي شبكتي؟ اتفضليها يا حبيبتي متغلاش عليه. انتِ عارفه مكانها فين احسن مني. خديها لو دي اللي هتعدل المايلة.

+


اغتاظت مديحة من حديثها لتهتف بحنق
_ لا يا حبيبتي المايلة مش هتتعدل طول ما الناس قاعدة و حاطة رجليها في المية الساقعة. 

+


بلغ منها التعب مبلغه لتهتف بنفاذ صبر 
_ ما تقولي اللي عندك مرة واحدة. 

+


مديحة بحدة
_ تشتغلي ياختي. عشان تساعدي جوزك في المصاريف. خلاص الميغة اللي كنتِ عايشة فيها خلصت، و حنفية الفلوس اتقفلت، و جوزك قاعد ايه هتقعدوا انتوا الاتنين و مين هيصرف عليكوا انتوا و عيالكوا؟ ولا تكونيش فاكرة اني هصرف عليكِ ياختي! 

+


بهتت ملامحها من الصدمة التي جمدتها في مكانها لثوان قبل أن تقول بتلعثُم 
_ اي؟ انا . اش . اشتغل؟ 

+


مديحة باستنكار 
_ مالك ياختي بتتهتهي كدا ليه؟ اه تشتغلي. أنتِ مش قرفتينا تلت سنين راحة الجامعة و جايه من الجامعة، و قال ايه لازم اخد الشهادة. ادي الشهادة بقى ليها عوزه. 

+


صاعقة صداع أصابت رأسها حتى كادت أن تشطره إلى نصفين، فهي لم تتخيل أن تطلب منها هذا الأمر أبدًا لذا قالت بتعب
_ شهادة ايه؟ هو مين بيشتغل بشهادته ؟ و بعدين اشتغل فين ؟ و اسيب ولادي مع مين؟ 

+


مديحة بانفعال 
_ بت أنتِ فتحي مخك معايا. لو مشتغلتيش بالمدعوقة الشهادة اشتغلي اي حاجه. ما كل الستات ياختي بتشتغل و تساعد جوازاتها، ولو كان عالعيال أهم في البيت، و ابوهم موجود. 

+


شعرت في تلك اللحظة بأنها تود البكاء بل الصُراخ، فهُناك حمل آخر أُلقي على كاهلها ألا يكفيها أنها مجبرة على تحملهم، و الآن ستكون مُجبرة على إعالتهم. 
_ بقولك ايه؟ مش عايزة أمين يعرف حاجه عن الكلام دا. يا كبد أمه نفسه عزيزة، و لو عرف اني قولتلك هيبهدل الدنيا. خليها تيجي منك أنتِ. اكنك يعني زعلانه عشانه وعايزة تساعديه. شوفتي انا قلبي عليكِ ازاي؟ 

2


ناظرتها أشجان بقهر و داخلها يتمنى لو تختفي تلك المرأة من الوجود هي و ولدها حتى يتثنى لها الحياة بسلام، ولكن كانت أمنية بعيدة المنال فقت تابعت مديحة حديثها قائلة بسماجة
_ انا عارفه أن كلام الحما عما. بس مش مشكلة بكرة تعرفي أن قلبي عليكِ و على بيتك. المهم. في مكتب سفريات فاح قريب من هنا. ايه رأيك تروحي تشتغلي فيه بيقولوا عايزين سكرتيرة؟ 

+



        
          

                
_ ايه ؟ مكتب سفريات  ايه اللي تشتغلي فيه؟  دول عايزين واحدة تمسح و تنضف و تقعد من اول النهار لأخره ؟ الست دي عبيطة ولا بتستعبط؟ 

+


هكذا هتفت أسيا التي تفاجئت من حديث أشجان التي لم تحتمل الجلوس في المنزل، فأستغلت ود مديحة المُفتعل و طلبت منها أن تذهب لزيارة اهلها و لم تُمانع الأخيرة، فقامت بقص ما حدث على أسيا التي لم يُعجبها ما يحدُث 
_ والله مانا عارفه. انا تعبت يا أسيا تعبت. 

+


أسيا بانفعال
_ و بعدين؟ هتستني لما تموتي؟ لازم تاخدي موقف يا أشجان حرام عليكِ نفسك. 

+


هُنا تدخلت غنى التي كانت تستمع إلى الحديث بهدوء 
_ بصراحة يا أشجان الناس دول صعبين و زودوها اوي، ولازملهم واقفة.

