رواية كل الطرق تؤدي اليك الفصل الرابع 4 بقلم ريهام محمود
**الفصل الرابع **..
+
... حاولت رحيل تجاهله المسافة المتبقية من الطريق.. تجاهل ذلك الاضطراب الذي تشعر به.. والصمت ساد بينهم من جديد عدا صوت أنفاسه الملتهبة، وقسماتها تشي بكم تخبطها.. واستندت برأسها على الزجاج ترمق الخارج بلا تركيز..
وعندما وصلا.. ترجلت من سيارته سريعاً دون شُكر.. وسبقته واختارت الدرج عوضاً عن انتظار المصعد.. وكان هو بخطواته الواسعة يلحق بها..
وأمام شقتها وقبل أن تدخل.. بثبات موقف منه يتكلم كصاحب حق بأنها ستكون له مهما عاندت أو ماطلت.. يؤكد بأن الأفضل له ولها بأن يكونا معاً.. أن تتجاوز وتسامح وبالتالي ستنسى.. وكأنه زر ستضغط عليه وتنسى عام كامل من عمرها..!!
+
.. وبعد استحمام وصنع مشروب ساخن يهدأ من أعصابها قليلاً .. استلقت على الفراش وأمامها العديد والعديد من الصور.. إحداهما تحتويها هي وأمها المتوفيه وأخرى مع والدها وأخرى لخالتها.، والكثير الكثييير من صور تحمل وجهه الوسيم.. وانهمكت هي بالصور.. تضحك أمام تلك.. وياخذها الحنين بـ تلك.. وكل ماتفعله كانت محاولة فاشلة منها لنسيان ماحدث قبل عامان...
+
((والحكاية دائماً تبدأ بمراهقة لم تتجاوز الثمانية عشر من عمرها.. جديلة جانبية وغرة قصيرة تُغطي حاجبيها عيون بلون العسل ودوران القمر.. وخالة قررت تبنّي بنت شقيقتها بعد أن ماتت وتركت وحيدة.. وإبن خالة وسيم كـ أمير لإحدى القصص الأسطورية وكان يكبرها ب سبعة أعوام.. كان يعاملها كـ نهلة شقيقته اما هي فلا.. فلا يأتي عليها صباح الا وكان هو زائراً لأحلامها فتملأ البهجة قلبها.. ومر عامان آخران والمراهقة أصبحت أنسة وزادت جمالاً ودلالاً.. ونظرات الخجل أصبحت اجرأ ولو بسيطة ولاحظت الخالة.. وفرحت وهللت ووعدت بأنها ستكون زوجته.. فـ بالتأكيد لايليق به غيرها.. وزادت الأحلام والأماني.. وزاد سفره فهو كان يعمل مع والده بشركته وكثر غيابه.. وقل حضوره وحضوره كان باهت ولا تعلم السبب.. لاتعلم سبب فقدان وزنه الملحوظ ولا ملامحه المكفهرة دوماً.. ولكن الخالة تعلم وعند سؤالها راوغت ومكرت.. وبعد عام آخر تلاه نصف عام أيضاً.. تمت خطبتهما ورغم هدوئه الا انها تستشعر حزنه.. ولكن لا يهم المهم أنها ستكون معه وأحلامها ستصبح حقيقة.. ستلمسه بيدها، ستحتضنه، وسيغدقها بحنانه.. وبعد شهور قليلة عُقد القران.. وأقر الجميع بأن خير البر عاجله..
فرح بأشهر القاعات.. وبدلة سوداء يرتديها رجل بمنتهى الوسامة المهلكة.. وتجلس هي بجواره بين رفات فستانها الأبيض الأسطوري.. وتمت الزيجة..
.. وعندما أغلق عليهما باب واحد.. كادت أن تموت خجلاً.. وراعي هو ذلك.. ربتة خفيفة من يده على كتفها وأنه يتفهم خجلها وتعبها فلا داعِ لحدوث أي شئ بينهما.. وسحب منامته وترك لها الغرفة بعد مساعدة بسيطة منه لخلع فستانها دون أن يختلس النظر ، ونام بغرفة الأطفال.. واليوم التالي كان متعب والإرهاق ظاهر على صفحة وجهه واليوم الثالث كذلك تكرر ..
وحينما خرج ذهبت للغرفة التي ينام بها.. تتلمس منامته وتقبل ساعته.. تتمدد بمضجعه تحتضن وسادته، تصدم بصورة تمسكها بحيرة ف هي صورة لفتاه صهباء ذات خصلات نارية وعلى ظهرها كتب بخط يده "كان نفسي تكوني معايا"..
وبكاء ونحيب وشكوي للخالة.. والخالة لم تنكر.. فتلك كانت حبيبته وتوفت بعد صراع مع المرض.. ونصيحة بأن الماضي لا يفيد والحاضر والمستقبل بيدها هي تغييره ....
