اخر الروايات

رواية علي قيد عشقك الفصل الثلاثون 30 والاخير بقلم بسمة محمود

رواية علي قيد عشقك الفصل الثلاثون 30 بقلم بسمة محمود


الفصل الثلاثون والأخير
يختلط علينا الأمر بين إشفاق أم ذكرى موجعة تذكرها بذاتها قبل خمس وعشرون عاماً ....
كانت بشرفتها تشرد بعيداً " برغم بشرة والدها المصرية القمحية توارثت رنا جينات والدتها المميزة بالشعر الأشقر والعينان الخضراواتين كحجر فيروز لامع .....تذكرت محادثاتها ولهوها ووالدها وكيف كانت مدللته يحملها من خصرها ويدور بها في الهواء وضحكاتهما تملأ المكان ووالدتها تأتى مسرعة اتنهره " بس بقى هتوقعها يا حبيبى "
فلا يتوقف ويستمر بإدارتها في الهواء معلقاً : هى مبسوطة مش كدا يا رنوشتى
فلا تجيب فقط ضحكاتها تملأ المكان وتجيب عنها
تتكأ برأسها على الجدار تشدر خلف نافذتها تهرب العبرات بصمت من مقلتيها وخيال لهوها ووالديها على الجدار يترائى أمامها كأنه يحدث الأن
..........................................
سليم يغط في نوم عميق بغرفته .............
حرارة شديدة رمال ساخنة .....يقف وسط صحراء لم تطئها قدمه من قبل ......
يجول المكان بعينيه ....لم يبالى بالحر الشديد ...وأكمل طريقه بحثاً عن مخرج من تلك الصحراء الموحشة وبينما هو يسير إذ بطفلة شقراء بضفائر ذهبية تقف على جانب الطريق وبيدها زجاجة ماء ومظلة
كان يلهث من شدة العطش اقترب مسرعاً من الصغيرة وتناول من يدها زجاجة الماء ولم يكد يشرب حتى لفظ الماء من فمه بقوة ساباً الطفلة : إى القرف دا معقولة دى ماية بتشربيها .....دا ...مش مايه
لتبتسم الصغيرة : دى مايتك يا بابا
ليجحظ بعينيه : غى بتقولى إى بابا ..بابا مين يا شاطرة انا مش أبو حد
الطفلة بنفس الابتسامة : لا أنتَ بابا وخد دى الشمس سخنة وأخرج زجاجة مياة أخرى كانت تخبئها خلفها واتفضل اشرب يا بابا تناول الزجاجة وشرب حتى ارتوى وعندما التفت كانت الفتاة اختفت فصرخ باحثاً عنها .....ولكنها ذابت كقطرة ندى مع أشعة الشمس
فاستيقظ سليم صارخاً ......
..........................................
لم تكن هناك صحراء ...لم تكن هناك طفلة ...لم يكن يبحث فقط كابوس مزعج ...سليم محاولاً تهدئة ذاته...
ازاح الفراش عنه واعتدل جالساً على حافة الفراش ....تناول زجاجة المياة بجوار الفراش فقط كان عطشاً حقاً .....
اعاد وضع الزجاجة مكانها بعد أن شرب ..وتناول علبة سجائرة واتجه ناحية النافذة .......
منذ ما يزيد عن العشرين عاماً ...
رفعت بتصرفاتك دى هتبوظ الولد لازم تشد عليه شويه مينفعش كدا
رفعت الألفى والد سليم في جدال مع زوجته والدة سليم: سيبيه دا ابنى الوحيد ووريث كل حاجة عايزاه يطلع عيل خرع ومينفعش يدير الاملاك سيبيه يقوى ويبقى صايع السوق عايز المفتح مش عايز العيل الطيب
والدة سليم : طب والقوة دى متبقاش غير بالصياعة دا كل يوم يفتح دماغ حد من اصحابه ينفع كدا
رفعت مربتاً على كتف ابنه : بطل يا حبيب أبوك اعمل اللى أنتَ عايزه أنتَ ابن رفعت الألفى ومتخلقش لسه اللى يقولك تلت التلاتة كام
ينفث دخان سيجارته بحسرة : يا ريتك ربتنى صح يا بابا يا ريتك أهى الصياعة اللى سبتنى ليها خلتنى حيوان ميفكرش في اللى عايزه ومش مهم أدوس على مين ولا أنفذ اللى عايزه ازاى .......ليلقى بسيجارته من النافذة ...ويعود ليلقى بثقله فوق فراشه ويستسلم لتعب وإرهاق جسده ويغفى مرة أخرى .....