+


أشجان بانفعال
_ مين هيقفلهم يا غنى؟ انتوا بتعجزوني. اذا كان أمين عمل عملته و ماما بدل ما تقف في ضهري قالتلي ملكيش غير بيت جوزك. 

+


زفرت أسيا بتعب قبل أن تقول بخفوت
_ على فكرة بابا زعلان منك اوي. 

+


أشجان بصدمة
_ بابا زعلان مني لية ؟ انا عملت ايه؟ 

+


تبادلت الفتاتين النظرات قبل أن تقول أسيا بحرج
_ بصراحة متضايق من موقفك مع أمين بعد اللي عمله،  و طبعًا أنا عملت اللي قولتيلي عليه و أنك قررتي تقفي جنب جوزك في محنته.

+


كانت تعلم بأن والدتها لا تستطِع إضافة حمل آخر إلى حقيبة أحمالها، و خاصةً أن والدها مريض قلب وهي تخشى عليه من أي انتكاسة قد تودي بحياته، ولهذا طلبت من شقيقتها أن تخبر والدها بموقفها مما حدث. 

+


فرت العبرات هاربة من كل هذا الوجع الذي يجيش بصدرها، ولكنها سرعان ما محتها قائلة بخفوت
_ معلش. كدا احسن ما يشيل حمل مش بتاعه.

+


غنى بتأثر
_ طب وانتِ يا أشجان؟ هتقدري تشيلي حمل مش بتاعك؟ 

+


أشجان بأسى
_ قوليلي حل تاني يا غنى. أنتِ خلصتي عشان كنتِ بطولك، و عشان تخلصي عملتي المستحيل. انما انا معايا طفلين. هروح بيهم فين ؟ و بابا ذنبه ايه يشيل حمل زي دا. ابوهم اولى بيهم، و اهي كلها عيشة و السلام. 

+


طرق على باب الغرفة جعل الفتيات تلتزمن الصمت 
الذي قطعه صوت شروق المُتزن حين قالت
_ قاعدين قاعدة بنات من غيري؟ 

+


هتفت أسيا بترحيب
_ والله القاعدة ناشفة من غيرك يا شوشو. 

+


دلفت شروق إلى الداخل تلاها ضي التي كانت منكمشة على نفسها فقامت أسيا بتعريفها إلى غنى قائلة 
_ تعالي يا ضي مكسوفة كدا ليه؟ دي غنى مزة زينا معندهاش شنبات ولا حاجه. 

+


ابتسمت الفتيات على مُزاح أسيا و قالت غنى وهي تعانق ضي
_ اهلًا يا ست ضي. أسيا كانت بتقولي انك أخدتي مكاني وانا غايبة يعني احنا كدا ضراير. 

+


ابتسمت ضي على مُزاح غنى قائلة بتهكُم
_ ياستي اعتبريني مش موچودة و استلجي مكانك دي جرفتني معاها. كل ليلة تجوم تقيس الدولاب كلاته عشان تختار الطجم اللي هتلبسه تاني يوم، و تجعد ترسم و تخطط في خلجتها و جولي رأيك يا ضي لما چننتني. 

+



        
          

                
قهقهت الفتيات على حديث ضي و لكنتها الصعيدية وحتى أشجان التي كان الألم يتشعب في أوردتها ابتسمت بهدوء لتقول أسيا بانفعال 
_ اه يا واطية. بقى انا قرفتك! اومال اخد رأي مين ؟ مش صاحبتي أنتِ ولا محسوبة عالصحوبية غلط انتِ؟

+


ضي بمُزاح
_ ابو دي صحوبية يا شيخة. 

+


شروق بهدوء كعادتها
_ معلش يا ضي قلبك أبيض. هنعمل ايه دي الليدي بتاعتنا. اللي رافعه راسنا. 

+


ضي بتهكُم
_ اجعدي أنتِ التانيه يعني بتلعب في الاوليمبيكيات ياخي.

+


أسيا بانفعال
_ بتتريقي ياختي مش عاجبك؟ بكرة ابقى صاحبة شركة أن شاء الله. 

+


اقتربت أشجان من غنى تاركة الفتيات في مزاحهن لتقول بخفوت
_ طمنيني عليكِ. عاملة ايه دلوقتي ؟ 

+


شقت تنهيدة حارقة جوفها حين قالت
_ حاسة اني أخيرًا قدرت اخد نفسي يا أشجان. انا كنت زي اللي بيغرق لا عارفة يعيش و لا الموت راضي يرحمه. مش مصدقة اني خلصت.