وقررت هي التنازل والبداية كانت لها وقت ان قررت تركن خجلها جانباً وارتدت غلالة بيضاء تذيب الحجر وقت رؤيتها فـ كيف برجل مثله.. ولم يرفض العرض المغري.. وباليوم التالي ندم واعتذر ، وانعزل عنها مرة أخرى.. وتعيده هي بنفس الطريقة ونفس العرض والذي يتقبله بكل سرور وبالصباح الندم والاعتذار والانعزال أمر مباح.. وقد أرهقت أعصابها واستنزفت طاقتها وكانت وقتها بعامها الأخير بالكلية ورسبت بالاختبارات ومن شدة حزنها فقدت وعيها.. وعندما فاقت كانت بمشفي ومازن بجوارها والطبيب يهنئ "المدام حامل بـ الشهر التاني.."
..وصبر منها.. وتقلب هرمونات وعصبية دون سبب أو بسبب فً الغالي المحترم بعالم آخر... وهكذا...
وبالاخير نفذ صبرها.. وقد وضعت اصابعها العشر في الشق منه ولم تحتمل وضعه الميؤوس منه.. فهي بالاخير أنثى وكرامتها تأبى أن تعيش بدل فاقد لأخري، خناق وزعيق بينهما انتهى بصفعه منه على وجنتها وتركها وغادر.. والألم اشتد بها، ولم يكن بسبب صفعته ولكن آلام المخاض قد بدأت وصارت علي أوجها.. واتصلت به وأغلق الهاتف بوجهها ولم يكن معها احد.. وحين تحركت كي تنقذ جنينها أحست بسائل دافئ ينزلق بين ساقيها.. وتلك كانت أكبر خسارة......!!))
+
........
..وصباحاً في موعد خروجها للمجلة تحركت بجسد منهك للخارج.. كل عضلة بجسدها تؤلمها.. عدا عن نفسيتها المرهقة بعد أن عصفت بها الذكرى ثانيةً.. تزفر بضيق تعلم أنها ستراه.. فهو لا يضيع فرصة يضغط بها عليها، وكأنه ينقصها.. واستدعت المصعد وكان بالدور العلوي وانتظرت وشعرت بخطواته خلفها وبالطبع يسبقه عطره والذي باتت تتعوده وربما ستدمنه لاتعلم ووقف جوارها دون كلمة.. يعقد ذراعيه أسفل صدره.. ولم تتبين ملامحه فهي لم تنظر له... وعند وصول المصعد وفتحه كان الأستاذ سيد بالداخل.. وابتسامة سمجة رسمها بإتقان على ثغره وتجاهلت وردها له مازن بابتسامة أكثر سماجة.. فـ الأستاذ سيد متطفل وهوايته التدخل بأمور الخلق..
وقرر هو التلاعب وخير الأمور أن تحققها بنفسك.. فوقف بجانبها وانكمشت هي ورمقته باستغراب وحدة.. ودون أن يأبه قرر منح المتطفل مادة خام ترضى فضوله.. وثانية وثانيتان اخرتان وعانق كفها بكفه..
عبرت قشعريرة بكل بدنها ، وشهقت بصدمة وترجته بعينيها أن يكف عن الفضائح.. وحاولت انتزاع يدها ولكنه كان متمسك بقوة وهو يعلم بأنه لو افلتها تلك المرة ستضيع منه إلى الأبد..
ومال الأستاذ سيد علي جسد مازن وقد نال ما أراده وضحك وقد ظهرت أسنانه الغير المصطفه.. يهمس وكأنه اثبت نظرية دوران الكرة الأرضية
+
-والله كنت حاسس.. . مبروك..
+
ولم يلتفت إليه.. بالأساس هو هواء وليس مهم.. ب غرور متهكم وابتسامة سمجة رد..
+
-عقبال ولادك...
+
وما تلي ذلك كان غضب منها وقد ركبت سيارته مرغمة.. وغيظ تزعق به ، وختمتها ببكاء جاهدت أن يبدو حقيقي فـ بداخلها تُقام أفراح وألعاب نارية .. وبالاخير كان مزاجه الرائق يسبب حرائق بداخلها ليقول بمزاح..
+
-متخافيش هستر عليكي وهتجوزك...!
1
............................................
+
.. وهنا بداية الحبكة كانت بلهاء تتنمرد وتسلم أذنيها لرفيقة حاقدة على أقل تعبير .. وبمنتصف الحبكة قررت البلهاء أن توقف اللعب وقد أكتفت ليأتي دور شرير الحبكة المتمثل في هيئة رفيقة لاستكمال الأحداث والمزيد من الإثارة استكملت التلاعب ومازالت الحبكة مستمرة...