..........................................
ترسل الشمس اشعتها الذهبية بعد ليلة طويلة .....
استيقظ وابدل ملابسه ذاهباً لعمله فلم يذهب البارحة ومن المؤكد تعطل العمل كثيراً .....هبط ليجدها بانتظاره ..... زفر ضيقاً : رنا أنا مش فاضى اتلم دلوقتى ...لتقاطعه : أنا رايحة الجامعة ومستنياك لا أنتَ ولا اللى بيحصل معاك يهمنى .....
سليم بنفاذ صبر : يالا خلينى أوصلك لازم أروح الشركة في شغل كتير متعطل ....
......................................أوصلها لجامعتها وانطلق لشركته .....
تدلف من البوابة بعد ذهاب سليم في طريقها لقسم الدراسات العليا لتلمح طيفه ....فتشعر بغصة وكأن أحداً ما طعنها بسكين تالم ..... اختبئت ولم تدرى لما اختبئت ...اختبئت منه وقلبها يخفق بقوة واناملها ترتعش ....ولسان حالها يردد كلمات أغنيتها المفضلة ....
انا سبتك وانت مني ندمانه للنهارده لو حتى غصب عني ماكانش لازم ارضى
انا بتطمن عليك وانا من بعيد لبعيد بخاف لو رحت ليك الاقيك حبيت جديد مش من حقي العتاب ما انا سبتك للعذاب لكن ربي اللي عالم اخلاصي و حبي ليك
انا هبعد عنك وانا وياك قلبي هتحمل تعبي بعدك الله يعيني لو صدفة قابلتك صبرني يا ربي لا يبان لك حبي وانت قريب مني
حاولت انا اداري حبك و اضحك على روحي و انسى صورتك ما غابتش عني شايلاك في قلبي لسه
الليل عليا طال وانا بسأل نفسي ليه بخبي حنيني ليك ولا بقدر يوم عليه يمكن جنيت عليك بس انت الله يجازيك خليتني عايشة عمري علشان بعيشه ليك
انا هبعد عنك وانا وياك قلبي هتحمل تعبي بعدك الله يعيني لو صدفة قابلتك صبرني يا ربي لا يبان لك حبي وانت قريب مني
وليد ووعد سوياً يضحكان ويهبطا من سيارته ........
خاناتها عيناها وأفلتت عبرات شقت طريقها فوق وجنتيها وضغطت بقوة فوق فمها لتمنع صوتها من البكاء ........
..........................................
بعد حوالى الساعة فى مكتب وليد .....
جالس يطالع بعض المراجع الهامة عندما استمع لطرق خفيف على باب مكتبه فاذن بالدخول
رفع رأسه بعد ثوان من دلوف الطارق ليخفق قلبه ها قد ظهرت فراشته وحطت بمكتبه
"فراشتى " نهض من مكانه غير واعى لما يراه أفراشتى حقاً امامى ....
لتختنق الكلمات بحلقه فرحاً وتخرج متقطعة أخيراً : رنا .....
رنا بنظرات دامعة وقلب كعداء أوليمبى : ممكن أخد من وقتك دقايق
وليد : أكيد أكيد اتفضلى اقعدى اتفضلى : وهو يشير للمقعد
جلست رنا على المقعد وعاد وليد ليجلس على مقعده خلف مكتبه
ليكسر هو الصمت : تحبى تشربى إى ؟
رنا بنبرة هادئة وهى ترفع عينيها : أنتَ عايز إى من وعد يا وليد ؟
وليد : وهو يتابع نظرات عيناها المتهربة والحزينة : وتفتكرى هعوز منها إى؟
رنا بضيق : أنا شفتها نازلة من عربيتك من شوية وكمان ...لتصمت
ليكمل هو : كمان إى يا رنا كملى ....اتضايقتى لما شفتيها معايا
رنا بتلعثم وتوتر جلى : وهضايق من إى ..أنا ..أنا بس كنت حابة أعرف
ليجيبها بثقة زائفة : هتجوزها ...