+


رغمًا عنها شعرت بأنها تحسد غنى على خلاصها الذي بالنسبة إلى وضعها أمرًا مُستحيل ولكنها سُرعان ما نفضت تلك الفكرة من رأسها و قالت بسعادة لأجل صديقتها
_ ربنا يريح قلبك يا غنى، قوليلي بقى ناوية تعملي ايه الفترة الجاية؟ 

+


غنى بحماس 
_ ناوية افتح مشروع أن شاء الله.

+


اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدين وأغننا من الفقر اللهم خلقت نفسي وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها،اللهم إني أسألك العافية.♥️

2


★★★★★★★★★★

+


جاء الصباح هادئًا تغزوه نسمات عليلة ساعدتها على الهدوء وهي تتوجه إلى مقر عملها، و على الرغم من أنها تمقت العمل مع ذلك المتعجرف ولكنها ستفعل مثلما أخبرها شقيقه، ولن تجعل اي شيء يقف عائق أمام تحقيق مُبتغاها
_ صباح الخير يا سلمى. 

+


هكذا هتفت أسيا بهدوء قابلته سلمى بابتسامة متوترة وهي تقول بتهكُم
_ يارب يسمع منك و يكون خير يا أسيا. 

+


آسيا باستفهام
_ مالك ؟ ليه بتقولي كدا؟ 

+


سلمى بخفوت
_ مستر كمال طلب مننا نجمع ميزانيات الشركة الخمس سنين اللي فاتوا و نعمل مقارنات ما بينهم و نعمله جدول بالمميزات و المساويء لكل ميزانية و ازاي دا انعكس على الشركة. اه و طلب مننا كمان نعالج مساويء كل ميزانية و في الآخر هنطلع بأكتر واحدة مضبوطة و نقدمهاله. 

+


ودت لو تُطلق ضحكة مُجلجلة سخرية من ذلك الرجُل المُتعجرف الفظ الذي لا يهتم لأي أحد، فقط يُريد تكدير صفو يومهم لا أكثر، ولكنها لم تُفصِح عن شيء مما يدور بداخلها إنما قالت بعملية
_ تمام. هنبدأ امتى؟ 

+



        
          

                
تفاجئت سلمى من هدوئها و عدم اعتراضها على الأمر ولكنها قالت بجمود
_ في اجتماع معاه كمان ربع ساعة، وهو اللي هيقول نبدأ امتى . 

+


اومأت برأسها قبل أن يخترق سمعها صوتًا جاف تعرفه جيدًا
_ جهزتي اللي قولتلك عليه يا سلمى؟ 

+


سلمى بلهفة 
_ جهزته يا فندم، و لسه كنت بقول لآسيا على معاد الاجتماع. 

+


لم تلتفت إليه أو تُعيره أي اهتمام بل على العكس ظلت تنظر في ملف أحد الميزانيات في يدها، وقد اغضبه ذلك كثيرًا لذا قال بجفاء
_ هاتيلي قهوتي و ملفات الميزانيات على مكتبي عشان اراجعها قبل الاجتماع. 

+


سلمى باحترام 
_ تمام يا فندم. 

+


توجه إلى غرفة مكتبه، فهتفت سلمى بلهفة
_ بصي انا هروح اعمله قهوته، وانتِ خديله الملفات دي عشان يراجعها. قال يعني هيلحق يبص فيها أصلًا. دا الاجتماع خلاص كمان عشر دقايق. 