+
.. فـ بعد الانتهاء من عيد الميلاد.. وبعد أن قررت غلق الحساب وإنهاء الحوار.. قامت بفتحه من جديد..
وراسلته هي ولكنه تجاهل..
ثم تابعت فما كان منه إلا الرد وعادا ثانية للحديث الشبه جرئ تقريباً بينهما.. وبين رد وإجابة وانتظار ومحادثات تتجاوز الساعتين وتتجاوز المعقول بالكلام..
+
.. كانت التتمه..
+
"عايز اكلمك فون.. عايز اسمع صوتك"
+
والرد من ضمن الحبكة المجهزة..
+
"مينفعش أخويا جمبي"
...
.. وقد قررت كشف خيانته واحراجه أمام نفسه وأمام الجميع.. واتفقت معه ذات محادثة أن يتقابلا.. والمكان ليس بالبعيد عنه وعنها أيضاً..
وتركت نيلي عند رفيقة لها تلعب مع أطفالها.. وذهبت في الميعاد المحدد وانتظرت على مائدة جانبية غير ظاهرة للداخل.. وما أن تراه ستفاجئه بأنها كانت هي..
انتظرت تقريبا نصف ساعة وقد فات الميعاد المحدد... وتململت بجلستها وتضايقت بالرغم من شعور الراحة الذي زحف لداخلها.. وأخيراً يأست من مجيئه فغادرت وقد شعرت بالنصر لذاتها ف على الأقل لم يأتي والمُرجح أنه أكيد ندم..
.. وعند عودتها بعد أن ذهبت لرفيقتها وأخذت منها نيللي شاكرة.. اصطدمت بوجوده أمامها يتوسط الأريكة بمنتصف الصالة يضع ساق فوق أخرى.. والملامح الهادئة الرزينة اكتسحها الغضب.. ينفث نيران من أنفه تحرق الأخضر واليابس.. وارتجفت بداخلها وتوترت.. وازدردت ريقها عدة مرات وقالت..
+
-ثواني واجهز الغدا...
+
-كنتي فين..؟!
+
وبسؤاله وازي التفاتة جسدها تنوي الهروب من أمامه.. هتفت كاذبه وقد تلعثمت..
+
-كنت عند داليا صحــ...
+
-كدابة...
+
ولم يمنحها الرد الكامل.. انحني بجزعه للصغيرة ناولها اللوح الإلكتروني خاصته..
+
-لي لي خدي التاب وروحي العبي ف اوضتك..
+
وقامت الصغيرة مهذبة لغرفتها.. وتابع هو بحدة يحاصرها وقد نهض من مكانه يشرف عليها بطوله الذي يفوقها..
+
-ها... كنتي فين؟!
+
-قولتلك كنت عند صحبتي..
+
-روحتي لصاحبتك.. ولا روحتي عشان تقابليني..!!
2
والشهقة خير رد.. واتساع الحدقتين والرعب الزاحف لبشرتها لا يكفي..
+
وتابع هو وقد ارتفعت نبرته ووتلبسته الشياطين.. واستفهم يشير بيده على نفسه ..
+
-للدرجادي شيفاني مغفل.. بتلعبي بياا أنا ..!!
+
-طارق...
+
ونادته بخوف والنبرة اعتذار.. والدموع قد تجمعت بمقلتيها.. وهدر بها..
+
-اخرسي..
+
.. ثم تابع بمرارة حرقت جوفه..
+
-مش عايزه تعرفي عرفت ازاي ولا أمته.... عرفت من اول يوم.. من يوم ماكانت دنيا هنا.. دنيا اللي ياما لمحتلي انها بتحبني وانا قولتلك وانتي كذبتيني وتفهتي الموضوع..
تخيلي...!!
... سمعتك وانتي بتقولي عليا تلاجه...!!
+
يشرح لها كم كان مصدوم من حوارهم الذي لامس أذنيه بالصدفة وقت ان عاد وقد نسي أوراق مهمه..
+
- بس للصراحة صدمتي وانتي بتكلميني ع الفيس عدت وغطت ع اي صدمة تانيه......
+
.. ثم اقترب منها وبات شبه ملاصقاً لجسدها.. أمسكها بعنف من ذراعيها يرجها.. يشتم ويسب وقد أكتسب صفات كانت غير موجودة به..
+
-كنتي شيفاني ازاي وانتي بتكلميني.. كنتي بتنامي جمبي ازاي وانتي بتكدبي عليا..
عجبتك لما غصبتك؟!! كنتي بتعيطي بعدها ليه واتقهرتي!! مش كان نفسك ف كدة....؟
+
وأطلقت العنان لدموعها وجرت على خديها كالأنهار.. وانهارت وكادت أن تهوى أرضاً لولا ذراعيه.. قالت بنحيب تعتذر..