رنا : إى تتجوزها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وليد : ومالك اتفاجئتى كدا ليه ...أه عايز أخطبها وهتجوزها
رنا : ومالقتش غير أخت جوزى ؟؟؟؟
وليد :اتوجعتى مش كدا اتوجعتى زى ما وجعتينى زمان فاكرة ولا العز والفلوس نستك
رنا : لا منستش إنى فى يوم جرحتك بس أحياناً الظروف بتكون أقوى مننا ومش بنقدر نعترض
وليد : بتضحكى على نفسك ولا عليا فاكرة من كام شهر لما كنت بكلمك وسمعت بودنى الحيوان كان بيضربك ورحت لعندك ألحقك منه وبردو اختفيتى تانى ولقيتك رجعتيله ...ليبتلع ريقه غضباً ..رنا أنتَ اللى اخترتى سجن ابن الألفى بنفسك محدش جبرك ...أنا مديتا يدى ليكى وقسماً بالله لو يومها شفتك مكنتش سبتك تضيعى من ايدى تانى بس أنتِ ...وصمت
رنا بدمعة سريعاً ما تزيحها : وليد أرجوك ابعد ابعد عن حياتى وعن وعد أنا عارفاك مش ندل ولا تحب توجع قلب حد أوجعها وسبها دلوقتى أحسن من بعدين ومش هيبقى فى طريق للرجوع ....لو بجد أنا أهمك أكون سعيدة أبعد أبعد على قد ما تقدر عن حياتى ....كلنا هنتأذى بقربك من عيلتى ....أنا أكتر واحدة هعانى صدقنى صعب عليا لما أشوفك قدامى مع أخت جوزى .....خلينى أقدر أنساك ...
خلينى ذكرى حلوة فى حياتك ....واقفل صفحتى ...عيش حياتك مع انسانة تستحقك ....ارجوك يا وليد ساعدنى أنساك
أنا مش هجرح سليم ولا حابة وعد تتجرح ...أنا بطلبها منك كرنا اللى عرفتها وحبيتها فى يوم ابعد عن حياتى ساعدنى أنساك وأنسانى وعيش حياتك ...أوعدنى يا وليد قبل ما أخرج أوعدنى ..
وليد بدمع حبيس : أوعدك بإى ؟؟؟؟ ها أوعدك أشيلك من قلبى ؟؟؟ أسف مقدرش ومقدرتش طول الكام سنة اللى فاتوا مقدرتش ومش هقدر أنساكى
رنا : يبقى لو بتحبنى فعلاً بلاش تحط الكبريت جنب الجاز كلنا هنتحرق ...
مع السلامة كلامى انتهى ....
وخرجت مسرعة من مكتبه ومنه لخارج الجامعة فى وعد لذاتها بعدم العودة للجامعة مرة أخرى ولا التفكير فى أى عودة لدراسة قد تضطرها لرؤيته مرة أخرى
.......................
هرولت فى الشوارع تتذكر أيامهما حتى أتعبها التفكير والمشى فأوقفت سيارة أجرى عائدة لمنزلها .....
..........................................
دلفت منزلها وهى تكتم دمعاتها بقوة وما إن دلفت حتى انفجرت باكية وانحنت تستند بذراعيها على ركبتيها وتنتحب للتفاجئ به يهرول ناحيتها : رنا رنا فى إى بتبكى ليه
لترفع عينيها ناحيته وتلمح القلق بعينيه فترتمى بين أحضانه لأول مرة تفعلها بارادتها ....
ارتمت معانقة لزوجها لأول مرة بارادتها لم تكن مجبرة فقط ترد العناق ...كمن خدر من عذب المفاجأة ولكن قلقه كان أكبر فسألها وهو يربت على ظهرها برفق وهى مستسلمة لعناقه بانتحابها : رنا اهدى فى إى وليه رجعتى وحدك بتعيطى ليه ؟؟؟ لتبتعد عن أحضانه قليلاً ...أنتَ مش قلت رايح الشغل ؟؟؟؟؟ فى محاولة منها للهرب من سؤاله ...
ليجيبها : مقدرتش ماليش نفس لا أروح شغل ولا زفت ..ليلمس باصبعه ممحياً دمعاتها : كنتى بتبكى ليه ؟ وليه رجعتى لوحدك ؟؟؟؟
لتبتعد وتجلس على الأريكة : تعبت تعبت ومعتش قادرة ...