+


اغتاظت أسيا منه ومن أوامره، ولكنها لم تُعلق فقط إيماءة بسيطة من رأسها قبل أن تحمل الملفات و تتوجه بها إلى مكتبه لتقوم بدق باب الغرفة فاجأها صوته الجاف يأمرها بالدخول فأطاعته وهي تتقدم برأس مرفوع و عينين جامدتين كالزُجاج لا تعكسان شيء، فأخذ يُطالعها بصمت يتنافى مع ذلك المكر الذي تعج به نظراته، فقد توقع أن ترسلها سلمى بالملفات بينما تقوم هي بعمل القهوة، و قد صح تخمينه فها هي أمامه الآن بتلك الهيئة الخاطفة للأنفاس بذلك الرداء الذي يُحيط بجسدها بلونه القُرمزي الذي يتنافى مع بشرتها الخمرية التي تُظهِرها تلك الفتحة الدائرية والتي تُظهِر عنقها بسخاء و تنتهي عند مقدمة صدرها بينما يصل الفستان إلى ركبتيها كاشفًا عن سيقانها الطويلة الملفوفة بأغواء ضاعفه ذلك الحذاء العالي الكعب يطرق بقوة حين تتقدم و كأنه يُعلِن عن قدوم تلك الفاتنة التي لم تكُن تُسرِف في استخدام زينة الوجه، ولكنها كانت تتقِن استخدامها، فيبدو جمالها مُشعًا دون ابتذال إضافة إلى تلك الخصلات الناعمة التي كانت تُطلِق لها العِنان في الاسترسال حولها لتُضفي هالة من النعومة و الأنوثة على مظهرها. 

+


خرجت تنهيدة حارقة من جوفه تأثرًا بجمالها و رائحة عطرها الذي اخترق أنفه ليُعزز من انتباهه لوجودها. 
_ الملفات اللي حضرتك طلبتها. 

+


هكذا تحدثت آسيا وهي تضع الملفات أمامه ليناظرها شذرًا قبل أن ترتفع نظراته مرة أخرى إليها قائلًا باختصار
_ سلمى فين؟ 

+


لم تندهش من استفهامه انما توقعته لهذا أجابته بهدوء
_ بتعمل لحضرتك القهوة. 

+


كمال بجفاء
_ سلمى بلغتك المطلوب ايه؟ 

+


آسيا باختصار
_ بلغتني. 

+


اغتاظ من اختصارها في الحديث فقال بجفاء
_ و هتقدري تنفذي المطلوب منك؟ 

+


أرادت التعزيز من غضبه أكثر حين قالت
_ أن شاء الله. 

+


لسوء حظه كان سريع الغضب لذا هتف بحدة
_ لو مش هتقدري عرفيني. أحسن نبقى بنتعبك و تروحي تشتكينا لخالد بيه ولا حاجه؟ 

+



        
          

                
فطنت لما يرمي إليه لذا أرادت إغضابه أكثر حين قالت بجمود
_ لا اطمن حضرتك. هقدر اعمله

+


عند هذا الحد لم يتمالك نفسه إذ هب من مقعده ليستدير واقفًا في مواجهتها ليقول بنبرة حادة
_ انتِ ليه روحتي اشتكيتي لخالد؟ 

1


اجفلها اقترابه منها و أغضبها في آن واحد ولكنها حافظت على هدوئها حين قالت
_ انا مشتكتش لخالد بيه. هو قابلني تحت وأصر يعرف في أي؟ و حكيتله.

+


كمال بجفاء
_ و ليه مش حكتيلي؟ 

+


_ يمكن عشان مسألتنيش.

+


زفر بحنق قبل أن يقول بحدة
_ أو يمكن عشان كنتِ مشغولة بأنك تهيني مريهان اكتر من انك تقوليلي اللي حصل. 

+


بكل مرة تتقابل معه يتزايد شعورها بالنفور منه و الحقد عليه و من هم على شاكلته لذا قالت بتهكُم
_ الدفاع عن النفس دا حق كل إنسان على فكرة، و دا اللي كنت بعمله بس طبعًا دا مينفعش بالنسبة لحضرتك، ازاي ادافع عن نفسي قدام مريهان هانم الوتيدي. انا كدا اجرمت طبعًا. 

+


شعر بما يحمله حديثها من استخفاف و تصويره بأنه شخص يقبل بأن يُهان الناس من شقيقته بغير وجه حق لذا هتف مُدافعًا
_ انا مقصدتش كدا، و لو كنتِ قولتيلي اللي حصل  كنت بنفسي حاسبت ميرهان.

+


آسيا بحدة
_  مفروض كنت وسط ما حضرتك بتهيني اقولك لا معلش استنى افهمك! لا ميرسي مش محتجاك تجبلي حقي. عشان الحمد لله طلع في شخص في عيلتكوا بيحترم أن في بشر معاكوا على الكوكب و من حقهم يعيشوا بكرامتهم. عن اذنك. 

+


اختتمت جملتها بنبرة مُتحشرجة يغلب عليها البُكاء ثم استدارت تنوي الخروج لتوقفها يده التي أمسكت برسغها و صوته المُتلهف حين قال
_ أسيا استني. 