+
-أسفه...
+
قطب حاجبيه للحظات.. ثم تابع بحرارة هادراً
+
-أ سفه!! آسفه دي تقوليها ع غلطاتك اللي مبتخلصش زمان وانا زي الاهبل هقولك عادي حصل خير..
إنما بتقوليلي أسفه ع ايه.. ع كدبك ولا خيانتك ولا ع كسر الثقة اللي بينا..
+
وما قاله بعد ذلك كان أول درس تتعلمه..
+
-اللي بيسامح علطول بيجيلو وقت ويأسي...
+
-طارق..
+
ببكاء ترجوه تستعطفه.. تحاول ولن تيأس..
+
-إنتي طالق.....
3
..................
+
.. هناك أسطورة يابانية تقول" أن هنالك خيط أحمر غير مرئي يربط بين المقدر لهما أن يرتبطا بغض النظر عن الوقت أو المكان والزمان.. وربما يتمدد الخيط أو يتشابك.. ولكنه لا ينقطع أبداً .."..
+
والأسطورة حقيقة بحكايتها.. وقد مر عليها عند انتهائها من العمل ووجدته ينتظرها مستنداً على باب سيارته دون ملل أو كلل.. وبذوق يجيده فتح الباب لها وركبت وقد خجلت من تصرفه واقترابه ونظراته وما حدث بالمصعد صباحاً..
وقبل أن تسأله إلى أين.. كانت تقف معه أمام محل للصاغة.. ودلفا معا تحت أنظارها المندهشه ولم يجيبها لمَ هما هنا..؟
ووقف محتارا بين العديد من الحلقات الذهبية اللامعة إلى أن استقرت عيناه ع أحدهما كان ناعماً ذو قطع ماسية تزينه.. خطف نظره وخافقها هي أيضا ثم تبعه بـ سوار ذهبي له نفس القطع الصغيرة الماسية.. وبهدوء حاسب وغادر وهي معه..
+
.. وما أن جلست بجانبه بالسيارة.. اعترضت.. مجرد اعتراض واهي ليس له داعٍ ..
+
-ومين قالك اني وافقت..!
+
- ومين قالك اني مستني رأيك..!!
+
يقصف جبهتها.. يرمقها بتحدي.. ونظرته حلوة كحلاوة الحلقة الذهبية التي زُينت بنصرها للتو بعد أن سحب كفها برقة يلبسها إياها.. وقد ابتسم بحنين وتابع بالسوار وغلقه جيداً.. ثم طبع قبلة رقيقة على باطن كفها أدت إلى أحمرار وجهها بالكامل واشتعال أذنيها.. وهربت بنظراتها من نظراته المتملكة.. ولأول مرة تشعر بالحر بـ ديسمبر....!!
+
.. وليلاً كانا يقفا سوياً كلاً بشرفته.. وقد جاء بطبق صغير به محشو من ورق العنب.. آثار دهشتها واستغرابها..
+
-لأ بتهرج.. مش ممكن انت بجد اللي عملته..!
+
-اه والله أنا.. وبعمل كل الأكل.. بقيت شيف شاطر اوي.. اسمعي مني واتجوزيني بسرعة دانا بقيت لقطة..
+
وعلت صوت ضحكاتهم ووصلت للذي يقف بالشرفة أعلاهم يشاهد ويراقب بتطفل.. وتمنى لو يسمع المزيد..
+
.. وما أن رأى مازن ضحكتها الصافية وروقان مزاجها.. حتى استسهب بالكلام وأخذ يعدد مزاياه على أصابع يده وكأنه يحاول اغرائها أو ارضائها وفي الحالتين عظمة على عظمة..
+
-الحقي اتجوزيني.. قبل ماتيجي واحدة وتخطفني منك ووقتها هتندمي..
+
.. والغريب أنها خجلت ووجنتيها تشتعل وتتوهج بالحمار.. تبعد عنه قليلا وتلتهم واحدة من الطبق بتلذذ وتسحب آخر ف اخر وتطلب المزيد.. وابتسامة عن طيب خاطر وفرحة وقد نال القبول والرضا ولله الحمد يأتي بغيره.. كم تمنى أن يكون هو إحدى لفافات ورق العنب يقترب من شفتيها وبتلذذ سيلتهمها هو...
والمشهد كان رومانسي.. رومانسي جداً.. بعد عامان عجاف.. وكأنهم بالأمس تعرفو.. وكل واحد فيهما يتعرف على الآخر من جديد.. يبنيان ويرسمان مستقبل يروا أنه الأفضل بشراكة الآخر له..
وللفجر كانا يقفان يفصل بينهما الجدار المشترك.. متجاهلين إرهاق الجسد
وتعب الساق.. وحلاوة النوم.. ف الأحاديث بينهما أحلى وأحلي..