يجلس بجوارها على الأريكة : عارف ...ليخرج نفساً بضيق أنا كل اللى بقرب منهم بتعبهم وبدمرهم ...لتتغير نبرة صوته لأقرب من البكاء : تعرفى مين السبب ؟؟؟؟
لتنظر له بدهشة ولا تجيب ...ليكمل : االسبب انى متربتش ..أه بجد أنا متربتش كان عندى أب وأم ومربونيش كل اللى علمهولى دوس ومتخافش اعمل اللى عايزة فلوسك سلاحك وحتى لما عقلت وحبيت اتغير الماضى بقى يطاردنى بنت ويمكن كم عيل غيرها معرفش عنهم حاجة
ليبتعنهض من مكانه ويقف أمام الشرفة معطياً رنا ظهره : تعرفى اللى زيي مش لازم يعيشوا اللى زيي شيطان سم بيأذى ....
لتقترب واضعة يدها فوق كتفه : ربنا قال "خير الخطائين التوابين "
ليلتفت ناحيتها : حتى وإن تبت إى هيتغير ولا شئ لا ربنا هيسامحنى على الزنا وال...اللى كنت اعمله ولا أنتِ هتبقى حبيبتى فى يوم ..
رنا : تعرف أنا تعبت من إى ؟؟؟ تعبت من كتر التفكير نفسى أنسى الماضى كله بحلوه ومره أنسى كل شئ أنسى أنك كنت تهينى وكنت بتاع نسوان وانسى حاجات بتوجع قلبى وأنسى إن أبويا ساب أمى علشان واحدة بيحبها كسر قلب مراته علشان يبقى مع اللى بيحبها قلبه
العشق مبيجبش غير وجع القلب يا سليم
ليقترب ممحياً دمعاتها : هتسامحينى فى يوم يا رنا هتدينى فرصة واحدة ..كل اللى طالبه منك فرصة واحدة بس ...
لتصمت ...وديت البنت الصغيرة فين ؟؟؟
سليم : دى أكبر عقاب من ربنا ليا حتى لو مكانتش بنتى
البنت البريئة دى طريقها بقى معروف اما هتطلع تربية ملاجئ أو بنت محكوم عليها انها بنت حرام
رنا : رسولنا قالنا " أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة " ليه متتأكدش الأول انها بنتك ولا لا ....ليجيبها بخفوت : عملتلها التحليل ولنتيجة بعد أسبوع ....
رنا : أنا نفسى اتبنى البنت دى حتى لو مش بنتك دى رغبتى يا سليم واتمنى توافق مفيش حد هيحس قدى باللى هتعانيه البنت دى أنا أكتر واحدة عارفة يعنى إى طفل يكبر من غير أبوه ...وأمها لو هتعوضها مكنتش رمتهالك سليم وافق أرجوك وخلينا ننسى كل السواد اللى فات نربى البنت ونمنع انها تبقى واحدة من البنات الوحشة اللى كنت تعرفهم أوعدنى حتى لو التحليل قال انها مش بنتك نسعى نتبناها
سليم : طب والناس هتقول إى ؟؟ماما ومامتك ؟؟؟ معملتيش حساب دول
رنا : لا مش سليم الألفى اللى أعرفه اللى بيدور الناس هتعمل إى ولا هتقول إى .........
.........................................
مر عامان ..ع شاطئ البحر تتمشى أسرتهم الصغيرة .....
تناديه : بابى بابى تعال شوف ...ليجثو ويلتقط الصدفة من الرمال وينظفها بيده فتقول الصغيرة ...إى دى يا بابى ...؟
فيجيبها وهويحملها واضعاً إياها فوق كتفيه ويكمل سيره ..دى اسمها صدفة وبنلاقيها فى الرمل و..... لتقاطعه طب يالا نجيب كتير ونديهم لماما ...
تحت المظلة المثبتة فى الرمال تجلس تنظر للبحر وللأمواج يقطع عليها شرودها الصغيرة : مامى مامى شوفى جبتلك إى أنا وبابى ؟؟؟؟
رنا بابتسامة كبيرة : الله حلوين أوى يا لوكا أنتِ اللى جمعتيهم ولا بابى ؟
سليم : أنا طبعاً البت دى زيك كسلانة وبتعتمد عليا فى كل حاجة
رنا : كدا بردو يا سليم زعلت منك
ليقترب منها مبتسماً وأنا اقدر على زعلك يا رنوشتى ويضحكا ويقترب لمعانقتها فتنهره لوكا ابنته ابعد كدا يا بابى أختى جوا هتخبطها ...
فيضحك سليم ورنا على كلمات ملك سليم الألفى وتضع الصغيرة يدها على بطن رنا المتكور وتبدأ حديثها المعتاد مع أخيها أو أختها المنتظر .......
إلى اللقاء فى الجزء الثانى


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close