+


تفاجئت من فعلته وتخطيه حدود المسموح به معها لتنزع ذراعها من بين يده وهي تقول بحدة 
_ مستر كمال لو سمحت. انا ليا حدود و مش مسموح لحد ايًا كان مين هو يتخطاها.

+


برقت عينيه من حديثها ولهجتها و خاصةً بأنها وضعته في خانة لا يُمكن فيها الجدال ليقول باستنكار 
_ حدود! 

+


آسيا بقوة
_ ايوا حدود، و أولها و أهمها ممنوع اللي حصل دا يتكرر تاني. انا ممتي بتخدم في بيتكوا أة. بس عرفت تربيني صح. عن اذنك. 

1


لأول مرة في حياته يوضع في هذا الموقف المُحرج. تلك المرأة وضعته في خانة اليك، فهو لا يستطِع لومها، ولا تعنيفها على طريقتها الفظة معه، فهو من تخطى حدوده معها، و سمح لها بالتطاول معه، و كل هذا بسبب شعور غبي بالذنب تجاه ما فعلته شقيقته معها، فقد قام باستجواب سلمى و معرفة ما حدث ذلك اليوم، و ياليته ما علم فقد وضع نفسه في موقف لا يُحسد عليه جعل الدماء تغلي في عروقه، ولا يدري شيئًا عن تلك الابتسامة الماكرة التي تلون شفاهها الآن لنجاح مُخططها معه. 
اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من زَوالِ نعمتِكَ، وتحويلِ عافَيتِكَ، وفُجاءةِ نقمتِكَ، وجميعِ سُخْطِكَ). - اللهم إني توكلت عليك فأعنّي، ووفقني، واجبر خاطري، جبرا أنت وليّه. - يا رب، أدعوك بعزتك وجلالك، أن لا تصعّب لي حاجة، ولا تعظم علي أمراً، ولا تحنِ لي قامة، ولا تفضح لي سراً، ولا تكسر لي ظهراً.♥️

2



        
          

                
★★★★★★★★★

+


_ ايه رأيك يا غنى يا بنتي في المكان؟ 

+


هكذا تحدث سمير ذلك الحارس الذي يعمل على حراسة هذا المبنى المكون من طابقين يصلحان ليكونا مكان لتعليم الأطفال " حضانة" فهتفت غنى بانشراح
_ المكان حلو يا عم سمير، و هينفع يكون حضانة حلوة اوي، و خصوصًا أن الحوش كبير عشان الولاد تلعب براحتها. 

+


_ طب كويس أنه عجبك. أنا بصراحة مكنتش ناوي أأجره بس لما الحاج مرزوق كلمني مردتش ازعله، وقولت أنتِ زي وفاء بنتي ..

+


غنى بامتنان 
_ ربنا يخليهالك يارب. المهم  عايزة نمضي العقد عشان ابتدي اشتغل فيه في اقرب وقت. و بإذن الله على آخر الشهر اعمل الافتتاح 

+


_ على خيرة الله. انا هجهز العقد و بعد صلاة العشا اجيلكوا البيت نمضيه. بس قوليلي أنتِ هتبتدي لوحدك؟ يعني مش مفروض تشوفي حد يشتغل معاكِ و يساعدك؟ 

+


زمت شفتيها بتفكير فهي لم تتطرق إلى هذا الأمر بعد لذا قالت بخفوت
_ خلينا طيب نبتدي وانا هسأل كدا وأشوف حد يشتغل معايا. انا محتاجه ناس كتير اوي، و مش اي ناس . انا عايزة ناس متخصصة. 

+


_ بقولك ايه يا دكتور يزيد ما تكتبلي حاجه للقاولون احسن تاعبني اوي مش عارفة اكل منه.

+


هكذا تحدثت أحد النساء إلى يزيد الذي كان يسير و بجانبه روضة التي ألحت عليه لكي يأخذها في جولة في المكان، فهي تكون ابنة اخ جابر 
_ قوليلي يا خالة اعتماد ايه الأعراض اللي عندك ؟ 

+


اعتماد بتعب
_ عندي انتفاخ مبيروحش، و دايمًا مغص بيزيد كل ما أكل.

+


يزيد باستفهام
_ بيزيد مع اكل معين يعني؟ 

+


اعتماد بعدم فهم 
_ يعني ايه يا ضكتور؟ 

+


يزيد بنفاذ صبر
_ يعني مثلاً أنتِ فطرتي ايه امبارح ؟ 

+


_ بفطر فوق و طعمية. دا سؤال؟ 

+


تابع استجوابها قائلًا 
_ طب و اتغديتي ايه؟ 

+


_ اتغديت فول نابت، و فضلت خيرك كنت مربية طيرة عالسطوح دبحنا فرخ منها. 

+


يزيد باستفهام
_ طب واتعشيتي ايه؟ 

+


_ اتعشيت عجة و بتنجان مخلل. 

+


ناظرها يزيد بصدمة قبل أن يُجيبها قائلًا
_ لا أنتِ تسمعي مني الخلاصة. اقهري القاولون و كلي. 

3


اعتماد بعدم فهم
_ يعني ايه دا؟

+


يزيد بتهكُم
_ بصي القاولون دا عضو مالوش اي تلاتين لازمة في الجسم وظيفته يكدر البني آدمين. احنا بقى نسمحله يقرفنا، و يحرمنا من الفول والعجة و البتنجان؟ ولا نطلع ناصحين و يا نكدره يا يكدرنا؟ 

+


اعتماد بلهفة
_ نكدره ياخويا طبعًا. قال يكدرنا قال. 

1


يزيد بتهكُم
_ اتكلي على الله. أنتِ كدا زي الفل. 

+



        
          

                
برقت عيني روضة من حديثه و هتفت بصدمة
_ انت بتقول ايه؟ تقهر مين و بتنجان ايه؟ 

+


يزيد بملل
_ أومال اقولها ايه؟ كلي زبادي ولا اشربي رايب؟ ولا اوصفلها جست ريچ؟ دا الكولوفرين لو نزل معدتها هيسبلي انا واللي جابوني! 

+


روضة باندهاش
_ يخربيتك بتقول ايه؟ 

+


يزيد بتهكُم
_ يا بنتي بتقول فاطره طعمية، و متغدية فول نابت، و متعشية عجة و بتنجان مخلل. دي لو لاقية معدتها في كيس شيبسي مش هتعمل فيها كدا. يالا يا شيخة بلا قلبة دماغ.

2


قهقهت روضة على حديث يزيد و هي تسير بجانبه إلى أن وصلت إلى أحد المباني و هتفت بانبهار
_ يزيد . هو دا المكان اللي انا بدور عليه. 

+


يزيد بملل
_ ايه المكان اللي بتدوري عليه دا؟ بتدوري عليه ليه؟ هتكسبي فينا ثواب و تعزلي م البيت ولا ايه؟ 

+


روضة بتقريع
_ بطل رخامة. اقصد المكان اللي بفكر افتح فيه الحضانة اللي نفسي افتحها.

+


يزيد بسخرية
_ حضانة ايه؟ أنتِ هتفتحي حصانة! هي العيال ناقصة بوظان! دي الأجيال اللي طالعه أساسًا نصها ضارب. هتيجي تكملي على النص التاني انتِ؟ 

+


روضة بحدة
_ تصدق انك انسان مُحبط! 

+


_ ايه بتتخانقوا ليه؟ و صوتكوا جايب آخر الشارع! 

+


هكذا تحدث ياسر بجفاء وهو قادم تجاههم لتبتهج روضة حين رأته و تهتف بسعادة
_ اهو جه اللي هينصفني، و لا الحوجة ليك. 

+


يزيد بسخرية
_ هينصفك، و يقرف امنا احنا. 

+


ياسر بتحذير
_ اعملك قفلة ياد انت. 

+


ثم التفت إلى روضة قائلًا بنبرة هادئة
_ في اي؟ 

+


روضة بحماس
_ فاكر مشروع الحضانة اللي قولتلك عليه؟ اهو دا المكان اللي ينفع يتعمل فيه. 

+


التفت ياسر ناظرًا إلى البيت المكون من طابقين ثم عاد أنظاره الى روضة مرة أخرى قبل أن يقول 
_ البيت دا بتاع واحد اسمه سمير انا عارفة، وبدل عاجبك اعتبريه خلاص بتاعك. انا هكلمه. 

+


_ خلاص يا عم سمير هستناك النهاردة عشان نمضي العقد. 

+


هكذا تحدثت غنى وهي تخرج من البوابة الى جانب سمير ليهتف يزيد بسُخرية
_ ايه دا عم سمير اهو، و مين معاه غنى! بيضالك في القفص يا روضة. 

+


تنبه الجميع لجملة غنى التي جعلت روضة تزم شفتيها وهي تقول بخيبة أمل
_ ايه الحظ دا؟ 

+


انصب جميع اهتمامه على صاحبة الشعر الغجري التي لفحتها رائحته لتلتفت إلى الاتجاه الذي يقف فيه فتشتبك الأعيُن للحظات خالطها شوق و لهفة كبيران  قبل أن تقاطعهم روضة التي هتفت بحزن
_ ياسر اعمل حاجه بالله عليك. 

+


سمعت غنى جملتها بوضوح كما أنه تنبه على عينيه التي غافلته و عانقتها في شوق لا يفلح في التغلب عليه ليقول بنبرة خشنة
_ السلام عليكم ورحمه الله. ازيك يا حاج سمير

+



        
          

                
سمير بنبرة ودودة
_ وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته. اذيك يا ياسر يا ابني عامل ايه؟ 

+


طوى ياسر الخطوات الفاصلة بينهم ليتقدم واقفًا بجانب سمير و خلفه روضة و يزيد الذي قال بمرح
_ ازيك يا غنون. عاش من شافك. 

+


حاولت رفع أنظارها عن تلك الفتاة لتقول بجمود
_ ازيك يا يزيد عامل اي؟ 

+


يزيد بتهكُم 
_ عامل عبيط. لحد ما اشوف اخرتها ايه؟ 

2


ضيقت عينيها بحنق كما حدجه ياسر بنظرة غاضبة فلم يكترث كثيرًا ليلتفت الأخير إلى سمير قائلًا بخشونة
_ كنا عايزين نأجر المبنى دا منك ل بنت اخو الحاج جابر ايه رأيك؟ 

+


اغتاظت من حديثه و لم تدع المجال لسمير في الحديث إنما هتفت بحنق
_ كان على عيني والله. بس انا أجرته خلاص. 

+


ثم ناظرت روضة بتهكُم يُخفي حنقها الذي شاب لهجتها حين قالت
_ أسفين يا بنت اخو الحاج جابر.

+


التفت بجسده يُطالعها بنظرات لو كانت رصاص لقتلتها في الحال ثم جاءت لهجته الجافة حين قال
_ و أجرتيه ليه أن شاء الله ؟ 

+


احترق الهواء حولهم من فرط المشاعر التي تكتنف كليهمَ و خاصةً ذلك الغضب الذي يشع من حدقتيه و قابلته هي بالجمود حين قالت
_ هفتح حضانة!

+


حقًا هل تنوي العمل؟ لا يعلم لما شعر بهذا الغضب يجتاح أوردته ليهتف بسخرية
_ حضانة! وياترى بقى هتعلمي العيال اي؟ 

+


غنى بسخرية
_ نط الحبل. 

1


يزيد بتهكُم
_ حلو هاجي انط معاكوا. 

3


تدخلت روضة قائلة بلهفة
_ ايه دا انا كمان عايزة افتحه حضانة. 

+


غنى بملل
_ افتحي في حتة تانية يا حبيبتي. 

+


أطلق زفرة حارة غاضبة قبل أن يلتفت إلى سمير قائلًا بجفاء
_ كتبتوا العقد يا حاج سمير ؟ 

+


_ لا لسه كنا هنكتبه النهاردة بعد صلاة العشا انا و الحاج مرزوق. 

+


ياسر بصرامة
ـ حلو. يبقى هي تدورلها على مكان تاني، و نيجي عشان نمضي احنا العقد.

2


استشاطت غضبًا من حديثه وهتفت بانفعال
_ نعم. مين اللي تدورلها على مكان تاني ؟ المكان دا أنا اللي شوفته الاول واتفقت عليه خلاص.

+


لم تنل منه سوى نظرة عابرة قبل أن يقول بجمود
_ شوفي غيره. 

+


اغتاظت حد تدافع العبرات من مقلتيها ولكنها كبحتها بصعوبة لتقول بتهكُم
_ كان على عيني والله. بس انا عاجبني المكان دا و مش هتنازل عنه. 

+


التفت بكامل جسده يُطالعها بغضب يُخفي الكثير بين طياته، فقد كانت حلوة كالعسل تشبه الشمس في توهجها رغمًا عن انطفاء عينيها، ولكنها لم تفقد جاذبيتها أو هو لازال مولعًا بها و بكل شيء ينتمي إليها لوهلة شعر بأنه يُريد أن يُطيل التحديق بها ولكنه لا يملِك حُجة واحدة تُمكنه من البقاء أمام عينيها النهار بأكمله لذا اختلق هذا النزال الأحمق الذي جعله يقول بجفاء
_ بس انا قولت هنأجر المكان دا. 

+


كما في السابق تقف أمامه تعانده، وهي تعلم بأن الغلبة لها، ولكن هل يعود الماضي ؟ و هل تنمحي ندوب الحاضر ؟ نفضت ذرات الحنين الذي يُخيم على قلبها وقالت بعناد
_ وانا قولت المكان دا بتاعي. 

+


تدخل سمير محاولًا فض النزاع 
_ يا جماعة استهدوا بالله . مش كدا.

+


هتف يزيد بسخرية
_ اقعد انت على جنب لا تاخدلك زغد ولا حاجه. 

3


بدأ الغضب يظهر جلياً على ملامحه، و كذلك ظهر الحزن في عينيها، والذي سُرعان ما تحول لاندهاش حين قال سمير 
_ طب ايه رأيكوا لو البنات ياخدوا المكان بالنص و يفتحوه حضانة بردو؟ 

+


يزيد باندفاع
_ هو ايه اللي ياخدوه بالنص ؟ ليه مالوش أهل يسألوا عليه؟ 

2


تحمحم بخفوت حين ناظره ياسر بغضب لتفاجئهم روضة التي قالت بلهفة 
_ انا عن نفسي موافقة. أنتِ كدا كدا هتحتاجي حد يشتغل معاكِ، وانا دا مجال دراستي أصلًا و واخدة كورسات في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، فهكون سبورت ليكِ، و للمكان. ايه رأيك؟ 

+


هتف سمير بارتياح
_ بنت حلال. دا احنا كنا لسه بنتكلم و غنى بتقول محتاجة ناس تشتغل معاها. اهي اتحلت اهي. مُرزقة يا غنى والله.

+


لم يستطِع يزيد قمع ضحكته قائلًا بتهكُم
_ سبحان الله عالرزق يا جدع.

+


تعاظم الحنق بداخلها للحد الذي جعلها تود لو تقتله وهو يتفق مع سمير على كتابة العقد مناصفة بينها وبين تلك الفتاة التي كانت تتعامل معه بطريقة ودودة جعلت دمائها تغلي داخلها، فأختنق حلقها بالبكاء و أرادت الهرب من هذا المكان ليأتيها صوته الجاف حين قال
_ النهاردة بالليل هنمضي العقد بينك وبين روضة. شوفي عايزة تبدأي شغل في المكان امتى ؟ 

+


التفتت تناظره بسخط تجلى في نبرتها حين قالت
_ عملت اللي في دماغك ؟ 

+


ياسر بجمود
_ لو عملت اللي في دماغي مكنش هيبقى اسمك موجود في العقد أصلًا. 

+


اغتاظت من حديثه و هتفت بانفعال
_ اقدر اعرف ليه؟ 

+


أفصح القلب عن مكوناته على هيئة جملة غاضبة ولكنها تحمل الكثير من المعاني 
_ من غير ليه. محتاجة اوي الشغل! ما تقعدي في بيتكوا زي البنات. 

2


_ لا والله ! ما البنات كلها بتشتغل جت عليا أنا يعني؟  

+


_ هو تقليد وخلاص! 

+


اغتاظت من هجومه و غضبه و هتفت باندهاش
_ تقليد ايه؟ هو مفروض أن انا اقضي حياتي بين أربع جدران! 

+


لم يستطِع امساك الكلمات وهي تعبر شفتيه مُحملة بنيران غيرة هوجاء ليست من حقه ولكنها تُعذبه
_ لا ازاي! و دي تيجي!  اخرجي وروحي وتعالي و وري الناس جمال خطوتك. تقعدي في البيت ليه اتهبلتي؟ 

7


برقت عينيها من حديثه الذي يود من كل قلبه لو يسحبه مرة أخرى و خاصةً حين تبدلت ملامحها و ارتخت و كأنها شعرت بنيرانه الهوجاء التي تشع من عينيه و نبرته، ولكن فجأة اخترق الأجواء صوت مغموس بسموم الكراهية
_ طب وفي عدتك الأول يا ست غنى وبعدين ابقي ادي مواعيد غرامية! 

4


يتبع...


الحادي عشر من هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close